حكم الاستهزاء او سب الرسول صل الله عليه وسلم (نحبك يارسولنا فأنت حبيبنا)

مجتمع رجيم / السيرة النبوية ( محمد صلى الله عليه وسلم )
كتبت : صفاء العمر
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثر بالاونه الاخيره قيام بعض الدول الغير الاسلاميه واشخاص منهم وللاسف قام بعض الاشخاص من ديار الاسلام بالسب والاستهزاء بخير البشر سيدنا محمد صل الله عليه وسلم .
فما موقف الاسلام منهم ؟وما حكم الاسلام عليهم؟


الاجابه:
قال القاضي عياض في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم
اعلم وفقنا الله وإياك أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به أو شبهة بشئ على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له والحكم فيه حكم الساب يقتل كما نبينه ولا نستثني فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد ولا يمترى فيه تصريحا كان أو تلويحا وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضرة له أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور أو عيره بشئ مما جرى من البلاء والمحنة عليه أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى هلم جرا، قال أبو بكر بن المنذر أجمع عوام أهلى العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل وممن قال ذلك مالك بن أنس والليث وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي قال القاضى أبو الفضل وهو مقتضى قول أبى بكر الصديق رضى الله عنه ولا تقبل توبته عند هؤلاء، وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي في المسلمين لكنهم قالوا: هي ردة، وروى مثله الوليد بن مسلم عن مالك وحكى الطبري مثله عن أبى حنيفة وأصحابه فيمن تنقصه صلى الله عليه وسلم أو برئ منه أو كذبه وقال سحنون فيمن سبه: ذلك ردة كالزندقة وعلى هذا وقع الخلاف في استنابته وتكفيره وهل قتله حد أو كفر كما سنبينه في الباب الثاني إن شاء الله تعالى، ولا نعلم خلافا في استباحة دمه بين علماء الأمصار وسلف الأمة وقد ذكر غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره وأشار بعض الظاهرية وهو أبو محمد على بن أحمد الفارسى إلى الخلاف في تكفير المسخف به والمعروف ما قدمناه قال محمد بن سحنون أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المتنقص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله له وحكمه عند الأمة قتل ومن شك في كفره وعذابه كفر، واحتج إبراهيم بن حسين بن خالد الفقيه في مثل هذا بقتل خالد بن الوليد مالك ابن نويرة لقوله عن النبي صلى الله عليه وسلم صاحبكم، وقال أبو سليمان الخطابى لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله إذا كان مسلما، وقال ابن القاسم عن مالك في كتاب ابن سحنون والمبسوط والعتبية وحكاه مطرف عن مالك في كتاب ابن حبيب من سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين قتل ولم يستتب، قال ابن القاسم في العتبية من سبه أو شتمه أو عابه أو تنقصه فإنه يقتل وحكمه عند الأمة القتل كالزنديق وقد فرض الله تعالى توقيره وبره وفى المبسوط عن عثمان بن كنانة من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين قتل أو صلب حيا ولم يستتب، والإمام مخير في صلبه حيا أو قتله، ومن رواية أبى المصعب وابن أبى أويس سمعنا مالكا يقول: من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شتمه أو عابه أو تنقصه قتل: مسلما كان أو كافرا ولا يستتاب، وفى كتاب محمد أخبرنا أصحاب مالك أنه قال: من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من النبيين من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب، وقال أصبغ، يقتل على كل حال أسر ذلك أو أظهره ولا يستتاب لأن توبته لا تعرف، وقال عبد الله بن عبد الحكم من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب) وحكى الطبري مثله عن أشهب عن مالك، وروى ابن وهب عن مالك من قال إن رداءه النبي صلى الله عليه وسلم - ويروى زر النبي صلى الله عليه وسلم - وسخ أراد به عيبه قتل، وقال بعض علمائنا أجمع العلماء على أن من دعا على نبى من الأنبياء بالويل أو بشئ من المكروه أنه يقتل بلا استتابة وأفتى أبو الحسن القابسى فيمن قال في النبي صلى الله عليه وسلم الجمال يتيم أبى طالب بالقتل، وافتى أبو محمد بن أبى زيد بقتل رجل سمع قوما يتذاكرون صفة النبي صلى الله عليه وسلم إذ مر بهم رجل قبيح الوجه واللحية فقال لهم تريدون تعرفون صفته هي في صفة هذا المار في خلقه ولحيته قال ولا تقب لتوبته وقد كذب لعنه الله وليس يخرج من قلب سليم الإيمان وقال أحمد بن أبى سليمان صاحب سحنون من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسود، يقتل، وقال في رجل قيل له لا وحق رسول الله، فقال فعل الله برسول الله كذا - وذكر كلاما قبيحا - فقيل له ما تقول يا عدو الله ؟ فقال أشد من كلامه الأول ثم قال: إنما أردت برسول الله العقرب فقال ابن أبى سليمان للذى سأله اشهد عليه وأنا شريكك، يريد في قتله وثواب ذلك.
