40 وسيلة لاستغلال رمضان
مجتمع رجيم / ليكن رمضان بداية انطلاقتي
كتبت :
*بنت الإسلام*
-
40
وسيلة لاستغلال رمضان
للشيخ إبراهيم الدويش
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هاديَّ لها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله –صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا-.
أما بعد.. أحبتي في الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في يوم الاثنين الموافق السابع والعشرين من الشهر الثامن لعام 1414 للهجرة, ومع موضوع بعنوان ثلاثون وسيلة لاستغلال رمضان. ولعل هذه الوسائل وبعد الإعلان وتواصل الإخوة -بارك الله فيهم جميعاً- أصبح العنوان أربعون وسيلة لاستغلال رمضان.
ولعلنا لا نخرج من هذا المكان إلا وقد زيدت هذه الوسائل وهذه الأفكار من قبلكم -إن شاء الله- باقتراحاتكم وآرائكم إلى الخمسين أو فوق ذلك.
وهذه الوسائل هي عبارة عن جميع عددٍ من التوجيهات والأفكار والمقترحات لاستغلال رمضان. ولابد لهذه الوسائل من شرطين حتى تكون الوسيلة الصحيحة:
أولاً: أن تكون وسيلة مشروعة –أي مباحة-.
وثانياً: أن تؤدي هذه الوسيلة الغرض المطلوب والمقصود منها.
أما أسباب اختيار الموضوع, فمن هذه الأسباب:
أولاً: كيف نستغل رمضان؟ وماذا نفعل في رمضان؟ سؤال نسمعه كثيراً من الحريصين والحريصات, ومن بعض أئمة المساجد. ووجود هذا السؤال من المبشرات, فتبقى الإجابة, ومن هذه الإجابة هي جمع هذه الوسائل.
سبب آخر: تضييع ليالي رمضان باللهو والسهر, ونهاره بالنوم والكسل. فذكر هذه الوسائل وحصرها توجيهات لمثل هؤلاء, وتشجيعاً لاستغلال رمضان.
وسبب ثالث: هو ترشيدٌ لهذه الصحوة المباركة, وتوجيهٌ لطاقاتها للعمل والعبادة والدعوة إلى الله من خلال هذه الأفكار والوسائل.
ورابعاً: يمر على الإنسان رمضان تلو رمضان وهكذا تمر الرمضانات بدون ربطٍ للأعمال والمواضيع والمشاريع, وبدون تدارك للأخطاءِ والتقصير. مما يجعلنا في كل رمضانٍ يأتي نبدأ من جديد. ولا شك أن هذا مضيعةٌ للأوقات والأعمار, فكان هذا الرصد لهذه الوسائل.
سبب خامس: لو لم يكن في شهر الصوم إلا أنه أحد أركان الإسلام التي لا يتم إسلام المرء إلا بها, ثم أيضاً إنه العمل –أي الصيام- الذي اختصه الله سبحانه وتعالى لنفسه من بين عمل آدم أو عمل بن آدم كله, ثم أيضاً فيه ليلة هي أفضلُ من ألف شهر, وأنه الشهرُ الذي اختصه الله بنزول القرءان, وأنه شهر المغفرة ومحو الذنوبِ والسيئات. لو لم يكن في هذا الشهر إلا هذه الأمور لكفاه شرفاً ومنزلة. ولكفانا حرصاً وإصراراً على استغلالِ أيامه وساعاته وكل لحظةٍ من لحظاته.
وهذا الاستغلال منطلقٌ من سنته صلى الله عليه وآله وسلم. فاسمع لابن القيم رحمه الله تعالى وهو يقول في زاد المعاد في الجزء الثّاني صفحة 32, يقول -رحمه الله تعالى- فصلٌ: "وكان هديه -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل -عليه الصّلاة والسّلام- يدارسه القرءان في رمضان، وكان إذا لَقِيَهُ جبريل أجود بالخير من الرّيح المرسلة، وكان أجود النّاس، وأجودُ ما يكون في رمضان يُكْثِر فيه من الصّدقة والإحسان وتلاوة القرءان والصّلاة والذكر والاعتكاف، وكان يخصّ رمضان من العبادة بما لا يخصّ غيره، حتّى إنّه كان ليواصل فيه أحياناً؛ ليوفر ساعات النّهار ساعات ليله ونهاره على العبادة" إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.
إذاً فاستغلال هذا الشّهر المبارك بل أقول استغلال كل لحظةٍ من لحظاته وساعةٍ من ساعاته هو أمرٌ وسنّةٌ نبويةٌ كان -صلى الله عليه وآله وسلم- يحرص عليها كل الحرص وكان يحثّ أصحابه.
هذه الأسباب الخمس وغيرها كثير جعلني أختار مثل هذا الموضوع، وهذه الوسائل كما ذكرت هي أربعون وسيلة. وقد قسّمت هذه الوسائل إلى أقسام، هذه الأقسام منها ما هو توجيهات وأفكار عامة، ومنها ما هو سائلٌ وتوجيهات للأئمة المساجد، ومنها توجيهاتٌ وأفكارٌ للجاديّن فقط، ومنها توجيهات وأفكار للاهتمام بالقرءان، ومنها توجيهات للمرأة، ومنها وسائل وأذكار للصّغار.
وتنبيهات قبل أن أبدأ في عرض هذه الوسائل:
أولاً: سيكون العرض بالاختصار الشّديد في طرح الأفكار والتّوجيهات بقدر الإمكان، سأكتفي ببعض الأحيان بذكر المضمون فقط، لوضوح الفكرة ولضيق الوقت. فلعلّكم -بارك الله فيكم- تعذروننا في سرد هذه الأفكار والتّوجيهات، والقصد منها المعرفة والبيان، أمّا التفصيل فلا شكّ أنّ كلّ فكرةٍ وتوجيهٍ يحتاج إلى درسٍ خاصٍ. وإذا كانت الأفكار أربعون فكرةً أو وسيلةً أو أعطينا كل وسيلةٍ أو فكرةٍ دقيقتان فقط، ننظر كيف سيذهب علينا الوقت بدون أن نشعر.
التّنبيه الثّاني: من هذه التّوجيهات ومن هذه الوسائل ما هو مكرر ومعلوم ومشهور، لكنّ ذكرها من باب التّذكير والإرشاد، ولتكامل الموضوع ثمّ للتأكيد عليها في هذا الشّهر الكريم الّذي تضاعف فيها الحسنات.
تنبيهٌ ثالثٌ هذه الوسائل وهذه الأفكار هي للنّشر، ويجوز فيها الزّيادة والنّقصان، فحقوق الطّبع والنّشر فيها ليست محفوظة، بل هي وقفٌ لله تعالى، فعلى كل داعٍ للخير أن ينشرها ويذّكر بها، و الدّال على الخير كفاعله.
نتوجه الآن لهذه الوسائل..
توجيهاتٌ وأفكارٌ ووسائل عامة أيّ للنّاس عامة
أول هذه الوسائل: هل تحب أن تصوم رمضان مرتين؟ كيف؟
الإجابة تكمن في حديث زيد بن خالد الجُهني -رضي الله تعالى عنه- عن النّبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "من فطّر صائماً كان لهُ مثلُ أجره غير أنّه لا ينقص من أجر الصّائم شيء"
الراوي: زيد بن خالد الجهني المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1078
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
رواه التّرمذي والنّسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبّان في صحيحيهما والحديث حسن قال عنه التّرمذي: حسن صحيح و هو صحيح كما قال.
ولهذا -أي لهذا الأجر ولصيام رمضان مرتين كما فُهِمَ في تفطير الصّائمين- من هذه الصّور تفطير الصّائمين من المسلمين في الخارج، فهل تصدّق يا أخي الحبيب أنّ عشر ريالات تفطّر صائماً في اليوم الواحد، إذاً ففي الشّهر كم؟ ثلاثمائة ريال، إذاً فإذا أردت أن تصوم رمضان مرتين عليك أن تدفع ثلاثمائة ريال وتنال أجر تفطير صائم.
ثمّ صورةٌ أخرى تفطير الجاليات المسلمة الموجودة في البلد أو المدينة من خلال مساجد الأحياء، وهذه مشهورةٌ في كثيرٍ من مساجد وأحياء هذه المدينة ولكن نريد المزيد ونريد أيضاً التّخطيط والتّنظيم, فلو رافق هذا التّخطيط التّوجيه والإرشاد وعقد الدّروس قبل الإفطار على الأقل بساعة لكان هذا شيئاً جيّداً يضاف إلى هذا الإفطار وإلى هذا العمل العبادي،ثمّ أيضاً لو قامت مكاتب دعوة الجاليات مشكورة بتبنّي هذه الفكرة, أقصد بتبنّيها عموماً بتخطيطٍ وتنظيم مجدول يشرف عليها المكتب في جميع مساجد أحياء المدينة، وأيضاً يشرف على الدّروس وتوفير المدرِّسين باللّغات المختلفة أو التّرجمة ويصاحب هذا توزيع الأشرطة والرّسائل والكُتَيِّبات التي تناسب لغة أولئك القوم، ولا شكّ أنّ هذا متوفر في هذا الزمن ولله الحمد وبكثرة في جميع اللغات ثمّ أيضاً صورة ثالثة قد يكون التّفطير للأقارب والأسر والجيران وفي هذا صيامٌ كما ذكرنا لرمضان مرتين وفيه صلة رحمٍ و برٍّ.
الوسيلة الثّانية: يكثر المحسنون والمتصدّقون خلال هذا الشّهر، والقلوب مهيّأةٌ لجميع أبواب الخير وفي رمَضان خاصَّة تكثر المناسبات خاصّة في الإفطار لكثير من الأسر، وهذه المناسبات تجمع أعداداً كبيرة من الرِّجال والنِّساء
فلم لا يستغل هذا الجمع؟ كيف؟
يستغل بالبذل والعطاء ولجمع الصّدقات من خلال صناديق صغيرة توضع عند الرّجال و عند النّساء ولا شك أنَّ هذا باب عظيم لو جُرِّب لكثير من الأسر والعوائل لوجدنا خيراً كثيراً، وقد جرَّبه كما أشرت في بعض الدّروس أحد الشّباب ونجح نجاحاً باهراً مع أسرته فجمع أموالاً -نسأل الله جلَّ وعلا أن يجزيه عنّا وعن المسلمين خير الجزاء-. فلعلّ هذا الأمر أن يُجرب فإنّ حال المسلمين اليوم في مكان وفي كل صِقعٍ من أصقاع المعمورة حالة يرثى لها وإن كان هناك كثيرٌ من المبشرات ولله الحمد والمنّة، ولكنّنا أيضا نريد أن نشعر بالجسد الواحد وأن نقف مع المسلمين وقفةً صادقةً لنكون كما أخبر النّبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم- بذلك المثل:" مثل المؤمنين في توادّهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسّهر"
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: مسلم- المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2586 خلاصة حكم المحدث: صحيح.
و لا بأس أن يُكتب حتى تَتَّجِه النِّيَّة للمتصدّق على هذه الصّناديق إمّا للفقراء والمساكين في الدّاخل أو يكتب عليها أيضاً للمسلمين في الخارج أو ما شابه ذلك.
الوسيلة الثّالثة: استغلال آخر كلِّ أسبوع من رمضان، فرمضان أربعة أسابيع نريد من الشّباب من أصحاب السّواعد الفتيَّة والعضلات القوية، نريد منهم في نهاية كلِّ أسبوعٍ من أسابيع رمضان أن يتّجهوا للقرى والهِجَر في توزيع الإعانات وإطعام الطعام والقيام على المساكين في تلك القرى والهِجَر، وتوعية أهلها عبر الكلمات وخطب الجُمَع وتوزيع الأشرطة والرسائل، نتمنّى حقيقة أن نجد من أصحاب الهمم والسواعد الفتيَّة ومن شباب الإسلام ومن تعلق قلبه بالجنان ألاَّ يُترَكَ أسبوعا من أسابيع رمضان في هذا الشّهر إلاّ وتنطلق فئات الشباب محمَّلون بكلِّ خيرٍ، ولو نُظِّم هذا الأمر أيضاً وخُطِّطَ له وطُرِح بقوَّة ورُتِّب له من قِبَلِ مكاتب الدّعوة والجمعيات الخيرية لرأينا شبابنا أفواجاً؛ فإنّنا نحسن الظنّ كثيراً ولله الحمد والمنَّة بهم، وقد رأينا كثيراً من نشاطاتهم، ولكنّنا نريد أن نستغلَّ توجّه القلوب إلى الله -جلّ وعلا- في هذا الشّهر المبارك، فلا نريد الخمول والكسل والجلوس بين الأولاد والأزواج وترك هذا الأمر العظيم، ونترك كثيراً من المسلمين ومن أهل البادية في جهلٍ عظيمٍ.
