هكذا حج الصالحون والصالحات

مجتمع رجيم / منتدى الحج و العمرة
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
هكذا حج الصالحون والصالحات
هكذا حج الصالحون والصالحات
هكذا حج الصالحون والصالحات
هكذا حج الصالحون والصالحات


الصالحون والصالحات PIC-797-1351440578.g



هكذا حج الصالحون والصالحات


د/ علي بن عبد الله الصياح



أعظم ما يلمس من هذه الآثار الواردة

عن الصالحين في الحج

أعظم ما نلمس في هذه الآثار الواردة في الحج:

أ- عناية السلف بالتوحيد... ونبذ الشرك:

نعم لا فائدة من حج لا يقوم على التوحيد.. ونبذ الشرك.. وفي كتاب الله «سورة الحج»، كلها تتحدث عن التوحيد والعبادة، ونبذ الشرك بجميع صوره، وتنعى على أولئك الذين يعبدون غير الله تعالى، أو يدعون من دونه ما لا يضرهم، ولا ينفعهم، بل يدعون من ضره أقرب من نفعه.

إن من يقول - وهو متلبس بشعيرة من أعظم الشرائع - «مدد يا رسول الله» أو «مدد يا علي».. أو يذبح لغير الله، ويتوسل بالأولياء والصالحين.. ويدعوهم من دون الله.. لم يستشعر أن الحج شرع في الأصل لتوحيد الله عز وجل قال تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)
[الحج: 26].

ففي هذه الآية الكريمة «يذكر تعالى عظمة البيت الحرام وجلاله، وعظمة بانيه وهو خليل الرحمن فقال: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ) أي هيأناه له، وأنزلناه إياه، وجعل قسما من ذريته من سكانه، وأمره الله ببنيانه، فبناه على تقوى الله، وأسسه على طاعة الله، وبناه هو وابنه إسماعيل، وأمره أن لا يشرك به شيئا، بأن يخلص لله أعماله، ويبنيه على اسم الله (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) أي من الشرك والمعاصي، ومن الأنجاس والأدناس وإضافة الحرم إلى نفسه لشرفه وفضله، ولتعظم محبته في القلوب، وتنصب إليه الأفئدة من كل جانب، وليكون أعظم لتطهيره وتعظيمه، لكونه بيت الرب (لِلطَّائِفِينَ) به والعاكفين عنده المقيمين لعبادة من العبادات من ذكر وقراءة وتعلم علم وتعليمه، وغير ذلك من أنواع القرب (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) أي: المصلين، أي: طهره لهؤلاء الفضلاء الذين همهم طاعة مولاهم، وخدمته والتقرب إليه عند بيته، فهؤلاء لهم الحق ولهم الإكرام، ومن إكرامهم تطهير البيت لأجلهم، ويدخل في تطهيره تطهيره من الأصوات اللاغية والمرتفعة التي تشوش المتعبدين بالصلاة والطواف، وقدم الطواف – في هذه الآية – على الاعتكاف والصلاة لاختصاصه بهذا البيت، ثم الاعتكاف لاختصاصه بجنس المساجد»([1]).


فلتوحيد أقيم هذا البيت منذ أول لحظة عرف الله مكانه لإبراهيم عليه السلام وأمره أن يقيمه على هذا الأساس: ألا تشرك بي شيئا.

وقال تعالى في سياق آيات الحج (حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي
بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ )
[الحج: 31].
(
[1])تفسير السعدي (ص537).



ففي هذه الآية الأمر بأن نكون(حُنَفَاءَ لِلَّهِ) أي: مقبلين عليه وعلى عبادته معرضين عما سواه (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله )فمثله (فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ) أي: سقط منها (فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) بسرعة (أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) أي: بعيد، كذلك المشركون، فالإيمان بمنزلة السماء محفوظة مرفوعة، ومن ترك الإيمان بمنزلة الساقط من السماء عرضة للآفات والبليات، فإما أن تخطفه الطير فتقطعه أعضاءه، كذلك المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطفته الشياطين من كل جانب ومزقوه وأذهبوا عليه دينه ودنياه.

وإما أن تأخذه عاصفة شديدة من الريح فتعلوا به في طبقات الجو فتقذفه بعد أن تنقطع أعضاؤه في مكان بعيد جدا»([1]).

وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «فأهل بالتوحيد:
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»
([2]).

فسمى جابر التلبية توحيدا لأنها تضمنت التوحيد والإخلاص، فالحاج يعلن التوحيد من أول لحظة يدخل فيها في النسك، ولا يزال يلبي بالتوحيد، وينتقل من عمل إلى عمل بالتوحيد، وفي هذا تربية النفس على توحيد الله والإخلاص له.


(
[1])تفسير السعدي (ص538).

( [2])أخرجه: مسلم في صحيحه رقم (1218).



في موسم الحج تبرز عقيدة البراء من أهل الشرك والكفر فلا يجوز أن يدخلوا منطقة الحرم في كل وقت مهما كان المقصد قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
[التوبة: 28].

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه يبعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان([1]).
ومما يشرع في يوم عرفة الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم عرفة «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير»([2]).

(
[1])البخاري رقم (1543)، ومسلم رقم (1347).

( [2])أخرجه: الترمذي في جامعه (رقم 3585)، وأحمد بن حنبل في مسنده (2/210).
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني وليس بالقوي عند أهل الحديث».

قلت: وللحديث شواهد يتقوى بها، خاصة وأن الحديث في باب الترغيب، وجمهور المحدثين يتساهلون في باب الترغيب والترهيب والآثار والقصص والحكايات وعند الريب والشك والمخالفة في حديث أو خبر – إسنادا أو متنا – يطبقون المنهج النقدي الدقيق الذي تميز به المحدثون دون غيرهم، والذي من خلاله يتم نخل الخبر نخلا دقيقا إسنادا ومتنا.
قال عبد الرحمن ابن مهدي: «إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات تساهلنا في الأسانيد»، قال ابن عبد البر: «وأهل العلم ما زالوا يسامحون أنفسهم في رواية الرغائب والفضائل عن كل أحد، وإنما كانوا يتشددون في أحاديث الأحكام».
التمهيد (1/127).





وقد أخرج ابن وضاح في كتابه «البدع» عن المعرور بن سويد قال: خرجنا حجاجا مع عمر بن الخطاب فعرض لنا في بعض الطريق مسجد فابتدره الناس يصلون فيه، فقال عمر: ما شأنهم؟
فقالوا: هذا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
، فقال عمر: أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم مثل هذا حتى أحدثوها بيعا، فمن عرضت له فيه صلاة فليصل، ومن لم تعرض له فيه صلاة فليمض.


وفي رواية عن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر في حجة حجها فقرأ بنا في الفجر( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) و (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) فلما قضى حجه ورجع رأى الناس يبتدرون! فقال: ما هذا؟
فقالوا: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل، ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصل([1]).
وإسناد الأثر صحيح.

فتأمل كيف سد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب طرق الشرك، تحقيقا للتوحيد وحماية لجنابه، فأنكر التبرك بالأماكن التي لم يدل الشرع على فضلها وحرمتها.


(
[1])أخرجه: ابن أبي شيبة (2/151)، وعبد الرزاق (2/118) في مصنفيهما.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «المتابعة أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل: فإذا فعل فعلا على وجه العبادة شرع لنا أن نفعله على وجه العبادة، وإذا قصد تخصيص مكان أو زمان بالعبادة خصصناه بذلك كما كان يقصد أن يطوف حول الكعبة، وأن يلتمس الحجر الأسود، وأن يصلي خلف المقام، وكان يتحرى الصلاة خلف أسطوانة مسجد المدينة، وقصد الصعود على الصفا والمروة والدعاء والذكر هناك، وكذلك عرفة ومزدلفة وغيرهما.

وأما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده مثل أن ينزل بمكان ويصلي فيه لكونه نزله قاصدا لتخصيصه به بالصلاة والنزول فيه، فإذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه أو النزول لم نكن متبعين بل هذا من البدع التي كان ينهى عنها عمر بن الخطاب كما ثبت بالإسناد الصحيح من حديث شعبة، عن سليمان التيمي، عن المعرور بن سويد قال: كان عمر بن الخطاب في سفر فصلى الغداة، ثم أتى على مكان، فجعل الناس يأتونه فيقولون: صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم
.

