أختي الغاليه هذه وصايا لمعلمي القرآن
جعلكِ الله من أهل القرآن وخاصته
وصايا لمعلمي حلقات تحفيظ القرآن الكريم
الحمد لله علم بالقلم وأصلي وأسلم على خير من قرأ وأقرأ القرآن
بادئ ذي بدء أذكر إخواني معلمي القرآن الكريم بما مَّن الله به عليهم من هذا العمل الجليل والخير الكثير ألا وهو تعليم وتحفيظ القرآن الكريم ،
الذي هو كلام الله تعالى المعجز للخلق في أسلوبه ونظمه.. وفي علومه وحكمه.. وفي تأثير هدايته.. وفي كشفه للحجب عن الغيوب الماضية والمستقبلية.
وهو الصالح لكل زمان ومكان..وهو الدليل الأول الذي ينبغي أن يؤخذ به علماً وعملاً ومنهجاً وهداية ، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ،
هو الفصل الذي ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله تعالى ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله تعالى ، وهو حبل الله المتين , والذكر الحكيم ,
والصراط المستقيم , وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه ...
فلله الحمد أولاً وأخرا وله المنة والفضل ظاهراً وباطناً.
ثم أذكرهم بعظم المسؤولية وكبر المهمة فهي مهمة عظيمة وعمل ليس بالهين أو اليسير بل هو عمل فيه مشقة وتعب ونصب،
ولكن يذهب ذلك كله حينما تتذكر الأجر والثواب من الله سبحانه ومن رؤية الثمار في هذه الدار إذ بهذا العمل تظهر النتائج سريعة كما هو الواقع والمشاهد.
أما الوصايا :
أولاً : أذكرهم بالإخلاص ، والإخلاص هو أساس النجاح والفلاح وحقيقته
( إرادة وجه الله تعالى والدار الآخرة بهذا العمل ) وعمل بلا إخلاص تعب بلا فائدة وصنيع بلا ثمرة وجهد ضائع وعمل خاسر .
فالله الله إخواني في الإخلاص ومجاهدة النفس عليه فالنفس سريعة التفلت قوية التقلب إن لم ينتبه لها صاحبها خسر وهلك ، وإن لاحظها فاز وربح .
قال بعض السلف : ما جاهدت نفسي مجاهدتها أكثر من مجاهدتي على الإخلاص .
ثانياً : التضحية بالوقت في سبيل هذا العمل فهو يحتاج إلى تفريغ بعض الوقت وترك بعض شهوات النفس
وربما لبس علينا الشيطان أننا نضيع واجبات علينا بسبب التحفيظ والحلقات ولو نظرنا إلى حقيقة الأمر لوجدنا أن هناك أوقاتاً
من حياتنا ضائعة ولكن الشيطان لا يذكرنا بها بل يذكرنا بأهمية الوقت والاهتمام بالأهل عند الأعمال الصالحة فقط . ولكن معلم القرآن يرتب وقته
ويضحي ببعضه لعلمه بعظيم الأجر وكثرة الثواب ، وتذكر أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه .
ثالثاً : الاهتمام بالطلبة والحرص عليهم ، فهم كنزك الثمين وتجارتك الرابحة التي لا تبور فلا بد من الاهتمام بتحفيظهم والحرص
على هذا الأمر - أعني الحفظ - أكثر من حرصهم عليه ، فربما كانوا صغار السن لا يعرفون قيمة الحفظ ولا عظيم الأجر . ولكن المعلم يدرك ذلك لعلمه بنصوص الشرع ودرجة الحافظين .
رابعاً : الحرص على توجيههم وحثهم على التحلي بأخلاق أهل القرآن ، وحفظ القرآن هو أعظم العلوم ،
وثمرته ظهور هذا على سلوك صاحبه فيوجههم للمحافظة على الصلاة وبر الوالدين والإحسان إلى الناس
والتحلي بخُلق الصدق والمحبة والإيثار والبعد عن سفاسف الأخلاق ومرذول الأعمال . وكم هي الأمة محتاجة إلى أناس متحلين
وملتزمين ومتأدبين بآداب القرآن مؤتمرين بأمره منتهين عن نهيه ولا يكون ذلك إلا بالتربية والتوجيه والنصح.
خامساً : القدوة الصالحة : فمعلم القرآن الكريم قدوة صالحة لطلابه فلا يُرى منه ما يشين ولا يُسمع منه ما يُعاب ،
فنظر طلابه مُسلّطٌ عليه فإياه إياه أن يقع منه ما يُضعف صورته في أعين طلبته .
ومجالات القدوة كثيرة فمنها : المحافظة على الصلاة في أول وقتها ، وحفظ اللسان والجوارح ،
والبعد عن مواطن الشبه وأماكن الريب وليكن كما قال الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم (إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا ).
سادساً : التحلي بالعلم ، فمعلم القرآن لابد أن يكون متقناً للحفظ عارفاً بالمعنى ملماً بالأحكام التي لا يسعه الجهل بها حتى لو سُئل لم يع جواباً ولم يحرر خطاباً ، فلا بد من معلم القرآن
الكريم أن يراجع على حفظه أولا بأول وليكن له ورد يومي ، وكذلك لا ينسى أن يكون على دراية كاملة في أحكام التجويد وعلوم القرآن الكريم.
سابعاً : اللجوء إلى الله تعالى صباحا ومساء أن يجري الخير على يديه وأن يجعله سبباً في نشره وأن يجعله مباركاً أين ما كان .
فالله سبحانه وتعالى أكرم من دُعي ، وأجود من أَعطى ، ولا يُعجزه شيء ولا يتعاظمه أمر فهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
فالجأ يا صاحب القرآن إلى ربك أن يخرج على يديك من يكون حافظا لكتابه مصلحاً لزمانه ، مجدداً ما اندرس من معالم دينه فليس ذلك على الله بعزيز .
أخيراً - أخي معلم القرآن - الوصايا أضعاف أضعاف ما ذُكر ولعل فيما ذُكر جمعاً لما تشتت وترتيباً لما تفرق فعض عليها بنواجذك
وأمسك عليها بيمينك فإن أخذت بها فُزت ونجحت في مهمتك بإذّن الله تعالى . وحتى نلقاك أسأل الله لي ولك الهداية والتوفيق والسداد والصواب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين