عروش دُكت في عام

مجتمع رجيم / فيض القلم
كتبت : مامي نور
-
1cd997cc7og6.gif



close_the_door_by_ze

كيف ستفهم زلزلة أقدامهم التي غيرت وجه الشرق في هذا العام..
كيف ستفهم حقد الرق في أعينهم.. والقادر على حرق تاريخ قرن كامل من الهزائم والخذلان..
كيف ستفهم وكيف سيفهم وكيف سيفهمون أن حقدهم حق.. وغضبهم حق.. والصوت من حناجرهم حق..
وذهابهم بأيديهم الى موتهم في هذا العام هو حق..

.









إهداء..
إلى الذين لم يفقدوا أحداً في هذا العام..
..
كان يريد أن يكتب اليك قبل أن يأتي تشرين.. قبل أن تأخذه حمى البرد..
كان يريد أن يكتب اليك ليلة ميلاد الغياب.. الغياب الذي وضع نقطة سوداء في عقله ومضى..
وعندما كان يهم بوضع حروف قلبه على الورقة .. تجف أصابعه.. ويهطل قلبه دمعاً وذكرى..
كانت تمتلئ الورقة أمامه بالمرايا.. وفي كل مرة ترأف به فلا تذهب به المرايا بعيداً .. تريه صورته قبل خمس أعوام..
ثم قبل عام.. ثم الآن..
كيف كان .. وكيف صار..!
كم تغير.. كم كان قلبه نظيفاً بك.. وبغيابك كم صار قذراً..!

من أين يريد أن يتحدث إليك.. ومن أين تريد أنت أن يبدأ الحديث..
وانت تغريك الإحصاءات، ويغريك الإصغاء.. وتغريك السياسة.. وهو كل الذي يملكه رغبة عارمة في حفر التراب وتوسد نعشك..
من أين تريد ان يبدأ معك الكلام..
وعام كامل لم يتحدث اليك.. لم يخبرك بشيء..
عام كامل وهو يعيش نصف حياة.. ونصف قلب ونصف روح.. ونصف صمت ونصف كلام..
عام كامل والمسافات بينه وبينك قهراً.. وعذاباً أتى على غير استعداد له..ودهشة تبحث فيه عن الاستيعاب.. وهو لا يريد أن يفهم.. لا يريد ان يستوعب.. لا يريد أن ينصت..

..
من أين تريد أن يبدأ معك الكلام..!
والكلام حرج للقلب.. وخدش للروح..
يخرج من ذاته .. ويبدأ من وسط الخريطة..
يتفقد الدول والشعوب من جديد..
عام واحد فقط كان كافياً لقلب الاستقرار والاستقلال والهدوء المزيفين رأساً على عقب..
عام واحد فقط كان كافياً لاسقاط" المستحيل" لاسقاط أقنعة الضعفاء قبل اقنعة الأقوياء..
عام واحد فقط كان كافياً لجعل الأعمى يرى.. والأخرس يتكلم.. والمتكلم يخرس..

..
يحدثك..
عن أشباح جميلة خرجت من جدران تونس البكماء..من ظلها هربت العروش..
عن مجموعة من الجن استوت على اهرام مصر ذات جمعة فدكوا فرعون دكا..
عن كائنات غريبة في ليبيا هبطت من مأذنة ما.. لتعلمنا أن الأعمال بخواتيمها.. وقد تعيش اربعون عاماً عزيزاً جباراً لا يقدر عليك أحد ثم تشهق الأنفاس الأخيرة ذلاً ومهانة في حفرة كجرذ.... ولا تجد من يسلم عليك وأنت ممدد على نعشك سوى ذباب أزرق جائع..
عن موتى سورية الذين خرجوا من قبورهم كفرسان الأساطير.. يمشون في الشوارع بصدور مفتوحة على فوهات البنادق وظهور هبوها لسياط التعذيب.. ينادون: نعم لا اله يعبد الا الله.. أصواتهم سعيراً يلتهم الطمأنينة من قلب طاغِ صدق نفسه أنه إله الخلاص..
عن عرش خائف في الأردن.. عن ملوك عرب كي لا يضطرون للبحث عن حفرة امتصاصية في مكان ما يختبئون فيها.. فإنهم يسعون لإرضاء شعوبهم بأي وسيلة كانت.. يقيلون حكومات ويطردون وزراء .. ويخرجون بتصاريح فضفاضة عليهم فيبدون مضحكون بلهاء أكثر مما يتطلبه الضحك..