فقال عمر: إنما هلك أهل الكتاب أنهم اتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا، فمن عرضت له الصلاة فليصل و إلا فليمض.

فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم
لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه بل صلى فيه لأنه موضع نزوله رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها، ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك، ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصورة، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب، وهذا هو الأصل فإن المتابعة في السنة أبلغ
من المتابعة في صورة العمل»
([1]).


قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في «شرحه لحديث جابر بن عبد الله في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم»([2]) – وهو شرح نفيس جدير بالقراءة – قال: «لا يشرع صعود الجبل – جبل عرفة – ولا الصلاة فيه، ولا الصلاة عنده، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، والأصل في العبادات التوقيف حتى يقوم دليل على مشروعيتها، وبه نعرف ضلال كثير من الناس الذين يقصدون الجبل ويصعدون عليه ويصلون، وربما يضعون الحجارة بعضها على بعض لتكون علما، وربما يعلقون الخرق، ويكتبون الأوراق لإثبات أنهما بلغوا هذا المكان، وكل هذا من البدع».
* * *


ومما نلمس في هذه الآثار أيضا:

ب- تعظيم السلف لحرمات الله:

- عن مجاهد أن عبد الله بن عمرو كان له فسطاطان أحدهما في الحرم والآخر في الحل؛ فإذا أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم، وإذا كانت له الحاجة إلى أهله جاء إلى الذي في الحل فقيل له في
ذلك فقال: إن مكة مكة ([1]).
(
[1])التوسل والوسيلة (ص:102).


- وعن طلق بن حبيب قال: قال عمر: يا أهل مكة اتقوا الله في حرم الله! أتدرون من كان ساكن هذا البيت؟
كان به بنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا، وكان به بنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا، حتى ذكر ما شاء الله من قبائل العرب أن يذكر ثم قال: لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة
([2]).


( [2])(ص114).

- وقال سفيان بن عيينة: حج علي بن الحسين رضي الله عنهما فلما أحرم واستوت به راحلته اصفر لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع أن يلبي، فقيل له: لم لا تلبي؟
فقال: أخشى أن يقال لي: لا لبيك ولا سعديك.
فلما لبى غشي عليه ووقع عن راحلته، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه
([3]).

- وقال مالك بن أنس: ولقد أحرم علي بن الحسين فلما أراد أن يقول: لبيك، قالها فأغمي عليه حتى سقط من ناقته فهشم، ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات، وكان يسمى بالمدينة «زين العابدين» لعبادته ([4]).

(
[1])أخرجه: ابن أبي شيبة في المصنف (3/269)، وإسناده صحيح، وقال في الدر المنثور (6/27): «وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه».

( [2])أخرجه: ابن أبي شيبة في مصنفه (3/268)، والبيهقي في شعب الإيمان (رقم (4012).

( [3])المجالسة للدينوي (رقم (788)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (41/378)، وروي نحوها عن جعفر الصادق، وأبي سليمان الداراني.

( [4])تاريخ مدينة دمشق (41/378).





وهذا التعظيم امتثال لأمر الله عز وجل في قوله في سياق آيات الحج:(
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)
[الحج: 30]
وقوله (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
[الحج: 32].

فتعظيم حرمات الله «من الأمور المحبوبة لله، المقربة إليه التي من عظمها وأجلها أثابه الله ثوابا جزيلا، وكانت خيرا له في دينه ودنياه وأخراه عند ربه، و حرمات الله: كل ماله حرمة وأمر باحترامه من عبادة أو غيرها كالمناسك كلها وكالحرم والإحرام وكالهدايا وكالعبادات التي أمر الله العباد بالقيام بها، فتعظيمها يكون إجلالها بالقلب، ومحبتها، وتكميل العبودية فيها غير متهاون ولا متكاسل ولا متثاقل»
([1]).

فهل عظم حرمات الله من واقعها؟ ! وفي الحج أيضًا!! كم نرى في الحج من أخلاق وأفعال لو صدرت من غير الحاج لاستنكرت فكيف بالحاج؟ .

