5 دروس لغة ونحو
مجتمع رجيم / الموضوعات اللامنقولة فى التربية والتعليم
أفضل العلوم ما كان زينة ، وجمالا لأهلها وعوناً على حسن أدائها وهو علم العربية الموصّل إلى صواب النطق ، المقيم لزيغ اللسان .
الموجب للبراعة المنهج لسبل البيان بجودة الإبلاغ المؤدي إلى محمود الإفصاح .
وصدقُ العبارة عما تجنّه النفوس ويكنّه الضمير من كرائم المعاني وشرائفها .
وما الإنسان لولا اللسان .
وقد قيل : ( المرء مخبوء تحت لسانه . والإنسان شطران لسان وجنان )
وقد قال الشاعر :
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ لسانه *** فلم يبقَ إلا صورة اللحم والدمِ
وقد قال شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث : تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل .
وعن سليمان بن عبدالله بن عباس عن العباس قال : قلت يا رسول الله ما الجمال في الرجل ؟ فقال : فصاحة لسانه .
وقال عبد الملك بن مروان : اللحن في الكلام اقبح من الجدري في الوجه .
وأوصى بعد العرب بنيه فقال : يا بنيَّ أصلحوا ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة فيتجمّل فيها فيستعير من أخيه دابّته ، ومن صديقه ثوبه ولا يجد من يعيره لسانه .
ومعلوم أن من يطلب الترسّل وقرض الشعر وعمل الخطب والمقامات كان محتاجاً لا محالة إلى التوسع في علوم اللغة العربية .
علم اللغة العربية عبارة عن اثني عشر علماً مجموعة في قول ابن مالك
نحوٌ وصرفٌ عَروضٌ ثم قافيةٌ *** وبعدها لغةٌ قَرضٌ وإنشاءُ
خطٌّ بيانٌ مع محاضــــــــــــرةٍ *** والاشتقاق لها الآداب أسماءُ
وكل هذه العلوم باحثة عن اللفظ العربي من حيث ضبطه وتصويره وصياغته _ إفراداً وتركيباً .
والذي له الأولوية وحق التقدم من هذه العلوم الاثني عشر (النحو)
إذ به يعرف صواب الكلام من خطائه ويستعان من خلاله على فهم سائر العلوم .
وكان العرب يتكلمون بالسليقة فلا قواعد نحوية ولا صرفية
حتى جاء الإسلام اختلطت العرب بالأعاجم فعرض لألسنتها اللحن والفساد فاستدعى الحال إلى استنباط مقاييس من كلامهم يُرجع إليها
في ضبط ألفاظ اللغة وأول من وضع قواعد علم النحو أبو أسود الدؤلي بأمر من الإمام علي رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه .
وقد ولد أبو أسود الدؤلي في أيام النبوة كان قاضي البصرة ومات في الطاعون رحمه الله .
ومن ألوان هذه اللحون واختلاط الكلام بلغة الأعاجم
أ- ما نقل عن أبي الأسود الدؤلي أن ابنته رفعت وجهها إلى السماء وتأملت النجوم وحسنَها ثم قالت : ( ما أحسنُ السماءِ؟؟)
على صورة استفهام .
فقال لها : يا بنيّة نجومُها
قالت : إنما أردت التعجّب !
فقال لها : قولي ( ما أحسنَ السماءَ ) وافتحي فاكِ
ب- وقد سمع ابو اسود الدؤلي من قارئ يقرأ قوله تعالى : ( إن الله بريئ من المشركين ورسولِه )
يجر بالكسرة ففزع من ذلك كان في مبتدأ الدولة العربية والقوم تزيد علاقتهم مع العجم كل يوم ، لذلك أمره علي رضي الله عنه وتلافى الأمر بأن وضع تقسيم (الكلمة) وأبواب (إنَّ وأخواتها) والإضافة والإمالة والتعجب والاستفهام وغيرها ، وقال لأبي اسود الدؤلي (انحُ هذا النحو)
وبهذا جاء اسم هذا الفن وبذلك زاد أبواباً كثيرة أخرى ونقلها عنه مَيمون الأقرن ثم جماعة منهم أبو عمرو بن العلاء ، ثم بعدهم الخليل ثم سيبويه والكسائي ثم سار الناس فريقين : بصرى وكوفى .