الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح

مجتمع رجيم / المحاضرات المفرغة
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح
الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح
الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح


PIC-637-1354986371.g

الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح

أوصيكم بتقوى الله فإنها أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإنها صمام الأمان في هذه الحياة، ومفتاح النجاة في الحياة الأخرى، وإن فرق ما بين الحياة والموت سلب الروح وخروجها، فحينئذ تتعطل كل الجوارح، وتنتهي مظاهر الحياة، فلا قلب ينبض، ولا عين تبصر، ولا أذن تسمع، ولا شيء من الجوارح يتحرك.

غير أننا في واقع الحياة المادية على وجه الخصوص نعرف ألواناً أخرى من الموت تسمى كما في المصطلحات الطبية بالموت الدماغي الذي تبقى فيه أصل الحياة في أقل وأدنى درجاتها؛ لكن الحياة الحقيقية غير موجودة، ولذا يقولون: إنه موت دماغي، فالحواس كلها معطلة، ومثل هذا لا يدرك، لا يعقل، لا يحس، لا يشعر، لا يستجيب، لا يتفاعل، لا يستطيع أن يدفع أذى، ولا أن يجلب نفعاً، فهو والميت سواء في الحقيقة من حيث كل مظاهر الحياة وتفاعلاتها.


ولا أظن أن حديثنا حولهذا لكني أتحدث عن شبهه فإن من الأحياء من ينبض قلبه، وتتحرك قدمه، وينطق لسانه، وتبصر عينه، ونرى كل جوارحه تعمل؛ لكنه في الحقيقة ميت، ميتٌ لأن أسباب الحياة المعنوية الحقيقة التي تعرف صفة الإنسان إنسانيته، وصفة المؤمن إيمانه؛ معطلة عنده، فكيف يكون حياً من يعيش بلا عزة ولا كرامة؟
وكيف يوصف بالحياة من لا تكون عنده غيرة ولا صيانة؟ وكيف نرى من يكون حياً وهو متسربل بالذل والمهانة، وهو موصوف بموت المشاعر والبلادة؟


إن أمثال هؤلاء أموات في الحقيقة، لأنه ما قيمة الإنسان إن لم يكن فيه تلك الحمية التي تعبر عن غيرته على ما يمس كرامته، أو ما يذوذ عن حقه، أو ما يدفع به عن حرماته ومقدساته.


إن هذا الدين العظيم (الإسلام) الذي هو دين الإنسانية بيّن أصلاً أن إنسانية الإنسان لا تكون بالماديات، لا بالماديات الحسية بالأموال والثراء، ولا بالماديات الحسية في الجوارح، وإنما بقيمة الإنسان المعنوية، بخلقه، بقيمه، بمشاعره الإنسانية، بتفاعلاته الإيجابية، ولذلك إن عدمت هذه فإن صفة الإنسانية ابتداءً فضلاً عن صفة الإسلام والإيمان العظيم لا تكون واضحة وظاهرة، ولا يكون صاحب هذه الحالة جديراً بها بحال من الأحوال.

الغيرة حتى نجدها في الحيوان إذا اعتدي على مكانه، أو على صغاره، بل حتى نجد الغيرة في الحيوانات أو في أكثرها على إناثها، وعلى أعراضها، فكيف يكون إنساناً من يسلب الصفة الظاهرة في الحيوان، ونحن نفرق بين الإنسان والحيوان فنقول عن الإنسان: إنه حيوان عاقل ناطق، حتى نحرر الفرق ما بين هذا وذاك.
نجد هذه الغيرة هي تغير القلب، وهيجان الغضب عند المشاركة في الحق، أو اغتصابه، أو العدوان عليه، ومن هنا يأتي الفهم والمصطلح الإسلامي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون عرضه فهو شهيد)) لماذا؟


الراوي: سعيد بن زيد المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1421
خلاصة حكم المحدث: حسن


لأن هذا هو تحقيق الإنسانية، وتحقيق الحمية، والغيرة الإيمانية.

ونرى المقابل أيضاً في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه النسائي في سننه قال عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، وذكر منهم الديوث))


الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 674
خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد


فالذي تنزع منه الغيرة، والحمية، والكرامة، والعزة؛ يكون في صورة ممسوخة أقرب إلى الحيوانية بل إلى التجرد من الصفة الحياتية للإنسان والحيوان.

روى البخاري في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا أحد أغير من الله عز وجل، ولأجل ذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطل))

الراوي:عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7165
خلاصة حكم المحدث: صحيح



لأن الله جل وعلا موصوف بهذه الغيرة على ما يليق بجلاله، ثم انظروا أيضاً إلى حديث المغيرة وهو يصف قول سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: "لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح"، وكان مشهوراً بغيرته، فلما نقل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتعجبون من غيرة سعد، والله إني لأنا أغير منه، والله أغير مني))


الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1499
خلاصة حكم المحدث: صحيح


لأن هذه الغيرة والحمية صفة إيمانية مستواها الأعلى يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان عليه الصلاة والسلام لا يغضب لنفسه، ولكن إذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه قائمة، ويوم جاء القوم يشفعون في حد من حدود الله وكلموا في ذلك أسامة بن زيد قال: ((أتشفع في حد من حدود الله، والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها صلى الله عليه وسلم)).


الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6788
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


الغيرة التي انتفض بها النبي صلى الله عليه وسلم لكل حرمة انتهكت، ولكل مسلم اعتدي عليه، وظل يدعو على المشركين شهراً، إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله، ولذلك نتأمل شطر آية من كتاب الله لنرى هذا المعنى المهم والعظيم في الغيرة والحمية والعزة: ((وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ))(الحج:30)
ما هي حرمات الله؟
قال الزجاج رحمه الله: "الحرمة ما وجب القيام به، وحرم التفريط فيه"، وجاء ابن القيم بعد أن سرد أقوالاً كثيرة للعلماء بقول جامع قال: "الحرمات جمع حرمة وهي ما يجب احترامه، وحفظه من الحقوق، والأشخاص، والأماكن، وتعظيمها توفيتها حقها، وحفظها من الإضاعة" هذا إن كان في أمر يخص الفرد المسلم؛ فكيف فيما يخص الأمة كلها؟

ويعز علينا، ويحز في نفوسنا؛ أن نصف هذا الواقع الذي يتصدر مشهده كثير من ساسة بلادنا العربية والإسلامية في قضية فلسطين، وما نسمع من المهازل التي يندى لها الجبين، ومن الذل الذي لا أحسب أن مثيلاً له مر بأمتنا الإسلامية حتى عند دخول التتار إلى بلاد الإسلام، هل نرى أمراً مهيناً في بلاد الدنيا كلها اليوم في مثل هذا الذي نراه في هذه الأحداث التي مرت وتمر بنا وكانت وشيكة في الأيام التي سلفت؟

أظنكم تسمعون عن دولتين من الدول الكبرى بينهما خصومة، واشتدت اللهجة، واستعرت الدبلوماسية، وبدأت تلويحات المقاطعات الاقتصادية وغيرها لأجل قارب صيد وصياد؟

ولأجل أعداد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة؟

فأين نحن من أحد عشر أو اثنى عشر ألفاً من إخواننا في سجون الصهاينة المحتلين، لا يذكرون ولا يشار ببنت شفة كما يقولون، بل أين نحن في هذه الأيام التي تلوك فيها الألسنة تقديماً وتأخيراً وشهراً وشهرين كأننا في مزاد علني، وفي بيع للعقارات، وفي موسم لدفع الإيجارات، وتقسيط القيمة على المدد.


كلنا سمعنا ورأينا ما جرى في القدس، وفي جوار المسجد الأقصى للأسبوع فحسب، ومع أعياد الصهاينة المزعومة، ومع الأحكام الجائرة الظالمة الصادرة من المحاكم العدلية اليهودية التي تحكم على أهل الأرض وأصحابها بأنهم محتلون غاصبون، وأن المجرم السارق هو المالك صاحب الحق، ونرى ما نرى من العدوان على الأطفال والصغار وعلى حرمة المسجد الأقصى، وكل ذلك ومشكلتنا في شهر أو شهرين، وتأتي القوى العظمى لتقدم المزيد من الأسلحة والقوة والوعود استرضاءً للمجرم حتى يعطي فريسته قبل أن يجهز عليها أن يعطيها رمقاً قبل أن يحكم بإعدامها وموتها النهائي، أفلسنا نرى أن هذا ضرب من الذل لا مثيل له؟

وأن المجتمعين كلهم يقدمون ويؤخرون لأجل سواد عيون المجرمين؟
ولأجل من يسمون المستوطنين وهم مغتصبون؟

صورة لا يكاد يصدقها العقل، ولا يمكن أن يتصورها إنسان فيه ذرة من عزة وكرامة، فضلاً عن أن يكون نموذجاً لمسلم قلبه حي، وحميته الإيمانية يقظة، وحماسته الإسلامية متقدة، ولذلك لسنا بصدد أن نذكر المآسي فهي مشاهدة بالعين كل يوم، حتى إن هؤلاء اليهود المغتصبين يفعلون الأفاعيل، ويقلصون مساحة ما قد يرى أنه أمر مخالف حتى تجتمع الدنيا كلها لتطلب منهم هذه المدد في أمر محدود وحيد، وكأن كل شيء آخر من تلك الجرائم لا غبار عليه، وهذه هي سياستهم، فاليوم لا يطلب منهم سوى مطلب واحد وللأسف أن هذا المطلب هو كذلك مطلب من يزعمون أنهم ينتسبون إلى أرض الإسراء، ويمثلون أهل بيت المقدس الذين حتى عندما يريدون قطف ثمار زيتونهم كما تقرأون في أخبار هذه الفترة التي نحن فيها يعملون تظاهرة، ويأتون ببعض المتضامنين معهم؛ ليستطيعوا أن يقطفوا زيتونهم من أشجارهم دون أن يعتدي عليهم هؤلاء المغتصبون.


في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه: ((أن المؤمن يرى الذنب كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وأما المنافق فيرى ذنوبه كذباب وقع على أنفقه فقال به هكذا))


الراوي: الحارث بن سويد المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2497
خلاصة حكم المحدث: صحيح


إن هؤلاء يرتكبون جرماً عظيماً، ويتحدون ويتعدون حرمات الله ولا يعظمونها، لكن موات قلوبهم، وهوان حرمات الله في نفوسهم؛ تجعل صفتهم كهذه الصفة، يرون أنهم لم يقترفوا إثماً، ولم يرتكبوا جرماً، ولم يسجلوا خزياً، ولست أدري إذا لم يكن ذلك كذلك فمتى سيكون، وبأي لسان، وبأي تصريح بعد الذي سمعناه سيكون؟

العزة تحدث الله جل وعلا عنها في كتابه، وبيّن مقاييسها بين المؤمنين المتوكلين على الله، الواثقين بوعده، المعتزين بقوته، المؤملين في نصره، وبين المنافقين الذين يركنون إلى الدنيا وإلى أهلها، وجاءت المقارنات القرآنية في هذا الصدد: ((الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً))(النساء:139)، هل تسمعون أحداً اليوم يذكر أننا نريد أن نستفتي الشعوب كما تستفي الأمم أحياناً على أمور في غاية التفاهة؟

هل تسمعون اليوم أننا نريد كأمة إسلامية نبحث الأمر الذي يهمنا لأنه لا يتعلق بفرد ولا بمجموعة ولا بدولة؟

إنه مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه آيات القرآن التي تتلى، إنها أحاديث الرسول التي تروى، إنه تاريخ الأمة الذي روته بدمائها، إنها حضارة الإسلام التي شعت في كل أنحاء الكون، إنها جماهير الأمة كلها، حقها في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن تدافع عن دينها وعرضها وشرفها، وأن لا يكون الذل شعارها، وأن لا يكون الهوان لباسها، وأن لا يكون النفاق لسانها، وأن لا تكون المصالح قبلتها، وأن لا يكون ركونها إلى غير المؤمنين، ولذلك بيّن الحق سبحانه وتعالى لنا هذا الوصف: ((وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً))(مريم: 81-82).

كل من اعتز بغير الله مصيره الذل في دنياه قبل أخراه، ونرى ذلك واضحاً، نراه على الوجوه التي شاهت، وفي الكلمات التي يندى لها الجبين، ولذلك نرى الخطاب القرآني للمنافقين لما رجعوا إلى المدينة قال قائلهم وكبير نفاقهم: ((لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ)) وجاء الجواب القرآني: ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ))(المنافقون:8).

وهذا اعتزاز نراه وللأسف بشرعية ليست مرتبطة بكتاب الله وسنة رسول الله، فلا نسمع شرعية إسلامية، بل نسمع شرعيات تنسب إلى هنا وهناك، ولا نسمع أيضاً استشهاداً بالفاروق عمر، ولا بالقائد العظيم صلاح الدين، ولكننا نستمع إلى شهادات تنسب إلى ألد أعدائنا، وأشد خصومنا، الذين أياديهم ملطخة بدماء أبنائنا، وبمقدساتنا، ونحن نرى كل يوم خطوات وكأن هذه الأمة في مجموعها كأنما هي:

ويقضى الأمر حين تغيب تيم *** ولا يُستأذنون وهم شهود

من الذين يبتون في أمر أقصانا، وفي مسرى رسولنا، إنهم دول كثر ليس بينها على الحقيقة من له قول ورأي من أهل الإسلام والعروبة.

ولذلك كل هذه الصورة ينبغي أولاً أن نفهمها وأن نعيها، وأن نتأملها وأن نتدبرها، وأن لا نبقى مشغولين بترهات الأمور وبالخلافات والنزاعات التي تشعل بين بلادنا العربية والإسلامية، بل بين شعوبنا في داخل كل بلد، وهذه واحدة، وأما الثانية فإنه ((ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار القلوب، حمية النفوس، ضيق الصدور، نطق الألسن بإنكار المنكر بقدر المستطاع واجب شرعي هو من محافظتنا على إيماننا، وبقائنا على حيوية وحياة إسلامنا في نفوسنا.


الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5790
خلاصة حكم المحدث: صحيح



الخطبة الثانية:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله حبل النجاة، وهي طريق الفوز في الدنيا والآخرة.

ولعلي أعيد ما أكرره دائماً، لم تحدثنا بهذا الحديث؟
لم تذكر لنا هذه الأحوال؟
نحن ليس بأيدينا شيء نفعله، نحن لسنا مسؤولين عن ذلك، فلماذا هذا الحديث؟

وأقول أولاً: لو لم يكن من الحديث إلا الحديث نفسه لكان غاية في ذاته، أما أن يمر ذلك دون أن ينطق به لسان، ودون أن يتحرك به جنان، ودون أن يتحرق له إنسان؛ فذلك دليل المواكي الذي ينبغي أن نبرأ منه جميعاً، حتى ولو لم يكن لنا عملٌ نعمله، ولا قدرة نستطيعها؛ فلا أقل من أن نحيي قلوبنا، ونثير مشاعرنا بالانتماء إلى ديننا، والانتساب إلى إيمانينا، وتحقيق ارتباطنا بمقدساتنا، وتعظيمنا لحرمات الله سبحانه وتعالى، وتأكيد هذه الصفة الإيمانية من الغيرة العظيمة على حرمات الله عز وجل.

وأما الثاني وهو مهم: فنحن محاسبون عن أنفسنا، ولئن كان هذا على مستوى الأمة فإنه على مستوى الآحاد له صور مماثلة، فأقوله لنأخذ الدرس، ولنطبقه على أنفسنا، هل نحن في أمور الدين والحرمات التي نتعامل معها، ولنا سلطان عليها؛ نغار عليها، ونعتني بها، ونعطيها أولويتها كما يجب، ودعوني أضرب لكم مثالاً يتضح به المقال: هل تكون غيرتك وحسابك والتفاتك إلى ابنك إذا كان مفرطاً في الصلوات، ومقصراً في شهودها أو في آدائها؛ مثل غيرتك وحميتك عندما يرسب في مادة، أو عندما يتخلف عن النجاح في مرحلة من المراحل؟

قد نجد فرقاً، فعندما لا يصلي الفجر حتى ينبثق ضوء الشمس قد نقول له: انتبه ولا تعد، ولكن إذا رسب نقاطعه، ونمنع عنه المصروف ولا نعطيه، ونفعل به كذا وكذا وكأن هذا عندنا أهم من هذا.

وما ابتلينا بما هو أكبر إلا لأننا قد ابتلينا بما هو أصغر، فلنحرر غيرتنا لديننا، وانتصارنا لحرمات ربنا، ورعايتنا لحدود الله عز وجل في حياتنا الشخصية، وفيما ولانا الله من الولايات سواءً في أسرنا أو في أعمالنا، أو بين المعلم وطلابه وبين المدير ومرؤوسيه ونحو ذلك، فإن كثيراً من أمور ديننا وحرمات ربنا لم تعد واردة في أولوياتنا، ولا ساكنة في قلوبنا، ولا محركة لمشاعرنا كما يجب، وإن أقل القليل من أمور دنيانا قد ننتصب له وننتفض له، وتقوم الدنيا ولا تقعد لأجله، وربما لو شتم أحدنا إنساناً بذاته أو في أسرته لقامت الدنيا ولم تقعد كما قلت، ولو شتم دينه أو كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو أزواجه أو أصحابه كما رأينا وعلمنا ولنا حديث عن ذلك لمر الأمر كأن لم يكن شيئاً، فلا أقل أن يكون هذا الدرس محركاً لنا لنصلح أوضاعنا في حياتنا الشخصية والأسرية والاجتماعية.


وأما الأمر الثالث: فإننا نستطيع أن نفعل الأشياء الكثيرة، نستطيع كما قلت سابقاً أن نجعل في كل دعاء من دعائنا، وفي كل سجدة من سجداتنا؛ استنصاراً بالله عز وجل أن يثبت إخواننا في أرض بيت المقدس، وأن يثبت المجاهدين والمرابطين، وأن يثبت المستمسكين بالحقوق والرافعين لراية الجهود، وأن يحرر المسجد الأقصى من رجس ودنس اليهود فإننا في وقت الراية والخط البياني مرتفع لنا ولكن المنافقين والعميان لا يبصرون.

وأمر ثاني: أن نحدث الناس بهذا الذي نعرفه، أن نعلم الناس وأن نعلم أبناءنا، وأن نذكر أن أمتنا لم تكن يوماً ذليلة وإن كانت قليلة، ولم تكن يوماً مهانة وإن كانت في أدنى درجات استعداداتها المادية والبشرية، لأنها دائماً تكون عزيزة بإيمانها، وقوية بإسلامها، وشامخ بوحدتها، وذلك ما ينبغي أن نعلمه لأبنائنا وأجيالنا.


وأمر أيضاً رابع: وهو أن نفعل شيئاً، أن نتكلم كلمة، أن نكتب رسالة، أن نشارك بقول، أن نبذل مالاً فإن الأبواب مشرعة وكثيرة، وكما قلت: لا تقل ماذا يجب علي؟
فإنك إن كنت تريد أن تقوم بالواجب فستستطيع، وستجد أمراً بقدر قدرتك وطاقتك تنفذه، لكن الأمر إن لم يكن خاطراً ببالك، ولا ساكناً في قلبك، ولا وارداً في أولوياتك؛ فلن تستطيع أن تفعل شيئاً لأنك لا تريد أن تفعل شيئاً، أو لأنك لا تريد أن في الأمر شيئاً وذلك هو الخطر الداهم الذي نريد ألا نقع فيه.

فالله الله في حرمات الله عز وجل، والله الله في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الله الله في أرض الإسراء، الله الله في دماء وقبور الصحابة الموجودة إلى الآن في تلك البقاع المقدسة، كيف ننسى كل ذلك، كيف نغمض أعيننا عن كل تلك الجرائم والمهالك؟
ذلك ما لا يجب أن يكون.



الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح
الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح
الأموات لا يمثلون أمتنا .. للشيخ على بن عمر بادحدح



كتبت : صفاء العمر
-
نعم الاموات الاحياء لا يمثلون امة سيدنا محمد
الذين ماتت قلوبهم عن طاعة الله ومخافته وعبادته
اللهم احيي قلوبنا على حبك وطاعتك وحسن عبادتك
جزاك الله خير عبير
ولا حرمك الله الاجر
كتبت : قره العين
-
جزاك الله خير الجزاء
طرح هادف
جعله الله في موازين حسناتك ..~

كتبت : || (أفنان) l|
-

غاليتى

جزاك الله خيرالجزاء
موضوع قيم ومفيد جعله الله فى ميزان حسناتك
اللَّهُمَّ أَرِني الْحَقَّ حَقّاً وَارْزُقْنِي اتِّبَاعَهُ، وَأَرِني الْبَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنِي اجْتِنَابَهُ


كتبت : أمواج رجيم
-
موضوع رائع ومفيد
جعله الله في موازين حسناتك وبارك فيك
تقبلي ودي
كتبت : ♥♥..fafy..♥♥
-
موضوع قيم
شكرا لك حبيبتي


التالي

السعادة في الاعتصام بالكتاب والسنة .. للشيخ السديس

السابق

الحب فى الله - للشيخ عبد الرحمن السديس

كلمات ذات علاقة
أمتنا , للشيخ , الأموات , بادحدح , يمثلون , على , عمر