فيلاس ستعود حرة . . بقلمي

مجتمع رجيم / القصص والروايات الادبية
كتبت : اعقل مجنونة
-



لفصل الثاني : سقوط فيلاس

الفصل الثاني : سقوط فيلاس
كانت تلك ليلة ممطرة مخيفة , فمصير فيلاس لم يعرف بعد
الناس في المدينة أخذوا يودعوا ابناءهم أو أزواجهم أو حتى إخوانهم الذين سيشاركون في هذه المعركة الطاحنة , متأملين بأن يعودو لهم سالمين و منتصرين . ترى هل سيكون النصر حليفهم اليوم !
في خارج حدود العاصمة تقابل الجيشان و كان على رأس الجيش الآخر القائد عامر من جيش الدولة المعادية لدولة فيلاس ,
تقدم إلياس وقال : أنا قائد دولة إلياس , ولن أسمح لكم بخطو خطوة أخرى للداخل , سأعطيكم فرصة للتراجع الآن و إلا فستعودون مهزومين .
تقدم عامر ..
عامر : أيها الحاكم إلياس نحن لسنا هنا للتراجع و الاستسلام , إن سلمتنا فيلاس فسنستولي عليها دون قتال , ولن نؤذي أهلها أبدا .
إلياس : هذا مستحيل أيها القائدة , هذه أرضي و بلادي ولن أتخلى عنها .. فلنقاتل يا رجال .
هتف جميع الرجال مؤدين له والحماس يملؤهم للدفاع عن وطنهم الغالي ..
وفي ذلك الوقت قرر إلياس بأن ينفذوا خطتهم التي تدعى بالافعى , فأخبر القائد سيف , و هو بدوره قاد الجيش منفذا هذه الخطة .


و ها قد بدأت الحرب الطاعنة بين دولة فيلاس ضد دولة لاهي .
خطة الأفعى هي خطة يقوم فيها مؤخرة الجيش و الجناح الأيمن و الأيسر بالالتفاف نحو العدو تماما كالأفعى , ثم القضاء عليهم وهم في غفلة منهم .
نفذ الجند هذه الخطة على أكمل وجه ولكن المفاجأة كانت ردة فعل الجيش الآخر .
فقد علموا بالخطة واستعد المؤخرة و الجناح الأيمن و الأيسر للقائهم و التصدي لهم على أكمل وجه .
تفاجأ إلياس كثيرا بذلك
سيف : سيدي , لقد علموا بالخطة كيف حدث ذلك يا ترى ؟
إلياس : لا أعلم, ولكن لنستمر في القتال فلا يمكننا التراجع الآن .
اشتبكت الجنود وكانت معركة قوية طاحنة , لم يكن ينقص جنودنا شيء , و لكن الطقس كان عاصفا جدا و لا يساعد على القتال بحرية , فالأمطار قوية جدا مما جعلت الكثير من الأحصنة تقع من الأرض الرطبة تلك .
ليست هذه حال جندنا فقط بل جنود العدو كذلك فقتال في جو ممطر أعاق حركة الكثير ..
سيف : سيدي علينا أن نتراجع الآن .
إلياس : مستحيل , لن نتراجع .
- ولكن سيدي جنودنا يقاتلون بصعوبة ولن ننجح في الفوز إذا استمرينا هكذا
- ولكن لن نترك جثث موتانا هنا ..
- لا تقلق سننتصر في النهاية و سنأخذ جثثنا معنا , ولا تنسى بأنهم قد علموا بأمر الخطة .
تردد إلياس ولكنه قال في النهاية : ليتراجع الجميع .
فرفعت راية تأمر الجنود بالتراجع
و بحركة سريعة تراجع الجيش شيئا فشيئا أما عن الطرف الثاني فقد انسحب أيضا لأنهم يعلمون أنه لا فائدة من القتال في جو كهذا ..
هدأت الأوضاع قليلا وقد مكث العدو بعيدا و استقروا في مكان ما إلى أن تهدأ العاصفة .
حتى جيش الحاكم إلياس لم يعد للمدينة , ولكنهم مكثوا في الخيام ينتظرون العدو .
بعد منتصف الليل خرج إلياس من خيمته و جلس على عشب أرضه ينظر ناحية مدينته وقصره ..
- سيدي الحاكم ماذا بك ؟
نظر إلياس إلى من يحدثه وقال : سيف ! اجلس قليلا معي .
- أمرك سيدي .
- انظر إنها الدولة التي بذل أجدادي كل جهودهم لكي تبقى سالمة آمنة , و ليبقى الناس بخير , أريد أن أحمي هذه الدولة بدمائي وبكل ما أملك , إنها أغلى ما أملكه في حياتي .
- بالطبع سيدي كلنا نؤيدك و سيكون النصر لك بالتأكيد .
- لكن ماذا إن مت ؟ لن أجد شخصا عادلا يحكم بلادي , أنا واثق بأن حسام
قاطعة سيف : حسام ! وما دخل حسام ؟ الناس لا تحبه و لا تريده و أنت تعلم ذلك
- أجل أنا أعلم , وهو كذلك يعلم ولكنه جشع و سيأخذ ما يريده بالقوة
- أتقصد أن وراء هذا الهجوم حسام
- سيف فكر بعقلانية , من سيقنع دولة لاهي غير حسام , إنه ماكر جدا ويريد أن يستولي على دولتنا ويحكمها بالقوة , إن أمثال هؤلاء لا يجب أن يحكموا منزلا واحدا لا دولة كبيرة كهذه .
وبينما هما يتحدثان جاء أحد الجند وهو يجري و نظراته مليئة بالرعب و الخوف و التي بدت وكأنه رأى شيئا مفزعا
أخذ يصرخ: سيدي الحاكم !!!
الحاكم : ماذا بك ما الذي حدث ؟
فجأة سقط الجندي على الأرض فوقف الحاكم و سيف معا ورأى سبب سقوطه
وقد كان سهما أصاب ظهره , نظرا إلى السهم فوجدا رسالة مربوطة به
فأخذها سيف وقرأها على الحاكم
سيف : أيها الحاكم إلياس سيكون هذا آخر يوم لك في حياتك , ومصيرك سيكون مثل مصير هذا الجندي .. انظر حولك , سترى بأن فوزك مستحيل
أطيب التحيات : حسام ..
نظر إلياس و سيف حولهما فوجدوا قوة كبيرة وجيشا ضخما لم يتوقعوا وجوده.
وفي لحظات خاطفة انطلق الجيش كاملا متجهين نحوهم بأسلحتهم المختلفة
إلياس :سيف أين هم الحرس ؟
سيف : لابد بأنهم قد ماتوا كما مات هذا الجندي
إلياس : لا وقت للتحدث الآن , فلنستعد لهجوم مضاد .
انطلق سيف مطلقا جهاز الإنذار الذي أيقظ الجند و جعلهم متفاجئين مما حدث ولكنهم تجهزوا بسرعة كبيرة و استعدوا للهجوم .
و أخيرا تشابك الجيشان معا , رجل يسقط ورجل يقتل, الدماء هنا وهناك , و إلياس يراقب المعركة ويحاول وضع خطط مختلفة ولكن لا فائدة , فعدوهم هو حسام , مستشارهم ومخططهم الحربي الذي وضع كل هذه الخطط ..
في القصر الملكي :
كانت سارة تجلس في غرفتها ومعها أبناؤها الثلاثة
تساءلت أميرة بعدما توقف المطر وقالت : ماما هل المطر يجلب السعادة لنا ؟
ابتسمت سارة وقالت : كلا يا ابنتي لا دخل للمطر في هذا الأمر , ولكن أنت من سيكون السبب في سعادتك , بمصادقتك لأناس رائعين سيجعلونك سعيدة ..
وعندما انتهت من كلامها ضحكت من تعابير وجه ابنتها أميرة التي لم تفهم شيئا .
سارة : ستفهمين كلامي هذا يوما ما .
قفزت أميرة من جحر سارة وتوجهت للنافذة وقالت : ماما متى يعود أبي ؟
سارة : سيعود قريبا , فلندعي الله أن يعود سليما
حاولت سارة أن تلهي ابنتها بأمر ما وتنسيها غياب والدها الذي طال
سارة : أميرة أحضري ورقة و قلما ودعينا نرسم منظر رائعا .
فرحت أميرة وجرت لتحضر الورق و الألوان , وهاهي ترسم لوحة مع والدتها .. كانت لوحة بسيطة ولكن بالنسبة لها فهي رائعة ^_^
وبعد مرور الوقت كانتا قد انهمكا في الرسم ونسيا المطر و المعركة التي تجري بالخارج .
أميرة : لقد انتهينا : )
سارة : هذا رائع و الآن دعينا نكتب اسمك و اسمي معا .
أمسكت سارة بيدي أميرة و أخذت تكتب الاسمين معا .
أميرة : إنها رائعة
سارة : بالطبع , ما دمت أنت من قام برسمها .
أخذت سارة الرسمة وقالت : مارأيك سأضعها في حقيبتي وعندما يعود والدك نريه أياها ؟
في ساحة المعركة ..
كان حسام يقف بعيدا يراقب المعركة , فهو لا يملك قوة بدنية , و لكنه ذكي و ماكر جدا .
مضى وقت و جنودنا يسقطون واحدا تلو الآخر , وما زاد المعركة صعوبة هم فرقة الرماة الذين وضعهم حسام في منطقة حساسة وخطيرة , كيف لا وهو قد عاش حياته كلها هنا في هذه الدولة .
الآن لم يبقى سوا إلياس و سيف و عدد قليل من الجنود ( لا يزيد عددهم عن عشرة جنود )
سيف : سيدي ما العمل الآن؟
إلياس : لن نستسلم , لن نستطيع الإستلام الآن .
سيف : لكن
قال أحد الجنود : أيها الحاكم نحل سنظل تحت أمرتك دائما وأبدا , نحن مستعدون لأن نضحي بحياتنا من أجلك أرجوك سيدي دعنا نقاتل للنهاية ولا نستسلم أبدا .
فالتف الجميع حول إلياس لحمايته , و فجأة سمعو صوت رجل يضحك ! ترى ما المضحك في موقف كهذا
حسام : يالكم من رجال أغبياء , لتعلموا أن شجاعتكم هذه ما هي إلا تهورا
سيف : حسام , ما تقوله خاطئ نحن سندافع عن بلدنا لآخر لحظة في حياتنا ولن نستسلم أبدا . .
لم ينهي سيف كلامه إلا وقد أشار حسام بيده إشارة جعلت الرماة يطلقون سهامهم على الجند , ولكن المفاجئة أن إلياس لم يصب بسهم واحد , وذلك لم يكن مصادفة .
سقط سيف على الأرض و الدماء حوله في كل مكان
إلياس : سسسيف
سيف : سيدي أرجوك أعذرني لم أستطيع حمايتك ..
وهاهو ذا آخر جندي شجاع قد سقط أرضا , لقد مات جميع المدافعين الشجعان , الذين كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم من أجل وطنهم , هذه هي الحرب إنها لا تخلف سوا الدمار , ولا شيء غير الدمار .
