[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
إن العلاقة الزوجية هي علاقة مشتركة بين الطرفين, وعلى كل من الطرفين أن يعي دوره ومسؤلياته وواجباته إزاء الطرف الآخر في هذا الشأن.
لا يزال كثير من الأزواج يعاملون زوجاتهم معاملة المرأة في القرون المظلمة, ولا يشعرونهن بأهمية كيانهن ووجودهن, وكأنهم نسوا الآية الكريمة : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "
فأي تعبير أروع من هذا في التعبير عن عمق الارتباط العاطفي بين الزوج والزوجة؟
الانسجام العاطفي بين الزوجين من الأمور الأساسية التي ينبغي أن تعمر البيت الزوجي, لأنه إذا لم تقم العلاقة الزوجية على الحب المتبادل, فإنها ستؤول إلى الزوال, وسيكون الطلاق هو النتيجة المرتقبة.
لماذا يعتقد كثير من الرجال أنه إذا تغزل بزوجته ومدحها وبين لها أنه معجب بها مثلا أو أخبرها عن المزايا التي تتسم بها فإنها سوف تتكبر عليه او يصيبها الغرور .
لماذا هذا الاعتقاد المنتشر بشكل كبير في مجتمعنا ؟؟؟
لماذا يعتقد الكثير وليس الكل ,,وأكرر والقول ليس الكل ,, من الرجال أن فرض الهيبة والاحترام على الزوجة ياتي عن طريق الكلام الجاف والمعاملة القاسية والعبوس وعدم الاهتمام بالزوجة .
إنَّ هذا السلوك الذي يتبعه بعض الرجال إنما يعكس نقصاً في بنية شخصياتهم, فهؤلاء يرون أنَّ وجودهم يتحقق باتباع سياسة الأمر والنهي دون نقاش, وما على الزوجة إلا الإذعان والخضوع.
من خلال احتكاكي بمن حولي في المجتمع, أسمع الكثير من الناس يؤمن برؤية مفادها " لكي تحترمك زوجتك, عطها العين الحمرة", حتى من أولئك المثقفين.
بالتأكيد أن هذه الزوجة ستعيش في جو نفسي مرعب وتحاول خوفاً لا حباً أن تتفادى ما يبعث على غضب زوجها وسخطه, لكنها لا تحمل له احتراماً داخلها.
إنَّ الكثير من الرجال يفتخر بأنه إذا كان في البيت لا يستطيع أحد أن يتكلم إلا بحذر, فالعقاب ينتظر من خالف تلك الأوامر العسكرية.
الرجل المتسلط يرى أن إبداء كلمات الحب واإعجاب بزوجته والتغزل بمعالم جمالها, سيبعثها على التكبر وعدم إطاعة أوامره وهذه مغالطة.
نعم, لا ننكر أنه يوجد بين النساء من يفعل ذلك, ولكننا لا ينبغي أن ننسف قاعدة من أجل شواذ عن القاعدة.
هذا الاعتقاد له رواسبه وله جذوره التي جاءت من نصائح بعض الأقرباءوالأصدقاء والأقارب الجاهلين بمعاني الحياة الزوجية ومعانيها الخالدة.
هذا هو القرآن يصرح : " قال الله تعالى : (... وعَاشرُوهنَّ بالمعرُوفِ فإنّ كَرِهتُمُوهُنَّ فَعَسى أن تَكرهوا شَيئاً ويجعل اللهُ فيهِ خيراً كثيراً"
ومن أصدق من الله قولاً!
إن من معاني العشرة بالمعروف أن يشعر كل طرف بالارتياح إلى الطرف الآخر, فالإنسان مشاعر وأحساسيس ويحب أن يستشعر أهمية وجوده واحترامه في أنفس أقرب الناس إليه.
لا بد أن يوجد تواضع بين الزوجين واحترام متبادل تغمره كلمات الحب الصادقة العذبة, والمكاشفة الروحية, وبيان أهمية الطرف للطرف الآخر, وأن يشعر الزوج زوجته أنها ليست هامشية في حياته.
انظروا إلى رسالة سيد العابدين الإمام علي بن الحسين عليه السلام إلى الأزواج :
« لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته ، وهي : الموافقة ؛ ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ، وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها ، وتوسعته عليها.. » : تحف العقول
إنَّ الإمام عليه السلام هنا يشير إلى الأمور التي تُعمّق المودة والرحمة والحب داخل الاُسرة, فالحب لاوجود له مع الأسلوب التسلطي. نحن لا ننكر ضرورة أن يكون الزوج حازماً, لكن هناك فرق كبير بين القسوة والحزم, بإمكان الرجل أن يكون حازماً وهو يعيش أحلى لحظات الهيام بزوجته.