..
مهما تكلم لن تفهم عليه ما يقول..
كيف ستفهم كل هذا..؟
وهو الشاهد على كل ما يحصل ..ولم يزل الى الآن يحاول أن يفهم ما الذي يحصل بالضبط..!!
كيف سيقنعك أن على هذه الأرض التي تنام في جوفها وجع يقال له "كرامه".. ان داسها احد لا بد أن تنتقم في يوم ما..حتى لو بعد أربعين سنه..!
كيف ستفهم كل هذا..!
وأنت لم تشهد سوى رجال المخابرات الذين يأتون إلى المساجد لاحصاء عدد ركعات المصلين ، ولكتابة اسماء السور التي يقرأوها من القرآن.. لتكون شاهدة عليهم في غرف التحقيق..
كيف ستفهم كل هذا..!
وأنت لم تشهد سوى عبيدون آليون يمشون في الشوارع يهزون رؤسهم بالايجاب دائما.. وفي السر يحسبون على ورقة صغيرة كيف سيمضون الغد بأقل الخسائر ،وقبل النوم يلعنوا "أبوها من عيشه" قبل أن يلعنوا اليوم الذي ولدوا فيه..
كيف ستفهم زلزلة أقدامهم التي غيرت وجه الشرق في هذا العام.. كيف ستفهم حقد الرق في أعينهم.. والقادر على حرق تاريخ قرن كامل من الهزائم والخذلان..
كيف ستفهم وكيف سيفهم وكيف سيفهمون أن حقدهم حق.. وغضبهم حق.. والصوت من حناجرهم حق..وذهابهم بأيديهم الى موتهم في هذا العام هو حق..
والتاريخ لم يسجل لهم الا الحق في العويل بصمت..وحق الجوع بصمت وحق الفقر والتحسر بصمت ..وحق البرد بصمت..وحق الجهل بصمت..وحق الموت بصمت.

..

ماذا تريد ايضاً من كلام..؟
في بلاد عربية أقسمت أن تخلع القناع لترينا أنها كلها غزه وكلها عراق وكلها افغانستان..
وكل مواطن فيها مشروع قابل ليكون شهيد.. وكل حاكم فيها مجرم استثنائي.. يختلف عن زميله الآخر ببصمات الوضاعة وتفنن الاستعباد وسفك الدماء.. وقناع النبي الذي يرتديه..
وكل أرض فيها قابله للحصار لتصبح مستعمره أو أرض يسجل عليها أكبر مجزره.. كل مدينة قابله للتعطير برائحة حريق اللحم البشري ..
وكل يوم فيها قابل ليكون يوم الوداع الأخير.. وكل ماء ليس بمعصوم من أن يصير دماً..
عشرون اليوم سقطوا.. ثلاثون بالامس صرعوا.. خمسة عشر لقوا حتفهم ظهراً .. ستون أو سبعون أو اكثر حصيلة الضحايا في الأسبوع الماضي.. وهكذا..
هذا ما تصرح به الوسائل الاعلامية.. ومواقع الانترنت.. وحفار القبور وحده بعد الله من يعلم العدد الصحيح..
كان يمكن ان يكونوا موتى متفرقون بسبب حوادث السير ، او بسبب مرض السرطان و الجلطات الدماغية، كانوا يمكن ان يكونوا موتى بسبب انسداد شرايين القلب أو بسبب ارتفاع الضغط أو ارتفاع مفاجئ في السكري.. كان يمكن أن يكونوا موتى بسبب عملية جراحية خاطئه أو تناول دواء اخطئ في كتابة اسمه الطبيب..
لكن تخيل أنهم ماتوا في بلاد العرب لسبب آخر غير الذي تم ذكره في السابق.. تخيل أنهم ماتوا بسبب داء الحرية والكرامة..! أسباب موت جديدة لم نعتد عليها سابقاً..
يتفقد ملامحه أنفه ، وجهه ، ينظر الى نفسه في مرآته ويتأمل أصابعه التي تكتب هذه السطور ليتأكد أنه لم يزل يتنفس و ليس موجوداً الآن في ثلاجة الموتى.. وليس جريحاً مستلقياً على سرير في مشفى ما.. او معتقلاً في سجن ما..