قال حبيب بن أبى الربيع لأن ادعاء التأويل في لفظ صراح لا يقبل أنه استهان وهو غير معزر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا موقر له فوجب إباحة دمه، وأفتى أبو عبد الله بن عتاب في عشار قال لرجل أد واشك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن سألت أو جهلت فقد جهل وسأل النبي صلى الله عليه وسلم: بالقتل وأفتى فقهاء الأندلس بقتل ابن حاتم المتفقة الطليطلى وصلبه بما شهد عليه به من استخفافه بحق النبي صلى الله عليه وسلم وتسميته إياه أثناء مناظرته باليتيم وختن حيدرة وزعمه أن زهده لم يكن قصدا ولو قدر على الطيبات أكلها إلى أشباه لهذا، وأفنى فقهاء القيروان وأصحاب سحنون بقتل ابراهيم الفزارى وكان شاعرا متفننا في كثير من العلوم وكان ممن يحضر مجلس القاضى أبى العباس بن طالب للمناظرة فرفعت عليه أمور منكرة من هذا الباب في الاستهزاء بالله وأنبيائه ونبينا صلى الله عليه وسلم فأحضر له القاضى يحيى بن عمر وغيره من الفقهاء وأمر بقتله وصلبه فطعن بالسكين وصلب منكسا ثم أنزل وأحرق بالنار، وحكى بعض المؤرخين أنه لما رفعت خشبته وزالت عنها الأيدى استدارت وحوله عن القبلة فكان آية للجميع وكبر الناس، وجاء كلب فولغ في دمه فقال يحيى بن عمر صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر حديثا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يلغ الكلب في دم مسلم) وقال القاضى أبو عبد الله بن المرابط: (من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم القاضى أبو عبد الله بن المرابط: (من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم هزم يستتاب فإن تاب وإلا قتل لا أنه تنقص إذ لا يجوز ذلك عليه في خاصته إذ هو على بصيرة من أمره ويقين من عصمته، وقال حبيب بن ربيع القروى: مذهب مالك وأصحابه أن من قال فيه صلى الله عليه وسلم ما فيه نقص قتل دون استتابة، وقال ابن عتاب: الكتاب والسنة موجبان أن من قصد النبي صلى الله عليه وسلم بأذى أو نقص معرضا أو مصرحا وإن قل فقتله واجب، فهذا الباب كله مما عده العلماء سبا أو تنقصا يجب قتل قائله لم يختلف في ذلك متقدمهم ولا متأخرهم وإن اختلفوا في حكم قتله عى ما أشرنا إليه ونبينه بعد وكذلك أقول حكم من غمصه أو غيره برعاية الغنم أو السهو أو النسيان أو السحر أو ما أصابه من جرح أو هزيمة لبعض جيوشه أو أذى من عدوه أو شدة من زمنه أو بالميل إلى نسائه فحكم هذا كله لمن قصد به نقصه القتل وقد مضى من مذاهب العلماء في ذلك ويأتى ما يدل عليه.
