الملف العلمي لتفسير ايات الصوم

مجتمع رجيم / ليكن رمضان بداية انطلاقتي
كتبت : *بنت الإسلام*
-
أولاً: آيات الصوم من سورة البقرة:
1- الآيات (183-184).
قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة: 183 ـ 184].
أسباب النزول:
1ـ قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ...} [البقرة:183].
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويصوم يوم عاشوراء، فأنزل الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} إلى قوله: {طَعَامُ مِسْكِينٍ} فكان من شاء أن يصوم صام، ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا أجزأه ذلك([1]) .
القراءات:
أ ـ قوله تعالى: {وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}.
1 ـ (يُطوَّقونه): وهي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما([2]) .
2 ـ (يُطيّقونه): بضم الياء الأولى وتشديد الياء الثانية، وهي قراءة سعيد بن المسيب([3]).
2 ـ (يطّيّقونه): بتشديد الطاء والياء الثانية، وهي قراءة مجاهد وعكرمة([4]) .
4 ـ (يُطيقونه): وهي قراءة الجمهور([5]) .
ب ـ قوله تعالى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}.
1 ـ (فديةُ طعامِ) بالإضافة، وهي قراءة أهل المدينة والشام([6]) .
2 ـ (طعام مساكين) وهي قراءة أهل المدينة والشام أيضًا([7]) .
ج ـ قوله تعالى: {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا}.
قرأ عيسى بن عمرو ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي (يطّوع) مشددًا مع جزم الفعل على معنى يتطوّع([8]).
المفردات:
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ}: فرض عليكم الصيام([9]).
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: أي بالمحافظة عليها، وقيل: تتقون المعاصي بسبب هذه العبادة؛ لأنها تكسر الشهوة، وتضعف دواعي المعاصي([10]).
{أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ}: أي قليلة في غاية السهولة([11]) والمراد بها: شهر رمضان([12]).
{وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}: أي يطيقون الصيام.
وقيل: أي يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة، كالشيخ الكبير([13]).
{فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} قيل: معناه: من أراد الإطعام مع الصوم، وقيل: من زاد في الإطعام على المدّ، وقيل: من أطعم مع المسكين مسكينًا آخر([14]).
قال الطبري: "أي هذه المعاني تطوع به المفتدي من صومه، فهو خير له؛ لأن كل ذلك من تطوع الخير، ونوافل الفضل"([15]).
المعنى الإجمالي:
يخبر تعالى بما من به على عباده، بأنه فرض عليهم الصيام كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي فيها من المصالح العظيمة للخلق في كل زمان، وفيه تنشيط لهذه الأمة المحمدية بأن تنافس غيرها من الأمم، وتسارع إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة التي اختصت بها هذه الأمة عن غيرها.
ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} إذ الصيام من أعظم الأسباب الجالبة للتقوى؛ إذ إنه يضيق مجاري الشيطان، ويقوي النفس على طاعة الرحمن حقيقة مجربة.
ولما ذكر سبحانه فرض الصوم أخبر أنه أيام معدودات، أي: قليلة في غاية السهولة يستطيع أن يؤديها المكلف العادي.
ثم سهل تسهيلاً آخر فقال: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وذلك فيما إذا حصلت المشقة، فإن الله قد أباح لهما الفطر، ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض، وانقضى السفر، وحصلت الراحة.
أما الذين يشق عليهم الصيام كالكبير والمريض مرضًا مزمنًا فدية عن كل يوم طعام مسكين عوضًا عن فوات الصوم في وقته، وامتثالاً لأمر الله تعالى، وتحقيقًا لمبدأ العبودية لله تعالى([16]).
نصوص ذات صلة:
1 ـ عن أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدّى، فقال: ((ادن فكل)) فقلت: إني صائم، فقال: ((ادن أحدثك عن الصوم إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم))([17]).
2 ـ عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))([18]).
3 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))([19]).
4 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم))([20]).
الفوائـد:
1 ـ من دخل عليه شهر رمضان وهو صحيح عاقل بالغ فصومه عليه واجب([21]) .
2 ـ الصيام من أعظم أسباب التقوى.
3 ـ الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه لعلمه باطلاع الله عليه.
4 ـ الصيام يضيق مجاري الشيطان؛ فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل المعاصي.
5 ـ الصائم في الغالب تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى.
6 ـ الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى.
7 ـ المريض والمسافر رخص الله لهما في الفطر، ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض وانقضى السفر وحصلت الراحة([22]) .
8 ـ الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات.
9 ـ الصوم سرٌ بين العبد وبين ربه لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصًا به، وما سواه من العبادات ظاهر([23]) .
* * *
2- الآية (185).
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].
القراءات:
أ ـ قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ}
قرأ مجاهد وشهر بن حوشب بنصب (شهرَ)([24]).
ب ـ قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
قرأ الحسن والأعرج بكسر اللام (فلِيصمه) ([25]) .
ج ـ قوله تعالى: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ}
قرأ جماعة (اليُسُر) بضم السين، وكذلك (العُسُر) ([26]) .
د ـ قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ}
قرأ الحسن وقتادة والأعرج ورواية عن عاصم وأبي عمر (ولتكمّلوا العدّة) بالتشديد([27]).
المفردات:
{هُدًى لّلنَّاسِ}: يعني رشادًا للناس إلى سبيل الحق وقصد المنهج([28]).
{وَبَيِّنَـٰتٍ}: أي دلائل وحجج بسنة واضحة جلية لمن فهمها وتدبّرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال، والرشد المخالف للغي([29]).
{وَٱلْفُرْقَانِ}: ما فرق بين الحق والباطل([30]).
{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}: أي فمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره، فعليه صوم الشهر كله([31]).
{فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}: أيام معدودة سوى هذه الأيام([32]) .
{وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ}: أي عدّة ما أفطرتم من أيام أخر، أوجبت عليكم قضاء عدة من أيام أخرى بعد برئكم من مرضكم، أو إقامتكم من سفركم([33]).
المعنى الإجمالي:
لمّا ذكر تعالى أنه كتب على أمة الإسلام الصيام في الآية السابقة، وأنه أيام معدودات، بين في هذه الآية أن المراد من الأيام المعدودات أيام شهر رمضان المبارك، والله سبحانه وتعالى قد مدح هذا الشهر العظيم لاختصاصه بالصيام، ونزول القرآن إذ كان ـ أي القرآن ـ هاديًا وموضحًا طرق الهداية، وفارقًا بين الحق والباطل.
ثم بين سبحانه وتعالى أحكام أهل الأعذار الذين لا يستطيعون الصيام إما لمرض أو لأجل سفر، وأن على من أفطر بهما قضاء ما أفطر بعدده.
وأخبر سبحانه ـ وهو الرؤوف الرحيم بخلقه ـ أنه يريد بالإذن في الإفطار للمريض والمسافر اليسر بالأمة ولا يريد بها العسر؛ إذ الإسلام جاء بالسماحة في كل شيء.
ثم علل سبحانه القضاء لإكمال عدة الصيام، وللتكبير على الهداية، فإن من فعل هذا فعسى أن يكون من الشاكرين([34]).
نصوص ذات صلة:
1.عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال))([35]).
2.عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه))([36]).
3.عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))([37]).
4.عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عليكم برخصة الله الذي رخص لكم))([38]).
5.عن محجن الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره)) ([39]).
6.عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسروا ولا تعسروا، وسكّنوا ولا تنفروا))([40]).
7.عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو([41]).
الفوائـد:
1.فضيلة شهر رمضان لنزول القرآن فيه، واختصاصه بليلة القدر([42]).
2.وجوب صيام رمضان على جميع المكلفين([43]) .
3.الرخصة للمريض والمسافر الفطر في رمضان، ووجوب القضاء مكان الإفطار([44]).
4.يسر الشريعة الإسلامية، وخلوّها من العسر([45]).
5.مشروعية التكبير ليلة العيد ويومه شكرًا لنعمة الهداية إلى الإسلام([46]).
* * *
3- الآية (186).
قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة:186].
سبب النزول:
عن الحسن قال: سأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أين ربنا؟ فأنزل الله تعالى ذكره {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}([47]).
وقيل: إنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي..}([48]).
المفردات:
{فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى}: أي كما أجبتهم إذا دعوني، فليستجيبوا لي فيما دعوتهم إليه من الإيمان والطاعات([49]) .
{لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}: أي يهتدون لمصالح دينهم ودنياهم([50]) .
المعنى الإجمالي:
يوجه الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يخبر المؤمنين الداعين المتضرعين بأنه منهم قريب، وشهيدٌ على أعمالهم، ومطلع على سرائرهم.
والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابده وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق، فمن دعا ربه بقلب حاضر، وتهيأت له أسباب الإجابة؛ فإنه سيحصل له ما أراد بإذن الله تعالى، وعلى المؤمن أن يستجيب لأوامر الله تعالى بالتطبيق ولنواهيه بالكف والامتناع، عله أن ينال الهداية والرشاد كما وعده ربه([51]).
نصوص ذات صلة:
1 ـ عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفًا ولا نهبط في وادٍ إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، قال: فدنا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سمعيًا بصيرًا))، ثم قال: ((يا عبد الله بن قيس، ألا أعلمك كلمة هي من كنوز الجنة؟! لا حول ولا قوة إلا بالله))([52]).
2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني))([53]).
3 ـ عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للصائم عند فطره لدعوة ما تُرد))([54]).
الفوائـد:
1 ـ مشروعية واستحباب الدعاء([55]) .
2 ـ أن قرب الله تعالى لا يستلزم المخالطة، بل هو قريبٌ في علو.
قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله:
وذكره للقرب والمعيّة لم ينف للعـلوّ والفوقيــة
فإنه العليّ في دنـوّه وهو القريب جلّ في علوه([56]) .
3 ـ كراهية رفع الصوت بالعبادات إلا ما كان في التلبية والأذان والإقامة([57]) .
4 ـ وجوب الاستجابة والإذعان لأوامر الله تعالى([58]) .
5 ـ أن الاستجابة لأمر الله تعالى يورث الهداية والرشاد([59]) .
* * *
4- الآية (187).
قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَٱلـنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصّيَامَ إِلَى ٱلَّيْلِ وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ ٱلا تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[البقرة: 187].
أسباب النزول:
1 ـ قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ....} [البقرة:187].
أ ـ عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وأن قيس بن صرفة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل فغلبته عيناه، فقالت: خيبة لك. فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَٱلـنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ}([60]).
ب ـ وعنه رضي الله عنه لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله: {عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ}([61]).
ج ـ عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، وقد سهر عنده، فوجد امرأته قد نامت، فأرادها، فقالت: إني قد نمت، قال: ما نمت، ثم وقع بها، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالى: {عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ}([62]).
