سلسة خواطر وتأملات في تنشأة الأولاد والبنات

مجتمع رجيم / براعم الإسلام
كتبت : *بنت الإسلام*
-
***[يا رب أشوفك أحسن واحد في الدنيا]***

دعاء مشهور .. سمعناه كثيرا من أبائنا وأمهاتنا .. غالبا ما يترجم في ذهن السامع إلى :
يارب أشوفك دكتور أو مهندس
أو نحو ذلك من أنواع الوظائف التي يكتسب بها الشاب وجاهة اجتماعية أو عائدا ماديا

وهذا دعاء جميل ... لكنه بحاجة إلى تعديل
لأن معيار الخيرية لا يكون بأمور الدنيا بحال من الأحوال ... سواء في ذلك الوجاهات أو الدراسات أو الأموال

فأحب الخلق إلى الله منهم الفقراء كالنبي عليه الصلاة والسلام .. ومنهم الأغنياء كسليمان عليه السلام
وأبغض الخلق إلى الله منهم الفقراء كفقراء الكافرين .. ومنهم الأغنياء كقارون وغيره من الملاعين

ولذا قال الله تعالى في سورة الفجر :
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)كَلَّا

[[كلا]] هذه إبطال لما قبلها من ربط الإنسان الجاحد بين رزقه ورضا الله عليه سلبا وإيجابا

وهذا المعنى كثيرا ما يترسخ في عقول الأطفال من غير قصد من أبائهم ولا ذويهم
فيتشربون هذا المعنى الخطير .. ويربطون بين رزقهم الدنيوي وكرامتهم عند العليم الخبير

وهذا خطأ فادح في تربية الأولاد
لأن هذا يعلق جسد الطفل وعقله بالحياة الدنيا.. ويحرمه من تعلق روحه وتلذذها بالحياة العليا

وعليه فالأولى أن نرتقي بمعنى هذه الجملة المشهورة
[يارب أشوفك أحسن واحد في الدنيا]
إلى ما سبق معنا في قوله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

ألا تريد أيها الأب الفاضل أن تجعل ولدك من خير البرية
ألا تتطلعي أيتها الأم الفاضلة إلى علو منزلة ولدك عند رب البرية

من لم يتطلع للارتقاء بأولاده لهذه المنزلة الروحية العظيمة فهو للأسف الشديد
ضعيف الديانة .. وناقص العقل والأمانة

وما أكثر هؤلاء الآباء في زماننا
يخرجون أطفالا بلا أرواح .. أجساد تأكل وتشرب وتلعب بكل مباح
يهتمون بمظهرية جوفاء .. لا روح فيها ولا صفاء
وهذا عين التفريط والجفاء

ولا يخفى على عاقل أن الارتقاء بروح الطفل لهذه المعاني العالية مؤثر في دينه ودنياه

فأما تأثير ذلك في دينه
فلا يخفى عليكم ما تلبس به كثير من المنتسبين إلى التدين من الإفراط أو التفريط في دين الله
وهذا ناجم عن عدم فهم الشريعة أولا .. وعدم ارتقاء أرواحهم لمعانيها ثانيا

وأما تأثيره على دنياه
فهنا صورتان .. بهما يعلم الفرق الشاسع والبون الواسع
بين الشاب الذي تعلق في صغره بالحياة العليا والشاب الذي تعلق في صغره بالحياة الدنيا

شاب يذاكر ويجتهد ويعمل وينجح ويعامل أهله وزوجه
ابتغاء مرضاة الله رب العالمين
وآخر يفعل هذا جميعا
ابتغاء الوجاهة الاجتماعية أو التقدم على غيره من الناس !