الحجة في إيجاب قتل من سبه أو عابه صلى الله عليه وسلم
فمن القرآن : لعنه الله تعالى لمؤذيه في الدنيا والآخرة وقرانه تعالى أذاه بأذاه ولا خلاف في قتل من سب الله وأن اللعن إنما يستوجبه من هو كافر وحكم الكافر القتل فقال (إن الذين يؤذون الله ورسوله) الآية وقال في قاتل المؤمن مثل ذلك فمن لعنته في الدنيا القتل قال الله تعالى (ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتولا تقتيلا) وقال في المحاربين وذكر عقوبتهم (ذلك لهم خزى في الدنيا) وقد يقع القتل بمعنى اللعن قال (قتل الخراصون) و (قاتلهم الله أنى يؤفكون) أي لعنهم الله ولأنه فرق بين أذاهما وأذى المؤمنين وفى أذى المؤمنين ما دون القتل من الضرب والنكال فكان حكم مؤذى الله ونبيه أشد من ذلك وهو القتل وقال الله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) الآية فسلب اسم الإيمان عمن وجد في صدره حرجا من قضائه ولم يسلم له ومن تنقصه فقد ناقض هذا وقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي - إلى قوله - أن تحبط أعمالكم) ولا يحبط العمل إلا الكفر والكافر يقتل وقال الله تعالى (وإذا جاؤك حيوك بما لم يحيك به الله) ثم قال (حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير) وقال تعالى (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) ثم قال (والذين يؤذون الرسول الله لهم عذاب أليم) وقال تعالى (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نحوذ ونلعب) إلى قوله (قد كفرتم بعد إيمانكم) قال أهل التفسير كفرتم بقولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما الإجماع : فقد ذكرناه

وأما الآثار: فحدثنا الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن غلبون عن الشيخ أبى ذر الهروي إجازة قال حدثنا أبو الحسن الدارقطني وأبو عمر بن حيوية حدثنا محمد بن نوح حدثنا عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن زبالة حدثنا عبد الله بن موسى بن جعفر عن على بن موسى عن أبيه عن جده عن محمد بن على بت الحسين عن أبيه عن الحسين بن على عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من سب نبيا فاقتلوه ومن سب أصحابي فاضربوه) * وفى الحديث الصحيح أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كعب ابن الأشرف وقوله: (من لكعب بن الأشرف فإنه يؤذى الله ورسوله) ووجه إليه من قتله غيلة دون دعوة بخلاف غيره من المشركين وعلل بأذاه له فدل أن قتله إياه لغير الإشراك بل للأذى وكذلك قتل أبا رافع، قال البراء وكان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعين عليه وكذلك أمره يوم الفتح بقتل ابن خطل وجاريتيه اللتين كانتا تغنيان بسبه صلى الله عليه وسلم * وفى حديث آخر أن رجلا كان يسبه صلى الله عليه وسلم فقال (من يكفيني عدوى ؟) فقال خالد أنا فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم فقتله وكذلك أمر بقتل جماعة ممن كان يؤذيه من الكفار ويسبه كالنضر بن الحارث وعقبة بن أبى معيط وعهد بقتل جماعة منهم قبل الفتح وبعده فقتلوا إلا من بادر بإسلامه قبل القدرة عليه وقد روى البزار عن ابن عباس أن عقبة بن أبى معيط نادى يا معاشر قريش مالى أقتل من بينكم صبرا ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (بكفرك وافترائك على رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذكر عبد الرزاق أن النبي صلى الله عليه وسلم سبه رجل فقال (من يكفيني عدوى ؟ فقال الزبير: أنا، فبارزه فقتله الزبير.