2 ـ قوله تعالى: {مِنَ ٱلْفَجْرِ...} [البقرة:187].
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أنزلت: {وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ} ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعدُ {مِنَ ٱلْفَجْرِ} فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار([63]). وفي رواية: فكان الرجل إذا أراد الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد ذلك: {من الفجر}([64]).
3 ـ قوله تعالى: {وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ} [البقرة: 187].
أ ـ قال مقاتل بن سليمان: نزلت في علي وعمار بن ياسر وأبي عبيدة بن الجراح، كان أحدهم يعتكف، فإذا أراد الغائط من السحر رجع إلى أهله فيباشر ويجامع ويغتسل ويرجع فنزلت([65]).
ب ـ وعن الضحاك قال: كانوا يجامعون وهم معتكفون، حتى نزلت: {وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ}([66]).
القراءات:
قوله تعالى: {فالآن باشروهن... لكم}
قرأ الحسن البصر: (واتبعوا) بالعين المهملة من الاتباع([67]).
المفردات:
{ٱلرَّفَثُ}: الجماع([68]).
{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ}: كناية عن انضمام الجسد وامتزاجهما وتلازمهما تشبيها بالثوب([69]).
{تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ}: خيانتهم كانت في أمرين أحدهما: جماع النساء، والآخر: المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حرامًا ذلك عليهم([70]) ثم نسخ هذا بعد ذلك، وعفا الله عنهم([71]).
{بَـٰشِرُوهُنَّ}: أي جامعوهن، بعد ما كان حرامًا([72]).
{وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ}: أي انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى، والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية، وإعفاف الفرج، وحصول مقاصد النكاح([73]).
{ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ}: الفجر اللصادق المعترض في الأفق، لا الفجر الكاذب الذي هو كذنب السِّرحان([74])([75]).
{ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ}: سواد الليل([76]) والعرب تسمي الصبح خيطًا وظلام الليل المختلط به خيطًا([77]).
{عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ} أي منقطعون للعبادة في المساجد([78]).
{حُدُودُ ٱللَّهِ}: جمع حد، وهو ما شرع الله تعالى من الطاعات فعلاً أو تركًا([79]).
المعنى الإجمالي:
كان المسلمون في بداية أمرهم يصومون إلى الغروب، فإذا غربت الشمس حل لهم الأكل والشرب والجماع ما لم يناموا، فإن ناموا حرم عليهم ذلك فأمسكوا حتى اليوم التالي، وكانوا يجدون في ذلك مشقة عظيمة.
ومن ثم فرج الله تعالى عنهم ذلك بعد وقوعهم في الحرج العظيم إزاء هذه العبادة فكانوا يختانون أنفسهم. فخفف الله تعالى عنهم بأن أباح لهم الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام، وتاب عليهم وعفا عنهم ما سلف من أمرهم.
ثم يأمرهم سبحانه وتعالى أن يباشروا نساءهم، ويقصدوا بذلك تكثير سواد الأمة بالتوالد، والإعفاف عن تقحم الحرام، لا مجرد قضاء الشهوة وتصريفها، وما أجل التعبير القرآني إذ عمد إلى الكناية بدلاً من التصريح فيما يستحى من ذكره.
ثم ينهى سبحانه وتعالى عن المباشرة للمعتكف؛ إذ إنها تنقض الاعتكاف وتفسده، وبعدما ذكر هذه الأحكام العظيمة بين أنها حدود محددة لا يجوز تجاوزها ولا اقتحامها، فإن من امتثل لهذه الأحكام وطبقها فحري به أن يكون من المتقين([80]) .
نصوص ذات صلة:
1 ـ عن حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له))([81]).
2 ـ عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ أهما خيطان؟ قال: ((إنك لعريض القفا، إن أبصرت الخيطين))، ثم قال: ((لا، بل هو سواد الليل وبياض النهار))([82]).
3 ـ عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق))([83]).
4 ـ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم))([84]).
5 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال. قالوا: إنك تواصل! قال: ((إني لست مثلكم، إني أطُعم وأسقى))([85]).
6 ـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تسحروا فإن في السحور بركة)) ([86]).
7 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: أشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبًا من جماع غير احتلام ثم يصوم([87]).
8 ـ عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفًا فأتيته أزوره ليلاً فحدثته، ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((على رسلكما، إنها صفية بنت حيي))، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءًا ـ أو قال ـ: شيئًا))([88]).
9 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه))([89]).
10 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم([90]).
11 ـ عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر))([91]).
12 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ((ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله))([92]).
13 ـ عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر))([93]).
14 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إليَّ رأسه فأرجّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان([94]).
15 ـ وعنها رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه([95]).
الفوائـد:
1.إباحة الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام بعد أن كان محرمًا بالنوم([96]).
2.وقت الصيام يبدأ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس([97]).
3.استحباب استعمال الكناية بدل التصريح فيما يستحيى من ذكره([98]).
4.مشروعية الاعتكاف في رمضان، والانقطاع للعبادة، وأن المعتكف لا يحل له أن يستمتع بزوجته حتى تنقضي مدة اعتكافه([99]).
5.حرمة انتهاك حرمات الشرع وتعدي حدوده([100]).
6.ذكر الغاية من إنزال الشرائع ووضع الحدود، وهي تقوى الله عز وجل([101]).
* * *
5- الآية (196).
قال تعالى: {وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ} [البقرة: 196].
أسباب النزول:
1 ـ عن صفوان بن أمية أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم متضمخًا بالزعفران، عليه جبّة، فقال: كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي؟ فأنزل الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أين السائل عن العمرة؟)) فقال: ها أنا ذا، فقال له: ((ألق عنك ثيابك ثم اغتسل واستنشق ما استطعت ثم ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك)) ([102]) .
2 ـ عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: وقف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، ورأسي يتهافت قملاً، فقال: يؤذيك هوامك؟ قلت: نعم، قال: ((فاحلق رأسك)). أو قال: ((احلق)). فيّ نزلت هذه الآية: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ} إلى آخرها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسر))([103]).
القراءات:
قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ}
1 ـ {وأقيموا الحج والعمرة لله} وهي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وعلقمة([104]).
2 ـ {وأتموا الحج والعمرة إلى البيت} كما جاء في مصحف ابن مسعود([105]).
3 ـ {وأتموا الحج والعمرةُ لله} برفع التاء، وهي قراءة الشعبي وأبي حيوة([106]).
قوله تعالى: {حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُ}
{حتى يبلغ الهَديُّ محلِّه} بكسر الدال مثقلة، وهي قراءة الأعرج([107]).
قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجّ}
{فصيامَ} بالنصب، أي: فليصم([108]).
قوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}
{وسبعةً إذا رجعتم} بالنصب، وهي قراءة زيد بن علي، وابن أبي علية([109]).
المفردات:
{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} الإحصار يكون على معنيين:
1 ـ الإحصار بسبب العدو([110]) .
2 ـ الإحصار بسبب المرض وجميع العوائق([111]) .
{حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُ}: أي حتى يبلغ بالذبح أو النحر محلّ أكله والانتفاع به في محل ذبحه ونحره([112]).
{أَوْ نُسُكٍ}: النسك: جمع نسيكة، وهي الذبيحة([113]).
{فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ}: أي فمن أحرم بعمرة في أشهر الحج وتحلل، وبقي في مكة ينتظر الحج، وحج فعلاً فالواجب أن يذبح ما قدر عليه من الهدي، وأقله شاة([114]).
{ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ}: أي من كان أهله من حاضر المسجد الحرام (مكة)، فليس عليه هدي، لعدم الموجب لذلك([115]).
المعنى الإجمالي:
يأمر الباري سبحانه عباده المؤمنين أن يتموا الحج والعمرة له سبحانه على أكمل وجه، وأتم صورة مخلصين له غير مرائين، ثم يخبر سبحانه أن من أحصر في مكان ما، وحال بينهم وبين إتمام شعيرة الحج أن يذبحوا ما تيسر لهم من الهدي وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو شاة، ويحلق بعد ذلك أو يقصر، ويحل من إحرامه.
ثم يُعلمهم سبحانه وتعالى أن من كان منهم مريضًا أو به أذى من رأسه واضطر إلى حلق رأسه أو لبس ثوبٍ أو تغطيةِ رأس، فالواجب عليه إن فعل شيئًا من ذلك أن يفتدي بواحد من ثلاثة على التخيير، وهي: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة.
ثم يخبرهم سبحانه أن من حج متمتعًا عليه هدي، وهي شاة أو بقرة أو بعير، فإن ضاقت عليه حاله فلم يستطع الذبح صام ثلاثة أيام في الحج من أول شهر ذي الحجة إلى اليوم التاسع منه، وسبعة إذا رجع إلى بلاده، وهذا الحكم ينطبق على من ليس من أهل مكة.
ثم يأمر سبحانه بأن يتقي الإنسان في حجه هذا ربَّه سبحانه، ويذكرهم بأنه شديد العقاب([116]).
نصوص ذات صلة:
1.عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: ((حج عن أبيك واعتمر))([117]).
2.عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين)). قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((والمقصرين))([118]).
3.عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: ((أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة))([119]).
4.عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من الفجور في الأرض، وكانوا يسمون المحرم صفرًا، ويقولون: إذا برأ الدبر وعفا الأثر([120]) حلت العمرة لمن اعتمر، قال: فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رابعة مهلين بالحج وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة. قالوا: يا رسول الله، أيّ الحل؟ قال: ((الحل كله))([121]).
5.عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة))([122]).
6.عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضُباعة بنت الزبير، فقال لها: ((لعلك أردت الحج؟)) قالت: والله لا أجدني إلا وجِعةً. فقال لها: ((حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني))([123]).
7.عن حفصة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن الناس حلوا بعمرة، ولم تحلل أنت من عمرتك؟! قال: ((إني لبدت رأسي وقلّدت هديي، فلا أحل حتى أنحر))([124]).
8.عن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله))([125]).
9.عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة...))([126]).
10.عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام قبل يوم النحر، ومن لم يكن صام تلك الأيام فليصم أيام التشريق أيام منى))([127]).
11.عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الحج والعمرة فريضتان، لا يضرك بأيهما بدأت))([128]).
الفوائـد:
1.وجوب إتمام الحج والعمرة وأعمالهما لمن شرع فيهما([129]).
2.إن عرض للحاج أو المعتمر عارض حال دون الوصول إلى مكة وإتمام الحج أو العمرة، فالواجب عليهما ذبح هدي في محلهما([130]).
3.وجوب الإخلاص لله تعالى في الحج والعمرة([131]).
4.يسر الشريعة الإسلامية بالتخفيف على المريض أو من به أذى من رأسه أن يحلقه ويفتدي ذلك بصيام أو صدقة أو ذبح لله تعالى([132]).
5.جزاء الصيد والفدية والنذر لا يأكل منها صاحبها، ويأكل من التطوع والتمتع([133]).
6.لا متعة لأهل الحرم([134]).
7.الأمر والإلزام بتقوى الله تعالى، واستشعار عظمته وسطوته، فهو أدعى للإخلاص وقبول الأعمال([135]) .
* * *