قال ربي سبحانه :
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ
وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ

يشري هنا من الأضداد .. فالمراد بها ضدها
والمعنى : ومن الناس من يبيع نفسه لله .. ببذلها في طاعة الله .. ابتغاء مرضاة الله

ياله من بيع عظيم .. قال فيه ربنا الكريم :

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ
وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ
وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

تجارة مع الرب الغفور .. لا تقل ولا تضيع ولا تبور

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *
وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين
كتبت : *بنت الإسلام*
-
***مراعاة نفسية الطفل وتقلبها في كل وقت وحين***

هذا هو الغرض الخامس من أغراض التعليق

كثير من الآباء يظن أن الأطفال أجسام بلا أوراح ... أجساد بلا مشاعر
...
لا يبالون بنفسيتهم .. ولا يراعون تقلبات مشاعرهم
فكم من طفل يشتاق لأحضان أبيه ... وأبوه لا ينتبه إليه
وكم من طفلة تحلم بقرب أمها ... وأمها لا تلتفت إليها
تمر على بعض الآباء والأمهات الليالي والأيام لا يتوددون لأبنائهم
ولا يلعبون معهم ويشبعون رغباتهم
وربما لا يقبلونهم إلا في المناسبات .. وإذا قبلوهم كانت بمشاعر أبرد من الثلاجات
قلوبهم باردة كثلج القطبين .. لا يؤثر فيها وهج العواطف ولا دفء الحنين
نزع الله من قلوبهم الرحمة .. كما قاله نبي الرحمة

ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تقبلون الصبيان! فما نقبلهم !
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أوأملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة !!

يعاني كثير من الأطفال من الفراغ العاطفي الرهيب
لعدم التفات الآباء لمشاعرهم ومراعاتها بجميل الفعال وطيب التعقيب

هذا الفراغ الذي يدفع الأولاد بعد بلوغهم للهروب من أفكار الآباء وإهمالهم
بحثا عن أناس يملؤون فراغهم .. ويراعون مشاعرهم وقلوبهم
فيقدم صديقه على أمه وأبيه .. ويصرح له بكل ما يعتريه
فيتشرب أفكارا مضطربة .. ويتشبع بآراء مشوهة

لابد أن يشعر الطفل بإهتمام والديه .. واحتوائهم لمشاعره وكل ما لديه
يشعر بذلك في إهتمامهم بأفعاله .. وسؤالهم عن ألعابه وأفكاره

مجرد التعليق على مهارات الطفل وهو يلعب يكسبه مهارات جديدة
والأخطر من ذلك أن مفاهيم هذا الطفل للمعاني الإنسانية الأساسية
[كالفرح والحزن والحب والغضب وغيرها]
تتشكل وتتبلور من خلال مفاهيم والديه لهذه المعاني وتعليقهم عليها

تخيلوا معي رعاكم الله
طفل رأى أمه تبكي بكاء شديدا .. فسألها عن سبب بكائها
فقالت :فاتتني صلاة العصر .. ولم أنتبه لوقتها !!

وآخر رأى أمه تبكي بكاء شديدا .. فسألها عن سبب بكائها
فقالت : رأيت مشهدا مؤثرا في هذا المسلسل التليفزيوني !!

وطفل رأى أباه يبكي عند سماعه للقرءان
وآخر رأى أباه يبكي عند سماعه للأغاني والألحان

لو أن هذه المشاهد تكررت أمام الطفلين
هل تظنون أن مفهوم [البكاء] عندهما سيستوي
الجواب : قطعا لا
فالطفل الأول سيرتبط عنده البكاء بمعالي الأمور الدينية والدنيوية
أما الطفل الثاني فسيرتبط عنده البكاء بسفساف الأمور وصغارها

وقد روى الحاكم في المستدرك من حديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
[إن الله يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها]

ومن وسائل مراعاة نفسية الطفل في باب التعليق والتعقيب على تصرفاته
[[تغليق التعليق .. وإخراج الطفل من سجن التدقيق]]

وسأجعل الكلام على هذه القاعدة المهمة في المرة القادمة إن شاء الله
والله الموفق
كتبت : *بنت الإسلام*
-
**تغليق التعليق .. وإخراج الطفل من سجن التدقيق**

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ...

