عرض مشاركة واحدة
كتبت : نـور حياتي
-
البيعة المباركة

ولأم عامر أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أولية مباركة وسابقة خيّرة في تاريخ نساء الأنصار. فقد ذكر ابن سعد صاحب الطبقات عن عمرو بن قتادة رضي الله عنه قال: أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع، وأم عامر أسماء بنت يزيد بن السكن، وحواء بنت يزيد بن السكن.

وكانت أسماء رضوان الله عليها تعتـز بهذه الأولية وهذا السبق إلى المبايعة، فتقول: "أنا أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم".


وكانت بيعتها تفيض بالإخلاص، وتتسم بالصدق، ورحم الله أبا نعيم الاصبهاني صاحب "حلية الأولياء" إذ وصفها بقوله: أسماء بنت يزيد بن السكن، النابذة لما يورث الغرور والفتن.

كما ذكر أبو نعيم أيضًا في "الحلية" قصة تشير إلى تخلي أسماء عن حليتها الذهبية عند البيعة. فسعادتها لم تكن في الحلي والذهب، ولكن بالتقى والإيمان الحقيقي.

الكريمة المضيافة

الكرم صفة طيبة من صفات الأنصار، فقد طرح الله بركة في طعامهم، فقد أخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده عن أسماء قالت: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجدنا المغرب، فجئت منزلي فجئته بعرق – عظم عليه لحم- وأرغفة، فقلت: بأبي أنت وأمي تعشَّ. فقال لأصحابه: "كلوا بسم الله". فأكل هو وأصحابه الذي جاءوا معه، ومن كان حاضرًا من أهل الدار، والذي نفسي بيده، لرأيت العَرق لم يتعرقه وعامة الخبز – أي بقي منه ببركة النبي عليه الصلاة والسلام- وإن القوم أربعون رجلاً، ثم شرب من ماء عندي في شجب (قربة) ثم انصرف فأخذت ذلك الشجب، فذهبت فطويته يسقى فيه المريض، ويشرب منه في الحين رجاء البركة.

ومما يشفي النفس هنا ما أورده القاضي عياض رحمه الله في كتابه الطيب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" حيث ذكر التبرك بآثار النبي وإعظامه وإكباره فقال: ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه، وإكرام مشاهده وأمكنته في مكة والمدينة ومعاهده وما لمسه صلى الله عليه وسلم أو عُرف به.

والأسباب: كل ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من فراشه ولباسه.

ومشاهده: مواضعه صلى الله عليه وسلم التي حضرها أو نزل بها.

وأُثِر عن كثير من الصحابة والتابعين الأخيار احتفاظهم بأشياء من رسول الله للتبرك بها.

لكن قلب أسماء مثل سائر قلوب الأنصار مملوءة بمحبة الله سبحانه ومحبة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فإنه لما بلغها استشهاد أبيها وأخيها وعمها وابن عمها يوم أحد خرجت تنظر إلى سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قادم من أحد... وعندما رأته سالمًا قال: كل مصيبة بعدك جلل [هينة].

رحم الله أسماء بنت يزيد خطيبة النساء ورسولهنّ [أي مبعوثتهن] إلى المصطفى وأسكنها فسيح جناته.