إنه يجب على الحاج أن يراعي حرمة الزمان والمكان فيجتنب ما حرم الله عليه من المحرمات العامة من الفسوق بجميع أنواعه من كذب وغش وخيانة وغيبة ونميمة واستهزاء، ويجتنب الاستماع إلى المعازف والأغاني المحرمة، وشرب الدخان والتصوير وحلق اللحى وغير ذلك مما ينافي تعظين حرمات الله عز وجل ويلهي الحاج عن إكمال هذه الشعيرة العظيمة.


(
[1])تفسير السعدي (ص537).


وليعلم الحاج أن المعصية منه أعظم إثما من المعصية من غيره، ويخشى ألا يرجع من ذنوبه كما ولدته أمه كما صرح حديث أبي هريرة
رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه»([1]).. وهل هناك أعظم من هذه الخسارة؟

!! نسأل الله السلامة والعافية.

وقال تعالى:( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)
[الحج: 25].

قال الإمام الحافظ أبو جعفر الطبري في تفسيره: «وأولى الأقوال التي ذكرناه في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس، من أنه معني بالظلم في هذا الموضع: كل معصية لله، وذلك أن الله عمّ بقوله:
(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) ولم يخصص به ظلما دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه.
فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصى الله فيه، نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له»([2]).

قال الإمام الشنقيطي: «والإلحاد في اللغة أصله الميل، والمراد بالإلحاد في الآية: أن يميل ويحيد عن دين الله الذي شرعه، ويعم ذلك كل ميل وحيدة عن الدين، ويدخل في ذلك دخولا أوليا الكفر بالله، والشرك به في الحرم، وفعل شيء مما حرمه، وترك شيء مما أوجبه ومن
أعظم ذلك انتهاك حرمات الحرم
(
[1])أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم 1449)، ومسلم في صحيحه (رقم 1350).

( [2])تفسير الطبري (17/141).


وقال بعض أهل العلم: يدخل في ذلك قول الرجل لا والله، وبلى والله... قال مقيده – عفا الله عنه وغفر له -: الذي يظهر في هذه المسألة أن كل مخالفة بترك واجب أو فعل محرم تدخل في الظلم المذكور، وأما الجائزات كعتاب الرجل امرأته أو عبده فليس من الإلحاد ولا من الظلم.


مسألة: قال بعض أهل العلم: من هم أن يعمل سيئة في مكة أذاقه الله العذاب الأليم بسبب همّه بذلك، وإن لم يفعلها، بخلاف غير الحرم المكي من البقاع فلا يعاقب فيه الهم، وعن عبد الله بن مسعود
رضى الله عنه: لو أن رجلا أراد بإلحاد فيه بظلم وهو بعدن أبين لأذاقه الله من العذاب الأليم، وهذا ثابت عن ابن مسعود ووقفه عليه أصح من رفعه، والذين قالوا هذا القول استدلوا به بظاهر قوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) لأنه تعالى رتب إذاقة العذاب الأليم على إرادة الإلحاد بالظلم فيه ترتيب الجزاء على شرطه، ويؤيد هذا قول بعض أهل العلم: إن الباء في قوله بإلحاد لأجل أن الإرادة مضمنة معنى الهمّ أي: ومن يهمم فيه بإلحاد، وعلى هذا الذي قاله ابن مسعود وغيره»([1]).

إنه ينبغي للإنسان أن يستحضر أنه في مجيئه إلى مكة وإحرامه أنه إنما يفعل ذلك تلبية لدعاء الله، قال الله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) فالأذان بأمر الله يعد أذانا من الله، فينبغي
(
[1])أضواء البيان (4/294).


للمسلم أن يعظم حرمات الله.

وأنبه أن على الحاج خصوصا أن يجتنب محظورات الإحرام:

وهي ثلاثة أقسام:

القسم الأول: عام للرجال والنساء: وهو حلق الشعر وتقليم الأظفار، والطيب، والمباشرة لشهوة، والجماع – وهو أعظم محظورات الإحرام، ومفسد للنسك، وموجب للفدية -، ولبس القفازين، وقتل الصيد البري الوحشي المأكول، والدلالة عليه، والإعانة على قتله، وعقد النكاح. أما قطع الشجر، فإنه ليس من محظورات الإحرام، ولكنه حرام في الحرم للحاج، وللمعتمر، ولغيرهما.


القسم الثاني: ما يخص الرجال: فهو ليس المخيط، وتغطية الرأس.