وروى أيضا أن امرأة كانت تسبه صلى الله عليه وسلم فقال (من يكفيني عدوتى ؟) فخرج إليها خالد بن الوليد فقتلها، وروى أن رجلا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم فبعث عليا والزبير إليه ليقتلاه، وروى ابن قانع أن رجلا جاء إلى النبي صلى القه عليه وسلم فقال يا رسول الله سمعت أبى يقول فيك قولا قبيحا فقتله فلم يشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، وبلغ المهاجر بن أبى أمية أمير اليمن لأبى بكر رضى الله عنه أن امرأة هناك في الردة غنت بسب النبي صلى الله عليه وسلم فقطع يدها ونزع ثنيتها فبلغ أبا بكر رضى الله عنه ذلك فقال له لولا ما فعلت لأمرتك بقتلها لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود وعن ابن عباس هجت امرأة من خطمة النبي صلى الله عليه وسلم فقال (من لى بها ؟) فقال رجل من قومها أنا يا رسول الله فنهض فقتلها فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال (لا ينتطح فيها عنزان) وعن أبى عباس أن أعمى كانت له أم ولد تسب النبي صلى الله عليه وسلم فيزجرها فلا تنزجر فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه فقتلها وأعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فأهدر دمها، وفى حديث أبى برزة الأسلمي كنت يوما جالسا عند أبى بكر الصديق فغضب على رجل من المسلمين وحكى القاضى إسماعيل وغير واحد من الأئمة في هذا الحديث أنه سب أبا بكر ورواه النسائي: أتيت أبا بكر وقد أغلظ لرجل فرد عليه قال فقلت يا خليفة رسول الله دعني أضرب عنقه فقال: اجلس فليس ذلك لأحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال القاضى أبو محمد بن نصر ولم يخالف عليه أحد، فاستدل الأئمة بهذا الحديث على قتل من أغضب النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما أغضبه أو آداه أو سبه ومن ذلك كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عامله بالكوفة وقد استشاره في قتل رجل سب عمر رضى الله عنه فكتب إليه عمر: إنه لا يحل قتل امرئ مسلم بسب أحد من الناس إلا رجلا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سبه فقد حل دمه، وسأل الرشيد مالكا في رجل شتم النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له أن فقهاء العراق أفتوه بجلده فغضب مالك وقال: يا أمير المؤمنين ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها ؟ من شتم الأنبياء قتل ومن شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلد.
فصل : فإن قلت فلم لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي الذى قال له السام عليكم وهذا دعاء عليه ولا قتل الآخر الذى قال له إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله وقد تأذى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وقال قد أوذى موسى بأكثر من هذا فصبر ولا قتل المنافقين الذين كانوا يؤذونه في أكثر الأحيان ؟ فاعلم وفقنا الله وإياك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول الإسلام يستألف عليه الناس ويميل قلوبهم ويميل إليه ويجيب إليهم الإيمان ويزينه في قلوبهم ويدارئهم ويقول لأصحابه إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا منفرين ويقول (يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا) ويقول (لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) وكان صلى الله عليه وسلم يدارى الكفار والمنافقين ويجمل صحبتهم ويغضى عنهم ويحتمل