وقف إلياس عاجزا عن فعل أي شيء , نظر حوله و لا يرى سوا أرض تملؤها الدماء في كل مكان وأخذ يتذكر كل جندي بما قدمه من شجاعة إقدام ولكن لم يدم ذلك طويلا , فقد أخرج حسام قوسه وسهمه ووجهه نحو إلياس وقال :
حسام : لقد انتهى زمنك يا إلياس , زمن الحب و الوفاء قد انتهى , سأسيطر على دولة فيلاس وسأجعل أهلها يندمون على تخليهم عني
صرخ إلياس : لن أسمح لك بذلك .. آآآآه
وهاهو القائد الطيب الحنون الذي بذل جهده من أجل حماية شعبه ومن أجل راحتهم – قد سقط .! وسقطت معه دولته
حسام : احملوا إلياس وتعالوا معي إلى القصر ..
لقد تعمد حسام عدم قتل الحاكم فبداخله نوايا وأعمال سيئة يريد القيام بها .
مشى حسام و جيشه خلفه وقد دخلوا المدينة و الناس ينظرون إليه , والأطفال يبكون , و قد إزداد حزنهم عند رؤيتهم الحاكم إلياس مصاب و على وشك الموت ..
توجه حسام للقصر حيث سارة وأطفالها هناك ينتظرون خائفين في غرفة إلياس , وكلهم أمل على أن يعود إلياس منتصرا في المعركة .
فتح باب الغرفة فوقفت سارة و توجهت صوب الباب وهي سعيدة وقالت:
- إلياس هل عدت ؟
- إلياس !
ضحك بسخرية و أكمل : لا وجود لهذا الاسم بعد اليوم
- من أنت ؟ وماذا تقصد ؟
دخل إلياس الغرفة و ابتسم فتذكرته سارة على الفور وقالت :
سارة : أنت !
حسام : أجل إنه أنا , الحاكم الجديد لدولة فيلاس
سارة : لكن ,, لكن ماذا عن إلياس ؟
حسام : أدخلوه
دخل رجلان وهما يحملان إلياس ووضعوه على الأرض , فصرخت سارة عندما رأته , وبكت ابنتها أميرة كما بكى التوأمان
حسام : اصمتي الآن , سارة أنت السبب في هذا كله , أجل أنت لو أنك بقيتي صامتة ولم تخبري الحاكم بحالة البلاد لما حدث كل هذا .
سارة : ولكنه كان سيعلم عاجلا أم آجلا
- كلا لم يكن ليعلم مع وجودي , صدقيني ستندمين كثيرا , سأجعلك تكرهين حياتك , وتكرهين اليوم الذي قدمت فيه إلى هنا
ثم اقترب منها أكثر وقال بمكر : إنني أعدك بذلك .. و الآن خذوها .
تقدم الجنديان وسحباها من يدها بقوة وهي تصرخ
ولدي
ما هي إلا لحظات حتى أختفى صوتها .. تقدم حسام وحمل أميرة وقال
- لا بد بأنك أميرة صحيح
كانت أميرة تبكي و لا تعلم ما الذي حدث قبل قليل
- أميرة , ستكونين ابنتي بعد هذا اليوم
ثم نظر للتوأم وقال : وأنتما كذلك ستكونان أبناي لا تقلقا .
ترى ما الذي سيحصل لدولة فيلاس ؟ وماذا سيحدث بسارة زوجة الحاكم ؟ وهل سيصبح الأطفال أبناء حسام يا ترى ؟


كتبت : um azoz
-
روووعه

احداث مشوقه

ونهاية الياس آلمتني كثيرا

انا متأكده انه دولة الظلم لاتسود ابدا

بإنتظار البارت القادم
كتبت : اعقل مجنونة
-
شكرا لك عزيزتي على متتابعتك ^_^
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
مشكورة ياقمر
اعجبنى ماطرحتى واسلوبك مميز بالسرد
وكلاماتك واضحة
وخالص امنياتى لك بصقل موهبتك وابرازها بشكل متألق
وافر التقدير
وتقييمى لطرحك المميز
كتبت : اعقل مجنونة
-

الفصل الثالث : تساؤلات لا تنتهي ..
لن تستطيعوا تخيل مدى سوء حالة شعب فيلاس , ودولة فيلاس بحد ذاتها .
لقد عادت مظلمة كئيبة و حزينة بعد أن تولى الحكم فيها عامر !
أجل عامر تولى الحكم فيها لأن حسام لم تكن في نيته منذ البداية أن يحكم هذه الدولة , ولكن كان هدفه ونيته هو أن يقهر إلياس و يقضي عليه , ويعيد فيلاس كما كانت عليه ..
و الآن عادت الأمور كما كانت قبل ظهور سارة ..
أما عن حسام فقد أصبح مستشار حاكم دولة لاهي ( رؤوف )
إنه ذلك الحاكم الصلب القوي , الذي لا يسكن قلبه ذرة من الرحمة أو الشفقة .
الجميع يخافه ويخشونه و يحسبون له ألف حساب , لذلك عندما يقوم بزيارة منطقة أو مدينة احتلها يظهر أهالي المدينة الاحترام و الحب له
؛ خوفا منه فقط .
و بعد مرور اثنان وعشرون سنة :
دخلت أميرة إلى المنزل وتبدو متعبة من هم الدراسة , فالدراسة في ذلك الوقت كانت صعبة بعض الشيء ..
صعدت الدرجات وهناك نظرت إلى الخادمة التي كانت تنظف الدرجة
فوقفت الخادمة على الفور وقالت : أهلا بعودتك يا سيدتي
أميرة ابتسمت ابتسامة خفيفة لا تكاد تظهر وأكملت طريقها ..
و ما هي إلا دقائق حتى دخل التوأمان ورميا الحقيبة على الأرض و
وصعدا الدرج كذلك للذهاب لغرفهم ودار بينهم الحوار التالي :
لؤي : وائل كيف هي علامتك هذه المرة ؟
نظر إليه وائل نظرة جعلت لؤي يقول : ههههه سؤال سخيف أليس كذلك ؟ أعلم أنك حصلت على درجة كاملة
وائل : إذا كنت تعلم فلا تسألني مجددا ..
رفع لؤي يديه ووضعها خلف رقبته وقال : ألن تسألني عن علاماتي في الاختبار ؟
وائل : كيف هي ؟
لؤي : كالعادة لقد أخطأت قليلا ..
نظر إليه وائل بشك وقال : قليلا فقط !
لؤي : هههههه لا عليك ودعنا نصعد للغرفة
صعد وائل ولم يتحدث بينما ألقى لؤي السلام على الخادمة وقال و الابتسامة على محياه
لؤي : سارة اعملي بجد ..
أجل تلك الخادمة هي سارة نفسها , سارة زوجة الحاكم إلياس ..
و الحقيقة هي أنه بعد ما احتلت قوات رؤوف فيلاس حقق حسام انتقامه منها , وجلبها لكي تعمل خادمة في منزله الكبير ..
لكم جعلها تتألم كثيرا و تبكي من الألم , رؤية أبنائها يقبلون الرجل الذي قتل زوجها لهو أمر صعب جدا
ورؤيتهم يحبونه و يعاملونها وكأنها خادمة لا قيمة لها لهو أمر أصعب بكثير .
ولم تستطع أن تخبرهم الحقيقة بسبب تهديدات حسام الكثيرة لها .
أما عن الأبناء فقد كبروا و عاشوا ليرو حقيقة واحدة أمامهم وهي :
حسام والدهم الحنون , ووالدتهم قد توفت بعد إنجاب التوأم ..
كبرت أميرة وتغيرت صفاتها وشكلها
أميرة فتاة في الخامسة و العشرين من عمرها شعرها طويل بني اللون تشبه والدتها في عينيها العسلية , قسمات وجهها نااعمة و جميلة و تدل على شخصيتها الهادئة و هي باردة قليلا , حادة الذكاء وحسام دائما ما يفتخر بها , لا أصدقاء لها وقد تتساءلون لماذا , و ذلك لأنها لا تعيش إلا من أجل الدراسة و بلوغ أعلى الدرجات , تشعر بوحدة دائما لا تعلم سببها ولكنها طيبة القلب وحنونة ولكم أخفت ذلك ببرودها الشديد .

وائل : في 22 من عمره صفاته قريبة قليلا من أميرة ولكنه اجتماعي قليلا , ذكي و دائما ما تتحداه أميرة , ولكنه لم يبلغ مستواها بعد , يحب أخته حبا جنونيا و لا يرضى لأحد أن يتعرض لها بأي شكل من الأشكال ..

لؤي : في 22 من عمره مختلف تماما عن توأمه وائل , وذلك لأنه مرح دائما و متهور قليلا كما أنه غير مهتم بدراسته , يحب أن يساعد الآخرين و يضحكهم .
يتشابه التوأمان في شكلهما الخارجي و لا فرق بينهم سوا أن وائل يرتدي نظارات طبية أما لؤي فلا .
يعيش الإخوة جميعا مع حسام تحت سقف منزل واحد , وجميع طلباتهم مجابة , فحسام كما تعلمون هو مستشار رؤوف الحربي ؛ لذلك يتمتع بهذا النعيم كله . ..
على سفرة الطعام جلس الجميع في أماكنهم وحسام بينهم , وما هي إلا لحظات وقدمت الخادمة سارة وهي تحمل بيديها أكواب العصير , وبدون قصد سقط منها , فتوترت و نزلت تحاول أن تجمع الأكواب التي كسرت .
نظر إليها حسام بغضب وصرخ فورا : هل أنت عمياء أم ماذا ؟ توقفي عن تصرفاتك الخرقاء يا غبية .
و استمر يصرخ في وجهها ويهزئها وهي المسكينة لا تستطيع فتح فمها بكلمة .
وعندما صمت حسام أخيرا نظرت أميرة إليها بنظرة تملأها الشفقة
و بعد تردد وقفت وتوجهت نحوها وساعدتها .
سارة : آنستي .. آآه
أميرة : هيـا بسرعة أنا جائعة .
ونظرت إليها وابتسمت ابتسامة خفيفة .
لم تستطع عندها سارة احتمال الموقف فدمعت عيناها , نظرت إليها أميرة متعجبة وقالت :
- لا أفهم لماذا تبكين الآن , فعلت ذلك لأساعدك فقط !
- آسفة سيدتي , لم أقصد أن ..
- لا عليك
وقفت أميرة وجلست في مكانها , وبعد ذلك أكملوا طعامهم وذهب كل منهم إلى غرفته .
في مساء ذلك اليوم توجهت سارة إلى غرفة لؤي , ودخلت بهدوء فرأته جالسا على مكتبه يقرأ بهدوء ورقة في يده ,
أضاءت الغرفة كانت خافتة , ورائحة الغرفة زكية , تماما كرائحة الياسمين .
تقدمت سارة ببطء ووضعت كوب العصير الذي طلبه , وعندما أدارت ظهرها متوجهة صوب الباب سمعته يتكلم أخيرا ويقول :
- لطالما سألت نفسي هذا السؤال , ولكن لم أجد له إجابة , وكلما أردت أن أسالك تتهربين مني ! لماذا ؟
لم تستطع سارة أن تتحرك بعدما سمعت ما قاله وظنت بأنه قد كشف سرها المخفي ,, شعور مختلط بالفرحة و الحزن , لا تدري ماذا تفعل , هل تخبره الحقيقة فورا أم تنتظر لتسمع بقية كلامه !
وقف لؤي وتقدم نحوها وكلما خطا خطوة ازدادت دقات قلبها أكثر و أكثر
حتى وقف أمامها مباشرة ونظر في عينيها وأكمل حديثه قائلا :
- ربما ترينني مرحا أحيانا , ولا أهتم بدراستي مثلما يفعل أخوي ولكنني لست غبيا وجاهلا ,, فأنا أراقبك وأراقب تصرفاتك الغريبة معنا ,
- لؤي ما لذي تقوله ؟ لا أفهم
- أرجوك دعيني أكمل كلامي أولا , ولا تتدعي بعدم معرفتك للأمر , أكثر شيئا جعلني أتساءل هو تصرفات والدي معك , هل يا ترى هناك ماض قديم بينكما , هل قام بفعل شيئا سابق لك
ثم صرخ فجأة وقال : تكلمي .
ازداد قلق سارة و ارتباكها وتشتت كلماتها فلم تجد ما تعبر بع عنه صدمتها هذه .
سارة : آآه مم في الحقييـ ــقة
لؤي : لقد سئمت كذبك وخداعك لن أسامحك أبدا .
ثم أدار ظهره لها بحركة تدل على غضبه الشديد
هنا لم تستطع سارة الاحتمال أكثر وأخذت تبكي وتقول
سارة : لؤي أرجوك سامحني , لم أكن أقصد ذلك , لقد أرغمني والدك على كتم الحقيقة ..
وفجأة أخذ لؤي يضحك بأعلى صوته , بل وصل به الأمر إلى القهقهة
ياللمفاجئة لماذا تضحك يا لؤي ؟ ما لذي سيجعلك تضحك إلى هذا الحد , هل بكائي مضحك , أم كلامي هذا مضحك !!
لؤي بعدما هدأ قليلا جلس يلتقط أنفاسه من كثرة الضحك
وعندما نظر إلى سارة و إلى وجهها المليء بعلامات الاستفهام
التي تأكد على عدم فهمها للموضوع . رؤيتها بهذا الشكل أعادته إلى ضحكه مرة أخرى ولم يتوقف حتى صرخت سارة
سارة : لؤي لماااذا تضحك ؟؟
لؤي : آآآآسف حقا , في الحقيقة كنت أحتاج إلى متطوع يساعدني على تقديم المسرحية بالغد , ولحظة دخولك فكرت بك على الفور , ولكنني لم أتوقع أبدا بأنك ستنفعلين لدرجة البكاء , آسف لأنني أقلقتك هكذا .
بدأت سارة تمسح دموعها التي سقطت على وجنتيها الناعمة
- لا بأس أتمنى لك التوفيق .
وخرجت مسرعة من غرفته , و أحست براحة كبيرة عند خروجها
فقد كانت تشعر بضغط كبير عندما كانت بالداخل , ولكنها تمنت أن يكون ما حدث حقيقيا , لقد سئمت هذه الحياة التي تعيشها و سئمت تصرفات حسام معها , ليتها تستطيع التخلص منه بطريقة ما , ولكنها تعيش على أمل بأن الحقيقة ستظهر يوما ما . . .
اجتمعت العائلة من جديد على سفرة الطعام في اليوم التالي , ولكن حسام لم يكن موجودا , فهو مشغول هذه الأيام بأعمال مختلفة .
أحضرت سارة الطعام الذي أعدته ماريا – صانعة الطعام – و انتهزت فرصة عدم وجود حسام لتتحدث قليلا مع أبنائها فابتدأت الحديث قائلة :
سارة : مالي أراكم سعيدين هكذا ؟! هل حدث شيء جميل اليوم ؟
وائل : بالطبع , فقد شاهدنا اليوم تمثيلا رائعا ودورا جميلا قام به لؤي في مسرحية المدرسة .
تذكرت سارة ما حدث ليلة الأمس فلم تضف شيئا على كلام وائل .
أميرة : هناك أمر يحيرني يا لؤي ..
لؤي : ما هو ؟
أميرة : لقد ابتسمت في نهاية حوارك وفي مكان خاطئ , ربما لم يلحظ ذلك الكثير , ولكنني لاحظت ذلك , هل حصل ما يضحك ؟ أو هل تذكرت شيئا أضحكك ؟
لؤي : ههههههههه
استمر لؤي في قهقهته حتى ضربه وائل ضربة خفيفة على ظهره وقال
وائل : لؤوووي كفى ضحكا و أخبرنا لماذا كل هذا الضحك .!
حاول لؤي أن يهدأ , ثم حكى لهما ما حصل مع الليلة الماضية , وكيف أن سارة قد صدقت تمثيله البسيط هذا , دون إدراك منه أنه من الممكن أن يكون حقيقة لا تمثيلا .
ضحك الجميع عند سماعهم القصة وضحكت سارة معهم .
لؤي : لكن هذا لم يكن كل شيء , لقد ظهرت نتائج سارة اليوم , وقد حصلت على المركز الأول من جديد .
