تفريغ خطبة السحر والشعوذة - الداء والدواء للشيخ عبد الرحمن السديس
مجتمع رجيم / المحاضرات المفرغة
فكم في كثير من المجتمعات من محترفي هذا العفن ممن يعملون ليل نهار لإفساد عقائد الأمة، مقابل مبلغ زهيد يتقاضونه من ضعاف النفوس، وعديمي الضمائر الذين أكل الحسد قلوبهم، فيتفرجون على إخوانهم المسلمين، ويتشفون برؤيتهم وهم يعانون آثار السحر الوخيمة، فلا براحة يهنئون، ولا باستقرار يسعدون، حتى حقق هؤلاء المشعوذون رواجاً كثيراً، وانتشاراً كبيراًطرق السحرة في إغواء الناس
فتارة يأتون من باب العلاج الشعبي والتداوي، وأخرى من باب التأليف والمحبة بين الزوجين، وهو ما يسمى بالتولة، وهي أشياء يزعمون أنها تحبب الزوجين لبعضهما، وتارة من باب الانتقام بين الخصمين، ومنها الصرف والعطف، فاستشرى فسادهم؛ حتى علا كثيراً من المتعلمين والمتعبدين، فكم من جنايات حصلت بسبب هؤلاء التعساء، وعداوات زرعت بسبب هؤلاء الأشقياء -عليهم من الله ما يستحقون- متظاهرين للناس بشيء من الخوارق، موهمين السذج بشيء من القُدرة والعلائق، وخسئ أعداء الله، وإن طاروا في الهواء، ومشوا على الماء، وزعموا تحضير الأرواح والتنويم المغناطيسي، ولبسوا على العيون بما يسمونه بطريقة الكف والفنجان وغيرها من الأعمال البهلوانية، فهذا دعي مأفون، يزعم أنه يجر المركبات الثقيلة بأسنانه، وآخر يستلقي فتمر المركبة على بطنه، وآخر يبدل العشرات مئين والآلاف ملايين، فتضيع عقول كثير من الناس ممن يصابون بالهوس المادي.
حكم الإسلام في السحرة والمشعوذين
align="right"> وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً } أخرجه مسلم في صحيحه
وأخرج الحاكم و أهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم }، وقد عد المصطفى صلى الله عليه وسلم السحر من السبع الموبقات -أي: المهلكات- كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومن ذلكم -يا عباد الله- التعلق بالنجوم والمطالع، والأبراج والكواكب، فمن ولد في برج كذا، فهو السعيد في حياته، وسيحصل على ما يريد من مال أو جاه أو حظوظ، ومن ولد في برج كذا فهو التعيس المنحوس، وسيحصل له كذا وكذا من الشرور والبلايا، في سردٍ للفضائح وإعلان بالقبائح، لا يقره شرع ولا عقل ولا منطق، وإنك لواجد في بعض الأسواق والمدارس وعند الخدم من ذلك شيئاً عجيباً.
ومن هنا يأتي الواجب العظيم في تكثيف الحصانة العقدية الإيمانية ضد هذه الأعمال الشيطانية، كما أن الواجب القضاء على هذه الفئات الضالة، لما تمثله من خطر على الأمة وإخلال بأمن المجتمع، وإفساد لعقائد الناس، واستهانة بعقولهم، وابتزاز لأموالهم.
روى الترمذي عن جندب مرفوعاً وموقوفاً: {حد الساحر ضربة بالسيف }، وفي حديث بجالة التميمي ، قال: {كتب عمر رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر } أخرجه أحمد و البخاري معلقاً و أبو داود و البيهقي .
وصح عن حفصة رضي الله عنها:{أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت } رواه مالك في الموطأ .
وثبت قتل الساحر عن عدد من الصحابة والتابعين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أكثر العلماء على أنه يقتل الساحر، وهو قول أبي حنيفة و مالك و أحمد رحمهم الله، قال ابن قدامة رحمه الله: وهذا اشتهر فلم ينكر فكان إجماعاً.