كتبت : *بنت الإسلام*
-


([1]) رواه أحمد (5/ 246)، وأبو داود في الصلاة باب: كيف الأذان؟ (507) واللفظ له، والحاكم في المستدرك (2/ 274) وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (479) وانظر: جامع البيان للطبري (3/ 414)، والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر (1/ 429).

([2]) انظر جامع البيان للطبري (3/ 418)، وروي (يطّيّقونه) بفتح الياء، وتشديد الطاء والياء مفتوحتين. انظر: فتح القدير (1/ 278).

([3]) انظر روح المعاني للآلوسي (2/ 58).

([4]) انظر روح المعاني (2/ 58)

([5]) انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 286).

([6]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 287)، وفتح القدير (1/ 278).

([7]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 287)، وفتح القدير (1/ 278).

([8]) انظر فتح القدير (1/ 278).

([9]) انظر جامع البيان للطبري (3/ 409).

([10]) انظر فتح القدير للشوكاني (1/ 277) وروح المعاني (2/ 57).

([11]) انظر تيسير الكريم الرحمن ص 68.

([12]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 276).

([13]) انظر تيسير الكريم الرحمن (ص 69).

([14]) انظر فتح القدير (1/ 278).

([15]) جامع البيان (3/ 443).

([16]) انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 202 ـ 204) وتيسير الكريم الرحمن للسعدي ص 68.

([17]) رواه الترمذي في الصوم، باب: ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع (715) والنسائي في الصيام، باب ذكر اختلاف معاوية بن سلام وعلي بن المبارك (2275)، وابن ماجه في الصيام، باب: ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع (667)، قال الترمذي: "حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (575). وانظر جامع البيان للطبري (3/ 435).

([18]) رواه البخاري في النكاح، باب من لم يستطع الباءة فليصم (5066)، ومسلم في النكاح، باب: استحباب النكاح (1400)، وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 202).

([19]) رواه البخاري في الإيمان باب بني الإسلام على خمس (8)، ومسلم في الإيمان، باب: بيان أركان الإسلام (16) وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 272).

([20]) رواه ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (1/ 304) قال ابن حجر: فيه مجهول. انظر فتح الباري (8/ 178) وفتح القدير (1/ 279).

([21]) انظر جامع البيان (3/ 454).

([22]) الفوائد (2 ـ 7) ينظر تيسير الكريم الرحمن ص 68 ـ 69.

([23]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 274).

([24]) انظر فتح القدير (1/ 281)، وروح المعاني (2/ 59).

([25]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 299).

([26]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 301).

([27]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 305).

([28]) انظر: جامع البيان (3/ 448).

([29]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 205).

([30]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 299).

([31]) انظر: جامع البيان (3/ 449).

([32]) انظر: جامع البيان (3/ 459).

([33]) انظر: جامع البيان (3/ 476).

([34]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 204 ـ 205) وروح المعاني (2/ 61 ـ 63) وتيسير الكريم الرحمن ص 69، وأيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري (1/ 163 ـ 164).

([35]) رواه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الأوابين (748)، وانظر فتح القدير (1/ 280).

([36]) رواه البخاري في الإيمان، باب: صوم رمضان احتسابًا من الإيمان (38)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها ـ باب الترغيب في قيام رمضان (760) وانظر فتح القدير (1/ 282).

([37]) رواه البخاري في الإيمان، باب تطوع قيام رمضان (37)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان (759)، وانظر فتح القدير (1/ 282).

([38]) رواه مسلم في الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (1115)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([39]) رواه البخاري في الأدب المفرد ص 124 وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (260). وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([40]) رواه البخاري في الأدب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يسروا...) (6125)، ومسلم في الجهاد والسير، باب: في الأمر بالتيسير وترك التنفير (1734). وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([41]) رواه البخاري في الجهاد والسير، باب: السفر بالمصاحف إلى أرض العدو (2990)، ومسلم في الأمارة باب النهي عن أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار (1869) واللفظ له، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 298).

([42]) انظر: جامع البيان (3/ 448).

([43]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 203).

([44]) انظر: فتح القدير (1/ 281 ـ 282).

([45]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([46]) انظر التفاسير (1/ 164).

([47]) رواه الطبري في جامع البيان (3/ 481)، وقال الشيخ أحمد شاكر: الإسناد صحيح إلى الحسن. ولكن الحديث ضعيف لأنه مرسل، لم يسنده الحسن عن أحد من الصحابة، وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 308).

([48]) رواه ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (1/ 314) وفيه الصلت بن حكيم: مجهول، انظر لسان الميزان لابن حجر (3/ 195).

([49]) انظر: فتح القدير (1/ 285).

([50]) انظر: روح المعاني (2/ 64).

([51]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 208) وفتح القدير (1/ 285) وروح المعاني (2/ 64).

