معركة عين جالوت
مجتمع رجيم / قسم التاريخ الاسلامى
وجاءت إشارة البدء من قطز عن طريق الطبول والأبواق..
ونزلت الكتائب الإسلامية العظيمة من خلف التلال إلى ساحة المعركة.. نزلت من كل جانب، وأسرعت فرقة قوية لتغلق المدخل الشمالي لسهل عين جالوت،
وبذلك في دقائق معدودات أحاطت القوات الإسلامية بالتتار إحاطة السوار بالمعصم..
واحتدم اللقاء
واكتشف كتبغا الخطة الإسلامية بعد فوات الأوان، وحُصر هو والتتار في داخل سهل عين جالوت، وبدأ الصراع المرير في واحدة من أشد المعارك التي وقعت في التاريخ.. لا مجال للهرب، ولا مجال للمناورات..
حرب ضارية بشعة.. أخرج التتار فيها كل إمكانياتهم، وبدءوا يقاتلون بحمية بالغة.. والمسلمون صابرون ثابتون..
وقطز رحمه الله يقف في مكان عال خلف الصفوف يراقب الموقف بكامله، ويوجه فِرَق الجيش إلى سد الثغرات، ويخطط لكل كبيرة وصغيرة..

وتغلغل التتار عميقًا، واخترقوا ميسرة قطز، فانكسرت تلك الميسرة كسرة شنيعة، ولكن قطز حمل بنفسه في طائفة من جنده، وأسرع لنجدة الميسرة، حتى استعادت مواقعها.
واستأنف قطز الهجوم المضاد بقوات "القلب" التي كانت بقيادته المباشرة،
وكان يتقدم جنوده وهو يصيح: "واإسلاماه.. واإسلاماه.." واقتحم قطز القتال، وباشر بنفسه، وأبلى في ذلك اليوم أعظم البلاء،
وكان قطز قد أخفى معظم قواته النظامية المؤلفة من المماليك في شعب التلال، لتكون كمائن،
وبعد أن كر بالمجاهدين كرة بعد كرة حتى زعزع جناح التتار، برز المماليك من كمائنهم وأداموا زخم الهجوم بشدة وعنف.
وكان قطز أمام جيشه يصرخ: "واإسلاماه.. واإسلاماه.. يا الله انصر عبدك قطز على التتار"،
وكان جيشه يتبعه مقتديًا بإقدامه وبسالته، فقتل فرس قطز من تحته، وكاد يعرض للقتل لولا أن أسعفه أحد فرسانه، فنزل له عن فرسه.
وسارع قطز إلى قيادة رجاله متغلغلاً في صفوف أعدائه، حتى ارتبكت صفوف التتار، وشاع أن قائدهم "كتبغا نوين" قد قُتل، فولوا الأدبار لا يلوون على شيء.
وكان "كتبغا نوين" يضرب يمينًا وشمالاً غيرة وحمية، وكان يكر على المسلمين
ورغم أن جنوده تركوه وهربوا فقد ظل يقاتل حتى قُتل.
وكانت هناك مزرعة للقصب بالقرب من ساحة القتال، فاختفى فيها فوج من التتار، فأمر قطز جنوده أن يضرموا النار في تلك المزرعة، وأحرقوا فوج التتار جميعًا.
وبدأ المسلمون فورًا بمطاردة التتار، كما طاردهم المسلمون الذين لم يكونوا من جيش قطز، حتى دخل قطز دمشق في أواخر شهر رمضان المبارك، فاستقبله أهلها بالابتهاج.
وامتدت المطاردة السريعة إلى قرب مدينة حلب، فلما شعر التتار باقتراب المسلمين منهم تركوا ما كان بأيديهم من أسارى المسلمين، ورموا أولادهم، فتخطفهم الناس، وقاسوا من البلاء ما يستحقونه.
وختاماً: فإني أسأل الله تعالى في هذا الشهر العظيم أن يمن علينا بالنصر والتمكين كما نصرنا في عين جالوت وغيرها في رمضان،
وأن يعيدنا إلى ديننا عوداً جميلاً، وأن يثبتنا على الإسلام ويجعلنا من جنده العاملين
آمين.