أُصِيبت النُّفوس ومَرِضت القلوب

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : أم رائد
-

النُّفوس 332444.gifالنُّفوس 332445.gif




أُصِيبت النُّفوس، ومَرِضت القلوب


الحمد لله نحمده، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ: فيا أخواتي في الله:

اتَّقوا الله - تعالى - واعلموا أنَّ للسيِّئات والحسنات تأثيرًا في النفوس، فمَن لم يتأثَّر بسيِّئته وحسنته فهو مُصاب، فعليه أنْ يتفقَّه حاله، ويحاسب نفسه، فالمرء في هذه الحياة مُراقَب، ومكتوب ماله وما عليه؛ قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].


فمَن استشعر ذلك وتذكَّر أنه مسؤول مُحاسَب فلا بُدَّ أنْ يَحتاط لنفسه ويَعمل بأسباب النَّجاة.

فمن المأسوف له أنَّ الكثير من الناس يُذنِب الذنب، ويقع في الخطيئة وكأنَّ شيئًا لم يكن، فلا يتأثَّر ولا يتألَّم لما وقع فيه، بل ربما جاهَر بالمعصية، وتبجَّح بفعلها، وأصبح يهتك ستره، وينشر معصيته، وإنْ كان الله قد ستره، وهذه من العقوبات والبلايا التي وقَع الكثير من الناس فيها، فلا يحسُّ إلا بعد أخْذه؛

يقول نبينا - صلوات الله وسلامُه عليه -: ((كلُّ أمَّتي مُعافًى إلا المجاهِرين))
[البخاري: (6069) - الفتح: 10/501، مسلم [52-(2990)].].

فما أكثر المجاهرين بالمعاصي، والمتبجِّحين بالرذائل، والمستهتِرين بالشِّيَم، والعاصِين على بصيرة.
أخواتي في الله :

فلم يبقَ اليوم عذرٌ لمعتذِرٍ؛ فقد انتشر العلم، وكثُرت وسائل نقله وإبلاغه، فلم يبقَ بيتٌ إلا دخَلَه علم وتوجيه وإرشاد وتخويف وتحذير، وقد قامَت الحجة، يقع العاصي في المعصية، ويلقي عليه القبض، ويقرُّ أمام السلطة وأمام القاضي بأنَّ ما وقع فيه حرام، وأنَّه يعرف ذلك، ويعتذر بعُذرٍ أخبث من فعل بأنَّ ذلك من الشيطان، وهو يعرف أنَّ الشيطان عدوٌّ له، وأنَّ الله قد نَهاه عن طاعة الشيطان،

يعلم أنَّ الله خلَقَه لعبادته وطاعته، وتكفَّل برزقه وأغدق عليه نِعمَه، ودَعاه إلى دار كرامته، إلى جنَّةٍ فيها لا عينٌ رأَتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأوضح له الطريق، وسهَّل له السبيل إليها، ومع ذلك يعصي خالقه ومولاه، ويطيع شيطانه الذي يُغوِيه، ويَسلُك به سُبُلَ العطب والمهالك؛ ليكون معه في السعير؛ يقول - جلَّ وعلا -: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6].


أخواتي في الله :

لقد أُصِيبت النُّفوس، ومَرِضت القلوب، وقلَّ إحساسُها بما أصابَها، وتلك المصيبة العُظمَى، أنْ يصاب العبد في دينه فلا يحسُّ أنَّه مصاب، فذلك الخطر العظيم الذي يُؤدِّي به إلى الهلاك، فلا يُفِيق إلا بعدَ فَوات الأوان، يقول ربُّنا - جلَّ وعلا -: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 17-18].


فيا أخواتي في الله :

حاسِبُوا أنفُسَكم قبلَ أنْ تُحاسَبوا وعالجوا أمراضَ النفوس والشهوات ما دُمتُم في زمن الإمهال، واعلَمُوا أنَّ مَن لم يحسَّ بمعصيته ويتألَّم من ذنبه، فإنَّ مرضه خطير، يحتاج إلى علاج واستدراك في حديث عن ابن عمر أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب بالجابية فقال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقامي فيكم فقال:
((استَوصُوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين يَلُونهم، ثم يفشوا الكذب حتى أنَّ الرجل ليبتدئ بالشهادة قبلَ أنْ يسألها، فمَن أراد منكم بَحبَحة الجنَّة فليلزم الجماعة؛ فإنَّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأة؛ فإنَّ الشيطان ثالثهما، ومَن سرَّته حسنته وساءَتْه سيئته فهو مؤمن))
[حديث صحيح أخرجه أحمد (1/18)].