التسلط
...
لفظ يوحي بالقهر والاستبداد
يستعمله الناس غالبا في سياق الذل والاستعباد
ولا يستعمله الآباء غالبا إلا في سياق حديثهم عن عدم طاعة الأبناء

آباء يريدون أن يستبدوا بآرائهم .. لا أقول على الأولاد البالغين .. بل على الأطفال المساكين
يمارسون عليهم أشكالا وصنوفا من الضغط والتثريب .. ويلقون بهم في سجن التدقيق والتصحيح والتأنيب

وهذا –في وجهة نظري القاصرة- له سببان :

الأول : يتعلق باضطراب في الشخصية .. وهذا يتواجد غالبا في الآباء
والثاني : يتعلق بسوء الفهم لطبائع الأطفال الغريزية .. وهذا يتواجد غالبا في الأمهات

** السبب الأول : اضطراب الشخصية **

قبل أن أتكلم عن هذا السبب لابد من تنبيه مهم
الشخصية التي سأتعرض لها فيما يأتي إن شاء الله
عبارة عن شخصية مركبة من مجموعة صفات
وعليه فالكلام عنها لا يتعلق بمفرداتها أو الاستثناءات فيها .. بل بمجموع سماتها ومجمل علاماتها


تأملوا معي رعاكم الله في هذه السمات الشخصية

* الدقة الشديدة
* النظر العميق في كل التفاصيل
* الإغراق في التنظيم والترتيب والجدولة
* التفاني في العمل والإنتاجية لدرجة التخلي عن الأصدقاء وأوقات الراحة
* العملية الشديدة وعدم إدخال العواطف في السياقات الجادة
* الضمير الحي اليقظ والتشدد فيما يتعلق بالمثل والقيم والأخلاق

ما رأيكم في هذا التركيب ؟
قبل الجواب
فلنلق نظرة على هذا التركيب من جانب آخر

* التأنيب الشديد على المخالفة اليسيرة
* التقصير في انجاز الأهداف الرئيسية
* إطالة مدة الأعمال التي من الممكن انجازها في وقت أقصر
* تقديم العمل على المسؤوليات المعنوية الأسرية والاجتماعية
* فقر المشاعر وضعف القدرة على التعبير عنها إن وجدت
* عدم المرونة في المعاملات الإنسانية لدرجة التعنت والإصرار على اتباع الآخرين لطريقته في تنفيذ الأعمال

ما رأيكم الآن ؟

يظن كثير من الناس أن تركيب الشخصية بصورته الأولى تركيب مثالي
ولا يرون أي علاقة بين هذا التركيب والتركيب الذي يليه
ولكن العلاقة بينهما عند علماء النفس وثيقة
وتظهر هذه العلاقة بجلاء بوضع تركيب ثالث مكون من التركيبين الفائتين


تأملوا رعاكم الله في التركيب الآتي .. وحاولوا ربط كل سمة بما يقابلها

الدقة الشديدة == التأنيب الشديد على المخالفة اليسيرة
النظر العميق في كل التفاصيل == التقصير في انجاز الأهداف الرئيسية
الإغراق في التنظيم والترتيب والجدولة == إطالة مدة الأعمال التي من الممكن انجازها في وقت أقصر
التفاني في العمل والإنتاجية لدرجة التخلي عن الأصدقاء وأوقات الراحة == تقديم العمل على المسؤوليات المعنوية الأسرية والاجتماعية
العملية الشديدة وعدم إدخال العواطف في السياقات الجادة == فقر المشاعر وضعف القدرة على التعبير عنها إن وجدت
الضمير الحي اليقظ والتشدد فيما يتعلق بالمثل والقيم والأخلاق == عدم المرونة في المعاملات الإنسانية لدرجة التعنت
والإصرار على اتباع الآخرين لطريقته في تنفيذ الأعمال

ما رأيكم الآن ؟

نستطيع أن نخلص من هذه التراكيب بالآتي :

