وجوه الإكرام والتعظيم في القرآن الكريم
مجتمع رجيم / القرآن الكريم وعلومه
فإن الجنة والنار مغيبتان، خبرهما نؤمن به، بما ورد في وصف ذلك من آيات القرآن وأحاديث المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وهو الذي قد أخبرنا بأنه فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وكذلك قد بين أهل التفسير أن الذي ورد من الآيات في وصف الجنان، إنما هي مشابهة الأسماء، وأما الحقائق فتختلف، فليس الرمان رماناً كالدنيا، وليس النخيل كذلك، وليست الأنهار كذلك، وقد وردت الصفات في هذا في الآيات وفي الأحاديث، كما هو معلوم وظاهر.الوجه التاسع: شهادات الرسل والأنبياء في كل سماء مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أراد فليرجع إلى ما كان من الخبر، وذكر التفضيل والتقديم والإجلال والتكريم من الرسل والأنبياء الذين مر بهم رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، في آدم وما كان منه من حديث، وإبراهيم وما كان منه من كلام، وموسى وما كان منه من إجلال، وعيسى -عليهم السلام-، وكل من مر به، والأحاديث في هذا مستفيضة وكثيرة، وألفاظها ليس المقام مقام ذكرها، لكنها كلها شهادات الرسل والأنبياء الكرام العظام من أولي العزم من الرسل، الذين ذكروا إجلالهم وتقديرهم لخصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الوجه العاشر: إظهار المعجزة الخارقة في كل أحداث الإسراء والمعراج.
بدءاً من الانتقال، ومرورا بالرسل والأنبياء، وانتهاءً إلى صعود السماوات، وكل الذي كان في هذه الرحلة، كل شيءٍ أو كل حادثةٍ منها معجزة مستقلة بذاتها خارقةٌ للعادة مما دل على اجتماع عدد كبير من المعجزات، كلها جمعت في هذه الحادثة المعجزة إسراءً ومعراجاً.
الوجه الحادي عشر: وجه الإكرام بالتخفيف والتضعيف.
فخففت الصلاة من خمسين إلى خمس صلوات، وجُعِل أجرها مضاعفا بخمسين صلاة، وهذا معروف من حديث موسى -عليه السلام-: لما أخبره بأن الله قد كلفه بأن تكون الصلاة خمسين، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك، فاسأل الله معافاته والتخفيف، وكان ما هو معلوم إلى أن انتهى إلى خمس، وأجرهن بخمسين صلاة، وهذا من الإكرام لرسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وفيه إكرام لأمته -عليه الصلاة والسلام-.
الوجه الثاني عشر: ذكر كمال عبوديته والإشادة بها.
لأنه وصفه هنا بالعبودية، ونال هذا المقام فدل على أنه كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (أما إني أتقاكم لله، وأعبدكم له).
ولو تأملنا وهذا قليل من كثير، وإيجاز من إطناب، لوعينا أن هذا المطلع القرآني في صدر هذه السورة، اشتمل على كثير من الوجوه التكريمية التي تفرقت بعضها، أو غيرها في آيات مختلفة من القرآن الكريم كما مر بنا.