:: الإجابات الْجَلِيَّة عن الشُّبُهات الرافضية :: للشيخ عبدالرحمن السحيم

مجتمع رجيم / شبهات وردود
كتبت : || (أفنان) l|
-
قال الرافضي :
السؤال الرابع :
إذا كان قولنا بعدم محبة عائشة ومودتها موجب للكفر ، فما هو قولكم في من حاربها وأراد قتلها؟
الـردّ :
ألا يعلم الرافضي أنه بقوله هذا يُسيء إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
عليّ رضي الله عنه لم يُرِد قَتْل عائشة رضي الله عنها .
بل قال لها يا أمّـه .
ففي التاريخ أنه لما كان نهاية وقعة الْجَمَل ، وحُمِل هودج عائشة ، وأنه لكالقنفذ من السهام ،
ونادى منادى عليّ في الناس : إنه لا يتبع مُدبر ولا يُذَفَّف على جريح ، ولا يَدخُلوا الدُّور ، وأمَرَ عليّ نفراً أن يحملوا الهودج من بين القتلى ،
وأمر محمد بن أبي بكر وعماراً أن يضربا عليها قبة ، وجاء إليها أخوها محمد فسألها : هل وصل إليك شيء من الجراج ؟
فقالت : لا ، وما أنت ذاك يا ابن الخثعمية ؟ وسلّم عليها عمار ،
فقال : كيف أنت يا أم ؟ فقالت : لست لك بأم ؟ قال : بلى وإن كرهتِ ! وجاء إليها علي بن أبي طالب أمير المؤمنين مُسَلِّماً ،
فقال : كيف أنت يا أمّـه ؟ قالت : بخير ، فقال : يغفر الله لك . وجاء وجوه الناس من الأمراء والأعيان
يُسَلِّمُون على أم المؤمنين رضي الله عنها .
فهل كان عليّ رضي الله عنه يُريد قَتْل عائشة رضي الله عنها ؟
أما لو كان يُريد ذلك لما أمر بالهودج أن يُحمَل ، بل يأمر أن يُجهز عليها ، وحاشاه ذلك .

وفي كُتُب التاريخ : ثم جاء عليّ إلى الدار التي فيها أم المؤمنين عائشة ، فاستأذن ودخل فَسَلَّم عليها وَرَحَّبَتْ به .
بل أمَرَ عليّ رضي الله عنه بِجَلْدِ من نال من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ففي كُتب التاريخ أن علياً رضي الله عنه لما سلّم على عائشة ورحّبت به ، ثم خَرَج من الدار ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين إن على الباب رجلين ينالان من عائشة !
فأمَرَ عليٌّ القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة ، وأن يُخرجهما من ثيابهما .

وفي دواوين التاريخ : أن أم المؤمنين عائشة لما أرادت الخروج من البصرة بَعَثَ إليها عليّ رضي الله عنه بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك ، وأذن لمن نجا ممن جاء في الجيش معها أن يَرجع إلا أن يحب المقام ، واختار لها أربعين امرأه من نساء أهل البصرة المعروفات ، وسَيَّر معها أخاها محمد بن أبي بكر ، فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء عليٌّ فوقف على الباب وحضر الناس معه ، وخَرَجَتْ من الدار في الهودج فَوَدَّعَتِ الناس ، وَدَعَتْ لهم ،
وقالت : يا بَنِيَّ لا يعتب بعضنا على بعض ، إنه والله ما كان بيني وبين عليّ في القِدَم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها ،
وإنه على مَعتبتي لمن الأخيار .
فقال عليٌّ : صَدَقْتِ ، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك ، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة . وسار علي معها مُوَدِّعا ومُشيِّعاً أميالا ، وسَرَّحَ بَنِيهِ معها بقية ذلك اليوم .
وهذا يدل على أن علياً رضي الله عنه لم يُرِد أن يَقتُل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وأنها سار معها وودّعها ،
ولم يُنقل عنه كلمة واحدة في الطّعن في عائشة رضي الله عنها .

ولذلك لما سأل بعض أصحاب عليّ علياً أن يَقْسِم فيهم أموال أصحاب طلحة والزبير ، فأَبَى عليه ، فطعن فيه السبئية !
وقالوا : كيف يحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا أموالهم ؟
فبلغ ذلك علياً ،
فقال: أيكم يحب أن تصير أم المؤمنين في سهمه ؟
فسكت القوم .

وهذا إقرار من عليّ رضي الله عنه بأن عائشة أم المؤمنين ، وهو إقرار عمّار أيضا – كما سيأتي –
ولكن الرافضة لا ترضى بما رضيه عليّ رضي الله عنه ولا بما رضيه أصحابه رضي الله عنهم .

وهذا ما فهمه أصحابه رضي الله عنهم ، فقد قام عمار رضي الله عنه على منبر الكوفة فذكر عائشة ، ذكر مسيرها ،
وقال : إنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، ولكنها مما ابتليتم . رواه البخاري .

وروى البخاري من طريق عبد الله بن زياد الأسدي قال : لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث عليٌّ عمار بن ياسر وحسن بن عليّ فقدِما علينا الكوفة فصعدا المنبر ، فكان الحسن بن عليّ فوق المنبر في أعلاه وقام عمار أسفل من الحسن ، فاجتمعنا إليه فسمعت عمارا
يقول : إن عائشة قد سارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ،
ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي ؟
وروى الإمام أحمد في فضائل الصحابة من طريق عريب بن حميد قال : رأى عمار يوم الجمل جماعة ، فقال : ما هذا ؟
فقالوا : رجل يسب عائشة ، ويقع فيها . قال : فمشى إليه عمار فقال : اسكت مقبوحا منبوحا ! اتقع في حبيبة رسول الله ؟
إنها لزوجته في الجنة .
وذَكَرَ ابن كثير أن عماراً سمع رجلا يسب عائشة ، فقال : اسكت مقبوحا منبوحا !
والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعوه أو إياها .

وفي رواية أنه قال له بعدما لَكَزَهَ لَكَزَات .
فإذا كان هذا قول أحد المقرّبين إلى عليّ رضي الله عنه ، وهو أنه كان ينهى عن سبّ عائشة رضي الله عنها ،
ويُشدِّد في النهي ، فهل يُظنّ أنهم كانوا يُريدون قَتلها رضي الله عنها ؟

ونحن نرضى لأنفسنا ما رضيه عمار بن ياسر رضي الله عنه .

ونحفظ ألسنتنا عن فتنة طهّر الله منها أسيافنا .

هذا هو شأن الأخيار في معرفة الفضل لأهله ، ولا يَعرف الفضل إلا أهل الفضل .

ولما نَقَل ابن كثير ما جرى من أحداث في وقعة الجمل قال :
هذا ملخص ما ذكره أبو جعفر بن جرير رحمه الله عن أئمة هذا الشأن ، وليس فيما ذكره أهل الأهواء من الشيعة وغيرهم من الأحاديث المختلفة
على الصحابة والأخبار الموضوعة التي ينقلونها بما فيها ، وإذا دعوا إلى الحق الواضح أعرضوا عنه ،
وقالوا : لنا أخبارنا ولكم أخباركم ! فنحن حينئذ نقول لهم : ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ).
كتبت : || (أفنان) l|
-
قال الرافضي :
السؤال الخامس :
أن عائشة زوج النبي خلال حياتها وخلال خلافة عثمان كان لها موقف حاد ضد الخليفة لدرجة التحريض على قتله وتشبيهه باليهودي نعثل .
فما هو سبب خروجها على إمام زمانها الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصا المسلمين ؟
هل هو حبها ومودتها لعثمان الخليفة المقتول بلسانها وسيوف الصحابة أم عداوتها لعلي بن أبي طالب الخليفة الشرعي المختار من قبل الصحابة ؟

الـردّ :
لم تُحرِّض عائشة رضي الله عنها الناس ضد عثمان رضي الله عنه .
ولم يصحّ في ذلك نَقْل يُعتمَد عليه .
وقد كُذب على عائشة رضي الله عنها ، والذين كذَبُوا عليها هم الذين أوقدوا الفتنة تحت رئاسة اليهودي ( المترفّض ) ابن سبأ !
وسبب كذبهم عليها معرفتهم بقدر أم المؤمنين عند الناس ، إذ هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هي أحب زوجاته إليه ، وعلِموا أن الباطل لا يَروج إلا بأن يُلصَق بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
وعائشة رضي الله عنها نَفَتْ ذلك ، بل أقسَمْ أنها ما كتبت في ذلك شيئا ، فقالت رضي الله عنها :
والذي آمن به المؤمنون ، وكَفَر به الكافرون ما كَتَبتُ سواداً في بياض .
قال الأعمش – وهو من رواة الحديث وفيه تشيّع - :
فكانوا يَرون أنه كُتِب على لسانها .
كما علِم أهل الفتنة مكانة عليّ رضي الله عنه فَكَتَبُوا على لسانهم كُتُباً يَدعون فيها بالخروج على عثمان رضي الله عنه .
فنحن نعتقد أن عائشة كُذِب عليها كما كُذِب على عليّ رضي الله عنه .
فإن أثبت الرافضة مكاتبات عائشة وثورتها على عثمان فليُثبِتوا ذلك عن علي رضي الله عنه .
وحاشا عليّ رضي الله عنه وحاشا عائشة رضي الله عنها أن يكونوا من دُعاة الفتنة .

ثم إن قول الرافضي : (لدرجة التحريض على قتله وتشبيهه باليهودي نعثل )
أقول هذا كذب صريح ، وهذا لو صحّ عن عائشة رضي الله عنها لما نَطَق به الرافضة ، لأمور :
الأول : شدّة عداوتهم لعائشة رضي الله عنها ، فكيف يأخذوا بقولها ؟
والرافضة لا تزال إلى اليوم تُسمي عثمان رضي الله عنه ( نعثل ) .
فهل بلغ حب الرافضة لعائشة رضي الله عنها أن يتشبّهوا بها حتى في اللفظ !!!

الثاني : أن الرافضة يتديّنون بمخالفة العامة ( أهل السنة ) ويقولون في ذلك : كل خير فيما خالَف العامة .
ففي ( الكافي 1/68) يَروون عن أبي عبد الله وقد سُئل :
قُلْتُ : فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ ؟ قَالَ : يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ ! فَيُؤْخَذُ بِهِ وَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَافَقَ الْعَامَّةَ . قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَوَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَالآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ . بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ ؟ قَالَ : مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ .

فلو كانت عائشة نَطَقتْ بذلك لما تلفّظ به الروافض !

الثالث : أن أئمة الرافضة يعترفون بأنفسهم بأن الشيعة هم قَتَلة عثمان رضي الله عنه .
ويتبجّحون بذلك .
ويُصرِّح الصفّار المعاصر بان الشيعة هم قَتَلَة عثمان رضي الله عنه ، ويتّهم عمار بن ياسر بأنه هو المخطِّط لذلك .
وهو بصوته هنا :
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة الرابط للتسجيل اضغط هنا]


وكَذّب الصّفار !
فإن الحسن والحسين كانا يُدافِعان عن عثمان رضي الله عنه .
قال ابن كثير :
كان الحصار مستمرا من أواخر ذي القعدة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة ، فلما كان قبل ذلك بيوم قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين والأنصار - وكانوا قريبا من سبعمائة ، فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين ومروان وأبو هريرة
وخلق من مواليه ، ولو تركهم لَمَنَعُوه - فقال لهم : أُقْسِم على من لي عليه حق أن يكف يده ، وأن ينطلق إلى مَنْزِله .
وعنده من أعيان الصحابة وأبنائهم جمّ غفير ، وقال لرقيقه : من أغمد سيفه فهو حرّ .
فَبَرَدَ القتال من داخل وحَمِي من خارج ، واشتد الأمر ، وكان سبب ذلك أن عثمان رأى في المنام رؤيا دلّت على اقتراب أجله ،
فاستسلم لأمر الله رجاء موعوده ، وشوقاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليكون خير ابني آدم حيث قال حين أراد أخوه قَتْلَه :
( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ )
ورُوي أن آخر من خَرَجَ من عند عثمان من الدار بعد أن عَزَمَ عليهم في الخروج الحسن بن عليّ ، وقد جُرِح . اهـ .
فهذا الثابت في كُتب التاريخ من أن الحسن والحسين كانا مع عثمان في الدار ، وكانا ممن أراد الدفاع عن عثمان بل والقتال معه .
فهل يُقال بعد ذلك : إن آل البيت هم الذين خَرَجوا على عثمان ؟
إن هذه مَنقصَة ومثلَبَة ، وليست مما يُمدَح به آل البيت .
إن الغدر ليس من شِيَم الرِّجال .
وإنما المظنون بآل البيت بل والمعروف عنهم الوفاء .
كيف لا ؟ وهم نسل النبي صلى الله عليه وسلم وقرابته .

وأما قول الرافضي :
( فما هو سبب خروجها على إمام زمانها الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصا المسلمين ؟ )
أقول : هي لم تَخرَج عليه ، بل خَرَجتْ رجاء أن يُصلح الله بها بين فئتين .
فقد أرسلت عائشة إلى عليّ تُعْلِمه أنها إنما جاءت للصلح .
كما في كُتب التواريخ .
وقد تقدّم أنها أثَنَتْ على عليّ رضي الله عنه ، وأثنى عليها .
كما أنها ندِمت في خروجها ذلك لما كان فيه ، مع أنها لم تخرج أصلا إلا للإصلاح .
قالت عائشة لابن عمر : ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا قد استولى على أمرك ، وظننت أنك لن تخالفيه .
يعني ابن الزبير قالت : أما أنك لو نهيتني ما خرجتُ .

ثم إن الذي أنشب الحرب هم أهل الفتنة ودعاتها والذين تستّروا بحبّ عليّ رضي الله عنه .
وهم الذين كانوا يُخالِفون علياً ، إن أمرهم لم يأتمروا ، وإن نهاهم لم ينتهوا .
وهذا هو شأن أدعياء المحبة في كل زمان ومكان .
وهل ما قاله الصفّار من دعوى أن عمار بن ياسر رضي الله عنه هو الذي قاد الثورة ضد عثمان رضي الله عنه ينطبق عليه قولك
هنا في حق عائشة رضي الله عنها ؟
مع أننا نُبرئ عمار بن ياسر وعائشة من ذلك .
وأنتم تُثبتونه ؟
فأجيبوا عما أثبتموه في ضوء ما قررته من قولك :
(الذي يستوجب الخروج عليه الموت على غير دين الإسلام وشق عصا المسلمين ؟) .
كتبت : || (أفنان) l|
-
قال الرافضي :
السؤال السادس :
قال رسول الله (ص) في حق علي ما نصه :"من كنت مولاه فعلي مولاه" .
"علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي" .
"إن هذا خليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا " .
"علي مع الحق والحق مع علي " .
"من أطاع عليا فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله" .
فإذا كانت كل هذه الأحاديث لا تدل على خلافة علي وأحقيته بالخلافة ، فما هي العبارات التي تطلبونها للدلالة على الخليفة بعد النبي ؟
وإذا كان قول النبي من كنت مولاه فعلي مولاه دليل محبة فقط ، فالنبي حسب زعمكم كان يحب أبا بكر وعمر . فهل عندكم أحاديث تفيد أن النبي استخدم نفس الألفاظ معهما ؟
وهل قال لهما : إن أبا بكر وعمر وليا كل مؤمن بعدي ؟
طالما أن هذا القول دليل محبة فقط ؟


الـردّ :

حديث : " من كنت مولاه فعلي مولاه " رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
وحديث : " عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي " رواه الإمام أحمد والترمذي ، وهو صحيح .
وصحّ عند أهل السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِعليّ : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى . رواه البخاري ومسلم .
ويوضِّح هذا ويُبيِّنه ما جاء في سبب هذه الرواية ، وهو ما رواه البخاري ومسلم من طريق مصعب بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف علياً ، فقال : أتخلفني في الصبيان والنساء ؟
قال : ألا ترضى أن تكون مِنِّي بمنزلة هارون من موسى ؟
إلا أنه ليس نبي بعدي .
وموسى عليه الصلاة والسلام قد خَلَفه هارون عليه الصلاة والسلام عندما ذهب موسى لميقات ربِّـه .
ولم يَخلفه في النبوة ، لأنه مات قبله .
قال الإمام القرطبي :
لا خلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُرِد بمنزلة هارون من موسى الخلافة بعده ، ولا خلاف أن هارون مات قبل موسى عليهما السلام ،
وما كان خليفة بعده ، وإنما كان الخليفة يوشع بن نون ، فلو أراد بقوله : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " الخلافة ،
لقال : أنت مني بمنزلة يوشع من موسى ، فلما لم يَقُل هذا دل على أنه لم يُرِد هذا ،
وإنما أراد أني استخلفتك على أهلي في حياتي وغيبوبتي عن أهلي كما كان هارون خليفة موسى على قومه لما خرج إلى مناجاة ربه . اهـ .

