نصوص موثّقة من مصادر الشّيعة، تثبت أنّ أئمّة أهل البيت كانوا أهل توحيد وسنّة وجماعة.

مجتمع رجيم / قسم الفرق الضالة
كتبت : || (أفنان) l|
-

الشّيعة، image003aq5.gif




هذا هو
مذهب أهل البيت


نصوص موثّقة من مصادر الشّيعة، تثبت أنّ أئمّة أهل البيت
كانوا أهل توحيد وسنّة وجماعة.


(01)

جمع وترتيب: سلطان بركاني
(مسلم جزائري)

الفهــرس

نداء إلى كلّ شيعيّ يريد الحقّ: حقائق ووقفات.
أهل البيت يلجئون ويوصون باللّجوء إلى الله وحده.
أهل البيت يرغّبون في التوسّل إلى الله بأسمائه وصفاته وبالأعمال الصّالحة، وينفون التوسّل بالمخلوقين.
أهل البيت يقولون أنّ الدّعاء عبادة.
أهل البيت ينهون عن رفع القبور والبناء عليها.
أهل البيت يحثّون على التمسّك بالكتاب والسنّة والردّ إليهما، ويوصون بعرض الأقوال عليهما، وردّ كلّ ما خالفهما.
أهل البيت يحذّرون من البدع.
أهل البيت يمدحون الصّحابة، ويوصون بهم خيرا.
أهل البيت ينكرون مبدأ الإمامة والنصّ على الأئمّة.
أهل البيت ينكرون مبدأ العصمة.
أهل البيت يقرّون أنّ الحجّة قامت على العباد وتمّت ببعثة الأنبياء.
أهل البيت يتبرّؤون من نسبة علم الغيب إليهم.
أهل البيت يُقرّون بأنّهم يسهون وينسون.
أهل البيت يحرّمون اللّطم والنّياحة.
أهل البيت يحرّمون نكاح المتعة.
أهل البيت لم يزيدوا الشّهادة الثّالثة في الأذان.
أهل البيت كانوا يصلّون خمس صلوات في خمسة أوقات.
أهل البيت لم يكونوا يؤخّرون صلاة المغرب.
أهل البيت يأمرون بغسل الرّجلين في الوضوء.
أهل البيت يحثّون على تعجيل الإفطار.
أهل البيت يصومون عاشوراء ويحثّون على صيامه.
هؤلاء هم أهل البيت.
محبّة أهل البيت.
وبعــد.

***


نداء إلى كلّ شيعيّ يريد الحقّ

حقائق ووقفات

الحقيقة الأولى:
لعلّه لا يخفى عليك -أخي الشّيعيّ- أنّ من سنن الله -جلّ وعلا- في خلقه أنّه جعل لكلّ نبيّ عدوا من المجرمين:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً } (الفرقان:31).
ولا يخفى عليك أنّ لهذا الدّين أعداءَ كثيرين كانوا ولا يزالون وسيظلّون يكيدون له إلى قيام السّاعة
{ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } (البقرة:217).


أعداء تعدّدت مكائدهم لهذا الدّين وتنوّعت أدوارهم، ولكنّ الهدف ظلّ واحدا: صرف المسلمين عن حقيقة الإسلام إلى أهواء ومذاهب وآراء أرسوا دعائمها ووضعوا أسسها، وألبسوها لباس الحقّ، وقدّموها للنّاس في صورة نصوص وروايات نسبوها إلى النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-
وإلى أهل بيته وأصحابه. نصوص وروايات لا تعدّ بالمئات ولا بالآلاف، تسرّبت إلى الكثير من المصنّفات، ولكنّ الله قيّض لها جهابذة أوقفوا أعمارهم للتّنقيب عنها، فنخلوا الأحاديث والرّوايات والآثار، وفضحوا الموضوعات وكشفوا واضعيها.


لكن ولأنّه قد وجد في هذه الأمّة من تنكّر لتلك الجهود التي بذلها أولئك الجهابذة، فقد دبّ الخلاف بين المسلمين بسبب أنّ البعض منهم بقوا مصرّين على التمسّك بتلك الرّوايات والنّصوص التي بيّن الحفّاظ ضعفها ووضعها، بل وأقاموا عليها أصولا وبنوا عليها عقائد ومواقف،
وعمدوا إلى ما خالفها فحملوه على التقيّة أو ردّوه.



الحقيقة الثّانية:
لا شكّ -أخي الشّيعيّ-
أنّك قد اخترت مذهب الشّيعة لسبب واحد: هو اعتقادك أنّه مذهب أهل البيت الأطهار. لكن بالله عليك..
هل فكّرت يوما أن تمحّص الرّوايات التي تقرؤها في كتب الشّيعة والمنسوبة
إلى أئمّة أهل البيت؟ هل حاولت أن تعرضها على كتاب الله وسنّة رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- عملا بوصايا أئمّة أهل البيت؟.
يقول الإمام الصّادق –عليه رحمة الله-: "الوقوف عند الشّبهة خير من الاقتحام في الهلكة، إنّ على كل حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نورا،

فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه"
.
(وسائل الشّيعة: 27/119).


هل خطر ببالك ولو مرّة وأنت تقرأ أو تسمع رواية من الرّوايات المنسوبة إلى أئمّة أهل البيت أنّها ربّما تكون مكذوبة؟.
اقرأ معي –أخي- هذه الرّواية التي وردت في كتب الشّيعة، لتتبيّن مدى كثرة الكذب على أهل بيت النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
· في كتاب (رجال الكشيّ) أنّ الإمام أبا عبد الله جعفر الصّادق -عليه السّلام-
قال: " لا تقبلوا علينا حديثا إلاّ ما وافق القرآن والسنّة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدّمة،
فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي،
فاتقوا الله
ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبيّنا -صلّى الله عليه وآله-،
فإنّا إذا حدّثنا قلنا: قال الله عز وجلّ وقال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-".



قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر -عليه السّلام-، ووجدت أصحاب أبي عبد الله -عليه السّلام-
متوافرين فسمعت منهم وأخذت كتبهم،

فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا -عليه السّلام- فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله -عليه السّلام-،
وقال لي: " إنّ أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله -عليه السّلام-، لعن الله أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله -عليه السّلام-،
فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنّة، إنا عن الله وعن رسوله نحدّث،
ولا نقول قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إنّ كلام آخرنا مثل كلام أولنا وكلام أولنا مصادق لكلام آخرنا، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه وقولوا أنت أعلم وما جئت به، فإنّ مع كل قول منّا حقيقة وعليه نورا، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك من قول الشيطان ".
(رجال الكشي: 224-225. رواية رقم 401).


ثمّ تأمّل معي –أخي- ما الذي كان يفعله أحد أولئك المتربّصين الذين احترفوا الكذب على أئمّة أهل البيت:

· وفي (رجال الكشي) أيضا أنّ أبا عبد الله جعفر الصّادق -عليه السّلام- قال: " كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة،
فكان يدسّ فيها الكفر والزّندقة ويسندها إلى أبي، ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يثبتوها في الشّيعة، فكلّ ما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك ما دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم ". (رجال الكشي: ص225. رواية رقم 402).




الحقيقة الثّالثة:
هل تعلم أخي الشّيعيّ أنّ معظم الرّوايات في مصادر الشيعة منسوبة إلى الإمامين الباقر والصّادق –عليهما رحمة الله-، ولا خلاف أنّهما استوطنا المدينة، ولم يخرجا منها إلا نادرا في أسفار محدودة ومعدودة، ولكنّنا نجد أنّ الرّواة عنهم عند الشّيعة جلّهم من الكوفة، والمطّلع على تراجمهم يجد أنّهم لم يخرجوا من الكوفة إلا قليلا، ومع ذلك ينقل بعضهم عن الإمامين آلاف الرّوايات، ومنهم من يروي عن الباقر 30 ألف حديث، ومنهم من يروي 70 ألف حديث !!!.

فكيف تسنّى لهم نقل ذلك الكمّ الهائل من الرّوايات، وبينهم وبين الإمامين تلك المفاوز والمسافات؟.
وقبل هذا: لماذا كان أغلب الرّواة عن الأئمّة من الكوفة التي طعن أعلام أهل البيت في أهلها، واتّهموهم بالغلوّ والكذب؟.

ورد في كتب الشّيعة نفسها أنّ الإمام الباقر –عليه رحمة الله- قال: " إنّ أحاديثنا إذا أسقطت إلى الشّام جاءتنا صحاحا، وإذا أسقطت إلى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص " (شرح الأخبار، للقاضي النّعمان المغربيّ: 03/278).

ونقلت كتب الشّيعة نفسها ذمّ أهل الكوفة على أَلْسنة عدد كبير من أئمة أهل البيت:

· قال علي -رضي الله عنه-: "يا أهل الكوفة، مُنيتُ منكم بثلاث واثنتين: صمّ ذوو أسماع وبُكم ذوو ألسن وعمي ذوو أبصار،
لاإخوان صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء. اللهمّ إنّي قد مللتهم وملّوني، وسئمتهم وسئموني، اللهمّ لا تُرْضِ عنهم أميراً
ولاترضهم عن أمير،
وأمث قلوبهم كما يماث الملح في الماء". (الإرشاد للمفيد: 01/282).