هذه الشخصية لها ظاهر وباطن
ظاهر إيجابي .. وباطن سلبي
والمحصلة النهائية من الظاهر والباطن = شخصية مضطربة عند علماء النفس قاطبة
اضطراب الشخصية الوسواسية .. التي تسعي للكمال بتعنت بلا مرونة ولا توسط ولا حيادية

تخيلوا
ما الذي ينتج عن هذا التركيب المخيف .. عند التعامل مع الطفل الصغير الضعيف
الجواب :
أب متسلط


أب يعلق على كل حركة .. ويدقق في كل كلمة
أب يتعامل مع أطفاله بالقواعد الحسابية ..ويستعبدهم تحت مسمى القواعد واللوائح الهوائية
أب يقيم شخصية طفله بمدى انضباطه ودقته .. من غير نظر إلى قلبه وعواطفه وإتزانه وطفولته
أب متسلط
لا يربط بينه وبين طفله إلا الأوامر والنواهي .. ولا يحب أن يراه على هيئة لاعب أو لاهي
فيخرج بتربيته إنسانا آليا بهدف محدد .. ينفذ ما تلقاه من الأوامر بلا تأخر ولا تردد
وكثيرا ما تنقلب هذه الآلة المبرمجة .. على قواعد الأب ولوائحه وأفكاره المومنتجة
فيتسلط على تسلط أبيه .. ويسعى في البحث عن من يفهمه ويحتويه
كتبت : *بنت الإسلام*
-
** السبب الثاني : سوء الفهم لطبائع الأطفال الغريزية **

علمنا فيما سبق أن تسلط الأب ناتج عن اضطراب شخصيته
وهنا سنتعرف على مصدر تسلط الأم على أولادها

...
تأملوا أرشدكم الله في هذه السلسلة [المشمشية] من أم لطفلها !

مش قولتلك .. متوسخش هدومك !
مش قولتلك .. متمشيش حافي !
مش قولتلك .. متاكلش بإيدك !
مش قولتلك .. متلعبش هنا !
مش قولتلك .. قوم نام !

وإليكم الردود [الضيائية] على السلسلة [المشمشية]

مش قولتلك متوسخش هدومك ! == طيب وفيها ايه لما يوسخ هدومه ! .. وتلبسيه هدوم غيرها !
مش قولتلك متمشيش حافي ! == طيب وفيها ايه لما يمشي حافي ! .. وإنتي كمان تمشي حافيه !
مش قولتلك متاكلش بإيدك ! == طيب وفيها ايه لما ياكل بإيده ! .. وتأكليه إنتي بالمعلقه !
مش قولتلك متلعبش هنا ! == طيب وفيها ايه لما يلعب هنا .. وتقومي تلعبي معاه !
مش قولتلك .. قوم نام ! == طيب وفيها ايه لما يفضل صاحي .. وتفضلي معاه لغايت ما يتعب وينام !

نفسي أفهم حاجه يا معاشر الأمهات

ايه المانع تقولي لطفلك حبيبك : تيجي نرسم على ورقة مع بعض ونعلقها على الحيطة
بدل ما تقوليله : بطل رسم على الحيطة بدل ما ألزق راسك فيها !!

ايه المانع تقوليله : تحب أساعدك في ترتيب لعبك عشان أنت دايما منظم
بدل ما تقوليله : قوم رتب لعبك اللي زي الخرابة دي !!

ايه المانع تقوليله : لو خلصت مذاكرة بدري هلعب معاك
بدل ما تقوليله : قوم خلص مذاكرة وبطل لعب أحسنلك !!

ايه المانع تقوليله : وطي صوتك يا حبيبي عشان إنت بطبعك هادي
بدل ما تقوليله : اخرس بئه يا زفت .. صدعتني ووجعتلي دماغي !!

ايه المانع تقوليله : قوم صلي عشان نكون مع بعض في الجنة
بدل ما تقوليله : قوم صلي عشان متدخلش النار !!