وصح عند أهل السنة قول عليّ رضي الله عنه :
والذي فلق الحبة وبَرأ النَّسَمَة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يُحبّني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق . رواه مسلم .

أما حديث : " إن هذا خليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا " فهو حديث موضوع مكذوب لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولو صح ما كان لأحد أن يُخالِفه ، وما كان لعليّ رضي الله عنه أن يسكت ، ولا يُنفِّذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وحسبك منقصة لِعليّ أن يُزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأمر ولم يُنفِّذه .
سأل حفص بن قيس عبدَ الله بن الحسن بن علي رضي الله عنهم عن المسح على الخفّين .
فقال : امسَح ، فقد مَسَح عُمر بن الخطاب رضي الله عنه . قال : فقلت : إنما أسألك أنت تمسح ؟
قال : ذاك أعجز لك ! أُخبِرك عن عُمر وتسألني عن رأيي . فَعُمَر كان خيراً مِنِّي ومن ملء الأرض .
فقلت : يا أبا محمد ، فإن ناساً يَزعمون أن هذا منكم تقيّة !
قال : فقال لي – ونحن بين القَبر والمنبر – : اللهم إن هذا قولي في السر والعلانية ، فلا تسمعنّ عَلَيَّ قول أحد بعدي .
ثم قال : من هذا الذي يَزعم أن عليا رضي الله عنه كان مقهوراً ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَه بأمر ولم يُنفذه ؟
وكفى بإزراء على عليٍّ ومَنقَصَة أن يُزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَره بأمرٍ ولم يُنفِذه .

وكذلك حديث : " "علي مع الحق والحق مع علي " .
وحديث : "من أطاع عليا فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله "
هذه لا تثبت ولا تصح عند أهل العلم ، وفيما صحّ في فضائل أبي الحسن غُنية وكفاية .
وسبق لي التفصيل في سيرة أبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه ، والتفصيل هنا :

وقول الرافضي :
فإذا كانت كل هذه الأحاديث لا تدل على خلافة علي وأحقيته بالخلافة ، فما هي العبارات التي تطلبونها للدلالة على الخليفة بعد النبي ؟

الـردّ :
أقول لو كانت هذه الأحاديث – ما صحّ منها – تدلّ على خلافة عليّ وأحقّيته بالخلافة أكان يجوز لأبي الحسن رضي الله عنه وأرضاه مع شجاعته وإمامته في الدِّين – أكان يجوز له السكوت ؟
أكان يجوز له ترك تنفيذ وصية النبي صلى الله عليه وسلم ؟
إنكم حينما تطعنون في خلافة الخلفاء الثلاثة تطعنون في عليّ رضي الله عنه من حيث لا تشعرون
كيف ذلك ؟
تطعنون في عليّ رضي الله عنه أنه قصّر في تنفيذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمّه ووالد زوجته وجدّ أولاده !

ومما يؤكِّد أنه عليه الصلاة والسلام لم يُوصِ وصية صريحة لأحد من آل بيته ما رواه البخاري من طريق عبد الله بن عباس أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه ،

فقال الناس : يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

فقال : أصبح بحمد الله بارئا .
فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له : أنت والله بعد ثلاث عبد العصا ، وإني والله لأرى رسول الله
صلى الله عليه وسلم سوف يتوفى من وجعه هذا ، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت .
اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنسأله فيمن هذا الأمر .
إن كان فينا علمنا ذلك ، وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا .

فقال عليّ : إنا والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده ،
وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فلو كان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يفهم من تلك النصوص أنه وصيّ النبي صلى الله عليه وسلم أكان يقول : إنا والله لئن سألناها
رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده ، وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروى البخاري ومسلم من طريق إبراهيم عن الأسود بن يزيد قال : ذَكَرُوا عند عائشة أن عليا كان وصيا.
فقالت : متى أوصَى إليه ؟
فقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت : حجري ، فدعا بالطست فلقد انخنث في حجري وما شعرت أنه مات ، فمتى أوصَى إليه ؟
ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لِعليّ رضي الله عنه فلماذا اختلف علماء الرافضة قبل غيرهم في الوصية ؟
فعلماء الرافضة قد اختلفوا فيما بينهم : هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعليّ أو لم يُوصِ ؟
وسمعت مرّة رافضيا وقِحا يقول : أخطأت يا رسول الله إذ لم تُوصِ .
قبّحه الله من خطيب وقبّحه الله من مذهب يُخطّئ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا هو التناقض بعينه !
ففريق يزعمون أنه أوصى لِعليّ وفريق يُخطِّئونه لأنه لم يُوصِ .

وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء لمن بُويع أولاً ، فقال : ستكون خلفاء فتكثر .
قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فُوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم .
رواه البخاري ومسلم .
فالذي بُويع له أولاً هو أبو بكر .