من أذاهم ويصبر على جفائهم ما لا يجوز لنا اليوم الصبر لهم عليه وكان يرفقهم بالعطاء والإحسان وبذلك أمره الله تعالى فقال تعالى (ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين) وقال تعالى (ادفع بالتى هي أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم) وذلك لحاجة الناس للتألف أول الإسلام وجمع الكلمة عليه فلما استقر وأظهره الله على الدين كله قتل من قدر عليه واشتهر أمره كفعله بابن خطل ومن عهد بقتله يوم الفتح ومن أمكنه قتله غيلة من يهود وغيرهم أو غلبة ممن لم ينظمه قبل سلك صحبته والانحراط في جملة مظهرى الإيمان به ممن كان يؤذيه كابن الأشرف وأبى رافع والنظر وعقبة وكذلك ندر دم جماعة سواهم ككعب ابن زهير وابن زبعر وغيرهما ممن آذاه حتى ألقوا بأيديهم ولقوه مسلمين وبواطن المنافقين مستترة وحكمه صلى الله عليه وسلم على الظاهر وأكثر تلك الكلمات إنما كان يقولها القائل منهم خفية ومع أمثاله ويحلفون عليها إذا نميت وينكرونها ويحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكان مع هذا يطمع في فيأتهم ورجوعهم إلى الإسلام وتوبتهم فيصبر صلى الله عليه وسلم على هناتهم وجفوتهم كما صبر أولو العزم من الرسل حتى فاء كثير منهم باطنا كما فاء ظاهرا وأخلص سرا كما أظهر جهرا ونفع الله بعد بكثير منهم وقام منهم للدين وزراء وأعوان وحماة وأنصار كما جاءت به الأخبار وبهذا أجاب بعض أئمتنا رحمهم الله عن هذا السؤال قال ولعله لم يثبت عنده صلى الله عليه وسلم من أقوالهم ما رفع وإنما نقله الواحد ومن لم يصل رتبة الشهادة في هذا الباب من صبى أو عبد أو امرإة والدماء لا تستباح إلا بعدلين وعلى هذا يحمل أمر اليهودي في السلام وأنهم لووا به ألسنتهم ولم يبينوه ألا ترى كيف نبهت عليه عائشة ولو كان صرح بذلك لم تنفرد بعلمه ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على فعلهم وقلة صدقهم في فعلهم وقلة صدقهم في سلامهم وخيانتهم في ذلك ليا بألسنتهم وطعنا في الدين فقال إن اليهود إذا سلم أحدهم فإنما يقول السام عليكم فقولوا عليكم وكذلك قال بعض أصحابنا البغداديين إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين بعلمه فيهم ولم يأت أنه قامت بينة على نفاقهم فلذلك تركهم وأيضا فإن الأمر كان سرا وباطنا وظاهرهم الإسلام والإيمان وإن كان من أهل الذمة بالعهد والجوار والناس قريب عهدهم بالإسلام لم يتميز بعد الخبيث من الطيب وقد شاع عن المذكورين في العرب كون من يتهم بالنفاق من جملة المؤمنين وصحابة سيد المرسلين وأنصار الدين بحكم ظاهرهم فلو قتلهم النبي صلى الله عليه وسلم لنفاقهم وما يبدر منهم وعلمه بما أسروا في أنفسهم لوجد المنفر ما يقول ولا ارتبا الشارد وأرجف المعاند وارتاع من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والدخول في الإسلام غير واحد ولزعم الزاعم وظن العدو الظالم أن القتل إنما كان للعداوة وطلب أخذ الترة وقد رأيت معنى ما حررته منسوبا إلى مالك بن أنس رحمه الله ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، وقال أولئك الذين نهانى الله عن قتلهم وهذا بخلاف إجراء الأحكام الظاهرة عليهم من حدود الزنا والقتل وشبهه لظهورها واستواء الناس في علمها وقد قال محمد بن المواز لو أظهر المنافقون نفاقهم لقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقاله القاضى أبو الحسن بن القصار، وقال قتادة في تفسير قوله تعالى: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله) الآية، قال