ملف شامل وكامل عن كل ما يخص القرآن الكريم

مجتمع رجيم / القرآن الكريم وعلومه
كتبت : * أم أحمد *
-
ملف شامل وكامل عن كل ما يخص القرآن الكريم
ملف شامل وكامل عن كل ما يخص القرآن الكريم
ملف شامل وكامل عن كل ما يخص القرآن الكريم


129779.gif

  • 129780.gif



131012.gif





13616176681.jpg





القرآن
129782.jpg


ورد هذا الاسم في القرآن في ثلاثة وأربعين موضعاً، منها قوله تعالى:

{ وإنك وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ
} (6)

(النمل:6)

وقوله:
{ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا
}(9)

(الإسراء:9)

وقوله: { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)


(القصص:85) .

ولفظ "القرآن" يلفظ بهمز وبغير همز. وهو بالهمز مأخوذ من الفعل "قرأ" تقول: قرأ يقرأ قراءة وقرآناً. فهذا الفعل يفيد معنى القراءة، ومنه قوله تعالى: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
(القيامة: 17-19) أي: إن علينا جمعه لك، وقراءته عليك .
وقد استعمل لفظ "القرآن" بالهمز اسماً للكتاب الكريم نفسه. وهذا هو الاستعمال الغالب، ومنه قوله تعالى: { إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)
(الإسراء: 9) .
أما لفظ "القران" بغير همز، فهو إما أن يكون تسهيلاً للفظ الهمزة، على لغة قريش. أو أنه مأخوذ من الفعل "قَرَنَ" لاقتران السور والآيات والحروف فيه .
::::::::::::::::::المصدر:::::::::::::::::
الشبكة الإسلامية
رعاكم الله
كتبت : * أم أحمد *
-
القرآن



القرآن هو كتاب المسلمين المقدس وأهم مصادر التشريع الإسلامي. و يؤمن المسلمون بأنه كلام الله المنزل على رسوله محمد بالوحي عبر الملاك جبريل. ويسمى الكتاب الذي يكتب فيه القرآن مصحفًا. يعتبر المسلمون دراسة القرآن وتعلمه من أهم العلوم التي يجب عليهم تعلمها، إذ أنهم يواظبون على قراءة القرآن ودراسته و تطبيق معانيه منذ صغرهم وطوال حياتهم. ويَحترم المسلمون القرآن كثيرا، فهو عندهم معجزة الإسلام الخالدة. لذا، تُوجَد آداب لسماعه أو قراءته وتلاوته. ويدعو القرآن لمبادئ هامة يقوم عليها الإسلام وتسير عليها حياة المسلمين.

وكان كتّاب الوحي هم : أبو بكر الصديق ، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، أبي بن كعب بن قيس ، زيد بن ثابت ، معاوية بن أبي سفيان ، حنظلة بن الربيع ، خالد بن سعيد، أبان بن سعيد بن العاص، العلاء بن الحضرمي، وكان المداوم على الكتابة زيد ومعاوية.




يؤمن المسلمون بأن القرآن هو كتاب الله أنزِله إلى النبي محمد بن عبد الله. ولهذا، يعتبرون تلاوة القرآن والاستماع له والعمل به كلها عبادات يتقرب بها المسلم إلى الله وتزكو بها روحه. ويعتقد كثير منهم أنه أساس حضارتهم وثقافتهم، وبه بدأت نهضتهم في كل مجالات الحياة، سياسيا واجتماعيا ولغويا.



فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا " قال تعالى (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)سورة الجن
". هو الذي من قال به صدَق، ومن حكم به عدل، ومن عمِل به أجِر، ومن دعا إليه هُديَ إلى صراط مستقيم

ولم تكن العرب تعرف لفظ المصحفِ بِمعنى الكتابِ الذي يجمع بين دفتيه صحفًا مكتوبة، إنما أطلق هذا الاسم على القرآن الكريم بعد أن جمعه أبو بكر الصديق فأصبح اسمًا له.



والقرآن يناقش مواضيع متعددة تشمل حياة الإنسان في الدنيا والآخرة: فالدنيا والدين في الإسلام مرتبطان؛ والقرآن يؤسس عقيدة المسلم ويدعو الناس لعبادة الله وحده وطاعته والخضوع له والتفكر في خلقه. ويناقش حقوق الانسان وواجباته تجاه ربه ونفسه ومجتمعه ودينه والكون كله. وقد بين القرآن أن البشر كلهم سواسية لا فرق بينهم مهما اختلفت لغاتهم وطبقاتهم إلا بتقواهم لله، فهذا هو المقياس الذي يتفاضل به الناس عند الله. وحدد القرآن النظام الاجتماعي للمسلمين، وكذلك آداب المسلم وأخلاقه واستخلص المواعظ والعبر من تاريخ السابقين ؛ وحذر من عذاب النار يوم الدين، وغير ذلك من المواضيع والمحاور.



والقرآن نص مكتوب مقسم إلى 114 فصلا، وكل فصل منه يسمى سورة، وكل سورة مقسمة إلى عدد من الجمل أو الأقوال اللتي تسمى آيات. وتفتتح كل سور القرآن ب "بسم الله الرحْمن الرحيم"، ما عدا سورة "التوبة".


بيان القرآن





ذكر القرآن‏:‏ ‏{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (89)
‏ ‏[‏النحل‏:‏ 89‏]‏‏.‏

وقال‏:‏ ‏{ هَٰذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)
}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 138‏]‏‏


.‏وقال‏:‏ ‏{ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
}‏ ‏[‏القيامة‏:‏ 18‏:‏ 19‏]‏‏.‏

وقال‏:‏ ‏{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)
}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 174].‏

وقال‏:‏ ‏{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏].‏

وعليه، يشرح القرآن ثلاث قضايا رئيسية بأسلوب حواري وبحجج دامغة بَيِّنٍة:




العقيدة

فيها يشرح القرآن أن الله هو خالق الكون وخالق كل شيء وأنه على كل شيء قدير وله الصفات الحسنى، إنه خالق الإنسان وهو الذي سيميته ثم يُحييه يوم القيامة ليحاسبه على أعماله. ولهذا يحث القرآن المسلم بالأشياء التالية:

الإيمان بالله الذي يستلزم طاعته ومَحبته وعبادته. وعدم الإشراك بالله وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله.

الإيمان بالملائكة وأنهم عباد لله الْمقربون، الذين لايعصون أمره ويفعلون ما يأمرهم به.
الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله ومنها القرآن.

الإيمان بكل الأنبياء والرسل المبعوثين من الله للبشر والذين منهم إبراهيم أبو الأنبياء وإمام أهل التوحيد، ومنهم عيسى الذي يعتبر في الاسلام عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء ويؤمن المسلمون أن الله جعله مبشرا بنبِي يأتي من بعده اسْمه أحْمد (الأمر الذي لا يتفق معه المسيحيون). وهذا هو مُحمد الذي يؤمن المسلمون أنه خاتَم الأنبياء وسيد المرسلين وأن رسالته تنسخ الشرائع السابقة.


الإيمان باليوم الآخر الذي يبعث الله فيه الناس ليحاسبهم على ما قدموا من خير أو شر، فيدخل المؤمنين الجنة والكفار النار.

الإيمان بالقدر خيره وشره.






الشريعة


فيها يشرح القرآن أن الله بما هو خالق الإنسان وهو أعلم بِما يصلحه فهو وحده، إذًا، الأحق بالتشريع للإنسان. ومن هنا فإنه يضع الأوامر والنواهي التي تحكم حياة الإنسان ليُحَصِّل سعادة الدنيا والآخرة. وهذه بعض الأوامر:

أمر القرآن (بالشهادة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة و صوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا) وهي أركان الإسلام الخمسة وأمر بالجهاد في سبيل الله والعدل وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأحل البيع والنكاح وأكل الطيبات من الطعام وأمر النساء بالحجاب والوفاء بالعهود وأمر بالتطهر من النجاسة.




وبعض النواهي:


حرم البغي والعدوان والظلم وأكل أموال الناس بالباطل وأكل الربا وأكل مال اليتيم بغير حق، وحرم الكذب والغيبة والنميمة وإفساد ذات البين وحرم أكل الخنزير والميتة والدم وكل ما ذبح لغير الله. وحرم الزنا والفاحشة وحرم قتل النفس بغير نفس أو فساد في الأرض وحرم السرقة وشرب الخمر ولعب الميسر وحرم شهادة الزور والرشوة وحرم نقض العهود والغدر والخيانة وحرم عقوق الوالدين والتولي يوم الزحف.







الأخلاق والفضيلة

الإحسان في كل شيء والإصلاح بين الناس وحث على الصدقة والإحسان للجار وإكرام الضيف والمودة بين الناس والتعاون على البر والتقوى، وغير ذلك مما هو معروف ويُقوِّم مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال.




قواعد أخرى

كما وضع العديد من القواعد الكلية العامة منها:فرض القرآن حدودا رادعة لمن تعدى حدود الله أو انتهك حرماته ولمن اعتدى على الناس ولم يردعه الشرع عن ارتكاب جرائمه ؛ ليحفظ للمجتمع أمنه وللشرع هيبته، وللمظلوم حقه.


وبين أنه يمكن للمسلم أن يتوب من ذنوبه ويدعو ربه مباشرة دون واسطة لكي يغفر له ذنبه ويقبل توبته. يكون الثواب من الله والمغفرة للعباد بقدر عملهم الصالح وإخلاصهم فيه واتباعهم لمنهج الله وشرعه وبقدر التقصير يكون الذنب والعقوبة.

لا يتحمل فرد وزر فرد آخر ولو كان أقرب الناس له ولا يقبل من فرد رشوة أو فدية لينجو من عذاب الله يوم القيامة إذا وجبت له النار لضعف حسناته.
يساوي الإسلام بين أتباعه في الحقوق والواجبات تحت شعار "لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود. ولا لأسود على أبيض، إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب" ، فلا عنصرية بغيضة ولا طبقية مقيتة.



يتبع





كتبت : * أم أحمد *
-




أسماء القرآن



ذكر العلماء والمفسرون أسماءً عديدة للقرآن الكريم استخرجوها من نص القرآن أو من الأحاديث الشريفة أشهرها: القرآن، الكتاب، الذكر والفرقان. ولفظ القرآن على صيغة فُعْلَان (ك "غُفْرَان"، "خُسْرَان"، "حُسْبَان")اسم مشتق من فعل قَرَأَ بمعنى "جَمَعَ" و"تَلَا". فهو، إذا، كلام مَجموع فِي كتاب للتلاوة.







وسُمي القرآن بكتاب لأن آياته وسوره قد سطرت وجُمعت بين دفتين.

وتسمية القرآن بهذين الأسمين يعد إشارة إلاهية لحفظ الله القرآن في الصدور مقروءا وفي السطور مكتوبا.


وقد قال الشيخ عبد الله دراز "فلا ثقة بِحفظ حافظ حتَّى يوافق حفظه الرسم المجمع عليه، ولا ثقة بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو ثابت عند حفاظ الأسانيد".


واسم الفرقان مشتق من فعل فَرَقَ بمعنى فَصَلَ وفَرَق بين الأمور، فهو إذًا يفرَّق ويفصل بين الحق والباطل.

ومن أسمائه أيضًا: الذكر، النور، الموعظة،وغيرها من الأسماء الواردة في آيات القرآن نفسها أو في الأحاديث.

وكذلك لكل سورة في القرآن اسم خاص بها، بل لبعض السور أكثر من اسم، مثلا السورة الأولى في المصحف لها أكثر من "20" اسمًا منها: الفاتِحة، أم الكتاب، السبع الْمثاني، الكافية، الشافية، إلَخ.






التدرج بالصحابة والأمة آنذاك في تطبيق أحكام القرآن، فليس من السهل على الإنسان التخلي عما اعتاده من عادات وتقاليد مخالفة للقيم والعادات الإسلامية مثل شرب الخمر.

أما المقدار الذي كان ينزل من القرآن على النبي محمد فيظهر من الأحاديث النبوية أنه كان ينزل على حسب الحاجة. أما بداية الوحي، فيعتقد المسلمون أنه بداية سورة العلق: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ". وذلك في غار حراء حيث كان النبي يتعبد ويختلي بنفسه.

وقد كان هذا في السابع عشر من رمضان، قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية "كان ابتداء الوحي إلى رسول الله يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان وقيل من الرابع والعشرين". وقد اختلف بأي يوم بالتحديد بدأ نزول الوحي لكنه متفق على أنه في أواخر رمضان.

ومن عقيدة المسلم وإيمانه بالقرآن أن يؤمن أن الملك جبريل نزل بألفاظ القرآن كلها وأن القرآن كله هو كلام الله ولا دخل لجبريل ولا للرسول محمد فيها ولا في ترتيبها بل هي كما في الآية: "كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ" (هود:1)


نزول القرآن وجمعه في مصحف واحد

يتفق علماء المسلمين على أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة، وإنما نزل على فترات متقطعة، على امتداد أكثر من عشرين عامًا. ويعبرون عن هذا بقولهم "نزل القرآن مُنَجَّمًا"، أي "مُفرَّقا".




وقد ذكر هؤلاء العلماء لنزول القرآن بشكل متفرّق عدة حكم منها:

تثبيت قلب النبي محمد لمواجهة ما يلاقيه من قومه، ذكر القرآن: " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)
" (سورة الفرقان:32) وفي قول القرآن: "وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا " إشارة إلى أن تنزيله شيئًا فشيئًا ليتيسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه.

الرد على الشبهات التي يختلقها المشركون ودحض حججهم أولًا بأول: "ولا وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)
" (الفرقان:33)

تيسير حفظه وفهمه على النبي محمد وعلى أصحابه: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا }الإسراء106







نسخة أندلسية من القرآن تعود للقرن الثاني عشر الميلادي





أولًا: حفظ القرآن في عهد النبي محمد


إن من مميزات الأمة المسلمة أن كتابها قد حفظ عن ظهر قلب على خلاف بقية الأمم السابقة. وقد كان في ذلك سببًا من أسباب حفظ القرآن من التحريف والتغيير على مر العصور، حسب رأي كثير من المسلمين. وقد كان النبي محمد كثيرًا ما يحث الصحابة على حفظ القرآن حتى أنه كان يتعاهد كل من يدخل الإسلام ويدفعه إلى أحد المسلمين يعلمه القرآن.ولقد حفظ عدد كبير من الصحابة القرآن منهم: الخلفاء الراشدين، طلحة، سعد، ابن مسعود وغيرهم من الصحابة.