فقول الرافضي :
وإذا كان قول النبي من كنت مولاه فعليّ مولاه دليل محبة فقط ، فالنبي حسب زعمكم كان يحب أبا بكر وعمر . فهل عندكم أحاديث تفيد أن النبي استخدم نفس الألفاظ معهما ؟
وهل قال لهما : إن أبا بكر وعمر وليا كل مؤمن بعدي ؟

فـ
الـردّ :
أما محبته صلى الله عليه وسلم لأبي بكر فظاهره ، وأبو بكر رضي الله عنه زكّاه الله تعالى وزكّاه رسوله صلى الله عليه وسلم .
فمن ذلك :
قوله تعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) .
والذي كان معه صلى الله عليه وسلم في الغار هو أبو بكر رضي الله عنه .
فمن خاطَرَ بنفسه وماله غير أبي بكر في الهجرة ؟
قالت أسماء : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف ، أو ستة آلاف درهم ،
فانطلق بها معه . قالت : فدخل علينا جدي أبو قحافة ، وقد ذهب بصره ،
فقال : والله إني لأراه قد فجعكم بِمَالِه مع نفسه !
قالت : قلت : كلا يا أبت ، إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا .
قالت : فأخذتُ أحجارا فوضعتها في كوّة في البيت كان أبي يضع فيها ماله ، ثم وضعت عليها ثوبا ،
ثم أخذت بيده فقلت : ضع يدك يا أبت على هذا المال .
فوضع يده فقال : لا بأس إن كان ترك لكم هذا فقد أحسن ، ففي هذا لكم بلاغ .
قالت : ولا والله ما ترك لنا شيئا ، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك
. رواه ابن إسحاق في السيرة ، وأورده أصحاب التواريخ ، وقال د . الصلابي : وإسناده صحيح .

وقوله تعالى : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
فإنه جاء في تفسير هذه الآية : والذي جاء بالصدق : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصدّق به : أبو بكر رضي الله عنه .

وأما الأحاديث التي تدل على محبته صلى الله عليه وسلم وتزكيته للخلفاء الراشدين ، فمن ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم :
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم والأمور المحدثات ، فإن كل بدعة ضلالة .
رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم .
وقوله صلى الله عليه وسلم في حق الشيخين : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر .
رواه الإمام أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح .

بل هناك ما هو أصرح في النصّ على خلافة الصدّيق رضي الله عنه ، فمن ذلك :
روى البخاري ومسلم من طريق عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه .
قالت : أرأيت إن جئت ولم أجدك - كأنها تقول الموت - قال صلى الله عليه وسلم : إن لم تجديني فأتي أبا بكر .
وقال صلى الله عليه وسلم في حق أبي بكر : لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخي وصاحبي .
رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، ورواه مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
فهذا صريح في إثبات الأخوّة والصُّحبة لأبي بكر رضي الله عنه ،
فإنه صلى الله عليه وسلم قال عن أبي بكر : أخي وصاحبي .
ومن ذلك أيضا :
ما روه البخاري عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بِخِرْقَـة ، فقعد على المنبر
، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس من الناس أحد أمَنّ عليَّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ،
ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن خلة الإسلام أفضل ، سُدّوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر .

ومما فيه النص الصحيح الصريح على خلافة أبي بكر رضي الله عنه ما رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى مُتَمَنٍّ ويقول قائل : أنا أولى .
ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

قال ابن أبي العز الحنفي :
ولو كتب عهداً [ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ] لَكَتَبَه لأبي بكر ، بل قد أراد كتابته ثم تركه وقال : يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر .
فكان هذا أبلغ من مجرد العهد ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دلّ المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله ، وأخبر بخلافته إخبار راضٍ بذلك حامد له ، وعَزَم على أن يكتب بذلك عهداً ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك . اهـ .

ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما مرض مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن ، فقال : مُرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس ،
فقيل له : إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يُصلي بالناس ، وأعاد فأعادوا له ،
فأعاد الثالثة : مُرُوا أبا بكر فليصل بالناس ، فخرج أبو بكر فصلى ، فَ
وَجَد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خِفّـة فخرج يُهادَي بين رجلين ، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي
صلى الله عليه وسلم أن مكانك ثم أُتِيَ به حتى جلس إلى جنبه . رواه البخاري ومسلم .

ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن نبيكم صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة لم يُقْتَل قتلاً ولم يَمُتْ فجأة ، مرض ليالي وأياما يأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة ، وهو يرى مكاني فيقول : ائت أبا بكر فليُصَلِّ بالناس ، فلما قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَظَرتُ في أمري فإذا الصلاة عظم الإسلام وقوام الدين ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ، بايعنا أبا بكر .
رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى وابن عبد البر في التمهيد وابن عساكر في تاريخ دمشق .
وفي رواية : لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس وإني لشاهد ما أنا بغائب ، ولا في مرض ،
فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي صلى الله عليه وسلم لديننا .
فنحن نرضى بمن رضي به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
- وسيأتي أن عليا رضي الله عنه بايَع أبا بكر بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها -
ومما يدلّ على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الحجة التي قبل حجة الوداع وأمّره عليها يؤذن في الناس : ألا لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .
فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام ، فلم يحجّ عام حجة الوداع الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم مُشرِك .
وفي رواية للبخاري : ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بِعَلِيّ بن أبي طالب وأمَرَه أن يؤذن ببراءة .
وهذا يدلّ على أن علياً رضي الله عنه كان تحت إمرة أبي بكر في تلك الحجّة التي قَبْل حجّة الوداع .
فهذه أحاديث صحيحة صريحة في إثبات أخوة أبي بكر وصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، بل وفي النصّ على خلافته .

وعليّ رضي الله عنه أثبت خلافة أبي بكر بقوله وفِعله .
أما قوله فقد تقدّم قوله : فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي صلى الله عليه وسلم لديننا .

عدم منازعتهم
وأما فِعله فـ :
أبي بكر في أمر الخلافة .

قبوله لأحكام أبي بكر رضي الله عنه ، ولو كان عليّ رضي الله عنه يَرى أن أبا بكر ليس هو الخليفة ، أو يرى أنه غاصب لحق آل محمد –
كما تقول الرافضة – لم يُمضِ أحكامه .

ومن أظهر الأحكام التي أمضاها قبوله لِسَبي أبي بكر ، فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخذ جارية من سَبي بني حنيفة ، فإن أم محمد بن الحنفية من سَبْي بني حنيفة ، ومحمد بن علي يُنسب إلى أمِّـه فيُقال : محمد بن الحنفية .

فلو كان علياً رضي الله عنه لا يَرى خلافة أبي بكر أكان يأخذ سبيّة من سبايا حَرب سيّرها وأمَر بها الصدِّيق رضي الله عنه ؟
ولما قَدِم خالد بن سعيد بن العاص بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر وعليه جبة ديباج فلقي عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب فصاح عمر بمن يليه : مزقوا عليه جبته ، أيَلبس الحرير ؟ فمزَّقوا جبته .
فقال خالد لِعليّ : يا أبا الحسن يا بني عبد مناف أغُلبتم عليها ؟
فقال عليّ عليه السلام : أمُغالبة ترى أم خلافة ؟
قال : لا يُغالب على هذا الأمر أولى منكم يا بني عبد مناف .
وقال عمر لخالد : فضّ الله فاك ، والله لا يزال كاذب يخوض فيما قلتَ ، ثم لا يضرّ إلاّ نفسه .
ذَكَره ابن جرير الطبري في تاريخه وابن عساكر وابن كثير وغيرهم .

وفضائل أبي بكر شهد بها أئمة آل البيت رضي الله عنهم ، فمن ذلك :
ما أخرجه الدارقطني في الأفراد من طريق أبي إسحاق عن أبي يحيى
قال : لا أحصي كم سمعت علياً يقول على المنبر : إن الله عز وجل سَمَّى أبا بكر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم صِدِّيقاً .
ذكره ابن حجر في الإصابة .
قال : وأخرج البغوي بسند جيد عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال : وَلِينا أبو بكر فخير خليفة ؛ أرحم بنا ،
وأحْنَاهُ علينا .

وقول الإمام جعفر الصادق رحمه الله ورضي الله عنه : أوْلَدَني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه .. ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جـدَّ إمـامـه.
وقول جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يـا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ،
ثم قال جعفر :يا سالم أيسُبُّ الرجل جــدّه ؟أبوبكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما ، وأبْرَأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ،
قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بِزين العابدين - فقال: أخبرني عن أبي بكر ؟
قال : عن الصديق تسأل ؟ قال:وتسميه الصديق ؟
قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسَمِّـه صديقا ،
فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحبّ أبا بكر وعمر وتَوَلّهما ، فما كان من أمـْرٍ ففي عُنقي .
ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .

وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانةِ صاحبه في الغار
، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنْزِلتهما مِنه الساعة .

وهل يُصاحب الخيّر إلا الأخيار ؟
وهل يُنبتّ الخَطّيُّ إلا وشيجه *** وهل تنبت إلا في منابتها الشجر
فإذا انتقص أحدٌ أبا بكر أو انتقص عمر – رضي الله عنهما فإنه في الحقيقة منتقصٌ لمن اتّخذهما صديقين وصاحبين .
ومُنتقِص لمن تولاّهما ولمن كان له بهما صِلة نسب وقَرابة .
فمن سبّ أبا بكر فقد سب الإمام جعفر الصادق وأساء إليه.

وإذا كان الصديق رضي الله عنه وعُمر غصبا آل محمد حقّهم – كما تزعم الرافضة – أكانوا يُناكِحونهم ، فيَتزوّجون منهم ويُزوّجونهم ؟
إن هذا غير مُتصوّر في وجود عداوة .
وهذا خلاف ما تزعمه الرافضة ، فإن الإمام عليّ زوّج عمر ابنته أم كلثوم .
ومحمد بن علي بن الحسين بن علي – المعروف بـ (الباقر) تزوّج فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم .
وجدّة جعفر الصادق هي : أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم .

وعُمر رضي الله عنه تزوّج أم كلثوم بنت عليّ كما تقدّم .
روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن الزبير بن بكار قال في تسمية ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : وأم كلثوم بنت عليّ خطبها عمر بن الخطاب إلى عليّ بن أبي طالب وقال : زوجني يا أبا الحسن ،
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري . فَزَوّجه إياها ، فولدت لعمر زيداً ورقية .
تزوج رقية بنت عمر إبراهيم بن نعيم فماتت عنده ، ولم يترك ولداً ، وقُتِلَ زيد بن عمر ،
قَتَلَه خالد بن أسلم مولى آل عمر بن الخطاب خطأ ، ولم يترك ولداً ، ولم يَبْقَ لعمر بن الخطاب ولد من أم كلثوم بنت علي .

والرافضة نتيجة بغضهم لِعُمَر يُنكرون هذه الرواية ، وهي ثابتة صحيحة .

فهذه أحاديث في إثبات محبة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر .
وهذه أحاديث في النص على خلافة أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذه آثار عن بعض أئمة آل البيت في إثبات إمامة أبي بكر وعُمر .
وهذه المعقولات والمنقولات لمن كان له عقل ، ولمن كان له قلب .
قال سالم بن أبي الجعد : قلت لمحمد بن الحنفية لأي شيء قُدِّم أبو بكر حتى لا يُذكر فيهم غيره ؟
قال : لأنه كان أفضلهم إسلاما حين أسلم ، فلم يَزَل كذلك حتى قبضه الله .
ومحمد بن الحنفية هو محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه .
كتبت : || (أفنان) l|
-
قال الرافضي :
السؤال السابع :

تبعا لمبدأ العقلانية يُفترض بأي فرقتان تتقاتلان أن تكون إحداهما على حق والأخرى على الباطل ، أوأن الاثنتين على الباطل؟

فطبقوا نفس السؤال على معارك الجمل وصفين.