وسيلةٌ رابعةٌ: وهي من الاقتراحات العامّة، الزّيارات من قبل الدّعاة وطلبة العلم والصّالحين ومحبي الخير من شباب الصّحوة للأرصفة، وتجمعات الشّباب والجلوس معهم وتقديم الهدايا والأشرطة والكتيِّبات لهم فإن هؤلاء الشّباب يشكون هجركم أيّها الأحبّة، بل ويتَّهمونكم بالتّقصير، بل وأنَّكم سببٌ كبيرٌ في غفلتهم وبعدهم عن الله كما ذكر ذلك كثير منهم، ويعتذرون بالخجل والحياء منكم وإلا لجاءوا بأنفسهم إليكم كما قال كثير منهم، وأتمنى أيضاً لو قامت مكاتب الدّعوة والإرشاد بالإعلان عن مثل هذا المشروع قبل رمضان، وتسجيل الأسماء وترتيب جدول للزّيارات، ويكو ن ذلك كما ذكرت قبل دخول شهر رمضان.
وسيلةٌ خامسةٌ: وهي من التَّوجيهات العامَّة أيضاً إذا كنت ممن ابتليِّ ببعض وسائل الإعلام في بيته، فلماذا لا تفكر يا أخي الحبيب ويا وليّ الأمر لماذا لا تفكر بعقد هدنة مع أهلك وأولادك خلال هذا الشّهر المبارك، بهجرها والابتعاد عنها وعزلها وذلك بالتّرغيب وبالكلمة الطّيبة وبالتّذكير بعظمة هذه الأيّام على الأقل خلال هذا الشّهر، ولعلها إن شاء الله أن تكون بداية نهاية ولاشكّ أنّ رمضان من أعظم المناسبات لتربية النّفوس وإن لم تستطع خلال هذا الشّهر أن تعزل أهلك ولو لشهرٍ واحدٍ من السّنة، فمتى إذاً؟ خاصة وأن النّفوس كما ذكرنا مهيأةٌ والشّياطين مصفّدةٌ، فحاول يا أخي الحبيب واستعن بالله تعالى وكن صادقاً من قلبك ستجد إن شاء الله العون وستجد الإجابة والإعانة من الأهل والأولاد، بل وستجد إن شاء الله الإعانة ممّن يكونون حولك من أهل الحي، فلعل نرى هذه صفةٌ مميّزةٌ خاصّةً وأنّنا نرى في شهر رمضان تخطيطُ أعداء الإسلام لأولادنا ونسائنا، لا أعلق ولكنّي أقول أنظروا للبرامج المنشورة في وسائل الإعلام هذه الأيّام، برامج أقصد شهر رمضان تجدون عجباً. وأيضاً أتمنى أن يكون ذلك أيضاً بأن تفكر كثيراً أن تتوقف خلال هذا الشّهر المبارك عن شراء المجلات والجرائد حتّى ولو كانت مباحةً فإذا السّلف الصّالح -رضوان الله تعالى عليهم- ومن سار على نهجهم يهجرون حلق التّحديث والتّعليم؛ ليتفرغوا في رمضان لقراءة القرءان والنّظر فيه والعبادة ولقيام الليل، أفلا نستطيع أن نهجر الجرائد والمجلات خلال هذا الشّهر فقط؟
وسيلةٌ سادسةٌ: أوقات الإفطار وقبل الأذان بدقائق، لحظات ثمينة ودقائق غالية هي من أفضل الأوقات للدّعاء وسؤال الله -سبحانه وتعالى-، وهي من أوقات الاستجابة كما تعلمون، والعبد صائمٌ مقبلٌ على الله منكسرةٌ نفسه ومع ذلك يغفل كثير من النّاس عن هذه اللحظات خاصة الأسر عند الاجتماع على الإفطار في الحديث وبالذّهاب والإياب وتجهيز وجبات الإفطار، فلماذا لا نتذاكر أيّها الأحبّة بفضل واستغلال هذه اللحظات والحرص عليها؟ برفع الأيدي والأكفّ والتّضرع إلى الله -سبحانه وتعالى-، راقب هذه اللحظات وستجد الغفلة العجيبة من كثير من النّاس، والعجيب أيضاً أنّنا نرى التّجمعات والجلسات في الطّرقات وعند الأبواب من بعض الشّباب لا بل أقول أيضاً من بعض الآباء، وإذا مررت بأحد الشّوارع فانظر يمنةً ويسرةً ستجد تلك التّجمعات، وتستمر وللأسف هذه التّجمعات حتى قبيل الغروب إن لم يكن إلى الآذان سبحان الله! هذه اللحظات الغالية أوقات الدّعاء والاستجابة والتّفرغ يغفل عنها أهل التّوحيد، وكلنّا بحاجة إلى الله -جلّ وعلا- وسؤال الله -سبحانه وتعالى- والموفَّق من وفَّقه الله -تعالى-.
