..نعم ومايعقلها الا العالمون
مجتمع رجيم / السنن المهجورة والامثال النبوية
هنا يصف سيد الثقلين مشهد لرجل ذهب إلى البر وأشعل ناراً ليتدفأ بها وهو على حاله انشغل بتلك الفراشات والجراد التي تتهافت سقوطاً في تلك النار الحارقة وهو يبذل جهد عظيماً في إبعادها عن بوابة الهلاك لكنها تفلت من بين يديه وتسقط في ذلك المصير البائس .
ووجه الشبه هنا بين حال النبي صلى الله عليه وسلم وبين حال الأمة وهذا الرجل مع الفراش في ظلمة الليل كما قال عليه الصلاة والسلام
" وأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تفلتون من يدي"
( وأنا آخذ بحجزكم ) يعني لأمنعكم من الوقوع فيها ، ولكنكم تفلتون من يدي
نعم نبي كريم رحيم بأمته كما قال عزوجل عنه ( لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)
(التوبة:128) ، صلوات الله وسلامه عليه .
فمن حرصه على أمته انه بين لهم طريق الخير الهادي إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون)
ومن حرصه على أمته انه دلهم ووضح لهم طريق الشر الهادي إلى النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم،
وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة".
نعم سيأتي اليوم الذي نغادر فيه هذه الدنيا دون رجعة قال بعض السلف: ابن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج، نصيبك من الآخرة هو الأعمال الصالحة التي تستحق بها الثواب، وتستحق بها الجنة، ودار الكرامة عند الله!
كثيراً ما نقرأ ونسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه"
ورغم ذلك للأسف ورغم هذا التحذير النبوي الرائع نفلت من بين يدي سيد المرسلين ونرمي بأنفسنا في أعتاب الهلاك
عندما منحنا لألسنتنا ضوء اخضروشيك مفتوح تتحدث بكل ما سمعت وتتكلم بما لا يعنيها وتكذب وتغتاب وتستهزئ وتتشمت في هذا وذاك ونسينا
" من كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه"
وفوق هذا كله نعلم بمصير تلك السقطات الكلامية وما زلنا نسير في قافلة إطلاق الكلمات هنا وهناك دون توقف آو مراجعة الحسابات !
واللسان هو ترجمان القلب والقلب المستقيم هو صاحب اللسان المستقيم والعكس كذلك ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد:
((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))().
ونعيش في هذه الدنيا نعمل ونعمل ونعمل ثم "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار"" رواه مسلم