الـردّ :
قوله : (يُفترض بأي فرقتان) يحتاج إلى تصحيح لغوي !

ونقول : تبعا لمبدأ العقلانية : ألا يُمكن أن يكون الفريقان على حقّ ؟
الجواب : بلى .


وقد أثبت الله وَصْف الإيمان للمقتتلِين ،

فقال تبارك وتعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَافَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ
إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .

أما أهل الجَمَل فتمّ الإصلاح بينهما كما تقدّم ، واكرم عليّ رضي الله عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ولا يُظنّ بأبي الحسن غير ذلك .

وأما أهل صِفِّين فتم الاصطلاح على أمر التحكيم .

فلا نعلم أن فريقا بغى على الآخر .

وقد قال سبحانه وتعالى : (
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .
فالله أثبت الإيمان لكلا الطائفتين ، فهل تستطيع أنت أن تنفي الإيمان عن إحدى الطائفتين ؟

وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم أن المختَلِفِين من المسلمين ،
فقال : ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين

. رواه البخاري .
فكلا الطائفتين والفِئتين من المسلمين .


ولهذا كان أهل السنة لا يخوضون في ما وقع بين الصحابة لأن هذا مما يُوغِر الصّدور ، ولأننا قد نُهينا عن الخوض في ذلك ، وأُمِرنا بالسكوت إذا ذُكِر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : إذا ذُكر أصحابي فأمْسِكُوا ،

وإذا ذُكرت النجوم فأمسكوا ، وإذا ذُكر القَدَر فأمسكوا
. رواه الطبراني في الكبير واللالكائي في الاعتقاد . وصححه الألباني .
ولا نسبّ أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم امتثالاً لأمره عليه الصلاة والسلام حينما قال :
لا تسبوا أصحابي . لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبا ما أدرك مُـدّ أحدهم ولا نصيفـه .

رواه البخاري ومسلم .

ونحن نُثبت قوله عليه الصلاة والسلام لعمّار بن ياسر رضي الله عنه : ويح عَمّار تقتله الفئة الباغية . رواه البخاري ومسلم .

قال يعقوب بن شيبة : سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن هذا ،
فقال : فيه غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
وَكَرِه أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا .

كتبت : || (أفنان) l|
-
قال الرافضي :
السؤال الثامن :
أن الخارجين على علي بن أبي طالب هم عندكم متأولين مجتهدين ولا يضرّ خروجهم عليه بدخولهم الجنة ؟
فهل ستطبقون نفس المعايير إذا ما خرج أحد ضد غير عليّ من الخلفاء ؟
لماذا سميتم من خرج على أبي بكر بأهل الردة ؟ مع أن الروايات الموجودة في البداية والنهاية وتاريخ الطبري تفيد بأن هؤلاء من أهل الإسلام .

الـردّ :
مَن خَرَج على أبي بكر لم يَخرج ضد الحاكم والخليفة وإنما هو ضد الإسلام ككلّ .
وبين الحالتين كما بين المشرق والمغرب !
فالذي يخرج على حاكم قد يكون مُتأوِّلاً ، والذي يرفض الإسلام أو بعض شعائره لا يُمكن اعتباره مُتأوِّلاً .
فالذين سُمُّوا بالمرتدِّين هم طوائف ، منهم مَن مَنَع أداء الزكاة ، ومنهم من ارتدّ عن الإسلام بموت النبي صلى الله عليه وسلم .
ولسنا نحن الذين سمّيناهم بذلك ، بل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم سمّوهم كذلك .

قال أنس بن مالك رضي الله عنه : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدّت العرب ، قال عمر : يا أبا بكر كيف تُقَاتِل العرب ؟
فقال أبو بكر رضي الله عنه : إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، ويُقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة . والله لو منعوني عناقا مما كانوا يعطون رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه .
قال عمر رضي الله عنه : فلما رأيت رأي أبي بكر قد شرح علمت أنه الحق . رواه النسائي بهذا اللفظ ، وأصله في الصحيحين .

أما الذين خَرَجوا على عثمان رضي الله عنه فلَم يُسمّوا مرتدِّين ، وكذلك الذين خَرَجوا على عليّ رضي الله عنه .
لتعلم أن أهل السنة أهل إنصاف وعدل .
فالذين خَرَجوا على عثمان وقَتَلوا صاحب القرآن وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنتيه ، هم دُعاة فتنة ، تستّروا بحجج داحضة ، وكَتَبوا كُتُباً وزوّروها على ألسنة بعض الصحابة – كما تقدّم – يقودهم ابن سبأ اليهودي المتستّر بالرّفض !
والذين خَرجوا على عليّ رضي الله عنه سُمُّوا خوارج .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم علياً بهؤلاء ، وبعلاماتهم ، فمن ذلك :
ما رواه مسلم من طريق عبيد الله بن أبي رافع – مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم – أن الحرورية [ الخوارج ]
لما خَرَجَتْ على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا حكم إلا لله !
قال عليّ : كلمة حق أريد بها باطل ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء ، يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - مِنْ أبغض خلق الله إليه ، منهم أسود إحدى يديه طُـبْـيُ شاة أو حلمة ثدي ، فلما قتلهم علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قال : انظروا ، فنظروا فلم يجدوا شيئا ، فقال : ارجعوا فو الله ما كذبت ولا كذبت - مرتين أو ثلاثا - ثم وجدوه في خربة ،
فأتوا به حتى وضعوه بين يديه .
(طُـبْـيُ شاة ) ضرع شاة .
وبين الفريقين فرق وبَون ، وذلك أن الذي يرفض بعض شعائر الإسلام يُسمى مرتداً .
والذي يخرج على الحاكم لشُبهة أو لهوى يُسمى باغياً .
والتفريق بينهما جاء في القرآن .
فمن ذلك :
قوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .
وقوله سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) الآية .

وقال في شأن الباغي : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
وقال في شأن الخصمين : ( قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) .
وهذا يُبيِّن أصل التفريق ، فإن من بَغَى على غيره وَجَب الْحُكم بينهما أو الإصلاح بينهما .
فإن كان في حال قِتال وَجَب الإصلاح بينهما ،
لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى
فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .
فالطائفة التي تُقاتِل بعد الإصلاح ولا تَقْبَل به تُعتبر باغية ولا تُسمى مرتدّة .

فهذا أصل التفريق بين اللفظين وبين الْحُكمَين .
فلو خَرَج خارج على أبي بكر لقِيل في حقِّه باغٍ أو خارجي ، أما أن يَخرج عن الإسلام كله أو بعضه فهذا مرتد لا باغٍ .
كتبت : || (أفنان) l|
-
قال الرافضي :
السؤال التاسع :
أن أهل السنة عندهم أربعة مصادر للتشريع .. القرآن السنة القياس والاجتهاد .. فهل أخذت تلك المصادر بعين الاعتبار من قبل المختلفين في سقيفة بني ساعدة ؟


الـردّ :

الاجتهاد مُختَلَف فيه وليس من الأدلة المتفق عليها ، وأما الأدلة المتفق عليها بين أهل السنة فهي :
القرآن ، والسنة ، والإجماع ، والقياس .

وأما قول الرافضي :
فهل أُخذت تلك المصادر بعين الاعتبار من قبل المختلفين في سقيفة بنيساعدة ؟
فالجواب عنه : نعم أُخِذتْ بِعين الاعتبار ، والأدلة على ذلك :
أن القرآن فيه مَدح أبي بكر رضي الله عنه ، كما تقدّم ، فَتمّ تقديمه .
والسنة فيها النصّ على خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، فَتمّ تقديمه . وقد سَبَقت أدلة السنة في النص على خلافة أبي بكر ، وعدم النص على خلافة غيره ، وبهذا نَطَقتْ كُتب الرافضة قبل كُتب السنة ، أعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَنصّ على عليّ رضي الله عنه ، وقد تقدّمت الأدلة في ذلك .
والإجماع قد أُخِذ به في سقيفة بني ساعدة ، فإنهم بايَعوا أبا بكر بالإجماع بعد وقوع الخلاف ، والإجماع مُنعقد على بيعة أبي بكر ، بما في ذلك قبول عليّ رضي الله عنه كما تقدّم بقوله وفِعله .
وأما القياس فإن الذي قاس في هذا الموضع هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي قال :
فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا .
فهذا قياس جَليّ .
فإن شأن الدِّين أعظم ، وقد قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة – التي هي عَمود الدِّين – ، والدنيا تأتي تبعاً للدِّين ، فقَدَّم الصحابة أبا بكر في أمور دنياهم ، وهي الخلافة .
فاجتمعت أدلة الكتاب والسنة والإجماع والقياس على خلافة أبي بكر رضي الله عنه .
وإمامة أبي بكر ثابتة بالنص – كما تقدّم – وهي لازِمـة للرافضة !
كيف ؟
جَلَسْتُ يوما في المسجد النبوي إلى جوار مُعمّم إيراني ! وكان يقرأ القرآن ، فسألته : ماذا تقرأ ؟
قال : هذا – وأشار إلى المصحف – مُستغرِبا السؤال ؟
قلت : نعم
قال : هذا كلام ربي .
قلت : وهل تؤمن به ؟!
قال : طبعاً .
قلت له : مَن جَمَعَ هذا القرآن ؟
فسكت ، ثم قال : الصحابة .
قلت : بالتحديد مَنْ ؟
قال : أبو بكر .
قلت : ومن ؟
قال : وعثمان .
قلت : هذا يعني أن الخلفاء الثلاثة هم من جَمَع هذا القرآن .
قال : نعم
قلت : إذا يَلزمك أحد أمرين :
إما الاعتراف بإمامتهم ، وقبول هذا القرآن .
أو ردّ إمامتهم وردّ القرآن .
قال – متمحِّلاً – :هذا ليس بِلازِم !
قلت : بلى ، وبينهما تلازم .
فلو جَمَع اليهود كتابا وقالوا لنا هذا قرآن ، فهل نقبَـلـه ؟
قال : لا
قلت : ولو جاءك كتاب قيل : هذا من الخميني . هل تقبله ؟
قال : نعم
قلت : هذا التفريق يلزم منه أحد الأمرين .
وهذا لازم لكل رافضي
إما أن يَقبَل القرآن ويقول بإمامة من جَمَعوه .
وإما أن يَدّعي تحريف القرآن ، ويردّ إمامة من جَمَعوه .
فالمصاحف تُعرف إلى اليوم بالمصاحف العثمانية ، والرسم يُعرف بالرسم العثماني ، نسبة إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه .

الصفحات 1  2 3  4  5 

التالي

محاولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الإنتحار (الرد على الشبهه)

السابق

لماذا ترك الصحابة التماثيل في البلدان التي فتحوها مثل تمثال أبي الهول في مصر ؟ (الرد على الشبهة)

كلمات ذات علاقة
للشيخ , الرافضية , السحيم , الشُّبُهات , الْجَلِيَّة , الإجابات , عبدالرحمن , عن