سارة : هذااا رااائع ,, ولكن المركز الأول على ماذا ؟
لؤي : وللمرة الثالثة حصلت على المركز الأول على مستوى المنطقة بأكملها
سارة : هذا فعلا رائع .
ابتسمت أميرة لسماع هذا الكلام الرائع من إخوتها .
وائل : ولكننا لم نر هديتك بعد !
أميرة : لقد وضعتها في غرفتي , اذهبي يا سارة من فضلك و أحضريها .
سارة : حسنا .
توجهت سارة إلى غرفة أميرة المسماة بغرفة العاشقة , لكن لا تفهموني خطأ رجاءً, فهي عاشقة ولكن من نوع آخر وفريد ..
فلم تكن غرفتها مليئة بقلوب العاشقين , ولم تكن مليئة بألوان الحب كالأحمر , ولم تكن كذلك مظلمة و مخيفة
كانت مليئة برفوف عديدة تملأ الغرفة , رفوف قد احتوت على أنواع مختلفة وكثيرة من الكتب !
أجل فهي عاشقة للكتب , فغرفتها قد نسميها مكتبة إن رأيناها , فهي تهوى الكتب و تعشق كل أنواعها , من روايات وقصص وكتب تاريخية و كتب إسلامية ...الخ
وصدقوني لن تجدوا في العالم غرفة أنظف وأرتب منها , كل الأشياء في أماكنها لا يمكن أن يضيع شيء , بعكس لؤي الذي هو فوضوي بعض الشيء , قد تظنوا بأنني أبالغ في الوصف , لكنها الحقيقة .
دخلت سارة الغرفة و أضاءت الأنوار و اتجهت مباشرة نحو المكان الذي تضع الهدايا الخاصة بها , ومن ثم أحضرت ما قد نالته اليوم و أغلقت الأنوار و خرجت .
وأخيرا أحضرتها ووضعتها على طاولة الطعام .
أميرة : شكرا لك
وائل : إنها مدهشة حقا , أنت تستحقين ذلك
لؤي : بالفعل , ثم قال بصوت منخفض : آه لو كنت أملك ذرة من ذكائك
فضحك الجميع على ما قاله
سارة : عليك ببذل القليل من الجهد و ستصبح مميزا كأميرة,
لؤي : أرجوك لست مستعدا لسماع محاضرة جديدة
وائل : هل تعلمون , يجب علينا القيام بنزهة في إجازة هذا الأسبوع احتفالا بسارة و بتمثيل لؤي .
وافق الجميع على الفكرة و كانت السعادة تغمرهم ولكن قطعت أميرة بهجتهم بتذكرها موعدها المهم
أميرة : آسفة لا أستطيع الذهاب معكم .
وائل : ولماذا ؟
أميرة : هل نسيت موعدي مع والدي لزيارة العاصمة , ومقابلة الحاكم رؤوف !
لؤي : أووه كيف بنا أن ننسى ذلك !
اكتست ملامح وجه سارة المبتهج إلى ملامح غاضبة , ولكنها حاولت جهدها أن تخفي تلك المشاعر الدفينة , وأن لا تدعها تخرج للعلن و تكشف أمرها , فهي في الآخر مجرد خادمة لديهم , ربما لا تكون لها أي قيمة .
في نهاية الأسبوع وفي يوم الإجازة تغيرت خططهم , و ذهبت أميرة مع والدها إلى العاصمة
أما البقية فلم يذهبوا للنزهة , فهم يريدون أن تكون سارة بينهم .
كان طريقا طويلا وشاقا , قد أرهق الجميع و زاد أميرة إرهاقا لأنها لم تكن تود الذهاب منذ البداية
ولكن محاولات حسام جعلتها تذهب , فهو يريد لرؤوف أن يقابل ابنته أميرة , فهو دائما ما يكون فخورا بها وبجمالها وذكائها الذي امتازت به عن غيرها من الفتيات .
رأى حسام حال ابنته المزرية فاقترح عليها أن يكملوا الطريق إلى قصر رؤوف مشيا على أقدامهم ؛ فلم تبقى سوا مسافة قصيرة ولله الحمد .
أعجب اقتراح حسام ابنته وقد طلبت منه التوقف عند بعض الأسواق لمشاهدة البضائع و الملابس ...
كانت المدينة تعج بالناس و الأصوات المرتفعة , و الأماكن المزدحمة فهذا يعلن عن أقمشة ممتازة و آخر عن أطعمة لذيذة .
كانت أميرة تتجول في الأماكن من واحد لأخر وتستمع برؤية المناظر , وكان الجميع يعاملونها بطريقة مختلفة , فهم يعلمون بأنها ابنة حسام الذي كان يسير معها في كل مكان
كانوا يبتسمون لها و يقدموها عن غيرها من الزبائن
وقد كانت سعيدة بمعاملتهم هذه , ولكنها في الوقت ذاته أحست بشعور غريب , ووحدة غريبة
أحست بأن هؤلاء الناس رغم الابتسامات التي يظهرونها إلا أنهم أكثر الناس تعاسة في هذا العالم
ولكن لماذا ؟ لماذا كل هذه المشاعر تظهر الآن ؟ ما لخطأ في كل هذا ؟
حسام : أميرة ماذا بك لماذا توقفت ؟!
أميرة : آسفة , أبي دعنا نكمل طريقنا للقصر
حسام : كما تشائين .
وطيلة الوقت الذي مضته للوصول إلى القصر وهي تفكر في ما رأته اليوم , وفيما تشعر به , وهي إلى الآن لم تعرف ما لذي حصل لها .
...........