· وقال الحسن بن عليّ -رضي الله عنه-: " عرفت أهل الكوفة وبلوتهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً،
إنَّهم لا وفاء لهم ولاذمّة في قول ولا فعل، وإنّهم لمختلفون ويقولون لنا إنّ قلوبهم معنا وإنّ سيوفهم لمشهورة علينا".
(بحار الأنوار: 44/147).


· وقالت فاطمة الصغرى بنت الحسين -رضي الله عنها وعن أبيها-:
" أمّا بعد، يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، إنّا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا ". (بحار الأنوار: 45/110).


الحقيقة الرّابعة:
أبناء وإخوة الأئمّة الإثني عشر يتجاوز عددهم 48 رجلا، وهم أقرب النّاس إلى الأئمّة، يجالسونهم ويؤاكلونهم ويخالطونهم أكثر من غيرهم،
ولكنّنا لا نكاد نجد لهم روايات عن الأئمّة في كتب الشّيعة، بل إنّ 43 منهم لم يروِ عنهم الشّيعة شيئا، وفي المقابل فإنّ روايات كثير منهم موجودة في مصنّفات أهل السنّة، وهي تخالف تماما ما يرويه الشّيعة عن الأئمّة بل تنقضه.


وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ العقائد التي ينسبها الشّيعة إلى أئمّة أهل البيت، والتي لم يعرفها أبناؤهم وإخوتهم، هي عقائد مكذوبة وضعها الوضّاعون من أهل الكوفة ومن غيرهم.


الحقيقة الخامسة:
الأخطر من كلّ ما سبق في فضائح الكذب على أعلام أهل البيت، ما شهد به أحد علماء الشّيعة الزيدية المتقدّمين: أبو طالب يحيى بن الحسين الحسني –المتوفى سنة 424هـ- حينما قال في كتابه (الدّعامة): "إنّ كثيراً من أسانيد الإثني عشرية مبنية على أسام لا مسمّى لها من الرجالوقال: "وقد عرفت من رواتهم المكثرين من كان يستحلّ وضع الأسانيد للأخبار المنقطعة إذا وقعت إليه.
وحكي عن بعضهم: أنه كان يجمع روايات بزرجمهر، وينسبها للأئمة بأسانيد يضعها، فقيل له في ذلك، فقال: ألحق الحكمة بأهلها".
(الحور العين: ص153).



الحقيقة السّادسة:
نظرا لكثرة الكذب عليهم، فقد تواتر عن أعلام أهل البيت أنّهم أوصوا بعَرض كلّ ما ينسب إليهم على كتاب الله وسنّة رسوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، فما وافقهما فهو الحقّ، وما خالفهما فهو الباطل:

· في (تفسير العياشي) عن سدير قال: كان أبو جعفر -عليه السّلام- وأبو عبدالله -عليه السّلام- يقولان: "لا يصدّق علينا إلا بما يوافق كتاب الله وسنة نبيه -صلّى الله عليه وآله-". (تفسير العياشي: 01/09).

· وفي (الكافي) عن حسين بن أبي العلاء أنّه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله -عليه السّلام- عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا تثق به؟
قال
: " إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله -صلّى الله عليه وآله- وإلا فالذي جاء كم به أولى به".
(الكافي: 01/69).




لكن... هل عمل الشّيعة بهذه الوصايا؟.


الواقع يشهد أنّ العقائد التي شذّ بها الشّيعة عن جماعة المسلمين، كالإمامة والوصية والعصمة والطّعن في الصّحابة، علاوة على أنّنا لا نجد لها أثرا في كتاب ربّنا –جلّ وعلا- وفيما صحّ من سنّة نبيّنا -صلّى الله عليه وآله وسلّم- إلا بتأويلات وتمحّلات لا يحتملها السّياق ولا يقبلها اللّسان العربيّ، علاوة على هذا فإنّها قد وردت في كتب الشّيعة من طرق رجال كان علماء أهل البيت يبرؤون منهم ويشْكُون كَذِبَهُمْ عليهم؟:

خذ مثلا: زرارة بن أعين، هذا الرّجل جعله الشّيعة من أجلّة رواتهم، مع أنّ أئمّة أهل البيت تبرّؤوا منه ومن كذبه، بل ولعنوه:

· يروي (الكشي) عن علي بن الحكم، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله جعفر الصّادق -عليه السّلام- قال: دخلت عليه فقال: متى عهدك بزرارة؟ قال، قلت: ما رأيته منذ أيام، قال: لا تُبالِ، وإن مرض فلا تعده وإن مات فلا تشهد جنازته، قال، قلت: زرارة ؟! متعجبا ممّا قال،
قال: "نعم زرارة، زرارة شرّ من اليهود والنّصارى ومن قال إن مع الله ثالث ثلاثة". (رجال الكشي: ص160. رواية رقم 267).



· ويروي (الكشي) أيضا عن عمران الزعفراني، قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السّلام- يقول لأبي بصير: "يا أبا بصير -وكنّى اثني عشر رجلا-
ما أحدث أحد في الإسلام ما أحدث زرارة من البدع، عليه لعنة الله"، هذا قول أبي عبد الله.
(رجال الكشي ص149. رواية رقم 241).


وما قيل في زرارة بن أعين يقال في هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، وشيطان الطّاق، وجابر الجعفيّ،...
وغيرهم من الرّواة الذين تبرّأ الأئمّة منهم، ولكنّ الشّيعة يصرّون على توثيقهم وأخذ الدّين عنهم!!!.




الحقيقة السّابعة:
لعلّ من أظهر الغرائب التي تفضح أولئك المندسّين الذين يكذبون على الأئمّة وينسبون إليهم ما تستبشعه العقول والفطر، أنّهم وضعوا على ألسنة أعلام أهل البيت روايات تحمل الذمّ الوارد في حقّهم على التقية، وروايات تدعوا إلى تصديق كلّ ما ينقل عنهم ولو لم تقبله العقول:

ففي (بحار الأنوار) مثلا عن سفيان بن السّمط قال: قلت لأبي عبدالله -عليه السّلام-: جُعلت فداك، إنّ رجلا يأتينا من قبلكم يُعرف بالكذب فيحدّث بالحديث فنستبشعه، فقال أبو عبد الله -عليه السّلام-: يقول لك إني قلت للّيل إنّه نهار، أو للنّهار إنه ليل؟ قال: لا.
قال
: "فإن قال لك هذا أنّي قلته فلا تكذّب به، فإنّك إنّما تكذّبني".
(البحار: 02/211). (!!!).



الحقيقة الثّامنة:
الأغرب ممّا سبق أنّ كتب الشّيعة نفسها قد شهدت أنّ بعض العقائد التي جُعلت من أصول المذهب الشّيعيّ كان مبدؤها من رجال اشتهروا في التّاريخ الإسلاميّ بالمكر والكيد للإسلام:

اقرأ معي ما قاله المؤرّخ الشّيعيّ أبو الحسن النّوبختي في كتابه (فرق الشّيعة) عن واحد من أولئك الماكرين:

· قال النّوبختي: " وفرقة منها قالت لم يقتل ولم يمت، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا،
فهي أوّل فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد وفاة النبيّ -صلّى الله عليه وآله- من هذه الأمّة، وأوّل من قال منها بالغلوّ
، وهذه الفرقة تسمّى السّبئيّة، أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان أظهر الطّعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصّحابة، وتبرّأ منهم، وقال إنّ عليا عليه السّلام أمره بذلك،
فأخذه عليّ فسأله عن قوله هذا فأقرّ به، فأمر بقتله فصاح النّاس إليه: يا أمير المؤمنين! أ تقتل رجلا يدعو إلى حبّكم أهل البيت، وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك، فسيّره إلى المدائن، وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب عليّ عليه السّلام أنّ عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا -عليه السّلام- وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصيّ موسى بالغلوّ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- في علي -عليه السّلام-
مثل ذلك،
وكان أوّل من شهر بالقول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأكفرهم،

فمن هاهنا قال من خالف الشّيعة أنّ أصل التشيّع والرّفض مأخوذ من اليهوديّة ".
(فرق الشّيعة للنّوبختي: ص22).


تأمّل أخي: عبد الله بن سبأ اليهودي هو أوّل من شهر القول بفرض إمامة عليّ -رضي الله عنه-، وهو أوّل من طعن في أبي بكر وعمر وعثمان والصّحابة.

فهل ترضى أخي أن تتبنّى عقيدة أسّسها رجل كهذا؟.
أتوقّع أنّك ستقول أنّ عبد الله بن سبأ أسطورة مخترعة، فأقول لك:
اعلمْ أخي أنّ هذا الرّجل كان -وعلى مدار 12 قرنا من الزّمان أو أكثر- حقيقة مسلّمة اتّفق عليها مؤرّخو السنّة والشّيعة، ولم ينكرها منهم أحد، وكثير من علماء الشّيعة في هذا العصر لا ينكرون هذه الشّخصية، ولكنّ بعض الدّعاة والكتّاب الذين تستهويهم هواية القفز على الحقائق هم من يتولّى محاولة إنكار وجودها.



لن أدلّك أخي على مصادر أهل السنّة التي تحدّثت عن عبد الله بن سبأ، ولكنّي سأدلّك على مصادر شيعيّة بحتة
يمكنك الرّجوع إليها لتتأكّد أنّ وجود عبد الله بن سبأ حقيقة مسلّمة عند مؤرّخي الشّيعة:



ارجع مثلا إلى:

* مسائل الإمامة للناشئ الأكبر: ص22-23.
* المقالات والفرق للأشعري القمي: ص20.
* فرق الشيعة للنوبختي: ص22-23
* رجالّ للكشي: ص70، 106-109، 305.
* رجال الطّوسيّ: ص51.
* الرّجال لابن المطهّر الحلي: 02/71.
* الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري: 02/234.
* التّحرير للطّاووسي: ص346.


الحقيقة التّاسعة:
الرّوايات المدسوسة على أهل البيت في مصادر الشّيعة كثيرة وكثيرة جدا، وهي في مجملها تصوّر أعلام أهل البيت على أنّهم كانوا:
· أهل تقديس لأنفسهم، وأهل طقوس وخرافات، يحثّون النّاس على التعلّق بالقبور والمزارات وطلب المدد من الأموات، وتعذيب الأنفس بضرب الرّؤوس والهامات.
· وأصحاب قلوب مليئة بالحقد والضّغينة على صحابة جدّهم المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، وعلى جماهير المسلمين الذين أحبّوا أولئك الأصحاب وتولّوهم.
· وأهل تقية وكتمان، يظهرون للنّاس غير ما يبطنون، ويقولون ما لا يعتقدون.
· وأهل حرص على الدّنيا ومناصبها وبهارجها، يضمرون الحقد لأمّة الإسلام التي لم تمكّنهم من تلك المناصب.
· وأهل تعلّق بما في أيدي النّاس، يستبيحون الأموال باسم خمس أهل البيت، ولا يرون دينا لمن لا يدفع إليهم تلك الأخماس.
· وأهل توسّع في المتع والشّهوات، يبيحون الزّنا باسم نكاح المتعة، ويبحون محاشّ الزّوجات باسم { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ }؟!...
هكذا تصوّر الرّوايات المدسوسة أئمّةَ أهل البيت برّأهم الله. فهل تقبل هذا -أخي الشّعيّ- في أهل بيت نبيّك –صلّى الله عليه وآله وسلّم-؟.


الحقيقة العاشرة:
لعلّ من أجلّ نعم الله –جلّ وعلا- على عباده أنْ جعل في كلّ دين وفي كلّ مذهب وضعيّ ما يدلّ على وضعه، وما يدلّ كلّ منصف متجرّد من أتباعه على الحقّ.
ومصادر الشّيعة لم تشذّ عن هذه القاعدة؛ إذ لا يكاد يخلو مصدر منها من نصوص مروية عن أعلام أهل البيت، تدلّ على بطلان كثير من معتقدات الشّيعة من جهة، وتدلّ على أحقية أهل السنّة بأهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- من جهة ثانية.
انطلاقا من هذه الحقيقة فقد رأيت أن أجمع في بحث موجز بعض تلك النّصوص التي وقفت عليها بنفسي، واستخرجتها مباشرة من كتب ومصادر شيعيّة، حمّلتها من مواقع ومنتديات شيعيّة خالصة.


نصوص روتها مصادر الشّيعة عن أئمّة أهل البيت، توافق تماما ما يعتقده أهل السنّة في أولئك الأخيار، بل والأهمّ من هذا أنّها توافق آيات صريحة في كتاب الله -جلّ وعلا-.

نصوص ساطعة ناصعة، تأخذ بلبّ كلّ باحث عن الحقّ، وتوقفه على حقيقةِ أنّ أئمّة وأعلام أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- كانوا أهل توحيد وسنّة، وأهل قلوب وألسن نقية طاهرة لأصحاب جدّهم المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، وأهل صدع بالحقّ لا يخافون في الله لومة لائم،
وأهل زهد في مناصب الدّنيا وأموالها، وأهل عفّة وطهارة يحرّمون نكاح المتعة، ولا يبيحون ما حرّم الله.


نصوص يسعى بعض علماء الشّيعة إلى وأدها، ويحاول الكثير منهم ردّها أو إبطال دلالتها بحملها على التقيّة، لسببين:

· الأوّل: أنّها لا تتّفق مع العقائد التي أصّلها أساطين المذهب استنادا إلى روايات وضعها أهل الفتنة والمكر المندسّون بين صفوف المسلمين.


· الثّاني: أنّها توافق ما عند أهل السنّة، وهم –أي الشّيعة- يقولون: "ما خالف العامّة (أي أهل السنّة) ففيه الرشاد"،
ويقولون: "دعوا ما وافق القوم فإّن الرّشد في خلافهم".(رسالة التعادل والترجيح للخميني: ص71).


نصوص أهديها إلى كلّ شيعيّ منصف متجرّد طالب للحقّ، يحبّ أهل البيت ويسعى إلى اقتفاء آثارهم بصدق، وأهديها أيضا إلى كلّ سنيّ مهتمّ بدعوة الشّيعة، لتكون عونا له على الأخذ بأيدي المغرّر بهم من عوامّهم إلى سبيل النّجاة.

أسأل الله -جلّ وعلا- أن يهدي كلّ من قرأ هذا البحث إلى ما يحبّه ويرضاه من الاعتقادات والأقوال والأعمال، إنّه وليّ ذلك ومولاه.

يتبع ان شاء الله
كتبت : || (أفنان) l|
-
أهل البيت يَلجَئون ويوصون باللّجوء إلى الله وحده


كان أعلام أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- يلجئون في دعائهم إلى الله وحده، وكانوا يرغّبون مَن حولهم في التوجّه إلى الله مباشرة من دون الحاجة إلى وسائط وشفعاء، وينهون أشدّ النّهي عن سؤال غير الله.


وهذه بعض أقوالهم:

النبيّ المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم- يوصي بسؤال الله والاستعانة به وحده:

· أورد الطّوسيّ في (الأمالي) عن الفضيل بن يسار، قال سمعت أبا جعفر -عليه السّلام- يقول: خرج رسول الله -صلّى الله عليه وآله- يريد حاجة،
فإذا هو بالفضل بن العبّاس. قال: فقال: احملوا هذا الغلام خلفي. قال: فاعتنق رسولُ الله -صلّى الله عليه وآله- بيده من خلفه على الغلام، ثم قال:
( يا غلام، خفِ الله تجده أمامك، يا غلام خف الله يكفك ما سواه، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، ولو أنّ جميع الخلائق اجتمعوا على أن يصرفوا عنك شيئا قد قدّر لك لم يستطيعوا، واعلم أّن النّصر مع الصبر، وأّن الفرج مع الكرب، وأنّ اليسر مع العسر، وكلّ ما هو آت قريب. إنّ الله يقول:
(ولو أنّ قلوب عبادي اجتمعت على قلب أشقى عبد لي ما نقصني ذلك من سلطاني جناح بعوضة، ولو أنّ قلوب عبادي اجتمعت على قلب أسعد عبد لي ما زاد ذلك إلا مثل إبرة جاء بها عبد من عبادي فغمسها في بحر، وذلك أنّ عطائي كلام، وعدتي كلام، وإنّما أقول للشّيء كن فيكون)).

(أمالي الطّوسي: ص536).



تأمّل أخي كيف يربّي النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- هذا الغلام الصّغير ألا يسأل أحدا إلا الله، وألا يستعين بأحد غير الله، مصداقا لقول الله -جلّ وعلا- في سورة الفاتحة عن دعاء المؤمنين: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } (الفاتحة:5).


عليّ المرتضى -رضي الله عنه- ينفي الحاجة إلى الشّفعاء في الدّعاء، ويرغّب في إخلاص الدّعاء لله وحده:

· في (نهج البلاغة) يقول أمير المؤمنين عليّ -رضي الله عنه- موصيا ولده الحسن -رضي الله عنه-: " واعلم أنّ الّذي بيده خزائن السّماوات والأرض قد أذن لك في الدّعاء وتكفّل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التّوبة، ولم يعاجلك بالنّقمة، ولم يعيّرك بالإنابة ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى، ولم يشدّد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرّحمة. بل جعل نزوعك عن الذّنب حسنة، وحسب سيّئتك واحدة، وحسب حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب. فإذا ناديته سمع نداءك، وإذا ناجيته علم نجواك.
فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار وصحّة الأبدان وسعة الأرزاق.



ثمّ جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدّعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب رحمته. فلا يقنّطنّك إبطاء إجابته، فإنّ العطيّة على قدر النّيّة. وربّما أخّرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السّائل وأجزل لعطاء الآمل. وربّما سألت الشّيء فلا تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك. فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته. فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله وينفى عنك وباله. فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له ".
(نهج البلاغة: باب المختار من كتب أمير المؤمنين -عليه السّلام- ورسائله إلى أعدائه وأمراء بلاده ويدخل في ذلك ما اختير من عهوده إلى عمّاله ووصاياه لأهله وأصحابه: وصية [31]: ومن وصيّته -عليه السّلام- للحسن بن علي -عليه السّلام-
، كتبها إليه بـ "حاضرين" عند انصرافه من صفّين).



تأمّل أخي كيف ينفي أمير المؤمنين أن يكون الله –جلّ في علاه– قد جعل بينه وبين عبده من يحجبه عنه، أو يكون قد ألجأه إلى شفيع يشفع له في الدّعاء، وكلامه هذا هو مصداق لقوله –جلّ شأنه-:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } (البقرة:186).


· وفي (الكافي) عن أَبي الحسن الرّضَا -عليه السّلام- أَنّ أَمير المؤمنين -صلوات الله عليه- كان يقول: "طوبى لمن أخلص للهِ العبادةَ والدّعاء، ولم يشغل قلبه بما ترى عيناهُ، ولم ينسَ ذكر اللهِ بما تسمعُ أذناهُ، ولم يحزن صدره بما أعطي غيرُه". (الكافي: 02/16).

تأمّل أخي كيف يمدح أمير المؤمنين عليّ – رضي الله عنه – من يخلص عبادته ودعاءه لله –جلّ وعلا- مصداقا لقول الله – تبارك وتعالى-:
{ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } (غافر:14).



الإمام السجّاد -عليه رحمة الله- يستعيذ بالله من سؤال غيره:

· كان من دعائه كما في (الصّحيفة السجّادية):
"اللّهمّ اجعلني أصول بك عند الضّرورة، وأَسأَلك عند الحاجة، وأَتضرّع إليك عند المسكنة، ولا تفتنّي بالاستعانة بغيْرك إذا اضطررت، ولا بالخضوع لسؤال غيرك إذا افتقرت، ولا بالتّضرّع إلى من دونك إذا رهبت، فأستحقّ بذلك خذلانك ومنعك وإعراضك يا أَرحم الرّاحمين".
(الصّحيفة: دعاء 20: دعاؤه في مكارم الأخلاق).



تأمّل أخي كيف يتعوّذ الإمام السجّاد من الاستعانة بغير الله والخضوع لغيره والتضرّع إلى من هو دونه، بل ويقول أنّ ذلك فتنة يستحقّ الواقع فيها خذلان الله ومنعه وإعراضه.


الإمام الباقر -عليه رحمة الله- يُنزل حاجته بالله وحده:

· كان من دعائه -عليه رحمة الله-: " استمسكت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها، واعتصمت بحبل الله المتين، وأعوذ بالله من شرّ فسقة العرب والعجم وشرّ فسقة الجنّ والإنس، ربي الله ربي الله ربي الله، آمنت بالله، توكّلت على الله، لا حول و لا قوة إلا بالله، ومن يتوكّل على الله فهو حسبه إنّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا، حسبي الله ونعم الوكيل.
اللهمّ من أصبح وله حاجة إلى مخلوق فإنّ حاجتي ورغبتي إليك وحدك لا شريك لك " (مصباح المتهجّد: ص179).



· وكان من دعائه -عليه رحمة الله- عقيب صلاة الليل:
"... اللهمّ لك الحمد يا ربّ، أنت نور السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت قوام السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت جمال السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت زين السّماوات والأرض فلك الحمد، وأنت صريخ المستصرخين فلك الحمد، وأنت غياث المستغيثين فلك الحمد، وأنت مجيب دعوة المضطرّين فلك الحمد، وأنت أرحم الرّاحمين الرّحمن الرّحيم فلك الحمد، اللهمّ بك تنزل كل حاجة فلك الحمد، وبك يا إلهي أنزلت حوائجي الليلة فاقضها يا قاضي حوائج السائلين... "
(مصباح المتهجّد: 164).


· وكان من وصاياه لأبنائه: " يا بَنيّ من كتم بلاء ابتلي به من النّاس وشكا ذلك إلى الله عز وجلّ كَان حقا على الله أن يعافيه من ذلك البلاء ". (بحار الأنوار: 90/286).

تأمّل أخي كيف يخلص الإمام الباقر في التوجّه إلى الله، ويُنزل حاجاته بخالقه ومولاه، تصديقا ويقينا بقوله -جلّ في علاه-:
{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } (النمل:62).



الإمام الصّادق -عليه رحمة الله- يقطع الرّجاء من جميع الخلائق، ويوصي بالتوجّه بالدّعاء إلى الله مباشرة:

· في (الكافي) أنّ الصّادق -عليه السّلام- كان يقول عند العلّة: " اللهمّ إنّك عيّرت أقواما
فقلت: { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً }،
فيا من لا يملك كشف ضرّي ولا تحويله عنّي أحد غيره، صلّ على محمد وآل محمد، واكشف ضرّي وحوّله إلى من يدعو معك إلها آخر لا إله غيرك ". (الكافي: 02/564).



· وفي (بحار الأنوار) أنّ الصّادق -عليه السّلام- كان يدعو فيقول: "اللّهمّ إنّي أصبحت لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعًا ولا حياة ولا موتًا ولا نشورًا، قد ذلّ مصرعي، واستكان مضجعي، وظهر ضرّي، وانقطع عذري، وقلّ ناصري، وأسلمني أهلي ووالدي وولدي بعد قيام حجّتك عليّ، وظهور براهينك عندي، ووضوح أدلّتك لي. اللهمّ وقد أعيت الحيل، وتغلّقت الطرق، وضاقت المذاهب، ودرست الآمال إلا منك، وانقطع الرّجاء إلا من جهتك"
(بحار الأنوار: 83/317).



· وفي (الكافي) عن يعقوب بن سالم قال: كنت عند أبي عبد الله -عليه السّلام- فقال له العلاء بن كامل: إنّ فلانا يفعل بي ويفعل، فإن رأيت أن تدعو الله عز وجلّ، فقال: "هذا ضعف بك، قل: اللهمّ إنّك تكفي من كلّ شيء ولا يكفى منك شيء، فاكفني أمر فلان بم شئت وكيف شئت و[من] حيث شئت وأنّى شئت". (الكافي: 02/512).


انظر أخي إلى هذا الموقف الذي وقفه الإمام الصّادق مع أحد أصحابه عندما جاء يشكو إليه عدوا له، ولم يطلب منه شيئا غير أنّه أراد أن يدعو له، فدلّه الإمام أن يتوجّه بنفسه مباشرة إلى الله –جلّ وعلا- بالدّعاء.


· وفي (الكافي) أيضا عن سماعة عن أبي عبد الله -عليه السّلام- قال: إذا خفت أمرا
فقل: " اللهمّ إنّك لا يكفي منك أحد، وأنت تكفي من كل أحد من خلقك، فاكفني كذا وكذا ".


وفي حديث آخر قال: تقول:
" يا كافيا من كلّ شيء ولا يكفي منك شيء في السّماوات والأرض، اكفني ما أهمّني من أمر الدّنيا والآخرة، وصلّى الله على محمّد وآله ".
(الكافي: 02/557).



الحسن العسكريّ -عليه رحمة الله- يؤكّد أنّ اللّجوء إلى الله وحده من مقتضيات ألوهيته:


· عن الحسن بن علي بن محمد -عليهم السّلام- في قول الله -عزّ وجل-: { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم }، قال: الله هو الذي يتألّـه إليه عند الحوائج والشّدائد كلّ مخلوق وعند انقطاع الرّجاء من كلّ من دونه وتقطع الأسباب من جميع من سواه. تقول: " بسم الله " أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة إلا له، المغيث إذا استغيث، والمجيب إذا دعي، وهو ما قال رجل للصّادق -عليه السّلام-: يا بن رسول الله دُلّني على الله ما هو، فقد أكثر علي المجادلون وحيّروني. فقال له: يا عبد الله، هل ركبت سفينة قطّ؟ قال: نعم. قال: فهلكسرت بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم. قال: فهل تعلّق قلبك هنالك أنّ شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم. قال الصّادق -عليه السّلام-:
"فذلك الشّيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث".
(معاني الأخبار: 01/16، بحار الأنوار: 03/41).



علَم من أعلام ولد الحسين -رضي الله عنه- يوصي بالتوجّه بالآمال إلى الله وحده:

· في (الكافي) عن الحسين بن علوان قال: كنّا في مجلس نطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض أصحابنا: من تؤمّل لما قد نزل بك؟ فقلت: فلانا، فقال: إذًا والله لا تُسعف حاجتك ولا يَبلغك أملك ولا تنجح طلبتك، قلت: وما علمك رحمك الله؟ قال: "إنّ أبا عبد الله -عليه السّلام- حدّثني أنّه قرأ في بعض الكتب أنّ الله تبارك وتعالى يقول: وعزّتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعنّ أمل كلّ مؤمّل [من الناس] غيري باليأس، ولأكسونّه ثوب المذلّة عند الناس، ولأنحينّه من قربي، ولأبعدنّه من فضلي، أيؤمِّل غيري في الشّدائد والشّدائد بيدي؟!، ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني؟! فمن ذا الذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها؟! ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه منّي؟! جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم من طرقَته نائبة من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلا مِن بعد إذني، فمالي أراه لاهيا عنّي، أعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته عنه فلم يسألني ردّه وسأل غيري؛ أ فيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم أُسأل فلا أجيب سائلي؟! أبخيل أنا فيبخّلني عبدي؟، أوليس الجود والكرم لي؟! أوليس العفو والرحمة بيدي؟! أوليس أنا محلّ الآمال؟! فمن يقطعها دوني؟ أفلا يخشى المؤمّلون أن يؤمّلوا غيري، فلوا أنّ أهل سماواتي وأهل أرضي أمّلوا جميعا ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه؟!، فيا بؤسا للقانطين من رحمتي، ويا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني". (الكافي: 02/66).


وفي رواية (الكافي) عن سعيد بن عبد الرّحمن قال: كنت مع موسى بن عبد الله بينبع وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض ولد الحسين: من تؤمّل لما قد نزل بك؟ فقلت: موسى بن عبد الله، فقال: إذا لا تقضى حاجتك ثم لا تنجح طلبتك، قلت: ولم ذاك؟ قال: لأني قد وجدت في بعض كتب آبائي أن الله عز وجل يقول -ثم ذكر مثله- فقلت: يا ابن رسول الله أمْل علي، فأملاه علي، فقلت: لا والله ما أسأله حاجة بعدها.
(الكافي: 02/66-67).



وفي رواية (أمالي الطّوسيّ) عن عبد الله بن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر -عليه السّلام-، قال: حدثني أبي، عن جدّه ياسين بن محمد، عن أبيه محمّد بن عجلان، قال: أصابتني فاقة شديدة ولا صديق لمضيق، ولزمني دين ثقيل وغريم يلجّ باقتضائه، فتوجّهت نحو دار الحسن بن زيد، وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني وبينه، وشعر بذلك من حالي محمّد بن عبد الله بن علي بن الحسين، وكان بيني وبينه قديم معرفة، فلقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال لي: قد بلغني ما أنت بسبيله، فمن تؤمّل لكشف ما نزل بك؟ قلت: الحسن بن زيد. فقال: إذن لا تقضى حاجتك ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمن يقدر على ذلك، وهو أجود الأجودين، فالتمس ما تؤمله من قبله، فإنّي سمعت ابن عمي جعفر بن محمّد يحدّث عن أبيه عن جدّه، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، عن النبي -صلّى الله عليه وآله- قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه: "وعزّتي وجلالي لأقطعنّ أمل كلّ مؤمّل غيري بالإياس، ولأكسونّه ثوب المذلّة في النّاس، ولأبعدنّه من فرَجي وفضلي، أيؤمّل عبدي في الشدائد غيري، أو يرجو سواي؟ وأنا الغنيّ الجواد، بيدي مفاتيح الأبواب، وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني، ألم يعلم أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري، فما لي أراه بأمله معرضا عنّي؟، قد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني، فأعرض عنّي ولم يسألني وسأل في نائبته غيري! وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل المسألة، أفأسال فلا أجيب؟ كلا، أو ليس الجود والكرم لي، أو ليس الدنيا والآخرة بيدي، فلو أنّ أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كلّ واحد منهم مسألته، ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه؟ فيا بؤس لمن عصاني ولم يراقبني".

فقلت: يا ابن رسول الله، أعد عليّ هذا الحديث، فأعاده ثلاثا فقلت: لا والله لا سألت أحدا بعد هذا حاجة، فما لبثت أن جاءني برزق وفضل من عنده.(الأمالي: ص584).

تأمّل أخي هذه الكلمات لتعلم مدى فداحة جرم من يدعو غير الله، ويلهج لسانه بذكر غير الله عند الشّدائد، والله –جلّ وعلا-
يقول: { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } (الزّمر:36).


هذه النّصوص -المنتقاة من بين ركام هائل من النّصوص المكذوبة التي ترغّب الشّيعة في التعلّق بأئمّة أهل البيت وإنزال الحوائج بهم-، هي النّصوص الموافقة لعشرات الآيات الصّريحة من كتاب الله، التي تحرّم اتّخاذ الشّفعاء والوسطاء في الدّعاء، وترغّب في التوجّه واللّجوء إلى الله وحده:

· يقول الحقّ تبارك وتعالى: { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } (الأعراف:29).

· ويقول جلّ شأنه: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ{5} وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ{6}} (الأحقاف).

· ويقول تقدّست أسماؤه: { يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ{13} إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ{14}} (فاطر).

· ويقول جلّت أسماؤه: { وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ{19} وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ{20} أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ{21} إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ{22} لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ{23} (النحل).

· ويقول سبحانه: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لله فَلا تَدْعُوا مَعَ الله أَحَدًا {18} وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ الله يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا {19} قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا {20}} (الجن).

· ويقول سبحانه: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ{11} يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ{12}} (الحجّ).


يتبع
كتبت : || (أفنان) l|
-
أهل البيت يرغّبون في التوسّل إلى الله بأسمائه وصفاته وبالأعمال الصّالحة، وينفون التوسّل بالمخلوقين


علي المرتضى -رضي الله عنه- يوصي بالتوسّل إلى الله بالأعمال الصّالحة:


· يقول علي -رضي الله عنه- كما في (نهج البلاغة): "إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله، فإنّه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة، وإقامة الصّلاة فإنّها الملّة، وإيتاء الزكاة فإنّها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنّه جُنّة من العقاب، وحجّ البيت واعتماره فإنّهما ينفيان الفقر ويرحضان الذّنب، وصلة الرّحم فإنّها مثراة في المال ومنسأة في الأجل، وصدقة السرّ فإنّها تكفّر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنّها تدفع ميتة السّوء، وصنائع المعروف فإنّها تقي مصارع الهوان".
(نهج البلاغة: بَابُ المخُتَارِ مِنْ خُطب مولانا أمير المؤُمِنين عليّ بن أبي طالب -عليه السّلام- وأوامره ونواهيه وكلامه الجاري مجرى الخطب والمواعظ في المقامات المحظورة والمواقف المذكورة والخطوب الواردة. خطبة رقم 109: ومن خطبة له -عليه السّلام- في أركان الدين).


وهذا الكلام مصداقٌ لقول الله –تبارك وتعالى-: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
(المائدة:35).

والوسيلة في هذه الآية هي الأعمال الصّالحة، وهي الوسيلة في قوله تعالى: { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً{56} أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً{57}} (الإسراء). وهذه الآية تتحدّث عن قوم يدْعون عيسى ومريم وعزيرا والملائكة ومسلمي الجنّ، وهؤلاء المدعوين (الأنبياء والملائكة ومسلمي الجنّ)
يتقرّبون إلى الله ويبتغون إليه الوسيلة بطاعته وبالعمل الصّالح.


الإمام السجّاد -عليه رحمة الله- يتوجّه إلى الله وحده بالدّعاء، ويتوسّل إليه بمحبّته وتوحيده وطاعته، ويوصي بالتوسّل إلى الله بالطّاعات:

· في (بحار الأنوار) عن أبي حمزة الثمالي
قال: كان علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) يصلّي عامّة ليلته في شهر رمضان، فإذا كان السّحر دعا بهذا الدعاء:

" إلهي لا تؤدّبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك، ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك، ولا الذي أساء واجترأ عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك، يا ربّ - حتى ينقطع النّفس - بك عرفتك وأنت دللتني عليك، ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت. الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني، والحمد لله الذي أناديه كلّما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسرّي، بغير شفيع فيقضي لي حاجتي، والحمد لله الذي لا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي، والحمد لله الذي لا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف رجائي والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني، والحمد لله الذي تحبّب إلى وهو غنيّ عني، والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي، فربّي أحمد شيء عندي، وأحق بحمدي. اللهمّ إنّي أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل الرجاء إليك مترعة والاستعانة بفضلك لمن أملك مباحة، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة، وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة، وللملهوفين بمرصد إغاثة، وأنّ في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا عن منع الباخلين، ومندوحة عما في أيدي المستأثرين، وأنّ الراحل إليك قريب المسافة، وأنّك لا تحجب عن خلقك ولكن تحجبهم الأعمال السيّئة دونك، وقد قصدت إليك بطلبتى، وتوجّهت إليك بحاجتي وجعلت بك استغاثتي، وبدعائك توسّلي، من غير استحقاق لاستماعك منّي، ولا استيجاب لعفوك عنّي، بل لثقتي بكرمك، وسكوني إلى صدق وعدك، ولجائي إلى الإيمان بتوحيدك، وثقتي بمعرفتك منّي: أن لا ربّ لي غيرك، ولا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك. اللهمّ أنت القائل وقولك حقّ ووعدك صدق: { وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمَا }، وليس من صفاتك يا سيّدي أن تأمر بالسّؤال وتمنع العطية وأنت المنّان بالعطايا على أهل مملكتك، والعائد عليهم بتحنّن رأفتك، اللهمّ ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا، ونوّهت باسمي كبيرا، يا من ربّاني في الدنيا بإحسانه وبفضله ونعمه، وأشار لي في الآخرة إلى عفوه وكرمه، معرفتي يا مولاي دليلي عليك، وحبّي لك شفيعي إليك، وأنا واثق من دليلي بدلالتك، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك، أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه، ربّ أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه، أدعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيت عفوك طمعت، فإن غفرت فخير راحم، وإن عذّبت فغير ظالم. حجّتي يا الله في جرأتي على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك،وعدّتي في شدّتي مع قلّة حيائي منك رأفتك ورحمتك، وقد رجوت أن لا تخيب بين ذين وذين منيتي، فصلّ على محمد وآل محمد، وحقّق رجائي، واسمع ندائي، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج".
(بحار الأنوار: 95/82-83).


· وكان من دعائه -عليه رحمة الله- كما في (الصّحيفة السجّادية): " إلهي استشفعت بك إليك، واستجرت بك منك، أتيتك طامعا في إحسانك، راغبا في امتنانك، مستسقيا وابل طولك مستمطرا غمام فضلك، طالبا مرضاتك، قاصدا جنابك، واردا شريعة رفدك، ملتمّسا سني الخيرات من عندك، وافدا إلى حضرة جمالك، مريدا وجهك، طارقا بابك، مستكينا لعظمتك وجلالك، فافعل بي ما أنت أهله من المغفرة والرحمة، ولا تفعل بي ما أنا أهله من العذاب والنّقمة برحمتك يا أرحم الراحمين". (الصّحيفة: دعاء 73: المناجاة الخامسة: مناجاة الراغبين).


· ومن دعائه أيضا كما في (الصّحيفة) دائما:
"ووسيلتي إليك التّوحيد، وذريعتي أَنّي لم أُشرك بك شيئاً، ولم أَتّخذ معك إلهاً، وقد فررت إليك بنفسي، وإليك مفرّ المسيء، ومفزع المضيّع لحظّ نفسه، ...". (الصّحيفة: دعاء 49: وكان من دعائه -عليه السّلام- في دفاع كيد الأعداء وردّ بأسهم).


· ومن وصيته عليه رحمة الله لأبنائه كما في (الكافي): عن ابن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين -عليهما السّلام- قال لابنه: "يا بَنِيّ من أصابه منكم مصيبة أو نزلت به نازلة فليتوضّأ وليسبغ الوضوء، ثم يصلّي ركعتين أو أربع ركعات ثم يقول في آخرهنّ: "يا موضع كلّ شكوى، ويا سامع كلّ نجوى، وشاهد كل ملاء، وعالم كلّ خفية، ويا دافع ما يشاء من بلية، ويا خليل إبراهيم، ويا نجيّ موسى، ويا مصطفِي محمّد -صلّى الله عليه وآله- أدعوك دعاء من اشتدّت فاقته وقلّت حيلته وضعفت قوته، دعاء الغريق الغريب المضطرّ الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلا أنت يا أرحم الراحمين"، فإنّه لا يدعو به أحد إلا كشف الله عنه إن شاء الله". (الكافي: 02/560).


تأمّل أخي كيف يتوسّل الإمام السجّاد إلى الله بالله وبالأعمال الصّالحة وعلى رأسها التّوحيد. تأمّل كيف أنّه لم يتوسّل بأحد من خلق الله، لم يتوسّل بأبيه الحسين –رضي الله عنه- ولا بجدّه عليّ –رضي الله عنه-، بل ولا بخير خلق الله نبيّ الهدى –صلّى الله عليه وآله-.


هذه النّصوص هي النّصوص الموافقة لصريح آيات الكتاب العزيز التي تنكر أشدّ النّكير على الذين يتّخذون وسطاء وشفعاء بينهم وبين الله في الدّعاء:

· يقول الحقّ -جلّ وعلا-: { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } (الأعراف:180).

· ويقول -تقدّست أسماؤه-: { وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } (الأنعام:51).

· ويقول: { اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } (السجدة:4).

· ويقول: { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } (يونس:18).

· ويقول: { أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلَا يَعْقِلُونَ{43} قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{44}} (الزمر).

· ويقول: { أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ{3} } (الزّمر).

· ويقول: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } (الأنعام:94).


· ويقول: { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً{55} قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً{56} أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً{57}} (الإسراء).

والوسيلة في هذه الآية –كما مرّ معنا- هي التقرّب إلى الله -جلّ وعلا- بما يحبّه ويرضاه من الأحوال والأقوال والأعمال الصّالحة:
قال نبيّ الهدى -صلّى الله عليه وآله-: ( نِعمَ الوسيلة الاستغفار ) (مستدرك الوسائل: 12/108).


كتبت : || (أفنان) l|
-
أهل البيت يقولون أنّ الدّعاء عبادة


كان أعلام أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- يؤكّدون على حقيقة أنّ الدّعاء عبادة من أجلّ العبادات، ويحذّرون من دعاء غير الله، ويصْدعون بأنّ سؤال غيره سبحانه شرك.



عليّ المرتضى -رضي الله عنه- يقول أنّ الدّعاء من أفضل القربات:

· في (الكافي) عن ابن القداح عن أبي عبدالله -عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين -عليه السّلام-:
" أحَبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ في الأرض الدّعاء، وأفضل العبادة العفاف"
قال: وكان أمير المؤمنين -عليه السّلام- رجلا دَعّاء.
(الكافي: 02/467).


أخي الشّيعيّ، إذا كان الدّعاء من أحبّ الأعمال إلى الله –جلّ وعلا- فهل يسوغ وهل يليق أن يصرف لغير الله؟.

الإمام زين العابدين يقول أنّ الدّعاء عبادة:
· كان من دعائه -عليه السّلام- في وداع شهر رمضان: " ... وأنت الذي دللتهم بقولك من غيبك وترغيبك الذي فيه حظهم على ما لو سترته عنهم لم تدركه أبصارهم ولم تعه أسماعهم، ولم تلحقه أوهامهم، فقلتَ: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }،
وقلتَ { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }
وقلتَ: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }
فسمّيتَ دعاءك عبادة وتركه استكبارا، وتوعّدت على تركه دخول جهنم داخرين... "(الصّحيفة السجّادية: الدعاء 45).



الإمام الصّادق يقول أنّ الدّعاء هو العبادة، وأنّ صرفه إلى غير الله شرك:

· في (الكافي) عن زرارة عن أبي جعفر -عليه السّلام- قال: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: { إِنَّ الذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين }
قال: "هو الدّعاء، وأفضل العبادة الدّعاء". قلت: {إنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيم}؟ قال: الأوّاه هو الدّعّاء".(الكافي: 02/466).



· وفي (الكافي) عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله -عليه السّلام- قال: سمعته يقول: "ادع ولا تقل: قد فرغ من الأمر؛ فإنّ الدّعاء هو العبادة، إنّ الله عزّ وجلّ يقول: { إِنَّ الذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين } وقال: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ". (الكافي: 02/467).

· في (الكافي) أيضا عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر –عليه السّلام-: أيّ العبادة أفضل؟
فقال: "ما من شيء أفضل عند الله عزّ وجلّ من أن يُسأل ويطلب ممّا عنده، وما أحد أبغض إلى الله عز وجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده"(الكافي: 02/466).


· وفي (الكافي) أيضا عن سيف التمار قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السّلام- يقول: "عليكم بالدّعاء؛ فإنّكم لا تقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إنّ صاحب الصّغار هو صاحب الكبار".(الكافي: 02/467).

· وفي (الكافي) أيضا عن أبي الصباح عن أبي عبد الله -عليه السّلام-
قال: "إن الله عزّ وجلّ كره إلحاح النّاس بعضهم على بعض في المسألة وأحبّ ذلك لنفسه، إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ أن يسأل ويطلب ما عنده". (الكافي: 02/475).


تأمّل أخي: إذا كان الدّعاء عبادة من أفضل العبادات، فهل يجوز وهل يسوغ أن يصرف شيء منه لغير الله –جلّ وعلا-؟ ثمّ ألا ترى معي أنّه ما دام الدّعاء عبادة، فإنّ من دعا غير الله فقد عبده؟.


الإمام الصّادق -عليه رحمة الله- يقول أنّ دعاء غير الله شرك:

· في (وسائل الشّيعة) عن عباس بن يزيد عن أبي عبد الله -عليه السّلام- قال: قلت له: إنّ هؤلاء العوام يزعمون أنّ الشّرك أخفى من دبيب النّمل في الليلة الظّلماء على المسح الأسود؟، فقال: " لا يكون العبد مشركا حتى يصلّي لغير الله، أو يذبح لغير الله، أو يدعو لغير الله عزّ وجلّ ".
(الخصال: 01/143، وسائل الشيعة: 28/341).



تأمّل أخي كيف أنّ الإمام الصّادق قد صرّح أنّ من دعا غير الله فقد أشرك.

الإمام الكاظم -عليه رحمة الله- يوصي بدعاء الله وحده:

· عن أبي ولاد قال: قال أبو الحسن موسى -عليه السّلام-: "ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه الله عزّ وجلّ الدّعاء إلا كان كشف ذلك البلاء وشيكا، وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدّعاء إلا كان ذلك البلاء طويلا، فإذا نزل البلاء فعليكم بالدّعاء والتضرّع إلى الله عزّ وجلّ".(الكافي: 02/471).


وهذه النّصوص هي النّصوص الموافقة لكتاب الله -جلّ وعلا-:

· يقول الحقّ –سبحانه-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر:60).

· ويقول: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (الأعراف:55).

· ويقول: { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } (الفرقان:77).


يتبع
كتبت : || (أفنان) l|
-
أهل البيت ينهون عن رفع القبور والبناء عليها


كان أعلام أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- ينهون أشدّ النّهي عن رفع القبور عامّة، وعن رفع قبورهم خاصّة، على عكس ما يقرّره علماء الشّيعة من أنّ النّهي عن رفع القبور والبناء عليها متعلّق بما سوى قبور الأنبياء والأئمّة:

النبيّ المصطفى -صلّى الله عليه وآله- ينهى عن البناء على القبور واتّخاذها مساجد:

· في (من لا يحضره الفقيه) أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وآله-
قال: (لا تتّخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإنّ الله عزّ وجلّ لعن الذين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
(من لا يحضره الفقيه: 01/178).


· وفي (وسائل الشّيعة) عن يونس ببن ظبيان عن أبي عبدالله -عليه السّلام-
قال: "نهى رسول الله -صلّى الله عليه وآله- أن يصلّى على قبر، أو يقعد عليه، أو يبنى عليه".
(وسائل الشّيعة: 03/210).


· في (كنز الفوائد) للكراجكي عن أسد بن إبراهيم السّلمي والحسين بن محمد الصيرفي معا، عن أبي بكر المفيد الجرجراني، عن ابن أبي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- قال: " سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وآله- يقول:
(لا تتّخذوا قبري عيدا، ولا تتّخذوا قبوركم مساجدكم، ولا بيوتكم قبورا ) "
.(مستدرك الوسائل: 02/287).


