معركه ام در امان لحمله سماء الابداع

مجتمع رجيم / تاريخ الامم والاحداث التاريخية
كتبت : um rawan
-
الابداع get-10-2009-2c8c6oov

الابداع 9kog34wsgcjhxdl0z77g

الابداع 500X361.jpg



الابداع 2yvmdqs.jpg.gif

الابداع images?q=tbn:ANd9GcS


السلام عليكم حبيباتي
حابه انقل لكم عن جزء بسيط من تضحيات ابطال بلادي في ه ام درمان او ه كرري كما يسمونها



الابداع 50101_797872541_6486



معركة أم درمان
من الفصل الثامن عشر من كتاب معركة ال
أصبح واضحاً أن قوة الأنصار لا تستطيع الصمود أمام الأسلحة الحديثة والجنود النظاميين الأكفاء . ظلت حملة كتشنر بطيئة ولكنها مطردة . بفضل الخط الحديدي العسكري لم يحتج كتشنر للانتظار طويلاً ، وبدأت تنهال عليه برقيات التهنئة بعد سقوط عطبرة وبدأت القوات الإضافية في الوصول لدعمه .وتم نقل الإمدادات وأثبتت البوارج فائدتها في الاستطلاع المتقدم والقصف التمهيدي والمساندة المدفعية للقوات على الشاطئ وتم زيادة البوارج إلى عشرة وكلها مزودة بالمدفعية ورشاشات المكسيم . وصلت المدافع والرشاشات لكتائب الجيش المصري بالإضافة لسريتين من مدفعية الهاوتزر . أصبح لكتشنر ستة ألوية من المشاة ، هي لواء الجنرال لويس ولواء ماكدونالد ولواء ماكسويل ولواء ووشوب
ولواء ليتلتون ولواء كولسون بالإضافة إلى الخيالة والهجانة . بلغت قوة كتشنر في جملتها خمسة وعشرون ألفاً وثمانمائة جندي ، ثلثهم من البريطانيين .
كانت فرقة الخيالة مكونة من جنود الفرقة 21 . لانسرز الذين لم يشتركوا في معركة منذ تكونت فرقتهم منذ أربعين عاماً ، جاء يبحثون عن المجد . كان بين ضباط الفرقة الشاب الليفتينانت ونستون سبنر شرشل ، الذي كان يراسل الصحف بمقالات عسكرية ويكتب عن الحملات وهم ، وكان كتشنر قد منعه من الحضور للسودان ، لكنه حضر وكان يتجنب السردار ، وعمل كضابط ملحق بفرقة الخيالة ( اللانسرز ) و مراسلاً حربياً لصحيفة ( المورننيج بوست ) اللندنية ، ولم يكن كتشنر قد فطن لوجوده من ضمن الجيش ، وقد كان كتشنر مثل ولسلي من قبل يكره الصحافيين ، مع أن الفضل في شهرته و تسجيل أعماله يرجع إليهم في تتبع حملة أم درمان عام 1889 م .
صار الجيش المصري مكوناً من ستة عشر كتيبة ، ستة منها من المحاربين السودانيين الأشداء . يكون بذلك عدد القوات الإنجليزية المصرية أكثر من خمسة وعشرين ألف رجل ، ثلثيهم من السودانيين والمصريين . تحركت القوات صاعدة مع النيل وعن طريق البر وال بالبواخر ، وبنهاية أغسطس تجمعت القوات في ود حامد على بعد ستين ميلاً من شمال أم درمان .
يملك الجيش مدفعية حديثة وقذائف شديدة الانفجار وأضواء كاشفة وبنادق متطورة وبوارج حربية وعدد كبير من الجنود المحاربين جيدو التدريب .
لا يوجد في السجلات رد فعل الخليفة عبد الله ، وكان لدى الخليفة عدد كبير من المقاتلين الذين لا نظير لشجاعتهم ، بلغ عدده خمسة وخمسين ألف رجل ، ثلثهم كان مسلحاً بالبنادق أما البقية فكانت تحمل السلاح الأبيض . أمرهم الخليفة بالتجمع في أم درمان وطلب النصر من الله عند قبر المهدي ، وكما حدث مع محمود ود أحمد في عطبرة طلب الخليفة بتحصين المدينة ، لكنه أغفل الحرب الدفاعية من مهاجمة خطوط إمداد الجيش يستنزف فيها طاقة وجهد رجال كتشنر ، أو أن ينسحب لسهول كردفان مكرراً نفس التكتيك الذي دمر هكس باشا في أول سنة من عمر المهدية .
كان الطريق مفتوحاً منذ 1889 م إذ كان الخليفة حاكماً وتلك أقل مما كان للمهدي كرمز ديني ( 1881 - 1985) ، ولم تعد المهدية بتلك القوة ، وأصبحت الكثير من قبائل كردفان ودار فور وعلى طول النيل غير راضية عن حكم الخليفة الجائر ، وقد يكون هذا السخط هو السبب الأساسي الذي دفع الخليفة إلى البقاء والحرب في أم درمان .

