كمال اللذة في كمال المحبوب وكمال المحبة

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : || (أفنان) l|
-
fkah-2.png



كمال اللذة في كمال المحبوب وكمال المحبة


وهذا أمر عظيم يجب على اللبيب الاعتناء به ، وهو أن كمال اللذة والفرح والسرور ونعيم القلب وابتهاج الروح تابع


لأمرين :

أحدهما : كمال المحبوب في نفسه وجماله ، وأنه أولى بإيثار المحبة من كل ما سواه .

والأمر الثاني : كمال محبته ، واستفراغ الوسع في حبه ، وإيثار قربه والوصول إليه على كل شيء .



232254v.gif



وكل عاقل يعلم أن اللذة بحصول المحبوب بحسب قوة محبته ، فكلما كانت المحبة أقوى كانت لذة المحب أكمل ، فلذة العبد من اشتد ظمؤه بإدراك الماء الزلال ، ومن اشتد جوعه بأكل الطعام الشهي ، ونظائر ذلك على حسب شوقه وشدة إرادته ومحبته .

وإذا عرفت هذا ، فاللذة والسرور والفرح أمر مطلوب في نفسه ، بل هو مقصود كل حي وعاقل ، إذا كانت اللذة مطلوبة لنفسها فهي تذم إذا أعقبت ألما أعظم منها ، أو منعت لذة خيرا منها وأجل ،
فكيف إذا أعقبت أعظم الحسرات ، وفوتت أعظم اللذات [ ص: 232 ] والمسرات ؟

وتحمد إذا أعانت على لذة عظيمة دائمة مستقرة لا تنغيص فيها ولا نكد بوجه ما ،
وهي لذة الآخرة ونعيمها وطيب العيش فيها
قال تعالى : بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى [ سورة الأعلى : 16 - 17 ] .


وقال السحرة لفرعون لما آمنوا :

فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى [ سورة طه : 72 - 73 ] .


232254v.gif

والله سبحانه وتعالى خلق الخلق لينيلهم هذه اللذة الدائمة في دار الخلد ، وأما الدنيا فمنقطعة ، ولذاتها لا تصفو أبدا ولا تدوم ، بخلاف الآخرة ، فإن لذاتها دائمة ، ونعيمها خالص من كل كدر وألم ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مع الخلود أبدا ، ولا تعلم نفس ما أخفى الله لعباده فيها من قرة أعين ، بل فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ،
ولا خطر على قلب بشر ،


وهذا المعنى الذي قصده الناصح لقومه :

(ياقوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار)
[ سورة غافر : 38 - 39 ] .

فأخبرهم أن الدنيا يستمتع بها إلى غيرها ، وأن الآخرة هي المستقر .

وإذا عرفت أن لذات الدنيا ونعيمها متاع ، ووسيلة إلى لذات الآخرة ، ولذلك خلقت الدنيا ولذاتها ، فكل لذة أعانت على لذة الآخرة وأوصلت إليها لم يذم تناولها ، بل يحمد بحسب إيصالها إلى لذة الآخرة .

رؤية الله

إذا عرف هذا فأعظم نعيم الآخرة ولذاتها : هو النظر إلى وجه الرب جل جلاله ، وسماع كلامه منه ، والقرب منه ،



كما ثبت في الصحيح في حديث الرؤية :

(فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه )

وفي حديث آخر :
( إنه إذا تجلى لهم ورأوه ؛ نسوا ما هم فيه من النعيم ).

[ ص: 233 ]

وفي النسائي ومسند الإمام أحمد عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -
عن النبي - sala.gif - في دعائه :

( وأسألك اللهم لذة النظر إلى وجهك الكريم ، والشوق إلى لقائك )


وفي كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد مرفوعا :
( كأن الناس يوم القيامة لم يسمعوا القرآن ، إذا سمعوه من الرحمن فكأنهم لم يسمعوا قبل ذلك ).


وإذا عرف هذا ، فأعظم الأسباب التي تحصل هذه اللذة هو أعظم لذات الدنيا على الإطلاق


232254v.gif


، وهي لذة معرفته سبحانه ، ولذة محبته ، فإن ذلك هو جنة الدنيا ونعيمها العالي ،

ونسبة لذاتها الفانية إليه كتفلة في بحر ، فإن الروح والقلب والبدن إنما خلق لذلك ، فأطيب ما في الدنيا معرفته ومحبته وألذ ما في الجنة رؤيته ومشاهدته ، فمحبته ومعرفته قرة العيون ، ولذة الأرواح ، وبهجة القلوب ، ونعيم الدنيا وسرورها ، بل لذات الدنيا القاطعة عن ذلك تتقلب آلاما وعذابا ،
ويبقى صاحبها في المعيشة الضنك ، فليست الحياة الطيبة إلا بالله .


232254v.gif


وكان بعض المحبين تمر به أوقات فيقول :
إن كان أهل الجنة في نعيم مثل هذا إنهم لفي عيش طيب ، وقد تقدم ذلك ،

وكان غيره يقول : لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف .

وإذا كان صاحب المحبة الباطلة التي هي عذاب على قلب المحب ،

يقول في حاله :


وما الناس إلا العاشقون ذوو الهوى فلا خير فيمن لا يحب ويعشق


ويقول غيره :


أف للدنيا إذا ما لم يكن صاحب الدنيا محبا أو حبيبا


ويقول آخر :


ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها وأنت وحيد مفرد غير عاشق


ويقول الآخر :


اسكن إلى سكن تلذ بحبه ذهب الزمان وأنت منفرد


ويقول الآخر :

تشكى المحبون الصبابة ليتني تحملت ما يلقون من بينهم وحدي
فكانت لقلبي لذة الحب كلها فلم يلقها قبلي محب ولا بعدي



232254v.gif


فكيف بالمحبة التي هي حياة القلوب ، وغذاء الأرواح ، وليس للقلب لذة ، ولا نعيم ، ولا فلاح ، ولا حياة إلا بها ،
وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها ، والأذن إذا فقدت سمعها ، والأنف إذا فقد شمه ، واللسان إذا فقد نطقه ، بل فساد القلب إذا خلا من محبة فاطره [ ص: 234 ]
وبارئه وإلهه الحق أعظم من فساد البدن إذا خلا منه الروح ، وهذا الأمر لا يصدق به إلا من فيه حياة ،

وما لجرح ميت إيلام

.
والمقصود : أن أعظم لذات الدنيا هو السبب الموصل إلى أعظم لذة في الآخرة ،

ولذات الدنيا ثلاثة أنواع :


232254v.gif


فأعظمها وأكملها : ما أوصل لذة الآخرة ، ويثاب الإنسان على هذه اللذة أتم ثواب ، ولهذا كان المؤمن يثاب على ما يقصد به وجه الله ، من أكله ، وشربه ، ولباسه ، ونكاحه ، وشفاء غيظه بقهر عدو الله وعدوه ،


فكيف بلذة إيمانه ، ومعرفته بالله ، ومحبته له ، وشوقه إلى لقائه ، وطمعه في رؤية وجهه الكريم في جنات النعيم ؟


232254v.gif


النوع الثاني : لذة تمنع لذة الآخرة ، وتعقب آلاما أعظم منها ، كلذة الذين اتخذوا من دون الله أوثانا مودة بينهم في الحياة الدنيا يحبونهم كحب الله ، ويستمتعون بعضهم ببعض ، كما يقولون في الآخرة إذا لقوا ربهم :

(ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون)


[ سورة الأنعام : 128 - 129 ] .

ولذة أصحاب الفواحش والظلم والبغي في الأرض والعلو بغير الحق .

وهذه اللذات في الحقيقة إنما هي استدراج من الله لهم ليذيقهم بها أعظم الآلام ، ويحرمهم بها أكمل اللذات ، بمنزلة من قدم لغيره طعاما لذيذا مسموما ؛ يستدرجه به إلى هلاكه ،

قال تعالى :
( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين)

[ سورة الأعراف : 182 - 183 ] .


قال بعض السلف في تفسيرها :

كلما أحدثوا ذنبا أحدثنا لهم نعمة :
( حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) [ سورة الأنعام : 44 - 45 ] .


وقال تعالى لأصحاب هذه اللذة :

(أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) [ سورة المؤمنون : 55 - 56 ] .

[ ص: 235 ] وقال في حقهم : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون )[ سورة التوبة : 55 ] .

وهذه اللذة تنقلب آخرا آلاما من أعظم الآلام ، كما قيل :


مآرب كانت في الحياة لأهلها عذابا فصارت في المعاد عذابا


232254v.gif


النوع الثالث : لذة لا تعقب لذة في دار القرار ولا ألما ، ولا تمنع أصل لذة دار القرار ، وإن منعت كمالها ، وهذه اللذة المباحة التي لا يستعان بها على لذة الآخرة ، فهذه زمانها يسير ، ليس لتمتع النفس بها قدر ، ولا بد أن تشتغل عما هو خير وأنفع منها .

وهذا القسم هو الذي عناه النبي - sala.gif - بقوله :

(كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رميه بقوسه ، وتأديبه فرسه ، وملاعبته امرأته ، فإنهن من الحق) .

فما أعان على اللذة المطلوبة لذاتها فهو حق ، وما لم يعن عليها فهو باطل . </B>


232254v.gif



منقول من أسلام ويب
أحببت أن أنقله للفائدة بارك الله بكن



fznpxgmyspp6fbelcsw.



</B>

كتبت : سارة الحارثي
-
الله يجزاك خير الجزاءيا الغلااااا

والله يجعله في ميزان حسناتك ان شاء الله
كتبت : || (أفنان) l|
-
كتبت : سنبلة الخير .
-
جزاكِ الله خيرا على طرحكِ المتميز دوما
جعله الله في موازين حسناتكِ
سلمت يداكِ
كتبت : طالبة الفردوس
-
كتبت : || (أفنان) l|
-

جزاكن الله خيراً أخواتي الغاليات
على ردكن القيم ودعائكن الصادق
جمعني الله بكن في الفردوس الاعلى ............

اللهم آمين

الصفحات 1 2  3 

التالي

إليك يامهموم ويامكروب هذا علاج همك وحزنك

السابق

*أحذر أن تكون من أهلها*

كلمات ذات علاقة
اللذة , المحبة , المحبوب , وكمال , كلام