([52]) رواه البخاري في القدر باب: لا حول ولا قوة إلا بالله (6610) ومسلم في الذكر والدعاء، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر (2704)، وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 207).

([53]) رواه مسلم في الذكر والدعاء، باب: فضل الذكر والدعاء (2675) وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 207).

([54]) رواه ابن ماجه في الصيام باب في الصائم لا ترد دعوته (1753)، والحاكم (1/ 422) وضعفه الألباني في إرواء الغليل (921). وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 208)

([55]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 69.

([56]) انظر: معارج القبول (1/ 29، 204 ـ 207).

([57]) أيسر التفاسير (1/ 165).

([58]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 313).

([59]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 69.

([60]) رواه البخاري في الصوم، باب قول الله جل ذكره: أحل لكم ليلة الصيام (1915).

([61]) رواه البخاري في تفسير القرآن باب: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (4508) قال الشيخ مقبل الوادعي بعد ما ذكر الروايتين: "وظاهرهما التغاير، لكن لا مانع من أن تكون نزلت في هؤلاء وفي هؤلاء" انظر الصحيح المسند من أسباب النزول ص 18.

([62]) رواه أحمد في المسند (3/ 460) وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في جامع البيان للطبري (3/ 497). وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 314) وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 209). وفتح القدير للشوكاني (1/ 288).

([63]) رواه البخاري في الصوم، باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين...} (1917).

([64]) رواه مسلم في الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر (1091). وانظر جامع البيان للطبري (3/ 513).

([65]) العجاب في بيان الأسباب (1/ 449).

([66]) جامع البيان (3/ 541).

([67]) انظر: فتح القدير (1/ 287).

([68]) انظر: جامع البيان (3/ 488).

([69]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 316)، وأيسر التفاسير (1/ 166).

([70]) انظر: جامع البيان (3/ 493).

([71]) انظر: فتح القدير (1/ 286).

([72]) انظر الجامع لحكام القرآن (2/ 317).

([73]) تيسير الكريم الرحمن ص 69.

([74]) السرحان: الذئب. انظر لسان العرب (6/ 232) مادة: سرح.

([75]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 319) وفتح القدير (1/ 287).

([76]) انظر: فتح القدير (1/ 287).

([77]) انظر: أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي (1/ 105).

([78]) انظر: فتح القدير (1/ 287).

([79]) انظر: أيسر التفاسير (1/ 167).

([80]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 208 ـ 215)، وتيسير الكريم الرحمن ص 69 ـ 70.

([81]) رواه الترمذي في الصوم، باب: لا صيام لمن لم يعزم من الليل (730)، والنسائي في الصيام، باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة (2333)، وأبو داود في الصوم، باب النية في الصيام (2454) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (583).

([82]) رواه البخاري في تفسير القرآن باب قوله: {وكلوا واشربوا...} (4510) وانظر جامع البيان للطبري (3/ 513).

([83]) رواه الترمذي في الصوم باب ما جاء في بيان الفجر (706) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (568)، وانظر جامع البيان (3/ 515).

([84]) رواه البخاري في الصوم باب متى يحل فطر الصائم؟ (1954)، ومسلم في الصيام باب بيان وقت انقضاء الصوم (1100)، وانظر جامع البيان (3/ 533).

([85]) رواه البخاري في الصوم، باب الوصال، ومن قال ليس في الليل صيام (1962)، ومسلم في الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم (1102)، وانظر جامع البيان (3/ 536).

([86]) رواه البخاري في الصوم، باب بكرة السحور من غير إيجاب (1923)، ومسلم في الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره (1095)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 210).

([87]) رواه البخاري في الصوم، باب: اغتسال الصائم (1932) ومسلم في الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (1109) من رواية أم سلمة وعائشة رضي الله عنها. وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 210).

([88]) رواه البخاري في بدء الخلق باب: صفة إبليس وجنوده (3281)، ومسلم في السلام، باب: بيان أنه يستحب لمن رئي خاليًا بامرأة... (2175). وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 313).

([89]) رواه البخاري في الصوم، باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا (1933)، ومسلم في الصيام، باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 323).

([90]) رواه البخاري في الصوم، باب المباشرة للصائم (1927)، ومسلم في الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة (1106)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 324).

([91]) رواه مسلم في الصيام، باب: فضل السحور (1096) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 329).

([92]) رواه أبو داود في الصوم، باب: القول عند الإفطار (2357)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2066) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/331).

([93]) رواه مسلم في الصيام، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال (1164)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 331).

([94]) رواه البخاري في الاعتكاف باب: لا يدخل البيت إلا لحاجة (2029)، ومسلم في الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (297)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 334 ـ 335).

([95]) رواه مسلم في الاعتكاف، باب: متى يدخل من أراد الاعتكاف (1173) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 336).

([96]) انظر: جامع البيان (3/ 464).

([97]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 318 ـ 319).

([98]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 315).

([99]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 213).

([100]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 213).

([101]) انظر: رزوح المعاني (2/ 69).

([102]) رواه ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (1/ 334) وانظر العجاب في بيان الأسباب لابن حجر (1/ 486) وهو في البخاري في الحج، باب: يفعل في العمرة ما يفعل في الحج (1789)، ومسلم في الحج باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح (1180) بدون ذكر نزول هذه الآية. وانظر فتح القدير (1/ 302).

([103]) رواه البخاري في الحج، باب: قول الله تعالى: {أو صدقة} وهي إطعام ستة.. (1815)، ومسلم في الحج، باب: جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى (1201) وانظر جامع البيان (4/ 59).

([104]) انظر: جامع البيان (4/ 7) وروح المعاني (2/ 79).

([105]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 369).

([106]) انظر: جامع البيان (4/ 14)، والجامع لأحكام القرآن (2/ 369).

([107]) انظر: جامع البيان (4/ 35).

([108]) انظر: روح المعاني (2/ 82).

([109]) انظر: فتح القدير (1/ 302) وروح المعاني (2/ 83).

([110]) وهو الذي رجحه الشنقيطي في أضواء البيان (1/111).

([111]) انظر: فتح القدير (1/ 300).

([112]) انظر: جامع البيان (4/ 40).

([113]) انظر: جامع البيان (4/ 86) والجامع لأحكام القرآن (2/ 386).

([114]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/222) وأيسر التفاسير (1/ 176).

([115]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 74.

([116]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 73 ـ 74، وأيسر التفاسير (1/ 177).

([117]) رواه الترمذي في الحج (930) والنسائي في مناسك الحج باب وجوب العمرة (2621)، وأبو داود في المناسك باب الرجل يحج عن غيره (1810) وابن ماجه في المناسك باب الحج عن الحي إذا لم يستطِع (2906) وصححه الألباني في صحيح النسائي (2458)، وانظر: جامع البيان (4/ 18).

([118]) رواه البخاري عن الحج، باب: الحلق والتقصير (1727)، ومسلم في الحج باب: تفضيل الحلق على التقصير (1301) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 381).

([119]) رواه البخاري في الحج باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق (1534) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 389).

([120]) (برأ الدبر): يعنون ظهور الإبل بعد انصرافها من الحج، فإنها كانت تدبر بالسير عليها للحج. (عفا الأثر): أي درس وانمحى، والمراد: أثر الإبل وغيرها في سيرها، عفا أثرها لطول مرور الأيام. انظر شرح صحيح مسلم للنووي (8/ 225).

([121]) رواه البخاري في المناقب باب: أيام الجاهلية (3832)، ومسلم في الحج، باب: جواز العمرة في أشهر الحج (1240) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 393).

([122]) رواه مسلم في الحج، باب: جواز العمرة في أشهر الحج (1241)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 219).

([123]) رواه البخاري في النكاح، باب الأكفاء في الدين (5089)، ومسلم في الحج، باب: جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض (1207) وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 220).

([124]) رواه البخاري في الحج، باب التمتع والإقران والإفراد بالحج.. (1566)، ومسلم في الحج، باب: بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل (1229)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 220 ـ 221).

([125]) رواه مسلم في الصيام، باب: تحريم صوم أيام التشريق (1141) وانظر تفسير القرآن العظيم (1/222) وذكر أنه من رواية قتيبة الهذلي، وهو خطأ أو تحريف.

([126]) رواه البخاري في الحج، باب: كيف تهل الحائض والنفساء (1556) ومسلم في الحج باب، بيان وجوه الإحرام (1211) وانظر: فتح القدير (1/ 299).

([127]) رواه الدارقطني في السنن (2/ 186)، وقال: يحيى بن أبي أنيسة ضعيف، وانظر فتح القدير (1/ 305).

([128]) رواه الدارقطني في السنن (2/ 284) والحاكم (1/ 643) وقال: والصحيح عن زيد بن ثابت قوله. وضعفه ابن الجوزي في التحقيق في أحاديث الخلاف (2/ 123)، قال أبو الطيب آبادي في تعليق على الدارقطني: الحديث في إسناده إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف، ثم هو عن ابن سيرين عن زيد وهو منقطع، ورواه البيهقي موقوفًا على زيد من طريق ابن سيرين أيضًا وإسناده أصح.