القسم الثالث: ما يخص النساء: فهو النقاب الذي فصل على الوجه، وجعل فيه نقب للعينين أو لأحدهما.


ومما نلمس في هذه الآثار أيضا:

ج- حرص السلف على متابعة النبي
صلى الله عليه وسلم والإقتداء به:
تأصل في نفوس سلفنا الصالح أن أي قول أو عمل لا يقبل إلا بشرطين:
الأول: الإخلاص لله عز وجل
والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم

فظهر أثر هذين الشرطين في جميع أعمالهم ومن هذه الأعمال الحج،

وقد نقلت عنهم آثار وأخبار كثيرة يتجلى فيها شدة المتابعة والعناية بذلك.

فمن الآثار الواردة في ذلك:

- عن سالم بن عبد الله أن أباه حدثه قال: قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال: أما والله لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك([1]).

- وحديث سالم بن عبد الله قال: كتب عبد الملك إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج فجاء ابن عمر رضى الله عنه وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس، فصاح عند سرادق الحجاج فخرج وعليه ملحفة معصفرة فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟
فقال: الرواح إن كنت تريد السنة قال: هذه الساعة!
قال: نعم، قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج، فنزل حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي فقلت: إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة وعجل الوقوف!
فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق
([2]).

- وحديث شعبة قال: أخبرنا أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي قال: تمتعت فنهاني ناس، فسألت ابن عباس رضي الله عنهما فأمرني، فرأيت في المنام كأن رجلا يقول لي: حج مبرور وعمرة متقبلة،

(
[1])أخرجه البخاري في صحيحه (رقم 1577).

( [2])أخرجه البخاري في صحيحه (رقم 1520)، ومسلم في صحيحه (رقم (1270).


فأخبرت ابن عباس فقال: سنة النبي صلى الله عليه وسلم ([1]) فقال لي: أقم عندي فأجعل لك سهما من مالي. قال شعبة: فقلت لم؟ فقال: للرؤيا التي رأيت([2])
.

والآثار الواردة في شدة متابعة السلف للرسول صلى الله عليه وسلم في مناسك الحج – وفي غيره من شرائع الدين – كثيرة، ومنثورة في كتب السنة والحديث، ولعل فيما تقدم كفاية.

(
[1])قال ابن حجر: «قوله: (فقال سنة أبي القاسم) وهو خبر مبتدأ محذوف أي هذه سنة ويجوز فيه النصب، أي: وافقت سنة أبي القاسم، أو على الاختصاص وفي رواية النضر: فقال: الله أكبر سنة أبي القاسم» فتح الباري (3/430).

(
[2])أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم 1492).


قال ابن حجر: «ويؤخذ منه: إكرام من أخبر المرء بما يسره، وفرح العالم بموافقته الحق، والاستئناس بالرؤيا لموافقة الدليل الشرعي، وعرض الرؤيا على العالم، والتكبير عند المسرة، والعمل بالأدلة الظاهرة، والتنبيه على اختلاف أهل العلم ليعمل بالراجح منه الموافق للدليل».


الصالحون... وكثرة الحج

- قال إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد
([1]) قال: قال عبد الله ابن مسعود: «نسكان أحب إلي أن يكون لكل واحد منهما شعث([2]) وسفر»، قال: فسافر الأسود ثمانين ما بين حجة وعمرة لم يجمع بينهما، وسافر عبد الرحمن بن الأسود([3]) ستين ما بين حجة وعمرة لم يجمع بينهما([4]).

- قال أبو إسحاق السبيعي ([5]): «جمع الأسود بن يزيد بين ثمانين حجة وعمرة، وجمع عمرو بن ميمون([6]) بين ستين حجة وعمرة»([7]).


(
[1])قال الذهبي: «الإمام أبو عمرو النخغي الفقيه الزاهد العابد عالم الكوفة وابن أخي عالمها علقمة، وخال إبراهيم النخعي الفقيه، وأخو عبد الرحمن بن زيد... وكان من العبادة والحج على أمر كبير... مات في سنة خمس وسبعين أو قريبا منها رحمة الله عليه» تذكرة الحفاظ (1/50).

( [2])والشعث: المغبر الرأس، الحاف الذي لم يدهن.

