اعتــراف الإسلام بالديانات السماوية السابقــة عنصـرأساسى فى عقيـدة المسلم

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : منتهى اللذة
-


اعتراف الإسلام بالديانات السماوية السابقة عنصرأساسى فى عقيدة المسلم


اعتراف الإسلام بالديانات السماوية السابقة عنصرأساسى فى عقيدة المسلم



اعتراف الإسلام بالديانات السماوية السابقةعنصرأساسى فى عقيدة المسلم




اعتــراف بالديانات السماوية السابقــة عنصـرأساسى PIC-247-1354633870.g




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وسيد الأولين والآخرين، سيدنا وحبيبنا وشفيعنا وقائدنا محمد النبى الأمى الأمين، الذى فتح الله به أبواب الهدايات، وختم به النبوة والرسالات، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه السادة المجاهدين.
أما بعد.....


يقول الله تبارك وتعالى فى محكم تنزيله: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير) البقرة: 285.


ويقول فى آية أخرى) يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا) النساء: 136.


وقد جاء فى الحديث الشريف: " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره 000" 0 الحديث رواه البخارى ومسلم عن عمر بن الخطاب وأبى هريرة.



هذا كما أرجو أن تتناول الورقة باختصار رؤوس الموضوعات الآتية:-
الإسلام دين الفطرة
الإسلام والديانات الأخرى
الإسلام وأزمة السلام العالمى.
فأقول وبالله التوفيق:


الإسلام دين الفطرة
إن الإنسان كائن طموح محدود القدرات عظيم التطلعات، ولعلمه بمحدوديته التى تعارض تطلعاته، نجده دائما يهرب من النهاية ويتهرب من هذا الواقع المحتوم؛ ليعيش آماله ولو فى عالم الخيال ويسعى طول حياته فى سبيل تحقيق الخلود.


هذا والذى يجعل من هذا الكائن الطموح، كائناً دائم الوجود ودائم البقاء؛ ويضمن له طاقات أوسع لتحقيق طموحاته الكبار فى هذا العالم الفانى؛ ويصل وجوده بذلك العالم الباقى هو الله تبارك وتعالى.


وقد يضطر الإنسان فى أكثر الحالات للبحث عن قوة عليا تكبر محدوديته وتتسامى عنها، يلجأ إليها ليعوض عن إحساسه بالعجز عن تحقيق الأمان والاستقرار الذى يلازم تفكيره، وقد يكون بحثه عن هذه السعادة بعقله وقد يكون فى أكثر الأحيان بعاطفته، إلا أن الطريق الصحيح لذلك ولتحصيل السعادة والكمال واجتياز المحدودية اليائسة إلى عالم البقاء واللانهاية هو الالتزام بالدين، الذى هو هداية الله للإنسان وعنايته به، فالدين الإسلامى- وهو كلمة الله الأخيرة والخالدة- يهدف إلى خلق إنسان صالح رشيد، منسجم مع سنن الاستقامة والمنهج الإلهى الذى خطه الله لعباده فى أرضه بواسطة النبوات والرسالات التى ابتعث بها أنبياءه ورسله- عليهم الصلاة والسلام- الذين ختموا بسيدنا محمد r الذى جاء ليكمل نقص الإنسان، ويتمم مكارم أخلاقه، ويملأ بدينه الحق وقيمه فراغ الروح والعقل فيه، ويبنى أسس الأمن والسلام والاستقرار.


ومن هنا كان الإسلام دين الفطرة بقدر ما هو دين السلام، وأن هدى الله الذى وعد به آدم وأبناءه يتمثل فى القرآن الذى جمع كل ما تفرق فى جميع الكتب السماوية المنزلة على جميع الأنبياء والرسل، الذين جاءوا من عند الله مؤيدين بالآيات البينات والمعجزات الخارقة للعادات، وهذا القرآن هو معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم العظمى، وذلك لكون رسالة الرسول الخاتم- عليه الصلاة والسلام- عامة لكافة الأمم والشعوب ودائمة إلى قيام الساعة وشاملة لكل زمان ومكان، كما أنها صالحة لمسايرة جميع العصور، ومتضمنة لحل جميع تحديات التطور المتمثلة فى المستجدات التى تتغير بتغير الأحوال والأزمان، يقول الله تبارك وتعالى فى محكم تنزيله: (إن الدين عند الله الإسلام ) آل عمران: 19. ويقول فى آية أخرى: ( من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين ) آل عمران: 85. وفى الحديث: "كل مولود يولد على ا لفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه... الحديث ". رواه أبو داود وغيره.



كتبت : منتهى اللذة
-
اعتراف الإسلام بالديانات السابقة وتسامحه
اعترف الإسلام مع وضوح دعوته ودقتها وكونه هو الإرادة الأخيرة بجميع الأديان السابقة، وقرر فى هذا الموضوع ما لم يسبقه إليه دين آخر قال تعالى: ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) البقرة: 285. وقال تعالى: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) البقرة: 136.


وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخرفقد ضل ضلالاًبعيدا) النساء: 136.


إن الإسلام وهو دين الفطرة قد تضمن جميع ما تقدمه من الرسالات، إذ أنه الرسالة الخاتمة قد قرر وبكل وضوح أن إيمان المسلم لا يتم إلا بإيمانه بتلك الأديان، كما أن إيمانه بسيدنا محمدصلى الله عليه وسلم لا يعتبر كاملا ولا مقبولا إلا إذا شمل جميع الأنبياء والرسل وما أنزل الله عليهم من كتب سماوية، كما يظهر من سياق تلك الآيات المتقدمة. ومع وضوح عقيدة الإسلام وتسامحه مع الديانات السابقة، إلا أن أنصار تلك الديانات حتى غير الملتزمين بتعاليمها لا يترددون فى كراهيتهم للإسلام والمسلمين، واعتدائهم عليه وإعلان الحروب المتكررة عليه دونما سبب يوجب ذلك.


ولما رأى العقلاء من المسلمين ذلك دعوا هؤلاء الناس إلى الحوار، وبعد تردد وإحجام قبل الجميع مبدأ الحوار، وقد كان الإسلام يدعو إلى الحوار مع أهل الكتاب منذ قيامه فى عهده الأول كما هو معلوم فى القرآن الكريم وفى السيرة النبوية الشريفة. وفى سبيل تحقيق وتأكيد سماحة الإسلام، وضع الإسلام أسساً وقواعد عديدة لحسن التعامل مع أهل الديانات السماوية الأخرى، فقال تعالى فى حق أهل الكتاب( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) العنكبوت: 46- وقال فى آية أخرى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجارذى ا لقربى والجار الجنب وا لصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالآ فخورا) النساء: 36.


والجار الجنب قد فسر بما يشمل الجار غير المسلم وسواء جار فى المنزل أو فى الوطن، فإن حقوقه يجب أن تصان، وزيادة على ذلك يجب أن يعامل باللطف والرفق والإحسان فى جميع الأمور.


والإحسان إلى الآخرين ن فى مفهوم الإسلام لا يقتصر على إسداء المعروف، وإنما يتناول هذا مع غيره من الحقوق كاحترام حق الآخرين فى الرأى والاعتقاد والفكر، مما يجعل التعايش والتساكن ممكنا بين جميع أبناء البشر فى إطار الأسس والمقومات التى أقرها الدين، والتى ترعى مصالح الناس جميعا على اختلاف أشكالهم وألوانهم وأجناسهم ومعتقداتهم. والجار سواء كان مسلما أو ذميا فإن الإسلام صان حقوقه قى الحياة والبقاء والتملك، ففى حق المسلم جاء الحديث: "كل المسلم على المسلم حرام، ماله وعرضه ودمه بحسب امرئ من الشرأن يحقرأخاه المسلم".


وفى حق أهل العهد من غير المسلمين قال عليه الصلاة والسلام: "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما". وفى حديث آخر قال:" ومن قتل معاهدا فى غير كنهه حرم الله عليه الجنة".


إذاً فالتسامح الذى يتمثل فى احترام حق الآخر فى ممارسة حقوقه الإنسانية، من حرية فى العقيدة أو حرية فى الرأى أو التعبير، أو توفير حق الحماية له فى العيش بسلام حالة الاختلاف حتى فى هذه الأمور الجوهرية، والتعايش بين المسلمين وغير المسلمين، ليس من القضايا الاجتهادية أو الافتراضية فى الإسلام، بل جاء فيه النص القاطع فى المعاملات فليقرأ من شاء قوله تعالى: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهما إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) الممتحنة: 8-9. وفى الاعتقاد اقرأ قول الله تعالى: (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) البقرة: 256.



كتبت : منتهى اللذة
-
الإســلام والحــوار الـهــادف
لقد وضع الإسلام وسيلة هى أرقى وسائل إحقاق الحق على مر العصور، وهى استخدام العقل الواعى والحكم بمقتضى منطق الحكمة فى كل القضايا المتعلقة بالدين والدنيا وما يرجع إليهما، وهذا الحوار هو أساس الدعوة إلى إحقاق الحق و إزالة كل خلاف ينشأ بين الإنسان وغيره، يقول الحق تعالى: ( ادع إلى سبيل ريك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) النحل: 125.


وقال الحق تعالى لموسى وهارون: ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى. فقولا له قولآ لينا لعله يتذكرأويخشى) طه: 43-44.