([129]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ ).

([130]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 373).

([131]) انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص 73).

([132]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 221).

([133]) انظر: جامع البيان (4/ 83).

([134]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 223).

([135]) انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص 74).
كتبت : *بنت الإسلام*
-
ثانياً: آية الصوم من سورة النساء:
الآيـة (92).
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مّنَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}[النساء:92].
أسباب النزول:
1 ـ عن عكرمة قال: كان الحارث بن يزيد بن أنيسة من بني عامر بن لؤي يعذّب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل، ثم خرج الحارث بن يزيد مهاجرًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه عياش بالحرّة فعلاه بالسيف حتى سكت، وهو يحسب أنه كافر. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، ونزلت: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً} الآية فقرأها، ثم قال له: ((قم فحرّر))([1]).
وقيل: نزلت في أبي الدرداء رضي الله عنه.
2 ـ عن ابن زيد قال: نزل هذا في رجل قتله أبو الدرداء، نزل هذا كله فيه، كانوا في سرية، فعدل أبو الدرداء إلى شعبٍ يريد حاجة له، فوجد رجلاً من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف. فقال: لا إله إلا الله. قال: فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئًا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا شققت عن قلبه))، فقال: ما عسيت أجد! هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء؟ قال: ((فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه؟)) قال: كيف بي يا رسول الله؟ قال: ((فكيف بلا إله إلا الله؟)) قال: فكيف بي يا رسول الله؟ قال: ((فكيف بلا إله إلا الله؟)) حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي. قال ونزل القرآن: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً} حتى بلغ {إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ} قال: إلا أن يضعوها([2]).
قال الطبري بعدما ذكر الروايتين: "والصواب في ذلك أن يقال: إن الله عرّف عباده بهذه الآية ما على من قتل مؤمنًا خطأ من كفارة ودية، وجائز أن تكون الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة وقتيلة، وفي أبي الدرداء وصاحبه، وأي ذلك كان فالذي عنى الله تعالى بالآية تعريف عباده ما ذكرنا، وقد عرف ذلك من عقل عنه من عباده تنزيله، وغير ضائرهم جهلهم بمن نزلت فيه"([3]).
وقيل: إنها نزلت في أسامة بن زيد رضي الله عنهما في قصة قريبة من قصة أبي الدرداء رضي الله عنه([4]).
القراءات:
أ ـ {إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ}
1 ـ {إلا أن يتصدقوا} وهي قراءة أبيّ وابن مسعود رضي الله عنهما([5]).
2 ـ {إلا أن تصَدّقوا} وهي قراءة أبي عبد الرحمن ونبيح([6]).
3 ـ {تصَّدَّقوا} وهي قراءة أبي عمرو([7]).
ب ـ {يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً}
قرأ الأعمش {يقتل مؤمنًا إلا خطاء} ممدودًا([8]).
ج ـ {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}.
قرأ الحسن {وإن كان من قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ وهو مؤمن}([9]).
المفردات:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً}: أي يستحيل ويمتنع أن يصدر من مؤمن قتلُ مؤمن آخر متعمدًا، إلا أن يكون خطأ كأن يرمي صيدًا أو نحوه([10]).
{رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}: الرقبة المؤمنة هي التي صلّت، وعقلت الإيمان([11]) وقيل: سواء كانت الرقبة صغيرة أو كبيرة إذا كانت بين المسلمين أو لمسلم فإنه يجوز([12]).
{وَدِيَةٌ}: الدية: ما يُعطى عوضًا عن دم القتيل إلى وليه([13]).
{مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ}: أي مدفوعة إليهم على ما وجب لهم، موفرة غير منتقصة حقوق أهلها منها([14]).
{إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ} أي: إلا أن يتصدق أهل المقتول على القاتل الدية. سمي العفو عنها صدقة ترغيبًا فيها([15]).
{مّيثَاقٌ}: عهد([16]).
{مُتَتَابِعَيْنِ}: أي: لا إفطار بينهما، بل يسرد صومهما إلى آخرهما([17]).
المعنى الإجمالي:
يخبر سبحانه وتعالى أن المؤمن يمنعه إيمانه من قتل أخيه المؤمن، ولا التعدي عليه، إذ الإيمان نور يكشف عن مدى قبح هذه الجريمة النكراء فيبني حول صاحبه سياجًا منيعًا يحول دون الإقدام على إزهاق نفسٍ مؤمنة تشهد بأن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. لكن حينما تقع هذه الجريمة لا تقع إلا في حالة الخطأ، فإن المخطئ الذي لا يقصد القتل غير آثم، ولا مجترئ على محارم الله.
ولأجل أنه قد ارتكب فعلاً شنيعًا، وصورته كافية في قبحه، وإن لم يقصده أمر تعالى بالكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة لا أي رقبة، بل يجب أن تكون هذه الرقبة رقبة مؤمنة وذلك فيما لو قتل مؤمنًا خطأ من قومٍ عدوٍ للمسلمين محاربين.
وإن كان المقتول من قوم كافرين وهو مؤمن، أو كافر ولكن بين المسلمين وبين قومه معاهدة، فعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة، ودية تسلم إلى أهله، فإن لم يجد الرقبة صام شهرين متتابعين توبة لله تعالى لا يقطع ما بينهما بإفطار إلا إن كان له عذر، فإن قطع التتابع بإفطار يوم واحد استأنف صيامه مرة أخرى.
وهذا كله تشريع من العليم بما يحقق مصالح العباد، الحكيم في تشريعاته وأحكامه([18]).
نصوص ذات صلة:
1 ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون تتكافأ دماؤهم))([19]).
2 ـ عن أبي رقية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجني عليك ولا تجني عليه))([20]).
3 ـ عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبدٍ أو أمة([21]).
4 ـ عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط فأسقطت، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: كيف ندي من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أسجعٌ كسجع الأعراب؟!)) فقضى بالغرة على عاقلة المرأة([22]).
5 ـ عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلاً فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقال: لا إله إلا الله وقتلته؟)) قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفًا من السلاح. قال: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟)) فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذٍ([23]).
6 ـ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة))([24]).
7 ـ عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمةٍ سوداء وقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتشهدين أن لا إله إلا الله؟)) قالت: نعم, قال: ((أتشهدين أني رسول الله؟)) قالت: نعم. قال: ((أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟)) قالت: نعم. قال: ((أعتقها))([25]).
8 ـ عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه لما جاء بجاريته قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أين الله؟)) قالت: في السماء. قال: ((من أنا؟)) قالت: أنت رسول الله. قال: ((أعتقها فإنها مؤمنة))([26]).
9 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني خزيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالدُ يقتل منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرناه فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال: ((اللهم إني أبرا إليك مما صنع خالد)) مرتين([27]).
10 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض)) ([28]).
الفوائـد:
1.المؤمن الحق لا يقع منه القتل العمد لأخيه المؤمن إلا خطأ غير مقصود([29]).
2.حرمة دم المؤمن([30]).
3.إذا كان القتيل مؤمنًا، وكان من قومٍ كافرين محاربين فالجزاء تحرير رقبة مؤمنة فقط([31]).
4.إذا كان القتيل من قوم بين المسلمين وبينهم ميثاق فالواجب الدية وتحرير رقبة مؤمنة([32]).
5.أجمع العلماء على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل([33]).
6.شرط عتق الرقبة أن تكون مؤمنة([34]).
7.لا يجوز قطع التتابع في الصيام إلا لعذر، فإن قطعه فأفطر، فعليه أن يستأنف الصيام من جديد([35]).
* * *
([1]) رواه الطبري في تفسيره جامع البيان (9/ 33)، والبيهقي في السنن الكبرى مختصرًا (8/ 72). قال ابن حجر: روى هذه القصة أبو يعلى مرسلة ـ ثم قال ـ وقيل في سبب نزولها غير ذلك مما لا يثبت. انظر فتح الباري (12/ 212). وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 506).

([2]) رواه ابن جرير في تفسيره جامع البيان (9/ 34)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 506).

([3]) جامع البيان (9/ 34 ـ 35).

([4]) انظر: صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (96)، وانظر أحكام القرآن لابن العربي (1/ 473) وروح المعاني (5/ 113).

([5]) انظر: جامع البيان (9/ 38) والجامع لأحكام القرآن (5/ 323) وفتح القدير (1/ 752).

([6]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 323).

([7]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 323).

([8]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 313).

([9]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 325).

([10]) انظر: جامع البيان (9/ 30) وتيسير الكريم الرحمن ص 156.

([11]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 314).

([12]) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 474).

([13]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 315).

([14]) انظر: جامع البيان (9/ 37)، وفتح القدير (1/ 751).

([15]) انظر: فتح القدير (1/ 751 ـ 752).

([16]) انظر: جامع البيان (9/ 44).

([17]) تفسير القرآن العظيم (1/ 507).