ايه المانع تقولي : خليك جنبي وأنا بصلي عشان أنت بتحب الصلاة
بدل ما تقولي : أنت بتطهقني في عيشتي وأنا بصلي .. ولو جيت جنبي هقطعك !!

هتقولي : أصله بيطلعني من خشوعي في الصلاة ومش بعرف أركز منه ..صح؟
هقولك : طيب .. هل إنت أحرص على الخشوع في الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم ؟
طبعا هتقولي : لا
هقولك : طيب تأملي في الموقف ده كده

أخرج النسائي في سننه بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن شداد بن أوس عن أبيه قال :
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم في إحدى صلاتي العشاء
وهو حامل حسنا أو حسينا
فتقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضعه ثم كبر للصلاة
فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها
قال أبي : فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو ساجد
فرجعت إلى سجودي !!
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصلاة قال الناس :
يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك
قال صلى الله عليه و سلم:
كل ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله ، حتى يقضي حاجته.

تأملوا في هذه الكلمات
ولكن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله ، حتى يقضي حاجته

ارتحلني ؟!! ... كلمة كبيرة أوي !!
فكرهت أن أعجله ؟!! ... هو ده السبب بس ؟!! ... عشان ميستعجلش عليه !!
حتى يقضي حاجته ؟!! .. لغايت ما يخلص لعب !!

بجد لا يسعني إلا أن أقول
صلى الله عليه وسلم
كتبت : *بنت الإسلام*
-
أيها الأب الفاضل ... ولدكَ ولدكَ ..ليس أنتَ
أيتها الأم الفاضلة ... ولدكِ ولدكِ .. ليس أنتِ

[[أنا طفل !]]
هذا لسان حال كثير من الأطفال الذين يعانون من تسلط أمهاتهم
...
لعدم وعيهم بهذه الحقيقة الواضحة الخفية !
حقيقة [أنه طفل]

والطفل طفل
هل تعي أيتها الأم الفاضلة معنى هذه الأحرف؟!

ط = طيبة وطاقة وطبائع عفوية
ف = فضاء وفضول وفنون إبداعية
ل = لعب ولهو ولامبالاة ملائكية

هذه طبيعة الأطفال

طيبة لا تعرف قسوة الأشرار .. وطاقة لا تعرف الكسل والإنكسار
وطبائع عفوية لا تعرف المكر وتحايل الشطار [قطاع الطرق يعني ]

فضاء فسيح من الأفكار .. وفضول وتطلع وإستخبار
وفنون إبداعية لا يستطيعها بعض الكبار

لعب في الليل والنهار .. ولهو في الجد والهزار
ولامبالاة ملائكية لا سخرية فيها ولا احتقار

أخرج أبو داود وابن ماجة بإسناد صحيح واللفظ لان ماجة
من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب
فأقبل حسن وحسين عليهما قميصان أحمران ، يعثران ويقومان
فنزل النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذهما فوضعهما في حجره
فقال : ( صدق الله ورسوله ، إنما أموالكم وأولادكم فتنة ، رأيت هذين فلم أصبر )!!
ثم أخذ في خطبته .

تأملوا أرشدكم الله في هذه العبارة
فنزل النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذهما فوضعهما في حجره
فنزل ؟!! ... من على المنبر ؟!! ... لو فعلها خطيب في زماننا لاتهم في دينه وعقله !!
فأخذهما ؟!! ... كان من الممكن أن يسلم عليهما فحسب ... ثم يصعد عليه الصلاة والسلام !!
فوضعهما في حجره ؟!! ... ليه ؟!! ... لأنهما طفلان !!