بدأ كتشنر زحفه لأم درمان في 20/08/1889 م . اللواء البريطاني يسير في مربع واحد ضخم تحميه البوارج على طول الضفة الغربية للنيل ، أما الكتائب المصرية والبريطانية فهي تستطلع الوديان من أمام المشاة وفي نفس الوقت كانت هنالك قوة مكونة من ألفي جندي غير نظامي من السودانيين والأحباش الأشداء بقيادة الميجور " ستورات و أرثلي " وهي موازية للقوات الرئيسة على الضفة الشرقية للنيل .
استمر الزحف (3) أيام ولم تظهر خلالها طلائع الأنصار أو جيشهم حتى (31) من أغسطس حين لاحت قمم جبال كرري آخر معلم طبيعي بارز قبل مدينة أم درمان ، وعندها شاهدت الطلائع المتقدمة من خيالة كتشنر طلائع فرسان الأنصار يراقبون الجيش الغازي من المرتفعات أمامهم .
لم تكن جبال كرري ترتفع في أحسن الأحوال عن (250) قدماَ وهي تمتد متعامدة مع ضفة ال الغربية وإلى مسافة ميلين داخل الصحراء ، لكنهالا منبسطة وتوفر نقطة مراقبة جيدة كما أنها خط الدفاع الطبيعي الوحيد أمام أم درمان .
في أول سبتمبر وبينما خيالة كتشنر يستطلعون الجبال و صدرت أوامر لقائد الأسطول الي للصعود ببوارجه إلى أم درمان و وصل في ضحى نفس اليوم وفتح نيران مدفعيته الثقيلة على دفاعات المدينة وأمطر منازلها بنيران المدافع الرشاشة و وجعه مدافعه نحو نقاط مختلفة داخل المدينة مركزاً بصورة خاصة على القبة العالية المقامة على قبر المهدي والتي سرعان ما ظهرت عليها عدة فتحات كبيرة من جراء القصف .
سيطر الميجور " ستيوارت " بواسطة القوات الصديقة غير النظامية على نقطة مدفعية الأنصار قرب المدينة من الضفة الشرقية للنيل ، وعلى تلك النقطة نصبت بطارية من مدافع الهاوتزر عيار خمس بوصات ، انضمت إلى البوارج في قصف المدينة محدثة خراباً كبيراً وخسائر جسيمة في الأرواح .
ربما كان القصف العنيف للمدينة أحد العوامل التي أثرت على الخليفة لاتخاذ قراره بالخروج من أم درمان والقتال في العراء ، لو أن الخليفة اختار القتال في طرق وأزقة أم درمان الضيقة لأحدث الأنصار المسلحين بالسيوف والحراب دماراً كبيراً وسط الجيش الإنجليزي المصري ، لكن القذائف المتساقطة والدخان والضجيج و صفير الطلقات إضافة لصرخات المواطنين و انهيار قبة المهدي ربما أقنعت الخليفة بأن المدينة غير مناسبة كأرض للمعركة . وفي ليلة ذلك اليوم أمر الخليفة قواته بالخروج إلى خارج المدينة ، حيث أعد الأنصار أنفسهم للمعركة الفاصلة في السهول المنبسطة شمال أم درمان ، بسرعة رصدت طلائع الاستطلاع التابعة لكتشنر ذلك التحرك .
عبرت قوات الخيالة الاستطلاعية بقيادة كولونيل مارتن
جبال كرري صبيحة يوم الفاتح من سبتمبر عقب الفجر بقليل وصعدت قمة جبل " سرغام " للاستطلاع ، وجبل "سرغام " منعزل ويبلغ ارتفاعه 260 قدماً إلى الجنوب قليلاً من سلسلة جبال كرري . ومن قمة ذلك الجبل كانت الرؤية واضحة لأم درمان و لقصر غردون يقف بين أطلال الخرطوم على الضفة الشرقية لل .وبالنظر إلى جهة الشمال شاهد خيالة " اللانسر " القوات الإنجليزية المصرية وهي تنفذ من بين سلسلة جبال كرري . بقيت "اللانسر " في ها على قمة جبل " سرغام " إلى الظهيرة ، وعندما شاهدوا المساحة الفاصلة بينهم وأم درمان ، ما بدأ لهم و كأنها زريبة ، وبالمعاينة الدقيقة لتلك الزريبة اتضح أنها تتحرك ، وأدركوا أنها قوة ضخمة من الأنصار يبلغ حوالى أربعين ألفاً تسير في خمس فصائل على رأس كل واحدة منها راية وقد انتشرت على مساحة أربعة أميال في تلك السهول .تقدمت الغابة الضخمة من الرجال والحراب سريعاً تجاه جبل " سرغام " . قرر الكولونيل " مارتن " البقاء أطول فترة ممكنة لمراقبة حركة العدو في تقدمه وكان يرسل المعلومات بإشارات ضوئية لكتشنر ، كما قرر الاستفادة من الضابط الملحق غير المرغوب فيه اللفتينانت " ونستون تشرشل " بإرساله مع تقرير بتحركات العدو إلى الجنرال كتشنر وصل بجيشه جنوبي جبال كرري وظل ينتظر بقرية " العجيجة " على الضفة الغربية للنيل ولم يشاهد جيش الأنصار بعد .
