عرض مشاركة واحدة
كتبت : didi21
-

التنحيف السريع.. وهم تبيعه مراكز التخسيس

رغم التحذيرات العديدة من مراكز علاج السمنة والنحافة والوسائل التي تستخدمها والتي تكون في أغلب الأحيان مضرة صحيا.. فإنها اقتحمت بالتواجد والدعاية المكثفين كلا من الشارع المصري والعربي، خاصة مع بدء الإجازة الصيفية وانتهاء موسم الامتحانات.
فالمشهد الذي يتكرر كل صيف.. تقف المرأة أمام المرآة، فتكتشف أنها قد ازداد وزنها عدة كيلوجرامات في فصل الشتاء، فتقرر فورا التردد على مراكز التخسيس سعيا وراء وصفات "الرجيم" التي تحولت لهوس حقيقي؛ فالسيدات المترددات على هذه المراكز باعتراف أصحاب المراكز أنفسهم في الأغلب لا يعانين من السمنة؛ بل مجرد زيادة طفيفة في الوزن؛ فهن أقرب إلى الرشاقة من السمنة.

وحول مغزى لجوء النساء إلى مثل تلك الأماكن يجيب "محمد فتحي" -مدير أحد مراكز علاج السمنة بالقاهرة- بأن السيدات -خاصة في الفئات مرتفعة الدخل- ينظرن إلى الرجيم كمصدر للتفاخر الاجتماعي، كما أنه من الواضح رسوخ عدد من المفاهيم الخاطئة عن الوزن المثالي للمرأة، والتي تجعل منهن غير سمينات ولكن يعتقدن ذلك. ويبدو كما أكدت لي بعضهن أنهن يسعين إلى رشاقة "سوبر"؛ فلم يعدن يقتنعن بمقاييس الرشاقة العادية؛ لأنهن يتمنين أن تكون أجسامهن كنجمات السينما العالمية؛ لأن نجمات السينما المصرية لم يعدن رشيقات بالشكل المرضي.

رجيمات لمختلف الطبقات
وبانتشار هذه المعتقدات بات الطريق ممهدًا أمام أصحاب مراكز علاج السمنة والنحافة الذين بدؤوا في اللعب على مشاعر الأنوثة لدى السيدات؛ في محاولة لجذب أكبر عدد ممكن، فعمدت هذه المراكز إلى نشر صور لفتيات رشيقات، رافعة شعارات من أمثلة: "لا توجد امرأة دميمة، ولكن توجد امرأة لا تعرف كيف تستغل جمالها".
وأصبح مجال التنافس بين المراكز هو القدرة على تحقيق الهبوط السريع في الوزن في أقل مدة ممكنه؛ فهناك مراكز تستخدم العشب اليمني الذي تصل تكلفته إلى 75 جنيها مصريا (حوالي 12 دولارا أمريكيا)، و100 جنيه مصري للخلطة الخصوصي، ومراكز أخرى تستخدم الإبر الصينية التي تصل سعر جلستها الواحدة إلى 100 جنيه، أما رجيم الأغنياء كما يطلقون عليه فهو "رجيم بصمه الدم" الذي لا يلجأ إليه سوى ميسوري الحال، ويتكلف 2300 جنيه (حوالي 380 دولارا أمريكيا)، وفيه يتم معرفة قدرة الجسم على حرق الدهون والنشاط الحيوي للجسم، وعلى أساسه يتم وضع نظام غذائي للرجيم.

تعددت الطرق والأذى واحد
وحول مدى فاعلية هذه الوسائل في الحصول على الرشاقة ترى الكثيرات من المترددات على هذه المراكز -ومعظمهن في أعمار تتراوح ما بين 20 و35 سنة- أنه على الرغم من فاعلية تلك الوسائل في التخلص من السمنة فإن لها آثارا جانبية تجعلنا نقول لمن ينوي استخدامها: احذر هذه الوسائل.. فـ"منى القاضي" - طالبة بجامعة القاهرة- تقول: ذهبت منذ سنتين إلى أحد المراكز، وكان وزني 80 كيلوجراما، وكنت أريد أن أنقص وزني 10 كيلوجرامات، ونجحت في ذلك بالفعل بالتردد على مركز لعلاج السمنة، إلا أني أصبت بعد ذلك بحالة من الاكتئاب، أرجعها الأطباء إلى أعشاب التخسيس التي تناولتها في هذه المراكز".
أما "إيمان السيد" -موظفة- فتقول: إنها نجحت من خلال هذه المراكز في النزول بوزنها من 85 كجم إلى 70 كجم، إلا أنها بعد أن نجحت في ذلك شعرت ببعض آلام في العظام، فتوجهت إلى طبيب عظام، فأخبرها بأنها تعاني من مرض هشاشة العظام الذي جاء نتيجة للوسائل المتبعة في هذه المراكز". وتطرح "أمينة حمدي" -طالبة- صورة مختلفة من أضرار الرجيم، فتقول: ذهبت إلي أحد المراكز ونجحت في إنقاص الوزن، إلا أنني توقفت عن الرجيم، فزاد وزني أكثر من ذي قبل.
وأخيرا تقدم "شيماء فتحي" -ليسانس حقوق- شكلا آخر من أشكال الضرر؛ فعلي الرغم من نجاحها في إنقاص وزنها من 90 كجم إلى 70 كجم فإنها أصيبت بآلام في كليتها بسبب أنظمة الرجيم القاسية التي اتبعتها.

أعراض وأمراض الرجيم
وسعيا وراء إيجاد تفسير لشكوى من ترددوا على مراكز علاج السمنة وحول ماهية الأعراض الجانبية المترتبة على الأنظمة المتبعة بتلك المراكز يرى د.فوزي الشوبكي أستاذ التغذية والكيمياء الحيوية بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة أن معظم الأعشاب والأدوية التي تستخدمها مراكز التخسيس بها مواد تمنع امتصاص الأغذية عند تناولها، وبالتالي يتسبب عنها بعض الأعراض؛ لأن الجسم يبذل مجهودا كبيرا في إفراز العصارات الهضمية، وفي النهاية لا يستفيد منها؛ مما يحدث خللا في التوازن الغذائي المطلوب، يؤدي إلى نقص للمعادن في الجسم مثل الحديد فيؤدي إلى الأنيميا ونقص الكالسيوم؛ مما يسبب هشاشة العظام.
أما عن أعراض الاكتئاب فهي تحدث -كما يقول- لأن أذهان الأشخاص المتبعين للرجيم السريع غالبا ما تنشغل بأفكار الجوع والقلق من أشكال أجسامهن وانخفاض ثقتهم بأنفسهم، وهذه الأفكار توقف أي نشاطات ذهنية أخرى، وتسبب الاكتئاب وضعف الذاكرة.
وعن زيادة الوزن بعد التوقف عن الرجيم يرجع د.الشوبكي ذلك إلى أن الخفض من الكمية المستهلكة من السعرات الحرارية دون إقران ذلك بالرياضة يؤدي إلى إحداث ضمور في العضلات؛ حيث إن الكتلة العضلية تستهلك من الطاقة كمية كبيرة نسبيا، وإذا كانت العضلات خاملة ولا تعمل فإن الجسم يعمل على التخلص من جزء منها، وذلك بحل جزء من العضلات محولا إياه إلى طاقة للاستهلاك، وهكذا يبقي على الدهون المخزنة ليستخدمها عند الحاجة إليها.
ثم تأتي مرحلة العودة إلى تناول الطعام بدون تحفظات، وهي المرحلة التالية لأي رجيم؛ فنجد أن العضلة الهزيلة سوف تحتاج إلى سعرات حرارية أقل من المعتاد.
أما السعرات الحرارية الإضافية فتتراكم على شكل كتل دهنية، وتظهر علي شكل زيادة في الوزن، وتتكاثر في مناطق تركز الدهون بالجسم بشكل أكبر وأضخم من قبل اتباع الرجيم.
وأخيرا بالنسبة لتأثر الكليتين فإن سببه يكون أجسامًا كيتونية ناتجة عن أكسدة الدهون بنسبة كبيرة في الدم نتيجة سرعة إذابة دهون الجسم بفعل الأدوية والأعشاب، وهذه الأجسام تعتبر سموما ضارة جدا بالكليتين والقلب وجميع أجهزة الجسم.

أصل المشكلة وفصل العلاج
ورغم كل ما سبق وذكرنا من تداعيات للحمية فإن الرغبة في إنقاص الوزن ومشكلة زيادته أزمة تحتاج إلى حل، ويعلق الدكتور مدحت الشامي -استشاري التغذية والميكروبيولوجي بكلية الطب جامعة الإسكندرية- مؤكدا على أن المشكلة الأساسية للسمنة وراثية بالدرجة الأولى، فإذا كان أحد الأبوين مصابا بالسمنة فهناك احتمال لوراثتها بنسبة 40% وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 80% إذا كان الوالدان مصابين بهذه السمنة.
أما الذين يصابون بها لأسباب غير وراثية فعليهم أن يتبعوا نظاما للتنحيف ينقسم إلى ثلاث حلقات متصلة:
الأولى: نظام سلوكي يشمل الإرادة التامة النابعة من الشخص ذاته، ثم الحالة المزاجية والنفسية، بالإضافة إلى اتباع سلوك غذائي في تنظيم الوجبات ومواعيدها حفاظا على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم، وهذا بمفرده يكون له دور في إنقاص الوزن.
الثانية: النظام الغذائي؛ حيث يمكن تناول جميع أنواع الطعام لكن بكميات بسيطة، والبعد عن الأطعمة ذات السعرات العالية.
الثالثة والأخيرة: النظام الحركي، ويتمثل في الرياضة، وهي أساس ضروري لنجاح أي رجيم حتى ولو كانت في أبسط صورها، وهي المشي؛ لأن ما يدخل الجسم من أطعمة هي مولدات للطاقة يجب حرقها حتى لا يتم تخزينها كمواد دهنية.