فكان الحوار فى الدعوة وغيرها محكوم بهذه الضوابط المحكمة والممهدة لإنجاح الحوار والجدل بحيث يكون هادفا إلى إحقاق الحق، محافظة على أصل السلام والأمن والاستقرار فى المجتمع، وليس لانتصار أحد الفريقين على الآخر، وهو فى الحقيقة تعاون على البحث عن الحق أو الحقيقة؛ لشدة الحاجة إلى ذلك فوضع الإسلام هذه الضوابط:


أولا: يجب أن يكون هناك اعتراف ضمنى من طرفى الحوار بوجهة النظر الأخرى، أو أن يعترف كل طرف بحق الديانة الأخرى فى الوجود حتى يوجد بذلك المناخ الصالح للحوار والبحث.


ثانيا: أن يكون القول فى ذلك محكما أى مقرونا بالدليل البين فى نفسه، الموضح للحق المزيل للشبهات؛ وهذه هى الحكمة فى الدعوة وبخاصة فى حق من استنارت عقولهم بعلوم الديانات السابقة أو الثقافات والفلسفات الإنسانية المختلفة.



ثالثـا: أن يكون الوعظ أو أسلوب الحوار ليناً موقظا للشعورمكسواً بالرفق بحيث يرجى معه إذعان المخاطبين أو الطرف الآخر، واقتناعهم بصدق المدعى. وقد استعمل القرآن أسلوب العرض فى الدعوة، فقال تعالى لموسى: ( أذهب إلى فرعون إنه طغى. فقل هل لك إلى أن تزكى. وأهديك إلى ريك فتخشى) النا زعات: 17- 19.


رابعــا: يرى الإسلام أنه يجب أن يكون الحوار والمناظرة عند عرض وجهات النظر المختلفة بالطريقة المثلى، وذلك بالصبر والدفع بالتى هى أحسن وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة ولا الغلظة بالغلظة، وانما يكون شأن الداعية تابعا لما أمر الله- تبارك وتعالى- به سيد الدعاة سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم حيث قال له: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) الأعراف: 199- 200.


وفى الحوار مع أهل الكتاب ومن ألحق بهم، ممن لهم شبهة كتاب يقول الحق تعالى: ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهناوإلهكم واحد ونحن له مسلمون ) العنكبوت: 46.


فكما تميزت الديانة الإسلامية بالشمولية والعموم فى أصولها، تميزت أيضا بالتسامح والتسامى عن التعصب وضيق الأفق فى نشرها، وذلك بالدعوة إلى الاعتراف بالديانات كلها فى أصلها الصحيح، مع إنصاف المخاطب بكل وضوح يقول الحق تعالى: (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم. وإ ما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) فصلت: 34- 36.


ويقول تعالى: ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا ويينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) آل عمران: 64.


وبفضل هذه الصفات المميزة لمنهج الدعوة والحوار فى الإسلام فى أكثر البلدان على مر العصور، وهذه المرونة والتسامح والترفع عن ظلم جميع الناس، والاعتراف بحقهم الأساسى والطبيعى فى حرية الاعتقاد والفكر والسياسة والنشاط البناء، جعلت من هذا الدين العظيم دينا عالميا جاء لإنقاذ البشرية جمعاء، من ضيق الظلم والتعسف والطغيان السائد فى العالم، إلى العدل والاعتدال واحترام الإنسان وتقييمه التقييم الصحيح يقول الحق تعالى: (ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البروالبحرورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الإسراء: 70.


ومن هنا جاء إقرار الإسلام لعدد من الأسس والمبادئ التى تكفل التعايش السلمى بين المسلمين وغير المسلمين ولا عبرة إلا بالتقوى.


أولا: أقر الإسلام مبدأ التعايش والتساكن بين سائر الأمم والشعوب، واحترام كل القيم الأساسية للإنسان، بغض النظر عن فوارق الأصل والعرق والدين والمعتقد أو القطر آو الإقليم، قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات: 13.


ويقول الحق: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد) الحج: 17. ويقول: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخروعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) البقرة: 62.


ثانيا: يعترف الإسلام بحق جميع الشعوب فى تمسكها بمصالحها وقيمها القومية والوطنية، والدفاع عنها وعن مكاسبها وثرواتها الطبيعية وتراثها الثقافى وتقاليدها الاجتماعية وقيمها الروحية، فيقول الحق تبارك وتعالى: ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) المائدة: 48.


ثالثا: أقر الإسلام مع مبدأ التعايش والتساكن، مبدأ حسن الجوار بل والتعاون بين جميع الناس من أتباع الديانات السماوية: الإسلام والنصرانية واليهودية باستثناء سكنى الجزيرة العربية، وذلك لأسباب وظروف خاصة أوجبت اتخاذ هذا القرار الحكيم فى تلك الأيام الحرجة.


رابعا: أقر الإسلام وحدة الهداية بين جميع الرسالات، حيث قال الله تبارك وتعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم. ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين. وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين. وإسماعيل واليسع ويونس ولوطآ وكلآ فضلنا على العالمين. ومن آبائهم وذرياتهم و إخوانهم وا اجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم. ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون. أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفربها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجراً إن هو إلا ذكرى للعالمين ) لأنعام:83- 90.


خامساً: أقر الإسلام أصل العلاقة الزوجية والمصاهرة بين المسلم وأهل الكتاب، وأباح للمسلم طعامهم والانتفاع بأوانيهم وصناعاتهم، وما يجلب إلينا من بلادهم من المأكولات والملبوسات، حتى مع الجهل بالمواد التى صنعت منها ما لم يثبت المنع بدليل قاطع.


سادسا: كفل الإسلام حرية الاعتقاد والفكر وممارسة الطقوس والعبادات لمن لديهم كتاب أو شبهة كتاب، بل وتكفل بحمايتهم وحماية مقدساتهم وممتلكاتهم وأماكن عباداتهم، ولا يخلو كتاب من كتب الفقه الإسلامى من نصوص تتعلق بأحكام أهل الذمة والعهد وهكذا جميع الأقليات فى المجتمع الإسلامى، ولقد أدان الإسلام جميع أنواع الظلم والعدوان الذى كانت تمارسه أمة ضد أمة أو شعب ضد شعب، ولا فرق فى الإسلام بين أن يكون العدوان والاضطهاد بالقوة العسكرية أو عن طريق سياسة الهيمنة والكبت التى تمارسها وتباشرها الأمم القوية ضد الدول الضعيفة، مثل الذى يحدث الآن ضد مجموعة من الدول الإسلامية إما تحت شعار الحرب ضد الإرهاب الدولى الذى ترفع رايته أمريكا ورئيسها بوش، وإ ما تحت شعار النظام العالمى الجديد والعولمة، وفى مثل هذه الحال لا يتردد الإسلام فى إعطاء الدول المستضعفة الحق فى التمسك بحقوقها وتراثها، والدفاع عن مصالحها وقومياتها وثرواتها وقيمها الروحية وكرامتها الإنسانية، إذا تعرضت للتهديد.


سابعا: إن الإسلام مع إعطائه حق الدفاع للأمم والشعوب ضد العابثين بحقوق الناس، أو ضد الذين يحاولون سلب الحريات الطبيعية وفرض الهيمنة والسيطرة عسكريا وسياسيا، فإنه يرفض جميع أنواع الإرهاب ويسميه فسادا ومحاربة لله ولرسوله فيقول الله تعالى:
(وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)البقرة: 205.


ويقول:( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الأخرة عذاب عظيم)ا لما ئد ة: 33.


ثامنا: إن الدفاع الذى يشرعه الإسلام ويقره هو الدفاع بالوسائل المشروعة،التى تحصر الرد والردع فى مقاومة المعتدى الظالم، ولا يبيح الاعتداء على الأبرياء أو أخذ البرى، بذنب غيره أو القريب بذنب قريبه المجرم، أو التخبط العشوائى بالأعمال العشوائية للإضرار بمصالح الغير؛ مما يهدد الأمن والاستقرار فى المجتمع الآمن، ولا كذلك يبيح الإسلام معاقبة قبيلة بكاملها بذنب فرد أو جماعة منها، كما لا يبيح تعذيب أمة بذنب يرتكبه قادتها أو أكابر مجرميها.



كما يجرى الآن من الحصار المفروض على عدد من بلدان المسلمين وكما يجرى دون رادع فى الأراضى الفلسطينية من قبل الإسرائيليين اليهود فى ظل سيطرة القطب الواحد على العالم، وفى ظل النظام العالمى الجديد أو فى إطار الحرب ضد الإرهاب التى أوقد نيرانها الرئيس الأمريكى بوش، وهو الذى تفنن فى ابتداع أساليب التعذيب والتنكيل الجماعى بما لا تقره القوانين الدولية ولا الأعراف التى تواطأت عليها الأمم والشعوب.


فما يجرى اليوم فى فلسطين المحتلة بعد هذا الاجتياح الغادر الظالم الذى دمرت فيه البنية التحتية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وقتل فيه النساء والأطفال والعجزة من الشيوخ والمرضى وأحرق اليهود فيه الأخضر واليابس، وهدمت فيه المنازل على رؤوس أصحابها، بطريقة بربرية لم يشهد لها التاريخ مثيلا، وبمباركة من الإدارة الأمريكية ومن الرئيس بوش شخصيا. وكذلك ما يجرى فى أفغانستان دون تمييز بين الجانى وغيره، مما يوحى للمشاهد بأن الهدف الحقيقى لهذه الحروب كلها هو محاربة الإسلام والعرب.