( [3])قال الذهبي: «الكوفي الفقيه الإمام ابن الإمام.. كان من المتهجدين العباد.. مات سنة ثمان أو تسع وتسعين» سير أعلام النبلاء (5/11).

( [4])«مصنف ابن أبي شيبة» (3/291).

( [5])هو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي – بفتح المهملة وكسر الموحدة – ثقة مكثر عابد، مات سنة تسع وعشرين ومائة. تقريب التهذيب (5065).

( [6])قال الذهبي: «الكوفي الإمام الحجة أبو عبد الله، أدرك الجاهلية، وأسلم في الأيام النبوية، وقدم الشام مع معاذ بن جبل ثم سكن الكوفة»، مات سنة أربع وسبعين، سير أعلام النبلاء (4/158).

( [7])«مصنف» ابن أبي شيبة» (7/157)، «التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة (3/62)، «الثقات» لابن حبان (4/31).



- وقال ابن شوذب: «شهدت جنازة طاووس بن كيسان بمكة سنة ست ومائة فسمعتهم يقولون: رحمك الله يا أبا عبد الرحمن، حج أربعين حجة»
([1]).
- وقال ابن أبي ليلى: دخلت على عطاء بن أبي رباح فجعل يسألني وكأن أصحابه جعلوا يعجبون من ذاك، فقال: ما تنكرون من ذاك؟
هو أعلم منى
([2])!
قال ابن أبي ليلى: وكان عطاء قد حج سبعين حجة، وعاش مائة سنة
([3]).

- قال الحسن بن عمران – ابن أخي سفيان بن عيينة -: حججت مع عمي سفيان آخر حجة حجها سنة سبع وتسعين ومائة فلما كنا بجمع وصلى استلقى على فراشه، ثم قال: فد وافيت هذا الموضع سبعين عاما أقول في كل سنة:
اللهم! لا تجعله آخر العهد من هذا المكان، وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأل ذلك، فرجع فتوفي في السنة الداخلة يوم السبت أول يوم من رجب سنة ثمان

( [1])«العلل ومعرفة الرجال» (2/463).

( [2])هذا من تواضعه رحمه الله وإلا فعطاء من أشهر التابعين علما وخاصة في أمور الحج، قال أسلم المنقري: كنت جالسا مع أبي جعفر المنصور فمر عليه عطاء فقال: ما بقي أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء. «العلل ومعرفة الرجال» (3/444).
فائدة: أعلم الناس بالمناسك من الصحابة عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، ومن التابعين: عطاء بن أبي رباح. انظر: المرجع السابق.

( [3])«تاريخ ابن معين» (رواية الدوري) (3/276 رقم 1317).


وتسعين ومائة ودفن بالحجون... وتوفي وهو ابن إحدى وتسعين سنة ([1]).



- قال علي بن الموفق ([2]): حججت ستين حجة، فلما كان بعد ذلك جلست في الحجر، أفكر في حالي وكثرة تردادي إلى ذلك المكان، ولا أدري هل قبل مني حجي أم رد!
ثم نمت فرأيت في منامي قائلا يقول لي: هل تدعو إلى بيتك إلا من تحب!
قال: فاستيقظت وقد سرى عني
([3]).


- وقالت مولاة لزيد بن وهب: كان زيد بن وهب ([4]) قد أثر الرحل بوجهه من الحج والعمر([5]).

- وقال سحنون الفقيه: كان عبد الله بن وهب ([6]) قد قسم دهره أثلاثا: ثلثا في الرباط، وثلثا يعلم الناس بمصر، وثلثا في الحج، وذكر
أنه حج ستا وثلاثين حجة ([1]).


(
[1])«الطبقات الكبرى» (5/497)، «المجالسة» للدينوري (3/218).

( [2])هو: أبو الحسن العابد قال الخطيب: «وهو عزيز الحديث وكان ثقة... مات سنة خمس وستين ومائتين». «تاريخ بغداد» (12/110).

( [3])«تاريخ بغداد» (12/110).

( [4])قال الذهبي: «الإمام الحجة أبو سليمان الجهني الكوفي مخضرم قديم ارتحل إلى لقاء النبي r وصحبته فقبض r وزيد في الطريق على ما بلغنا» «سير أعلام النبلاء» (4/196).

( [5])«أخبار مكة» للفاكهي (رقم 884).

( [6])هو: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، الفهري، أبو محمد المصري، مولى يزيد بن زمانة الفهري، متفق على توثيقه وفقهه وفضله، قال ابن حبان: «جمع ابن وهب وصنف، وهو حفظ على أهل الحجاز ومصر حديثهم، وعني بجميع ما رووا من المسانيد والمقاطيع وكان من العباد»، روى له الجماعة، مات سنة سبع وتسعين ومائة. انظر: «الثقات» (8/346)، «تهذيب الكمال» (16/277-287).




- وعن محمد بن سوقة قال: قيل لمحمد بن المنكدر: تحج وعليك دين؟
قال: الحج أقضى للدين – قال: يعني إذا حججت قضى الله عني ديني -
([2]).

وممن ذكر أنه حج أكثر من أربعين حجة: سعيد بن المسيب ([3])، ومحمد بن سوقة([4])، وبكير بن عتيق([5])، وابن أبي عمر العدني([6])، وسعيد بن سليمان([7])، وجعفر الخلدي([8])، والعباس بن سمرة أبو الفضل الهاشمي([9])، وأيوب السختياني([10])، وهمام بن نافع([11])، ومكي بن إبراهيم([12]) وغيرهم كثير.
ومن المعاصرين سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز رحمه الله،

وأسكنه فسيح جناته – وغيره.

( [1])«سير أعلام النبلاء» (9/226).

( [2])«الطبقات الكبرى» (القسم المتمم) (ص192)، «مصنف ابن أبي شيبة» (3/449)، وإسناده صحيح.

( [3])«حلية الأولياء» (2/164).

( [4])«حلية الأولياء» (5/6).

( [5])«الطبقات الكبرى» (6/347).

( [6])«سير أعلام النبلاء» (12/97).

( [7])سير أعلام النبلاء (10/482).

( [8])«تاريخ بغداد» (7/230).

( [9])«تاريخ مدينة دمشق» (26/253).

( [10])«حلية الأولياء» (3/5)، «سير أعلام النبلاء» (6/21).

( [11])«التاريخ الكبير» للبخاري (8/237)، «الثقات» لابن حبان (7/586).

( [12])«تاريخ بغداد» (13/116)، «تاريخ مدينة دمشق» (60/245)، «سير أعلام النبلاء» (9/553).



لطيفة ونادرة:
روى إسماعيل بن أمية
([1]) حديثا عن أعرابي، قال إسماعيل بن أمية: فذهبت أعيد على الأعرابي لأنظر كيف حفظه، فقال: يا ابن أخي أتراني لم أحفظ؟ !
لقد حججت ستين حجة أو سبعين حجة، ما منها حجة إلا وأنا أعرف البعير الذي حججت عليه!!
([2]).
التعليق:

الأصل أن كثرة الحج والعمرة مرغب فيها شرعا، وقد دلت على ذلك نصوص كثيرة منها:

- حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة»([3]).
- وعن أبي هريرة
رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا
البيت فلم يرفث ([1]) ولم يفسق رجع كما ولدته أمه»([2]).
(
[1])هو: الأموي ثقة ثبت، مات سنة أربع وأربعين ومائة.
تقريب التهذيب (رقم 425).

( [2])المسند للحميدي (995)، سنن أبي داود (رقم 887)، مسند أحمد بن حنبل (2/437)، عمل اليوم والليل لابن السني (رقم (436).

( [3])أخرجه: الترمذي في جامعة (رقم 810)، والنسائي في سننه (5/115-116)، وابن خزيمة (رقم 2512)، وابن حبان (رقم 3693) في صحيحيهما، وغيرهم من طريق عاصم بن بهدلة، عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود – به -. قال الترمذي: «حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب».




- وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة»([3]).

- وعن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟
قال: «إيمان بالله» قال: ثم ماذا؟
قال: «الجهاد في سبيل الله» قال: ثم ماذا؟
قال: «حج مبرور»
([4]).
- وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟
قال: «لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور»
([5]).
- وعن ابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فبكى طويلا، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشرك رسول الله
صلى الله عليه وسلم بكذا، أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، قال: فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، إني كنت على أطباق ثلاث: لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله مني ولا أحب إلي أن أكون قد
استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال: «ما لك يا عمرو؟» قال قلت: أردت أن أشترط، قال: «تشترط بماذا؟» قلت: أن يغفر لي، قال: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله...»([1]).


(
[1])الرفث يطلق ويراد به الجماع، ويطلق ويراد به الفحش، ويطلق ويراد به خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع، وقد نقل في معنى الحديث كل واحد من هذه الثلاثة عن جماعة من العلماء والله أعلم. الترغيب والترهيب (2/104).

( [2])أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم 1449)، ومسلم في صحيحه (رقم 1350).

( [3])أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم 1683)، ومسلم في صحيحه (رقم 1349).

( [4])أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم 1447)، ومسلم في صحيحه (رقم 83).

( [5])أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم 1448).




تنبيهان:

1- لو لم يرد في فضل الحج إلا أنه أحد أركان الإسلام الخمسة لكان ذلك كافيا في بيان منزلته، قال تعالى:(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)

[آل عمران: 97]
وقال عليه الصلاة والسلام: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان»

([2])، ولما سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، عدّ له الأركان الخمسة، ومنها الحج.


2- ذهب جمع من أهل العلم ومنهم الإمام ابن المنذر إلى أن الحج المبرور يكفر جميع الذنوب لظاهر الأحاديث الآنفة الذكر، وهو قول قوي.

فيا أخي: لا تغلب على الحج إلا من عذر وإياك والتسويف،
فالعمر قصير، والفرص لا تعوض، نعم ربما يكون هناك مصالح تقتضي عدم الإكثار من الحج ولكن هذه المصالح لا يقررها إلا العلماء العارفون بالكتاب والسنة

قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: «فرض الله الحج على كل مكلف مستطيع مرة في العمر، وما زاد على ذلك فهو تطوع وقربة يتقرب بها إلى الله، ولم يثبت في التطوع بالحج تحديد بعدد، وإنما يرجع تكراره إلى وضع المكلف المالي والصحي، وحال من حوله من الأقارب والفقراء، وإلى اختلاف مصالح الأمة العامة، ودعمه لها بنفسه وماله، وإلى منزلته في الأمة ونفعه لها حضرا وسفرا في الحج وغيره، فلينظر كل إلى ظروفه وما هو أنفع له وللأمة فيقدمه على غيره»
([1]).


(
[1])أخرجه: مسلم في صحيحه (رقم 121).
( [2])أخرجه: البخاري في صحيحه (رقم 8)، ومسلم في صحيحه (رقم 16).
( [1])«فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء» (ج11/ص14).



هكذا حج الصالحون والصالحات
هكذا حج الصالحون والصالحات
هكذا حج الصالحون والصالحات
هكذا حج الصالحون والصالحات



كتبت : || (أفنان) l|
-

طرح قيم و ثري بالمعلومات
بارك الله جهودكِ الطيبة
اسْأَل الَلّه ان يُجْزِيْك خَيْرَا عَلَيْه
وَان يَجْعَلُه فِي مِيْزَان حَسَنَاتِك
بأِنْتِظَار كُل مَاهُو مُفِيْد وَقِيَم مِنْك دَائِمَاً
كل الشكر لكِ مع خالص الود والتقدير


كتبت : دكتورة سامية
-
أختي الغالية
جزاكِ الله خير جزاء

وجعل موضوعكِ بميزان حسناتكِ

وتقبل الله
منا ومنكِ سائر الأعمال
وأسكننا أعالي الجنان بالفردوس الاعلى

اللهم إنا
ندعوك كما أمرتنا
فاستجب لنا ربنا كما وعدتنا

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين
دمـتِ برعـاية الله وحفـظه
كتبت : * أم أحمد *
-
align="left">

جزاك الله خير وجعله بموازين.. حسنااتك..}
لا عدمناا حضوورك


سوف آظل أترقب الجديد بكل شوق
لك كل الود والاحترام


التالي

فضل العشر من ذي الحجه-الاعمال المستحب فعلها فيها- فضل يوم عرفه-

السابق

طريقة رائعة لاغتمام عشرة ذي الحجة

كلمات ذات علاقة
الصالحون , هكذا , والصالحات