شرح حديث ( أضحك الله سنك ...)
مجتمع رجيم / الحديث الشريف وتفسيره
قال استأذن عمر بن الخطاب
قوله : ( أنت أفظ وأغلظ )
بالمعجمتين بصيغة أفعل التفضيل من الفظاظة والغلظة
وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل
ويعارضه قوله تعالى
(ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)
فإنه يقتضي أنه لم يكن فظا
ولا غليظا
والجواب
أن الذي في الآية الكريمة
يقتضي نفي وجود ذلك له
صفة لازمة
فلا يستلزم ما في الحديث ذلك
بل مجرد وجود الصفة له
في بعض الأحوال
وهو عند إنكار المنكر مثلا
والله أعلم .
وجوز بعضهم أن الأفظ هنا
بمعن ىالفظ
وفيه نظر للتصريح بالترجيح المقتضي لحمل أفعل على بابه
وكان النبي
صلى الله عليه وسلم
لا يواجه أحدا بما يكره
إلا في حق من حقوق الله
وكان عمر رضي الله عنه
يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقا وطلب المندوبات
فلهذا قال النسوة له ذلك .
قوله : (إيها ابن الخطاب )
قال أهل اللغة
" إيها " بالفتح والتنوين
معناها لا تبتدئنابحديث
وبغير تنوين كف من حديث عهدناه ,
و " إيه " بالكسر والتنوين
معناها حدثناما شئت
وبغير التنوين زدنا مما حدثتنا .
ووقع في روايتنا بالنصب والتنوين .
وحكى ابن التين
أنه وقع له بغير تنوين
وقال معناه كف عن لومهن
وقال الطيبي :
الأمربتوقير رسول الله
صلى الله عليه وسلم
مطلوب لذاته تحمد الزيادة منه
فكأن قوله
صلى الله عليه وسلم
" إيه " استزادة منه في طلب توقيره وتعظيم جانبه
ولذلك عقبه بقوله
" والذي نفسي بيده إلخ "
فإنه يشعر بأنه رضي مقالته
وحمد فعاله
والله أعلم .
قوله : ( فجا ) أي طريقا واسعا
وقوله " قط " تأكيد للنفي .
قوله : ( إلاسلك فجا غير فجك )
فيه فضيلة عظيمة لعمر تقتضي
أن الشيطان لا سبيل له عليه
لاأن ذلك يقتضي وجود العصمة
إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها
ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته .
فإن قيل عدم تسليطه عليه بالوسوسة يؤخذ بطريق
مفهوم الموافقة
لأنه إذا منع من السلوك في طريق فأولى أن لا يلابسه بحيث يتمكن من وسوسته له فيمكن أن يكون حفظ من الشيطان
ولا يلزم من ذلك ثبوت العصمة له لأنها في حق النبي واجبة
وفي حق غيره ممكنة
ووقع في حديث حفصة
عندالطبراني في " الأوسط "
بلفظ
" إن الشيطان لا يلقى عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه "
وهذا دال على صلابته في الدين , واستمرار حاله على الجد الصرف والحق المحض
وقال النووي :
هذا الحديث محمول على ظاهره وأن الشيطان يهرب إذا رآه
وقال عياض :
يحتمل أن يكون ذاك على سبيل ضرب المثل
وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك طريقالسداد
فخالف كل ما يحبه الشيطان
والأول أولى