وسيلةٌ سابعةٌ: برّ الوالدين والقرب منهما في هذا الشّهر، وقضاء حوائجهما وطاعتهما ومحاولة الإفطار معهما، كبعض الشّباب تجده كثير الإفطار في بيته أو عند أصحابه ولا يجلس مع والديه أو يفطر معهما إلّا قليلاً، ولاشكَّ أنَّ برَّهما من أعظم القربات والعبادات إلى الله -تعالى-، كيف لا وقد قارن -سبحانه وتعالى- حقَّهما بتوحيده وعدم الإشراك به -جلّ وعلا-، ومن صور التّقصير أيضاً في حقِّ الوالدين خلال هذا الشّهر المبارك، قد تجد الفتاة تكثر من النّوم في النّهار والسَّهر في اللَّيل أو حتَّى بالخروج أو نقول حتَّى في قراءة القرءان والأم لوحدها في المطبخ لإعداد الوجبات الفطور والسّحور، وربَّما لو أنّ الأمّ أمرت أو نهت تلك الفتاة لوجدت أن تلك الفتاة صاحت وانهالت على أمِّها بالكلام، ونغفل عن هذه العبادة العظيمة الّتي يجب أن نحرص عليها لاستغلال هذا الشّهر المبارك، ولا شكَّ أنَّ الأجر مضاعف في هذا الشّهر فلعلَّ مثل هذا الأمر يُنتبه إليه إن شاء الله.
وسيلةُ ثامنةُ: النّوم في ليالي رمضان يعين كثيراً على استغلال كثير من الأوقات الفاضلة، كبعد صلاة الفجر مثلاً أو قبل السَّحر، ونحن نرى المساجد بعد صلاة الفجر بدأت تهجر بعد أن كانت في رمضانات مضت تمتلئ بالتّالين والذّاكرين ممّا يشجع بعض أو كثيرٍ من النّاس للمكوث بعد صلاة الفجر في المسجد مع الناس، لكنَّنا نرى المساجد في مثل هذا الوقت نراها وهي شبه خاويةٍ بسرعة خروج المصلِّين ولو أن الإنسان لا شكَّ نام شيئاً في ليل رمضان لكسب الكثير من الأوقات، ولأحيى هذه السّنّة المباركة في الجلوس بعد صلاة الفجر إلى شروق الشَّمس.
وسيلةٌ تاسعةٌ: ومازلنا في التّوجيهات والأفكار والوسائل العامّة.
إذا كنت ممّن ابتلي بمعصيةٍ أو فتنةٍ واعتادت عليها النَّفس وألفتها وأصبح الفراق عليها صعباً وثقيلاً، فإنَّ رمضان فرصةٌ عظيمةٌ للصّبر والمصابرة ومجاهدة النَّفس عن تلك الفتنة، فالشّياطين مصفَّدةٌ والنَّفس منكسرةٌ والرُّوح متأثِّرةٌ والنَّاس من حولك صيامٌ قيامٌ، إذاً فالأجواء والظروف كلُّها مهيّئة للابتعاد وهجر هذه الفتنة وهذه المعصية، فمثلاً التّدخين في رمضان.. التّدخين.. فرصةٌ عظيمةٌ للمدخنين في هجر وترك التّدخين وتدريب النّفس على الابتعاد عنه، وكذلك العادة السرِّيَّة الّتي يشكو منها كثير من الشّباب وكذلك مشاهدة الحرام أو الغيبة أو النّجوى أو استماع الغناء أو بذاءة اللّسان أو غيرها من الابتلاءات، نسأل الله -جلّ وعلا- أن يحفظنا وإيّاكم وأن يعين أصحابها على هجرها وتركها إن شاء الله. فأقول لك يا أخي الحبيب استعن بالله -سبحانه وتعالى-، وكن صاحب عزيمةٍ وهمّةٍ عاليةٍ فلا تغلبك تلك الشّهوة أيجوز أن تكون مسلماً موحداً وتغلبك سيجارة؟ والله إن هذه هي الدّناءة -نسأل الله العافية-، ثمّ أيضا عليك بالإكثار من الدّعاة و الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، فإنه خير معين و اصبر وصابر واحتسب وحاسب النّفس وستجد إن شاء الله أنّك تغلّبت على هذه الشّهوات المحرّمة.