بيت أسس علي التقوى .. الشيخ عائض القرنى

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
بيت أسس علي التقوى .. الشيخ عائض القرنى

بيت أسس علي التقوى .. الشيخ عائض القرنى






p5hxtdmltvymh4nb59f.
بيت أسس علي التقوى .. الشيخ عائض القرنى




ولا تقل لهما أف


الحمد لله القائل: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً:(23)وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الاسراء:23/24).

والصلاة والسلام على رسول الله الذي بعثه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة، وأدي الأمانة، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، وصلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.


أما بعد.. عباد الله:

إن من أعظم المعاصي التي عصي الله بها في الأرض سبحانه وتعالي، قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، ولذلك توعد الله بالعذاب الأليم العاق والقاطع.

وهي جريمة شنيعة تقشعر لها الأبدان ويندي لها الجبين، أنكرها حتى الجاهليون واليهود والنصارى في شرائعهم.

ولذلك يقشعر جلد المؤمن يوم يري الابن كلما كبرت وشب وقوي تغمط حق والديه يوم أذهبا العمر والشباب وزهرة الحياة في تربية.. فقد سهرا لينام، وجاعا ليشبع، وتعبا ليرتاح، ولما كبرا وضعفا ودنيا من القبر، واصبحا قاب قوسين أو أدني من الموت، أنكر حقهما وجعلهما في مكان من الذلة لا يعلمه إلا الله.

ولذلك قرن الله حقه بحقهما وجعل من لوازم العبودية بر الوالدين وصلة الرحم، يقو جل ذكره: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)(الاسراء: الآية23) فقد قضاه وأمره وأوجبه سبحانه وتعالي بأن لا يعبد إلا هو.

ومع عبادته سبحانه وتعالي يقوم بر الوالدين وصلة الأب والأم وصلة الرحم.

وأنظر لهذه الصورة العجيبة للأب وهو محدب الظهر، قليل الصبر، قد شاب رأسه ولحيته.

وصورة الأم وهي شمطاء الرأس ، فقد دنت من القبر، وأصبحت تتلهف علي شبابها وصباها الذي أنفقته في تربية هذا الابن ، فلما ترعرع وقوي ظهره واشتد ساعده كان نكالاً وغضباً ونكداً علي والديه.

( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ)(الاسراء: الآية23)، حتى كلمة أف على صغرها عند الناس لا تقال للوالدين.

فقل لي بالله أيهما أعظم، حق كلمة أف أم الذين جحدوا حق الوالدين وعقوهما وجعلوا جزاءهما السب والشتم والغلظة والنكال والقطيعة؟

حتى أنه وجد في المجتمع من يعيش في الفلل والشقق البهية، ويركب المراكب الواطية ويأكل الموائد الشهية، ووالده في فقر وفي حاجة ملحة وفي ضنك لا يعلمه إلا الله.

أي قلوب هذه القلوب؟

وأي أرواح هذه الأرواح؟

وقد بكت العرب في جاهليتها وإسلامها العقوق، وتوجعت واشتكت إلى بارئها منه.

في الأدب والسير ، أن أعرابياً وفد على الخليفة وهو يبكي.

قال الخليفة: ما لك؟

قال : اصبت بأعظم من مصيبة المال.

قال: ما قصدك؟

قال: ربيت ولدي، سهرت ونام،واشبعته وجعت، وتعبت وارتاح، فلما كبر وأصابني الدهر واحدودب ظهري من الأيام والليالي تغمط حقي، ثم بكى وقال:

وربيته حتى تركته أخا القوم

واستنغنى عن الطر شاربه

تغمط حقي ظالماً ولوى يدي

لوى الله يده الذي هو غالبه
قيل : فلويت يد الابن وأصبحت وراء ظهره.

وحق للقلوب اللينة، وللعيون الرقراقة بالدموع، أن تدمع لهذه المآسي التي وجدت في بلاد الإسلام، والتي شكت منها قلوب الوالدين.

فهل أظلم وهل أكبر وأشنع من أري تري ابنك وق أصبح في مصاف الرجال، وقد أعطيته شبابك وزهرة ولذة روحك وشذا نفسك، ثم رد عليك الجميل بالقبيح، فإذا صوته في البيت صائل.. لا ينفذ لك أمراً.. ولا يخفض لك جناحاً؟

إنها يا عباد الله مأساة ما بعدها مأساة.

يقول صلي الله عليه وسلم وهو يسأل عن الأعمال الصالحة أيها أزكى وأيها أعظم؟

قال : ((الصلاة لوقتها))

قيل : ثم أي ؟

قال : (( بر الوالدين)).

قيل: ثم أي؟

قال: ((الجهاد في سبيل الله)).

ويسافر صلي الله عليه وسلم بالقلوب ويحدثها عن رجل من بني إسرائيل كان باراَ بوالديه.

ويا عجباً أن يوجد في اليهود والنصارى من تلين قلوبهم لوالديهم وهم أحفاد القردة والخنازير، وهم أعداء الله ، وهم الذين لعنهم الله من فوق سبه سماوات.

ويوجد في بلاد المسلمين من قسا قلبه، ومن طمس علي فكره، فلا يلين قلبه أبداً.

عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (( أنطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار.

فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله تعالي بصالح أعمالكم.

قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق (2) قبلهما أهلا ولا مالا ، فنأي بي طلب الشجر يوماً فلم أرح (3) عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت ـ والقدح علي يدي ـ

أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون (1) عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما.

اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه ..)) الحديث.


الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1504
خلاصة حكم المحدث: صحيح




عباد الله، إن العقوق مأساة وجدت في المجتمعات وفي البيوت، وأصبحت من أعظم المشكلات على الأباء والأمهات مشكلة الابن.

وفي بعض الآثار يود الرجل في آخر الزمان أن يربي جرو كلب ولا يربي ابنا (3).

نعم .. وجد هذا، ورأينا ورأي غيرنا الآباء الذين أصبحوا في الشيخوخة وهم يتباكون ويتضرعون ويجأرون من هذه الذرية الظالمة.

فهل من عودة يا شباب الإسلام إلى الله؟

وهل من بر وجوده مع الآباء والأمهات؟

يأتي رجل للرسول صلي الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحبتي؟

قال : (( أمك))

قال: ثم من؟

قال : (( أمك)).

قال : ثم من؟

قال: (( أمك)).

قال : ثم من؟

قال: ((أبوك)) (1).

فالأم لها ثلاثة أرباع الحق، فهي التي حملت وأرضعت وألحقت وأدفأت ، فجزي الله آباءنا وأمهاتنا خير الجزاء، وأسقاهم الله من الحوض المورود ، فلا يظمؤون بعد تلك الشربة أبداً.
نعم.. إن بر الوالدين قضية كبري، ومن فوائد بر الوالدين:

ـ أن يهديك سواء السبيل.

ـ وأن يصلح الله ذريتك.

ـ وأن يمدك بعون منه .

ـ وأن يسددك ي أقوالك.

ومن آثار العقوق: اللعنة من الله (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:23،22).

قال بعض أهل العلم: أصمهم فلا يسمعون ، وأعمى أبصارهم فلا يتدبرون ولا يتفكرون ولا يعقلون.

قال تعالي: )وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (الرعد:25) .

وصح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: (( لا يدخل الجنة قاطع))، وهو من قطع رحمه ووالديه، قطع الله حبله من السماء، وقطع ذمته وعهده.

ولذلك يقول صلي الله عليه وسلم : (( لم خلق الله الرحم تعلقت بالعرش وقالت: يارب هذا مقام العائذ بك من القطيعة.

قال: ألا ترضين أن اصل من وصلك، واقطع من قطعك؟

قالت : بلي يا رب.

قال: فذلك لك، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته)).

فأنزلها الله في الأرض.
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4830
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




والغريب أن الجاهليين وهم يعبدون الوثن يفتخرون بصلة الرحم.

