الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة
الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة
الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة



الأعذار الجماعة PIC-622-1352407949.g


الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة



أولاً: المرض:

فمَتى لحق المريضَ مشقَّةٌ من ذَهابه للجُمعة والجماعة، أُبيحَ له عدم الحضور؛ قال - تعالى -: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].



وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: "لقد رأَيْتُنا وما يتخلَّف عنها إلاَّ منافقٌ مَعْلوم النِّفاق، أو مريض، إن كان المريض لَيُؤتى به يُهادى بين الرَّجُلين حتَّى يُقام في الصف"[1].



ثانيًا: مُدافعة الأخبثين (البول والغائط):

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا صلاة بِحَضرة طعامٍ، ولا وهو يُدافِعُه الأخبَثان))[2].



ثالثًا: حضور الطَّعام وهو محتاجٌ إليه:

للحديث السابق، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا حضر العَشاء، فابدَؤوا به قبل أن تُصلُّوا المغرب))[3].



ويبدأ بالطعام حتَّى لو سمع النِّداء أو الإقامة، فقد كان ابنُ عمر يَسْمع قراءة الإمام وهو يتعشَّى[4].



واعلم أنَّ الرُّخصة عامَّة؛ فله أن يأكل حتَّى يَشْبع، ولا يقال له: كُلْ بِمقْدار أن تكسر نهمتك[5]، ويشترط لهذا أن لا يتَّخِذ ذلك عادةً بحيث لا يقدِّم الطعام إلاَّ إذا قاربت الإقامة؛ فإنَّ هذا متعمِّدٌ لترك الجماعة[6].



رابعًا: الخوف من ضياع ماله أو فواته أو وقوع ضرَرٍ فيه:

وذلك لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن إضاعة المال.



خامسًا: التأذِّي بِنُزول المطر أو كثرة الوحل (الطِّين) في الطُّرقات:

وكذلك بالرِّيح الباردة؛ ولِهَذا كان مُنادي الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - يُنادي في اللَّيلة الباردة أو المطيرة: ((ألاَ صلُّوا في رحالكم))[7].



سادسًا: خوف ضياع المريض أو الميت[8]، أو يخاف على نفسه من ضرر:

كأنْ يكون بينه وبين المسجد كلبٌ عقور، أو يكون الطريق كله شوك، أو قِطَع زجاج، وليس عنده حذاء[9]، أو يَخاف من سُلْطان ظالِم أن يَحْبسه أو يغرمه مالاً بظلم أو يؤذيه[10]، أو تفوته الرُّفقة الَّذين يرافقهم في سفره، وكذلك من غلَبَه النُّعاس بحيث إنَّه لو صلَّى مع الجماعة لا يَدْري ما يقول.



سابعًا: أن يطيل الإمام طولاً زائدًا عن السُّنة:

فأمَّا إذا كان التطويل في حدود السنة، فلا يحلُّ له التخلُّف؛ وذلك لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لَم يُوَبِّخ الرجل عندما خرجَ من الصلاة خلف معاذٍ بسبب إطالته، وقد ورد في بعض رواياته: "أنَّ الرجل تنحَّى، فصلَّى وحده"[11].



ثامنًا: النوم أو النسيان:

لما تقدم في الحديث: ((من نام عن صلاةٍ أو نَسِيَها، فلْيُصلِّها إذا ذكَرَها فذلك وقتها))[12].



تاسعًا: من أكل البصل والثُّوم:

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أكل بصلاً أو ثُومًا، فلْيَعتزِلْنا - أو ليعتزل مسجدَنا))[13]، وهذا إن خرَجَ مخرج العُذْر، إلاَّ أنه في الحقيقة يمنع دفعًا لأذيته؛ لما ثبتَ في الحديث تعليل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمنعه، فقال: ((إنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذى منه بنو آدم))[14].



وعلى هذا؛ فهل يجوز أكْلُ البصل والثُّوم؟

والجواب: نعَم، لكنَّه إن قصد بأكله أنْ لا يصلِّي مع الجماعة، فهو آثِم بهذا القصد، وإن قصد به التشهِّي، فلا إثم عليه.



