الجزاء من جنس العمل
مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
كتبت :
أم عمر و توتة
-
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات ، الحمد لله الذي علم العثرات ، فسترها على اهلها وانزل الرحمات ، ثم غفرها لهم ومحا السيئات ، فله الحمد ملئ خزائن البركات ، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات ، وله الحمد ماتعاقبت الخطوات ، وله الحمد عدد حبات الرمال في الفلوات ، وعدد الحركات والسكنات ،
سبحانه سبحانه سبحانه..
وأشهد أن لا إله إلا الله ..لا مفرج للكربات إلا هو ، ولا مقيل للعثرات إلا هو ، ولا مدبرللملكوت إلا هو ..
سبحانه سبحانه سبحانه..
ما أعظم ديننا الحنيف و ما به من تعاليم هى اساس الحياة الكريمة..و هى النجاة يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم..
....الجَزَاءُ مِنْ جِنسِ العَمَلِ..
نبذة عن الكتاب..
كتاب الجزاء من جنس العمل لمؤلفه الدكتور سيد حسين العفاني يقع في مجلدين كبيرين، ويأخذك فيه المصنف في رحلة إيمانية بين جنبات الرقائق ورياض المعارف ونزهات الخواطر، وذلك لما يحويه الكتاب من العقائد السلفية الصحيحة، والعظات والعبر العجيبة، والأحكام الشرعية العديدة، والحكم النافعة المفيدة، وقدم للكتاب الشيخ الجزائري و الشيخ محمد صفوت نور الدين، و الشيخ محمد اسماعيل المقدم ، و الشيخ ابو اسحاق الحوينى ، و الشيخ عائض بن عبدالله القرنى..
اخترت منه هذا الجزء من باب الكبائر عن الظلم..
الــظُّـلْـمُ..
للظالمين يقول ابن الجوزى :
أما سمعتم منادى (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا) (الكهف:59) ، أما ينذركم إعلام (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) هود (102) ،أما يفصم عرى عزائمكم (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ ) الانبياء (11) ،أما يقصر من قصوركم (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) الحج (45) ، أما سمعتم هاتف العِبَر ينادى ( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ) العنكبوت (40).
يا هذا ، ظُلْمك لنفسك غاية فى القبح ، ألا إنّ ظلمك لغيرك أقبح ، ويحك إن لم تنفع أخاك فلا تؤذه ، و إن لم تعطه فلا تأخذ منه ، لا تشابهن ّ الحية ؛ فإنها تأتى إلى الموضع الذى قد حفره غيرها فتسكنه ، و لا تتمثلنّ بالعقاب فى الحيوانات أخيار و أشرار ، كبنى آدم ، فالتقط خير الخلال ، و خل خسيسها.(المدهش لابن الجوزى ص.550،551).
أما علموا أن الله جار المظلوم ممن جار ، فإذا قاموا يوم القيامة زاد البلاء على المقدار (سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ) ابراهيم (50) ، لا يغرنك صفاء عيشهم كل الاخيار أكدار (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) ابراهيم (42) .
قال بعض الحكماء : أعجل الأمور عقوبة ، و أسرعها لصاحبها سرعة : ظلم من لا ناصر له الا الله ، و مجاورة النعم بالتقصير ، و استطالة الغنى على الفقير.
قال الشاعر :
تَأَن و لا تَعْجَلْ و كُنْ مُتَرَفِّقًا و كُنْ رَاحِمًا للنَّاسِ تُبْلَى بِرَاحِمِ
و قال آخر..
أما والله إن الظلـــم لــــؤم .. ومازال المسيء هو الظلــــوم
إلى ديان يوم الدين نمضي .. وعند الله تجتمع الخصـــوم
ستعلم في الحســـاب إذا .. التقيناغدا عند الإله من الملوم
و يقول أخر..
إني وَهَبْتُ لظالمي ظُلْمي* * * وشكرْتُ ذَاكَ له على عِلْمِي
ورأيته أسْدَى إليَ يداً * * * لَمَّا أبان بجَهْلِهِ حِلْمِي
رَجَعَتْ إساءتُهُ عليه، وَلِي* * * فَضْل فعادَ مُضاعَفَ الْجُرْم
فكأنما الإحْسَانُ كان لهُ * * * وأنا المسيءُ إليه في الزعْمِ
ما زال يَظْلِمُني وأرحمهُ * * * حتى بَكَيْتُ لَه من الظُّلمِ.
قال المناوى : الظلم هو مجاوزة الحد ، و التعدّى على الخلق ، و قال الراغب : هو لغةً : وضع الشئ فى غير موضعه المختص به ،بنقص او زيادة ، او عدول عن وقته أو مكانه ، و أقبح انواعه : (ظلم من ليس له ناصر الا الله )؛ قال ابن عبد العزيز : إياك ، إياك أن تظلم من لا ينتصر عليك إلا بالله.
إن الظلم فى الدنيا ظلمات على اصحابه ؛ بمعنى أنه يورث ظلمة فى القلب ؛ فإذا أظلم القلب تاه و تحير و تجبر ، فذهبت الهداية و البصيرة ، فخرب القلب ، فصار صاحبه فى ظلمة يوم القيامة ...
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
رواه مسلم.
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ ) رواه احمد.
يقول ابن الجوزى :
اعلم أن الجزاء بالمرصاد ؛إن كانت حسنة او كانت سيئة .
و من الاغترار أن يظن المذنب ، إذا لم ير عقوبة أنه قد سومح ، و ربما جاءت العقوبة بعد مدة.
و قلّ من فعل ذنباً ،الا قوبل عليه ، قال الله عز و جل "مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ " النساء( 123)
آدم لم يسامح بلقمة ، و دخلت النار امرأة فى هرة (قطة) ؛ يونس عليه السلام خرج عن قومه بغير اذنه فالتقمه الحوت .
و كان بعض العاقين ضرب اباه و سحبه الى مكان فقال له الاب : حسبك الى هاهنا سحبت أبى.
و قال ابن سيرين : عيرت رجلاً بالافلاس فأفلست ،و مثل هذا كثير..
و أنا عن نفسى اقول (الكاتب ) ما نزلت آفة أو غمّ او ضيق صدرى إلا بذنب أعرفه ؛ حتى يمكننى ان اقول : هذا بالشئ الفلانى..
فينبغى للانسان أن يترقب جزاء الذنوب ، فقلّ أن يسلم منه ، فالويل لمن عرف مرارة الجزاء الدائم ، ثم آثر لذة لذة المعصية لحظة (صيد الخاطر).
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه..