عرض مشاركة واحدة
كتبت : ام ناصر**
-
هل يشعر الميّت بزيارة الأحياء له ؟ وهل يأنس بهذه الزيارة ؟

فضيلة الشيخ

ما مدى أستفادة الأموات من زيارة اقربائهم الأحياء .
وهل استئناس الأموات بزيارة الأحياء حقيقة وما مدى هذا الإستئناس .
وماذا لو انقطع الحي عن زيارة قريبة الميت ؟ هل يحس الميت بإنقطاع هذه الزيارة .
زادكم الله علماً .


الجواب :
بارك الله فيك

زيارة الأموات إنما شُرعت لانتفاع الأحياء بها ؛ بالتّذكّر والاتعاظ
ولذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور علل ذلك بقوله : فإنها تذكركم الآخرة .
رواه الإمام أحمد ، وأصله في صحيح مسلم .
وفي رواية لأبي داود : فإن في زيارتها تذكرة .

وأما الأموات فينتفعون بدعاء الأحياء لهم ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام :
إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له .
رواه مسلم .

وهذا ليس خاصاً بزيارة القبور ولا يُشترط أن يكون عندها بل هو عام في الزمان والمكان .

ولما ذكر النبي بر الرجل بوالده بعد موته قال :
إن من أبرّ البرّ صلة الرجل أهل ودِّ أبيه بعد أن يولِّي . رواه مسلم .
ومعنى : " يولِّي " أي يموت .
ولم يذكر من برّ الرجل بأبيه أن يزور قبره كما كان يزوره في حياته .

ومما اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم على سائر الأموات
أن الصلاة والسلام عليه تُعرض عليه صلى الله عليه وسلم .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة ،
فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ .
قالوا : يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ ؟ - يقولون بليت - فقال :
إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء .

رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .

مما يدلّ على أنه من المتعيّن عند الصحابة رضي الله عنهم أن الميت يبلى ولا يعرف من يُسلّم عليه وهو في قبره ،
كما أن الميت لا يردّ على من سلّم عليه .

والصحيح أن الأموات لا يسمعون إلا فيما دلّ عليه الدليل في قوله صلى الله عليه وسلم :
إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم .. الحديث .
رواه البخاري ومسلم .

وأما ما عدا هذه الحالة فإن الأموات لا يسمعون لقوله تبارك وتعالى : ( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى )
ولقوله عز وجل : (وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ )
ولذا تساءل الصحابة رضي الله عنهم لما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم قتلى بدر
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم ،
فقال : يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟
فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا . فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال : يا رسول الله كيف يسمعوا ، وأنى يجيبوا وقد جيّفوا ؟!
قال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا .
ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر .

وفي رواية عند البخاري : إنهم الآن يسمعون ما أقول . فذُكر لعائشة فقالت :
إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق
ثم قرأتْ ( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ) حتى قرأت الآية .
وعند البخاري قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما .

وهذا يدلّ على أن هذا مما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم .

والله تعالى أعلم .


عبد الرحمن السحيم