واعلم أنَّ المقصود بالبصل والثُّوم: الذي تظهر رائحته، لكنَّه متى ذهبَتْ رائحته بطبخٍ ونَحْوه، فلا يلحقه هذا المنع؛ لِما ثبتَ في الحديث قال: ((إن كنتم لا بدَّ آكليهما، فأميتوهما طبخًا))[15]، والله أعلم.



ملحوظة:

اختلف العلماءُ فيمَن به بخر، وهو من به رائحةٌ منتنة من الفم أو الأنف؛ هل يُعذَر بترك الجماعة[16]؟ وقد أفاد الشيخ ابن عثيمين عدمَ حضوره دفعًا لأذيته، ورجَّح الشيخ الألبانِيُّ حضوره وعدم منعه، وعلَّل ذلك بأن البخر غير حاصل بسببه، بخلاف الثُّوم والبصل، وهذا هو الراجح عندي، والله أعلم.



الاستخلاف في الصلاة:

إذا عرَضَ للإمام وهو في الصَّلاة عارضٌ أراد لأجله أن يخرج من الصَّلاة؛ كأنْ يَذْكر أنه مُحْدِث مثلاً، فإنه يستخلف غيره ليتمَّ الصلاة بالناس؛ فعن عمرو بن ميمون قال: "إنِّي لقائمٌ ما بيني وبين عمر - غداةَ أُصيب - إلاَّ عبدالله بن عبَّاس، فما هو إلاَّ أن كبَّر فسمعتُه يقول: قتلني أو أكَلني الكلب - حين طعَنَه - وتناول عمرُ عبدَالرحمن بن عوف فقدَّمَه، فصلَّى بهم صلاةً خفيفة"[17].



استحباب تخفيف الإمام:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا صلَّى أحدكم بالناس، فليخفِّف؛ فإنَّ فيهم الضَّعيفَ والمريضَ وذا الحاجة))[18]، وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: "ما صلَّيتُ وراء إمام قطُّ أخفَّ صلاةً ولا أتَمَّ صلاةً من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"[19].



والمقصود بذلك أن يخفِّف مع إتمام الصَّلاة؛ وذلك بأن يأتي بصلاته موافقًا للسُّنة، فلو قرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين، فليس مطوِّلاً؛ لأنه موافق للسُّنة.



ولو قرأ في الفجر يوم الجمعة "الم تنزيل السجدة"، و"هل أتى على الإنسان"، فهذا موافقٌ للسُّنة.



وعلى هذا؛ فيمكن أن نقول: التخفيف الموافق للسنَّة كالآتي:

(أ) في الفجر: من ستِّين إلى مائة آية؛ مثل سورتي السَّجدة والإنسان.



(ب) في الظُّهر: الركعة الأولى نحو ثلاثين آية، والرَّكعة الثانية نصفها، والثالثة والرابعة نصف الثانية.



(جـ) في العصر: الركعة الأولى خمس عشرة آية، والثانية نصفها، والثالثة والرابعة نصف الثالثة.



(د) في المغرب والعشاء: ما ثبتَ في حديث معاذٍ وما أخبَرَه النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - من قراءة بعض السُّوَر، وفيها قوله - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ بـ ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴾ [الطارق: 1]، ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾ [البروج: 1]، ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ [الشمس: 1]، ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ [الليل: 1].



ويَجوز الزِّيادة عن هذا القَدْر أحيانًا؛ خاصَّة إذا كانت الجماعةُ مَحْصورة لا يَدْخُلها غيرهم، وهم مُوافقون على الزِّيادة.



وهذا التَّخفيف السابق هو الأَصْل في موافقة السُّنة، ولكنَّه يجوز أحيانًا أن يُخفِّف عن ذلك لعارضٍ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنِّي لأَدْخُل في الصَّلاة وأنا أريد أن أطيل، فأسمع بُكاء الصَّبِي، فأتجوَّز في صلاتي؛ مَخافة أن أشقَّ على أمِّه))[20].