([18]) انظر: روح المعاني (5/ 113 ـ 114) وتيسير الكريم الرحمن ص 156 ـ 157.

([19]) رواه أبو داود في الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر (2751) وابن ماجه في الديات، باب: المسلمون تتكافأ دماؤهم (2685) وقال الألباني في صحيح أبي داود (2390): حسن صحيح، وانظر الجامع لأحكام القرآن (5/ 314).

([20]) رواه أبو داود في الديات، باب: لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه (4495) والدارمي في الديات، باب لا يؤخذ أحد بجناية غيره (2389). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3773)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (5/ 320).

([21]) رواه الترمذي في الديات باب ما جاء في دية الجنين (1411) وأبو داود في الديات باب: دية الجنين (4579) وابن ماجه في الديات، باب: دية الجنين (2639)، وأصله في البخاري في الطب، باب الكهانة (5760) من حديث أبي هريرة، ومسلم في القسامة والمحاربين، باب: دية الجنين (1682) وانظر الجامع لأحكام القرآن (5/ 321).

([22]) رواه النسائي في القسامة، باب: صفة شبه العمد (4825) وأبو داود في الديات، باب: دية الجنين (4568) وأصله في البخاري في الطب، باب: الكهانة (5758) ومسلم في القسامة، باب: دية الجنين (1681) عن أبي هريرة وانظر الجامع لأحكام القرآن (5/ 322).

([23]) رواه مسلم في الإيمان, باب: تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (96)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (5/ 324).

([24]) رواه البخاري في الديات، باب: قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس} (6878)، ومسلم في القسامة والمحاربين باب: ما يباح به دم المسلم (1676) وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 506).

([25]) رواه أحمد (3/ 451) وعبد الرزاق في المصنف (9/ 175)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 162) وصححه ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (1/ 507).

([26]) رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحريم الكلام في الصلاة (537)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 507).

([27]) رواه البخاري في المغازي باب: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد (4339)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 507).

([28]) رواه البخاري في الديات، باب: قول الله تعالى: {ومن أحياها...} (6868)، ومسلم في الإيمان باب: بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا)) (65)، وانظر تيسير الكريم الرحمن ص 156.

([29]) انظر: جامع البيان (9/ 30 ـ 31).

([30]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 506).

([31]) انظر: جامع البيان (9/ 31).

([32]) انظر: جامع البيان (9/ 38).

([33]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 325).

([34]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 506).

([35]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 327) وتيسير الكريم الرحمن ص 157.
كتبت : *بنت الإسلام*
-
ثالثاً: آيات الصوم من سورة المائدة:
1- الآية (89).
قال تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأيْمَـٰنَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـٰكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَـٰنِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:89].
سبب النزول:
قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ}.
1 ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُحَرّمُواْ طَيّبَـٰتِ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ} [المائدة:87] في القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم على أنفسهم، قالوا: يا رسول الله، كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله تعالى ذكره: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ}([1]).
2 ـ ورُوي أن عبد الله بن رواحة كان له أيتام وضيف، فانقلب من شغله بعد ساعة من الليل، فقال: أعشيتم ضيفي؟ فقالوا: انتظرناك، فقال: لا والله لا آكله الليلة، فقال ضيفه: وما أنا بالذي يأكل. وقال أيتامه: ونحن لا نأكل، فلما رأى ذلك أكل وأكلوا، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له: ((أطعت الرحمن وعصيت الشيطان)) فنزلت الآية([2]).
قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}
3 ـ عن سعيد بن جبير في قوله : {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}. قال: كانوا يفضلون الحر على العبد، والكبير على الصغير، فنزلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}([3]).
القراءات:
قوله تعالى: {وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأيْمَـٰنَ}
1 ـ {عَقَدْتُم الأيمان}: وهي قراءة الكوفيين([4]).
2 ـ {عاقدتم الأيمان}([5]).
قوله تعالى: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}
1 ـ {أو كُسوتهم} بضم الكاف([6]).
2 ـ {أو كإسوتهم}، وهي قراءة سعيد بن جبير ومحمد بن السميقع اليماني([7]).
قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَـٰنِكُمْ}
{فصيام ثلاثة أيام متتابعات} وهي قراءة أبيّ بن كعب وابن مسعود رضي الله عنهما([8]).
المفردات:
{ٱللَّغْوِ}: اللغو ما يجري على لسان الإنسان من غير قصد كقوله: لا والله، وبلى والله. وقيل: إن اللغو هو أن يحلف على ما يعتقده فيظهر نفيه([9]).
{عَقَّدتُّمُ ٱلاْيْمَـٰنَ}: تعمدتم وقصدتم([10]).
{أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}: أي المتوسط بين طرفي الإسراف والتقتير، مما تعتادون أهليكم منه([11]).
{كِسْوَتُهُمْ} الكسوة هي الثوب، أو كل ما وقع عليه اسم كسوة([12]).
{وَٱحْفَظُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ} أي راعوها لكي تؤدوا الكفارة عنها إذا حنثتم، أو احفظوا أنفسكم من الحنث فيها([13]).
المعنى الإجمالي:
في الآية الكريمة يخبر سبحانه وتعالى بأنه قد تجاوز على من كانت يمينه لغوًا، وهي الأيمان التي حلف بها المقسم من غير نية ولا قصد، أو عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلاف ذلك.
وأما من عقد يمينه قاصدًا تحقيق ما عزم عليه فالواجب في حقه الإنفاذ، فإن حال دونه ودون الإنفاذ بأي سبب كان كفَّر عن يمينه كفارة اليمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم من أوسط ما يطعم ويكسو به أهله، أو يحرر رقبة مؤمنة، فإن لم يجد واحدًا من هذه الثلاث؛ صام ثلاثة أيام فتلك هي الكفارة.
ثم يأمر الله سبحانه بحفظ الأيمان، وعدم تعريضها للعتب أو الحنث.
ثم يخبر تعالى بأنه كما بين لنا أحكام الأيمان وكفاراتها؛ بين لنا ووضح للعالمين أعلام دينه وشعائره وأحكامه ليشكر المؤمنون ربهم على أن هداهم ووفقهم([14]).
نصوص ذات صلة:
1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه))([15]).
2 ـ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: ((الإشراك بالله))، قال: ثم ماذا؟ قال: ((ثم عقوق الوالدين)). قال: ثم ماذا؟ قال: ((اليمين الغموس)). قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: ((الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب))([16]).
3 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت))([17]).
4 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق))([18]).
5 ـ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير))([19]).
6 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله))([20]).
7 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اليمين على نية المستحلف))([21]).
الفوائد:
1.الأيمان ثلاثة: لغو لا كفارة لها مثل قول: لا والله وبلى والله. الغموس، وهي أن يحلف متعمدًا الكذب ولا كفارة لها إلا التوبة، اليمين المنعقدة: وهي التي تعمد فيها المؤمن الحلف ويقصده ليفعل ثم يحنث. فهذه الأخيرة هي التي ذكر الله تعالى كفارتها([22]).
2.الخيرة في الكفارات الثلاث وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة فمن لم يستطع أياً من هذه انتقل إلى صيام ثلاثة أيام([23]).
3.لا يشترط التتابع في الصيام([24]).
4.الإطعام يكون مفردًا لكل مسكين([25]).
5.لا تجزئ القيمة عن الطعام والكسوة([26]).
6.اليمين لا يكون إلا بأسماء الله تعالى وصفاته([27]).
7.لا يجوز القسم بمخلوق([28]).
* * *