فانظُروا يا عبادَ الله إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومَن سرَّته حسنته وساءَتْه سيئته فهو مؤمن))، إنَّ مَن لم تسرَّه حسنته ولم تسُؤْه سيِّئته فإنه مُصاب، ولا بُدَّ من عِلاجه، ومن العِلاج: التوبة النصوح الصادقة، والإقلاع عن الذنب، والنَّدَم على ما فات، والعزم على عدم العودة فيه، فعالجوا أمراض النُّفوس، فهي أحقُّ من الأبدان، واتَّقوا فيها الله وفي أبدانكم، واعلَمُوا أنَّ العبد لا يدري حتى ينزل به الموت، فليُبادِر بإصلاح ما فسد من حاله قبل أنْ يُحال بينه وبين ذلك.

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 135-136].

بارَك الله لي ولكُن في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكن بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكن إنَّه هو التوَّاب الرحيم.

أقول هذا وأستغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولكن ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.




النُّفوس 332446.gif
كتبت : * أم أحمد *
-

أختي في الله
أسأل الله لكِ أن يثقل ميزانكِ بالحسنات
وأن يمحو سيئاتكِ
وأن يجعل ما تقدمين شاهدا لكِ لا عليكِ
وتقبلي وافر تقديري
وأمتناني

كتبت : || (أفنان) l|
-

أختي الحبيبة الغالية
جزاكِ الله خير الجزاء
مـوضــوع رائـــــــع ومفيد
أَسْأَلُ الْلَّهَ أَنْ يُبَارِكَ فِيْكَ وَيَجْعَلْ مَاخَطَّتْهُ أَنَامِلُكِ شَافِعٍ لَكِ
الله لا يحرمنا منك ومن بحر عطائك المستمر
شاكرة لك ما اضفتيه الى رصيد معلوماتي بموضوعكٍ المهم والهادف
تقبلي مروري ولك ودي وردي
كتبت : أم رائد
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة * أم أحمد *:

أختي في الله
أسأل الله لكِ أن يثقل ميزانكِ بالحسنات
وأن يمحو سيئاتكِ
وأن يجعل ما تقدمين شاهدا لكِ لا عليكِ
وتقبلي وافر تقديري
وأمتناني

حضورك كـ نور يبعث الدفء بين الحروف
لكِ كل الشكر والاحترام على هذة الكلمات الجميلة
ارق تحية لقلبك وقلمك
ودمت بكل الود
دمتِ بحفظ الرحمن
كتبت : أم رائد
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة ·!¦[· أفنان ·]¦!·:

أختي الحبيبة الغالية
جزاكِ الله خير الجزاء
مـوضــوع رائـــــــع ومفيد
أَسْأَلُ الْلَّهَ أَنْ يُبَارِكَ فِيْكَ وَيَجْعَلْ مَاخَطَّتْهُ أَنَامِلُكِ شَافِعٍ لَكِ
الله لا يحرمنا منك ومن بحر عطائك المستمر
شاكرة لك ما اضفتيه الى رصيد معلوماتي بموضوعكٍ المهم والهادف
تقبلي مروري ولك ودي وردي

امتعك الله براحة البال
حضورك أسكنني السماء وجعلني أحلق بين النجوم كيفما أشاء
وجودك بالقرب ينير مشاركاتي
دمت بحفظ الرحمن

كتبت : سنبلة الخير .
-
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان ويعطيك العافيه على طرحك ماننحرم من جديدك المميز خالص ودى وورودى
الصفحات 1 2 

التالي

حساسية النبي صلى الله عليه وسلم لأعياد الكفار

السابق

الكريسيمس والمسلمين

كلمات ذات علاقة
أُصِيبت , النُّفوس , القلوب , ومَرِضت