و يتأكد من خلال الصور التي يحتفظ بها أن جوار كل قتيل .. قتيل آخر على قيد الحياه.. الأول خرجت منه الروح والحياة.. والثاني لم تزل فيه روح لكن بلا حياه.. ليذوق الثاني لوعة الفقد..ليضم القتيل الأول الى صدره وينتحب.. ليعيش حسرة القلب على أكمل وجه..ليعيش حياة النصف والأضلع الناقصة.. وحنين تشرين..
يتأكد أنه ليس الشخص الوحيد الذي تعلم في هذا العام.. ماذا يعني الغياب..
وليس الشخص الوحيد الذي تعلم في هذا العام ماذا يعني القهر..
القهر الذي يجعلك تضرب رأسك بالحائط بشكل حقيقي أو تضرب بقبضة يديك أرجلك.. وتصك أسنانك حتى تكاد تهتز من موضعها ..ولم يشفى غلّ قلبك بعد..
و تنادي : يا اللـــه..!
ولا تعرف في هذا القهر غيرها..فكل الأدعية التي تحاول أن تتقوى بها تنساها مرة واحده..
يتأمل أولئك الصامتون الذي شطرهم الفقد الى نصفين.. و الذين لا يجدون أي وسيلة للتعبير عن آلامهم سوى بالمزيد من من دموع القلب والعين والفم والأيدي.. سوى اشباع الوقت بالذكريات.. سوى الصمت ومحاولة اكمال ما تبقى لهم من حياة بمكابرة على الجرح ورضى وأمل في لقاء بعد الموت..
..
في هذا العام..
من الذي نجى من رصاص الغياب..
من الذي لم يذق الموت حياً.. من الذي لم يمس قلبه أي برد.. من الذي لم ترف روحه أرقاً..
من الذي لم تنبت ابتسامته قلقاً.. من الذي لم تحتك أضلعه ببعضها خوفاً..
من الذي لم يفقد أحداً في هذا العام..
ومن الذي لم يحزن على فقد أحد في هذا العام..!
..
ماذا تريد أيضاً من كلام..!

..




قلم / wroood
كتبت : *غاردينيا*
-
والله لا ادري ماذا أقول.......
عام غير الكثير...
وماهو قادم أعظم....
لا يسعني الا القول:
اللهم إنا نستودعك بلاد المسلمين اهلها ,,أرضها,,أمنها ,,
يامن لا تضيع ودائعه
أنت تعم المولى ونعم النصير.....
كتبت : اية رفعت
-
اللهم اجعل كل بلاد المسلمين امنة مطمئنة جزاكى الله خيرا
كتبت : ام البنات المؤدبات
-
اللهم انصر اهلنا في سوريا
وفعلا لم تترك ما نقول
دمتى بابداع
كتبت : ورد الشام
-
داء الحرية أعظم داء تعرفنا عليه .. أعيا الحكام الطغاة وأقض مضاجعهم وكشف عن ضعفهم وزيف القوة والجبروت الذي يدعونه


والليل ولّى ولن يعود


جزاكِ الله خيرا
كتبت : كلمة صدق
-
مقال اكثر من رائع يا نور
شكرا لك حبيبتي على هذا النقل المميز
..
تقبلي مروري المتواضع
دمت بود
الصفحات 1 2 

التالي

يقول ابو المثل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

السابق

الشـــــــــايب

كلمات ذات علاقة
يسكت , عام , عروس , في