مقدمة في أركان الصلاة
مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
تنقسم أفعال الصلاة وأقوالها إلى ثلاثة أقسام:الأول: ما لا يسقط عمدًا، ولا سهوًا، ولا جهلاً، وهي: الأركان؛ لأن الصلاة لا تتم إلا بها، فشبهت بركن البيت الذي لا يقوم إلا به، وبعضهم سماها فروضًا، والخلاف لفظي.
الثاني: ما تبطل بتركه عمدًا، ويسقط سهوًا وجهلاً، ويجبر بالسجود، وسموه واجبًا اصطلاحًا.
الثالث: ما لا تبطل بتركه ولو عمدًا، وهو السنن[18].
فلو ترك المصلي ركنًا من أركان الصلاة عمدًا بطلت صلاته، بخلاف تركه ناسيًا ففيه تفصيل.
فلو ترك ركنًا وجب تداركه بفعله، ولا يغني عنه السجود؛ لأن حقيقة الصلاة لا توجد بدونه[19].
قال البهوتي -رحمه الله-:ومن ترك ركنًا غير تكبيرة الإحرام سهوًا كركوعٍ، أو سجودٍ، أو رفعٍ من أحدهما، أو طمأنينة فذكره، أي: الركن المتروك بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى غير التي تركه منها: بطلت الركعة التي تركه منها، وقامت التي تليها مقامها؛ لأنه لا يمكنه استدراك المتروك؛ لتلبسه بفرض قراءة الركعة الأخرى، فلغت ركعته[20].
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: لو ترك ركنًا، إما سجدة أو ركوعًا ساهياً، ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها، بطلت الركعة التي ترك الركن منها، وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، نص على هذا أحمد في رواية الجماعة.
قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن رجل صلى ركعة، ثم قام ليصلي أخرى، فذكر أنه إنما سجد للركعة الأولى سجدة واحدة؟
فقال: إن كان أول ما قام قبل أن يحدث عمله للأخرى، فإنه ينحط ويسجد، ويعتد بها، وإن كان أحدث عمله للأخرى، ألغى الأولى، وجعل هذه الأولى.
وقال الشافعي: إذا ذكر الركن المتروك قبل السجود في الثانية، فإنه يعود إلى السجدة الأولى، وإن ذكره بعد سجوده في الثانيةوقعتا عن الأولى؛ لأن الركعة الأولى قد صح فعلها، وما فعله في الثانية سهوًا لا يبطل الأولى، كما لو ذكر قبل القراءة.
وقد ذكر أحمد هذا القول عن الشافعي وقربه، وقال: هو أشبه. يعني من قول أصحاب أبي حنيفة، إلا أنه اختار القول الذي حكاه عنه الأثرم[21].
[1] أخرجه الترمذي في سننه، في كتاب: الصلاة، باب: ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة (2/269)، حديث رقم: (413).
[2] انظر: الصلاة وأحكام تاركها لابن القيم (34)، ط/ مكتبة الثقافة بالمدينة المنورة.
[3] أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر، وما يجهر فيها وما يخافت (1/152)، حديث رقم: (757)، ومسلم في صحيحه، في كتاب: الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وإنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها (1/297)، حديث رقم: (397).
[4] أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب: أحاديث الأنبياء، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴾ [يوسف: 7]، (4/150)، حديث رقم: (3387)، ومسلم في صحيحه في كتاب: الإيمان، بَابُ: زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ (1/33)، حديث رقم: (238).
[5] أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب: الزهد والرقاق (4/2280)، حديث رقم: (2969).
[6] ابن منظور، لسان العرب (13/185، 186)، ط/ دار صادر – بيروت، الطبعة الثالثة 1414 هـ.
[7] انظر: معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس قلعجي وحامد صادق قنيبي (226)، ط/ دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1408 هـ - 1988 م.
[8] ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر (2/260)، ط/ المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م، المعجم الوسيط (1/370، 371)
[9] الكفوي: الكليات (481)، ط/ مؤسسة الرسالة – بيروت.
[10] عبد الكريم النملة: المهذب في علم أصول الفقه المقارن (5/1963)، ط/ مكتبة الرشد – الرياض، الطبعة الأولى،1420 هـ - 1999 م.
[11] الحجاوي: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/132)، تحقيق: عبد اللطيف محمد موسى السبكي، ط/ دار المعرفة بيروت – لبنان.
[12] انظر: الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: للدكتور مُصطفى الخِنْ، والدكتور مُصطفى البُغا، وعلي الشّرْبجي، الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الرابعة، 1413 هـ - 1992 م، ص (1/24).
[13] د. عبدالكريم النملة: المهذب في علم أصول الفقه المقارن (5/1963).
[14] الخطيب الشربيني: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/120)، ط/ دار الفكر - بيروت.
[15] د. وهبه الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (1/722)، ط/ دار الفكر - سوريَّة - دمشق.
[16] انظر: الفقه على المذاهب الأربعة: لعبد الرحمن الجزيري، ط/ دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1424 هـ - 2003 م.
[17] انظر: الفقه على المذاهب الأربعة: لعبد الرحمن الجزيري، ط/ دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الثانية، 1424 هـ - 2003 م.
[18] الرحيباني: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/493)، ط/ المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1415هـ - 1994م.
[19] الخطيب الشربيني: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1/427)، ط/ دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ - 1994م.
[20] البهوتي: شرح منتهى الإرادات (1/226)، ط/ عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م.
[21] ابن قدامة: المغني (2/22، 23)، ط/ مكتبة القاهرة، طبعة 1388هـ - 1968م.
سالم جمال الهنداوي