· وفي (فقه الرّضا) للصّدوق:
" فلمّا أن فرغ من غسله وكفنه أتاه العباس فقال: يا علي إنّ الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا النبي -صلّى الله عليه وآله- في بقيع المصلّى وأن يؤمّهم رجل منهم، فخرج علي -عليه السّلام- إلى النّاس فقال: يا أيّها الناس أ ما تعلمون أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وآله- إمامنا حيا وميّتا وهل تعلمون أنّه -صلّى الله عليه وآله- لعن من جعل القبور مصلّى، ولعن من يجعل مع الله إلها، ولعن من كسر رباعيته وشقّ لثته".
(فقه الرضا: ص188-189).


تأمّل أخي كيف أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- ينهى عن اتّخاذ قبره عيدا: أي مكانا يُجتمع عنده كما يُجتمع للأعياد، فكيف بقبور غيره؟، وتأمّل أيضا أنّه ينهى عن اتّخاذ القبور مساجد، ويدخل فيها بناء المساجد عليها، بل ويلعن من جعل القبور مصلّى.

علي المرتضى -رضي الله عنه- يهدم القباب المبنيّة على القبور، ويحذّر أشدّ التّحذير من البناء عليها:

· في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبدالله -عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين -عليه السّلام-:
"بعثني رسول الله -صلّى الله عليه وآله- في هدم القبور وكسر الصّور". (وسائل الشّيعة: 03/211).


· وفي (وسائل الشّيعة) أيضا عن أبي عبد الله -عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): "بعثني رسول الله -صلّى الله عليه وآله- إلى المدينة فقال: (لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبرا إلا سوّيته، ولا كلبا إلا قتلته)". (وسائل الشيعة: 03/209).


· وفي (من لا يحضره الفقيه) عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- قال: " من جدّد قبراً، أو مثّل مثالاً فقد خرج من الإسلام ". (من لا يحضره الفقيه: 01/189).

تأمّل أخي كيف أنّ أمير المؤمنين -رضي الله عنه- يهدم القبور المشرفة ويسوّيها، بأمر من النبيّ –صلّى الله عليه وآله-، بل ويقرن بين من يجدّد قبرا وبين من يمثّل تمثالا.
الإمام الصّادق -عليه رحمة الله- يحرّم البناء على القبور:
· في (من لا يحضره الفقيه) عن الصّادق -عليه السّلام- أنّه سأله سماعة بن مهران عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها
، فقال: " أمّا زيارة القبور فلا بأس بها، ولا يُنبى عندها مساجد ". (من لا يحضره الفقيه: 01/178).



الإمام موسى الكاظم -رحمه الله- ينهى عن البناء على القبور:

· في (وسائل الشّيعة) عن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى -عليه السّلام- عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: "لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولاتطيينه". (وسائل الشّيعة: 03/210).



الردّ على شبهة أنّ النّهي خاصّ بغير قبور الأئمّة:

النبيّ -صلّى الله عليه وآله- يوصي برفع قبره أربع أصابع:

· في (الكافي) عن أبي جعفر -عليه السّلام- أنّه قال: قال النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- لِعلي -عليه السّلام-:
(يا علي، ادفنّي في هذا المكان، وارفع قبري من الأرض أربع أصابع، ورشّ عليه من الماء).
(الكافي: 01/450).



الإمام الباقر -عليه رحمة الله- يوصي برفع قبره أربع أصابع:

· في (وسائل الشّيعة) عن أبي عبد الله -عليه السّلام- أنه قال:
"إنّ أبي قال لي ذات يوم في مرضه: إذا أنا متُ فغسّلني وكفني، وارفع قبري أربع أصابع ورشّه بالماء".
(وسائل الشّيعة: 03/193).



الإمام الكاظم -عليه رحمة الله- ينهى عن رفع قبره أكثر من أربع أصابع:

· في (وسائل الشّيعة) عن أبي الحسن موسى بن جعفر -عليه السّلام-
قال: "إذا حُملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرجات".
(وسائل الشيعة: 03/195).


فهل يستقيم بعد كلّ هذا أن يقول علماء الشّيعة أنّ النّهي عن البناء على القبور يخصّ قبور غير الأنبياء والأئمّة؟
وهل يصحّ قولُ المظفّر في (عقائد الإمامية: عنوان: عقيدتنا في زيارة القبور):
وممّا امتازت به الإمامية العناية بزيارة القبور - قبور النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام- وتشييدها، وإقامة العمارات الضخمة عليها، ولأجلها يضحُّون بكلّ غال ورخيص، عن إيمان وطيب نفس. ومردّ كلّ ذلك إلى وصايا الأئمّة، وحثِّهم شيعتهم على الزيارة، وترغيبهم فيما لها من الثواب الجزيل عند الله تعالى؛ باعتبار أنّها من أفضل الطاعات والقربات بعد العبادات الواجبة، وباعتبار أنّ هاتيك القبور من خير المواقع لاستجابة الدعاء والانقطاع إلى الله تعالى" ؟!.



يتبع بإذن الله
كتبت : || (أفنان) l|
-
يا شيعة العالم

هذا هو مذهب أهل البيت

(02)


أهل البيت يحثّون على التمسّك بالكتاب والسنّة والردّ إليهما، ويوصون بعرض الأقوال عليهما، وردّ كلّ ما خالفهما

كان أعلام أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- من أشدّ النّاس تمسّكا بالكتاب والسنّة، وكانوا يوصون تلامذتهم بعرض أقوالهم على الوحيين، فما وافقهما فهو حقّ، وما خالفهما فهو زخرف، وهذه نتف من أقوالهم:


النبيّ المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم- يقول أنّ أمّته ستسأل عن الكتاب والسنّة:
· في (الكافي) عن جابر، عن أبي جعفر -عليه السّلام- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: (يا معاشر قراء القرآن اتقوا الله عزّ وجلّ فيما حمّلكم من كتابه فإني مسئول وإنّكم مسئولون، إنّي مسئول عن تبليغ الرّسالة، وأمّا أنتم فتسألون عما حمّلتم من كتاب الله وسنّتي).
(الكافي: 02/606).



أمير المؤمنين عليّ -رضي الله عنه- يوصي بلزوم التّوحيد والسنّة، وبالردّ إلى الكتاب والسنّة، ورفض كلّ ما خالفهما:
· في (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين -عليه السّلام- أنّه قال قبل موته: "أمّا وصيّتي: فالله لا تشركوا به شيئا، ومحمد -صلّى الله عليه وآله- فلا تضيّعوا سنّته. أقيموا هذين العمودين، وأوقدوا هذين المصباحين، وخلاكم ذمّ ما لم تشردوا. حمّل كلّ امرئ منكم مجهوده، وخفّف عن الجهلة. ربّ رحيم، ودين قويم، وإمام عليم". (نهج البلاغة: خطبة رقم 149. ومن كلام له عليه السّلام قبل موته).

ووردت هذه الرّواية أيضا في (الكافي) عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه قال: لمّا ضرب أمير المؤمنين -عليه السّلام- حفّ به العواد
وقيل له: يا أمير المؤمنين أوص. فقال: "اثنوا لي وسادة"، ثم قال: "الحمد لله حقّ قدره متبعين أمره وأحمده كما أحبّ، ولا إله إلا الله الواحد الأحد الصّمد كما انتسب، أيها الناس كلّ امرئ لاق في فراره ما منه يفر، والأجل مساق النفس إليه، والهرب منه موافاته، كم اطّردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله عز ذكره إلا إخفاءه، هيهات علم مكنون، أمّا وصيتي فأن لا تشركوا بالله جلّ ثناؤه شيئا ومحمّدا -صلّى الله عليه وآله- فلا تضيّعوا سنّته، أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين، وخلاكم ذمّ ما لم تشردوا، حمّل كل امرئ مجهوده، وخفّف عن الجهلة. ربّ رحيم، وإمام عليم، ودين قويم". (الكافي: 01/299).


تأمّل أخي كيف يوصي أمير المؤمنين عليّ -رضي الله عنه- في أواخر أيامه من هذه الدّنيا بلزوم التّوحيد والسنّة، ويقول أنّهما يكفيان من تمسّك بهما ما لم يشرد عن جماعة المسلمين.

· وفي (نهج البلاغة) يقول عليّ -رضي الله عنه- في ضمن كلامه عن قصّة التّحكيم: " ولمّا دعانا القوم إلى أن نحكّم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولّي عن كتاب الله وقد قال الله سبحانه: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ }، فردُّه إلى الله: أن نحكم بكتابه، وردّه إلى الرّسول: أن نأخذ بسنّته، فإذا حكم بالصّدق في كتاب الله فنحن أحقّ النّاس به، وإن حكم بسنّة رسول الله -صلّى الله عليه وآله- فنحن أحقّ النّاس وأوْلاهم بها " (نهج البلاغة: ومن كلام له عليه السّلام التّحكيم وذلك بعد سماعه لأمر الحكمين، خطبة رقم 125).

· وفي (نهج البلاغة) أيضا أنّ عليا -رضي الله عنه- قال في رسالته إلى الأشتر النّخعي: " واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله تعالى لقوم أحبّ إرشادهم:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول}
فالردّ إلى الله الأخذ بمحكم كتابه، والردّ إلى الرّسول الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرقة "
(نهج البلاغة: ومن كتاب له -عليه السّلام- كتبه للأشتر النخعي لمّا ولاّه على مصر وأعمالها حين اضطرب أمر أميرها محمّد بن أبي بكر
كتاب رقم 53).



