مقدمة في أركان الصلاة

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
مقدمة في أركان الصلاة

13878079141.gif


13878114503.gif

الحمد لله فالق الحب والنَّوى، وخالق العبد وما نوى، المطَّلع على باطن الضمير وما حوى، بمشيئته رشد من رشد وغوى من غوى، وبإرادته فسد ما فسد واستوى ما استوى، صرف من شاء إلى الهدى وعطَف مَن شاء إلى الهوى.


أحمدُه سبحانه على إحسانه، وأشكرُه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهمَّ صلِّ وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.


أما بعد، فإن أفضل ما قام به العبد في هذه الدنيا أن يتفقه في دين الله - عز وجل - وأن يتدارَس أحكام هذه الشريعة الغراء، وألا يشغله شاغلٌ عن الله - عز وجل - والدار الآخِرة.


وتعلُّمُ فقه الصلاة من أجلِّ أبواب الفقه؛ لأن الصلاة عماد الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتَين، وأول ما يُحاسب عليه العبد من عمله، فإن صلحت فقد أفلح وأنجَح، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ أول ما يُحاسَب به العبدُ يومَ القيامةِ من عمله صلاته، فإن صَلَحَت فقد أفلح وأنجح، وإن فسَدت فقد خاب وخسر))[1] الحديث.

وقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يكتب إلى الآفاق: «إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة»[2].

وهذا الترك يشمل تركها كلية أو ترك بعضها أو تأخيرها عن وقتها، ويشمل أيضًا ترك تعلم أحكامها وفقهها.

وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - السَّلَامَ، قَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ» ثُمَّ قَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا عَلِّمْنِي، قَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا»[3].

فهذا الرجل الذي ما أحسن فقه الصلاة، وصلى صلاة عادية لا يفرق فيها بين ركن وشرط وهيئة، ولم يقم أركانها تامة وافية، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، ثم علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي بأسلوب رحيم يتسم بالحكمة والفقه - صلى الله عليه وسلم.

فما أكثر من يفعل مثل فعل ذلكم الرجل في بلاد الإسلام، فحري بالمسلم أن يتفقه في دينه كله، في العبادات، والمعاملات، وغيرها من الأحكام.

والصلاة في الإسلام لها أركان وشروط وصفة تؤدَّى بها، وسنَتكلَّم فيما يلي عن أركان الصلاة، أعانَنا الله ووفقنا لما فيه خير الدنيا وسعادة الآخِرة.

أولاً: تعريف الركن:
الركن لغة:
ركنُ الشيءِ: جانبه الأقوى، والركن: الناحية القوية، وما تقوى به من ملك وجندٍ وغيره، وبذلك فُسِّر قوله - عز وجل -: ﴿ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ﴾ [الذاريات: 39]، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ ﴾ [الذاريات: 40]؛ أي: أخذْناه وركنه الذي تولى به، والجمعُ أركان وأركن، أنشد سيبويه لرؤبة: وزَحْمُ رُكْنَيْكَ شَدِيدُ الأَرْكُنِ.

وركن الإنسان: قوته وشدَّته، وكذلك ركن الجبلِ والقصر، وهو جانبه، وركن الرجل: قومه وعدده ومادَّته، وفي التنزيل العزيز: ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ [هود: 80]، قال ابن سيده: وأراه على المثل، وقال أبو الهيثم: الركن: العشيرة، والركن: الأمر العظيم، وفي بيت النابغة: لا تَقْذِفَنِّي بِرُكْنٍ لا كِفَاءَ لَهُ.

وقيل في قوله تعالى: ﴿ أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾: إنَّ الركن القوة، ويقال للرجل الكثير العدد: إنه ليأوي إلى ركنٍ شديد، وفلان ركن من أركان قومه؛ أي: شريف من أشرافهم، وهو يأوي إلى ركن شديد؛ أي: عزٍّ ومَنَعة، وفي الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ويرحَمُ الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديد))[4]،أي: إلى الله - عز وجل - الذي هو أشدُّ الأركان وأقواها، وإنما تَرحَّمَ عليه؛ لسهوهِ حين ضاق صدره من قومه حتى قال: ﴿ أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾، أراد عزَّ العشيرة الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط، وجبل ركين: له أركان عالية، وقيل: جبل ركين: شديد، وفي حديث الحساب: ((فيُقالُ لأركانه: انطِقي))[5]، أي: لجوارحه، وأركان كل شيء: جوانبه التي يَستنِد إليها ويقوم بها[6].