2- الآية (95).
قال تعالى: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ هَدْياً بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـٰكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ} [المائدة:95].
سبب النزول:
رُوي أن أبا اليسر ـ واسمه: عمرو بن مالك الأنصاري ـ كان محرمًا عام الحديبية بعمرة فقتل حمار وحش فنزلت فيه {لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}([29]).
القراءات:
أ ـ قوله: {فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ}
1 ـ {فجزاءٌ مثلُ ما قتل من النعم}: وهي قراءة عبد الله بن مسعود والأعمش([30]).
2 ـ {فجزاءُ مثلِ ما قتل من النعم} بإضافة الجزاء إلى "المثل" وخفض المثل([31]).
3 ـ {فجزاء مثلَ ما قتل من النعم}: بنصب "مثلَ" وهي قراءة عبد الرحمن([32]).
4 ـ {فجزاء مثل ما قتل من النعْم} بإسكان العين، وهي قراءة الحسن([33]).
ب ـ قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ}
{ذو عدل} وهي قراءة محمد بن جعفر([34]).
ج ـ قوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـٰكِينَ}
{كفارةُ طعامِ مساكين} بالإضافة، وهي قراءة أهل المدينة([35]).
د ـ قوله: {أَو عَدْلُ ذٰلِكَ}
{أو عِدْل} بكسر العين([36]).
المفردات:
{وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}: أي وأنتم محرمون بحج أو عمرة([37]).
{فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ}: أي فعلى قاتل الصيد جزاء الصيد المقتول مثل ما قتل من النعم([38]).
{ذَوَا عَدْلٍ}: أي رجلان معروفان بالعدالة بين المسلمين([39]).
{هَدْياً بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ}: أي يذبح في الحرم([40]).
{أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً}: أي يقوّم الصيد حيًا غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كل مدٍ يومًا([41]).
{وَبَالَ} سوء العاقبة.
المعنى الإجمالي:
ينهى الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين الحجاج والمعتمرين عن قتل الصيد والتعرض له، والنهي عن قتله يشمل النهي عن مقدمات القتل، وعن المشاركة في القتل، والدلالة عليه، والإعانة على قتله، حتى إن من تمام ذلك أنه نهى المحرم عن أكل ما قتل أو صيد لأجله. وهذا كله تعظيم لهذا النُسك العظيم، أنه يحرم على المحرم قتل وصيد ما كان حلالاً له قبل الإحرام.
ثم يخبر سبحانه بأن من قتل الصيد متعمدًا فهو مخيّر بين ثلاث:
أولاً: إخراج المثل من النعم، يحكم به عدلان من المسلمين يعرفان الحكم ووجه الشبه، يرسل به إلى الحرم يذبح هناك.
ثانيًا: يقوّم الجزاء فيشتري بقيمته طعامًا، فيطعم كل مسكين مُدّ بُرٍ أو نصف صاع من غيره.
ثالثًا: يصوم بدل كل نصف صاع يومًا. وذلك جزاءً له لمخالفته.
ثم يخبر تعالى بأنه قد عفا عما بدر من تقصير قبل ظهور الحكم وبيانه لكنه توعد من عاد في الصيد مرة أخرى بعد تبين حكمه بالانتقام والعذاب الشديد، والكفارة للمرة الثانية غير مجدية([42]) .
نصوص ذات صلة:
1.عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور))([43]).
2.عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: لو رأيت الضباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بين لابتيها حرام))([44]).
3.عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن إبراهيم حرّم مكة، وإني حرّمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها))([45]).
4.عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً))([46]).
الفوائـد:
1.حرمة قتل الصيد للمحرم بحج أو بعمرة([47]).
2.الخيار في الكفارات الثلاث([48]).
3.الدم والإطعام لا بد أن يكون بمكة، والصيام في أي مكان([49]).
4.جواز قتل الحيوان غير المأكول([50]).
5.الإحرام ينحل بالصيد إذا كان الصائد المحرم ذاكرًا عامدًا([51]).
6.الكفارة تجب على المتعمد بخلاف الناسي([52]).
7.أن من عاد في الصيد فلا كفارة عليه، وسينتقم الله تعالى منه([53]).
8.أن الصيام يكون بعدد المساكين المقدّر إطعامهم، فيصوم عن كل مدٍ يومًا([54]).
* * *


([1]) رواه الطبري في تفسيره جامع البيان (10/ 523).

([2]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 265).

([3]) رواه الطبري في تفسيره جامع البيان (10/ 541 ـ 542).

([4]) انظر جامع البيان (10/ 524).

([5]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 266)، وفتح القدير (2/ 104).

([6]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 279) وفتح القدير (2/ 105).

([7]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 279) وروح المعاني (7/ 13).

([8]) انظر جامع البيان (10/ 560).

([9]) انظر: أضواء البيان (2/ 107).

([10]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 267).

([11]) انظر: فتح القدير (2/ 104).

([12]) انظر جامع البيان (10/ 551).

([13]) انظر: روح المعاني (7/ 15).

([14]) انظر: جامع البيان (10/ 562) وتيسير الكريم الرحمن (ص 204 ـ 205).

([15]) رواه مسلم في الأيمان، باب: ندب من حلف يمنيًا فرأى غيرها خيرًا منها (1650)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 267).

([16]) رواه البخاري في استتابة المرتدين، باب: إثم من أشرك بالله (6920)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 268).

([17]) رواه البخاري في الأيمان والنذور، باب: لا تحلفوا بآبائكم (6646)، ومسلم في الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله (1646) وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 271).

([18]) رواه البخاري في الأدب، باب: من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً (6107)، ومسلم في الأيمان، باب: من حلف باللات والعزى (1647)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 271).

([19]) رواه البخاري في كفارات الأيمان، باب: الاستثناء في الأيمان (6718)، ومسلم في الأيمان، باب: ندب من حلف يمنيًا فرأى غيرها خيرًا منها (1649) وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 275).

([20]) رواه مسلم في الأيمان، باب: النهي عن الإصرار على اليمين (1655)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 281).

([21]) رواه مسلم في الأيمان، باب: يمين الحالف على نية المستحلف (1653)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 282).

([22]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 265 ـ 267).

([23]) انظر: فتح القدير (2/ 105).

([24]) انظر جامع البيان (10/ 562).

([25]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 277).

([26]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 280).

([27]) انظر: أضواء البيان (2/ 110).

([28]) انظر: أضواء البيان (2/ 110).

([29]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 302) وروح المعاني (7/ 23).

([30]) انظر جامع البيان (11/ 13) والجامع لأحكام القرآن (6/ 309).

([31]) انظر: جامع البيان (11/ 13).

([32]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 309) وفتح القدير (2/ 113).

([33]) انظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 309).

([34]) انظر: روح المعاني (7/ 26).

([35]) انظر: جامع البيان (11/ 30).

([36]) انظر: روح المعاني (7/ 28 ـ 29).

([37]) انظر: جامع البيان (11/ 7).

([38]) انظر: جامع البيان (11/ 13).

([39]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 207.

([40]) انظر: جامع البيان (11/ 42).

([41]) انظر: فتح القدير (2/ 114).

([42]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 206 ـ 207.

([43]) رواه البخاري في الحج، باب: ما يقتل المحرم من الدواب (1828)، ومسلم في الحج، باب: ما يندب للمحرم وغيره (1199) وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 305).

([44]) رواه البخاري في الحج باب: لابتي المدينة (1873) ومسلم في الحج، باب: فضل المدينة (1372) وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 306).

([45]) رواه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 306).

([46]) رواه البخاري في الفرائض، باب: إثم من تبرأ من مواليه (6755)، ومسلم في الحج، باب: فضل المدينة (1370) واللفظ له، وانظر الجامع لأحكام القرآن (6/ 307).

([47]) انظر: تفسير القرآن العظيم (2/ 93).

([48]) انظر: جامع البيان (11/ 37).

([49]) انظر: جامع البيان (11/ 40).

([50]) انظر: تفسير القرآن العظيم (2/ 93).

([51]) انظر: فتح القدير (2/ 113).

([52]) انظر: أضواء البيان (2/ 116 ـ 117).

([53]) انظر: روح المعاني (7/ 29).

([54]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (6/ 316).
كتبت : *بنت الإسلام*
-
رابعاً: آيات الصوم من سورة المجادلة:

قال تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة:4].
أسباب النزول:
1- عن خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها قالت: والله فيّ وفي أوس بن الصامت أنزل الله عز وجل صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه وضجر قالت: فدخل عليّ يوماً فراجعته بشيء فغضب فقال: أنتِ عليّ كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعةً ثم دخل عليّ يوماً فراجعته بشيءٍ فغضب فقال: أنتِ عليّ كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعةً ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني وامتنعت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني، قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها، ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه فجعلت أشكو إليه صلى الله عليه وسلم ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا خويلة، ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه، قالت: فوالله ما برحت حتى نزل فيّ القرآن فتغشّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشّاه ثم سُرّي عنه، فقال لي: يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك ثم قرأ عليّ: {قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَ...} إلى قوله: {وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة:1-4]([1]).
2- وقيل: نزلت في سلمة بن صخر الأنصاري، فعنه أنه قال: كنت رجلاً قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان تظاهرت من امرأتي، حتى ينسلخ رمضان فرقاً من أن أصيب منها في ليلي فأتتابع في ذلك، إلى أن يدركني النهار، وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما هي تخدمني ذات ليلة، إذ تكشّف لي منها شيء، فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري، فقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري، فقالوا: لا والله لا نفعل، نتخوف أن ينزل فينا قرآن، أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك. قال: فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري، فقال: ((أنت بذاك؟)) قلت: أنا بذاك، قال: ((أنت بذاك؟)) قلت: أنا بذاك، قال: ((أنت بذاك؟)) قلت: أنا بذاك، وها آنذا فامض فيّ حكم الله، فإني صابر لذلك. قال: ((أعتق رقبة))، قال: فضربَ صفحة عنقي بيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها، قال: ((فصم شهرين)) قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام، قال: ((فأطعم ستين مسكيناً)) قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ما لنا عشاء، قال: ((اذهب إلى صاحب صدقة بني زُريق فقل له فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقاً ستين مسكيناً، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك)). قال: فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إليّ، فدفعوها إليّ([2]).
المفردات:
{فَمَن لَّمْ يَجِدْ}: أي فمن لم يجد منكم من ظاهر من امرأته رقبة يحرّرها: فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا([3]).
{مُتَتَابِعَيْنِ}: الشهران المتتابعان هما اللذان لا فصل بينهما بإفطار في نهار شيء منهما إلا من عذر([4]).
{مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا}: المراد بالتماس هنا: الجماع، وقيل: المراد الاستمتاع بالجماع أو اللمس أو النظر إلى الفرج بشهوة([5]).
{حُدُودُ ٱللَّهِ}: أي محارمه، فلا تنتهكوها([6]).
المعنى الإجمالي:
أخبر سبحانه وتعالى قبل هذه الآية الكريمة بأن على الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا، أي: يعزمون على وطئهن بعد الظهار منهن، فالواجب عليهم قبل الوطء تحرير رقبة ذكراً كانت أو أنثى صغيرة أو كبيرة، لكن مؤمنة لا كافرة، ثم يتدرج سبحانه في الحكم في هذه الآية بأن من لم يجد رقبة لانعدامها، أو غلاء ثمنها فيجزئه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع لعلّةٍ قامت به فالواجب إطعام ستين مسكيناً يُعطي كل مسكين مداً من بُرٍ أو نصف صاعٍ من غير البُرّ كالشعير والتمر ونحوهما، كلّ ذلك من قبل أن يتماسا.
ثم يبيّن الله سبحانه أن ما تقدّم من أحكام الظهار إنما شرعها للمؤمنين ليؤمنوا بالله ورسوله، إذ إن طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم واجبةٌ ومتحتّمة، ومعصيتهما من الكفران، ثم يبيّن أيضاً أن هذه الأحكام ما هي إلا حدود لا يجوز للمسلم تجاوزها وتخطيها، وإلا نال من عذاب الله تعالى الشيء العظيم الموجع([7]).
الفوائـد:
1.بيان حكم الظهار وأنه محرّم، ومعصية لله تعالى([8]).
2.من ظاهر من امرأته فعليه عتق رقبة، فإن لم يستطع فعليه صيام شهرين متتابعين لا يقطعهما بفطر، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مدّ من بُرّ أو مُدين من غير البُر كالشعير والتمر([9])، وقيل: ما يُشبع من غير تحديد([10]).
3.الكفّارة هنا مرتّبة، فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام([11]).
4.يجب إخراج الكفارة إذا كانت عتقاً أو صياماً قبل المسيس، كما قيده الله، بخلاف كفارة الإطعام، فإنه يجوز المسيس والوطء في أثنائها([12]).
* * *
([1]) رواه أحمد في المسند (6/410)، وحسنه الأرناؤوط في جامع الأصول (7/652)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (17/277).

([2]) رواه الترمذي في تفسير القرآن، باب: ومن سورة المجادلة (3299)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2628) وانظر تفسير القرآن العظيم (4/4998).

([3]) انظر جامع البيان (23/232) وروح المعاني (28-82).

([4]) انظر جامع البيان (23/232).

([5]) انظر فتح القدير (5/259).

([6]) انظر تفسير القرآن العظيم (4/502).

([7]) انظر فتح القدير (5/259) وأيسر التفاسير (5/285).

([8]) انظر فتح القدير (5/259).

([9]) انظر الجامع لأحكام القرآن (17/287) وأيسر التفاسير (5/285).

([10]) انظر روح المعاني (28/16).

([11]) انظر الجامع لأحكام القرآن (17/285).

([12]) انظر تيسير الكريم الرحمن (ص784).
كتبت : *بنت الإسلام*
-
خامساً: آية الصوم من سورة الأحزاب:
قال تعالى: {إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْقَـٰنِتِينَ وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرٰتِ وَٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ وَٱلْمُتَصَدّقِينَ وَٱلْمُتَصَدّقَـٰتِ وٱلصَّـٰئِمِينَ وٱلصَّـٰئِمَـٰتِ وَٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَـٰفِـظَـٰتِ وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:35].
أسباب النزول:
1- عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، ما لنا لا نُذكر في القرآن كما يُذكر الرجال؟! قالت: فلم يرعني منه يوماً إلا ونداؤه على المنبر: ((يا أيها الناس))، قالت: وأنا أسرح رأسي فلففت شعري ثم دنوت من الباب فجعلت سمعي عند الجريد فسمعته يقول: ((إن الله عز وجل يقول: {إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ...})) هذه الآية([1]).
وفي رواية قالت: يا رسول الله، يذكر الرجال ولا يذكر النساء! فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ}([2]).
2- عن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت هذه الآية: {إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ}([3]).
المفردات:
{َٱلْقَـٰنِتِينَ}: القانت هو العابد المطيع([4]).
{َٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ}: الخائفين والخائفات([5]).
{َٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ}: أي الحافظين فروجهم عن المحارم والمآثم إلا عن المباح([6]).
{َٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ}: أي بالألسنة والقلوب([7]).
المعنى الإجمالي:
نزلت هذه الآية الكريمة لما تساءلت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلن له: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟! فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
تسامت همّة أولئك النسوة باللحاق بالرجال في الأجر والمثوبة، فأنزل الله هذه الآية تطييباً لنفوسهن التوّاقة للمنازل الرفيعة، فيقول: إن المسلمين والمسلمات الذين انقادوا لله ظاهراً وباطناً، والمؤمنين المصدقين بالله رباً وإلهاً، وبالنبي محمد نبياً ورسولاً، وبالإسلام ديناً وشرعاً والمصدقات، والقانتين المطيعين لربهم والقانتات، والصادقين في أقوالهم وأعمالهم والصادقات، والصابرين الحابسين نفوسهم على الطاعات وعن المحرمات وعلى البلاء والصابرات، والخاشعين المتذللين الخائفين من ربهم والخاشعات، والمتصدقين المؤدّين للزكاة والصدقة والمتصدقات، والصائمين الفرائض والنوافل والصائمات، والحافظين فروجهم عن الفواحش والمحرمات والحافظات، والذاكرين الله تعالى في خلوتهم وجولتهم في الليل والنهار والذاكرات. أولئك جميعاً أعدّ الله تعالى لهم مغفرة عظيمةً للذنوب، وأجراً جزيلاً على أعمالهم وطاعاتهم، وأعظم الجزاء الفوز بجنات الخلد عند مليكٍ مقتدر([8]).
نصوص ذات صلة:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصوم))([9]).
2- عن معاذ بن أنس الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله فقال: أي الجهاد أعظم أجراً؟ قال: ((أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً))، قال: فأي الصائمين أعظم أجراً؟ قال: ((أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً))، ثم ذكر لنا الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً))، فقال أبو بكر رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه: يا أبا حفص، ذهب الذاكرون بكل خيرٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أجل))([10]).
الفوائـد:
1- الصائمون والصائمات في الآية قيل: في الفرض فقط، وقيل: في الفرض والنفل([11]).
2- الصوم أكبر عونٍ للإنسان على كسر الشهوة كما قال صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))([12]).
3- قال مجاهد: "لا يكون ذاكراً لله تعالى كثيراً حتى يذكره قائماً وجالساً ومضطجعاً"([13]).


([1]) رواه أحمد في المسند (6/301) وانظر جامع ا لبيان (20/270).

([2]) رواه الحاكم في المستدرك (2/451)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وانظر تفسير القرآن العظيم (3/468).

([3]) رواه الترمذي في تفسير القرآن، باب: ومن سورة الأحزاب (3211)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2565)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (14/185)، وفتح القدير (4/403).

([4]) انظر الجامع لأحكام القرآن (14/185).

([5]) انظر جامع البيان (20/269).

([6]) انظر تفسير القرآن العظيم (3/469).

([7]) انظر روح المعاني (22/21).

([8]) انظر تيسير الكريم الرحمن (ص612)، وأيسر التفاسير (4/269-270).

([9]) رواه ابن ماجه في الصيام، باب: في الصوم زكاة الجسد (1745)، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (633)، والألباني في ضعيف ابن ماجه (341)، وانظر تفسير القرآن العظيم (3/469).

([10]) رواه أحمد في المسند (3/438)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/74): "رواه أحمد والطبراني وفيه زبان بن فائد، وهو ضعيف، وقد وثق، وكذلك ابن لهيعة، وبقية رجال أحمد ثقات".

([11]) انظر الجامع لأحكام القرآن (14/185).

([12]) رواه البخاري في الصوم، باب: الصوم لمن خاف على نفسه العزبة (1905)، ومسلم في النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت لنفسه (1400)، وانظر تفسير القرآن العظيم (3/469).

([13]) انظر الجامع لأحكام القرآن (14/186).
الصفحات 1 2 

التالي

اح ـــتفالية ~ مساابقتنا الرمضاانية ||~ وعاد رمضان بعد شوووق .. { فــ الهمّة يا طالبي الجنّة

السابق

{ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون }

كلمات ذات علاقة
لتفسير , الألف , الصوم , العلمي , ايات