سكرة الموت للشيخ محمد حسان

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : *دعاء الكروان*
-

n7hwz7w0ns5a7su7100.
align="right">
align="right"> سكرة الموت
align="right"> الشيخ محمد حسان

align="right"> …..ليس له شريك في الملك ، وما كان معه من إله .الذي لا إله إلا هو ،فلا خالق غيره ولا رب سواه ، المستحق لجميع أنواع العبادة وإذا قضى ألا نعبد إلا إياه ذلك بأن الله هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه الباطل ، وان الله هو العلي الكبير، عالم الغيب والشهادة الذي استوى في علمه ما أسر العبد وما أظهر ، الذي يعلم ما كان وما هوكائن وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف كان سيكون ، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو الاول الذي لا … له وهو الصمد الذي لا منازع له ،وهو الغني الذي لا حاجة له ،جبار السماوات والارض ، لاراد لحكمه ولا معقب لقضائه ، إنما قوله لشيء إذا أراده فإنما يقول له كن فيكون ، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا ومعلمنا وقدوتنا محمدا رسول الله .اللهم صل وسلم وبارك عليك ياسيدي يارسول الله صلاة وسلاما يليقان بمقامك يا أمير الانبياء ويا سيد المرسلين .وأشهد لك يا سيدي ويشهد معي الموحدون أنك أديت الامانة وبلغت الرسالة ونصحت الامة وكشف الله بك الغمة ، وعبدت ربك حتى لبيت داعيه وجاهدت في سبيله حتى أجبت مناديه ، وعشت طوال أيامك ولياليك تمشي على شوك الاسى، وتخطو على جمر الكيد والعنت ، تلتمس الطريق لهداية الظالين وإرشاد الحائرين ، حتى علمت الجاهل ياسيدي وقومت المعوج ياسيدي ، وأمنت الخائف ياسيدي ،وطمأنت القلق ياسيدي ، ونثرت أضواء الحق والخير والايمان والتوحيد كما تنثر الشمس ضياءها في رابعة النهار، فصلى اللهم وسلم وبارك عليك يارسول الله ، صلاة وسلاما يليقان بمقامك ، يا أمير الانبياء وياسيد المرسلين .

align="right"> أما بعد فأيها الاحباب ، أحباب الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ،
align="right"> تعالوا بنا لنغوص سويا في روضة القرآن الكريم ،ومع اللقاء العاشر على التوالي مازلنا نطوف مع حظراتكم في بستان سورة مريم ونكرر القول بين يدي كل لقاء من لقاآت تفسيرنا لهذه السورة المباركة ونكرره ونقول :

align="right"> 1. بأن عقيدتنا نحن المسلمين هي أننا نوحد الله جل وعلا ونعلنها صريحة في كل زمان ومكان ونقول جميعا لا إله إلا الله. (كلمة التوحيد والإخلاص).
align="right"> 2. أ ما بالنسبة لتفسير الآيات ، فلقد توقفنا في اللقاء الماضي عن آخر مؤهل من مؤهلات النبوة عند يحيى عليه السلام ، على حد تعبير صاحب "ظلال القرآن " الشيخ سيد قطب عليه رحمة الله.
align="right"> قلنابأن الله قد زود يحيى عليه السلام بمؤهلات لحمل الأمانة الكبرى والمسؤولية العظمى هذه المؤهلات هي align="right"> {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاًوَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً}

align="right"> وانتهينا في اللقاء الماضي عند كلمة "عصيا". شرحنا في اللقاء الماضي كلمة "عصيا" / " لم يكن جبارا عصيا"
align="right"> وبهذا نكون قد أنهينا اللقاء عن مؤهلات النبوة عند يحيى عليه السلام . وبعد هذه الصفات الغالية التي زود
align="right"> الله بها يحيى ، يسلم الله عز وجل عليه .فيقول :

align="right"> {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }
align="right"> أنظروا يا أحباب ، الله سبحانه وتعالى يسلم عليه ، يسلم عليه في مواطن ثلاثة هي أشد ما تكون على الانسان: يوم أن يولد ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا ليلقى الله الحي الذي لا يموت .
align="right"> يسلم عليه في هذه الأحوال الثلاثة ،وفي هذه المواقف الثلاثة فيقول : {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }
align="right"> وذكر الإمام ابن كثير عن قتادة أن الحسن قال :"إلتقى يحيى وعيسى عليهما السلام ( إلتقى عيسى مع يحيى )
align="right"> فقال عيسى ليحيى :"يا يحيى أدع الله لي ٍ، فإنك أفضل مني " ...هكذا يقول النبي . عيسى يقول ليحيى ادع
align="right"> الله لي ، فإنك أفضل عند الله مني . فقال يحيى لعيسى :" بل أنت أفضل مني ياعيسى " فقال عيسى :" لا،لا
align="right"> يا يحيى ،بل أنت أفضل مني ،مع أنني أنا الذي سلمت على نفسي ،فقلت : والسلام علي يوم ولدت ويوم
align="right"> أموت ويوم أبعث حيا . أما أنت فقد سلم الله عليك. فقال :
align="right"> {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }

align="right"> ـالله يسلم عليه في هذه المواطن الثلاثة .وفي هذه الأحوال التي هي أشد الأحوال والأوقات التي يمر بها الإنسان : يوم أن يولد ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا .
align="right"> لماذا أيها الاحباب ؟
align="right"> لأن في هذه الأحوال الثلاثة ينتقل الإنسان من عالم إلى عالم آخرجديد ، غريب عليه.
align="right"> فهو ينتقل في المرحلة الأولى من عالم الرحم والأحشاء في بطن أمه ، إلى عالم الدنيا ، ثم بعد ذلك يترك
align="right"> عالم الدنيا إلى عالم البرزخ ( يترك القصور والدور إلى عالم الدود والقبور).
align="right"> ثم بعد ذلك يترك عالم البرزخ إلى عالم البعث ، إلى العرض على محكمة الله جل وعلا .فما بين مسرور
align="right"> ومحبور ، ومحزون ومجبور وما بين جبير وكسير ، فريق في الجنة وفريق في السعير.
align="right"> أحوال عجيبة ، أحوال شديدة على كل إنسان ؛ : يوم أن يولد ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا.
align="right"> ففي المرحلة الإولى ، وهي المرحلة التي ينتقل فيها الإنسان من عالم الرحم والأحشاء ، هذا العالم الآني ، الآمن الحصين ، المتين ؛ هذا العالم الذي تكلف الله له فيه برعايته بكل شيء. وما كلفه الله في هذا العالم بأي شيئ. align="right"> فيد الله وحده هي التي ترعاه وترزقه ، واسأل الجنين ، يعيش بلا راع ومرعى ، من الذي يرعاك؟ الله
align="right"> وحده هو الذي يرعاك.
align="right"> وأنت في هذه الأحشاء ،
align="right"> وأنت في هذه الأجواء ،
align="right"> وأنت في هذا العالم العجيب ، يد الله وحده هي التي ترعاك . ويد الله وحده هي التي ترزقك ،ويد الله وحده
align="right"> هي التي تتكفل بعنايتك ورعايتك .
align="right"> واسأل الجنين ، يعيش بلا راع ومرعى من أحد .من الذي يرعاه ؟ ومن الذي يقدم له رزقه ؟ ومن الذي يتكفل له بطعامه وشرابه ؟
align="right"> ومن الذي يتكفل بتنفسه في هذا العالم ؟ إنه الله رب العالمين . وبعد ذلك ، في الوقت الذي قدرله الله فيه أن
align="right"> يخرج من هذا المكان الآمن ، يخرج إلى عالم الشقاق . يخرج إلى عالم الدنيا . يخرج إلى عالم الفتن والشهوات
align="right"> والشيطان .
align="right"> فيستقبله الشيطان منذ أول لحظة نزل فيها إلى هذه الحياة . منذ أول لحظة ، يستقبله الشيطان . والمولدة تولده،
align="right"> يستقبله الشيطان فيطعنه طعنة ، فيصرخ المولود. وهذا كما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم . يقول صلى الله عليه وسلم في جزء من حديثه الصحيح الذي خرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن
align="right"> النبي صلى الله عليه وسلم قال:
align="right"> " مامن مولود يولد إلا ويطعنه الشيطان "
align="right"> ما من مولود يولد إلا ويمسه الشيطان؛ فيستهل المولود صارخا من مس الشيطان إياه منذ اللحظات الأولى .
align="right"> إبليس عليه لعنة الله فيمسك الشيطان عند ولادته ، فيصرخ المولود من مس الشيطان إياه . هكذا
align="right"> أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي خرجه البخاري ومسلم . منذ هذه اللحظة تبدأ
align="right"> في مصارعة الشيطان والأهواء والفتن ، وتعيش في هذه الحياة ما قدر الله لك أن تعيش .تصارع الشيطان ،
align="right"> وتصارع النفس الأمارة بالسوء ، وتصارع الأهواء ، وتصارع الهوى ،وتضل في هذه الحياة ماقدر الله لك
align="right"> فيها ، وبعد ذلك ، تأتي اللحظة التي قدر الله عز وجل لك فيها أن تترك عالم الدنيا إلى عالم البرزخ ، أي
align="right"> إلى عالم الفناء ، أي إلى عالم القبور، فيأتي الموت في اللحظة التي حددها الله تبارك وتعالى لك . فينقلك الموت
align="right"> بعظمة الله جل وعلا من القصور إلى القبور، ومن ضياء المهود إلى ظلمة اللحود، ومن ملاعبة الجواري والغلمان إلى مقاسات الهوان والديدان ،و من التنعم في الطعام والشراب الى التمرغ في الوحل والتراب .
align="right"> هذه هي المرحلة الثانية ، مرحلة الموت . يوم أن تنتقل بعد مولدك وبعد حياتك وبعد عيشك إلى عالم يسمى
align="right"> بعالم البرزخ ، إلى عالم الفناء ، إلى عالم الحق عند الله الحق جل وعلا .
align="right"> الموت ،أيها الأحباب ،ولقد تكلمت كثيرا كثيرا عن الموت ٍ.ولكن الحقيقة أنه يجب علينا أن نتكلم عن الموت align="right"> في كل زمان وفي كل مكان. ويجب علينا أن نذكر الموت في كل ساعة من ساعات حياتنا. و في كل ساعة من ساعات عمرنا، كما أخبرنا وأمرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم. يقول في حديثه الصحيح الذي خرجه النسائي و خرجه الترمذي و خرجه ابن ماجة من حديث عمر ابن الخطاب و من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
align="right"> "أكثروا من ذكر هادم اللذات" قالوا وما هادم اللذات يارسول الله ؟قال " الموت".
align="right"> هو الموت، أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نذكر الموت، و أن نكثر من ذكر الموت. و كما سأله رجل من الأنصار و قال يا رسول الله من أكيس الناس و أخدم الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم أكيس الناس و أخدم الناس أكثرهم ذكرا للموت و أكثرهم استعدادا للموت، أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا و كرامة الآخرة رواه الطبراني بإسناد حسن. العقلاء. العاقل اللبيب هو الذي يذكر الموت و هو الذي يستعد للموت، و هو الذي يذكر نفسه دائما و أبدا بالموت، و هو الذي يعلم علم اليقين أن هذه الحياة مهما عاش فيها فهي فقيرة و مهما عظمت فهي حقيرة لأن الليل مهما طال لا بد من طلوع الفجر و لأن العمر مهما طال لا بد من دخول القبر. و نبينا صلى الله عليه وسلم بفول حينما سئل قال صلى الله عليه وسلم: الكيس العاقل من كاس نفسه أي من حاسب نفسه و عمل لما بعد الموت. و العاجز من أتبع نفسه هواها، و تمنى على الله الأماني، هذا هو المكروه الذي يتواكل على رحمة الله و لا يعمل.
align="right"> الذيى يتواكل على سعة الله و لا يعمل و في المعاصي ليل نهار، و يقول بأن الله غفور رحيم. ما الذي أنساك أن الله شديد العقاب للعاصين و المذنبين و المقصرين. ٳنها الحقيقة الكبرى أيها الأحباب، حقيقة الموت. ٳنها الحقيقة الكبرى في هذا الوجود. الحقيقة التي خضعت المتكبرون و المتجبرون .إنها الحقيقة الكبرى التي بها العصاة والطائعون ،والرسل والأنبياء . والمقربون والأتقياء .إنها الحقيقة الكبرى التي ترن في أذن كل صانع وعقل كل مفكرـ أنه لا بقاء إلا لله وحده .ولا ألوهية إلا لله وحده.ولا حاكمية إلا لمن تفرد بالبقاء والجلال .فكل شيء هالك إلا وجهه ،إلا وجه الله جل وعلا . إنها حقيقة الموت ، التي قال الله تبارك وتعالى عنها : {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }
align="right"> وجاءت سكرة الموت بالحق ،والحق أن تكون حفرتك روضة من رياض الجنة أو تكون حقرة من حفر النيران .
align="right"> {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } ذلك ما كنت منه تهرب .ذلك ما كنت منه تفر .
align="right"> ذلك ما كنت منه تجري .
align="right"> تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض ،خوفا من الموت .
align="right"> تحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع ،خوفا من الموت.
align="right"> تحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ ،خوفا من الموت.
ولكن ، أيها القوي الفتي ، أيها الفتي العبقري ، يا أيها الكبير ويا أيها الصغير ، "وجاءت سكرة الموت بالحق، align="right"> ذلك ما كنت عنه تحيد"
align="right"> وصدق من قال :كل باك فسيبكى ، وكل ناع فسينعى ، وكل مدحور سيفنى ,وكل مذكور سينسى .ليس
align="right"> غير الله يبقى . من علا فالله أعلا .
align="right"> {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }
align="right"> ذلك ما كنت منه تفر ، ذلك ما كنت منه تكر ، ذلك ما كنت منه تهرب ،ذلك ما كنت منه تجري ، ولكن
align="right"> أين المفر ؟ أين المآل؟ وأين المصير ؟. إن المصير إلى الله ،وإن المآل إلى الله ، وإن المنتهى إلى الله ، وإن المرجع
align="right"> إلى الله جل وعلا.
align="right"> نعم ،إنها الحقيقة الأولى في هذا الوجود. بعد وحدانية الله جل وعلا .بعد أن تقر بهذه الحقيقة ـ أن لا إله إلا
align="right"> الله ـ بعد ذلك تقر بالحقيقة الثانية ، ألا وهي : أن كل شيء هالك إلا وجه الله جل وعلا.
align="right"> الموت من منا يفكر في الموت ؟
align="right"> من منا يذكر الموت؟
align="right"> من منا يستعد للموت؟
align="right"> من منا عمل لهذا اللقاء؟
align="right"> من منا عمل للقاء الله جل وعلا ؟
align="right"> من منا استعد لسؤال الملكين؟
align="right"> في هذه الدار ، دار الحقيقة ،دار البرزخ ،دار الصدق ، دار الحق ؛ من منا استعد ؟ ما من يوم يمر علينا إلا ونشيع فقيدا . مامن يوم يمر علينا إلا ويموت بيننا ميت أوميتة . ولكن ، ربما ذهبنا معه إلى القبور ،وربما
align="right"> رأينا الموت حقيقة أمام أعيننا ، وبين أيدينا. ونظرت إلى الناس ينسون الموت ويتكلمون في أمور الدنيا.
align="right"> هذا هو الحال .ولكن استمعوا أيها الأحباب ، حتى تعلموا أنه لا مفر لك ، وحتى تعلموا أنه لا يمكن
align="right"> لأي قوة على ظهر هذه الأرض أن تحول بينك وبين هذه الحقيقة الكبرى. مهما كانت هذه القوة . مهما كان
align="right"> منصبك ومهما كان جاهك ،ومهما كاننت أموالك ،ومهما كان غناك .لن تستطيع قرة على ظهر الارض أن
align="right"> تحول بينك وبين هذه الحقيقة . إنها حقيقة الموت . فانظر إلي ،حينما تأتي ساعة الصدق .واقترب الأجل
وتتلاشى اللحظات الأخيرة من عمرك ، ونمت على فراش الموت ، وحولك أولادك وأحفادك يبكون ، والأطباء من حولك يحاولون .بذلوا لك كل رقية ، وقدموا لك كل دواء ، وقدموا لك كل علاج ،فأنت من أنت ، أنت صاحب الأموال،وأنت صاحب الجاه وأنت صاحب السلطان،وأنت صاحب المنصب . وأنت الغني . بذل الأطباء لك كل رقية ،وقدموا لك كل دواء ، وبذلوا لك كل علاج ولكن أنظر إليه . قد اصفر وجهه ،وشحب لونه ، وتصبب جبينه بالعرق ،وتجعد جلده ، وبدأ يحس بزمهرير قارس يزحف إلى أنامل يديه وقدميه ، ويريد أن يحرك شقتيه بكلمة التوحيد ، فيحس أن الشفة كالجبل لا يزحزح . وينظر إلى من حوله ،إلى أحبابه ،إلى أهله ،إلى أقاربه . فيراهم تارة يبتعدون وتارة يقتربون .ومرة يسمعهم ،ومرة لا يسمعهم . align="right"> ويرى الغرفة التي هو فيها، والفراش الذي هو مسجى عليه ، يرى هذه الغرفة مرة تتسع ،فيراها كالفضاء الموحش ومرة تضيق فتصير كخرم إبرة .وهو بين هذه السكرات وبين هذه الكربات ، وبين هذا الحزن الشديد
align="right"> ولقد ماتت الآمال ولم يحققها فلا داره واجتهد، وكنز الاموال بين حزن شديد على ما فات وبين هم شديد على أنه لا يدري ماالذي سيلاقيه من هذا العالم الجديد .من عالم البرزخ الذي سيترك به عالم الدنيا،ويدخل فيه إلى هذا العالم بعد الموت .يدخل بالموت إلى هذا العالم الجديد. هو في هذه السكرات وفي هذه الكربات وبين هذا الغم ، وبين هذا الهم ، ينظر فجأة فيرى ملائكة من بعيد تقترب ، ياترى ،أهذه الملائكة التي أراها تأتي من بعيد ،هي ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟
align="right"> ياترى هذا الذي جلس عند رأسي ملك الموت ينتظر الأجل أن يوفاني الله كما قدر الله جل وعلا .ياترى هل
align="right"> سينادي على روحي ،وسيقول يا أيتها الروح الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ورب غير غضبان أم سينادي ويقول ياأيتها الروح الخبيثة أخرجي إلى سخط الله وعذابه .ياترى هل ستكون حفرتي روضة من رياض الجنة أم ستكون حفرتي من حقر النيران ؟
align="right"> بين حزن شديد على ما فات وبين عم شديد لانه لا يدري ما الذي سيلاقيه ، ما الذي سيكون بين يديه ؟
align="right"> ينظر إلى أولاده وإلى أحبابه وإلى أهله الذين التفوا من حوله ، والذين اجتمعوا حوله يبكون ، فينظر إليهم حينما يفيق بين السكرات والكربات ،ينظر إليهم نظرة كلها استعطاف ، نظرة كلها شفقة نظرة كلها رجاء ،
align="right"> نظرة كلها رحمة نظرة كلها طلب نظرة كلها رجاء نظرة كلها سؤال ويقول لهم يا أولادي يا أحبابي ،
align="right"> فدوني بأعمالكم ،لا تتركوني وحدي ولا في لحدي ، من منكم يزيد في عمري ساعة أو ساعتين ؟
align="right"> أنا صاحب الاموال ، انا الذي بنيت الدور، أنا الذي بنيت القصور،وأنا الذي جمعت المال ،وأنا الذي جاهدت واجتهدت ،فافدوني بأعماركم .زيدوا في عمري ساعة أو ساعتين .أريد أن أستمتع بالاموال ،
align="right"> أريد أن أستمتع بالسيارات، أريد أن أستمتع بالعمارات ،أريد أن أستمتع بالاموال .
align="right"> ولكنه في واد والناس في واد آخر . هو يتمنى ، ويأتيه صوت الحق من الله جل وعلا يقول تبارك وتعالى ـ يرد عليه ربنا جل وعلا ويقول :
align="right"> {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ،وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ، فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ، تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ، وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ، فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ، وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}

{كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ، وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ،إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ، فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى، وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى، أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، align="right"> أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى، أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى}.

align="right"> بلى قادر . {كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}

align="right"> دعوت ماقد فات في زمن الصبا واذكر ذنوبك وابكـها يامذنب
align="right"> لم ينسه الملكان حين نسيتــه بل أتبتاه وأنت لاه تلعـــب

و غرور دنياك التي تسعى لهـــا دار حقيقتها متاع يذهــــب

فالليل تعلم والنهار كلاهمـــا أنفاسنا فيهمــا تعــد وتحسب

أيا من يدعي الفهـــــــم ٳلى كم يا أخي الوهــــــم

وعــد الذنب والذنـبــــ وتخطي الخطأ الجـــــــم

أما بان لك العــــــــيب أما أنذرك الشيـــــــب

و ما في نصحه ريـــــــب ولا سمعك قد صـــــــم

أما نادى بك المـــــــوتـ أما أسمعك الصـــــــوت

أما تخشى من الفـــــــوت فتحتاط وتهتـــــــــم

وتختال من الزهــــــــو وتنصب إلى اللهـــــــو

وكم تصدر في السهــــــو كأن المـــوت ما عــــم

كأني بك تنـــحـــــط إلى اللحد وتنــــغـــط

هناك الجسم ممـــــــدود ليستأكلـــــه الــــدود

إلى أن ينخر العـــــــود ويمســي العــظــم قد ر م

فزود نفســك الخــيـــر ودع ما يعبد الضــــيـــر

وهيء مركـــب السيـــر وخف مت لجــة اليــــم

بذا أوصـــيـــك ياصـاح وقد بحت كمن بــــــاح

فطوبى بآداب محمد يهتــــــــم

الموت ، لا تستطيع فوة على ظهر الأرض أن تحول بينك وبين هذه الحقيقة مهما كان جاهك ،ومهما كان منصبك ،

ومهما كانت قوتك . لايمكن بأي حال {وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} لأن الذي أمر ، الذي أصدر الأوامر لملك الموت

هو من هو ، يقول للشيء كن قيكون .إنه الله رب العالمين . فيا أيها الغافلون ، وياأيها اللاهون ، وياأنها الطاغون ،وياأيها

المذنبون ، وياأيها الظالمون ، وياأيها المقصرون ،إعلموا بأنكم راحلون إلى الله حل وعلا ،إعلموا بأنكم ستقفون بين يدي

الله جل وعلا ، يعاتبكم على القليل والكثير ،وعن ، وعن الصغير والكبير .