والرُّكنُ بضم أوله وسكون ثانيه: جمعه أركان وأركُن، الجانب الأقوى من الشيء، وأركان الكعبة: ملتقى كل جدارين فيها، الركنان: الركن اليماني والركن الأسود من الكعبة المُشرَّفة[7].

تعريف الركن اصطلاحًا: أحد الجوانب التي يستند إليها الشيء ويقوم بها، وجزء من أجزاء حقيقة الشيء، يقال: ركن الصلاة وركن الوضوء[8].

وقال الكفوي: ركن الشيء ما لا وجود لذلك الشيء إلا به، من التقوُّم إذ قوام الشيء بركنه، لا من القيام، وإلا يلزم أن يكون الفاعل ركنًا للفعل، والجسم للعرض، والموصوف للصفة، وهذا باطل بالاتفاق، ويُطلَق على جزء من الماهية، كقولنا: القيام ركن الصلاة[9].

وقيل: هو الداخل في حقيقة الشيء، المحقق لماهيته.

وقيل: هو: ما يتمُّ به الشيء، وهو داخل فيه.

والماهية هي الحقيقة الكلية المعقولة، وقولهم: إن الركن داخل في الماهية، معناه: أنه جزء من مفهومها، يتوقف تعلقها على تعلُّقِه[10].

وقال الحجاوي رحمه الله-: أركان الصلاة: هي ما كان فيها، ولا يسقط عمدًا، ولا سهوًا، ولا جهلاً[11].

ثانيًا الفرق بين الركن والشرط:
أن الركن: هو ما وجب علينا فعله وكان جزءاً من حقيقة الفعل، وذلك مثل قراءة الفاتحة في الصلاة، والركوع، والسجود فيها، فهذه الأمور تسمى أركانًا.

والشرط:
ما وجب فعله، ولكنه ليس جزءًا من حقيقة الفعل، بل هو من مقدماته، وذلك مثل: الوضوء، ودخول وقت الصلاة، واستقبال القبلة، فهذه الأمور كلها خارجة عن حقيقة الصلاة، ومقدمة عليها، ولا بد منها لصحة الصلاة، وتسمى شروطاً[12].

وشرط الشيء: ما يتمُّ به الشيء ويتوقف عليه، لكنه خارج عنه؛ فالركوع مثلاً ركن في الصلاة؛ لأنَّ الصلاة تتوقف عليه مع أنه داخل فيها، والوضوء شرط لها؛ لأنها تتوقَّف عليه أيضًا، لكنه خارج عنها[13].

وقال الخطيب الشربيني-رحمه الله-: والركن كالشرطِ في أنه لا بدَّ منه، ويُفارقه بأن الشرط هو الذي يتقدَّم على الصلاة ويجب استمراره فيها كالطهر والسترِ، والركن ما تشتَمِلُ عليه الصلاة كالركوع والسجود[14].

وقال الدكتور وهبه الزحيلي -حفظه الله-: الشرط في اللغة: فهو العلامة، وفي الشريعة: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان خارجاً عن حقيقته أو ماهيته.

وأما الركن في اللغة: فهو الجانب الأقوى، وفي الاصطلاح: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءًا ذاتيًا تتركب منه الحقيقة أو الماهية.

ويطلق على كل من الشرط والركن وصف الفرضية، فكل منهما فرض؛ لذا عنون بعض الفقهاء لهذا البحث بفروض الصلاة.

والشرطان نوعان: شروط تكليف أو وجوب، وشروط صحة أو أداء، وشروط الوجوب: هي ما يتوقف عليها وجوب الصلاة كالبلوغ عاقلاً، وشروط الصحة: هي ما يتوقف عليها صحة الصلاة كالطهارة[15].