عمد تشرشل لتفادي لقاء الجنرال كتشنر ، كما أنه كان رغب مشاهدة الأنصار وهم يتقدمون بدلاً من مواجهة " السردار " ، لكن الأوامر العسكرية لا يمكن مراجعتها .كان الجنرال منشغلاً عن ملاحظة ضابط صغير فرجع تشرشل بعد ذلك لفرقته فوق جبل "سرغام " .
استمر الأنصار في زحفهم على السهول تحت جبل "سرغام " طوال فترة ما بعد الظهر ، إلا أنهم توقفوا أخيراً . كانت الإشارات الضوئية تنقل أخبارهم أولاً بأول للسردار ، بينما استمر الخيالة والهجانة في الاستطلاع في فترة ما بعد الظهر حتى لا يتعرضوا لهجوم مباغت من الخلف . بحلول الليل استقر الجيشان على بعد أميال قليلة عن بعضهما في انتظار الغد .
كان كتشنر قد ترك جيشه قرب العجيجة معظم اليوم وعند الغروب أمر قواته
باحتلال بعض المواقع حول القرية وبناء زريبة على شكل قوس تاركين ال خلف ظهورهم ، لكن السكان المحليين جمعوا الأحطاب والشوك والشجيرات في المنطقة لاستعمالها لأغراضهم الخاصة مما أحدث نقصاً ، فعمد الجنود البريطانيين يستولون عليها لإقامة الزريبة ، أما الجنود السودانيون والمصريون فأقاموا متاريس من الحجارة وحفروا الخنادق حول مواقعهم . بعد أن فرغ الجنود من بناء الزريبة عاد خيالة إلى الزريبة من على جبل "سرغام " التي احتلته من بعدهم طلائع الأنصار .
كان الخطر الحقيقي الذي يتهدد كتشنر هو أن يشن الأنصار هجوماً ليلياً مباغتاً ، ولم يكن ما يمنع الأنصار من فعل ذلك رغم كشافات البوارج التي تمسح السهل طوال الليل ، إلا أن بعض التقارير تقول أن كتشنر قد قام بإخراج سكان العجيجة من قر يتهم بعد أن أخبرهم أنه ينوي القيام بهجوم ليلي على الأنصار ، وبهذه الخطة الذكية جعل الأنصار يبقون في حالة دفاع إلى الفجر ، وأغلب الظن أن الخليفة لم يكن يعرف ماذا يفعل .إذ اعتقد أن أي تحرك للأمام كان سينكشف بأضواء الكشافات . قلائل من جنود جيش كتشنر هي التي تمكنت من النوم تلك الليلة ، رغم أن الأمطار التي كانت تبللهم في الأسبوع السابق قد توقفت تلك الليلة ، كما أن دقات الطبول الآتية من اتجاه معسكر الأنصار كانت لا تتوقف ، مما جعل معظم الرجال مستيقظين طوال الليل .
في الثالثة والنصف من فجر يوم الجمعة الثاني من سبتمبر 1898 م نهض اثنان وعشرون ألف رجل من جنود الجيش الإنجليزي المصري في حالة استعداد وهم يتطلعون إلى السهول الممتدة أمامهم كلما صارت السماء أكثر ضوء . انطلقت أبواق الاستيقاظ في تمام الثالثة والأربعين دقيقة ، كما انطلقت أصوات دقات الطبول والمزامير بين كتائب " الهايلاندرز" والأبواق أمام الكتائب الإنجليزية ورفاقهم في السلاح من الكتائب السودانية والمصرية . وانطلقت فرق الخيالة بعد الخامسة نحو جبل " سرغام " بينما اصطف المشاة في الزريبة في وضع الاستعداد لمواجهة هجوم الأنصار .
وضع كتشنر قواته في تشكيل شبه دائري حول العجيجة متحسباً للدفاع وللهجوم . كان لواء حملة البنادق البريطاني على الشاطئ من الجهة الجنوبية للقرية وبقية الجيش في نصف دائرة حول القرية تنتهي بالكتائب المصرية من الجهة الشمالية ، و وضعت المؤن والإسعافات و دواب النقل في الوسط بينما وقفت البوارج في ال مستعدة لتقديم الدعم للمدفعية الأرضية .
بقي جيش كتشنر في وضعه ذاك أكثر من ساعة إلى أن انتشر ضوء الصباح ، وعندها حضر أحد خيالة " اللانسر " مسرعاً من اتجاه جبل " سرغام " وبدأ الهمس يسري بأن الأنصار يتقدمون وبوصول آخر طلائع الخيالة ظهر صف عظيم من الرايات الملونة في الأفق من وراء الصحراء ، وغدت أصوات الطبول أعلى ، وظهرت ملامح المشاة والفرسان يتقدمون نحوهم تحت غابة من الرماح والأعلام . إنهم آلاف بل عشرات الآلاف من الأنصار المقاتلين في هجوم على الجيش الغازي

الابداع v131.gifالابداع v131.gif
وما شاهده الجيش الإنجليزي المصري أمامه في ذلك الصباح كان أكبر حشد عسكري شهدته إفريقيا منذ الحروب الصليبية ، فيما عدا بضعة آلاف يحملون البنادق كان الأنصار جميعاً مسلحين بأسلحة بدائية من القرون الوسطى تمثلت في السيوف والحراب والفؤوس والسكاكين ، وكثير منهم كان يحمل ترساً |، وبعض الأمراء كانوا يلبسون الدروع الحديدية . تدفق جيش الأنصار على جانبي جبل " سرغام " . كان أول ما ظهر منه مجموعة تقدر بثمانية آلاف مقاتل يحملون رايات بيضاء ، تبعتهم فرق من المقاتلين تقدر بحوالي عشرين ألف رجل يتقدمهم صف من الرايات الخضراء . اتجهت كلا المجموعتين إلى الزريبة الإنجليزية المصرية قاطعين السهل المنبسط بسرعة كبيرة . الرجال على الأقدام والأمراء على الخيول أو الجمال . تلكما الفرقتان رغم كبرهما لم تكونا إلا جزء من القوة الضخمة المندفعة وراءهم عبر السهل الممتد أمام الزريبة متجهين نحو جبال كرري التي كانت تحت حراسة الخيالة المصرية والهجانة .