الإمام الباقر يقول أنّ الفقه هو التمسّك بالسنّة:
· في (الكافي) عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر -عليه السّلام- أنّه سئل عن مسألة فأجاب فيها، قال: فقال الرّجل: إنّ الفقهاء لا يقولون هذا،
فقال: يا ويحك! وهل رأيت فقيها قطّ؟! إنّ الفقيه حقّ الفقيه الزّاهد في الدنيا، الرّاغب في الآخرة، المتمسّك بسنّة النبيّ صلّى الله عليه وآله".

(الكافي: 01/70).

· وفي (الكافي) أيضا عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر -عليه السّلام- قال: "كلّ من تعدّى السنّة ردّ إلى السنّة".
(الكافي: 01/71).


الإمام الصّادق يوصي بردّ كلّ ما خالف الكتاب والسنّة:
· في (تفسير العياشي) عن سدير قال: كان أبو جعفر -عليه السّلام- وأبو عبد الله -عليه السّلام-: "لا يصدّق علينا إلا بما يوافق كتاب الله وسنّة نبيّه -صلّى الله عليه وآله-". (تفسير العياشي: 01/09).
· وفي (الكافي) عن حماد، عن أبي عبد الله -عليه السّلام- قال: سمعته يقول: " ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنّة". (الكافي: 01/59).
· وفي (رجال الكشي) عن هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبد الله -عليه السّلام- يقول: "لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي، فاتّقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبيّنا -صلّى الله عليه وآله-، فإنّا إذا حدثنا قلنا قال الله عزّ وجلّ وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)" (رجال الكشي: 224-225. رقم 401).
· وفي (الكافي) عن حسين بن أبي العلاء أنّه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله -عليه السّلام- عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا تثق به؟ قال: " إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله -صلّى الله عليه وآله- وإلا فالذي جاء كم به أولى به". (الكافي: 01/69).
· وفي (الكافي) عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السّلام- يقول: " كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف". (الكافي: 01/69).
· وفي (الكافي) عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السّلام- يقول: "من خالف كتاب الله وسنة محمّد -صلّى الله عليه وآله- فقد كفر". (الكافي: 01/70).

تأمّل أخي كيف يحذّر الإمام الصّادق من مخالفة الكتاب والسنّة ويوصي بالردّ إليهما، وعرض أقوال أئمّة أهل البيت عليهما.
فكلّ ما خالف هذين الأصلين ممّا ينسب إلى أهل البيت فهو مردود.


الإمام موسى الكاظم – رحمه الله- يقول أنّ كلّ شيء في كتاب الله وسنّة رسوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-:
· في (الكافي) عن سماعة، عن أبي الحسن موسى -عليه السّلام- قال: قلت له: أ كُلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه -صلّى الله عليه وآله- أو تقولون فيه؟ قال: بل كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وآله". (الكافي: 01/62).
· وفي (أمالي) الطّوسيّ عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن الرّضا -عليه السّلام-، قال: "من شهر نفسه بالعبادة فاتّهموه على دينه، فإنّ الله -عزّ وجلّ- يكره شهرة العبادة وشهرة الناس". ثمّ قال: "إنّ الله تعالى إنّما فرض على النّاس في اليوم والليلة سبع عشرة ركعة، من أتى بها لم يسأله الله -عزّ وجلّ- عمّا سواها، وإنّما أضاف رسول الله -صلّى الله عليه وآله- إليها مثليها ليتمّ بالنّوافل ما يقع فيها من النّقصان، وإنّ الله -عزّ وجلّ- لا يعذّب على كثرة الصّلاة والصّوم، ولكنّه يعذّب على خلاف السنّة". (الأمالي: 649-650).
***
هذه النّصوص هي النّصوص الموافقة لكثير من آيات القرآن الكريم، التي تأمر بالردّ إلى الله ورسوله، والتمسّك بالكتاب والسنّة:
· يقول الحقّ -تبارك وتعالى- ممتّنا على عباده المؤمنين: { لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } (آل عمران:164).
ويقول –جلّ شأنه-: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } (البقرة:151).

والحكمة في الآيتين السّابقتين هي السنّة.

· ويقول -سبحانه وتعالى- آمرا بطاعته وطاعة رسوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } (النور:54).
· ويقول -جلّ شأنه- آمرا بالردّ إلى الله ورسوله عند التّنازع: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } (النساء:59).
· ويقول -تقدّست أسماؤه- في وجوب التّحاكم إلى الرّسول -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } (النساء:65).
· ويقول -سبحانه وتعالى- في وجوب اتّباع النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (آل عمران:31).
ويقول -جلّ في علاه-: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (الأعراف:157).
ويقول -تبارك وتعالى-: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } (الأحزاب:21).
ويقول –سبحانه-: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (الأعراف:158).
***

أهل البيت يحذّرون من البدع


كان أهل بيت النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- على خطى جدّهم المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام- من أشدّ النّاس لزوما للسنّة وتركا للبدعة، وكانوا يحذّرون أشدّ التّحذير من البدع ومن الاغترار بأهلها:


المصطفى -صلّى الله عليه وآله- يوصي بالسنّة ويحذّر من البدعة، ويقول أنّ كلّ بدعة ضلالة:

· في (أمالي الطّوسي) عن جعفر بن محمد بن علي بن جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني علي بن موسى، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن أبيه -عليهم السّلام-، عن جابر بن عبد الله: أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وآله- قال في خطبته: ( إنّ أحسن الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدى هدي محمّد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة ). (الأمالي: ص337).
· وفي (مشكاة الأنوار) للطّبرسيّ عن الصّادق -عليه السّلام- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: ( من تمسّك بسنّتي في اختلاف أمّتي كان له أجر مائة شهيد ).(مشكاة الأنوار: ص265).
· وفي (الكافي) عن محمد بن جمهور العمي يرفعه قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: ( إذا ظهرت البدع في أمّتي فليُظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله ). (الكافي: 01/54).

تأمّل أخي كيف أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- يقول أنّ كلّ بدعة ضلالة، فليس هناك بدعة حسنة، وتأمّل تلك الأجور العظيمة التي ينالها المتمسّك بالسنّة في زمان الاختلاف.


عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- يقول أنّ البدع من أعظم أسباب ترك السّنن ووقوع الفتن:

· في (الكافي) عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر -عليه السّلام- قال: خطب أمير المؤمنين -عليه السّلام- فقال: " أيّها النّاس، إنّما بدء وقوع الفتن، أهواء تتّبع وأحكام تبتدع، يخالَف فيها كتاب الله، يتولّى فيها الرّجال رجالاً، فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخفَ على المرتادين، ولو أنّ الحقّ خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث، فيمزجان، فهناك يستولي الشّيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى ". (الكافي: 01/54).
· وفي (نهج البلاغة) عن عليّ -رضي الله عنه- قال: " ما أحدثت بدعة إلا ترك بها سنّة. فاتّقوا البدع والزموا المهيع (الطّريق الواضح)، إنّ عوازم الأمور (القديم منها) أفضلها، وإنّ محدثاتها شرارها " (نهج البلاغة: ومن خطبة له عليه السّلام: رقم 145).


زين العابدين -عليه رحمة الله- يقول أنّ أفضل الأعمال ما كان وفق السنّة:
· في (مشكاة الأنوار) عن زين العابدين -عليه السّلام- قال: " إنّ أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنّة وإن قلّ ". (مشكاة الأنوار: ص265).


الإمام الباقر -عليه رحمة الله- يقول أنّ البدعة غواية:
· في (مشكاة الأنوار) عن الباقر -عليه السّلام- قال: " ما من أحد إلا وله شرّة وفترة، من كانت فترته إلى سنّة فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى ".(مشكاة الأنوار: ص266).


الإمام الصّادق -عليه رحمة الله- ينهى عن صحبة أهل البدع وعن مجالستهم:

· في (الكافي) عن عمر بن يزيد عن الإمام الصادق -عليه السّلام- أنّه قال: " لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند النّاس كواحد منهم، قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله-: ( المرء على دين خليله وقرينه ) " (الكافي: 02/375).
· وفي (بحار الأنوار) عن أبي عبد الله -عليه السّلام- قال: " من مشى إلى صاحب بدعة فوقّره فقد مشى في هدم الإسلام ".
بحار الأنوار: 02/304).
***
وهذه النّصوص توافق ما جاء في كتاب الله من التّحذير الشّديد من مخالفة الرّسول -صلّى الله عليه وآله وسلّم- واتّباع غير سبيله وسبيل المؤمنين:
· يقول الحقّ -سبحانه وتعالى-: { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } (النساء: 115).
· ويقول -جلّ شأنه-: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (الحشر:7).
· ويقول -تقدّست أسماؤه-: { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (الأنعام:153).
· ويقول –سبحانه-: { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } (الأنعام:159).
الصفحات 1 2  3 

التالي

الدوافع النفسية لدى الرافضة لبغض أهل السنة

السابق

احتجاج الشيعة بحديث (مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح)

كلمات ذات علاقة
مصادر , مهم , أئمّة , موثّقة , لوط , البيت , الشّيعة، , تثبت , تنجحي , وجماعة. , وصوص , وشنطة , كانوا