ومهما قيل سوى هذا فإنه كذب بشع وخداع خبيث مكشوف لا يصدقه أحد من الناس حتى الأطفال، ومما يشهد لما نقول تلك التصريحات التى يدلى بها الرئيس الأمريكى، ومن أسوأها وصفه للسفاح القاتل الآثم شارون بأنه رجل سلام، وتحريضه للإسرائيليين البرابرة أن يزيدوا من بطشهم وتنكيلهم بالأبرياء فى ظل الحماية الأمريكية؛ وهذا الذى يجرى فى الأراضى المحتلة، وما يجرى فى أفغانستان بهذه الصورة وما تحاول أمريكا وبريطانيا تتفيذه ضد العراق وإيران وسوريا وليبيا ولبنان، وما تدندن حوله من تعمد إدراج المنظمات الوطنية التى تناضل من أجل تحرير أراضيها من احتلال العدو كحماس والجهاد الفلسطينى وحزب الله اللبنانى فى قائمة المنظمات الإرهابية.



كل ذلك يدل دلالة واضحة بأن المخطط ضد الإسلام والعرب والشعوب الإسلامية أكبر بكثير مما يظن الناس، والله حسبنا ونعم الوكيل.


تاسعاً: الإسلام بما أنه دين يقدس نظام العدل والإحسان والتسامح، ويحترم حقوق الجيران والآخرين على وجه العموم، ويحترم كذلك مشاعر أصحاب الديانات الأخرى، يلتزم فى كل شئونه الوسطية الراقية، ويرفض التطرف والتعصب الطائفى بكل أشكاله، ويرى أن التطرف والعنف ظاهرة سياسية اجتماعية لا علاقة لها به، فهى تناقض الإسلام وتفرغه من مضمونه الأساسى؛ أعنى السلام والسماحة والاعتدال والإنصاف والوسطية، وهو دين يتسع لأصول جميع الديانات، ويقدم دائما استعمال العقل والفكر المتوازن ومقابلة الحجة بالحجة، ويترك باب الحوار مفتوحا، والإسلام لا يكون سيفاً على رقاب الآخرين، ولا يقبل أن يكون سوطا يلهب ظهور من يختارون غيره من الديانات وهو الذى يقول: ( لست عليهم بمصيطر) الغاشية: 22. ويقول: (لا إكراه فى الدين ) البقرة: 256. ويقول: ( قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكما بوكيل) يونس:108.


ويقول: (ولو شاء ريك لأمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون) يونس: 99- 100.


عاشرا: الإسلام أوجد بنظامه السماوى التوازن الثابت بين كافة أفراد الأمة بعضها ببعض، وفى علاقتهم بالسلطة الحاكمة، بحيث يحترم الفرد المواطن شرعية السلطة ويقف إلى جانبها فيما يساعد على إقامة الأحكام الشرعية، ويدعو الإسلام السلطة- أيا كانت وكيفما كانت- إلى المحافظة على حقوق المواطنين المدنية واحترام مشاعرهم الدينية وكرامتهم الإنسانية؛ حتى ولو كانت السلطة علمانية أو يكون لها معتقد يخالف معتقدات الأمة، فلا يجوز للسلطة أن تجعل من المواطن غرضا للسخرية والإهانة، فيسود حينئذ الانسجام بين المواطنين والسلطة الحاكمة، وتتقوى بذلك الرابطة القائمة على أساس من التكامل والثقة والاحترام بين الحاكم والمحكوم. للحديث الوارد فى النصيحة وهو: "الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم عن تميم الدارى.


الحادى عشر: إن الإسلام يرفض جميع مظاهر التعصب الدينى أو الحزبى أو السياسى، كالذى يجرى فى أكثر البلدان ذات الأقليات الإسلامية، إذ تتحدى بعض تلك السلطات فى البلدان ذات الأغلبية غير المسلمة المواطنين المسلمين، وتعاملهم معاملة تسىء إلى معتقداتهم وتجرح شعورهم الدينى، وأحيانا يصل الأمر إلى الاستفزاز بالتجاهل المتعمد لحقوقهم المشروعة فى الاحتفاظ بأماكن عبادتهم أو ممتلكاتهم الأثرية، وأحيانا يصل الأمر إلى إنكار وجودهم الطبيعى. وهذء التصرفات غير المنصفة هى المسئولة عن نشأة ظاهرة الإرهاب فى صوره المروعة المختلفة فى أكثر الأحيان وفى أكثر من مكان.


الثانى عشر: يرى الإسلام أن من الظلم اعتبار الأصولية فى الإسلام تطرفا أو تعصبا، فإن الأصولية هى التمسك بما كان عليه سلف الأمة من الفهم الصحيح للنصوص الدينية، والوقوف بها عند حدودها ومنع الانحراف بها يمينا أو شمالا تفريطا أو إفراطا؛ فالإسلام يعترف بالأصولية، ويؤكد بملء الفم وبأقوى الأدلة أن التعصب أو التطرف أو الإرهاب ظواهر سياسية اجتماعية تظهر دائما إذا وجدت المناخ الملائم فى جميع مجتمعات البشر، وهى أمور محرمة بالنصوص القاطعة فى الإسلام.

والشاهد على ما قلنا ما يجرى فى أرقى دول العالم كأمريكا وبريطانيا وغيرها مما لا تخلو نشرة من نشرات الأخبار منه فى كل يوم، والإسلام ليس مسئولا عنه؛ وذلك مثل ما وقع فى مأساة غيانا وكارثة أوكلاهوما بأمريكا على سبيل المثال، وكذلك الإرهاب والعنف الجارى فى أيرلندا الشمالية بين الكاثوليك والبروتستانت من جهة وبين الكاثوليك والحكومة البريطانية من جهة أخرى منذ عقود من الزمان.


الثالث عشر: يرى الإسلام أن المسلم- أينما كان وكيفما كان- يجب عليه أن يتمسك بدينه ويدافع عنه ويحافظ على أخلاقه التى تحكم شخصيته كمسلم، وذلك بالطرق المشروعة، وهو الأمر الذى حدث وتكد تماما فى الدول الإسلامية الأولى. فالمجتمعات الإسلامية فى أفريقيا قبل الاحتلال الأوروبى الاستعمارى ظلت ترعى حقوق الأقليات وتحترم ممتلكات تلك الأقليات فى غير أحوال الحرب وظروفها، الأمر الذى لم تراعه الدول المستقلة ذات الأقليات الإسلامية في أفريقيا وغيرها، إذ أغلب الأحيان يتعرض المسلمون إلى التمييز ويعاملون فى بلدانهم كأجانب أو كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة فى أكثر الأحيان، بل قد مورس ضدهم فى بعض بلدان ما يسمى بالعالم المتحضر فى أوروبا جرائم التطهير العرقى والإبادة الجماعية، وبدافع التطرف والتعصب الدينى وليس السياسى فقط، كما حدث فى البوسنة والهرسك لعدة سنوات، قبل أن يتحرك العالم لنجدتهم ولوضع حد لتصرفات الصرب النازيين المنافية للأخلاق والإنسانية.



كتبت : منتهى اللذة
-
الإسلام وأزمة السلام العالمى
إن الإسلام دين سماوى قام على عقيدة التوحيد الواضحة، وعلى رعاية حقوق الله وحقوق الناس وتحريم الظلم والعدوان بكل الأشكال والألوان. وأزمة السلام فى عالمنا المعاصر سببها الأساسى هو الظلم والاستعاضة بالقوة عن التفاهم بالحوار والعقل؛ مما أفقد الناس الثقة فى جميع المنظمات الدولية وفى القانون الدولى، الذى فقد فعاليته فى ظل الهيمنة الأمريكية، وما لم يتوقف هذا الظلم وينصف العالم المظلومين، فإن الإرهاب والعنف لن يتوقف مهما فعلت أمريكا وحلفاؤها فى حربهم ضد الإرهاب.


ومن أجل ذلك كان من أبرز أسس دعوة الإسلام إلى السلام العمل على بسط مظلة العدل على جميع الناس؛ حتى تختفى مظاهر الظلم والعدوان بين جميع الشعوب فيسود السلام وينتشر. ومهد الإسلام لذلك الأساس بوضع قاعدة التوازن بين سكان الوطن الإسلامى- مسلمين وأهل ذمة ومعاهدين- فالجميع سواسية وكلهم ينسبون إلى آدم فهم إخوة بهذا الاعتبار كما قال تعالى: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام) النساء: 1.


وقال تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكروأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات: 13. ولم يجعل الإسلام لتحقيق هذه الغاية قيودا ولا حدودا ما لم تعد عليه بالنقض، الأمر الذى جعله دين سلام بحق:


1- فقد أباح الإسلام لأتباعه إقامة كافة العلاقات بينهم وبين أهل الذمة من أهل الكتاب، ابتداء من المعاملات التجارية إلى علاقات المصاهرة وتبادل المآكل والمشارب فيما أحل الله للفريقين، وتقدم سياق بعض الآيات التى تؤكد هذا المعنى وقال تعالى أيضا: ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو فى الاخرة من الخاسرين ) المائدة: 5.


2- ومن أسس التسامح التى انفرد بها هذا الدين ؛ السماح لأتباعه بالإصهار إلى أهل الكتاب وذلك لوجود علاقة الإيمان بين الزوجين على الأقل من طرفه هو، والزواج وما يترتب عليه من آثار لا يبيحه الإسلام على هذا الوجه إلا لأنه يعتبر المسألة أصولية وليست فرعية سياسية فى باب المعاملة، فمن الوضوح بمكان أن زواج المسلم من الكتابية يجعل بعض عائلته يهودا أو نصارى، فأصهار وأجداد أولاده من جهة أمهم وأخوالهم وخالاتهم وبعض أقاربهم كأبناء أخوالهم وخالاتهم من ذوى أرحامهم لهم حقوق صلة الرحم وحقوق ذوى القربى، وهذا التسامح لا يكاد يوجد مقننا ومشرعا بهذا الوجه فى غير دين الإسلام.


3- ولقد أباح فقهاء الإسلام للمؤهلين من أهل الذمة أن يشغلوا مناصب وزارية تنفيذية فى الدولة الإسلامية كما وقع ذلك فى عهد الدولتين الأموية والعباسية وغيرهما.
4- ومن تلك التمهيدات كفالة الإسلام لحرية الاعتقاد لجميع المواطنين، وأنه حتى وهو فى مركز القوة لا يفرض على الناس اعتقادا لم يختاروه بمحض إرادتهم فقال تعالى فى كتابه العزيز فيما لم ينسخ: (لا إكراه فى الدين ) البقرة: 256.


5- لم يمنع الإسلام استعمال الرحمة والأدب اللائق مع المخالفين أهل كتاب كانوا أم مشركين.


(أ) ففى حكم الوالدين غير المسلمين يقول القرآن: (وأن جاهداك على أنتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ) لقمان:15.


وفى حديث أسماء بنت أبى بكر عند أحمد والشيخين قالت: " قدمت أمى وهى مشركة فى عهد قريش إذ عاهدوا فأتيت النبىr فقلت: يارسول الله، إن أمى قدمت وهى راغبة أفأصلها؟ قال: نعم، صلى أمك ".


(ب) وفى حكم الأسرى وهم حينئذ قطعا من غير المسلمين يقول الله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) الإنسان: 8. والمسكين واليتيم فى الآية تتناول المسلم وغيره ، بل عاب الإسلام ربط الإنفاق المطلق بالدين أو الإيمان فقال تعالى: ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) البقرة: 272. وقد روى الإمام محمد بن الحسن الشيبانى فى شرح السير الكبير: أن النبى r بعث إلى أهل مكة مالا لما قحطوا ليوزع على فقرائهم . انتهى (ج 1ص 144).


6- من أعظم الممهدات لبناء الثقة بين المسلمين وأصحاب الديانات السماوية يهودا أو نصارى، ما تميزت به معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، إذ عرف له من عاصروه احترامه لدياناتهم وأماكن عباداتهم وعدم منعهم من ممارسة شعائر دينهم حتى فى مسجده الشريف؟ ومن ذلك زيارته لهم، وعيادته مرضاهم، وقبوله هداياهم ومهاداته إياهم، وفى السيرة ذكر ابن إسحاق أن وفد نصارى نجران لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة دخلوا عليه مسجده بعد العصر فكانت صلاتهم فقاموا يصلون فى مسجده، فأراد الناس منعهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم. وفى هذا جواز استقبال أهل الكتاب فى المساجد وجواز دخولهم فيها إذا دعت لذلك ضرورة، وجواز السماح لهم بإقامة صلاتهم بحضرة المسلمين إذا لم يتخذ ذلك عادة دائمة.


وروى البخارى عن أنس بن مالك أن النبىعاد يهوديا وعرض عليه الإسلام فأسلم فخرج وهو يقول: "الحمد لله الذى أنقذه بى من النار".


وروى أبو عبيد القاسم بن سلام فى كتاب الأموال عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق بصدقة على أهل بيت من اليهود فهى تجرى عليهم. انتهى ص: 613.


وسار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل ما عمل به فى هذا الكتاب، فقد
رأى عمر يهوديا عجوزا يسأل فتبين أنه من غير عائل، فأمر بصرف معاش دائم له ولعياله من بيت مال المسلمين. ثم يقول قال الله تعالى: ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين) التوبة: 60، وهذا من مساكين أهل الكتاب. انتهى. الخراج لأبى يوسف (ص 26).


وعبد الله بن عمرو بن العاص يوصى غلامه أن يعطى جاره اليهودى من الأضحية، ويكرر الوصية مرة بعد مرة، حتى دهش الغلام وسأله عن سر هذه العناية بجار يهودى؟ قال ابن عمرو: إن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذى. انتهى.


وذكر ابن حزم فى (المحلى ج 5 ص 117)؛ أن أم الحارث بن أبى ربيعة وهى نصرانية ماتت فشيعها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .


والأصل فى هذه المعاملة هو ما غرسه الإسلام فى نفوس المسلمين من الاعتقاد بتكريم الله للإنسان من حيث هو إنسان، وهذا طبقه المسلمون الأوائل على جميع بنى البشر بغض النظر عن اختلاف الدين والعرق واللون وكل الفوارق الأخرى.


تسامح الإسلام وتعنت الآخرين
بالرغم من الأدلة الكافية التى تقدم ذكرها فى بيان تسامح الإسلام، إلا أن مما يؤسف له أنه لا يمضى وقت طويل حتى تسمع عن أزمة أو صدام حدث أو يحدث بين المسلمين والمسيحيين فى المناطق التى يسكنون فيها، يحدث ذلك فى كثير من بلدان العالم التى يشترك فيها المسلمون مع غيرهم، فهذه هى فلسطين المغتصبة تتعرض لأفظع عمليات انتهاك الحرمات والمقدسات وقتل الأبرياء من العجزة والأطفال والنساء ولمدة تجاوزت


الأربعة عقود، ثم يصر دهاقنة السياسة الدولية على تسمية الأزمة بقضية الشرق الأوسط ؛ لتجد إسرائيل ا لها فى المنطقة فتفصل بين أجزاء العالم الإسلامى، الأمر الذى تم التخطيط له بدهاء منذ عشرات العقود.


وهذه هى قضية كشمير لازالت الاشتباكات تحدث بين المسلمين وغيرهم من وقت لآخر، وهكذا الأمر فى بعض المناطق فى إندونيسيا، أما فى إفريقيا فالأمر أصبح بدرجة من الوضوح مما يستدعى وقفة جادة لكشف الحقائق للبشرية جمعاء، فعلى سبيل المثال حدثت عدة اشتباكات بين النيجيريين خلال العام المنصرم تناقلته وسائل الإعلام الغربية بأنها اشتباكات بين المسيحيين والمسلمين، ومما يؤسف له حقا هو تشويه الحقائق وصياغة الأخبار بالطريقة التى يهواها الغرب وبالطريقة التى تخدم مصالحه فى العالم، فى الوقت الذى تجد فيه أن الواقع مختلف تماما، لقد كانت نيجيريا قبل عقدين من الزمان تعيش فى أمن وسلام خاصة فى مجال التعايش بين المسلمين والمسيحيين لدرجة أنه فى وقت من الأوقات، إذا رفع الأذان لوقت الصلاة ترى المسيحى يقف إذا كان ماشيا إجلالا وتعظيما للإسلام، وتجد منهم حتى الآن من يدعون المسلمين لذبح بهائمهم فى مناسباتهم الدينية حتى يضمنوا مشاركة جيرانهم من المسلمين لهم فى الأفراح،



فكل هذا يدل على مدى سماحة الإسلام والتعايش السلمى بين سكان هذه البلاد بالرغم من تعدد دياناتهم، واختلاف أعراقهم، ظل الحال هكذا، إلى أن أطل عهد جديد، ظهرت فيه الدسائس السياسية والطموحات التى لا تعرف قيودا من الأخلاق والدين، كما أن الظروف الاقتصادية المتردية، أسفرت عن وضع اجتماعى سيئ للغاية حيث تفشت البطالة بآثارها المدمرة، لقد استغل هذا الوضع بعض الساسة- وخاصة أولئك الذين يتفجرون غيظا ويمتلئون حقدا على الإسلام والمسلمين- فطفقوا يلبسون كل أزمة حدثت بين النيجيريين لبوس الدين لتحقيق أهدافهم، فما من فتنة نائمة إلا وأيقظوها، ولا من أزمة نشبت إلا وأذكوا أوارها، حتى تكونت قناعة لدى بعض الشعب والناس أن الإسلام دين اعتداء وليس فيه تسامح بل دين إرهاب، وهى دعاية مغرضة ليست فى صالح المسيحية ولا أية ديانة أخرى، إنما تحقق أهدافا معادية للبشرية جمعاء.



ومن هنا، نرجو أن لا يخرج علماء الإسلام من اجتماعهم فى هذه القاعة المباركة إلا بوضع خطط شاملة توضح حقائق الإسلام وتبرئته من تلك المفاهيم الخاطئة، التى علقت به فى أذهان الذين يجهلونه، بناء على ما يرونه من تصرفات بعيدة كل البعد عنه، يقوم بها أناس لم يحسنوا عرض الإسلام وتقديمه للناس على وجهه الصحيح، ولهذه الأسباب يجب أن يسهر جميع العلماء كل فى ه لتوضيح هذه الحقائق، وأن يجاهد الكل فى سبيل إيصالها إلى العالم الذى كاد بأكمله أن يقع فى ظلمات المفاهيم المضللة حول الإسلام وحقائقه مع وضوحها وانتشارها على مدى الأربعة عشر قرنا الماضية، وهذا
أقل ما يجب أن يقوم به العلماء تجاه هذا الدين العظيم فى ظل الأزمات والمتغيرات الراهنة.


اعتراف الإسلام بالديانات السماوية السابقة
عنصرأساسى فى عقيدة المسلم
الشيخ/ إبراهيم صالح الحسينى
رئيس المجلس الإسلامى النيجيرى- ورئيس هيئة الإفتاء
نيجيريا
كتبت : أمواج رجيم
-
كتبت : منتهى اللذة
-
عطر الفل
شكـــرا لكِ

الصفحات 1 2 

التالي

سياحة روحيه

السابق

سلامة القلب

كلمات ذات علاقة
المسلم , السماوية , السابقــة , الإسلام , اعتــراف , بالديانات , عنصـرأساسى , عقيـدة