ثم إن النبي لم يكتف بحفظ الصحابة للقرآن عن ظهر قلب، بل أمرهم أن يكتبوه ويدونوه لحمايته من الضياع والتغيير. وبذلك تحقق حفظ القرآن في الصدور وفي السطور. وقد ورد في الحديث أن النبي محمدًا أمر في البداية ألا يكتب الصحابة شيئًا إلا القرآن حتى لا يختلط بغيره من الكلام: "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه" (رواه مسلم) الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 3004
خلاصة حكم المحدث: صحيح
. قال النووي تعليقًا على هذا الحديث: "وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن في كتابته".


وكان صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يستعملون في كتابة القرآن ما تيسر لهم وما توفر في بيئتهم من أدوات لذلك، فكانوا يستعملون الجلود والعظام والألواح والحجارة ونحوها، كأدوات للكتابة. وبقي القرآن مكتوبًا على هذه الأشياء محفوظًا عند النبي محمد وأصحابه، ولم يجمع في مصحف في عهده.

أما عن حكمة عدم جمعه في عهد النبي عليه الصلاة والسلام طبقًا للشريعة الإسلامية، فقد قال العلماء في ذلك:


أنه لم يوجد داع من جمعه في مصحف واحد كما على عهد الخلافة بعد وفاة النبي.
أن القرآن نزل مفرقًا على فترات مختلفة، ولم ينزل بترتيب المصحف، ثم إن بعض الآيات نزلت ناسخة لما قبلها. ولو جمع القرآن على عهد النبي في مصحف واحد لكان وجب تغير المصاحف كلها كلما نزلت آية أو سورة.


ثانيًا: جمع المصحف في عهد أبي بكر الصديق
أما جمع القرآن في مصحف واحد فقد تمت للمرة الأولى في عهد أبى بكر الصديق بعد أن توفي النبي محمد. فبعد غزوة اليمامة التي قتل فيها الكثير من الصحابة وكان معظمهم من حفاظ القرآن، جاء عمر بن الخطاب إلى أبي بكر الصديق وطلب منه أن يجمع القرآن في مكان واحد حتى لا يضيع بعد وفاة الحفاظ.

فقام أبو بكر بتكليف زيد بن ثابت لما رأى في زيد من الصفات تؤهله لمثل هذه الوظيفة ومنها كونه من حفاظ القرآن ومن كتابه على عهد النبي محمد وقد شهد زيد مع النبي العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته. ثم إن زيد قد عرف بذكائه وشدة ورعه وأمانته وكمال خلقه.

روى البخاري في صحيحه عن زيد أنه قال: أرسل إليَّ أبى بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ - أي اشتد وكثر - يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله ؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله ، فتَتَبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئًا لم يفعله النبي ؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. رواه البخاري.
الراوي: زيد بن ثابت المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/199
خلاصة حكم المحدث: ثابت


واتفق العلماء أن الصحابة كان لديهم مصاحف كتبوا فيها القرآن أو بعضه، قبل جمع أبي بكر لها، إلا أن هذه المصاحف كانت جهودًا فردية لم تنال ما ناله مصحف الصدٌيق من دقة البحث والتحري وبلوغه حد التواتر والإجماع من الصحابة.


ثم بدأ زيد بجمع القرآن من الرقاع واللخاف والعظام والجلود وصدور الرجال، وأشرف عليه وأعانه في ذلك أبو بكر وعمر وكبار الصحابة. واتبع الصحابة طريقة دقيقة وضعها أبو بكر وعمر لحفظ القرآن من الخطأ، فلم يكتف الصحابة بما حفظوه في قلوبهم ولا بما كتبت أيديهم ولا بما سمعوا بآذانهم بل جعلوا يتتبعون القرآن واعتمدوا في جمعه على مصدرين اثنين أحدهما ما كتب بين يدي رسول الله محمد والثاني ما كان محفوظا في صدور الرجال. وبلغت مبالغتهم في الحيطة والحذر أنهم لم يقبلوا شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي رسول الله محمد.

فعن عروة بن الزبير قال: لما استحرَّ القتل بالقراء يومئذ، فرِقَ أبو بكر على القرآن أن يضيع - أي خاف عليه - فقال لعمر بن الخطاب وزيد ابن ثابت: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. وبذلك أخذ مصحف أبو بكر الصفة الجماعية واتفق الصحابة كلهم عليه ونال قبولهم فكان جمعهم له على أكمل وجه وأتمه.


ثالثًا: توحيد المصحف في عهد عثمان


وبقي القرآن على ما هو عليه في عهد أبي بكر إلى عهد عثمان. إلا أن القرآن كان قد نزل على النبي محمد بسبعة أحرف(أي بسبعة لهجات) ليسهل على القبائل فهمه واستيعابه.

ثم في سنة 25 هجرية، وفي خلافة عثمان بن عفان، رأى الصحابة أنه بعد الفتوحات الإسلامية، بدأ أهل العراق والشام وبعض الأمصار بالاختلاف حول القراءة الصحيحة للقرآن فكان يكفّر بعضهم بعضًا. فقام عثمان بتشكيل لجنة من كَتَبَة الوحي أيام رسول الله محمد لتجميع القرآن وأمرهم بجعل نسخة واحدة موحدة ومدققة على أساس القراءة الثابتة والمتواترة عن الرسول وهي قراءة أهل مكة.


عن أنس بن مالك: أن حُذيفة بن اليمان قدم عَلى عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق. (رواه بخاري)
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4987
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

وسمي هذا المصحف بمصحف عثمان أو مصحف الإمام، ولم يبق سوى هذا المصحف منذ عهده. وهي النسخة التي تطبع حاليا بالرسم العثماني في كل أنحاء العالم الإسلامي.

يتبع لطفاً







كتبت : * أم أحمد *
-



رسم المصحف وتطوير خطه






القرآن الكريم في القرن التاسع المقصود





ب "رسم المصحف " هو الخط أو الطريقة التي كتبت فيها حروف المصحفة وفقًا للمصاحف العثمانية. إن القرآن في عهد النبي وفي عهد عثمان كذلك لم يكن مكتوبًا بنفس الطريقة التي نراها اليوم ، فقد كانت الكتابة آنذاك خالية من التشكيل والنقط، ومعتمدة على السليقة العربية التي لا تحتاج لهذا التشكيل. ولم يتغير هذا الحال إلى أن بدأت الفتوحات واختلط العرب بالعجم، وبدأ غير الناطقين بالعربية يقعون في أخطاء في قراءته. فكان من الضروري كتابة المصحف بالتشكيل والنقاط حفاظًا عليه من أن يُقرأ بطريقة غير صحيحة.


