منذ بلوغها سن الشباب وهي تحلم بي...تسرح بخيالها بعيدا...ترسنمي باجمل الالوان ....وبعد زواجها من ابي تنتظر اليوم الذي تحمل بي ...يزف اليها الطبيب الخبر فتهرول فرحة الى ابي وتخبره البشرى ......قائلة له ....انا حامل . تمر الساعات والايام وهي تعاني آلام الحمل ...تارة آلام نفسية وتارة عضوية....تعد الشهور ...بل الساعات لأرى النور... لأخرج للحياة ...تخطط لمستقبلي ...تخطط له باجمل الصور ....وانا مازلت في قرارها المكين ....تحادثني ...تداعبني...اسمعها ...نعم اسمعها ...ارشف حنانها مع ذاك الحبل الذي يغذيني....امي ما زالت تنتظر قدومي الى العالم.
اتيت على استحياء بعد تسعة اشهر وبضعة ايام ...وبعد مخاض عسير تحملته امي عن طيب خاطر .ودوت صرختي في غرفة الولادة معلنة قدوم طفلها الحبيب .... انام الليالي وعيونها تراقبني ....ويديها تمسح على جبيني ...تضعها تحت رأسي لتكون لي انعم وسادة ....تغطيني ....تضمني الى صدرها ....تروي لي القصص والحكايا ....فانام على انغام دقات قلبها ...
ويأتـي الموت على فجأة فيخطف من بيننا ابي .... وتكبر المعاناة ... وتصعب الحياة . امي ما زالت في ريعان شبابها...تأبى الزواج لأجلي ...تضحي بشبابها وجمالها وكل حياتها من اجلي انا طفلها الحبيب....هذه هي امي .
كبرت وكبر معي حنانها وخوفها علي حتى من نفسها .....وكبرت امي وخط الزمن على وجهها مشوار حياتنا ، بكل معانيه السعيدة والتعيسة ...وتخرجت من الجامعة ويسر الله لي وظيفة ممتازة وجاء وقت الزواج ... امي اختارت لي اجمل البنات لتكون شريكة حياتي... وبعد متاهات وممرات الحياة التي كابدتها امي .....من اجلي انا لا احد غيري ....وهنا لا بد للزمن ان يضع بصمته عليها ....فينحني الظهر ...وترتجف الاطراف ....ويتحشرج الصوت....ويضعف السمع والبصر ...وتداهمها الامراض ....السكري والضغط وغيرها .
زوجتي ترفض ان تقوم على خدمة امي ....وانا طفلها الحبيب ضقت من وجودها في بيتي ...بعد ان كان بطنها لي وعاء ...وثديها لي سقاء ...وحجرها لي حواء ...ودمها لي غذاء .....وحنانها لي غطاء .... تثاقلت من امي في بيتي !!
طلبت من زوجتي ان تلملم اغراض وملابس امي وتضعها في حقيبة، ثم اخبرت امي باني سأخذها في نزهة ....فرحت كثيرا وطلبت مني اصطحاب زوجتي معنا ....لكني قلت لها اريد ان اخرج معك انت فقط .....خرجنا من البيت وكأن قلبها اخبرها بالحدث .....عيونها تنظر الى اركان البيت مودعة ...ودقات قلبها مسرعة .....لكنها لا تريد ان تصدق هذا القلب الحنون لعله يكذب عليها ....مع انه قلب صادق كبير . ركبنا السيارة ووصلنا الى دار المسنين ، وضعت الحقيبة وامي هناك على الباب وهربت..... نعم هربت دون ان اتحدث مع الادارة ....خوفا من ان تعود معي امي .....
وبعد كل هذا العقوق ...اتعرفون ماذا قالت لي امي ؟؟؟؟ سمعتها وانا مدبرتتمتم بدعاء جميل (( الله يوفقك يا بني وييسر لك طريقك ويبعد عن اولاد الحرام )) ومنذ ذلك اليوم وامي تنتظر زيارتي لها .... ولكن هيهات ...هيهات ....القلب كالحجارة ....بل اشد قسوة ....
هذه هي الام تدعو لولدها لا عليه وهو في اعظم حالات العقوق ، ابعد هذه التضحية والمعاناة نضع والدينا في دار المسنين؟؟ ، هل ضاق عليهم البيت بعد ان كانوا يعيلوننا في بيت صغير ؟؟ نعم صغير ولكنه بالحب والحنان كبير !!! كثرت في الأونة الاخيرة مشاكل عقوق الوالدين فاصبح الابن يضيق بوالديه ذرعا فيسرع بهم الى دار المسنين وهو الحل الوحيد بالنسبة له وليس لهم ، حتى اكتضت دور المسنين بكبار السن ....انها مشكة كبيرة تؤرق المجتمع. اين نحن من قوله تعالى (( وقضى ربك الا تعبدوا الا ايه وبالوالدين احسانا* اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمه وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)) وقوله جل جلاله (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)) اقرأوا هذا الحديث الشريف وماذا قال المصطفى لهذا الرجل البار بأمه :: ((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أمي بلغها الكبر وهي عندي الآن أحملها على ظهري وأطعمها من كسبي وأميط عنها الأذى بيدي , وأصرف عنها مع ذلك وجهي استحياءً منها وإعظاماً لها. هل أكون بذلك كافأتها؟ قال النبي: لا, فإن بطنها كان لك وعاءً وثديها كان لك سقاءً وقدمها كانت لك حذاءً ويدها كانت لك وقاءً وحِجرها لك حِواءً, كانت تصنع لك ذلك وهي تتمنى حياتك, وأنت تصنع بها ذلك وأنت تتمنى موتها.)) وهنا ايضا يقول الشافعي :: ((وَاخْـضَـعْ لأُمِّــكَ وأرضها....فَعُقُـوقُـهَـا إِحْـدَى الكِبَــرْ)) والشاعر ابو العلاء المعري قال في الاحسان الى الوالدين :: ((العَيْـشُ مَاضٍ فَأَكْـرِمْ وَالِدَيْـكَ بِـهِ والأُمُّ أَوْلَـى بِـإِكْـرَامٍ وَإِحْـسَـانِ وَحَسْبُهَا الحَمْـلُ وَالإِرْضَـاعُ تُدْمِنُـهُ أَمْـرَانِ بِالفَضْـلِ نَـالاَ كُلَّ إِنْسَـانِ )) اخي المسلم ...اختي المسلمة ...... وجود الوالدين في البيت بركة وكنز ثمين ...فلا تضيعوا او تهملوا هذا الكنز وحافظوا عليه بكل ما اوتيتم من قوة وايمان ....وكما تدين تدان ..... ((اسأل الله ان نكون من الابناء البارين ونعوذ بالله العظيم من عقوق الوالدين ))
تحياتي لكم
[gdwl]موضوع حصري من تأليفي ومجهودي ومشارك في المسابقة[/gdwl]
[/gdwl][/read][/read]
كتبت :
مامت توتا
-
الله ياروعه موضوعك من صميم الحياه
فتعلم جيدا هذه الزوجه ان لها اولاد
ممكن يتعمل فيها زى ما عملت فى والده جوزها
وهو كاس وداير زى ما هى عملت يعمل فيها
سبحانه الله على كرم واخلاق الامهات
يكتب لها الجنه باذن الله