كيف نجعل عامنا رمضان
كيف نجعل عامنا رمضان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آلهِ وصحابته أجمعين. أما بعد: فليس بدعًا من القول أنّ شهر رمضان وما حفَّه الله به من الفضائل والمكارم - لا يعادله غيره من الأشهر؛ فهو شهر عظيم مبارك، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، بذلك وردت النصوصالمتكاثرة من الكتاب والسنة.
والمؤمن يعشق هذه الأجواء الرمضانية؛ فالشياطين مسلسلة ومغلغلة، وخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقيام لياليه لذة ما بعدها لذة، والدعوات فيه مستجابات، وهو أمر لا يختلف فيه ذو لبٍّ وصاحب دراية في السنة النبوية المطهَّرة؛ ولأجل ذلك تطمع النفس المطمئنة أن تنغمس في هذه النفحات على الدوام والاستمرار، والذي يتمعَّن في النصوص النبوية يلمح أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت بعين الرعاية - وهو الذي لا ينطق عن الهوى - إلى هذا الجانب المهم؛ فسنَّ لأمته أنواعًا من العبادات بإذن ربه؛ ليسدَّ عنها هذا الشوق الدافق لهذه المعاني السامية:
صوم نهار رمضان، وقيام ليله، والحصن الحصين من الشيطان وإغوائه، فمن أراد الصوم على مدار العام، فعليه بصوم ست من شوال، أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر - الأيام البيض - وهي يوم الثالث والرابع والخامس عشر من الشهر الهجري.
فعن أبي أيوب، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((
من صام رمضان، ثم أتْبَعه بست من شوال، فكأنما صام الدهر))[1].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام"[2]. فالنص الأول صريح بأنَّ صيام ستَّة أيام من شوَّال مع صيام رمضان تعدِل عند الله صيام الدهر كلِّه؛ فالحسنة بعشر أمثالها، واليوم بعشرة أيام، فالمعادلة معروفة، وهي من كرم الله على هذه الأمة. وكذلك بالنسبة لصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهي تعدل الشهر كلَّه، فإذا تكرر له ذلك، تحصل له أجر صوم العام كله، والله أعلم بالصواب. وأما القيام الذي سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته؛ ليُكمل به صيام نهار رمضان؛ ليجمع بين الفضلين؛ ليَخرجَ من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه؛ فقد صح عنه صلوات ربي وسلامه عليه فيما يرويه النضر بن شيبان، قال: قلت لأبي سلمة بن عبدالرحمن: حدِّثني بشيء سمعته من أبيك، سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بين أبيك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد في شهر رمضان، قال: نعم، حدثني أبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((