لحظة قبل توديع العام

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
لحظة قبل توديع العام
لحظة قبل توديع العام
لحظة قبل توديع العام


15323.gif


لحظة قبل توديع العام



الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر



الحمد لله القائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾.

صلى الله على نبينا محمد المبلغ عن ربه قوله: ﴿ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا... ﴾ الآية.

وبعد:
فكم من التنزيل العزيز من الآيات التي توجه أولى الألباب أن يخلوا بأنفسهم بين وقت وآخر ليقوموا سيرهم إلى الله تعالى فإنهم كادحون إليه كدحا فملاقوه فموقوفون بين يديه كقوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ... ﴾ الآية.

فتقويم الأعمال والتفكر والاعتبار في مضي الأيام والليالي نهج سديد ومطلب حميد لما يحدثه من جليل الفكرة، وصادق العبرة، وبليغ العظة حتى يميز اللبيب أعماله وأقواله وأحواله وعلاقته بربه تبارك وتعالى، وعلاقته بالناس.

فما كان من شيء محمود على هدي الكتاب والسنة اغتبط به المسلم وذكر جليل إنعام الله تعالى عليه به وشكره بالمداومة عليه والاستزادة منه فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، وإن من عاجل البشرى للمسلم أن يفتح الله له باب عمل صالح يلازمه حتى يلقي الله عليه.

وما كان قد اقترف العبد من معصية خالف فيها شرع الله تعالى وهدي نبيه - صلى الله عليه وسلم - تذكر أن تلك المخالفة معصية مستمرة لله ولرسوله ونوع من المحادة والمشاقة لهما لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ﴾ فإذا كان اختيار العبد لنفسه غير ما اختار الله له ورسوله ضلالة بينة ومعصية مؤكدة بنص الوحي فكم من الناس من هو على هذا النهج الغوي المتمثل بإعلان المخالفات والإصرار على السيئات وكل على شاكلته وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلا.

فمنهم من معصيته وضلالته باختياره غير ما اختار الله له ورسوله في هجرة المساجد وصلاته إن صلى في البيت مع النساء والقواعد.

ومنهم من معصيته وضلالته باختيار غير ما اختار الله له ورسوله في أمر المال والاقتصاد بأخذه المال من الحرام وإنفاقه إياه في أنواع الإثم والإجرام.

ومنهم من مخالفته وضلالته في تضييعه سويعات عمره وزهرة شبابه أمام الدش وغيره من وسائل الإعلام الهابطة التي تضلل الاعتقاد وتغري بالفساد وتعلم فنون الإجرام وتهزأ بشعائر وقيم الإسلام.

ومنهم من مخالفته وضلالته بمعصية الله ورسوله في أمر السفر والثياب فيحلق شعر وجهه ويسبل ثيابه ويخر من مخالفة وناصحه وهو يعلم انه لا حجة له تنجيه يوم القيامة وان محمد - صلى الله عليه وسلم - خصمه غدا بين يدي ربه الذي بلغه رسالة ربه ونصحه ولكن ذلك الغوي رد النصيحة وخالف السنة مجاهرا.

ومنهم من معصيته وضلالته بمحاربة الإسلام عن قصد أو غير قصد لإعجابه برأيه بالتزهيد في العلم الشرعي وإغراء المرأة بالخروج على قيم الإسلام والكيد الخفي للمؤسسات التي تنشر السنة وتحافظ على الفضيلة فلا تسنح لهذا المشؤوم فرصة إلا أشار أو احتال ليتصدر ما أمكنه من قرار لحمته وسداه الكيد لأحكام الشريعة، وأذية المؤمنين والتمكين لأهل الأهواء ومتبعي الشــهوات ليفسدوا في الأرض بكل ما أوتوا من قوة وما اتيح لهم من أسلوب ووسيلة وحيلة ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ ﴾، وهو سبحانه ﴿ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾، ولكن اقتضت حكمته سبحانه أن يعجلوا الناس ببعض ليهدي المجاهدين فيه سبيله ويمن عليهم بمعيته ولينتقم من المفسدين ولو بعد حين ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ ولسان حال هذا الصنف المفسد المشؤوم المطيع لضلال اليهود والنصارى الذين يحرضونه على التغيير و(التغريب) ما ذكره الله عن سلفه المنافقين في عهد النبوة الذين اخبر الله عنهم بقوله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ, أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ﴾، ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ﴾, ويا ويح هذا الصنف إن لم يتب من جرمه قبل موته في يوم ينظر المرء ما قدمت يداه.

ومنهم الظالم لنفسه بالتعدي على أموال العباد وحرماتهم وأعراضهم وهو مقيم على ظلمه فلم يخطر بباله أنه إن لم يتخلص من مظالمه في هذه الدار فسيدفع ثمنها في دار القرار بالتخلي عن بعض حسناته للمظلومين حتى يوفيهم حقهم فان لم توفي حسناته مظالمه حُمّل من سيئاتهم ما لا قبل له به ثم طرح في النار.

فما أحوج الجميع وهم في نهاية العام إلى أن يقوموا ويتفكروا وينظروا فيما قدموا ويعتبروا بمن فارقوا من الأحباب والأصحاب وودعوهم للإلحاد في جوف التراب فلعل المحسن أن يزداد ولعل المسيء أن يرجع ويستجيب فإن الجميع مسئولون عما عملوا فليعدوا للسؤال جوابا وليكن الجواب صوابا.
لحظة قبل توديع العام
لحظة قبل توديع العام
لحظة قبل توديع العام
كتبت : أمواج رجيم
-
موضوع رائع
يعطيك العافية
تستاهلي احلى تقييم
كتبت : ♥♥..fafy..♥♥
-
شكرا حبيبتي للتذكير
ولكن على الانسان لن يتفكر وينظر في حاله
ويحاسب نفسه يويما لكي يتدارك ما يمكن تداركه
شكرا لك على الموضوع الرائع

كتبت : دلوعة حبيبها86
-
تسلم اديكي غاليتي
بس الأكيد انو نهاية العام ليست هي المناسبة الوحيدة ليحاسب الانسان نفسه
لأن الاعمار بيد الله وقد لانصل لنهاية العام
فليتفكر الانسان كل يوم بما اقترفت يداه
وليحاول مسح ذنوبه بمنديل الاستغفار والتوبة كل يوم
حتى اذا جاء اجله
ماندم على مافات
بارك الله فيكي غاليتي
كتبت : دكتورة سامية
-
أختي الغالية
أبعد الله عنكِ شر النفوس

وحفظكِ باسمه السلام القدوس
وجعل رزقكِ مباركاً غير محبوس
وجعل منزلتكِ عنده جنة الفردوس
وصلِ اللهُ على سيِّدِنا مُحمَّد وَعلى آلِهِ وصَحْبه وَسلّم
دمـتِ برعـاية الله وحفـظه
كتبت : ناثرة المسك
-
بارك الله فيكِ اختي لطرحك القيم
وأثابكِ الله الفردوس
تقبلي مروري واحترامي لشخصك
وروحك الراقية
بانتظار جديدك

التالي

أسباب دفع البلاء ؟!

السابق

من همَّ بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة

كلمات ذات علاقة
لحظة , العام , توديع , قبل