صدر الأمر لقوات الجيش الإنجليزي المصري بفتح النيران على قوات الأنصار في تمام الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة ، ومع بداية النيران بدأت المذبحة بين صفوف الأنصار . كانت البداية من المدفعية الأرضية ومدافع البوارج ورشاشات المكسيم التي صبت جحيماً من النيران على كتل الأنصار المندفعة وهي على بعد ثلاثة آلاف ياردة من الزريبة . كل قذيفة تنفجر تترك مكانها دائرة من القتلى والجرحى وأعمدة من الدخان والغبار بين صفوف الأنصار ، لكن المقاتلين الأنصار كانوا مندفعين رغم القذائف والرصاص والشظايا المعدنية يطلقون صيحات الحرب و يضربون الطبول ويلوحون بالأعلام والرايات ، ولما بلغ الأنصار مدى ألفي ياردة فتح مشاة الجيش الإنجليزي المصري مدافعهم ...
.. ولما بلغ الأنصار مدى ألفي ياردة فتح مشاة الجيش الإنجليزي المصري مدافعهم
على جموع الأنصار المنصبة نحوهم ، و وقف قادتهم يصدرون أوامرهم لتصويب النيران على حاملي الرايات وراكبي الخيول ولابسي الدروع من بين الأنصار للقضاء على الأمراء أولاً . وخلال دقائق غطت الزريبة سحابة دخان وتغطت الصحراء ببساط من جثث المقاتلين الأنصار والخيول والجمال النافقة ، في الوقت الذي لا يكاد أحد قد جُرح من جنود كتشنر ولم تصلهم سوى الطلقات الطائشة مرت من فوق الزريبة .
ولما لم يتمكن الأنصار من مواجهة نيران البنادق الكثيفة انحرفوا يساراً ولكن سرعان ما انصبت عليهم نيران المارتين هنري من جهة الكتائب السودانية بقيادة ماكسويل وماكدونالد . كانت تلك محض مجزرة ، إذ لم يصل مقاتل من الأنصار إلى أبعد من نصف الميل من زريبة القوات الإنجليزية المصرية ، كانوا يسقطون حزماً كسنابل القمح شملتها ضربة منجل بسبب كثافة القذائف ونيران المدافع الرشاشة والبنادق وهي تمزق صفوفهم واحداً تلو الآخر . تلك المذبحة التي تعرضت لها الموجة الأولى من الأنصار استغرقت أكثر من نصف الساعة وبدأ بعدها الأحياء منهم في الانسحاب تاركين بعض حملة البنادق مختبئين بين الأعشاب يصوبون نيران بنادقهم العتيقة نحو جنود كتشنر إلى أن وجهت نيران المدافع الرشاشة إلى مواقعهم لتصدهم .
فشل هجوم الأنصار في اختراق الزريبة كما فشل جر كتشنر لتعقب الأنصار المهزومين وهم يتراجعون ، ولو فعل لووجه بهجوم معاكس بأعداد ضخمة من الأنصار ، إذ أن قوات الخليفة كانت منتظرة في الصحراء ولم تشارك في القتال .
كانت الزريبة مؤمنة كموضع ، وعلى مرتفعات كرري كان خيالة برود وود يتعرضون لضغط متزايد إذ أنها كانت تقف هناك لمنع الأنصار من الإلتفاف حول الزريبة من الأرض المكشوفة خلف الجبال والانقضاض على الزريبة من الجانب الأيمن للجيش . واجه برود وود هجوماً من الأنصار بما يقارب خمسة عشر ألأف مقاتل ترفرف فوقهم الرايات الخضراء ويقودهم ابن الخليفة عثمان شيخ الدين . أرسل برود وود رسالة عاجلة لكتشنر يخطره بالهجوم . وأصدر كتشنر تعليماته إليه بالانسحاب الفوري من الجبال والإحتماء بالزريبة آملاً في سحب الأنصار خلفه وإبعادهم عن الزريبة ، لكنه تأخر في تنفيذ العملية فقبل أن يتمكن الهجانة من الإنطلاق شمالاً نحو الصحراء كان فرسان البقارة المسرعين قد داهموهم بالحراب والسيوف مما اضطر خيالة برود وود من ترك مدفعين وراءهم وانقسمت قواته لقسمين : الهجانة وانطلقوا سريعاً في اتجاه الزريبة وأسرع الخيالة شمالاً في الصحراء ، وكلا القسمين متبوع بفرسان البقارة يجدون في اللحاق بهم .
اربما سارت الأمور إلى الأسوأ لولا أن شاهد قائدان من قادة البوارج تلك الورطة التي كان فيها برود وود ورجاله ، فأسرعا لمساعدته بإطلاق النار من البارجتين ( ملك وأبوكلي ) على فرسان البقارة من مدافع المكسيم والمدافع (9 ) رطل . استمر برود وود في الجري السريع لمسافة ثلاثة أميال قبل أن يتوقف ويجمع رجاله وينعطف نحو ضفة ال ويرجع بهم إلى الزريبة تحت حماية البوارج ، بينما كان عثمان شيخ الدين الشاب ابن الخليفة يطارد برود وود ،قام الأنصار بهجوم ضخم آخر على الزريبة ولكنه كان فاشلاً كسابقه ، بل أكبر من خسارتهم في الهجوم الأول . بعد اندحار ذلك الهجوم من الأنصار قدر كتشنر أن العمود الفقري لجيش الأنصار قد انكسر ، وأن الوقت قد حان لمغادرة الزريبة والزحف نحو أم درمان ولكن قبل أن يشرع في التحرك قرر الجنرال أن يرسا كتيبة خيالة اللانسر إلى خلف جبل " سرغام " لترى إن كانت هناك أي قوات للأنصار مختبئة في الأحراش بينه وبين المدينة . وقد كان الوقت حينها حوالي التاسعة صباحاً .
وهنا تحول مركز الأحداث إلى أكثر الوقائع إثارة ، وهو الهجوم المفاجئ الذي تعرضت له فرقة الخيالة " اللانسرز " الاستطلاعية التي أرسلها " كتشنر " لتستطلع الأرض الواقعة بينه وبين أم درمان . كان الكولونيل قد قام هو ورجله بالاستطلاع الأمامي عند الفجر لرصد تقدم الأنصار . فيما عدا ذلك لم تتح الفرصة لفرقته للقيام بعمل مميز في المعركة ، فأخذ الكولونيل " مارتن كامل " كتيبته هذه المرة لتنفيذ المهمة الأخيرة ، وهم حوالي 300 رجل ، ومن ضمنهم الضبابط الملحق بالفرقة اللفتنانت " ونستون تشرشل " . أرسل " مارتن " مجموعات صغيرة من قواته للاستطلاع الأمامي بينما بقيت القوات الأساسية من الكتيبة في طابور واحد من الخلف .
خلف جبل "سرغام" وجد " اللانسرز " مجموعات متفرقة من الأنصار وواضح أنهم يتراجعون نحو أم درمان ، فبلغوا المعلومات لكتشنر الذي أمر " مارتن " بأن يزعج هذه المجموعات ويبعدها عن أم درمان ، وبدأ مارتن بتنفيذ الأوامر عندما لمح أحد رجاله مجموعة من الأنصار مصطفين على حافة الخور تماماً أمام الكتيبة المتقدمة .
حول مارتن اتجاه رجاله يساراً عازماً مهاجمة الأنصار من الجانب ، ولم تكن تلك الفكرة سليمة ، فبمجرد انحراف قواته يساراً أمام مواجهة الأنصار فتح هؤلاء النار على " اللانسرز " فأصابوا عدداً من الرجال والخيول . كانت تلك هي اللحظة التي كان ينتظرها " مارتن " ، فالعدو يقف أمامه 300 رجل في مجموعهم ، وهنا تقف كتيبة " اللانسرز " وبينهما مسافة 200 ياردة من الأرض الصحراوية