ثالثًا: عدد أركان الصلاة[16]:
الحنفية:
قسموا الركن إلى قسمين: ركن أصلي، وركن زائد.
فالركن الأصلي: هو الذي يسقط عند العجز عن فعله سقوطًا تامًا، بحيث لا يطالب المكلف بالإتيان بشيء بدله، وذلك معنى قولهم: الركن الأصلي ما يسقط عن المكلف عند العجز عن فعله بلا خلف.


أما الركن الزائد فهو: ما يسقط في بعض الحالات، ولو مع القدرة على فعله، وذلك كالقراءة، فإنها عندهم ركن من أركان الصلاة، ومع ذلك فإنها تسقط عن المأموم؛ لأن الشارع نهاه عنها.


فتحصل من ذلك: أن ما يتوقف عليه صحة الصلاة، منه ما هو جزء من أجزائها، وهي الأربعة المذكورة، ويزاد عليه القعود الأخير قدر التشهد، فإنه ركن زائد على الراجح، ومنه ما هو داخل فيها، وليس جزءًا منها، كإيقاع القراءة في القيام، ويقال له: شرط لدوام الصلاة، ومنه ما هو خارج عن الصلاة، ويقال له شرط لصحة الصلاة.


فأركان الصلاة المتفق عليها عندهم أربعة، سواء كانت أصلية، أو زائدة، فالأصلية هي القيام والركوع والسجود، والركن الزائد عندهم هو القراءة فقط، وهذه الأركان الأربعة هي حقيقة الصلاة، بحيث لو ترك الشخص واحدًا منها عند القدرة فإنه لا يكون قد أتى بالصلاة، فلا يقال له: مصل.


وهناك أمور تتوقف عليها صحة الصلاة، ولكنها خارجه عن حقيقة الصلاة، وهذه الأمور تنقسم إلى قسمين:
الأول: ما كان خارج ماهية الصلاة، وهو الطهارة من الحدث والخبث، وستر العورة، واستقبال القبلة، ودخول الوقت، والنية، والتحريمة؛ وهي شرائط لصحة الشروع في الصلاة كغيرها مما سبق.


والثاني: ما كان داخل الصلاة ولكنه ليس من حقيقتها، كإيقاع القراءة في القيام، وكون الركوع بعد القيام، والسجود بعد الركوع، وهذه شرائط لدوام صحة الصلاة، وقد يعبرون عنها بفرائض الصلاة، ويريدون بالفرض الشرط، أما القعود الأخير قدر التشهد فهو فرض بإجماعهم، ولكنهم اختلفوا في هل هو ركن أصلي أو زائد، ورجحوا أنه ركن زائد؛ لأن ماهية الصلاة تتحقق بدونه، إذ لو حلف لا يصلي يحنث بالرفع من السجود، وإن لم يجلس، فتتحقق ماهية الصلاة بدون القعود، وأما الخروج من الصلاة بعمل ما ينافيها من سلام أو كلام أو نحو ذلك من مبطلات الصلاة فقد عده بعضهم من الفرائض، والصحيح أنه ليس بفرض بل هو واجب.


والمالكية قالوا: فرائض الصلاة خمسة عشر فرضًا، وهي: النية، وتكبيرة الإحرام والقيام لها في الفرض دون النفل؛ لأنه يصح الإتيان به من قعود ولو كان المصلي قادرًا على القيام، فتكبيرة الإحرام يصح الإتيان بها من قعود في هذه الحالة، وقراءة الفاتحة، والقيام لها في صلاة الفرائض أيضًا، والركوع والرفع منه، والسجود والرفع منه، والسلام، والجلوس بقدره، والطمأنينة، والاعتدال في كل من الركوع والسجود والرفع منهما، وترتيب الأداء، ونية اقتداء المأموم.


ومن هذا تعلم أن المالكية والحنفية اتفقوا في أربعة من هذه الفرائض، وهي: القيام للقادر عليه، والركوع، والسجود، أما القراءة فإن الحنفية يقولون: إن المفروض هو مجرد القراءة لا قراءة الفاتحة بخوصها، والمالكية يقولون: إن الفرض هو قراءة الفاتحة، فلو ترك الفاتحة عمدًا؛ فإنه لا يكون مصليًا، ووافقهم على ذلك الشافعية، والحنابلة، كما هو موضح في مذهبيهما.


والشافعية: عدوا فرائض الصلاة ثلاثة عشر فرضًا، خمسة فرائض قولية، وثمانية فرائض فعلية.


فالخمسة القولية هي: تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأخير، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتسليمة الأولى.


أما الثمانية الفعلية فهي: النية، والقيام في الفرض القادر عليه، والركوع، والاعتدال منه، والسجود الأول، والثاني، والجلوس بينهما، والجلوس الأخير، والترتيب.


وأما الطمأنينية: فهي شرط محقق للركوع والاعتدال والسجود والجلوس، فهي لا بد منها، وإن كانت ليست ركنًا زائدًا على الراجح.


والحنابلة:
عدوا فرائض الصلاة أربعة عشر، وهي: القيام في الفرض، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع والرفع منه، والاعتدال، والسجود والرفع منه، والجلوس بين السجدتين والتشهد الأخير، والجلوس له وللتسليمتين، والطمأنينة في كل ركن فعلي، وترتيب الفرائض، والتسليمتان[17].

رابعًا: الحكم لو ترك ركنًا من أركان الصلاة عمدًا أو سهوًا:
تنقسم أفعال الصلاة وأقوالها إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما لا يسقط عمدًا، ولا سهوًا، ولا جهلاً، وهي: الأركان؛ لأن الصلاة لا تتم إلا بها، فشبهت بركن البيت الذي لا يقوم إلا به، وبعضهم سماها فروضًا، والخلاف لفظي.


الثاني: ما تبطل بتركه عمدًا، ويسقط سهوًا وجهلاً، ويجبر بالسجود، وسموه واجبًا اصطلاحًا.


الثالث: ما لا تبطل بتركه ولو عمدًا، وهو السنن[18].

فلو ترك المصلي ركنًا من أركان الصلاة عمدًا بطلت صلاته، بخلاف تركه ناسيًا ففيه تفصيل.

فلو ترك ركنًا وجب تداركه بفعله، ولا يغني عنه السجود؛ لأن حقيقة الصلاة لا توجد بدونه[19].

قال البهوتي -رحمه الله-:ومن ترك ركنًا غير تكبيرة الإحرام سهوًا كركوعٍ، أو سجودٍ، أو رفعٍ من أحدهما، أو طمأنينة فذكره، أي: الركن المتروك بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى غير التي تركه منها: بطلت الركعة التي تركه منها، وقامت التي تليها مقامها؛ لأنه لا يمكنه استدراك المتروك؛ لتلبسه بفرض قراءة الركعة الأخرى، فلغت ركعته[20].

وقال ابن قدامة -رحمه الله-: لو ترك ركنًا، إما سجدة أو ركوعًا ساهياً، ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها، بطلت الركعة التي ترك الركن منها، وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، نص على هذا أحمد في رواية الجماعة.


قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن رجل صلى ركعة، ثم قام ليصلي أخرى، فذكر أنه إنما سجد للركعة الأولى سجدة واحدة؟


فقال: إن كان أول ما قام قبل أن يحدث عمله للأخرى، فإنه ينحط ويسجد، ويعتد بها، وإن كان أحدث عمله للأخرى، ألغى الأولى، وجعل هذه الأولى.


وقال الشافعي: إذا ذكر الركن المتروك قبل السجود في الثانية، فإنه يعود إلى السجدة الأولى، وإن ذكره بعد سجوده في الثانيةوقعتا عن الأولى؛ لأن الركعة الأولى قد صح فعلها، وما فعله في الثانية سهوًا لا يبطل الأولى، كما لو ذكر قبل القراءة.


وقد ذكر أحمد هذا القول عن الشافعي وقربه، وقال: هو أشبه. يعني من قول أصحاب أبي حنيفة، إلا أنه اختار القول الذي حكاه عنه الأثرم[21].

[1] أخرجه الترمذي في سننه، في كتاب: الصلاة، باب: ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة (2/269)، حديث رقم: (413).

[2] انظر: الصلاة وأحكام تاركها لابن القيم (34)، ط/ مكتبة الثقافة بالمدينة المنورة.