دخل حسام وحده إلى الغرفة التي كان رؤوف جالسا بها , وبعد ذلك خرج الخادم مخبرا أميرة بأن تدخل ,
وعند دخولها رأته جالسا خلف مكتبه ورافعا قدماه فوقه بصورة توحي على ثقته الشديدة بنفسه , وواضعا سيجارته الفاخرة في فمه , إن شكله يدل على شخصية قوية جبارة واثقة من نفسه , ومن يراه يخاف منه و يحسب له ألف حساب قبل التحدث معه .
وقف رؤوف عند رؤيته لأميرة و اقترب نحوها , فبدأت نبضات قلبها بالازدياد شيئا فشيئا
قال بصوت لا يحمل في طياتها أي معنى للرحمة :
رؤوف : أميرة لم أرك منذ وقت طوويل جدا , لقد أصبحت أجمل بكثير منذ أن رأيتك آخر مرة
أميرة : شكرا لك سيدي
رؤوف : تفضلي بالجلوس و لا تقلق .
نظرت أميرة لوالدها فطمأنها بنظراته و أخبرها بأن تجلس , فجلست بكل هدوء مقابل أبيها
و أخذت تنظر في الغرفة و تتفحصها , هناك خلف مكتبه نافذة كبيرة , مكتبه مليء بالأوراق و الكتب , وبالطبع علبة السجائر , وأكثر ما شد انتباهها مكتبه صغيرة تحوي العديد من الكتب التي تبدو قيمة بالنسبة لها .
رؤوف : هل انتهيت من فحص غرفتي ؟
عادت أميرة لوعيها – فهي قد نسيت وجود والدها و رؤوف معها –
أميرة : آسفة حقا لم أكن أقصد .
رؤوف : لا عليك يا صغيرتي , أخبريني كيف هي أمور دراستك ؟
أميرة : إنها رائعة , شكرا لك
رؤوف : أعتذر لك ولكن هل لك بأن تتركيننا وحدنا قليلا
أميرة : بالطبع حسنا .
رؤوف : ما رأيك بأن تقضي الوقت في حديقة المنزل ستجدين ما يسرك
أميرة : حسنا , أنا في انتظارك يا أبي .
حسام : وداعا .
منظر الحديقة كان رائعا , الأزهار و الورود تملأ المكان , و أصوات الطيور المغردة , إنه منظر أجمل بكثير من غرفة رؤوف , وهو يعطي شعورا بالراحة اكثر
لم يمض وقت طويل على وجودها في الحديقة حتى نزل والدها و ركبا العربة عائدين إلى المنزل .
حسام : اعتذر لتركك وحيدة .
أميرة : لا عليك يا أبي فقد كان منظر الحديقة جميلا و لا ينسى .
حسام : لقد أرحتني الآن , دعينا نعود للمنزل .
شعرت أميرة بالنعاس من طول الطريق فنامت في منتصفه , وعند وصولهما أيقظها والدها فدخلت المنزل قاصدة غرفتها و استلقت على سريرها لتنام براحة ..
لم تستيقظ إلا على صوت الباب المزعج فوقفت بتكاسل وفتحته , فوجدت الجميع خلف الباب
لؤي : آآه و أخيرا استيقظت .
أميرة : ما الأمر ما الذي حصل ؟
وائل : أميرة ارتدي ثيابك بسرعة سنذهب للتنزه
أميرة : ماذا !؟
وائل : لا وقت لدينا , عندي لك مفاجأة جميلة أسرعي
أميرة : حسنا انتظروني قليلا .
أغلقت الباب و تجهزت وبينما هي ترتدي ثيابها صرخ وائل من خلف الباب وقال
وائل : أرجوووك لا ترتدي فستانا فهذا سيعيق تحركك
تعجبت أميرة مما قاله : يعيق حركتي في ماذا !؟
ارتدت تنورة واسعة مريحة و قميصا واسعا و ربطت شعرها الطويل البني بحركة سريعة و أنهت الأمر بارتداء حذائها وخروجها من الغرفة .
ولكنها عندما خرجت لم تر أحدا غير سارة
أميرة : سارة ما الذي يحدث هنا ؟
سارة : الجميع ينتظرك بالخارج , سنذهب للتنزه عوضا عن يوم الأمس .
أميرة : حقا !
سارة : أجل أسرعي الجميع بانتظارك .
صعدت العربة معهم و انتابها الفضول لعدم وجود والدها
أميرة : وأين هو أبي ؟
أشار لؤي بيده بحركة استخفافية : كالعادة لديه أعمال مهمة يقوم بها , لذلك أخذنا سارة عوضا عنه
نظرت أميرة إلى سارة فابتسمت لها
أميرة : أخبرني يا وائل ما هي المفاجأة التي أخبرتني عنها ؟
وائل : ستعرفينها عندما نصل : )
عند وصولهم ترجل الجميع من العربة و عندما وقفت أميرة على الأرض الخضراء استنشقت نفسا عميقا صافيا و أغلقت عينيها ثم أزفرته
أميرة : إن الجو رائع جدا وصافٍ .
الأرض خضراء واااسعة و الجو عليل , ما أجمل التمدد على هذه الأرض و النظر إلى السماء التي تجري عليها سحب مختلفة الشكل , أو قطف ورود جميلة وصنع طوق من الفل أو الياسمين , إن من يأتي إلى هذا المكان يشعر بأنه في عالم آخر , عالم خال من التعب و الهم , وخال من الحقد و الكره
عالم يعيش فيه سكانه بسلام و آمان وراحة بال .
يتعب الإنسان من وصف هذا الجمال ولكن في النهاية لا يسعنا سوا قول شيء واحد ( سبحان الله )
قطع حبل أفكار أميرة صوت صهيل حصان
فنظرت خلفها لتجد إبداع الخالق في هذا الحصان , فشعره يتطاير مع الهواء بطريقة جميلة و لونه يظهر بصورة بنية تعكس ضوء الشمس , وعيناه واسعتان سوداء تنظر إليها مباشرة .
أميرة : يا الهي , ما هذا ؟
نظرت إلى من كان يمسكه فوجدته وائل
أميرة : أخبرني ما
وائل : لقد استعرته من صديقي لبعض الوقت هيا اصعدي ودعينا نأخذ جولة سوية على ظهره
أميرة : أنا ؟
وائل : بالطبع ,سأركب أنا على ظهر حصان آخر و لؤي على ذلك الحصان هناك .
أميرة : يالها من مفاجئة جميلة , لم أكن أتوقع ذلك , كم تمنيت أن أركب على حصان و أجري في سهل وااااسع كهذا
لؤي : لست وحدك من تمنى هذا الأمر , لقد تدربنا على ركوب الخيل منذ أن كنا صغارا ولكننا لم نخرج في نزهة سوية هكذا
جرت أميرة نحو وائل و طبعت قبله على خديه وهي مبتهجة
بقيت سارة جالسة تجهز لهم طعام الإفطار بينما ذهب البقية يجرون ويمرحون و فجأة اختفوا من ناظري سارة .
مر الوقت ببطء شديد على سارة و بدأت تقلق أكثر فأكثر .
إلى أن رأت لؤي يجري نحوها وهو هلع وخائف
لؤي : آآه لقد .. لقـ ـ د ســ ــ قطت أمييييرة
وقفت سارة مصدومة وهي تسأله : ماذا تقوول ؟!
لؤي : اذهبي إليهم سأطلب المساعدة على الفور
و انطلق بحصانه بسرعة محضرا المساعدة و ما هي إلا دقائق حتى عاد و عندها حملوا أميرة و ذهبوا بها إلى المصحة .
بقي الجميع في المصحة قلقون و لم تتوقف سارة عن الحركة ذهابا و أيابا وهي خائفة على أميرة
تبكي قليلا ثم تصمت و تدعي ثم تعود للبكاء من جديد ,واستمرت على هذا الحال ؛ إلى أن خرج الطبيب وقال
الطبيب : إنها بخير , لقد أصيبت برضوض وكدمات بسيطة تستطيعون رؤيتها إنها ترتاح بالداخل ,ولكن بهدوء من فضلكم إنها نائمة .
دخل الجميع وقد ارتاحت سارة كثيرا عندما رأتها وهي نائمة بسلام .
في اليوم التالي سمح الطبيب بخروج أميرة فالأمر لا يستدعي البقاء فحالتها الجسمية جيدة ولكن حالتها النفسية كانت صعبة , فهي لا تزال تحت تأثير صدمة سقوطها .
وعند وصولهم للمنزل دخل الجميع فوجدوا حسام جالسا ينتظرهم وهو قلق
وعندما دخلوا توجه نحو أميرة و قام بضمها بقوة , وبعد أن انتهى المشهد الدرامي هذا نظر حسام في غضب إلى سارة وقال بصوت مرتفع مخيف غاضب
حسام : أنت السبب يا سارة , أنت غبية و بلهاء ما كان يجب علي أن أرسلك معهم , لقد اقترحت عليهم هذه الفكرة , سارة لا أريد أن أراك هنا أنت تستغلين أبنائي , و تستغلين طيبتهم بإظهار طيبتك و محبتك لهم أخرجي الآن ولا أريد أن أراك بعد اليوم هنا .
أخذت دموع سارة تنساب بسرعة كبيرة : كلا لست كذلك لست كذلك .
وخرجت من المنزل هاربة من المكان إلى ألا مكان , تاركة جميع اغراضها الشخصية , فهي لم تكن قادرة على تحمل البقاء أكثر , و الشعور بالذل و الاهانة اكثر من ذلك , لذلك خرجت و تمنت ألا تعود مجددا و حسام موجود.
أما عن بقية الأبناء فهم لا يزالون في صدمة مما حدث لقد اختفت في دقاائق قليلة , و قد ازدادت حالة سارة سوا منذ ذلك اليوم , وحسام دخل غرفته و انشغل بأعماله هاربا مما حدث قبل قليل .
بعد مرور يومين وفي منتصف الليل خرجت أميرة من غرفتها وهي ترتعب و ترتجف , لم تعتد غياب سارة عنها بعد فذهبت لغرفتها ودخلتها بهدوء
وكم تمنت لو تراها تقف أمامها وتبتسم لها بشكل مريح , و تخفف عنها ألمها , ولكنها لم تجدها أمامها فبدأت تبكي , لقد صدقت الأمر الآن , لقد ذهبت سارة ولن تعوود .
بعد أن هدأت فتحت خزنة ملابس سارة و أخذت تتفقد أشياءها لعلها تجد شيئا يدل على وجودها , كمكان سكن أقرباءها أو عنوان لها ولكن دون جدوى
إلا أنها رأت كتابا غريبا مكتوب عليه بالخط العريض ( ذكريات مدفونة )
فتحته و أخذت تقلبه ثم سقطت منه ورقة فالتقطتها ونظرت إليها
إنها رسمه طفلة لم تتجاوز الخامسة ,.. فتحت عيناها ومسحت دموعها وهي في حالة صدمة
لم تصدق الأمر حتى قرأت ما في الكتاب ,, حينها ظهرت الحقيقة بأكملها منذ البداااية ..
الصفحات 1  2

التالي
السابق