وكان التابعي أبو الأسود الدؤلي (16 ق.ه. - 69 ه) أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام بتشكيل القرآن الكريم بأمر من علي بن أبي طالب (21 ق.ه. - 40 ه). وجعل آنئذ علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين. و بعد موت أبي الأسود الدؤلي بردح من الزمن تابع وسار على منواله بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-174 ه) الذي كان أول من صنف كتابًا في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وهو أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من علامات الضبط، ثم دوّن علم النحو ليكون ضابطًا للقرآن ليقرأ بشكل سليم لا يخل بمعناه.


ثم بعد ذلك مر المصحف في طور التجديد والتحسين على مر العصور، وفي نهاية القرن الهجري الثالث، كان الرسم القرآني قد بلغ ذروته من الجودة والحسن والضبط، حتى استقر المصحف على الشكل الذي نراه عليه اليوم من الخطوط الجميلة وابتكار العلامات المميزة التي تعين على تلاوة القرآن تلاوة واضحة جيدة واتباع قواعد التجويد.






علوم القرآن



منذ بداية نزول القرآن وانشغال المسلمين البالغ به وبتعلمه، بدأت حوله عدة علوم ومعارف، منها ما كان هدفه تفسير القرآن والوقوف على معانيه، ومنها ما اختص بالطريقة الصحيحة لتلاوته وغيرها من العلوم التي قامت حول القرآن وفي خدمته.


وعلوم القرآن كثيرة ومتنوعة. وكان قراء الصحابة هم الأوائل في معرفة علوم القرآن، ومعرفةً بالناسخ والمنسوخ، وبأسباب النزول، ومعرفة الفواصل والوقف، وكل ما هو توقيفي من علوم القرآن. وخلال فترات التاريخ الإسلامي برز في كل عصر علماء اختصوا في مجال من مجالات علوم القرآن، فألفوا في مختلف فنون هذا العلم.


فمنذ عهد النبي والصحابة يستفسرون منه عما أشكل عليهم من معاني القرآن، واستمروا يتناقلون هذه المعاني بينهم لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم للنبي، وبذلك بدأ علم تفسير القرآن. والذي روي عن هؤلاء الصحابة والتابعين لا يتناول علم التفسير فحسب، بل يشمل أيضًا علومًا أخرى منها علم غريب القرآن وعلم أسباب النزول وعلم المكي والمدني وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم القراءات] وغيرها من العلوم. وقد كتب العديد من المفسرين مصنفات في تفسير القرآن منهم الطبري والترمذي وابن كثير، والزمخشري(معتزلي)، ومحمد حسين الطباطبائي(شيعي). (انظر كتب التفسير).


وبعد جمع عثمان بن عفان للقرآن في مصحف واحد، وسمي ب المصحف العثماني، وسميت كتابته ب الرسم العثماني، بدأ الاهتمام ب "علم الرسم القرآني". وفي خلافة علي بن أبي طالب عندما وضع أبو الأسود الدؤلي بأمر منه قواعد النحو صيانه لسلامة النطق و ضبطً القرآن الكريم، بدأ علم "إعراب القرآن". ومع ابتعادنا عن اللغة العربية، ظهرت الحاجة لظهور علوم أخرى تتعلق ب تلاوة القرآن تلاوة صحيحة، فظهر علم التجويد وأحكام القرآن.


وبهذا استمر اهتمام المسلمين بالقرآن وبعلومه حتى يومنا هذا، فظهرت علوم أخرى مثل علم إعجاز القرآن. ومع انتشار الإسلام والفتوحات الإسلامية ووصول الإسلام إلى شتى أنحاء العالم، ظهرت الحاجة إلى ترجمة القرآن وترجمة علومه، فظهر علم الترجمة. و طبقا للشريعة الإسلامية ما زال القرآن نبعًا للمزيد من هذه العلوم لمن أراد أن يبحث في خيراته ويتأمل في عجائبه وإعجازه. ومهما كانت الترجمة دقيقة فلا يجوز التعبد بها ولا تعتبر نصا معجزا لأن النص العربي كل كلمة فيه تحمل معاني كثيرة وترجمتها لمعنى واحد منها يقصر الفهم في هذا المعنى ويحد من استنباط أحكام جديدة للقضايا والنوازل المستجدة على الدوام.






وصف القرآن في القرآن



"...هدىً للمتقين" في سورة البقرة (الآية 2).
المصدّق لسائر الكتب السماوية وهو الهدى والبشرى لأهل الإيمان: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.. سورة البقرة - الآية (97).
المبين للناس والموعظة للمتقين: {هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } .. سورة آل عمران - الآية (138).


المخرج للناس من الظلمات إلى النور: {الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}.. الآية الأولى.
المذكِّر : {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى } سورة طه - الآيات (1-3)، وكذلك الآية الأخيرة من سورة القلم.


أحسن الحديث والكتاب المتشابه : {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } سورة الزمر الآية (23).
هو خير من كل ثروة : { *قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } سورة يونس الآية (58).


إنه الهدى ومصدر الشفاء للذين آمنوا : {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ.} سورة فصلت الآية (44).


القرآن الكريم معجزة


ذكر القرآن: " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" (الإسراء: 88)



طبقا للشريعة الإسلامية فالقرآن هو معجزة الإسلام التي جاء بها النبي محمد. والمعجزة هي حدث لا يمكن تفسيره حسب قوانين الطبيعة. وهذا الحدث إنما هو تحدي للبشر المعارضين لأمر الدعوة لإثبات صدقها وأنها من عند الله.


والبشر بطبيعتهم، كلما جاءهم نبي طلبوا منه معجزة كدليل على صدق نبوته. و يذكر القرآن أن النبي محمد قال له قومه: " وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ" (العنكبوت: 50).


و طبقا للشريعة الإسلامية فإن من حكمة الله أنه كلما أعطى رسولًا معجزة كانت موافقة للمجال الذي برز فيه قوم هذا النبي وتمكنوا منه. فقوم عيسى كانوا مهرة بالطب فكانت كذلك معجزة عيسى بأنه يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص فكانت معجزته أقدر من قدرتهم. وقوم موسى امتازوا بالسحر، فجاءت معجزته مبطلة لهذا السحر، فألقى العصى فأصبحت ثعبانًا يلتقط سحرهم، وكذلك كانت معجزة كل نبي في مجال امتياز قومه. والعرب في الجاهلية قبل الإسلام قد عُرفوا بفصاحة اللسان، وقدرتهم على الشعر، فقد كانوا مولعين بالفصاحة والبلاغة والجمال اللغوي ولهم معلقاتهم الشعرية والنثرية وكانت البلاغة العربية ذات شأن.


فلما بدأت دعوة النبي محمد كانت معجزته، من وجهة النظر الإسلامية، كتاب فيه من البلاغة والفصاحة وجمال الأسلوب اللغوي ما عجز فطاحلة العرب من الرد عليه والإتيان بمثله حتى عندما دعاهم لذلك كما في الآية: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. (البقرة 23) و الآية: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ، فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ. (سورة الطور 33-34)


فطبقا للشريعة الإسلامية فالقرآن معجزة لغوية عجز عن الرد عليها إلى اليوم كل البشر.
وليس ذلك فحسب، بل القرآن من وجهة نظرهم فيه من المعجزات ما عجز البشر عن الرد عليه، لذلك يعتقد الكثير من المسلمين بوجود ما يسمونه بالإعجاز العلمي والطبي، الذين يعنون بهما وجود علوم في القرآن لم تكن معروفة في عهد النبي محمد ولا يمكن لبشر أن يعرفها وقت نزول القرآن، بل بعضها أشياء اكتشفها العلم حديثًا.






