النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : سنبلة الخير .
-
النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها
النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها
النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها

PIC-837-1352407949.g




من شروط صحة الصلاة

النية
إجعل من نومك و راحتك قربة الى الله تؤجر عليها
قال معاذ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي. رواه البخاري ومسلم


قال النووي في شرح صحيح مسلم: مَعْنَاهُ: أَنِّي أَنَام بِنِيَّةِ الْقُوَّة وَإِجْمَاع النَّفْس لِلْعِبَادَةِ وَتَنْشِيطهَا لِلطَّاعَةِ, فَأَرْجُو فِي ذَلِكَ الْأَجْر كَمَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي, أَيْ: صَلَوَاتِي .


وقال ابن حجر في فتح الباري: وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَطْلُب الثَّوَاب فِي الرَّاحَة كَمَا يَطْلُبهُ فِي التَّعَب, لِأَنَّ الرَّاحَة إِذَا قُصِدَ بِهَا الْإِعَانَة عَلَى الْعِبَادَة حَصَّلَتْ الثَّوَاب .


وقال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين: قال بعض السلف: إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية، وحتى في أكلي وشربي ونومي ودخولي الخلاء، وكل ذلك مما يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله تعالى، لأن كل ما هو سبب لبقاء البدن وفراغ القلب من مهمات الدين، فمن قصد من الأكل التقوى على العبادة، ومن النكاح تحصين دينه، وتطييب قلب أهله، والتوصل إلى ولد يعبد الله بعده، أثيب على ذلك كله.


PIC-724-1352407949.g


النية للصلاة
النية لا بد من استحضارها في جميع العبادات المحضة ـ فرضا كانت أو نفلا ـ كالصلاة والزكاة والصوم..
جاء في قواعد المذهب المالكي للولاتي: النية شرط صحة في العبادات المحضة، وشرط لحصول الثواب في جميع الأعمال، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
ونسيان النية في العبادة المحضة يبطلها، لأن النية شرط لصحة كل عبادة
وهناك بعض الأعمال الواجبة التي لا يجب فيها استحضار النية كإزالة النجاسة وأداء الحقوق ورد المظالم ونفقة العيال.. ولكن لا ثواب فيها بدون نية
وكل عمل يريد به العبد التقرب إلى الله تعالى ولو كان من غير الفرائض أو من الأعمال العادية كالأكل والشرب.. لا يحصل الأجر لفاعله إلا بنية التقرب به إلى الله تعالى، وليس في ترك النية كفارة، وإنما يترتب على تركها بطلان العمل إذا كانت شرطا في صحته، وعدم حصول الأجر فيه إذا لم تشترط له

PIC-724-1352407949.g

النية شرط من شروط صحة الصلاة
نية الصلاة المعينة شرط في صحة الصلاة، فلو لم ينو المصلي الصلاة المعينة لم تصح صلاته، وكذا لو نوى غيرها من باب أولى.
قال الشيرازي في المهذب: فَإِنْ كَانَتْ فَرِيضَةً لَزِمَهُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فَيَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا. انتهى.
وقال ابن رشد في بداية المجتهد: وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ شَخْصٍ الْعِبَادَةَ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الصَّلَاةِ إِنْ عَصْرًا فَعَصْرًا، وَإِنْ ظُهْرًا
فَظُهْرًا. انتهى.


وقال الزركشي في شرحه على الخرقي: ولا بد من تعيين الصلاة [فتعين] أنها ظهر، أو عصر، أو غير ذلك لتتميز عن غيرها، هذا منصوص أحمد. انتهى.


وعليه فلو تيقنت بعد الصلاة أنك نويت بها الظهر وكانت العصر فقد تيقنت بطلان صلاتك، وأنها فقدت شرطا من شروط صحتها وهو النية فلزمك إعادتها. ولكن لو كان الذي يعرض لك مجرد شك في أنك هل نويت الظهر أو العصر فإن هذا الشك لا يؤثر إذا كان بعد الفراغ من العبادة.
قال الشيخ العثيمين
إذا ذكر في أثناء الصلاة أنها ليست الصلاة التي نواها فإنه يخرج منها, أي: ينوي قطعها ويستأنف الصلاة الحاضرة من جديد. اهـ.
و النية محلها القلب ولا يحتاج استحضارها إلى كبير عناء ووسوسة بل هي مجرد قصد الإنسان للشيء وعلمه به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى: فإن النية تتبع العلم فمن علم ما يريد فعله نواه بغير اختياره، وأما إذا لم يعلم الشيء فيمتنع أن يقصده
و قال أيضا: ومعلوم في العادة أن من كبر في الصلاة لا بد أن يقصد الصلاة، وإذا علم أنه يصلي الظهر نوى الظهر فمتى علم ما يريد فعله نواه ضرورة. انتهى
فمن أراد فعل شيء فقد نواه مثال رجل أراد الوضوء و هو يعلم فقد نوى
قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح الأربعين النووية: فيستفاد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات ـ أنه ما من عمل إلا وله نية، لأن كل إنسان عاقل مختار لا يمكن أن يعمل عملا بلا نية حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق.

PIC-724-1352407949.g



ويتفرع من هذه الفائدة الرد على الموسوسين الذين يعملون الأعمال عدة مرات ثم يقول لهم الشيطان: إنكم لم تنووا، فإننا نقول لهم: لا، لا يمكن أبدا أن تعملوا عملا إلا بنية فخففوا على أنفسكم ودعوا هذه الوساوس. اهـ.
قال ابن القيم في زاد المعاد
كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: ((اللَّهُ أَكْبَرُ)) ولم يقل شيئاً قبلها ولا تلفَّظ بالنية البتة، ولا قال: أصلي للَّهِ صلاة كذا مُستقبِلَ القبلة أربعَ ركعات إماماً أو مأموماً، ولا قال: أداءً ولا قضاءً، ولا فرض الوقت، وهذه عشرُ بدع لم يَنْقُلْ عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظةً واحدةً منها البتة، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحدٌ من التابعين، ولا الأئمةُ الأربعة، وإنما غَرَّ بعضَ المتأخرين قولُ الشافعي رضي اللّه عنه في الصلاة: إنها ليست كالصيام، ولا يدخل فيها أحد إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفُّظُ المصلي بالنية، وإنما أراد الشافعي رحمه اللّه بالذكر: تكبيرةَ الإِحرام ليس إلا، وكيف يستحِبُّ الشافعيُّ أمراً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة واحدة، ولا أحدٌ مِن خلفائه وأصحابِه، وهذا هديُهم وسيرتُهم، فإن أَوْجَدَنَا أحدٌ حرفاً واحداً عنهم في ذلك، قبلناه، وقابلناه بالتسليم والقبول، ولا هديَ أكملُ من هديهم، ولا سنةَ إلا ما تلقَّوه عن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى
الجهر بلفظ النِّيَّة ليس مشروعاً عند أحدٍ من علماء المسلمين ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعله أحدٌ من خلفائه وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها ومن ادَّعى أنَّ ذلك دين الله وأنه واجب فإنه يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول فإن أصرَّ على ذلك قتل بل النية الواجبة في العبادات كالوضوء والغسل والصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك محلها القلب باتفاق أئمة المسلمين
والنية هي : القصد والإرادة والقصد والإرادة محلهما القلب دون اللسان باتفاق العقلاء فلو نوى بقلبه صحت نيته عند الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين من الأوَّلين والآخرين وليس في ذلك خلاف عند من يُقْتدى به ويُفْتَى بقوله ولكن بعض المتأخِّرين من أتباع الأئمة زعم أنَّ اللَّفظ بالنيَّة واجب ولم يقل إنَّ الجهر بها واجب ومع هذا فهذا القول خطأٌ صريح مخالفٌ لإجماع المسلمين ولما عُلِمَ بالاضْطرار من دين الاسلام عند من يعلم سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه وكيف كان يصلِّي الصحابة والتابعون فإنّ كلّ من يعلم ذلك يعلم أنهم لم يكونوا يتلفظون بالنية ولا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ولا عَلَّمَهُ لأحدٍ من الصحابة .
بل قد ثبت في الصَّحيحين وغيرهما : أنَّه قال للأعرابي -المسيء في صلاته- : إذا قمت إلى الصلاة فكبّر ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن وقد ثبت بالنقل المتواتر وإجماع المسلمين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير ولم ينقل مسلم لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أنه قد تلفظ قبل التكبير بلفظ النية لا سرّاً ولا جهراً ولا أنَّه أمر بذلك ومن المعلوم أن الهمم والدواعي متوفرة على نقل ذلك لو كان ذلك وأنَّه يمتنع على أهل التواتر عادة وشرعاً كتمان نقل ذلك فإذا لم ينقله أحد علم قطعاً أنه لم يكن . ولهذا يتنازع الفقهاء المتأخرون في اللفظ بالنية : هل هو مستحب مع النية التي في القلب فاستحبه طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد . قالوا لأنه أوكد وأتم تحقيقاً للنية ولم يستحبه طائفة من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما وهو المنصوص عن أحمد وغيره بل رأوا أنه بدعة مكروهة . قالوا : لو أنه كان مستحَبّاً لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لأمر به فإنه صلى الله عليه وسلم قد بين كل ما يقرب إلى الله لا سيما الصلاة التي لا تُؤْخذ صفتها إلاّ عنه وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : صلوا كما رأيتموني أصلي . قال هؤلاء : فزيادة هذا وأمثاله في صفة الصلاة بمنزلة سائر الزيادات المحدثة في العبادات كمن زاد في العيدين : الأذان والإقامة ومن زاد في السَّعْي صلاة ركعتين على الْمَروَة وأمثال ذلك . قالوا : وأيضاً فإن التلفظ بالنية فاسد في العقل فإنَّ قول القائل : أنْوي أن أفعل كذا وكذا بمنزلة قوله : أنوي آكل هذا الطعام لأشبع وأنوي ألبس هذا الثوب لأسْتتر وأمثال ذلك من النيات الموجودة في القلب التي يُسْتَقبح النُّطْق بها وقد قال الله -تعالى- : ** أتُعَلِّمُون الله بدينكم و الله يعلم ما في السموات وما في الأرض } الحجرات : 16 ] . وقال طائفةٌ من السَّلف في قوله : ** إنما نطعمكم لوجه الله } الإنسان : 9 ] قالوا : لم يقولوه بألسنتهم وإنما علمه الله من قلوبهم فأخبر به عنهم . وبالجملة فلا بُدَّ من النية في القلب بلا نزاع وأما التلفظ بها سراً فهل يكره أو يستحب فيه نزاع بين المتأخرين وأما الجهر بها فهو مكروهٌ منهيٌ عنه غير مشروع باتفاق المسلمين وكذلك تكريرها أشد وأشدُّ

PIC-724-1352407949.g

شرح الفتوى هام جدا
النية للصلاة لا بد منها و محلها القلب و هذا هو الصواب قال في أول فتواه فلو نوى بقلبه صحت نيته عند الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين من الأوَّلين والآخرين وليس في ذلك خلاف عند من يُقْتدى به ويُفْتَى بقوله
التلفظ بالنية سرا هل يكره أو يستحب فيه نزاع بين المتأخرين قال شيخ الاسلام ولهذا يتنازع الفقهاء المتأخرون في اللفظ بالنية : هل هو مستحب مع النية التي في القلب فاستحبه طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد . قالوا لأنه أوكد وأتم تحقيقاً للنية ولم يستحبه طائفة من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما وهو المنصوص عن أحمد وغيره بل رأوا أنه بدعة مكروهة
الجهر بالنية مكروه منهي عنه غير مشروع باتفاق المسلمين
من قال أن التلفظ بالنية جهرا واجب في الصلاة و ألزم به المصلين فهذا كافر و كفره من باب كفر التشريع قال شيخ الاسلام في بداية فتواه ومن ادَّعى أنَّ ذلك دين الله وأنه واجب فإنه يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول فإن أصرَّ على ذلك قتل
فيجب التفريق بين من يجهر بالنية و بين من يوجب على الناس الجهر بالنية
أحكام النية

PIC-724-1352407949.g
حكم تقديم النية على تكبيرة الاحرام
إختلف العلماء في حكم تقديم النية على الصلاة على ثلاث أقوال
القول الأول أن تكون النية مقارنة
لتكبيرة الاحرام
قال
الشافعي وابن المنذر
يشترط مقارنة النية للتكبير، لقوله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين {البينة: 5} فقوله: مخلصين ـ حال لهم في وقت العبادة، فإن الحال وصف هيئة الفاعل وقت الفعل، والإخلاص هو النية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات ـ ولأن النية شرط، فلم يجز أن تخلو العبادة عنها، كسائر شروطها،
قال
ابن حزم: إنه لا يجوز فصل النية عن التكبيرة
بل يجب أن تكون متصلة لا فصل بينهما أصلاً لا قليل ولا كثير
القول الثاني
جواز تقديم النية عن تكبيرة الاحرام بزمن يسير
ذهب
الأحناف و طائفة من الحنابلة الى جواز
تقديم النية عن تكبيرة الاحرام بزمن يسير ما لم يتخلل ذلك عمل يقطع
قال
الكاساني-الفقيه الحنفي- في بدائع الصانع
: فإن تقديم النية على التحريمة جائز عندنا، إذا لم يوجد بينهما عمل يقطع أحدهما عن الآخر، والقران ليس بشرط. انتهى.
قال
ابن قدامة-الحنبلي- في المغني
: قال أصحابنا: يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير، وإن طال الفصل أو فسخ نيته بذلك، لم يجزه. انتهى.
القول الثالث
جواز تقديم النية عن تكبيرة الاحرام و لو طال الزمن بشرك عدم قطعها
و
ذهب المالكية و طائفة من الحنابلة
الى أنه يجوز تقديم النية على تكبيرة الاحرام و لو طال الزمان ما لم يصرفها الى غيرها
قال
ابن عبد البر في الكافي
ص ( 39): "وتحصيل مذهب مالك أن المصلي إذا قام إلى صلاته أو قصد المسجد لها فهو على نيته وإن غابت عنه إلى أن يصرفها إلى غير ذلك"
و
المنصوص من كلام الامام أحمد أنه قال
: إذا خرج الرجل من بيته فهو نيته، أفتراه كبر، وهو لا ينوي الصلاة؟
قال
الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع
: وقال بعض العلماء: بل تصحُّ ما لم ينوِ فَسْخَها، لأن نيَّتَه مستصحبَةُ الحكم ما لم ينوِ الفسخ، فهذا الرَّجُل لما أذَّن قام فتوضَّأ ليُصَلِّيَ، ثم عزبت النيَّة عن خاطره، ثم لمَّا أُقيمت الصلاة دخل في الصَّلاة بدون نيَّة جديدة، فعلى كلام المؤلِّف لا تصحُّ الصَّلاة، لأنَّ النيَّة سبقت الفعل بزمن كثير، وعلى القول الثاني تصحُّ الصَّلاة، لأنه لم يفسخ النيَّة الأولى فحكمها مستصحب إلى الفعل، وهذا القول أصحُّ، لعموم قول النبيِّ صلّى الله
عليه وسلّم: إنما الأعمال بالنيَّات ـ وهذا قد نوى أن يُصلِّي، ولم يطرأ على نيَّته ما يفسخها. انتهى.

PIC-724-1352407949.g

توضيح
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-
:
إِذا جِئتَ وكبَّرتَ، وغاب عن ذِهنِك أَيُّ صلاةٍ هيَ، وهذا يَقعُ كثيراً؛ إذا جاء بسرعةٍ يخشى أَنْ تفوتَه الركعةُ، فهُنا وقوعِ الصلاةِ في وقتِها دليلٌ على أنه إِنما أرادَ هذه الصلاةَ، ولهذا لو سألك أيُّ واحدٍ: هل أردت الظهرَ ، أو العصرَ ، أو المغربَ ، أو العشاءَ؟ لقلت: أبداً ماأردت إلا الفجرَ، فيكون تعيينُها بالوقت.
إذاً
الفرائضُ يكون تعيينُها على وَجهين
:
الوجه الأول
: أن يعينَها بعينِها، فينويَ بقلبِه أنها الظهرَ، وهذا واضح .
الوجه الثاني
: الوقتُ، فما دمت تصلي الصلاةَ في هذا الوقتِ فهي الصلاةُ.
هذا الوجه الثاني إنما يكون في الصلاةِ المؤداةِ في وقتِها، أما لو فرض أن على إنسان صلواتٌ مَقضيّةٌ؛ كما لو نام يوماً كاملاً عن الظهر والعصر والمغرب، فهناإذا أراد أن يقضيَ لابدَّ أن يعيِّنَها بعينها لأنه لا يُوقِّتُلها.

PIC-724-1352407949.g


إختلاف النية بين الامام و المأموم

هذه مسألة كثر فيها الخلاف بين أهل العلم و يمكن تقسيم اختلاف نية الامام و المأموم الى ثلاث حالات
الحالة الأولى
إذا كان الإمام يصلي نافلة هل يجوز للمأموم أن يصلي خلفه الفرض
مثال الامام يصلي التراويح هل يجوز للمأموم أداء صلاة العشاء خلفه؟؟؟
أو اذا صلى الامام بجماعة هل يجوز له أن يصلي بجماعة أخرى؟؟؟
قال
شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
هذه فيها نزاع مشهور وفيها ثلاث روايات عن أحمد
إحداها
: أنه لا يجوز وهي اختيار كثير من أصحابه ومذهب أبي حنيفة ومالك
قال
الامام النووي
وقالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض، ولا فرض خلف نفل، ولا خلف فرض آخر. قاله الحسن البصري والزهري
ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة
قال
شيخ الاسلام
والذين منعوا ذلك ليس لهم حجة مستقيمة فإنهم احتجوا بلفظ لا يدل على محل النزاع . كقوله : ** إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه } . و {بأن الإمام ضامن } فلا تكون صلاته أنقص من صلاة المأموم وليس في هذين ما يدفع تلك الحجج . والاختلاف المراد به الاختلاف في الأفعال كما جاء مفسرا
الثانية
: يجوز مطلقا وهي اختيار بعض أصحابه : كالشيخ أبي محمد المقدسي وهي مذهب الشافعي
قال
الامام النووي
قد ذكرنا أن مذهبنا: جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب، قال: وبه أقول، وهو مذهب داود.
و استدلوا بما ورد عن جابر – رضي الله عنه -: أن معاذاً – رضي الله عنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه، فيصلي بهم تلك الصلاة. رواه البخاري (668)، ومسلم (465).12/181
الثالثة
يجوز عند الحاجة كصلاة الخوف . قال الشيخ : وهو اختيار جدنا أبي البركات ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه بعض الأوقات صلاة الخوف مرتين وصلى بطائفة وسلم ثم صلى بطائفة أخرى وسلم .
و استدلوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلّى بالطائفة الثانية صلاة الخوف، وهي له نافلة، فإنه صلى بطائفة وسلم، ثم صلى بطائفة أخرى وسلم). رواه أبو داود (4/126)، والنسائي (3/178)، وصححه الألباني


الحالة الثانية
إذا كان الامام يؤدي الفرض و المأموم يؤدي نافلة
قال الامام النووي
قالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض، ولا فرض خلف نفل، ولا خلف فرض آخر. قاله الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة، وهو رواية عن مالك.
قال
الثوري وأبو حنيفة
: لا يجوز الفرض خلف نفل آخر، ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض، وروي عن مالك مثله.
قال
شيخ الاسلام ابن تيمية
في رده على من قال بالمنع وإلا فيجوز للمأموم أن يعيد الصلاة فيكون متنفلا خلف مفترض . كما هو قول جماهير العلماء . وقد دل على ذلك قوله في الحديث الصحيح : ** يكون بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها فصلوا الصلاة لوقتها ثم اجعلوا صلاتكم معهم نافلة } .
وأيضا فإنه ** صلى بمسجد الخيف فرأى رجلين لم يصليا فقال : ما منعكما أن تصليا معنا ؟ قالا : قد صلينا في رحالنا فقال : إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة } . وفي السنن أنه ** رأى رجلا يصلي وحده فقال : ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه } فقد ثبت صلاة المتنفل خلف المفترض . في عدة أحاديث وثبت أيضا بالعكس . فعلم أن موافقة الإمام في نية الفرض أو النفل ليست بواجبة والإمام ضامن وإن كان متنفلا
روى مسلم في صحيحه
عن أبي ذر ؛ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها ، أو يميتون الصلاة عن وقتها ؟ قال قلت : فما تأمرني ؟ قال صل الصلاة لوقتها . فإن أدركتها معهم فصل . فإنها لك نافلة ولم يذكر خلف : عن وقتها .
الحالة الثالثة

إذا اختلفت الصلوات المكتوبة بين الامام و المأموم
الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة يرون عدم صحة
إئتمام من يصلي فرضاً خلف من يصلي فرضاً آخر، لاختلاف النية بينهما.
جاء في
مواهب الجليل للحطاب المالكي
:وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ مُسَاوَاةٌ بَيْنَ إمَامٍ وَمَأْمُومِهِ فِي ذَاتِ الصَّلَاةِ فَلَا تَصِحُّ ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ، فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُسَاوَاةُ بَطَلَتْ. هـ.
ويرى
صحة تلك الصلاة الشافعية ،وأحد القولين عن الإمام أحمد ، وذكر المرداوي في "الإنصاف" (4/413) أنه اختارها جماعة من أصحاب الإمام أحمد منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ، وجده المجد ابن تيمية
: لعموم الأدلة ، وبناء على أنه لا يضر اختلاف نية الإمام عن نية المأموم إذ لا دليل عليه من الشرع.
قال
النووي
أيضاً: فرع في مذاهب العلماء في اختلاف نية الإمام والمأموم قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاووس والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب وبه أقول وهو مذهبدواود.

PIC-724-1352407949.g

قال
الشيخ العثيمين رحمه الله
هل يشترط أن تتفق صلاة الإمام والمأموم في نوع الصلاة أي ظهر مع ظهر ، وعصر مع عصر أو لا ؟
الجواب : هذه المسألة محل خلاف :
فمن العلماء من قال : يجب أن تتفق الصلاتان فيصلي الظهر خلف من يصلي الظهر ، ويصلي العصر خلف من يصلي العصر ، ويصلي المغرب خلف من يصلي المغرب ، وهكذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنما جعلت الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه )) .
ومن العلماء من قال : لا يشترط فيجوز أن تصلي العصر خلف من يصلي الظهر ، أو الظهر خلف من يصلي العصر ، أو العصر خلف من يصلي العشاء ، لأن الإتمام في هذا الحال لا يتأثر ، وإذا جاز أن يصلي الفريضة خلف النافلة مع اختلاف الحكم ، فكذلك اختلاف الاسم لا يضر وهذا القول أصح .
فإن قال قائل : كيف يصلي الظهر خلف من يصلي العشاء ؟
فنقول : يتصور ذلك بأن يحضر لصلاة العشاء بعد أن أذن ولما أقيمت الصلاة تذكر أنه صلى الظهر بغير وضوء .
فنقول له : أدخل مع الإمام أنت نيتك الظهر ، والإمام نيته العشاء ولا يضر ، (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )) . وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه )) . فليس معناه فلا تختلفوا عليه في النية لأنه فصل وبين فقال (( فإذا كبر فكبروا ، ولا تكبروا حتى يكبر )) . أي تابعوه ولا تسبقوه وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم يفسربعضه بعضاً .
هذا
البحث يتفرع عليه بحث آخر إذا اتفقت الصلاتان في العدد والهيئة فلا إشكال
في هذا مثل ظهر خلف عصر فالعدد واحد ، والهيئة واحدة ، هذا لا إشكال فيه .
لكن
إذا اختلفت الصلاتان بأن كانت صلاة المأموم ركعتين والإمام أربع أو العكس
، أو المأموم ثلاث ، والإمام أربع ، أو بالعكس .
فنقول :
أولاً
: إن كانت صلاة المأموم أكثر فلا إشكال ، مثل لو صلى العصر خلف من يصلي المغرب مثل رجل دخل المسجد يصلي المغرب ولما أقيمت الصلاة تذكر أنه صلى العصر بلا وضوء فهنا صار عليه صلاة العصر .
نقول : ادخل مع الإمام بنية صلاة العصر ، وإذا سلم الإمام فإنك تأتي بواحدة لتتم لك الأربع ، هذا لا إشكال فيه .
ثانياً
: إذا كانت صلاة الإمام أكثر من صلاة المأموم ، فهنا نقول : إن دخل المأموم في الركعة الثانية فما بعدها فلا إشكال ، وإن دخل في الركعة الأولى فحينئذ يأتي الإشكال ، ولنمثل : إذا جئت والإمام يصلي العشاء وهذا يقع كثيراً في أيام الجمع ، يأتي الإنسان من البيت ، والمسجد جمع للمطر وما أشبه فإذا جاء وجدهم يصلون العشاء جمع تقديم ، لكن وجدهم يصلون في الركعتين الأخيرتين نقول : أدخل معهم بنية المغرب ، صلي الركعتين ، وإذا سلم الإمام تأتي بركعة ولا إشكال .
وإذا جئت ووجدتهم يصلون العشاء الآخر لكنهم في الركعة الثانية نقول : ادخل معهم بنية المغرب وسلم مع الإمام ولا يضر لأنك ما زدت ولا نقصت هذا أيضاً لا إشكال فيه .
وعند البعض فيه إشكال ويقول : إذا دخلت معه في الركعة الثانية ثم جلست في الركعة التي هي للإمام الثانية وهي لك الأولى فتكون جلست في الأولى للتشهد .
نقول هذا لا يضر ، ألست إذا دخلت مع الإمام في صلاة الظهر في الركعة الثانية فالإمام سوف يجلس للتشهد وهي لك الأولى فهذا مثله ولا إشكال .
الإشكال إذا جئت إلى المسجد ووجدتهم يصلون العشاء وهم في الركعة الأولى ، ودخلت معهم فيها حينئذ ستصلي ثلاثاً مع الإمام والإمام سيقوم للرابعة فماذا تصنع ؟
نقول : اجلس وإذا كنت تريد أن تجمع فانو المفارقة وأقرأ التحيات وسلم ، ثم ادخل من الإمام فيما بقي من صلاة العشاء لأنك يمكن أن تدركه .
أما إذا كنت لا تنوي الجمع ، أو ممن لا يحق له الجمع فإنك في هذه الحال تخير إن شئت فأجلس للتشهد وانتظر الإمام حتى يكمل الركعة ويتشهد وتسلم معه ، وإن شئت فانو الانفراد وسلم .
وهذا الذي ذكرناه هو القول الراجح ، وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله .
ونية الانفراد هنا للضرورة ، لأن الإنسان لا يمكن أن يزيد في صلاة المغرب على ثلاث فالجلوس لضرورة شرعية ولا بأس .

PIC-724-1352407949.g

مسألةٌ:


إذا أراد الإنسان أن ينتقلَ في الصلاة من نية إلى نية فهل هذا ممكن؟
قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى
فالجواب: إِنَّ الانتفالَ أنواعٌ:
النوع الأول: مِن مُطلقٍ إلى مُعيَّنٍ، فلايصحُّ
،
ومثاله: إنسان قام يصلي صلاةً نافلةً مطلقةً، وفي أثناء الصلاة ذكر أنه لم يصلِّ راتبةَ الفجرِ، فنواها لراتبةِ الفجر؛
نقولُ: لا تصحُّ لراتبةِ الفجر؛ لأنه انتقل من مطلقٍ إلى معينٍ، والمعينُ لابد أن تنويَه مِن أولِه، فراتبةُ الفجر من التكبير إلى التسليم.
النوع الثاني: من معينٍ إلى معينفلا يصحُّ
،
ومثالُه: رجل قام يصلي العصرَ، وفي أثناء صلاتِه ذكر أنه لم يصلِّ الظهرَ، أو أنه صلاها بغير وضوء، فقال: الآن نويتُها للظهر.
هنا لا تصحُّ للظهرِ؛ لأنه من مُعيّنٍ إلى مُعينٍ، ولا تصحُّ أيضاً صلاةُ العصرِ التي ابتدأها؛ لأنه قطعها بانتقالِه إلىالظهرِ.
النوع الثالث: من مُعينٍ إلى مُطلقٍ، فإنه يصحُّ

مثلُ: إنسان شرع في صلاة راتبة الفجر، ثم ذكر أنه صلاها فنواها نفلاً مطلقاً فيَصحُّ
فصارت الحالات ثلاثاً:
الحال الأولى: من مطلقٍ إلى معينٍ، لا يصح المُعيَّنُ، ويبقى المطلقُ.
الحال الثانية: من مُعينٍ إلى مُعينٍ، يبطلُ الأولُ، ولا ينعقد الثاني.
الحال الثالثة: من معينٍ إلى مطلق، يصحُّ.

مسألة نية الإمام و الإئتمام

نية المأموم
قال الامام النووي
نية الاقتداء، فمن شروط الاقتداء أن ينوي المأموم الجماعة أو الاقتداء، وإلا فلا تكون صلاته صلاة جماعة، وينبغي أن يقرن هذه النية بالتكبير كسائر ما ينويه، فإن ترك نية الاقتداء انعقدت صلاته على الأصح)...روضة الطالبين (2/).
قال
خليل في مختصره وهو مالكي
: (وشروط الاقتداء نيته)....مختصر خليل ص33.
قال
عبد الرحمن بن عمر ابن قدامة وهو حنبلي
: (يشترط أن ينوي أنه إمام والمأموم أنه مأموم؛ لأن الجماعة يتعلق بها أحكام وجوب الاتباع، وسقوط السهو عن المأموم وفساد صلاته بفساد صلاة إمامه، وإنما يتميز الإمام عن المأموم بالنية، فكانت شرطاً لصحة انعقاد الجماعة)....الشرح الكبير (1/259).
يقول
منصور البهوتي
: (ومن شروط الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما) بأن ينوي الإمام الإمامة وينوي المأموم الائتمام (فرضاً ونفلاً لقوله صلى الله عليه وسلم"وإنما لكل امرئ ما نوى" (فينوي الإمام أنه مقتدى به، وينوي المأموم أنه مقتدٍ) كالجمعة؛ لأن الجماعة تتعلق بها أحكام وجوب الاتباع وسقوط السهو عن المأموم، وفساد صلاته بفساد صلاة إمامه، وإنما يتميز الإمامُ عن المأموم بالنية، فكانت شرطاً لصحة انعقاد الجماعة)...كشاف القناع (1/318).
قال
الشيخ ابن عثيمين
لابد من نية المأمومِ الائتمامُ، وهذا شئ متفق عليه، يعني دخلت في جماعةٍ فلابدَّ أن تنويَ الائتمامَ بإمامِك الذي دخلت عليه.
و
لكن النيةَ لا تحتاج إلى كبيرٍ عملٍ؛ لأن من أَتى إلى المسجدِ فإنه نوى أن يأتمَّ، ومن قال لشخصٍ: صلِّ بي، فإنه قد نوى أن يأتمَّ
.
نية الإمام
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أما الإمامُ فقد اختلف العلماءُ -رحمهم الله-: هل يجب أن ينويَ أن يكون إماماً أو لا يجبُ؟
فقال
بعضُ أَهلِ العلمِ: لابد أن ينويَ أنه الإِمامُ
.
و
قال بعضُهم: لا يُشترط
، وعلى هذا فلو جاء رجلان ووجدا رجلاً يصلي، ونويا أنْ يكونَ الرجلُ إماماً لهما، فصَفّا خلفَه، وهو لا يدري بهما:
فمَن قال: إنه لابد للإمام أن ينويَ الإمامةَ، قال: إن صلاةَ الرجلين لا تصحُّ؛ وذلك لأنّ الإمامَ لم ينوِ الإمامةَ.
ومَن قال: إنه لا يشترطُ، قال: إن صلاةَ هذين الرجلين صحيحةٌ؛ لأنهما ائتمّا به.
فالأول هو
المشهور من مذهبِ الإمام أحمد، والثاني هو مذهبُ الإمام مالكٍ
.
واستدل بأن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلى ذات ليلةٍ في رمضانَ وحدَه، فدخل أُناسٌ المسجدَ فصلوا خلفه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان أولَّ من دخل الصلاةَ لم ينوِ أن يكون إماماً، واستدلوا كذلك بأن ابنَ عباس -رضى الله عنهما- بات عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فلما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل، قام يصلي وحدَه، فقام ابن عباس فتوضأ ودخل معه الصلاةَ.
ولكن لا شك أن هذا الثاني ليس فيه دلالةٌ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نوى الإمامةَ، ولكن نواها في أثناءِ الصلاةِ ولا بأسَ أَن ينويَها في أثناءِ الصلاة .
وعلى كلِّ حالٍ الاحتياطُ في هذه المسألة أن نقولَ: إنه إذا جاء رجلان إلى شخص يصلي فليُنَبِّهاه على أنه إمام لهما، فإن سكت فقد أقرهما، وإن رفض وأشار بيده أن لا تصليا خلفي، فلا يصليا خلفه، هذا هو الأحوط والأولى.

مبحث هام جدا في التشريك و الجمع بين العبادات في نية واحدة

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
هل يجوز أن ننوي أكثر من عبادة في عبادة واحدة،
مثل إذا دخل المسجد عند أذان الظهر صلى ركعتين فنوى بها تحية المسجد،
وسنة الوضوء، والسنة الراتبة للظهر، فهل يصح ذلك‏؟‏


