الدرس الثاني / الخوف

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : بحر الجود
-

باب الخــــوف


من مادة خ و ف التي تدل على الذعر والفزع في اللغة العربية، خفت الشيء خوفاً وخيفة وخوّف الرجل جعل الناس يخافونه
(( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه))
أي يجعلكم تخافون أولياءه
أي يخوّفكم بأوليائه.
والخوف توقع مكروه لعلامة مظنونة
أو معلومة، وهو ضد الأمن
ويستعمل في الأمور الدنيوية
أو الآخروية فهو توقع حلول مكروه
أو فوات محبوب،اضطراب القلب وحركته أو فزعه من مكروه يناله
أو محبوب يفوته.
قال ابن قدامة
اعلم أن الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال ..
والخشية أخص من الخوف
فإن الخشية للعلماء بالله
(( إنما يخشى الله من عباده العلماء))
خوفاً مقروناً بمعرفة ..
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية))
فالخوف لعامة المؤمنين
والخشية للعلماء والعارفين
وعلى حسب قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية..
فصاحب الخوف يلجأ إلى الهرب وصاحب الخشية يلجأ إلى الاعتصام بالعلم...

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -
(( الخشية خوف مبني على العلم بعظمة من يخشى وكمال سلطانه))..

فإذا خفت من شخص لا تدري هل يقدر عليك أم لا فهذا خوف وإذا خفت من شخص تعلم أنه قادر عليك فهذه خشية..



وقد ورد الخوف في القرآن على وجوه منها..



1-القتل والهزيمة :
((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف))
(( ولنبلونكم بشيء من الخوف )).
2-الحرب والقتال:
(( فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد)) إذا انجلت الحرب
(( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت)).
3-العلم والدراية
((فمن خاف من موصٍ جنفاً))
أي علم
((إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله )) أي يعلما..
((وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى)) أي علمتم.
4-النّقْص: ((أو يأخذهم على تخوّف)).
5-الرعب والخشية من العذاب والعقوبة : (( يدعون ربهم خوفاً)).
قال ابن قدامة
(( اعلم بأن الخوف سوط الله يسوق الله به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل لينالوا بهما رتبة القرب من الله عزوجل، والخوف سراج القلوب به يبصر ما فيه من الخير والشر))..


وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله عزوجل فإنك إذا خفته هربت إليه فالخائف هارب من ربه إلى ربه فأين المفر..؟!!!
وما فارق الخوف قلباً إلا خربه فإذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات فيها وطرد الدنيا عنها..
والخوف ليس مقصوداً لذاته
ليس المقصود أن نخاف لأجل أن نخاف بل نخاف ليكون الخوف وسيلة تصلح أحوالنا.
لو كان الخوف مقصوداً لذاته لما ذهب عن أهل الجنة!!
لكن لما كان دخول أهل الجنة الجنّة مهياً القضية وما هو مطلوب منهم وليس فيها عمل ولا اجتهاد في العبادات ومقاومة للهوى والشهوات كان الخوف من أهلها ذاهب
(( لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)).
ومن خاف اليوم أمِنَ غداً.. ومن أمِن اليوم خاف غداً.
والخوف يتعلق بالأفعال ، والمحبة تتعلق بالذات والصفات، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم ولا يلحقهم فيها خوف
وكرر الله سبحانه وتعالى ذكر النار وما أعده الله فيها لأعدائه من العذاب والنكال وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال إلى غير ذلك مما فيه من العظائم والأهوال
ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه وامتثال والمسارعة إلى ما يأمر به ويحبه ويرضاه واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه


الخوف منازل ودرجات


القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم فإن زاد على ذلك، بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والكف عن دقائق الكروهات (يعني فعل المستحبات وترك المكروه والشبهة)
كان ذلك خوفاً محموداً فإن تزايد الخوف بحيث أدّى إلى مرض أو موت أو همٍّ لازم أو قعود عن العمل بحيث يقطع السعي عن اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل لم يكن خوفاً محموداً.
بعض الناس من شدة خوفهم من العذاب والنار يصابون باليأس والاحباط والقعود عن العمل ويقولون لا فائدة!!.. ليس هذا هو المطلوب ..وهذه الزيادة مذمومة..
الخوف المطلوب
الذي يحمل على فعل المستحبات وفعل الواجبات قبلها وعلى ترك الشبهات والمكروهات وترك المحرمات قبلها
وهناك خوف ضعيف أقل من هذا
لا يؤدي إلى ترك المحرمات كلها
أو فعل الواجبات كلها فهو خوف ناقص..
ذكر البخاري في قوله
(باب الخوف من الله عز وجل ).
قال ابن حجر
هو من المقامات العليّة وهو من لوازم الإيمان
قال الله تعالى
((وخافونِ إن كنتم مؤمنين))
(( فلا تخشوهم واخشونِ))
((إنما يخشى الله من عباده العلماء))
وتقدم حديث
(( أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية ))
وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشية ممن دونه وقد وصف الله الملائكة بقوله
(( يخافون ربهم من فوقهم ))
والأنبياء بقوله
(( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله ))
وإنما كان خوف المقربين أشد لأنهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم فيراعون تلك المنزلة ولأن الواجب لله منه الشكر على المنزلة فيضاعف بالنسبة لعلو تلك المنزلة..
فالعبد إن كان مستقيماً فمن أي شيء يخاف؟!!
فخوفه من سوء العاقبة لقوله تعالى

: (( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه))

وكذلك يخاف من نقصان الدرجة..
وإن كان مائلاً منحرفاً وعاصياً فخوفه من سوء فعله و ينفعه ذلك مع الندم والإقلاع..
متى ينفع الخوف؟
ينفع مع الندم والإقلاع، فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية والتصديق بالوعيد أو أن يحرم التوبة أو لا يكون ممن شاء الله أن لا يغفر له.


ماحكم الخوف من الله؟


الخوف من الله واجب، وهو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد كم قال ابن القيم، إذاً يجب الخوف من الله ومن لا يخف فهو آثم.
قال ابن الوزير:
(( أنا الأمان فلا سبيل إليه ، وهو شعار الصالحين)).


أدلة وجوب الخوف


1- ((إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين))
قال ابن سعدي –رحمه الله-
(( وفي هذه الآية وجوب الخوف من الله وحده وأنه من لوازم الإيمان فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفهم من الله)).
2- (( وإياي فارهبون))
، والأمر يقتضي الوجوب.
3- (( فلا تخشوا الناس واخشون)).
4-إن الله امتدح أهل الخوف ، فقال: (( الذين هم من خشية ربهم مشفقون..))
((أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)).
5-والتخويف من عذاب الله أحد مهمات الرسل
(( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين))
والإنذار هو الإعلام بالشيء الذي يخيف
وقد وصف الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه نذير في مواضع كثيرة..
-جمع قومه على الصفا وقال إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد
(أنا النذير العريان
- (وقل إني أنا النذير المبين).
- (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين).
-كان من أوائل أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإنذار
(يا أيها المدثر قم فأنذر)
وقد وصف الله العذاب في كتابه في عدة مواضع لتحقيق الخوف في نفوس عباده ليتقوه
كما قال تعالى
((لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادِ فاتقون)).
قال ابن كثير:
( يخوف الله عباده)
إنما يقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوّف به عباده.
قال : لينزجروا عن المحارم والمآثم.
(يا عبادِ فاتقون)
أي اخشوا بأسي وسطوتي وعذابي ونقمتي.
وبين سبحانه أن مايرسله من الآيات لتصديق الأنبياء عليهم السلام كناقة صالح إنما يرسله من أجل التخويف

(( وآتينا ثموداً ناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)).

كذلك الآيات الكونية كالخسوف والكسوف وغيرها.
وكذلك قال الله في البرق والرعد: ((هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب الثقال)).


يتبع غداً أن شاء الله
[/frame]
كتبت : سنبلة الخير .
-
على هذآ الطرح

رائعه كما أنتي أختي

وتقـديـري لشخصكـ
تحيـ لگ ـاتي
كتبت : ياحبي لي
-
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
طرح ولا اروع واختيار للموضوع موفق ان شاء الله
الله يجزاك خير ويعطيك العافيه ..
ونحن في انتظار التكمله بارك الله فيك ..
كتبت : بحر الجود
-
[align=center][/align]
كتبت : remmoo
-
جزاك الله خير الجزاء
كتبت : بحر الجود
-
الصفحات 1 2  3 

التالي

فقط في خمس دقائق احصل على أجر لا ينقطع عنك الى يوم القيامة!!!

السابق

كيف نتعلم الصبر

كلمات ذات علاقة
الثاني , الحرص , الخوف