وفي موطن آخر يؤكد الإمام السجاد عليه السلام على تلك الأمور الهامة في الحياة الزوجية :
« وأمّا حقُّ رعيتك بملك النكاح ، فأن تعلم أن الله جعلها سكناً ومستراحاً وأُنساً وواقية ، وكذلك كلّ واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه ، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها ، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحبّت وكرهت ما لم تكن معصية ، فإنّ لها حقّ الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابدّ من قضائها.. » : تحف العقول.
إنَّ في هذا البيان الذي صاغه الإمام السجاد دستور للتعامل السليم بين الزوجين, ولا ينبغي تجاهله والأخذ بأقوال من يرون أن الحياة الزوجية تقوم على أساس السلطة والقوة وفرض الإرادة.
إنَّ إحاطة الزوجة بالرحمة والمؤانسة أمر يحبذه الإسلام ويؤكد عليه, ومن مظاهر المؤانسة أن يعبر الزوج عن حبه لزوجته وأن يبدي رأيه في ملبسها وطبخها وترتيبها للبيت ورأيها في الأمور الفكرية والاجتماعية ولا سيما ما يرتبط منها بشؤون الأسرة.
**************************
الجانب العاطفي جانب من الجوانب المهمة في الحياة الزوجية, وله أثره الفاعل في استمرارية العلاقة الزوجية ومتانتها. ولكن مما يؤسف له أنَّ كثيراً من الأزواج يغفل أو يتغافل هذا الجانب ولا يوليه أدنى اهتمام, بل جل همه أنه السيد الذي يجب أن يأمر فيطاع, وما المرأة إلا خادمة له ليس أمامها إلا خيار واحد وهو تنفيذ رغباته الجنسية منها وغيرها دون أدنى نقاش.
إنَّ الجوانب العاطفية المتبادلة بين الزوجين لها تأثيرها السحري في جعل كلا من الزوجين يذوب في الآخر.
من مظاهر التعبير العاطفي للزوج إزاء زوجته :
- أن يُبدي إعجابه بلبسها وأناقتها وطريقة تسريحة شعرها, وذوقها في تنظيم البيت.
- إبداء الإعجاب بما تقدمه من أطباق وطبخات.
- التعبير المباشر لها بحبه إياها, وأنها صديقته وزوجته وحبيته وسلوته ومهوى روحه, وآسرة لبه, وما شابه ذلك, وعليه أن يعيش صدق تلك العواطف إزاءها.
- الخروج معها دون اصطحاب الأطفال في نزهة عاطفية إلى مطعم عائلي, أو منتزه.
- أن يشركها في مشاكله وهمومه وأن يأخذ رأيها في تلك الأمور.
- أن لا يعاملها معاملة السيد لمن هو دونه, بل ينظر إليها أنها نائبته في إدارة شئون الحياة الأسرية.
- ألا تكون العلاقة الخاصة علاقة شهوانية فقط, بل ينبغي أن تحيطها كلمات الحب العذبة, والقبلات الحارة الخ.
- أن لا يحرجها في موقف أمام أهلها أو أهله أو أولادها.
- ألا يُفشي أسرارهما الخاصة وما بينهما من مشاكل لأصدقائه إلا إذا كان بهدف التدخل اضطراراً لحسم خلاف وما شابهه.
- إذا بدر منها موقف يبعث على الغضب, عليه ألا يعالج الأمر بانفعال, بل عليه التروي ومنقاشتها بهدوء في الأسباب التي دفعتها إلى ذلك الفعل فلعلها معذورة أو فعلته دونما قصد.
- ألا يعيد تذكيرها بمواقفها السلبية السابقة
- أن يقدم لها هدية بين فترة وأخرى مشفوعة بكلمات حب وهيام.
إننا نسمع القصص عن بعض الفتيات اللاتي انجرفن في تيار الرذيلة واستسلمن أمام كلمة إعجاب من أجنبي " كأنك عندك ذوق" " أنت جميلة" الخ... ولو أن الزوج أشبع زوجته حباً وغذاها حناناً لما سعت باحثة عن لمسات الحنان عند غيره.
علينا أن ندرك أن كلمة جميلة وهمسة حلوة في حديقة الأسرة الصغيرة تذيب جليد العلاقات الفاترة بين الزوجين. على الزوج أن يمتزح زوجته كما يمازح صديقه.
خلاصة القول لا ينبغي أن يكون البيت الزوجي صحراء قاحلة لا أثر فيها لزخات مطر الابتسامة ولا وجود بها لأزهار كلمات الحب.
زوجتك هي صديقتك, فعاملها كما تعامل صديقك
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]