معناه إذا أظهروا النفاق، وحكى محمد بن مسلمة في المبسوط عن زيد بن أسلم أن قوله تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) نسخها ما كان قبلها وقال بعض مشايخنا لعل القائل هذه قسمة ما أريد بها وجه الله وقوله اعدل لم يفهم النبي صلى الله عليه وسلم منه اطعن عليه والتهمة له وإنما رآها من وجه الغلط في الرأى وأمور الدنيا والاجتهاد في مصالح أهلها فلم ير ذلك سبا ورأى أنه من الأذى الذى له العفو عنه والصبر عليه فلذلك لم يعاقبه وكذلك يقال في اليهود إذ قالوا السام عليكم ليس فيه صريح سب ولا دعاء إلا بما لا بد منه من الموت الذى لا بد من لحاقه جميع البشر وقيل بل المراد ؟ ؟ ؟ لون دينكم والسأم والسآمة الملال وهذا دعاء على سآمة الدين ليس بصريح سب ولهذا ترجم البخاري على هذا الحديث (باب إذا عرض الذمي أو غيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم) قال بعض علمائنا وليس هذا بتعريض بالسب وإنما هو تعريض بالأذى قال القاضى أبو الفضل قد قدمنا أن الأذى والسب في حقه صلى الله عليه وسلم سواء وقال القاضى أبو محمد بن نصر مجيبا عن هذا الحديث ببعض ما تقدم ثم قال ولم يذكر في الحديث هل كان هذا اليهودي من أهل العهد والذمة أو الحرب ولا يترك موجب الأدلة للأمر المحتمل والأولى في ذلك كله والأظهر من هذه الوجوه مقصد الاستئلاف والمداراة على الدين لعلهم يؤمنون ولذلك ترجم البخاري على حديث القسمة والخوارج (باب من ترك قتال الخوارج للتألف ولئلا ينفر الناس عنه) ولما ذكرنا معناه عن مالك وقررناه قبل وقد صبر لهم صلى الله عليه وسلم على سحره وسمه وهو أعظم من سبه إلى أن نصره الله عليهم وأذن له في قتل من حينه منهم وإنزالهم من صياصبهم وقذف في قلوبهم الرعب وكتب على من شاء منهم الجلاء وأخرجهم من ديارهم وخرب بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وكاشفهم بالسب فقال يا إخوة القردة والخنازير وحكم فيهم سيوف المسلمين وأجلاهم من جوارهم وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى فإن قلت فقد جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم (ما انتقم لنفسه في شئ يؤتى إليه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله) فاعلم أن هذا لا يقتضى أنه لم ينتقم ممن سبه أو آذاه أو كذبه فإن هذه من حرمات الله التى انتقم لها وإنما يكون ما لا ينتقم منه له فيما تعلق بسوء أدب أو معاملة من القول والفعل بالنفس والمال مما لم يقصد فاعله به أذاه لكن مما جبلت عليه الأعراب من الجفاء والجهل أو جبل عليه البشر من السفه كجبذ الأعرابي إزاره حتى أثر في عنقه وكرفع صوت الآخر عنده وكجحد الأعرابي شراءه منه فرسه التى شهد فيها خزيمة وكما كان من تظاهر زوجيه عليه وأشباه هذا مما يحسن الصفح عنه وقد قال بعض علمائنا أن أذى النبي صلى الله عليه وسلم حرام لا يجوز بفعل مباح ولا غيره وأما غيره فيجوز بفعل مباح مما يجوز للانسان فعله وإن تأذى به غيره واحتج بعموم قوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فاطمة (إنما بضعة منى يؤذيني ما يؤذيها ألا وإنى لا أحرم ما أحل الله ولكن لا تجتمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله عند رجل أبدا) أو يكون هذا مما آذاه به كافر رجا بعد ذلك إسلامه كعفوه عن اليهودي الذى سحره وعن الأعرابي الذى أراد قتله وعن اليهودية التى سمته وقد قيل قتلها ومثل هذا مما يبلغه من أذى أهل الكتاب والمنافقين فصفح عنهم رجاء استئلافهم واستئلاف غيرهم كما قررناه قبل وبالله التوفيق