تحديات القرآن
يذكر القرآن نبؤات وحجج، ولكنه يخبرنا أيضا بتحديات، فيقول:


قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا{الإسراء-88}
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ{الحج-73}
{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }البقرة23



فهرست سور القرآن الكريم


سورة الفاتحة • سورة البقرة • سورة آل عمران • سورة النساء • سورة المائدة • سورة الأنعام • سورة الأعراف • سورة الأنفال • سورة التوبة • سورة يونس • سورة هود • سورة يوسف • سورة الرعد • سورة إبراهيم • سورة الحجر • سورة النحل • سورة الإسراء • سورة الكهف • سورة مريم • سورة طه • سورة الأنبياء • سورة الحج • سورة المؤمنون • سورة النور • سورة الفرقان • سورة الشعراء • سورة النمل • سورة القصص • سورة العنكبوت • سورة الروم • سورة لقمان • سورة السجدة • سورة الأحزاب • سورة سبأ • سورة فاطر • سورة يس • سورة الصافات • سورة ص • سورة الزمر • سورة غافر • سورة فصلت • سورة الشورى • سورة الزخرف • سورة الدخان • سورة الجاثية • سورة الأحقاف • سورة محمد • سورة الفتح • سورة الحجرات • سورة ق • سورة الذاريات • سورة الطور • سورة النجم • سورة القمر • سورة الرحمن • سورة الواقعة • سورة الحديد • سورة المجادلة • سورة الحشر • سورة الممتحنة • سورة الصف • سورة الجمعة • سورة المنافقون • سورة التغابن • سورة الطلاق • سورة التحريم • سورة الملك • سورة القلم • سورة الحاقة • سورة المعارج • سورة نوح • سورة الجن • سورة المزمل • سورة المدثر • سورة القيامة • سورة الإنسان • سورة المرسلات • سورة النبأ • سورة النازعات • سورة عبس • سورة التكوير • سورة الإنفطار • سورة المطففين • سورة الإنشقاق • سورة البروج • سورة الطارق • سورة الأعلى • سورة الغاشية • سورة الفجر • سورة البلد • سورة الشمس • سورة الليل • سورة الضحى • سورة الشرح • سورة التين • سورة العلق • سورة القدر • سورة البينة • سورة الزلزلة • سورة العاديات • سورة القارعة • سورة التكاثر • سورة العصر • سورة الهمزة • سورة الفيل • سورة قريش • سورة الماعون • سورة الكوثر • سورة الكافرون • سورة النصر • سورة المسد • سورة الإخلاص • سورة الفلق • سورة الناس.











