عرض مشاركة واحدة
كتبت : سوسن .
-
اجمل ما قرات من كتاب صيد الخاطر

- إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة؛ كم من مؤمن بالله - عز وجل - يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالاً له؛ فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر، فيفوح طيبه، فيستنشقه الخلائق، ولا يدرون أين هو.
وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود.
فترى عيون الخلق تعظم هذا الشخص، وألسنتهم تمدحه، ولا يعرفون ولا يقدرون على وصفه؛ لبعدهم عن حقيقة معرفته.
وقد تمتد هذه الأراييح بعد الموت على قدرها؛ فمنهم من يذكر بالخير مدة مديدة، ثم ينسى، ومنهم من يذكر مائة سنة ثم يخفى ذكره، وقبره، ومنهم أعلام يبقى ذكرهم أبداً.
وعلى عكس هذا من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق؛ فإنه على قدر مبارزته بالذنوب، وعلى مقادير تلك الذنوب يفوح منه ريح الكراهة؛ فتمقته القلوب؛ فإن قل مقدار ما جن قل ذكر الألسن له بالخير وبقي مجرد تعظيمه وإن كثر كان قصارى الأجر سكوت الناس عنه لا يمدحونه ولا يذمونه. ص 301 - 302