عرض مشاركة واحدة
كتبت : أم رائد
-
ثانيًا : الدعاء الوارد بموضوعكِ وهو :
بـســـــــــــــم الله الرحمن الرحيم

اللهم ياذا المن ولا يمن عليه ياذا الجلال والإكرام ياذا الطول والإنعام لا إله إلا أنت ظهر
اللأجئين وجار المستجيرين وأمان الخائفين اللَــهُــمَ إن كُنت كتبتنى عندك في أم الكتاب
شقيا او محروما او مطرودا أو مُقتراً علىَ في الرزق فامحُ اللهُم بفضلك شقاوتى وحرمانى وطردي
وإقتار رزقي وأثبتنى عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقَا موفقا للخيرات قإنك قلت وقولك الحقَ
في كتابك المنزل على لسان نبيك للمرسل يمحو الله مايشاء ويُثبت وعنده ام الكتاب
إلهى بالتجلى الأعظم في ليلة النصف من شهر شعبان المكرم التى يفرق فيها كل أمر حكيم
ويبرم أن تكشف عنا من البلاء مانعلم وما لا نعلم ومأنت به أعلم إنك أنت الأعز ولأكرم
*وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمىَ وعلى اله وصحبه وسلم *




ابتدع الفاطميون للناس أن يجتمعوا ليلة النصف من شعبان بعد صلاة المغرب في المساجد ليتلوا سورة "يس" ثلاث مرات.

الأولى بنية طول العمر، والثانية بنية سعة الرزق، والثالثة بنية الاستغناء عن الناس، وبعد كل مرة من هذه المرات الثلاث يلقنهم الإمام دعاء موضوعاً ينسبونه إلى الحبر الجليل عبدالله بن مسعود.

وعن هذا الفهم الخاطئ لدى العامة في أن ليلة النصف من شعبان هي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم، وعن بعض تصرفاتهم الباطلة، يكتب الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر[مجلة الهدي النبوي عدد 8 لسنة 1380هـ ومجلة التوحيد عدد 8 لسنة 1409هـ. ]:

قائلاً: قال تعالى: ﴿ نَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الدخان: 3 - 6].

هذه إحدى آيات ثلاث جاءت في القرآن تتحدث عن إنزاله وعن الزمن الذي أنزل فيه.


والآية الثانية هي قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾، والآية الثالثة قوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾.

وهذه الآيات الثلاث تأكيد بأن القرآن لم يكن - كما يزعم منكرو الرسالة - من صنع محمد - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو من عند الله أنزله بعلمه وحكمته هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.


وقد وصفت الآية الأولى الليلة التي أُنزل فيها بأنها "ليلة مباركة" وهي الصفة التي وصف بها القرآن في قوله تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾، وسميت في الآية الثانية بـ﴿ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾، وهو الشرف وعلو المكانة، وبينت الآية الثالثة أن شهر تلك الليلة هو شهر رمضان الذي فرض الله على المؤمنين صومه تذكيراً بنعمة إنزال القرآن وشكراً لله عليها.

الروايات والآراء:
ومع وضوح الاتساق بين الآيات الثلاث هكذا وتساندها وشد بعضها أزر بعض في تقرير أن القرآن أنزله الله على الناس في ليلة مباركة ذات قدر وشرف، وأن رمضان هو شهر تلك الليلة مع وضوح هذا نرى الروايات والآراء خلقت في كتب التفسير حول هذه الآيات جواً اصطرعت فيه اصطراعاً أثار على الناضرين في القرآن غباراً طمس عليهم محورها الذي تدور عليه، وباعدت بينها في الهدف الذي ترمي إليه، وكان من ذلك ما قيل وذاع بين الناس أن (الليلة المباركة) في الآية الأولى هي: (ليلة النصف من شعبان)، وأن الأمور الحكيمة التي تفرق فيها هي الأرزاق والأعمار وسائر الأحداث الكونية التي يقدرها الله ثم يظهر ما يقع منها في العام للمنفذين من الملائكة الكرام، ويمتد الكلام إلى التفرقة بين التقدير الذي يحصل في تلك الليلة، والتقدير الذي يروى أيضاً عن ليلة القدر، ثم إلى الفرق بين كل من هذين التقديرين اللذين يحملان على هاتين الليلتين (ليلة النصف، وليلة القدر) وبين التقدير الأزلي لهذه الأحداث.. يمتد الكلام في الفرق بين هذه التقديرات الثلاثة بما اعتقد ويعتقد كل مؤمن أنه خوض في محجوب وهجوم على غيوب استأثر الله بعلمها، ولم يرد بها نص قاطع من قبله.