هذه رسالة عظيمة لكل الآباء المتسلطين على أطفالهم بالتدقيق والتعليق
أدعوهم فيها إلى =
تغليق التعليق ... وإخراج أطفالهم من سجن التدقيق

والله الموفق
كتبت : *بنت الإسلام*
-
القاعدة الخامسة
** كن حازما في غير قسوة وطغيان .. لينا في غير تساهل واستهوان **

أكثر الآباء والأمهات يجمعون في تعاملهم مع أبنائهم بين الحزم واللين
والشأن في هذا الباب ليس في مجرد الجمع بين الحزم واللين
ولكن في طريقة الحزم وطريقة اللين .. ووقت استعمال كل منهما

فكثيرا ما ينجرف الحزم بالآباء إلى القسوة والجفاء .. والانتصار للنفس والسخرية والاستهزاء
وكثيرا ما يدفعهم اللين إلى التساهل مع البنين .. بطريقة مضيعة لمصالح الدنيا والدين

والجمع المقصود هنا هو الجمع الشرعي التربوي

حزم بلا قسوة ولا طغيان .. ولين بلا تساهل ولا استهوان
حزم ممزوج بالحنان .. ولين محاط بأسوار من الأمان

تأملوا أرشدكم الله في هذا المشهد

طفل بريء يلعب بالكرة .. ويركلها هنا وهناك
فقال له أبوه : لا تقذفها لئلا تكسر شيئا .. فاستمر في ركلها واللعب بها
فكرر عليه الأب مقولته .. فغلب عليه نهمه للكرة وولعه بها واستمر في ركلها
وفجأة ركلها ركلة عنيفة .. فاتجهت الكرة مباشرة إلى الصف العلوي من [النيش]
فكسرته ووقع بكل ما عليه آخذا في طريقه الطبقات السفلى .. ومهشما لأثمن الأكواب والكؤوس

ما هو التصرف التقليدي من الأبوين في مثل هذا الموقف ؟!

مبدئيا كده ... الواد ده هيتقطع !!
غير السب والشتم واللعن والصراخ .. والدعاء عليه في بعض الأحيان
وربما تفاقم الأمر إلى سب أمه والتطاول عليها .. لأنها نسيت إغلاق باب [النيش]
أو لأنها تحاول حماية طفلها من بطش الأب وضربه الشديد

هذا هو واقع كثير من الآباء للأسف الشديد

وبعد معرفة التصرف التقليدي يأتي السؤال التقليدي
ما هو التصرف الصحيح في هذا الموقف ؟!

قبل أن أجيب على هذا السؤال المهم .. أريد أن أسأل سؤالا آخر

ما هو الغرض من رد فعل الأبوين تجاه الطفل في هذا الموقف ؟!

الجواب :
رد فعل الأبوين تجاه الابن في مثل هذا الموقف له أحد غرضين لا ثالث لهما

الأول : إخراج شحنة الغضب المشتعلة في صدورهما والانتصار للنفس وشفاء غيظها من الولد
الثاني : تأديب الولد وتعريفه بخطأه لعدم تكراره مرة أخرى

وهذان الغرضان لا يجتمعان أبدا
ذلك أن تأديب الولد في مثل هذا الموقف وإخراج شحنة الغضب وشفاء الغليل
بضربه وسبه ولعنه والصراخ فيه مخالف لما قرره علماء الشرع وعلماء النفس قاطبة

لأن هذا عند الفقهاء وعلماء النفس ليس تأديبا تربويا .. ولكنه تعزير انتقامي
وقد أجمع أهل العلم على أن الطفل يضرب تأديبا لا تعزيرا
فليس الغرض من ضرب الطفل هو الإيلام والانتقام
بل الغرض هو التأديب والتعليم والإفهام

كضرب الزوج لزوجه

بعض الأزواج يعمل بقوله تعالى في سورة النساء : وَاضْرِبُوهُنَّ
من غير نظر لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم
فاضربوهن ضربا غير مُبَرح

وبعضهم يعمل بهذا الحديث من غير نظر لفهم السلف له
قال عطاء : قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه

فإن قال قائل : وما الفائدة إذن من هذا الضرب ؟
فالجواب : أن الغرض الشرعي من هذا الضرب هو الإيلام المعنوي لا الحسي
لأنه ضرب تأديبي .. لا تعزيري انتقامي

وهذا هو نفس الغرض الشرعي الصحيح من ضرب الأطفال

وهنا نرجع لسؤالنا الأول
ما هو التصرف الصحيح في هذا الموقف ؟!