كتبت : * أم أحمد *
-
align="right"> هيمنة القرآن الكريم على الكتب السابقة

بقلم هشام محمد طلبة






البشارة بالقرآن الكريم وهيمنته على كتب السابقين(الّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنّ فَرِيقاً مّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ).
ينقسم بحثنا إلى قسمين :-
أولا : إعجاز البشارة بالقرآن الكريم في كتب أهل الكتاب.
ثانيا: إعجاز ما وصف به القرآن علاقته تجاه كتب أهل الكتاب, وهى علاقة الهيمنة وتحقيق ذلك عندهم .
وفي ذلك بيان بأن الإسلام هو الاعتقاد المنطقي والسليم, وأن كتابه هو الكتاب المعجز والمهيمن على سائر الكتب والمصحح لها.
أولا : البشارة بالقرآن الكريم
- تحدى القرآن الكريم بكونه مذكورا في كتب الأولين , ( نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأمِينُ,عَلَىَ قَلْبِكَ لتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ, بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مّبِينٍ , وَإِنّهُ لَفِي زُبُرِ الأوّلِينَ) وهذا ما وجدناه بالفعل في آخر أسفار التوراة الحالية, حيث نقرأ تلك الفقرة العجيبة في سفر ملاخي.
" حينئذ تكلم خائفوا الرب الواحد مع صاحبه وأصغى الرب وسمع وكتب " كتاب تذكرة " أمامه لخائفي الرب المتفكرين في اسمه ....., فتتوبون وتميزون ثانية بين الصديق والمنافق تتكلم" هذه الفقرة عن فريق من أتباع موسى كتب الله لهم كتابا سماه كتاب تذكرة ! ولنتأمل كلمة "كتاب تذكرة" هذه... ولنتذكر كم مرة سمى القرآن نفسه بالذكر والذكرى والتذكرة .... إنها عشرات المرات .
أهل الكتاب فسروا هذه الكلمة بأنها مجرد "قائمة" بأسماء خائفي الرب, وأن صفة التذكرة هذه ليست إلا لإنعاش الذاكرة الإلهية – تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً –
والدليل على أن كتاب التذكرة هذا ليس مجرد قائمة لأسماء هو أنه ترتب عليه التوبة والتمييز " فتتوبون وتميزون" أي أنه كتاب فاعل مؤثر وليس مجرد قائمة بأسماء أفراد.
والدليل الآخر جاءنا من مخطوطة اكتشفت حديثا لهذا النص وهى وثيقة دمشق.
وقد وجدت ضمن مخطوطات البحر الميت شديدة الأهمية, حيث ذكرت أن كتاب التذكرة هذا سوف يبقى عند الله حتى " يوحى الخلاص والصدق لمن يطيعون "النبي المنتظر" أي أن هناك علاقة واضحة بين النبي المنتظر وكتاب التذكرة. الطريف في الأمر أن كلمة "ذكر" في العبرية تكاد تنطق كما في العربية. وتكتب في التوراة العبرية "زكر".
العجيب أن القرآن الكريم أشار إلى كتابة الله تعالى كتابا لمتبعي النبي المنتظر من قوم موسى.
ولا ننسى أن القرآن سمى نفسه في مرات عدة بالرحمة.
... ( قَالَ عَذَابِيَ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلّذِينَ يَتّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزّكَـاةَ وَالّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ.الّذِينَ يَتّبِعُونَ الرّسُولَ النّبِيّ الأمي الّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ)
ثانياإعجاز ما وصف به القرآن علاقته تجاه كتب أهل الكتاب وهى علاقة الهيمنة .. وهو ما تحققنا منه في كتب أهل الكتاب (وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ).
والهيمنة – كما علمنا في كتب المفسرين هي كون القرآن مرجعاً ورقيباً وحاكماً على كتب السابقين
مجالاتها- العقيدة والشريعة والقصص والأمثال والمصطلحات.
أما صور الهيمنة – فقد أحصيناها أربعاً:
أول تلك الصور, الفصل بين الكتب المختلفة حول القضية الواحدة.
وقد تمثل ذلك في قوله تعالى: (إِنّ هَـَذَا الْقُرْآنَ يَقُصّ عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
من أمثلة ذلك :-
- اختلافهم حول موضع رسو سفينة نوح حيث تقول التوراة الحالية جبل آرارات ويقول كتاب الترجوم جبل الجودى. فانحاز القرآن إلى الترجوم في هذه الجزئية رغم عدم اكتراث القرآن أصلا بالأسماء أو الأرقام.
1- ومن أمثلة ذلك أيضا اختلافهم في قضية صلب المسيح " حسب زعمهم " فكما هو معلوم تقر الأناجيل المعتمدة عندهم هذا الصلب. بينما يقول إنجيل يهوذا المكتشف حديثا أن يهوذا قد صلب بدلا من المسيح. وكذلك كتاب "حديث شيث الأكبر " المدون في القرن الثالث الميلادي يقول أن المسيح الحقيقي لم يصلب أبداً. كما ترى كتب العديد من طوائف القرن الثاني الميلادي المسيحية أن سمعان القيروانى قتل بدلا من المسيح الذي وقف يضحك من غباوة اليهود.
وقد أشارت دورية " ناشيونال جوجرافيك " منذ بضعة شهور إلى أن تلك الكتب التي أشرنا إليها كانت أكثر انتشاراً من الأناجيل المعروفة في القرون الأولى. فانحاز القرآن إلى تلك الكتب في هذه القضية فلم ينكر حادث الصلب ولكن أنكر المصلوب.
align="right">
صورة لمخطوط من إنجيل يهوذا المكتشف حديثاً والذي ذكر فيه أن الذي صُلب هو يهوذا وليس نبي الله عيسى عليه السلام المصدر:www.smh.com.au
align="right"> صورة لأحد علماء الآثار وهو يقوم بفحص مخطوطة إنجيل يهوذا المصدرhttp://www7.nationalgeographic.com
الصورة الثانية لهيمنة القرآن الكريم وهى إظهار المخفي من تلك الكتب. وقد تمثل ذلك في قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ كَثِيراً مّمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مّبِينٌ) من أمثلة ذلك أن النصارى لازال عندهم مجموعة كبيرة من الكتب يسمونها " الكتب المخفية " The Apocrypha وهى تعنى في حرفيتها الكتب المخفية أو كتب الأسرار.(وَقَالُوَاْ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىَ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. قُلْ أَنزَلَهُ الّذِي يَعْلَمُ السّرّ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِنّهُ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً) منها ما أخفوه عمداً وما اختفى نسياناً وفقدانا لتلك الكتب ... وهو ما نجده في قوله تعالى (يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّا مّمّا ذُكِرُواْ بِه).
align="right"> صورة لمجلة ناشيونال جوجرافيك التي أوردت خبر إنجيل يهوذا
من جملة ما كان مخفيا وأظهره القرآن الكريم ما ذكرته رسالة جيمس السرية The Apocryphon of Jamesفي مخطوطات نجع حمادي من تشبيه لمملكة السماء ( وهى المملكة الإلهية أي دولة نبي آخر الزمان أي النبي المنتظر وأتباعه بنخلة خرج منها شطئها..) لا يحتاج الأمر إلى عميق تمحيص لإدراك تطابق هذا التشبيه مع قوله تعالى عن محمد رسول الله والذين معه (وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فاستوي عَلَىَ سُوقِهِ).
ومن جملة ما كان مخفيا وأظهره القرآن الكريم, العديد من التفاصيل في قصص الأنبياء, مثل خلق عيسى من الطين كهيئة الطير , ووجود الطعام أمام أمه مريم بشكل معجز . وهى التفاصيل الموجودة في أناجيل الطفولة المخفية.
الصورة الثالثة لهيمنة القرآن الكريم وهى تصويب الأخطاء في كتب السابقين:إذ لم يكتف القرآن الكريم بعدم ذكر تلك الأخطاء , بل صححها كذلك . وقد تمثل ذلك في قوله تعالى (بعد ذكر بعض قصص أهل الكتاب) :
(نَحْنُ نَقُصّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِالْحَقّ)... (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقّ َ)...(نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نّبَإِ مُوسَىَ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقّ)
من أمثلة ذلك : تصويب شريعة الشك بارتكاب الزنا, حيث تجبر الزوجة المتهمة على شرب ماء مخلوط بغبار الأرض, فإن لم تكن بريئة تسبب هذا الماء في سقوط فخذها وتورم بطنها حسب زعمهم – صوب القرآن الكريم ذلك واستبدله بالملاعنة المنطقية المذكورة في سورة النور.
ومن أمثلة ذلك تصحيح الأخطاء من جهة الاعتقاد في الله. فالقرآن الكريم لا نقرأ فيه كما في التوراة الحالية أن الله – تعالى عن ذلك- يندم أو يتعب أو ينام أو يصارع إنسانا ويقدر ذلك الإنسان. بل نقرأ: (اللّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ)
ومن أمثلة ذلك, تصحيح ما ورد عن الملائكة والنبيين, فلم نقرأ في القرآن أن هارون قد صنع العجل الذهبي لبنى إسرائيل - بل نقرأ: (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَقَوْمِ إِنّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنّ رَبّكُمُ الرّحْمَـَنُ فَاتّبِعُونِي وَأَطِيعُوَاْ أَمْرِي). كما لم نقرأ ما ورد في التلمود من أن جبريل عادى بني إسرائيل أو شكل مع ميكائيل ضيفي شرف حفل زواج آدم وحواء المزعوم. بل نقرأ (مَن كَانَ عَدُوّاً للّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنّ اللّهَ عَدُوّ لّلْكَافِرِينَ) .
إن ميلاد القرآن إذن تنقية ما اعتقده السابقون في الذات الإلهية وتنزيه لها. وهو كذلك ميلاد براءة لجميع الأنبياء والمرسلين ." (سُبْحَانَ رَبّكَ رَبّ الْعِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ,وَسَلاَمٌ عَلَىَ الْمُرْسَلِينَ,وَالْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ).
الصورة الرابعة لهيمنة القرآن الكريم:وهى التوضيح والفهم العميق ومناسبة اللفظ القرآني, وهو نوع من التصحيح لكنه لطيف خفي.
من أمثلة ذلك قوله تعالى عن موسى حين اقترب من الشجرة : (فَلَمّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ) . المقصود بمن فى النار هو موسى , أى من في نطاقها, ومن حولها أي الملائكة . ثم قوله (وسبحان الله رب العالمين), أي نزهوه تعالى عن أن تقولوا مثل التوراة الحالية أنه قد كلم موسى متجسدا في وسط الخليقة ‍‍!!
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى لموسى: (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوَءٍ) . قوله: من غير سوء يصحح ما ورد في العهد القديم من أن موسى أخرج يده بيضاء – ولكن- برصاء !!
مثلان جامعان :-
هكذا استعرضنا صور هيمنة القرآن الأربع, وضربنا لكل أمثلة لها. إلا أن هناك مثلين جامعين لأغلب صور الهيمنة. وهما قصتا البقرة وأصحاب السبت. إذ فيهما من إظهار المخفي من كتب أهل الكتاب أو بين ثنايا التوراة واحتاج إلى ترابط وتنسيق وتصحيح وتوضيح وهدف لكل قصة.
- أولا : قصة البقرة:هذه القصة القصيرة وجدنا لها خمس قرائن مشتتة في خمسة كتب وهى التلمود والمشنا وثلاثة أسفار من التوراة. فتكلم أحد الكتب عن عمر البقرة والآخر عن لونها وثالث ذكر : (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ). ولم يذكر كتاب واحد من هذه الكتب سببا لذبح البقرة أو علاقتها بالقتيل.
- ثانيا : قصة أصحاب السبت:التى تحدى القرآن بوجودها عند اليهود , وذلك بقوله دائما قبل سرد القصة (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ).. (وَسْئَلْهُمْ). واليهود بالطبع ينكرونها لأن فيها فضيحة لأسلافهم . ولقد وجدنا لها عدة قرائن فى التوراة والتلمود والترجوم.
· إذن هاتان القصتان مثلان جامعان لصور هيمنة القرآن الكريم على كتب السابقين.
· الحديث عن هيمنة القرآن الكريم على سائر الكتب يستدعى دراسة فرضية افتراء القرآن استقاء من هذه الكتب القانوني منها والمخفي: (وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ إِنْ هَـَذَا إِلاّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً). لو افترضنا ذلك جدلاً لوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم بالخطوات المستحيلة التالية.
أولا:تعلم صلى الله عليه وسلم القراءة سرا.. (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) .
ثانياً:تعلم جميع لغات أهل الكتاب القديمة على كثرتها سرا .. (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنّهُمْ يَقُولُونَ إِنّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ لّسَانُ الّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيّ وَهَـَذَا لِسَانٌ عَرَبِيّ مّبِينٌ).
ثالثا:لم يدع صحيفة من صحف أهل الكتاب إلا وقرأها سراً, مع أن عدد هذه الكتب كبير جداً, بينما عدد النسخ من الكتاب الواحد كان قليلاً لأن النسخ كان يدوياً ولحرق الكتب على أيدي الأباطرة. ولم تصبح معروفة لدينا إلا عبر وقت طويل جداً. كذلك لم تكتشف في مكان واحد ولا تتبع طائفة واحدة.كما أن حجم الكتاب في الماضي كان كبيرا وعلى هيئة قراطيس فيستحيل تداولها سراً. وكما ذكرنا في صورة الهيمنة الثانية كان هناك العديد من الكتب التي أخفيت عمداً, عدا المخطوطات المكتشفة حديثا والكتب التي لازالت مفقودة. ولا يفوتنا أنه صلى الله عليه وسلم قد نشأ في بيئة بدوية غير علمية أو حضارية.
(تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـَذَا فَاصْبِرْ إِنّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتّقِينَ).
رابعا:استبعد صلى الله عليه وسلم التفاصيل غير المنطقية من هذه الكتب بل وصححها – كما ذكرنا فى الصورتين الثالثة والرابعة للهيمنة - (أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً).
خامساً:فصل صلى الله عليه وسلم بين الكتب المختلفة حول القضية الواحدة – كما ذكرنا في الصورة الأولى من صور هيمنة القرآن.
سادساً:جمع صلى الله عليه وسلم من هذا الكتاب ما يستقيم مع ذلك ثم عرض كل قصة في موضوع محدد ولغرض معين وفى موضع مناسب , ثم عرض كل ذلك في صورة بيانية معجزة بعد إضافة تفاصيل لم تكتشف كتبها حتى الآن .
سابعاً:أضاف صلى الله عليه وسلم إلى القرآن نبؤاته بالغيب كانتصار الروم في بضع سنين وضمن تحقيقها في وقت كانت هي أبعد ما تكون عن التحقيق.
ثامناً:أضاف صلى الله عليه وسلم إلى القرآن أنواع الإعجاز العلمي والتشريعي والتاريخي – كما سمعنا في كلمات مؤتمرنا هذا.
تاسعاً:علم صلى الله عليه وسلم صفات وألقاب النبي المنتظر فخطها في القرآن لنفسه, ثم تحكم في مسار حياته حتى تطابق مع ذلك النبي المنتظر ....إنه فرض يترتب عليه المحال ولو كان هناك مستحيل واحد في التاريخ البشرى لكان افتراض افتراء القرآن هذا. (وَمَا كَانَ هَـَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـَكِن تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رّبّ الْعَالَمِينَ).
ما ذكرناه آنفا يحتم التصديق بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , ويفضح من تعاموا عن الحقائق , بل وزعموا الإتيان بمثل ما أنزل الله . كما أنه يجلى ألوهية المصدر للكتاب الذي جاء به صلى الله عليه وسلم وهو الذكر . (إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِالذّكْرِ لَمّا جَآءَهُمْ وَإِنّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).


يتبع لطفاً

كتبت : * أم أحمد *
-


الرد على شبهة تأليف القرآن


بقلم د. غازي عناية

نص الشبهة:

إنّ القرآن من تأليف محمد. صاغه بأسلوبه، وعبّر عنه ببيانه، ونمّقه ببلاغته، وزخرفه بتهيؤاته، ودعمه بمعجزاته، ثم نسبه إلى خالقه، وادعى أنه وحيه، ليكسيه هالة قدسية، جذباً لاحترام، وثقة الناس فيه، ليصبو به إلى مآربه الدنيوية في التسلط، والسيادة، والحكم، والزعامة.


ـ تفنيد هذه الشبهة:

أولاً: إذا كان القرآن من تأليف محمد، فحديثه الأضعف منه بلاغة، وفصاحة، وبياناً، يكذب ذلك. ولكان الأولى ألا ينسب لنفسه حديثاً، وأن يجعل كل كلامه قرآناً فالتمايز بين القرآن، والحديث النبوي على درجة من الشدة، والوضوح، بحيث لا يخفى على أحد، وعلى الأخص على فطاحل اللغة العربية. فالقرآن في أسلوبه، ونمطه، وبيانه وتناسقه، وخصائصه الأخرى تجعله فريداً في نوعه، مميزاً عن كلام البشر، حيث جاء معجزاً، متحدى به، لم يستطع أحد أن يعارضه، أو يقلده، أو يضاهيه، أو يعيبه، أو يأتي بمثله، أو حتى يحرّفه.

أما الحديث النبوي ـ وإن بلغ الذروة في فصاحته، وبيانه ـ فقد تناولته ألسنة المعارضة، والتقليد، والتحريف، فهو لم يجيء معجزاً، ولم يتحد به، ولذا فقد مسّته شواهد التحريف، فكان منه الحديث الصحيح، والحسن والضعيف، والموضوع. وأما ادعاء أعداء الإسلام أن لكلام محمد ضربين: الأول: وهو أن القرآن جاء به على انتظار، وتمهل، وترتيب، وتحضير، فأكسبه مزيداً من التهذيب، والتنميق، والتحبير. والثاني: وهو الحديث النبوي، فعبر عنه دون تريث، أو تفكير، أو تمهل، فجاء محرراً من كل تنميق، أو تخبير. ويرد عليهم: بأن هذا الادعاء يفقد كل أساس مسوغ لصحته. فالقرآن الكريم نزل معظمه مفاجأة، وعلى غير انتظار، أو تمهل، أو تريث، فجاء منمقاً، مهذباً، سامياً في لغته، وأسلوبه، وإعجازه. ونفس الشيء بالنسبة للحديث النبوي: فمنه ما جاء على انتظار، وتمهل وتريث، ومنه ما جاء على غير ذلك، ومع ذلك فكلاهما ورد بنفس الأسلوب، والنمط، والخصائص. وقلما نجد تفاوتاً بينهما، وإنما يبقى التفاوت واضحاً بين القرآن، والحديث في الأسلوب، والنمط، والبيان، والخصائص، ويبقى بينهما كالتفاوت بين مقدور الخالق، ومقدور المخلوق لا يقلل من هذا التفاوت زعم، أو باطل، أو ادعاء، وإلى قيام الساعة.


ثانياً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، لكان قد نسبه إلى نفسه، ولادّعى الألوهية فضلاً على النبوة، فيحيطه بهالة أكثر قدسية، فيكسب مزيداً من ثقة الناس فيه، فتزيد قداسته فيهم، وبالتالي تتقوى زعامته فيهم، ويشتد تسلطه عليهم. فلو كان القرآن من تأليف محمد لكان الأولى ألا يفرق بينه وبين الحديث، ولا ينتظر أن ينسبه غيره إليه ولكن (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا) فالمؤكد تماماً حتى عند أدعياء الكفر أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يدع جاهاً، ولا زعامة، ولا دنيا، وهو الذي قال لأعرابي عندما هالته عظمة النبوة: «هوّن عليك، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة» الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 4/292
خلاصة حكم المحدث: [روي] موصولا ومرسلاً وهو المحفوظ
. ومن الثابت أيضاً حتى بالنسبة لأدعياء الكفر أنه لم يدّع كتاباً، أو علماً من عنده، وما هذه الشبهات إلا من قبيل الكفر، والكفر عناد. والرسول (صلى الله عليه وسلم) هو الذي قال فيه ربه في سورة العنكبوت: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)




ثالثاً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد لاستطاع أئمة الفصاحة، والبلاغة، والبيان من العرب أن يكتشفوا ذلك، وكان سهلاً عليهم، فيدحضوا به زعم محمد أن القرآن يوحى إليه من عند الله من جهة، ويقلدونه ـ وهم قد عجزوا عن ذلك ـ من جهة أخرى. فالقرآن الكريم ـ وهم أهل الفصاحة، والبيان ـ أعجزهم في لغتهم، وغزاهم في عقر بلاغتهم، وتحداهم، وبأطلق لسان فيهم، وأعرب لغة بينهم، أن يجاروه، ولو بأقصر سورة منه تتكون من ثلاث آيات، وهي سورة الكوثر، ولكن هل استطاعوا؟ ... قال تعالى:
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)

سورة البقرة آية 23 . ولكن هل استطاع هؤلاء العرب ـ وهم أصحاب الصناعة البيانية، والبلاغية الفائقة ـ أن يجاروا هذا القرآن، أو يعارضوه، أو يقلدوه؟ ... وهل قبلوا التحدي، وهم ملاك النباهة، والحسّ والذوق الأدبي الرفيع؟ الجواب على ذلك أبداً: فقد عجزت أقلامهم، وخرست ألسنتهم، وسقطت شبهاتهم، وفنّدت ادعاءاتهم، فهم المتقولون مصداق قوله تعالى: ( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ۚ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)
) سورة الطور آية 33. وهم الخراصون، مصداق قوله تعالى: (
وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) سورة الزخرف آية 20. وقوله تعالى: (قُتِل الخرّاصون) سورة الذاريات آية 10. وهم المجادلون مصداق قوله تعالى: ( وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ) سورة الكهف آية 56.


رابعاً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، لكان أسرع الناس في الرد على مَن حاجّهُ في ادعائه، أو افترى على زعمه، أو اعتدى على حرماته. فهذه قصة الإفك التي نالت من شرف زوجته عائشة، ومن كرم نبوته، فقد تأخر نزول الوحي بالقرآن تبرئة لها حوالي الشهر ذاق هو، وزوجته الأمرين طيلة هذه المدة، فلو كان القرآن من تأليفه، فما الذي يمنعه من الرد السريع القاطع لألسنة المتقولين في شرفه؟ ... ولكن، وأنّى لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يتقول على الله، أو يتقول على الناس وإن فعل ـ وحاشا لله أن يفعل ـ فحكمه إلى الله مصداق قوله تعالى: (

وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45)
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)
فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)


وهذه قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، حيث صلّى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وصحابته حوالي ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس بقي طيلة هذه المدة يقلب وجهه في السماء راجياً من الله تعالى أن يحول القبلة إلى المسجد الحرام بمكة، فاستجاب له، مصداق قوله تعالى: قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)) سورة البقرة. فلو كان القرآن من تأليفه فما الذي منعه من تحويلها ـ أي القبلة ـ من أول الأمر!!.

وهذه قصة أصحاب الكهف، والذين سئل عنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأبطأ عليه الوحي حوالي مدة أربعين يوماً بقي طيلتها في حرج من يهود حيث سألوه عنهم، فلو كان القرآن من عنده فما الذي يمنعه من سرعة الرد عليهم؟!!.


خامساً: إن القرآن الكريم لو كان من تأليف محمد، فكيف نفسر عتاب الله له في القرآن، وفي أكثر من موضع؟!! فهذا عتاب الله له في قبوله لأعذار المنافقين، وإذنه لهم بالتخلف عن غزوة تبوك، مصداق قوله تعالى: (
عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)
) سورة التوبة . فمن خلل الرأي، وفساد العزيمة، ونقص الادعاء أن يعتب مدع، أو صاحب فرية على نفسه، وبقوله الذي يدعيه. ولو صحت دعوى نسبة القرآن لنفسه، لما عاتب نفسه، ولما خطأ رأيه، لأن هذا من قبيل التناقض الذي يتحاشاه أصحاب الافتراءات، والرسول (صلى الله عليه وسلم) كان أحوج إلى ادعاء الصحة في أقواله وتصرفاته، جذباً للناس حوله، ولاعتناق قرآنه، وليس تنفيرهم، وليس بأن يناقض نفسه، وأن يعيب كتابه. إذن فلو كان القرآن من عنده لما كانت هناك ضرورات لأن يعاتب نفسه أكثر من مرة. وأيضاً هذا عتاب الله له في قبوله الفداء من أسرى بدر، مصداق قوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)) سورة الأنفال . فمن شطحات الأفكار، وتجنب الصواب أن يعتب صاحب فرية على نفسه في تصرف سلكه، أو في رأي أبداه، أو في حكم قرره، وأن يخطئ نفسه، وينذرها بالعذاب العظيم، ومن غيره. وأيضاً هذا عتاب الله له في تولّيه عن أعمى هو عبدالله بن أم مكتوم جاءه يسأله عن دينه، فتولى عنه اهتماماً بأكابر من قريش كان يرجو أن يهديهم الله إلى الإسلام، وهم له كارهون، مصداق قوله تعالى: ( عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ (3)
أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَىٰ (4)
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّىٰ (6)
وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَىٰ (8) وَهُوَ يَخْشَىٰ (9)فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)






الصفحات 1 2  3  4  5  ... الأخيرة

التالي

قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ

السابق

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ

كلمات ذات علاقة
ملف , القرآن , الكريم , يخص , شامل , وكامل