الناس في ليلة النصف:
وكان منه أيضاً اعتقاد العامة وأشباههم أن ليلة النصف من شعبان ليلة ذات مكانة خاصة عند الله، وأن الاجتماع لإحيائها بالذكر والعبادة والدعاء والقرآن مشروع ومطلوب، وتبع ذلك أن وُضِع لهم في إحيائها نظام خاص يجتمعون في المسجد عقب صلاة المغرب ويصلون صلاة خاصة باسم (صلاة النصف من شعبان)، ثم يقرؤون بصوت مرتفع سورة معينة هي سورة "يس" ثم يبتهلون كذلك بدعاء يعرف "بدعاء النصف من شعبان" يتلقنه بعضهم من بعض ويحفظونه على خلل في التلقين، وفساد في المعنى، ويكررونه ثلاث مرات: إحداها "بنية طول العمر" والثانية "بنية دفع البلاء" والثالثة "بنية الإغناء عن الناس" ويعتقد العامة أن في التخلف عن المشاركة في هذا الاجتماع نذيراً "بقصر العمر" و "كثرة البلاء" و "الحاجة إلى الناس" وينتهز بعض تجار الكتب ليلة النصف فرصة يطبعون فيها سورة يس مع الدعاء، ويكلفون الصبية توزيعها في الطرقات والمركبات والمجتمعات منادين على سلعتهم "سورة يس ودعاؤها بخمسة قروش[2]".

دعاء نصف شعبان:
ويواصل فضيلة الإمام حديثه عن دعاء نصف شعبان قائلاً:

فإذا كنت ممن لم يوفقوا إلى قراءة هذا الدعاء أو سماعه فاعلم أنهم يطلبون فيه من الله محو ما كتبه في أم الكتاب من "الشقاوة وتبديله سعادة" و "الحرمان وتبديله عطاء" و "الإقتار وتبديله غنى" ويذكرون في تبرير هذا الطلب وحيثياته أن الله قال في كتابه ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ وهو تحريف واضح للكلم عن مواضعه. فإن هذه الآية سيقت لتقرير أن الله ينسخ من أحكام الشرائع السابقة ما لا يتفق واستعداد الأمم اللاحقة، وأن الأصول التي تحتاجها الإنسانية العامة كالتوحيد والبعث والرسالة وتحريم الفواحش دائمة ثابتة وهي "أم الكتاب" الإلهي الذي لا تغيير فيه ولا تبديل، وإذن فلا علاقة لآية المحو والإثبات بالأحداث الكونية حتى تحشر في الدعاء، وتذكر حيثية للرجاء.

ومن هذا المنطلق يتابع الشيخ أبو الوفاء درويش حديثه عن هذا الدعاء الموضوع منكراً نسبته إلى الحبر الجليل والصحابي النبيل عبدالله بن مسعود، مبرءاً إياه من أن يقول قولاً يناقض القرآن مناقضة صريحة، ويصادم ما ورد من السنة الصحيحة مصادمة واضحة.

معللاً ذلك بقوله:
فتأمل هذه العبارة من الدعاء المشار إليه "اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مقتراً علي في الرزق فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي، وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً. موفقاً للخيرات، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾.

فإن ابن مسعود يعلم أن ما كتبه الله على العباد هو ما علمه من الأسباب المفضية إلى مصايرهم ومجاري حياتهم، وعواقب أمورهم، وخواتم شئونهم مما يجري على سنته تعالى، وسنته تعالى لا تتغير ولا تتبدل. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وقد قال تعالى: ﴿ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً. وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً ﴾، وقال تعالى: ﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾، وقال عليه الصلاة والسلام: "جف القلم بما أنت لاق.. رفعت الأقلام وطويت الصحف".

وليس معنى ذلك أننا نتكل على ما كتب وندع العمل، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا نتكل؟ فقال: لا، بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له.

والله سبحانه يعلم تاريخ حياة الإنسان مفصلاً سنة فسنة، وشهراً فشهراً، وأسبوعاً فأسبوعاً، ويوماً فيوماً، وساعة فساعة، ودقيقة فدقيقة، وأدنى من ذلك وأكثر، يعلم ذلك كله على ما يكون عليه مستقبلاً، وذلك هو الذي كتبه، فما كتبه الله هو ما علمه من شئون العبد المسايرة لسنة الله التي لا تتغير ولا تتبدل.

والناس مخلوقون للعبادة ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾، وهم ميسرون لها ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ﴾، وكل ميسر لما خلق له.

هذا حمل مستكن في بطن أمه، يعلم الله من قبل أن يخلق السموات والأرض أنه يحمل به كذا ويولد يوم كذا.

ويعلم كذلك جميع ما يتصل بحياته من يوم يولد إلى يوم يموت، علماً تاماً كاملاً يقيناً لا شك فيه ولا تردد ولا تغيير ولا تبديل، وإلا انقلب العلم جهلاً. تعالى الله عما يقول الجاهلون علواً كبيراً، فيعلم ربنا - مثلاً - أن هذا الوليد سترضعه أمه أياماً ثم يجف لبنها فتسترضعه وتعهد به إلى فلانة حتى يتم الرضاعة. وفي يوم معين يعلمه تعالى يرسل إلى المدرسة فيتعلم كذا وكذا من العلم.

وفي وقت معين يعلمه تعالى يتصل بعشراء أشرار يفسدون أخلاقه، ويستمر على هذا الفساد كذا وكذا سنة، ثم يوفق في ساعة معينة يعلمها تعالى إلى الجلوس إلى رجل صالح ينصح له فيتجه إلى الخير ويهجر عشراء السوء ويعاشر الأخيار، ويقضي بقية حياته في الخير، ثم يموت على ذلك.

ذلك ما يعلمه الله، وذلك ما كتبه.

وهذا المنهاج خفي علينا فلا ندري ما كتبه الله.

وعلينا أن نتجه إلى الخير ونفعل، وكل ما يبدو من أعمالنا وسلوكنا هو الذي كتبه الله.

وليس معنى هذا أنك لا تدعو، وأنك لا تسأل الله من فضله بل الأمر على النقيض من ذلك، فادع الله بما شئت، وسله من خزائن رحمته كلما أردت، على أن تأخذ في أسباب الاستجابة. لأن الدعاء عبادة واستجابتها تابعة لحكمته. ولا تدع الله بما ينافي سنته الحكيمة، أو يخالف نواميس الوجود، فإنك تعلم أن نواميس الكون لا تتبدل، وأن قوانين الوجود لا تتغير، وأن سنة الله لا تتحول. فاسأل الله من فضله ولكن بغير هذا الأسلوب الذي إن تدبرته عرفت ما فيه من إساءة وسوء تعبير.

وأما قوله تعالى ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ فإنه يتعلق بالشرائع السماوية التي ينزلها على عباده في الأوقات التي يقدرها.

وإذا أنت تدبرت الآية التي قبلها تجلى لك ذلك في وضوح وجلاء. فقد جاء قبل هذه الآية قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴾ [الرعد: 38] فهذا واضح أتم الوضوح في شأن الرسالة والرسل والآيات والمعجزات. فلكل أجل كتاب أي لكل عصر من العصور شريعة توائمه وتناسب استعداد أهله. يمحو الله تعالى من هذه الشرائع عند بلوغ أجلها ما يمحو، ويثبت منها ما يثبت إذا جاء وقته المحدود في علمه تعالى.

فلقد انقضى أجل كتاب موسى وهو التوراة فمحا شريعته وأثبت شريعة عيسى وكتابه، وهو الإنجيل، ولما انقضى أجل شريعة عيسى محاها ونسخ كتابها وأثبت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وثبت كتابها وهو القرآن الكريم الذي ضمن حفظه إلى يوم الدين.

وهذا المحو والإثبات إنما هو في الخارج فقط تنفيذاً لما سبقت به مشيئته. وأما ما في علمه تعالى فلا محو فيه ولا إثبات ولا تغيير ولا تبديل. فقد علم سبحانه أنه سيبعث موسى (مثلاً) بشريعة وكتاب، وأن شريعته تبقى كذا وكذا سنة، ثم ينسخ هذه الشريعة بشريعة رسول آخر اسمه عيسى بن مريم، تظل شريعته قائمة كذا وكذا سنة. ثم ينسخ شريعة عيسى بشريعة نبي آخر هو خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الذي تبقى شريعته إلى يوم الدين.

هذا ما كتبه الله وما علمه، وهو لا سبيل إلى محو فيه ولا إثبات، وإنما يقع كما علم وكما كتب بغير تغيير ولا تبديل.


وأما قوله "في ليلة النصف من شهر شعبان المعظم التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم" فهو وصف غير صحيح لهذه الليلة. فإن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم إنما هي ليلة القدر. وليلة القدر في رمضان بشهادة القرآن الكريم.

قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾.

فدلت هذه الآية على أن نزول القرآن كان في ليلة القدر.

وقال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾.

ودلت هذه الآية الكريمة على أن نزول القرآن كان في شهر رمضان.

وبالجمع بين هاتين الآيتين الكريمتين نجزم يقيناً أن ليلة القدر هي إحدى ليالي شهر رمضان.

وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾[الدخان: 3- 4] فدلت هاتان الآيتان على أن القرآن الكريم أُنزل في ليلة مباركة، فيها يفرق كل أمر حكيم.

وبالجمع بين هذه الآيات نجزم يقيناً كذلك أن الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر إحدى ليالي شهر رمضان.

فثبت إذاً كذب ذلك القول وبُعده عن جادة الحق.

وثبت كذلك أن ابن مسعود في سعة علمه، وعظم فضله، وقوة إيمانه، وحرصه على الحق لا يمكن أن يقول هذا القول المصادم للكتاب والسنة.