والجواب بناء على ما تقدم
أن التصرف الصحيح في مثل هذا الموقف ألا يتعرض الأبوان أو أحدهما للطفل مطلقا في وقت غضبهما
لأن التعرض له في هذا الوقت لن يكون إلا انتصارا للنفس وإخراجا للغيظ وشفاء للغليل
وسيذهب الغرض التأديبي في ثنايا هذه الانفعالات الشديدة

ووقت التأديب الصحيح في هذه الحالة يكون بعد سكون عاصفة الغضب وذهاب أمواج الانتقام
بأحد أنواع التأديب السبعة التي سنتكلم عليها لاحقا إن شاء الله .. لا بالضرب وحده
كالتأديب بالوعظ والتأديب بالتوبيخ والتأديب بالهجر والتأديب بالحرمان
والتأديب بالطرد والتأديب بالحبس والتأديب بالضرب
وتحديد النوع المستعمل يكون بحسب الموقف وحالة الطفل وقت التأديب

هذا هو الحزم في غير قسوة

إذا طلب طفلك شراء لعبة ما .. وأنت لا تملك ثمنها أو لا تريد شرائها .. فقل له : لا
فإذا ألح عليك في ذلك .. فقل له : لا واعرض عليه بعض البدائل المتاحة
فإذا زاد إلحاحه وبكى .. فاجمع بين الحزم واللين :

حزم في صورة الإصرار على الرفض وعدم الضعف أمام بكائه
ولين في صورة مراعاة طفولته ورحمة دموعه والتعبير عن ذلك برفق وحب وحنان

لا يضعف أمام بكائه لئلا يتخذه الطفل بعد ذلك وسيلة مستمرة للوصول إلى ما يريد
ولا يقسو عليه حال بكائه لئلا ينبت في عمقه بذرة بغض الأبوين وعقوقهما بعد عمر مديد

ذلك أن فهم الطفل ووعيه بوجهة نظر الأبوين في رفض طلبه سطحي بلا مراء
والحزم في هذا السياق يربي الطفل على التعايش مع غيره بمبدأ الأخذ والعطاء
فلا يكون أنانيا لاعتياده على الأخذ دائما .. ولا يكون مسرفا لاعتياده على العطاء دائما

ومهما طال بكاء الطفل مع الحزم واللين على النحو السابق فلا ضير في ذلك
لأن البكاء عند الأطفال نوبات عصبية .. تبدأ وتأخذ وقتها وتنتهي
وإذا تعود على عدم جدوى البكاء في الوصول لرغباته بحث عن وسائل أخرى غير البكاء
وهنا تأتي فرصة الآباء
وهذه الفرصة تتمثل في الأخذ بيد الطفل إلى الوسائل المشكلة لشخصيته للوصول من خلالها لما يريد

كوصوله لما يريد عن طريق الدعاء .. فتوجيه الطفل للدعاء يعلق قلبه بالله رب العالمينمع الحرص على تلبية رغباته من خلال هذا الباب قدر الإمكان


وكوصوله لما يريد عن طريق مساعدة أمه في ترتيب البيت
وهذا ينمي فيه ما سبق التنبيه عليه في مبدأ الأخذ والعطاء
الصفحات 1  2 3  4  5  ... الأخيرة

التالي

السيرة النبوية للأطفال ( رائع ومبسط )

السابق

كيف تصنعين طفلاً يحمل هم الإسلام ؟

كلمات ذات علاقة
الأولاد , بوصلة , خواطر , صلصة , في , والبنات , وتأملات