يقول المقنع الكندي الجاهلي:

وإن الذي بيني وبين بني أبي

وبيت بني عمي لمختلف جــدا

إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم

وإن هتكوا مجدي بنيت لهم مجدا

ولست بأحمل حقداً عليهم

وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

عباد الله.. لقد كان أرق الناس وأحلم الناس الرسول صلي الله عليه وسلم ولذلك ذكر الله خلقه ومجد أنفاسه في القرآن فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4)
وقال : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك)(آل عمران: الآية159).

وقد بلغ في صلة الرحم مبلغاً عظيماً ضرب به المثل على مدي التاريخ.

فما سمعت الدنيا بأوصل منه صلي الله عليه وسلم .

قام أقاربه وأبناء عمه فأخرجوه من مكة وطاردوه وشتموه وسبوه وآذوه ، وحاربوه في المعارك، ونازلو في الميدان، وقاموا عليه بحرب عسكرية وإعلامية واقتصادية.

فلما انتصر ماذا فعل؟

لقد دخل مكة منتصراً ، ووقف له الأعلام مكبرة، وطنت لذكر نصره الجبال، فوقف على حلق باب الكعبة صلي الله عليه وسلم وهو يقول للقرابة والعمومة : (( ما ترون أني فاعل بكم))؟.

فقالوا ـ وهم يتباكون ـ : أخ كريم وابن أخ كريم.

فيقول : (( اذهبوا فأنتم الطلقاء)).

وكأنه يقول: عفا الله عنكم وسامحكم.

ويأتي ابن عمه أبو سفيان بن الحارث فيسمع بالانتصار وهو قد آذى الرسول صلي الله عليه وسلم وسبه، فيأخذ أطفاله ويخرج من مكة، فيلقاه على بن أبي طالب فيقول: إلى أين تذهب؟

قال : أذهب بأطفالي إلى الصحراء فأموت جوعاً وعرياً، والله إن ظفر بي محمد ليقطعني إرباً إرباً.

فيقول على وهو يعرف الرسول صلي الله عليه وسلم : أخطأت يا أبا سفيان ، إن رسول الله صلي الله عليه وسلم أوصل الناس وابر الناس، فعد إليه وسلم عليه بالنبوة وقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف: ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(يوسف: الآية92)

فهل من مقتد بأفعاله وأخلاقه؟
فإنه هو الأسوة الحقة، وإن اتباعه نجاة من العار والدمار.

تأتيه أخته صلي الله عليه وسلم وقد ابتعدت عنه ما يقارب أربعين سنة وهي لا تعرفه وهو لا يعرفها، فقد مرت سنوات، وأيام وأيام، وأعوام أعوام، فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاعة وهو تحت سدرة، والناس بسيوفهم بين يديه وهو يوزع الغنائم، فتستأذن ، فيقول لها الصحابة: من أنت؟

فتقول : أنا أخت الرسول صلي الله عليه وسلم من الرضاعة، أنا الشيماء بنت الحارث، أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية.

فيخبرون الرسول صلي الله عليه وسلم فتترقرق الدموع في عينيه، ويقوم لها ليلقاها في الطريق ويعانقها عناق الأخ لأخته بعد طول المدة وبعد الوحشة والغربة، ويجلسها مكانه ويظللها من الشمس (1).

تصوروا رسول البشرية ، ومعلم الإنسانية، ومزعزع كيان الوثنية، يظلل هذه العجوز من الشمس لرضعة واحدة؟

فأين الذين قطعوا عماتهم وخالاتهم وبناتهم وأخواتهم، بل حتى الميراث الذي أحله الله لهن حرموه عليهن.

وقد سمعنا من العجائز الطاعنات في السن من تقف الواحدة تبكي وتقول : ظلمني..أنصفني الله منه.

فيسأل الرسول صلي الله عليه وسلم أخته عن أحوالهم ثم يقول لها: (( اختاري الحياة هنا أو تريدين أهلك؟)).

فتقول : أريد أهلي (2).