{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}

إنه الموت ، إنها الحقيقة الكبرى ، الموت ،الموت الذي سأل الله تبارك عنه الخليل إبراهيم.
إنتبهوا ، إنتبهوا أيها الموحدون ،إنتبهوا أيها المسلمون ،أذكر نفسي والله وإياكم بهذه الحقيقة، المموت الذي سأل الله عنه

إبراهيم الخليل ،فقال له الله سبحانه وتعالى: "يا إبراهيم ، كيف وجدت الموت ؟ كيف وجدت الموت يا إبراهيم ؟وإبراهيم

من ؟ إبراهيم خليل الرحمن .كيف وجدت الموت ياإبراهيم ؟ فقال إبراهيم "يارب وجدت الموت كسفود موضوع بين

صوف مبلول ، كقطعة حديد شديدة الصلابة وضعت في وسط صوف مبلول ،وجذبت هذه الحديدة بشدة . فقال الله لإبراهيم

" أما إنا قد هونا عليك الموت ياإبراهيم ."

كيف وجدت الموت ياموسى ابن عمران ؟ فقال موسى "وجدت الموت كعصفور وضع على مقلاة ،يشوى على النار ،

هكذا وجد موسى الكليم الموت . وجدت الموت كعصفور وضع على مقلاة لا يستطيع أن يطير فينجو ، ولا هو يموت فيستريح .

كيف وجدت الموت يارسول الله؟ ياخير خلق الله ؟ يا من غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر .

أنظروا إلى احتضار النبي صلى الله عليه وسلم .احتضر النبي ونام على فراش الموت ،وتألم للموت، وأحس بسكرات الموت

ونضخ جبينه الانور بالعرق ،ووضع يده في جفنة ، في إناء به ماء كانت تحمله عائشة ،ويمسح جبينه الانور، ثم يقول :

"والله إن للموت لسكرات"

حتى أنت ياحبيبي يارسول الله ؟ حتى أنت يارسول الله؟ "والله إن للموت لسكرات" "والله إن للموت لسكرات اللهم هون

علي سكرات الموت" هكذا ، هذا هو حال نبينا .هذا هو حال رسولنا صلى الله عليه وسلم . وظل هكذا يقول "إن للموت لسكرات" إلى أن نزل عليه جبريل ، إلى أن دخل عليه في فراشه .فقال السلام عليك يارسول الله ، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام وقال جبريل يارسول الله هاهو ملك الموت ،لقد أرسله الله إليك ،ولكنه لن يدخل عليك إلا بعد

أن تأذن له يارسول الله .لقد أمره الله الا يدخل عليك إلا بعد أن تأذن له . ـ والله مااستأذن ملك الموت على أحد من قبلك ولن يستأذن ملك الموت على أحد من بعدك ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إئذن له ياجبريل . ودخل ملك الموت فقال السلام عليك يارسول الله .لقد أمرني الله أن أخبرك ، إن أمرتني أن أقبض روحك قبضت ، وإن أمرتني أن أترك تركت ، فمرني

بما شئت يارسول الله ، مرني بما تريد يارسول الله .فنظرالنبي إلى جبريل ، فقال جبريل ،يارسول الله إن ربك مشتاق إليك ، إن الله مشتاق إليك يارسول الله . فنظرالحبيب المصطفى إلى جبريل وقال " وأنا قد اشتقت إلى لقاء ربي عز وجل .وأنا قد اشتقت

إلى لقاء الله جل وعلا .إنصرف ياجبريل ، أقبل ياملك الموت ، فقال جبريل " السلام عليك يا رسول الله ،السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته" . وانصرف جبريل عليه السلام.وأقبل ملك الموت . وجلس عند أشرف رأس، وعند أطهر روح ، وجلس عند رأس المصطفى . وقال يا أيتها الروح الطيبة ، روح محمد ابن عبد الله ، روح خير خلق الله ، أخرجي إلى مغفرة من

الله ورضوان،ورب راض عنك غير غضبان .



{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ـ نفس محمد، نفس رسول الله ـ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي}



هذا هو حال الممصطفى صلى الله عليه وسلم .يقول "إن للموت لسكرات ، اللهم هون على أمتي سكرات الموت"

هاهو الموت أيها المسلمون

هاهو الموت أيها العافون

هاهو الموت أيها الغافلون
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن للموت لسكرات

إن للموت لسكرات

إن للموت لسكرات

اللهم هون علينا سكرات الموت.

وهاهو الصديق رضي الله عنه وأرضاه ، لما نام على فراش الموت ،وجاءت ابنته عائشة تبكي وتصرخ وتقول يا أبتاه ،با أبتاه ، وتقول في حقه شعرا لحاتم الطائي . فكشف الصديق عن وجهه الغطاء وقال " لا با ابنتي لا تقولي هكذا ، لا تقولي شعرا ،وإنما قولي قول الحق .قول الله جل وعلا.قولي :
align="right"> {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }

قولي هكذا ٍ.فقالوا يا أبا بكر ،يا ٍأمير المؤمنين ،ويا خليفة المسلمين نستدعي لك الطبيب ٍ، ينظر إليك الطبيب . فقال الصديق

لقد جاءني الطبيب ،ونظر إلي الطبيب فقالوا "وماذا قال لك؟فقال :قال لي إني فعال لما أريد/

يا عمر ابن الخطاب ،بافاروق الأمة،يا أعدل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .يامن قال النبي في حقه :لوكان نبيا بعدي لكان عمر"

ياابن الخطاب ،يا عمر ،يا فاروق هذه الأمة يامن قال في حقه ابن مسعود:أكثروا من ذكر عمر ،فإنكم إذا ذكرتم عمر ذكرتم العدل ، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله.