الابداع v131.gifالابداع v131.gif


دقت الطبلة وانتظم " اللانسرز " في صف واشرعوا رماحهم واستحثوا خيولهم وانطلقوا في اتجاه الأنصار المصطفين أمام الخور بمجرد أن أصدر " مارتن " إشارة الهجوم وفي أثناء هذه الانطلاقة أغمد " شرشل " سيفه الذي في يده وهي مهمة عسيرة وأخرج بندقيته " القربينة القصيرة " . وبينما كان" اللانسرز " منطلقين بخيولهم في ذلك الهجوم تبن أنهم انخدعوا وسقطوا في كمين ، وانتشر الأنصار الذين كانوا أكثر من 4000 مقاتل مختبئين داخل الخور وتصدوا بالسيوف والحراب ولم يكن أمامهم مفر سوى قتال الأنصار .
قوة انطلاق " اللانسرز " أخذتهم إلى قلب صفوف قوات الأنصار ، فألقى " اللانسرز " رماحهم واستلوا سيوفهم وأخذوا في القتال . أما اللفتنانت" شرشل "فقد اندفع بحصانه ليشق طريقه عبر صفوف العدو عابراً الخور إلى الجهة الأخرى ، ثم عاد إلى مكان الحشد لينقذ أحد الجنود البريطانيين كان قد فقد جواده في المعركة . وعلى حسب رواية أحد الذين شاركوا في المعركة فقد كان اختراق " اللانسرز " لصفوف الأنصار وانطلاقهم عبر الخور قد استغرق أقل من دقيقة واحدة ، ولكن في تلك الثواني القليلة سقط 21 جندياً من"اللانسرز " وأكثر من مائة حصان ولكن قتل أيضاً قائد الأنصار الذي كان يرتدي درعاً حديدياً ويركب فرساً دنقلاوياً أسوداً جميلاً . أولئك الجنود الذين اجتازوا الخور أو تسلقوه خارجين أخذوا في إطلاق النار من بنادق " القربينة " التي بحوزتهم إلأى أن أخذ الأنصار في الانسحاب فقد " اللانسرز " 22 قتيلاً وحوالى 50 جريحاً في ذلك الهجوم ، وبذلك تكون خسارتهم هي الأعلى بين الكتائب البريطانية في تلك المعركة إن سعي كولونيل مارتن وفرقته وراء المجد في السودان كلفهم كثيراً .
لم تكن أنباء معركة " اللانسرز " قد بلغت مسامع كتشنر بعد عندما قرر أن يأمر قوات المشاة بالخروج من الزريبة والتوجه نحو أم درمان . ذلك التصرف الذي قام به كولونيل مارتن لم يدمر كتيبته فحسب بل منعه من القيام بتنفيذ مهمته الأساسية في الاستطلاع الأمامي ، ورصد بقية قوات الخليفة المتراجعة نحو أم درمان ، فقد كان هنالك الكثير من الأنصار يتحركون في السهول أو على منحدرات الجبال المنخفضة ، ولكن لم تكن هناك تجمعات فبدأ الأمر وكأن معركة أم درمان قد انتهت تقريباً .
عدلت قوات كتشنر صفوفها وتخلت عن الزريبة وتحركت نحو أم درمان ، متخذتا مواقعها في نسق متواز بحيث صار اللواء البريطاني في المقدمة والداخل محازياً للنيل ، واللواء المصري في المؤخرة وإلى الخارج في اتجاه الصحراء ، فأصبحت قوات اللواء الأول السوداني بقيادة " ماكدونالد " في أقصى يمين القوات إلى الخارج نحو الصحراء .
سترت القوات الإنجليزية المصرية في ذلك النسق متجهة نحو أم درمان ، وعند عبورها لجبل " سرغام " تعرضت تلك القوات لنيران متفرقة من بعض الأنصار حملة البنادق كانوا على قمة الجبل . تلك المناورة من ناحية جبل سرغام لفتت نظر كتشنر إلى أن شيئاً أكثر خطورة كان يجري في أقصى اليمين حيث أخذت قوات " ماكدونالد " السودانية في الانتظام في صفوف للرماية وأخذت في أطلاق النار من البنادق و من مدافع المكسيم الرشاشة على عدو لم يظهر لكتشنر وهو في ه المتقدم بعد .
كان لواء ماكدونالد المكون من (3000 ) جندي سوداني في ذلك الوقت يتعرض لهجوم من قوات احتياط الأنصار البالغ عددها ( 17000 ) مقاتل ، يحاربون تحت الراية الزرقاء الخاصة بالخليفة . كانت تلك القوة الضخمة منطلقة من خلف جبل " سرغام " لتهاجم جيش كتشنر المتحرك في اتجاه أم درمان من الجانب الأيمن ، وكانت كل القوة التي تقف في مواجهتها هي قوات ماكدونالد المكونة من الكتائب السودانية . أرسل كتشنر لماكدونالد عند إدراكه لأمر الهجوم المفاجئ ، أوامر مستعجلة بالانسحاب نحو ال . بينما أخذ الجيش في إعداد جبهته لمواجهة الهجوم . لكن ماكدونالد كان لديه عدد من الجنود الجرحى يحتاجون لمساعدة ، كما أن الأنصار كانوا قد اقتربوا منه بدرجةلم تمكنه من الانسحاب ، فرفض تنفيذ تعليمات كتشنر بالانسحاب صائحاً في وجه جنوده السودانيين بلهجته الاسكتلندية تلك :
