قبول العمل - أهميته - أسبابه وعلاماته

مجتمع رجيم / رمضان
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
قبول العمل - أهميته - أسبابه وعلاماته
وعلاماته 14038351335.gif

تقبل الله منا ومنكم".. أيام قلائل ويعطر هذا الدعاء الآفاق، ويملأ الأجواء.. إنه شعار المسلمين وتحيتهم في أيام عيدهم.. وإن دل ترديد المسلمين هذا الدعاء.. عقب فريضتين من فرائض الإسلام (الصيام والحج).
إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية قبول العمل.. وليس هذا بغريب.. إن قبول العمل هو غاية كل مسلم وهو أساس الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. وللقبول أسباب ودواعٍ حري بكل مسلم أن يحرص عليها، وما أجمل أن يكون دعاؤه دائماً: ربنا تقبل منا إنك السمع العليم.. وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

وعلاماته 14038354352.gif



أولاً: أهمية القبول:
معلوم أن الزارع يزرع ليحصد، وأن الطالب يذاكر لينجح، فماذا سيكون الحال إذا ذهب الزارع إلى حقله فإذا هو خراب يباب؟!
ماذا سيكون شعوره حينئذ؟!
إنه سيحزن حزنا شديداً، بل ربما ذهب عقله من شدة المفاجأة ووقع البلاء، وهكذا يكون شعور الطالب إذا ذاكر واجتهد وسهر، ثم إذا به آخر العام يجد نفسه ويطالع اسمه في كشوف الراسبين! ويصور الحق جل وعلا ذلك تصويراً جلياً في قوله - تعالى -:( وقدمنا إلى" ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) (سورة الفرقان:23).
وقد ورد في الأثر أن سيدنا سليمان - عليه السلام - ركب الريح ذات يوم، ومر بحراث يحرث أرضه، فلما رآه الرجل قال: لقد أوتي آل داود ملكاً عظيماً، فنزل سليمان - عليه السلام - عن بساطه وقال: "يا عبد الله، لتسبيحة واحدة يقبلها الله - عز وجل - خير من الدنيا، وما فيها"!.
وورد في الأثر أن أبا الدرداء - رضي الله عنه - قال: "لو علمت أن الله - جل وعلا - يقبل مني ركعتين لكنت من أسعد الناس"، إن الله - تعالى - يقول: "إنما يتقبل الله من المتقين" (المائدة:27).



ثانياً: أسباب القبول:
هناك عدة أسباب للقبول، وردت بشكل غير مباشر في كتاب الله - تعالى - وفي سنة الحبيب - صلى الله عليه و سلم - وكذلك في أقوال السلف الصالح - رضي الله عنهم أجمعين -، ويمكن تلخيصها في الآتي:
1. الإسلام: فقد قال الله - تعالى - في كتابه الكريم: ("ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين") (آل عمران 85).

وعلى هذا فإن الكفر من موانع القبول.
قال – تعالى -: ("إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين" ) (آل عمران (90،91).



2. الإخلاص: أما الشرط الثاني من شروط القبول فهو الإخلاص: فالله - عز وجل - هو أغنى الأغنياء عن الشرك، ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، قال – تعالى -:( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) (الكهف: 110). وهناك آيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، كما أن سنة المصطفى – صلى الله عليه وسلم - أكدت هذا المعنى في مواضع عديدة، منها الحديث القدسي: "أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه". رواه مسلم.


وهذه السيدة "حنة بنت فاقوذا" أم السيدة مريم عليها - رضوان الله تعالى - قالت: ("رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم)" (آل عمران 35)، ومعنى "محرراً"؛ أي: خالصاً لوجهك الكريم، ومنقطعاً لخدمة بيتك المقدس، فماذا كان جزاؤها؟ قال – سبحانه -:( فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا )، كان جزاء إخلاصها أن تقبل الله - تعالى - نذرها.
وعلى هذا فإن الشرك مُذهب للأجر، محبط للعمل، قال الله - تعالى - مخاطباً رسوله – صلى الله عليه و سلم -: ("ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين") (الزمر 65).
وفي حديث الثلاثة الذين سدت عليهم الصخرة باب الغار، تقرب كل واحد منهم إلى الله - تعالى - بقربة، وكان يقول في آخر دعائه: "اللهم إن كنت فعلت هذا ابتغاء وجهك الكريم فافرج عنا ما نحن فيه"، فلما علم الله صدقهم وإخلاصهم فرج عنهم كربهم وقبل دعوتهم، وأخرجهم من الغار سالمين.
يقول ابن القيم - رحمه الله -: "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه" (الفوائد ص44)، وهكذا فإن ثاني شروط القبول هو الإخلاص لله رب العالمين.



3. اتباع سنة النبي – صلى الله عليه وسلم: الذي يأمره الله - تعالى - في كتابه الكريم بأن يقول: ("إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم") (آل عمران 31)، فاتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم - من أسباب حب الله للعبد، ومن ثم قبول عمله وغفران ذنوبه، وهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم، ومعنى رد: أي مردود على صاحبه، غير مقبول.

