المحاسبة
مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
من هذه اللبنات المحاسبة
تأليف علي بن عبدالخالق القرني
لـ سماء الابداع الـ 2
المحاسبة
من لبنات بناء الذات والنفس محاسبتها محاسبة دقيقة ؛ فالنفس بطبيعتها تميل إلى الشهوات،
إلى اللذات ، إلى الهوى ؛ فلا بد لها من حاسبة ، والكل لا يشك أننا إلى الله راجعون ،
ومحاسبون على الصغير والكبير والنقير والقطمير
الأعمال محصاة في سجلات محكمة لا تغادر صغيرة ولا كبيرة
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ) [ المجادلة : 6 ] .
(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ). [الأنبياء:].
( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر]
ما دمنا نعلم ذلك ، فمن العقل أن نحاسب أنفسنا في الرخاء قبل الشدة؛
ليعود أمرنا إلى الرضا والغبطة ؛ لآن من حاسب نفسه علم عيوبها وزلاتها ،
ومواطن الضعف فيها ، فبدأ بعلاجها ووصف الدواء لها ، فينمي ذلك في النفس الشعور بالمسئولية
ووزن الأعمال والتصرفات بميزان دقيق ، ألا وهو ميزان الشرع ، لقد عرف السلف الصالح أهمية ذلك ، فحققوها في أنفسهم .
ها هو أحدهم – كما أورد ابن أبي الدنيا بسندهـ - جلس مع نفسه ذات يوم محاسباً في آخر عمره ،
نظر وقلب وفكر وقدر ؛ فإذا عمره ستون عاماً ، حَسَب أيامها فإذا هي تربو على واحد وعشرين ألف يوم وخمسمائة ،
فصرخ وقال: هذا إن كان ذنب واحد ؛ فكيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب ؟ ثم خر مغشياً عليه .
فالمحاسبة تروض النفس وتهذبها ، وتزيد العمل الصالح ، وتولد الحياء من الله ، وتُلزم خشية الله .
فحاسبوا أنفسـكم قبل أن تُحاسبَوا ، وزِنوهـا قبل أن توزنوا ؛
فأنه أهون في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسـكم اليوم ، وتَزَينوا للعرض الأكبر .
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة]
انواع المحاسبة
والمحاسبة على أقسام :
محاسبة قبل العمل ؛ قف عند أول همك أو إرادتك العمل ،
فاسأل نفسك : هل العمل مشروع ؟ أقدم وأخلص وجِد وسارع إن كان كذلك ،
وإن لم يكن ( فمن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) كما قال صلى الله عليه وسلم .[رواه مسلم]
ومحاسبة أثناء العمل ، ها أنت مخلص صادق أم مراءٍ ؟ وأنت أعلم بنفسك ؛
لأن العمل يبدأ وهو خالص لله عز وجل ثم يشوبه شي من الرياء أثناء أدائه ؛ فليُنتبَه للنية فيه .
ومحاسبة بعد العمل ، وهي على أنواع :
أحدها : محاسبة النفس على طاعة قصرتَ فيها في حق الله ؛ فلم توقعها على الوجه الذي ينبغي أن توقع .
وحق الله في الطاعة ستة أمور :
أولاً : الإخلاص في العمل .
ثم النصيحة لله فيه .
ثم متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم
ثم شهود مشهد الإحسان ، وهو أن تعبد الله كأنك تراه .
ثم شهود مِنةِ الله عليك في التوفيق لأدائه .
ثم شهود تقصيرك فيه بعد ذلك كله.
الثانية : محاسبتها على كل عمل كان تركه خيراً له من فعله .
الثالثة : محاسبتها على الأمور المباحة أو المعتادة لِمَ فعلها ؟.
ومما يعين على محاسبة النفس معرفة عيوبها ، ومن عرف عيبه كان أحرى بإصلاحه .
ومما يعين على معرفة عيوب النفس أمور :
1- ملازمة العلماء الصادقين المخلصين العاملين الناصحين .
2- ملازمة الإخوة الصالحين الذين يذكرونك الله ويخوفونك حتى تلقى الله سبحانه وتعالى آمناً.
والمؤمن للمؤمن كاليدين ؛ يغسل لإحداهما الأخرى ، وقد لايُقلع الوسخ أحياناً إلا بنوع من الخشونة ،
لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة بعد ذلك ما يحمد به ذلك التخشين ؛
فاصبر على مرارة التخشين لتعريفك بعيوبك من إخوانك ، لتحمد ذلك ولو بعد حين .
3- التأمل في النفس بإنصاف وتجرد ؛ فمن تأمل في نفسه بإنصاف وتجرد عرف عيوبها ،
فإن عدمت عالماً ، وإن عدمت قريناً صالحاً ولم تتأمل في نفسك بإنصاف فابحث عن عيوبك عند أعدائك ،
واستفد منهم ؛ فالحكمة ضالتك .
وعين الرضا عن كل عين كليلة............ ولكن عين السخط تبدي المساويا
( والكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني )
align="left">مخرج