" لن أفعل ... استمروا في القتال فحسب " .
استمر رجاله السودانيين في القتال لصد هجوم الأنصار وكانوا قد أمسكوا نيرانهم إلى أن صار الأنصار على بعد ألف ياردة ، ثم أخذوا في إمطار الأنصار بنيرانهم بنادقهم . أول الأمر كانت نيران الجنود السودانيين غير متقنة على الأقل بالنسبة لرجل قديم مثل ( ماك المحارب ) ورغم اقتراب العدو أمر ماكدونالد رجاله بإمساك نيرانهم وأخذ يوبخهم على إطلاق النار بعشوائية ، فأدرك الجنود ما قصده قائدهم فنظموا صفوفاً للرماية أكثر إحكاماً وأخذوا يصبون جحيم نيرانهم على قوات الأنصار المهاجمة وسرعان ما تمزقت صفوف الأنصار من وابل النيران المحكمة . وضع رجال ماكدونالد قوات الأنصار في وضع حرج وهم يدافعون عن أنفسهم لمدة 30 دقيقة إلى أن تمكن لواء " ووشب " من الالتفاف حول جبل "سرغام " ليهاجم جيش الخليفة من الجانب . وبعد أن بدا لهم أن كل شيء قد تأمن ، اندفعت موجة أخرى من قوات الأنصار على قوات " ماكدونالد " .
هذه المرة جاءت القوات المهاجمة من جهة جبل كرري من الناحية الشمالية ، وقد كانت هي قوات الأنصار التي طاردت " برود وود " بقيادة الأمير عثمان شيخ الدين ابن الخليفة ، بعد أن كفت عن المطاردة في الصحراء . كانت تلك القوات تبلغ حوالي (15000 ) رجل وهي تتعقب قوات الاحتلال التي كانت في طريقها إلى أم درمان من الخلف . وعندما وجدت قوات " ماكدونالد " في الصحراء وهي تحت ضغط الهجوم من الناحية الغربية ، أسرع الأنصار في انقضاضهم لمهاجمة قوات " ماكدونالد " من الجنب من جهة الشمال .
لم يكن هجوم الأنصار الأول تحت الراية الزرقاء قد تم صده تماماً عندما بدأ " ماكدونالد " يحرك رجاله لمواجهة الخطر الجديد المنقض على ميمنتهم تاركاً القضاء على ما تبقى من الهجوم الأول للواء " ووشب " الذي كان قد اتخذ مواقعه في التصدي للأنصار . لم يكن في الإمكان الاستفادة من القوات التي وصلت للمساعدة أخيراً وهي ألوية "ماكسويل وليتيلتون " و"وشب" في التصدي
للهجوم المباغت الثاني ، إذ أن قوات " ماكدونالد السودانية " أصبحت في موضع بين تلك القوات وقوات شيخ الدين . فتح الأنصار من قوات شيخ الدين نيراناً قوية على قوات ماكدونالد التي كانت في حالة تحول إلى وضع آخر ومن اتجاه إلى اتجاه لمواجهة الهجوم الجديد ، مكملين بذلك دورة مقدارها مائة وثمانون درجة عن الوضع الذي كانوا فيه عند بداية الهجوم الأول . سقط من قوات " ماكدونالد " أكثر من (120 ) رجلاً قبل أن تصبح القوات في الوضع الذي أراده " ماكدونالد " ثم بدأت في إطلاق النار . وقف رجال " ماكدونالد " ببسالة يصدون الأنصار المتقدمين ويقاتلون إلى أن أوشكت ذخيرتهم على النفاد ، وعندها فقط تمكن لواء " ووشب " من أخذ على يسار قوات ماكدونالد وخفف من الضغط الواقع عليهم .
تلك الوقفة الباسلة والصمود العنيد لماكدونالد ورجاله على جبال كرري رجحت موازين المعركة تماماً إلى جانب الجيش الإنجليزي المصري . وعندما تم صد مجموعة أخيرة من فرسان البقارة بعد ذلك كان جيش الأنصار بأكمله قد تشتت في مجموعات صغيرة أخذت في العودة عبر الصحراء نحو المدينة . توقف إطلاق النار في ميدان المعركة المغطى بالجثث في تمام الساعة الحادية عشر والنصف ، وعندها بدأ تدفق الجيش الإنجليزي المصري جنوباً نحو أم درمان .
فقد الأنصار في معركة أم درمان أكثر من ستة وعشرون ألف رجل ما بين قتيل وجريح ، وذلك يعني نسبة خمسين في المائة من قوات الخليفة التي شاركت في المعركة . الأمر الذي يقف دليلاً ساطعاً على مدى شجاعة الأنصار وعلى مدى بشاعة أثر الأسلحة الحديثة عندما تستخدم ضد جيوش غير نظامية تعتمد على حشد الموجات البشرية . كانت خسائر كتشنر ضئيلة للغاية . فقط ثمانية وأربعون قتيلاً وثلاثمائة واثنان وثمانون جريحاً . إن المقارنة ممتنعة في تلك المعركة . لكن جورج استيفنـز أحد المراسلين الحربيين البريطانيين الذين كانوا في رفقة الحملة حين أوجز ما حدث ذلك الصباح شمال أم درمان :