4. تقوى الله: يقول الله - تعالى -:( "إنما يتقبل الله من المتقين" )(المائدة 27)
وأسلوب القَصر المستخدم في هذه الآية الكريمة يدل على أن الله - تعالى - لا يتقبل عملاً إلا من عباده المتقين الذين يطيعونه وفي الوقت ذاته يخشونه ويخافون عذابه.

5. بر الوالدين: ويبدو هذا جلياًَ في قوله تعالي في سورة الأحقاف: ("ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين") (الأحقاف 15) حيث يقول الله – تعالى - بعدها: ("أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون" )(الأحقاف 16)، فقد بين الله – تعالى - أنه يتقبل عمل أولئك الذين توافرت فيهم تلك الصفات التي سبقت الإشارة إليها في الآية السابقة، ويأتي على رأسها بر الوالدين والدعاء لهما.



6. مراعاة الوقت والأهمية: أو بالأدق مراعاة الأولويات؛ بمعنى أداء العمل الأهم فالمهم فالأقل أهمية. ويبدو هذا جلياً في قول سيدنا أبي بكر موصياً سيدنا عمر - رضي الله عنهما -: "اتق الله، واعلم أن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وعملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وأن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدَّى الفريضة".

7. صلاح هذا العمل: قال – تعالى -:( "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه") (فاطر10). ويرفعه أي يقبله.

8 عدم المن أو الإعجاب بالعمل: وهو أمر أدق من الإخلاص وأخفى، ويسميه ابن القيم - رحمه الله-: "عدم شهود المنة"، قائلاً: "أنفع العمل أن تغيب عن الناس بالإخلاص، وعن نفسك بشهود المنة".
وقريب من هذا أن المصلي يقول بعد فراغه من الصلاة: "أستغفر الله"؛ حتى لا يعجب بصلاته، بل إنه يحس بتقصيره، وأنه لم يوفها حقها.

علامات قبول العمل:ومن - رحمة الله تعالى - بأمة نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم - أنه أخفى عنها كثيراً من علامات القبول، بل ربما كلها حتى لا يفخر أحد بعمله، ولذلك في قوله - تعالى -:( "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين") (المائدة 27)
نجد أن الفعل "تُقبل" جاء مبنياً لما لم يسمَّ فاعله وهو الله - تعالى - مما يؤكد أن القبول أمر غيبي، لا يستطيع أحد أن يجزم به، وأنه بيد الله - تعالى - وحده، وفي هذا رحمة وخير للعبد؛ حتى يظل جامعاً بين الخوف والرجاء معاً.
وقد كان من علامات القبول في الأمم السابقة أن تنزل نار من السماء مثلاً فتأخذ القربان علامةً على قبوله، أما بالنسبة لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم - فإنه يمكن استنباط بعض علامات القبول، ومنها:
وعلاماته 14038354352.gif



1. استجابة الدعاء: إذا كان هذا العمل دعاءً كما سبقت الإشارة، في حديث الثلاثة الذين سدت عليهم الصخرة باب الغار.
2. حب الناس للعبد وقبولهم له: ففي حديث قدسي: "إن الله - تعالى - إذا أحب فلاناً ًأمر جبريل - عليه السلام - بأن ينادي في أهل السماء: يا أهل السماء، إن الله - تعالى - يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض"، رواه مسلم. وما دام هذا العبد قد حظي بالقبول، فما من شك أن الله - تعالى - قابلٌ عمله، بفضله ومنّه - جل وعلا -.
3. التوفيق لعمل صالح بعده: من علامات قبول العمل ما جاء في الأثر، أن الله - تعالى - إذا قبل عمل عبد من عباده، وفقه إلى عمل صالح بعده. ويبدو هذا جلياً في عبادة الحج، يقول الحسن - رضي الله عنه -: "من علامات قبول الحج، أن يعود الحاج زاهداً في الدنيا مقبلاً على الآخرة".
4. المداومة على هذا العمل: إذ ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، وما دام العمل لله فإن الله - جل وعلا - سيقبله برحمته. يقول – تعالى -: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون" (الشورى 25).
5. الرضا بحكم الله وأوامره: وقضائه وقدره: يقول - جل شأنه - عن عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات: "جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه" (البينة:8) ومن رضي الله عنه قبل عمله القليل وبارك فيه وجزاه عنه الكثير.
نسأل الله - تعالى - أن يتقبل منا ومنكم صالح أعمالنا وأن يتجاوز عن سيئاتنا.. إنه نعم المولى ونعم النصير.



كاتبه محمد الصادق عبد المنعم



وعلاماته 14038351331.gif


كتبت : دكتورة سامية
-
أختي الغالية
بارك الله بكِ
اللهم جازها على ما كتبت خير الجزاء
وأجزل لها العطاء وبدل السيئة حسنة والمعصية طاعة
وفقرها غنًا وحزنها فرحًا وضيقها فرجًا
وأنزلها منازل الصديقين والشهداء
واجمعها في الجنة مع من تحب و تشاء
وجميع المسلمين
وصلِ اللهُ على سيِّدِنا مُحمَّد وَعلى آلِهِ وصحبه وَسلّم
دمـتِ برعـاية الله وحفـظه

التالي

التأثير الرمضاني

السابق

سؤال رجيم الرمضاني السادس والعشرون

كلمات ذات علاقة
أسبابه , أهميته , العلم , وعلاماته , قبول