فأجاب فضيلته بقوله ‏:‏ هذه القاعدة مهمة وهي‏:‏ ‏"‏هل تتداخل العبادات‏؟‏‏"‏
فنقول‏:‏ إذا كانت العبادة تبعاً لعبادة أخرى فإنه لا تداخل بينهما، هذه قاعدة،
مثال ذلك‏:‏ صلاة الفجر ركعتان، وسنتها ركعتان، وهذه السنة مستقلة، لكنها تابعة،
يعني هي راتبة للفجر مكملة لها، فلا تقوم السنة مقام صلاة الفجر،
ولا صلاة الفجر مقام السنة؛ لأن الراتبة تبعاً للفريضة، فإذا كانت العبادة تبعاً لغيرها،
فإنها لا تقوم مقامها، لا التابع ولا الأصل‏.‏
مثال آخر‏:‏ الجمعة لها راتبة بعدها، فهل يقتصر الإنسان على صلاة الجمعة
ليستغني بها عن الراتبة التي بعدها‏؟‏
الجواب‏:‏ لا، لماذا‏؟‏ لأن سنة الجمعة تابعة لها‏.‏
ثانياً‏:‏ إذا كانت العبادتان مستقلتين، كل عبادة مستقلة عن الأخرى، وهي مقصودة لذاتها،
فإن العبادتين لا تتداخلان، مثال ذلك‏:‏
لو قال قائل‏:‏ أنا سأصلي ركعتين قبل الظهر أنوي بهما الأربع ركعات؛
لأن راتبة الظهر التي قبلها أربع ركعات بتسليمتين،
فلو قال‏:‏ سأصلي ركعتين وأنوي بهما الأربع ركعات فهذا لا يجوز؛
لأن العبادتين هنا مستقلتان كل واحدة منفصلة عن الأخرى،
وكل واحدة مقصودة لذاتها، فلا تغني إحداهما عن الأخرى‏.‏
مثال آخر‏:‏ بعد العشاء سنة راتبة، وبعد السنة وتر، والوتر يجوز أن نصلي الثلاث بتسليمتين،
فيصلي ركعتين ثم يصلي الوتر، فلو قال‏:‏ أنا أريد أن أجعل راتبة العشاء
عن الشفع والوتر وعن راتبة العشاء‏؟‏ فهذا لا يجوز؛ لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى،
ومقصودة بذاتها فلا يصح‏.‏
ثالثاً‏:‏ إذا كانت إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها، وإنما المقصود فعل هذا النوع من العبادة
فهنا يكتفى بإحداهما عن الأخرى، لكن يكتفي بالأصل عن الفرع،
مثال ذلك‏:‏ رجل دخل المسجد قبل أن يصلي الفجر وبعد الأذان، فهنا مطالب بأمرين‏:‏
تحية المسجد، لأن تحية المسجد غير مقصودة بذاتها، فالمقصود أن لا تجلس حتى تصلي ركعتين،
فإذا صليت راتبة الفجر، صدق عليك أن لم تجلس حتى صليت ركعتين،
وحصل المقصود فإن نويت الفرع، يعني نويت التحية دون الراتبة لم تجزئ عن الراتبة؛
لأن الراتبة مقصودة لذاتها والتحية ليست مقصودة ركعتين‏.‏


أما سؤال السائل‏:‏
وهو إذا دخل المسجد عند أذان الظهر صلى ركعتين فنوى بهما تحية المسجد،
وسنة الوضوء، والسنة الراتبة للظهر‏؟‏


إذا نوى بها تحية المسجد والراتبة، فهذا يجزئ‏.‏


وأما سنة الوضوء ننظر هل قول الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏


‏( ‏من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين
لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه ‏)‏‏(94)‏‏.‏


فهل مراده صلى الله عليه وسلم أنه يوجد ركعتان بعد الوضوء، أو أنه يريد إذا توضأت فصل ركعتين،
ننظر إذا كان المقصود إذا توضأت فصل ركعتين، صارت الركعتان مقصودتين،
وإذا كان المقصود أن من صلى ركعتين بعد الوضوء على أي صفة كانت الركعتان،
فحينئذ تجزئ هاتان الركعتان عن سنة الوضوء، وتحية المسجد، وراتبة الظهر،
والذي يظهر لي والعلم عند الله أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ‏(‏ثم صلى ركعتين‏)‏
لايقصد بهما ركعتين لذاتيهما، إنما المقصود أن يصلي ركعتين ولو فريضة،
وبناء على ذلك نقول‏:‏ في المثال الذي ذكره السائل‏:‏
إن هاتين الركعتين تجزئان عن تحية المسجد، والراتبة، وسنة الوضوء‏.‏







النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها
النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها
النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها
كتبت : أمواج رجيم
-
كتبت : منتهى اللذة
-
كتبت : محبة رسول الهدى
-
موضوع مفيدوقيم ورائع
سلمت يداك وإختياراتك الموفقة
وبارك الله فيك .

ورزقنا واياك الفردوس الاعلى مع الحبيب المصطفى
كتبت : ام احمد123
-
جزاك الله كل خير

دمتي بخير
كتبت : لؤلؤة22
-
الصفحات 1 2 

التالي

الصلاة وفوائدها الصحيه علي الانسان

السابق

الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة

كلمات ذات علاقة
أحكامها , أقوال , الصلاة , العلماء , الوجة , فيها