[3] أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر، وما يجهر فيها وما يخافت (1/152)، حديث رقم: (757)، ومسلم في صحيحه، في كتاب: الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وإنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها (1/297)، حديث رقم: (397).

[4] أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب: أحاديث الأنبياء، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴾ [يوسف: 7]، (4/150)، حديث رقم: (3387)، ومسلم في صحيحه في كتاب: الإيمان، بَابُ: زِيَادَةِ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ (1/33)، حديث رقم: (238).

[5] أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب: الزهد والرقاق (4/2280)، حديث رقم: (2969).

[6] ابن منظور، لسان العرب (13/185، 186)، ط/ دار صادر – بيروت، الطبعة الثالثة 1414 هـ.

[7] انظر: معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس قلعجي وحامد صادق قنيبي (226)، ط/ دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1408 هـ - 1988 م.

[8] ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر (2/260)، ط/ المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م، المعجم الوسيط (1/370، 371)

[9] الكفوي: الكليات (481)، ط/ مؤسسة الرسالة – بيروت.

[10] عبد الكريم النملة: المهذب في علم أصول الفقه المقارن (5/1963)، ط/ مكتبة الرشد – الرياض، الطبعة الأولى،1420 هـ - 1999 م.

[11] الحجاوي: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/132)، تحقيق: عبد اللطيف محمد موسى السبكي، ط/ دار المعرفة بيروت – لبنان.

[12] انظر: الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: للدكتور مُصطفى الخِنْ، والدكتور مُصطفى البُغا، وعلي الشّرْبجي، الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الرابعة، 1413 هـ - 1992 م، ص (1/24).

[13] د. عبدالكريم النملة: المهذب في علم أصول الفقه المقارن (5/1963).

[14] الخطيب الشربيني: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/120)، ط/ دار الفكر - بيروت.

[15] د. وهبه الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (1/722)، ط/ دار الفكر - سوريَّة - دمشق.

[16] انظر: الفقه على المذاهب الأربعة: لعبد الرحمن الجزيري، ط/ دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1424 هـ - 2003 م.

[17] انظر: الفقه على المذاهب الأربعة: لعبد الرحمن الجزيري، ط/ دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة الثانية، 1424 هـ - 2003 م.

[18] الرحيباني: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/493)، ط/ المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1415هـ - 1994م.

[19] الخطيب الشربيني: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1/427)، ط/ دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ - 1994م.

[20] البهوتي: شرح منتهى الإرادات (1/226)، ط/ عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م.

[21] ابن قدامة: المغني (2/22، 23)، ط/ مكتبة القاهرة، طبعة 1388هـ - 1968م.



سالم جمال الهنداوي
كتبت : سنبلة الخير .
-
جَزآك رَب ألعِبَآدْ خٍيُرٍ آلجزآء وَثَقلَ بِه مَوَآزينك
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ آلتًقُوِىَ وً آلغفرآنَ
وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله
وً عٍمرً آلله قًلٍبًكَ بآلآيمٍآنَ وَ أغمَركْ بِ فَرحةٍ دَآئِمة
علًىَ طرٍحًكْ آلًمَحِمًلٍ

كتبت : ام ناصر**
-
جَزْاك الله خَير الجًزاء

كُل الشُكْر والتَقْدِير لَك
ولطَرْحِك القَيْم ..
احترامي وَتقْديرْي
كتبت : * أم أحمد *
-
جزآك الله خير وجعله المولى في موآزين حسناتك.
كل الشكر لك على هذا الطرح الأكثر من رائع
في إنتظآر جديدك المميزوالرائع والجميل
دُمْت بــِ طآعَة الله ..
كتبت : دندوونه
-
جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ

كتبت : أم رائد
-
أختي في الله
اللهم حرم وجهها عن النار بسعي إلى رضاك
واجتناب معصيتك وطهر قلبها بذكرك ويسر أمرها لنيل مغفرتك
واجمعها بمن تحب في مستقر رحمتك

وجميع المسلمين ..

اللهم آمين

الصفحات 1 2 

التالي

مواقيت الصلاة

السابق

فوائد الصلاة لابن القيم

كلمات ذات علاقة
أركان , مقدمة , الصلاة