فصل : هذا حكم المسلم فأما الذمي إذا صرح بسبه أو عرض أو استخف بقدره أو وصفه بغير الوجه الذى كفر به فلا خلاف عندنا في قتله إن لم يسلم لأنا لم نعطه الذمة أو العهد على هذا وهو قول عامة العلماء إلا أبا حنيفة والثوري واتباعهما من أهل الكوفة فإنهم قالوا لا يقتل لأن ما هو عليه من الشرك أعظم ولكن يؤدب ويعذر واستدل بعض شيوخنا على قتله بقوله تعالى (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم) الآية، ويستدل أيضا عليه بقتل النبي صلى الله عليه وسلم لابن الأشرف وأشباهه ولأنا لم نعاهدهم ولم نعطهم الذمة على هذا ولا يجوز لنا أن نفعل ذلك معهم فإذا أتوا ما لم يعطوا عليه العهد ولا الذمة فقد نقضوا ذمتهم وصاروا كفارا أهل حرب يقتلون لكفرهم وأيضا فإن ذمتهم لا تسقط حدود الإسلام عنهم من القطع في سرقة أموالهم والقتل لمن قتلوه منهم وإن كان ذلك حلالا عندهم فكذلك سبهم للنبى صلى الله عليه وسلم يقتلون به ووردت لأصحابنا ظواهر تقتضي الخلاف إذا ذكره الذمي بالوجه الذى كفر به ستقف عليها من كلام ابن القاسم وابن سحنون بعد وحكى أبو المصعب الخلاف فيها عن أصحابه المدنيين واختلفوا إذا سبه ثم أسلم فقيل، يسقط إسلامه قتله لأن الإسلام يجب ما قبله بخلاف المسلم إذا سبه ثم ناب لأنا نعلم باطنة الكافر في بغضه له وتنقصه بقلبه لكنا منعناه من إظهاره فلم يزدنا ما أظهره إلا مخالفة للأمر ونقضا للعهد فإذا رجع عن دينه الأول إلى الإسلام سقط ما قبله، قال الله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) والمسلم بخلافه إذ كان ظننا بباطنه حكم ظاهره وخلاف ما بدا منه الآن فلم نقبل بعد رجوعه ولا استنمنا إلى باطنه إذ قد بدت سرائره وما ثبت عليه من الأحكام باقية عليه لم يسقطها شئ وقيل لا يسقط إسلام الذمي الساب قتله لأنه حق للنبى صلى الله عليه وسلم وجب عليه لانتهاكه حرمته وقصده إلحاق النقيصة والمعرة به فلم يكن رجوعه إلى الإسلام بالذى يسقطه كما وجب عليه من حقوق المسلمين من قبل إسلامه من قتل وقذف وإذا كنا لا نقبل توبة المسلم فأن لا نقبل توبة الكافر أولى.

قال مالك في كتاب ابن حبيب المبسوط وابن القاسم وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ فيمن شتم نبينا من أهل الذمة أو أحدا من الأنبياء عليهم السلام قتل إلا أن يسلم وقاله ابن القاسم في العتبية وعند محمد وابن سحنون وقال سحنون وأصبغ لا يقال له أسلم ولا لا تسلم ولكن إن أسلم فذلك له توبة وفى كتاب محمد أخبرنا أصحاب مالك أنه قال من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من النبيين من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب وروى لنا عن مالك إلا أن يسلم الكافر وقد روى ابن وهب عن ابن عمر أن راهبا تناول النبي صلى الله عليه وسلم فقال ابن عمر فهلا قتلتموه وروى عيسى عن ابن القاسم في ذمى قال إن محمدا لم يرسل إلينا إنما أرسل إليكم وإنما نبينا موسى أو عيسى ونحو هذا لا شئ عليهم لأن الله تعالى أقرهم على مثله وأما إن سبه فقال ليس بنبى أو لم يرسل أو لم ينزل عليه قرآن وإنما هو شئ تقوله أو نحو هذا فيقتل قال ابن القاسم وإذا قال النصراني ديننا خير من دينكم إنما دينكم دين الحمير ونحو هذا من القبيح أو سمع المؤذن يقول أشهد أن محمدا رسول الله فقال كذلك يعطيكم الله ففى هذا الأدب الموجع والسجن الطويل قال وأما إن شتم النبي صلى الله عليه وسلم شتما يعرف فإنه يقتل إلا أن يسلم قاله مالك غير مرة ولم