با عمر كيف وجدت الموت ؟لما احتضر عمر وطعنه أبولؤلؤة عليه لعنة الله سأل الفاروق أول ماحملوه إلى داره ،قال لهم من الذي قتلني ؟ طمئنوني ،وأخبروني .فقالوا إطمئن يا أمير المؤمنين .إن الذي قتلك صابئ مجوسي .سجد ابن الخطاب شاكرا

لله ثم قال "الحمد لله الذي جعل قتلي على يد رجل ما سجد لله سجدة،فيحتج بهذه السجدة علي أمام الله يوم القيامة.

وأغشي عليه ،وبعدما أفاق من سكرات وكربات الموت ،نظر إلى ولده عبد الله وقال " ياعبد الله ،أين أنا ؟

نظر فوجد رأسه على فخد ولده عبد الله ،فنظر عمر وبكى ،وقال "ما هذا يا عبد الله ؟"

قال ماذا تريد ياأبتي ؟ قال " ضع رأسي على التراب .ضع هذا الرأس على التراب يا عبد الله . " قال وما ذرك ياوالدي؟

وما ذرك ورأسك على فخدي ،على يدي . فقال "يا عبد الله ( بكى عمر ،عمر الفاروق يبكي )ويقول ويحك ياعبد الله ، ضع

رأسي على التراب ، حتى ينظرإلي الله بعين رحمته ، فيخفف علي سكرات الموت .هذا هو عمر.

ولما احتضر عثمان ،لما حوصر عثمان دخل عليه عبد الله ابن سلام ليزوره في هذا الحصار الشديد فقال عثمان :يا عبد الله

يا عبد الله ابن سلام،والله لقد كنت مع رسول الله في الليلة الماضية .لقد جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة وقال

لي رسول الله ياعثمان حاصروك فقلت نعم يا رسول الله قال يا عثمان منعوا عنك الماء قلت نعم يا رسول الله فقال عثمان فأدنى إلي النبي دلوه فشربت من دلو النبي صلى الله عليه وسلم حتى أني أحس برد هذا الماء على ثديي وعلى كتفي الساعة ، ثم فال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عثمان إن شئت أن ينصرك الله نصرك الله عليهم. وإن شئت أن تفطر عندنا اليوم فلك ماشئت .

فقال عثمان بل أفطر معك الليلة يا رسول الله رسول الله ، أترك هذا العالم ،عالم الشقاء ،عالم الغم والهم ، وأفطر معك اليوم يا رسول الله .فقتل من يومها ،واحتضر عثمان في يومها وما كان يتكلم إلا بهذه الكلمة"اللهم أجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم" قالها عثمان ثلاثا ولقيت روحه ربها تبارك وتعالى .

وهكذا قدر على أبي طالب رضي الله عنه ، وضربه ابن ملجم عليه لعنة الله .كان لا يقول إلا هذه الكلمة :لا إله إلا الله
قولوها أيها الموحدون . لا إله إلا الله أخلو بها وحدي ،لا إله إلا الله يغفر بها ذنبي, لا إله إلا الله يجبر بها كسري ،لا إله إلا الله
يقبل بها عذري لا إله إلا الله وألقى بها ربي .

هكذا قالها علي إلى أن لقيت روحه ربها جل وعلا .

ولما احتصر الرشيد ونام على فراش الموت ،طلب أن يرى كفنه ،ونظر إلى كفنه بعينيه قبل أن يموت وبكى،وبكى ،ثم قال :

{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ }

أين المال ؟ وأين منصبي؟وأين جاهي ؟وأين سلطاني؟ وأين مرؤسي ؟وأين خدمي؟وأين حشمي؟وأين عماراتي؟وأين دولاراتي؟

{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ }.

ولما احتضر المأمون ،أمرهم إذا ما أفاق من سكرات الموت أن يحملوه فيرى قبره بعينيه قبل أن يموت .فحملوه إلى قبره

فنظر إلي قبره وقبض على لحيته وأخذ يبكي ويبكي ويبكي ثم رفع رأسه إلى الله فقال :يامن لا يزول ملكه ، إرحم من قد

زال ملكه .

ويروى أن أحد الصالحين كان قد جعل لنفسه في بيته قبرا وكلما سيطرت عليه الشهوات ،وسيطرت عليه الدنيا ،

وسيطرت عليه الفتن ،نزل إلى هذا القبر الذي أعده بيديه وبناه بيديه ،فينزل إليه ويغلق على نفسه بخشبة أعدها لذلك

ويضل يصرخ في قبره ويصيح ويقول :أرجعوني لعلي أعمل صالحا فيما تركت .

ويضل يصرخ ويصيح بأعلا صوته حتى تنقطع أنفاسه ويغرق في عرقه ,ويفتح الخشبة ويخرج إلى النور والهواء ويبكي

وهو يقول : ها أنت يانفس قد عدت .

...فقد كنت تتعجب ممن نزل به الموت ،ولا يستطيع أن يصف الموت،ولقد نزل الموت بك اليوم ،فصف لي الموت يا أبتاه . فماذا قال والد عمرو ابن العاص؟

قال" يا بني إن الأمر أكبر مما كنت أتوقع بكثير .إن أمر الموت أكثر من هذا بكثير ، ولكنني سأصف لك شيئا منه .

ياعمرو ،والله إني لأحس الآن ان لفي جوفي شوكة عوسج وأن على شفتي جبلا عظيما وكأن روحي تخرج من ثقب إبرة .

وأن السماء قد اسفطت على الأرض وأنا بينهما ."

هذا قليل من كثير. ويكفيك في سكرات وكربات الموت أن ترى ملك الموت .يكفيك ذلك .لرؤية وجه ملك الموت أشد من آلاف الضربات بالسيوف ،رؤية وجه ملك الموت أشد من ألف ضربة بسيف، فيا أيها المسلمون ،ياأيها العاصون ،ياأيها الغافلون ، يامن تمرحون وراء الفتن ،ويامن تمرحون وراء الهوى.

ويا من تعصون الله ليل نهار، اتنبهوا ،فإن الموت قريب .إن الموت يأتي بغتة .بعد الموت ستعرضون على الله فردا فردا ،وستسألون

أمام الله حرفا حرفا . فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .

هذه هي المرحلة الثانية.ويوم أن يموت ،يوم أن تنتقل بالموت من عالم الحياة إلى عالم الفناء ، من عالم القصور إلى عالم القبور ، من ضياء المهود إلى ظلمة اللحود ،من ملاعبة الجواري والغلمان إلى مقاساة الهوان والديدان ، من التنعم في الطعام والشراب إلى التمرغ في الوحل والتراب .أسأل الله سبحانه أن يجعلني وإياكم ممن ختم الله لهم عند موتهم بالتوحيد.أقول قولي هذا ،وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله .

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلىأصحابه وعلىأحبابه و أتباعه وعلي كل من صار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين .أما بعد: align="right"> {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }

هذه هي المرحلة الثالثة،يوم أن يبعث من القبور وإن هذه المرحلة أيضا أمرها خطير وخطرها عظيم .

إستمعوا أيها الاحباب ، في عجالة سريعة إلى كلمات موجزة عن هذه المرحلة الثالثة والأخيرة لأن بعدها إما عذاب وإما نعيم ،إما جنة وإما نار{وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }

هذه المرحلة الثالثة التي سلم الله فيها على يحيي عليه السلام . يوم أن ولد ويوم أن مات ويوم أن يبعث .يسلم الله عليه ، يؤمنه الله في هذه المواطن الثلاث .ويوم البعث يوم خطره عظيم ،بعد مرحلة الصعق ،وبعد نفخة الصعق ( أي الموت ) ولا بأس على الإطلاق أن نكرر ونذكرهذا الكلام ،فإننا في أمس الحاجة لأن نتذكره دائما، لأن إسرافيل ينفخ في الصور ثلاث .وهذا هو الصحيح. نفخة الفزع ،ونفخة الصعق ، ونفخة البعث.

نفخة الفزع ، يفزع بعدها كل من في السماوات وكل من في الأرض إلا من شاء الله .وتأتي تفخة الصعق (أي

الموت ) فيموت بعدها كل حي على ظهر هذه الأرض .ونفخ في الصور فصعق (أي فمات) من في السماوات

ومن في الأرض إلا ماشاء الله .وقلنا بأن الإستثناء هنا هم:

جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وحملة العرش؟ وهنا يأتي ملك الموت إلى الله بعدما مات الملوك ومات

الحكام ومات الرؤساء ، ومات الجبابرة ،ومات كل مخلوق. يبقى هؤلاء مع الحي الذي لا يموت ،ويأتي ملك الموت إلى الملك ،فيقول الملك لملك الموت يا ملك الموت من بقي؟ فيقول ملك الموت : يارب ،بقيت أنت الحي الذي لا تموت .وبقي جبريل وإسرافيل وميكاءيل وملك الموت وحملة العرش.فيقول الملك لملك الموت :يا ملك الموت ليمت جبريل ،فيموت جبريل ، ليمت ميكائيل فيموت ميكائيل . فيأتي ملك الموت إلى الملك ،فيقول الملك لملك الموت :يا ملك الموت من بقي ؟ فيقول : مات جبريل ومات ميكائيل . فيقول الله تبارك وتعالى :ليمت حملة العرش .(حملة العرش يموتون؟ الذين يحملون عرش الله يموتون ؟ إذن بعد موتهم ، من الذي يحمل عرش الله؟

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } استوى كما أخبر. وعلى الوجه الذي أراده ، وبالمعنى الذي قاله .إستواء منـزها عن الحلول

والإنتقاذ .فلا العرش يحمله ولا الكرسي يسنده ،بل العرش وحملتته ،والكرسي وعظمته ،الكل محمول بلطف قدره ،مقهور بجلال قبضته ).

ليمت حملة العرش ،فيموتون ،فيأتي ملك الموت فيقول الله ، من بقي؟ يقول يارب بقي إسرافيل (الذي ينفخ في الصور،والصور هو الأرض، هو البوق. عرض كعرض السماوات والارض.كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .) فيأمر الله العرش، قيتخذ الصور من إسرافيل . فيموت إسرافيل ،ويبقى ملك الموت ،فياتي ملك الموت إلى ملك الملوك فيقول الملك لملك الموت :

ا ملك الموت ،من بقي من خلقي" ،فيقول يارب بقيت أنت الحي الذي لا تموت ،وبقي عبدط الذليل الضعيف الماثل بين يديك ،ملك الموت .فيقول الله جل وعلا لملك الموت ،ياملك الموت ،أنت خلق من خلقي وخلقت لما ترى فمت يلملك الموت .فيموت ملك الموت .

مات الجميع.مات جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وحملة العرش، إذن من الباقي ؟ من الباقي؟

هنا ينسف الله الدنيا ويبسطها ثلاث مرات ،ويهتف بصوته ويجيت .سؤال وجواب .فما من سائل يومها ولا ممجيب إلا الله .

وينادي ويهتف بصوته ويقول "أنا الجبار، أنا الجبار. لمن الملك اليوم ؟ ثلاث مرات.

لا يجيبه إحد لأنه لا أحد . فيقول في ذاته بلغة العظمة والكبرياء : الملك اليوم لله الواحد القهار .
كان آخرا كما كان أولا .أول بلا اقتداء وآخر بلا افتخار . هو الأول وهو الآخر وهو الظاهر وهو الباطن وهو بكل شيء عليم. فتأتي بعد ذلك نفخة البعث يوم أن ينادي الحق جل وعلا ويحيى جبريل وإسرافيل وملك الموت وكملة العرش . ينادي الحق تبارك وتعالى .ويقبض الله الأرواح بيمينه . أرواح المؤمنين تتوهج .لها ضياء ونور ،وأرواح المشركين لها ظلمة . ويقبضها الله بيمينه ويضعها في الصور .ويامر الله إسرافيل بالنفخ . ثم يقول :

"وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده ."

"وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده ."

موثق من قبل أن يقول أن كل شيئ خلقناه بقدر ، ثم ينادي الحق منادي من قبل الحق ويقول :

أيتها العظام البالية ( ينادي على إهل القبور ) أيتها العظام النخرة ، قوموا لفصل القضاء بين يدي رب الأرض والسماء .فيخرج الجميع بعدما أحيا هم الله ٍ.وبعدما انشقت عنهم الأرض ،ونبينا أول من تنشق عنه الأرض . يخرج الناس ،حفاة عراة غرلا ، والحافي من ليست في قدمبه نعلا ،والعاري من ليس على بدنه ثوبا ،وغرلا جمع أغرل والأغرل هو الصبي قبل

الختان .

كما بدأنا أول خلق نعيده ،وعدا علينا ،إنا كنا فاعلين . فيخرج الناس مذهولون مذعورون ،كلهم فزع وكلهم رعب ،الكل شاخص ببصره إلى السماء ،ينتظر الأمر من الله جل وعلا .الشمس فوق الرؤوس ، ها هي أرض المحشر وها هو يوم البعث ."ويوم يبعث حيا" يوم أن يبعثوا من القبور ،حفاة عراة غرلا . كما قالت عائشة :" الرجال مع النساء يارسول الله " قال" نعم،ياعائشة " قالت "يارسول الله ينظر الرجل إلى سوأة المرأة والمرأة إلى سوأة ا لرجل ؟" قال "يا عائشة إن الأمر أكبر من أن يهمهم ذلك . أما قرأت قول الله جل وعلا : {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} ."

والكل شاخص ببصره ،ينتظر الأمر من الله ،وفجأة صفوف الملائكة ،تتـنـزل صفوف الملائكة .( أهل السماء من الملائكة بضعف من في الأرض ويقفون إلى جوار الخلائق ،بما فيهم الأنبياء . )

تتنزل الملائكة فتنظر الخلائق إلى الملائكة ، المخلوقات النورانية ،فتقول الخلائق للملائكة " أفيكم ربنا ، أبينكم ربنا ؟ " فتقول الملائكة " سبحان الله كلا، وهو آت . آت إتيانا يليق بكماله وجلاله للفصل بين العباد .وللقضاء بين العباد. وتتنزل الملائكة من السماء الثانية فالثالثة حتى السابعة .وبعد ذلك يتنزل حملة العرش . لهم في تسبيحهم وهم يقولون : سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان ذي العزة والجبروت ، سبحان من لا يذوق الموت .سبحان من الموت على الخلائق ولا يموت .صبوح قدوس قدوس ، رب الملائكة والروح"

وبعدها ينصب الكرسي حيث شاء الله وحيث أراد الله ويتنزل الملك نزولا يليق بكماله وجلاله .فكل من رأى في ذلك فالله بخلاف ذلك .ويستوي الملك على كرسيه إستواء لاتدركه العقول ،ولا تكيفه الأذهان ، الكل شاخص ، لا يجرأ مخلوق على أن

ينطق ، { لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابا} { وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً }لا يجرأ أحد على الكلام ، الملائكة يقولون :سبحانك ،ما عبدناك حق عبادتك .

والأنبياء يقولون : اللهم سلم سلم ، لا ينطق أحد ،ولا يتكلم مخلوق ،وفجأة يخرق هذا الذهول وهذا السكون صوت الحق جل وعلا ، صوت جبار السماوات والأرض ،قيوم السماوات والأرض ، ينطق ويقول " أيها الناس ، لقد أنصت إليكم كثيرا في الدنيا ، فأنصتوا اليوم إلي ،أنصتوا اليوم إلي " ثم يأمر الله جهنم فتخرج عنقا أسود مظلما ، ثم يقول الحق تبارك وتعالى :

{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ{60} وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ{61} وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ{62} هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{63} اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ{64}




align="right">

كتبت : * أم أحمد *
-
اللهم أختم لنا بالصالحات
وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين
واجعل قبورنا روضة من رياض الجنه ولا تجعلها حفرة من حفر النيران
أختي الغاليه جزاكِ الله خير الجزاء
نفع بكِ الأسلام والمسلمين
نورتي قسم المكتبه أختي الحبيبه
وننتظر منكِ كل جديد
كتبت : سنبلة الخير .
-
موضوع رائع
جزاك الله خير الجزاء
سلمت يمنياك على طرحك الهادف
اللهم نسالك حسن الخاتمة
كتبت : || (أفنان) l|
-
اللهم ارحمنا وهون علينا من سكرات الموت
اللهم اشرح صدورنا ... واجلي احزاننا
اللهم ثبتنا ولا تخذلنا ... واجعلنا من عبادك المخلصين
اللهم لا تعذبنا بذنوبنا واغفرلنا خطايانا واجعلنا من الصالحين
واجعل خير إيامنا يوم لقاك


بارك الله فيك أختي للتذكرة بنقل محاضرة لنا
بارك الله في شيخنا محمد حسان
ونسأل الله العفو والعافية والتوبة وحسن الخاتمة
وجزاك الله كل خير

جعل الله لااله الا الله نطق لسانكِ ونبض قلبكِ ونور إيامكِ وحسن ختامكِ
الله يعلي مقداركِ ويجعلكِ من صفوة عباده وخلقه
جزاك الله خيراً ورُزقت حسن الخاتمة

التالي

لتنزع عقول أهل ذلك الزمان

السابق

رسالة لكل من ابتلي بمرض السرطان

كلمات ذات علاقة
للشيخ , محمد , الموت , حسان , سكرة