" لقد كان رجالنا رائعين ، ولكن الأنصار فاقوا حد الروعة . إنه لأضخم وأعظم وأشجع جيش قاتل ضدنا أبداً . لقد قاتلوا من أجل المهدية وماتوا فداء للإمبراطورية الضخمة التي أقاموها وحافظوا عليها زمناً طويلاً "
إن كان غردون قد أراد انتقاماً ، وهو أمر مستبعد ، فقد ناله هنا بالكامل على الأرض المخضبة بالدماء خارج مدينة أم درمان

الابداع v131.gifالابداع v131.gif
المصدر :
حروب المهدية
تأليف : روبن نيللاند
ترجمة : د. عبد القادر عبد الرحمن
الطبعة الأولى 2002م

الابداع v131.gifالابداع v131.gif
:
معركة أم درمان
من الفصل الثامن عشر من كتاب معركة ال
كتبت : || (أفنان) l|
-
جزآك الله خير ونفع بك
معلومات قيمة ومفيدة جداً
وشاكرة لكِ ما اضفتيه الي رصيد معلوماتي بهذا الموضوع القيم ...

كتبت : um rawan
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة طموحي داعية:
جزآك الله خير ونفع بك
معلومات قيمة ومفيدة جداً
وشاكرة لكِ ما اضفتيه الي رصيد معلوماتي بهذا الموضوع القيم ...

يجزيك ربي الجنه يارب
تتقيم اعمالك بالخر يارب
افادك الله
ردك علي موضوعي زاد الموضوع تالق
كلك زوق
كتبت : randoda
-


بارك الله فيك و فى شعب السودان يا رب

تسلم ايدك حبيبتى للموضوع الراااائع
كتبت : um rawan
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة randoda:


بارك الله فيك و فى شعب السودان يا رب

تسلم ايدك حبيبتى للموضوع الراااائع
ربي يبارك في امه محمد كلها يارب
سلمتي حبيبه
ربي يبارك فيك وفي اولادك
كتبت : * أم أحمد *
-
ما شاء الله موضوع رائع
تسلمي أختي الغاليه
زادت معلوماتي بموضوعكِ
الصفحات 1 2  3 

التالي

صور قديم للرياض مرررررررررررره تحززززززززززن

السابق

هل تعلم؟! تاريخ&جغرافيا

كلمات ذات علاقة
لحمله , معركه , ام , الابداع , الان , حٌ , سماء