قصة قصيرة بعنوان نور القدر
مجتمع رجيم / القصص الإخبارية
عندما أفاقت قليلاً من الصدمة , تحسَّسَتْ رأسَها , >ربما ظنَّت أنها فقدت عقلها< ..و ركضت فزعةً ثم اغلقت عليها باب إحدى الغرف وعادت بعد قليل . لكنها لم تكن كما كانت قبل قليل... كان تضع عليها رداءا طويلا محتشما وتغطي شعرها بقطعةٍ ما ... تشبه ما تضعه النساء في القنوات العربية ..
صرخَت في غضب :
"من أنت ؟؟ "
حمدت الله أنني كنت أرتدي بذلة عملي , فمنذ أن حصل معي ذلك الحادث مع هؤلاء الاشرار , وأنا في مطاردة مستمرة معهم .. ولو كنت أرتدي شيئاً آخر لتأكدت أنني لص .. لكن يبدو أنها ذكية وشجاعة , بعكس ما توقعت , فها هي تواجهني بشجاعة .. لكن مهلاً , ذلك الشيء الذي وضعته فوق رأسها , .....صحيح
..يبدو أنها ....
" كيف دخلت إلى هنا أيها اللص ؟؟ من أنـــت ..؟؟ أنا أحدثك ؟؟ هذا منزلي , لا يحق لك اقتحام منازل الآخرين بهذا الشكل !!؟!"
قاطعتني بسيل الكلمات هذا .. بصراحة ، لا أدري ماذا أصابني وقتها , لقد كنت أقف كالــ >مسطول< .. وخرج مني السؤال هكذا بدون أي عقبات ..
"أنت مسلمة ؟؟"
طرحت سؤالي .. وانتظرت الجواب كالأبله ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~حبيبة~~~
لا أستطيع شرح موقفي , فقد كنت أكاد أموت قلقاً وخوفاً من ذاك الصوت الذي سمعته من داخل منزلي , وبعد أن استجمعت شجاعتي ,
انصدمت بوجود ذلك الشخص في ردهتي الصغيرة ...
, لم أكن أرتدي حجابي , إذ لم أتوقع أن يحدث ما يحدث أبداً
,, ولكن ذلك الشخص يبدو من مظهره أنه ليس لصاً,,
لكن كيف يجرؤ على اقتحام المنازل هكذا ؟؟ ... القانون يعاقب على هذا بالتأكيد ..
عندما دخلت غرفتي كنت أبحث عن وسيلة اتصال كي اتصل بالشرطة , لكنني تذكرت أن هاتفي المحمول في الردهة والهاتف الآخر كذلك ..!
كنت واثقة من قدرتي على مواجهته , فأنا بطبيعة الحال لست جبانة , فأنا لا أخشى أحداً مثله , لكن ماذا لو كان يحمل ....سلاحــاً؟؟!!!!!!!
واجهته بسيل كلماتي التهديدية , لكنني صعقت بسؤاله الغريب ، الذي ألقاه وكأنه سيّد الموقف , غير مبالٍ لما قلته صارخةً به قبل قليل ..
.................................................. ...................
~~جيم ~~
خرج سؤالي هكذا لا شعورياً , تعلمون .. قد يصدر من الانسان أحياناً أفعال وأقوال لا شعورياً ..
وقفت الفتاة برهةً تنظر باندهاش ٍ حيران ..تأمّلتها للحظات , وكأن المجال مفتوح لي ,, ..
كان وجهها صافياً ويشوبه بعض السمار , او بالاحرى ، قمحياً يميل الى البياض .. كانت من نوعية الناس الذي اذا نظرت الى وجوههم احسست بالراحة تجاههم , وشعرت بالهدوء والامان .. أتعرفون ذلك النوع من الناس؟؟
وأكبر دليلٍ هو هدوئي في ذلك الموقف واقوالي الغير مناسبة .. وإلا بم تفسرون ما فعلت , بدلا من أبدأ بشرح موقفي ؟؟؟؟؟؟
لا اعلم ..ولكن هؤلاء الناس تشعر نحوهم بجاذبية تجعلك تتمنى مرافقتهم ومصاحبتهم على الطوال..
لا تتوقعوا انني >فصفصت< شخصيتها وملامحها في هذه الثواني , لكنني اصف لكم انطباعاتي اول ما رأيتها .. وتلك المصادفة في الموقف الذي لا أحسد عليه ..
تنبهت إلى صوتها الذي يقول في هدوء :
" نعم , أنا مسلمة ..."
قلت بسرعة :
"أووه ..كما توقعت .."
عادت تقول بأسرع مما قلت :
"لكن من أنت .. لا أظن أنك لصٌ أو ماشابه ذلك !! , هل لك علاقة بالازعاج المستمر منذ الصباح في المنطقة ؟؟ وكيف تقتحم منزلي هكذا؟؟؟بل كيف دخلت إلى هنا ؟ ألا تعلم أن هذا مخالف للقانون ؟؟؟ ماذا تريد ؟؟؟؟"
قلت مترجيّاً:
" أنا لست لصاً , أرجوكِ .. أنا أطلب منك حمايتي لبعض الوقت , اسمحي لي بالمكوث لبعض الوقت..فقط ..وسأشرح لك كل شيء "
تطلعت حولها في تفكير وحيرة .. ثم عادت تنظر إليّ قائلةً :
"حسناً..."
جلست على الأريكة بارتياح ... وتنهدت في عمق ... قائلاً في امتنان :
"شكرا لك يا آنسة .."
قالت لي متسائلة :
"من أنت بالضبط ؟"
تنهدت ثانيةً .. ثمّ قلت في هدوء رغبةً في توضيح الصورة :
"أنا جيم واطسون , رجل أعمال , أدير شركة "فاست ديب" للاستيراد والتصدير .. .."
قبل أن أكمل حديثي ..لمحت أمارات الاستنكار والدهشة على وجهها , فأسرعت أكمل بدون ترتيب للكلام .:
" لقد تعرضت لمحاولة قتلٍ مدَبّرٍ هذا الصباح , لاكتشافي احداثاً رهيبة تحدث في المدينة .. لكن أولئك الأشرار لم يدعوا لي الفرصة حتى للتفكير , وأسرعوا بمحاولة التكتّم علي"
صمتتُ ولم أكمل حديثي , متأملاً أن يصدر منها أي تعقيبٍ أو تعليق ,, لكنها بقيت صامتةً .. فأكملت :
" ولحقوا بي صباح اليوم , من منزلي مطاردةٍ بالسيارات , إلى أن وصلت إلى هذا الحيّ المليء بالمنازل , فأخفيت سيارتي وخرجت سيراً على الأقدام , .. لكنهم لحقوا بي , وهكذا إلى أن وصلت لمنزلك هنا , .."
لم تنفرج شفتاها عن أي حرف .. تابعت :
"أنا آسفٌ حقاً لما فعلت ,, لكن لم يكن أمامي حلٌّ آخر .. أنا حقاً آسف .."
طأطأت برأسها متفهمة , وقالت في تساؤل :
"إذن فهؤلاء الرجال المسلحين كانوا يبحثون عنك ,؟؟"
أجبت :
"نعم .. وما اكتشفته بصدد أولئك الرجال , متعلّقٌ بعملي , وكأيّ شريفٍ و مخلصٍ لوطنه والقانون , كان يجب عليّ التبليغ عنهم .. ولذلك حاولوا اختطافي والتخلص مني "
قالت :
"نعم .. فهمت .."
قلت لها بارتياح :
"إذن ستسمحين ببقائي لبعض الوقت ..؟!"
هتفت في دهشة :
"ماذا ؟؟؟؟!!"
كررت في عجب :
"ماذا ماذا ؟؟"
تابعتُ :
"إنهم بالخارج ينتظرون لحظة ظهوري لينقضوا عليّ , أو يرموني بسيلٍ من رصاصاتهم .."
قالت في ارتباك :
"لا ......... ، أقصد نعم .. ولكن ... أه .. حسناً .. كم من الوقت ؟ ... أعني .."
قاطعتها :
"أنا آسفٌ حقاً , لكن... يمكنني المكوث حيث تشائين , حتى وإن بقيتُ جالساً عى هذه الأريكة إلى أن تمر الأزمة على خير , فهذا عائدٌ لكِ .."
قالت باعتذار :
" حسناً ... أنا آسفة , لكنني مسلمة , وهذا أمرٌ غير معتادٍ لدينا وغير مسموح ..انتظر قليلاً .."
قبل أن أنطق بحرف , قامت من مكانها ودخلت إلى تلك الحجرة -نفسها- ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~حبيبة ~~~
كيف اصف لكم حالي ..
تخيلوا حال فتاة ملتزمة , يقتحم منزلها رجل أجنبي , و.. ويطلب منها حمايته ..!!
ماذا عليّ أن أفعل ...؟؟ لكنه مسكينٌ حقاً ,, ويبدو أنه شخصٌ محترم .. "رجل أعمال"؟؟!! ... شيٌ غير متوقع ..
شعرت ببعض الاندهاش من تلك المواقف التي يضعني بها القدر ..
ترددت كثيراً .. كيف أفعل هذا يا إلهي ؟؟ هل يجوز لي ابقاءه هنا ؟؟؟ لم أجرؤ على التعامل مع أي رجل كان في حياتي ... لكن هذه المرة .. فأنا مضطرة لكل شيء ..
آه .. يا إلهي أرشدني ..
أخرجت ملائةً وفراشاً إضافياً ومعه غطاء سميك , وعدت للردهة , ووضعتها على الأريكة بجانبه .."جيم " ..
قلت في تردد :
" أه .. هذا فراشٌ إضافيّ كنت أحتفظ به , يمكنك استخدامه , فأرض الردهة باردة جداً , والأريكة غير مناسبة للنوم .."
أجاب في امتنان واضح :
"لا أعرف كيف أشكرك آنسة ...!!"
قلت ببعض الارتباك :
"اسمي حبيبة .. "
كرر في استغراب :
"حبيبة ؟؟ أنت عربية ؟"
منعت نفسي من الابتسام كالعادة , ..ولطالما فعلت أنا وحنان, حين ينطق الأجانب اسمنا بهذه الطريقة "هنان/هبيبة" مع أننا اعتدناها , لكن بكل مرةٍ نبتسم وكأنها المرة الأولى .,,
قلت :
"نعم أنا عربية .. وأدرس هنا"
قال في تفهم ..:
"هكذا إذن .. لكن لهجتك صحيحة تماماً , حتى ظننت أنك مواطنةٌ من المدينة"
قلت:
" هذا يعود لنشأتي هنا , واتقاني للإنجليزية منذ الصغر .."
أومأ برأسه قائلاً :
"هذا رائــع .."
لم أملك سوى الابتسام .. ونهضت قائلةً :
"حسناً , سأترك المكان لك , أتمنى أن تمر هذه الأزمة على خير .."
قال :
"حقاً أنا مدينٌ لكِ بالشكر ،آنسة حبيبة ..وسأغادر حالما أجد المفرّ .. تقبلي اعتذاري "
قلت مغادرةً الردهة :
"لا بــأس "
توجهت لغرفتي , واغلقت الباب من خلفي ,, لم أستوعب بعد ما حدث ..!!
ماذا سيفعل أولئك الرجالُ بالخارج يا ترى ؟؟ لو علموا بأمري أنا أيضاً ؟!!
أما "جيم", أسلوبه أنيق ومحترمٌ جداً في حديثه وتعامله .. على عكس غيره من مواطني هذه البلدة , فجميع من صادفتُ منهم يملك بعض الطباع الخشنة والمائلة للسيئة , كفظاظة ألفاظهم .. و>شوارعيتها< بعض الشيء ,, مسكين حقاً. .
أتمنى أن تزول عنه أزمته , كدت أدعو الله له ,, لكنني تذكرت أنه مشركٌ أجنبي , فدعوت الله أن ينصر الحق حيثما كان .. لكنّ ما أدهشني حقاً ., هو ردةُ فعله على كوني مسلمةً محجبة وعربية ..فلم يعلّق مطلقاً على هذا الجانب , وحتى لم يظهر أي تعبيرٍ على وجهه من حيث هذه الناحية ..ففي الواقع ،يكون لدى الأجانب فكرة محدودة عن العرب ,,
استسلمت لشبح النوم .. والافكار تطوف برأسي مجيئاً وذهاباً .