ملاحظات:

(1) يستحبُّ تَطْويل الرَّكعة الأولى عن غيرها؛ لأنَّ ذلك هو الثابت من فِعْله - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم في بيان صِفَة الصَّلاة.



(2) يَجوز انتِظار الدَّاخل والإمام راكعٌ؛ لكي يُدْرِك رُكوعَه، أو كان في التشَهُّد؛ لكي يُدْرِك الصَّلاة؛ بشرط أن لا يشقَّ على المأمومين أو بعضهم.



(3) إذا أطالَ الإمام إطالةً زيادة عن السُّنة، فجائزٌ لِمَن شقَّ عليه أن ينفرد ويتمَّ صلاته لنفسه، ودليله ما ثبت عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: كان معاذُ بن جبَل يصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَرْجع فيؤم قومَه، فصلَّى العشاء فقرأ البقرة، فانصرَفَ الرَّجل، فكأنَّ معاذًا تناولَ منه، فبلغ ذلك النبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((فَتَّان، فتان، فتَّان)) (ثلاث مِرَار)، أو قال: ((فاتِنًا فاتنًا فاتنًا))، وأمرَه بِسُورتين من أوسط المفصَّل"[21]، وفي رواية مسلم: "فانحرفَ الرَّجُل، فسلَّم ثم صلَّى وحْدَه".



وعليه؛ اختلف العلماء: هل يقطع الاقتداء فقط، ويتمَّ ما بقي من صلاته، أم يقطع الصَّلاة كلَّها ويبدأ صلاته من أوَّلِها؟ ومَنْشَأ الخلاف بسبب قوله: "فسَلَّم"، فمن رأى أنَّه يقطع الصَّلاة، عمل بهذه الزِّيادة، ومن قال: بل يتمُّ ما بقي، قال: إنَّ هذه الزيادة تفرَّد بها الرَّاوي (محمَّد بن عبَّاد) عن ابن عُيَينة؛ أيْ: إنَّه اعتبَرَها رواية شاذَّة، وهذا ما يترجَّح عندي؛ وعليه فإنَّه ينوي المفارقة فقط، ويتمُّ الصلاة.



حكم الجماعة الثانية في المسجد:

اختلفت آراء العلماء في جواز صلاة الجماعة بعد الجماعة الأولى الَّتي لها إمامٌ راتب[22]:

والرَّاجح عندي: جوازُ الجماعة الثَّانية في المسجد؛ لما ثبتَ في الحديث عن أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ وقد صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أيُّكم يتجر على هذا؟))، فقام رجلٌ فصلَّى معه[23].



ولِمَا ثبت أنَّ أنس بن مالك جاءَ إلى مسجدٍ قد صُلِّي فيه، فأذَّن وأقام وصلَّى جماعة[24].



ولما ثبتَ أنَّ ابن مسعودٍ دخلَ المسجد وقد صَلَّوا، فجمع بِعَلقمة ومسروقٍ والأسود[25].



وهذا مذهب أحمدَ وإسحاق، والظاهريَّة، قال البغويُّ: وهو قول غير واحدٍ من الصحابة والتابعين.



وأمَّا من ذهب إلى المنع، فأَدِلَّتُهم لا تدلُّ على منع الجماعة الثانية، وإنَّما تفيد أنه يجوز أن يصلُّوها فُرَادى، وهذا لا مانع منه، لكنَّه بعيدٌ عن محلِّ النِّزاع، ولا يسَعُ هذا المختصَرُ لِبَسْط هذه المسألة[26]، والله أعلم.


الأعذار الجماعة PIC-229-1352407949.g
[1] مسلم (654)، وأبو داود (550)، والنسائي (2/ 108)، وابن ماجه (777).

[2] مسلم (560)، وأبو داود (89)، (91).

[3] البخاري (672)، ومسلم (557)، الترمذي (353)، والنسائي (2/ 111)، وابن ماجه (933، 934).

[4] البخاري (673).

[5] انظر "الشرح الممتع" (4/ 443).

[6] المصدر السابق.

[7] البخاري (632)، ومسلم (697)، وأبو داود (1063)، والنسائي (2/ 15).

[8] انظر "المحلَّى" (4/ 285).

[9] انظر "الشرح الممتع" (4/ 445).

[10] انظر "الشرح الممتع".

[11] البخاري (700)، (701)، ومسلم (465)، والنسائي (2/ 97).

[12] رواه نحوه البخاري (597)، ومسلم (684)، وأبو داود (442)، والترمذي (178)، والنسائي (1/ 293)، وابن ماجه (695).

[13] البخاري (853)، ومسلم (564)، والترمذي (1802).

[14] مسلم (564)، وابن حبان (2086).

[15] رواه أبو داود (3827)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3106).

[16] راجع ذلك في "الشرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين.

[17] البخاري (3700).

[18] البخاري (703)، ومسلم (467)، وأبو داود (794)، والترمذي (236)، والنسائي (2/ 94).

[19] البخاري (708)، ومسلم (469)، والترمذي (237)، والنسائي (2/ 94)، وابن ماجه (985).

[20] البخاري (707)، (868)، ومسلم (470)، والترمذي (376)، وابن ماجه (989).

[21] البخاري (700)، (701)، ومسلم (465)، (466).

[22] أما الجماعة الثانية في المساجد التي في طرق المسافرين، فالاتفاق على جوازها.

[23] صحيح: رواه أبو داود (574)، والترمذي (220)، والحاكم (1/ 209)، وهذا لفظ الترمذي.

[24] صحيح: رواه البخاري تعليقًا (2/ 131)، ووصله ابن أبي شيبة (2/ 231)، وعبدالرزاق (2/ 391).

[25] حسن: رواه ابن أبي شيبة (2/ 323).

[26] وما ذهبت إليه من جواز الجماعة الثانية هو ما رجحتْه اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز - رحمه الله - كما ورد ذلك في الفتوى رقم (2582)، (ص311 - 313)، ترتيب الدويش.


الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة
الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة
الأعذار المبيحة لترك الجماعة والجمعة
كتبت : صفاء العمر
-

تسلم الايادي
وجزاك الله خير
موضوع مفيد وقيم
بارك الله فيك
كتبت : محبة رسول الهدى
-
جزاك الله الفردوس الأعلى
أختى الحبيبة
عبير

وجعله الله في موازين حسناتكم اللهم آمين
كتبت : ناثرة المسك
-
طرح قيم وهـــــــام
بوركتِ عزيزتي
وجعل ما قدمتِ شاهدا لكِ يوم القيامة لا عليكِ
جزاكِ الله خيراً لروعة طرحك
كتبت : دكتورة سامية
-

بارك الله فيك أختي الفاضلة على ما قدمتِ
وأشكركِ كل الشكر على هذا التقديم الرائع
وعلى هذا الموضوع المميز
جزاكِ الله خير ووفقك لما يحب ويرضى
وادعو الله أن يرزقكِ الجنة أنتِ ووالديكِ ومن له حق عليكِ
وأن يكرمكِ بالنظر الى وجهه الكريم
وبشفاعة نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام
وأن يجعل خير ما تقدمينه في ميزان حسناتكِ
وصلِ اللهُ على سيِّدِنا مُحمَّد وَعلى آلِهِ وصَحْبه وَسلّم
دمـتِ برعـاية الله وحفـظه
كتبت : سنبلة الخير .
-
جزاك الله خير الجزاء
طرح مهم وهادف
جعله الله في موازين حسناتك
ولاحرمت الاجر
الصفحات 1 2 

التالي

النية في الصلاة و أحكامها و أقوال العلماء فيها

السابق

سلسلة دروس // سر الخشوع في الصلاة ومفاتيحها //الجزء الأول:

كلمات ذات علاقة
لترك , المتحدة , الأعذار , الجماعة , والجمعة