يقل يستتاب قال ابن القاسم ومحمل قوله عندي إن أسلم طائعا، وقال ابن سحنون في سؤالات سليمان بن سالم في اليهودي يقول لمؤذن إذا تشهد كذبت يعاقب العقوبة الموجعة مع السجن الطويل وفى النوادر من رواية سحنون عنه من شتم الأنبياء من اليهود والنصارى بغير الوجه الذى به كفروا ضرب عنقه إلا أن يسلم قال محمد ابن سحنون فإن قيل لم قتلته في سب النبي صلى الله عليه وسلم ومن دينه سبه وتكذيبه قيل لأنا لم نعطهم العهد على ذلك ولا على قتلنا وأخذ أموالنا فإذا قتل واحدا منا قتلناه وإن كان من دينه استحلاله فكذلك إظهاره لسب نبينا صلى الله عليه وسلم قال سحنون كما لو بذل لنا أهل الحرب الجزية على إقرارهم على سبه لم يجز لنا ذلك في قول قائل كذلك ينتقض عهد من سب منهم ويحل لنا دمه وكما لم يحصن الإسلام من سبه من القتل كذلك لا تحصنه الذمة قال القاضى أبو الفضل ما ذكره ابن سحنون عن نفسه وعن أبيه مخالف لقول ابن القاسم فيما خفف عقوبتهم فيه مما به كفروا فتأمله ويدل على أنه خلاف ما روى عن المدنيين في ذلك فحكى أبو المصعب الزهري قال أتيت بنصراني قال والذى اصطفى عيسى على محمد فاختلف على فيه فضربته حتى قتلته أو عاش يوما وليلة وأمرت من جر برجله وطرح على مزبلة فأكلته الكلاب وسئل أبو المصعب عن نصراني قال عيسى خلق محمدا فقال يقتل وقال ابن القاسم سألنا مالكا عن نصراني بمصر شهد عليه أنه قال مسكين محمد يخبركم أنه في الجنة ماله لم ينفع نفسه إذ كانت الكلاب تأكل ساقيه لو قتلوه استراح منه الناس قال مالك أرى أن تضرب عنقه قال ولقد كدت أن لا أتكلم فيها بشئ ثم رأيت أنه لا يسعنى الصمت قال ابن كنانة في المبسوطة من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى فأرى للإمام أن يحرقه بالنار وإن شاء قتله ثم حرق جثته وإن شاء أحرقه بالنار حيا إذا تهافتوا في سبه ولقد كتب إلى مالك من مصر وذكر مسألة ابن القاسم المتقدمة قال فأمرني مالك فكتبت بأن يقتل وتضرب عنقه فكتبت ثم قلت يا أبا عبد الله وأكتب ثم يحرق بالنار فقال إنه لحقيق بذلك وما أولاه به فكتبته بيدى بين يديه فما أنكره ولا عابه ونفذت الصحيفة بذلك فقتل وحرق، وأفنى عبيد الله بن يحيى وابن لبابة في جماعة سلف أصحابنا الأندلسيين بقتل نصرانية استهلت بنفى الربوبية ونبوة عيسى لله وتكذيب محمد في النبوة وبقبول إسلامها ودرء القتل عنها به قال غير واحد من المتأخرين، منهم القابسى وابن الكاتب، وقال أبو القاسم ابن الجلاب في كتابه من سب الله ورسوله من مسلم أو كافر قتل ولا يستتاب وحكى القاضى أبو محمد في الذمي يسب ثم يسلم روايتين في درء القتل عنه بإسلامه، وقال ابن سحنون وحد القذف وشبهه من حقوق العباد لا يسقطه عن الذمي إسلامه وإنما يسقط عنه بإسلامه حدود الله فأما حد القذف فحق للعباد كان ذلك لنبى أو غيره فأوجب على الذمي إذا قذف النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم حد القذف ولكن انظر ماذا يجب عليه هل حد القذف في حق النبي صلى الله عليه وسلم وهو القتل لزيادة حرمة النبي صلى الله عليه وسلم على غيره أم هل يسقط القتل بإسلامه ويحد ثمانين فتأمله

__________________


كتبت : تفاحةالقلب
-
يسلمووووووووووووووووووو
كتبت : صفاء العمر
-
الله يسلمك ياتفاحه
وشاكره لك مرورك
كتبت : * أم أحمد *
-


بارك الله فيكِ
وجعل ما تقدمين في ميزان حسناتكِ
فتوى هامه وقيّمه
شكراً لكِ وتقبلي ودي ومروري
كتبت : صفاء العمر
-
الله يرضى عليك ام احمد
وجزاك الله خير
وشاكره لك مرورك

التالي
السابق