أهل النار في الدنيا
مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
كتبت :
أم رائد
-
أهل النار في الدنيا
ميز الله بني آدم عن غيرهم من خلقه بالعقل الذي يستطيعون به
تمييز الخير من الشر، بل وصف المتفكرين المؤمنين بأصحاب العقول
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ}،
ووصف الكافرين بأنهم كالبهائم أو أشد ضلالة
{أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ...}.
وقد بين الله لنا طريق الهداية وحذرنا من الغواية
وهدانا إلى السبيل، فمنا شاكر ومنا كفور
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
«كلُّ الناسِ تغدو فبائعٌ نفسَهُ ومُعتِقُها أو مُوبِقُها».
الراوي: - المحدث: ابن العربي -
المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 2/145
خلاصة حكم المحدث: صحيح
لذا كانت هذه الدنيا دار اختبار وعمل،
وقد تعجب إذا علمت أن هناك من يعيش على
هذه البسيطة وقد حُكِم عليه بالنار لسوء عمله.
ومن عجائب قصص القرآن والتي تعتبر بحق من الإعجاز:
إخباره بأناس عاشوا بين ظهراني المسلمين قد حكم عليهم بالنار،
وتحقق الإعجاز أنهم لم يؤمنوا ولو نفاقًا من باب تكذيب القرآن،
منهم أبو لهب وزوجه
{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ*وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ
الْحَطَبِ*فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}،
والوليد بن المغيرة الذي قال الله فيه:
{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}،
وفرعون هذه الأمة أبو جهل الذي قال الله فيه:
{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}.
من أصناف أهل النار في الدنيا:
(1) الكافر بالله ورسوله:
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا
لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا*إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا}،
لم ينفعه ماله ولا سلطانه ولا قلمه وبيانه
{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ*هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}
فما كان مصيره؟
{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ*ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ*ثُمَّ فِي
سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}
ما السبب يا ترى؟
{إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ}.
(2) المكذب بالبعث والنشور:
قال تعالى:
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي
مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ*وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ
مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ*وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ
كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}،
هذا لنعلم أن العدل من السمات الربانية؛ والجزاء من جنس العمل،
فنسيانهم وكفرهم بيوم الحساب جزاؤه نسيانهم في ذلك
اليوم وإيواؤهم النار حيث لا شفيع ولا ناصر.
(3) المشاقُّ لله ورسوله:
قال تعالى:
{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ
الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
فمن سلك غير الشريعة المحمدية عن عمد بعد ظهور الحق له
واتبع سبيلاً غيرها فإن الله يكله لما اتبع ويزينه في نفسه استدراجًا له
{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}.
(4) المتخذ الشيطان وليا من دون الله والمتبع الهوى:
قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ
اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا}
لماذا؟ لأن الشيطان:
{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا}
فما مآلهم؟
{أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا}
فمن جعل الشيطان له هاديًا ودليلاً دله على هلاكه،
ومن جعل الشيطان له مشرعًا فقد شرع لنفسه بابًا لجهنم،
ومن ارتضى به إلهًا كان من أول المتبرئين منه يوم الفزع الأكبر.
(5) الساخر بالدين وأهله:
قال تعالى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}
فهذا الذي اتخذ آيات الله وسنة نبيه واتباع ملته مجالاً للسخرية والتندر،
فما رأى من اتباع للسنة أو إحياء لها إلا وسن قلمه وشحذ لسانه طعنًا ولمزًا وسخرية،
هذا المسكين الذي ما أن يفتح بابًا من أبواب الخير إلا سعى في إغلاقه،
وما رأى من خير إلا كان عنه مكابرًا، ولا رأى من شر إلا كان له مبادرًا،
يفرح بما يسيء للدين وأهله، سلم منه أعداء الدين من يهود ونصارى
ولم يسلم منه الصالحون، لم ينتقصهم لشخصهم لأنهم لو سلكوا ما سلك
لكانوا من المحببين له، بل انتقاصه لهم لالتزامهم شرعة الله
{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ*
وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ*وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ*
وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}،
{وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}،
ولكن العبرة بالنهاية،
{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ*
عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ*هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}
بلى والله.
(6) المنافق:
قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}
فكما أن للجنة درجات فإن للنار دركات، والمنافقون في أسفل دركات جهنم،
فبم استحقوا ذلك؟ ذلك بأنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر والفسوق والعصيان،
يقولون الكلام المعسول وقد دسوا فيه السم الزعاف،
تقرأ لهم وتسمع لقولهم من خوف على الدين
والوطن والنشء وهم يريدون هدم ذلك
{وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}
قد استعملهم أعداء الدين معاول للهدم فانطبق عليهم القول:
{هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}
لذا فلينتظروا موعود الله
{وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ
فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}.
مقتطفات من كتيب / هذه النار
تأليف / منصور الراشد