فيعطيها المال ليعلم الناس صلة الأرحام.

عباد الله .. أوصيكم ونفسي بصلة الأرحام وببر الوالدين، ففيهما الخير الكثير والأجر العميم من الله سبحانه، وفيهما من تقريب القلوب لبعضها وإزالة الشحناء والغل فيما بينهما.

فبروا آباءكم وأمهاتكم ، وصلوا أرحامكم لتدخلوا الجنة مولاكم.

فقد قال صلي الله عليه وسلم كما سبق : (( لا يدخل الجنة قاطع))، أي قاطع رحم.

الراوي: جبير بن مطعم المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5984
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.







كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
شكوى الوالدين



الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.

والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً على الله بإذنه وسراجاً منيراً.

أما بعد..

بينما الحجاج مشغولون بالطواف في الحرم، والشمس حارة والزحام كثيف ، والناس واقفون عند الكعبة المشرفة يسألون المولي جل جلاله..

كان رجل من أهل اليمن يحمل لأمه على كتفيه، وقد تصبب عرقه واضطراب نفسه، وهو يطوف بها لأنها مقعدة، ويري أن من الواجب عليه أن يكافئها ، لأنه قد كان يوماً ت الأيام حملاً في بطنها ثم طفلاً في حضنها.

سهرت لينام، وجاعت ليشبع، وظمئت ليروي، فظن أنه كافأها حقاً

وكان ابن عمر الصحابي الجليل واقفاً عند المقام.

فقال الرجل: السلام عليك يا ابن عمر، أنا الابن وهذه والدتي، أتري أني كافأتها؟

قال ابن عمر : والذي نفسي بيده ولا بزفرة من زفراتها.

فكل هذا التعب والإعياء والجهد لا يساوي زفرة واحدة زفرتها في ساعة الولادة.





.
وهذه الصورة تتكرر كثيراً في عالم اليوم، مرات من أناس شبوا علي الطوق وقويت سواعدهم واشتدت كواهلم وكبرت جماجمهم، فعقوا ربهم أولاً فما عرفوا بيوته، وأعرضوا عن كتابه وع سنة رسوله صلي الله عليه وسلم .

ثم عقوا الوالدين في وقت الضعف

فلم نعد نرى إلا الشيوخ والعجائز وهم يبكون من ذلكم العقوق الأليم.

وكم رأينا من طاعن في السن يدب على الأرض دبيباً يشكو ابنه.

ونحن نرفع شكواه إلي الواحد الأحد الذي ينصف سبحانه، والذي لا تسقط عنده مظلمة.

يروي لنا المعصوم صلي الله عليه وسلم قصة ثلاثة خرجوا إلي الصحراء من بني إسرائيل، فأظلم عليهم الليل البهيم، فصعدوا جبلاً ودخلوا غاراً ، فانطبقت عليهم الصخرة فسدت أبواب الغار، فلا اتصال ولا عشيرة ولا قبيلة ولا أهل.

وهذه ساعة الاضطرار، (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء)(النمل: الآية62).

ولا يجيب المضطر إلا هو سبحانه، ولا يكشف المكروب إلا هو سبحانه، ولا يفرج عن المغموم إلا هو سبحانه.

ولقد ذكرتك والظلام مخيم والأسد تزأر في ربا الصحراء

في وحشة لو غبت عني ساعة لوجدتني شلوا من الأشلاء

ضل الطريق فقمت أدعو في الدجي متضرعاً في حندس الظلماء

فأتوا يدفعون الصخرة فما اندفعت، وليس عندهم لا طعام ولا كساء ولا شراب.

بل هو الموت المحقق.

فاتصلت حبالهم بحبال الله، والتجأوا إليه سبحانه.

فقال قائل منهم: والله لا ينجيكم أحد إلا الله، فادعوه بصالح أعمالكم.

فقام الأول فتذكر أعماله فما وجد أحسن ولا أطيب من بره بوالديه.

فخاطب الله علام الغيوب الذي يعلم السر واخفي وقال: اللهم إنك تعلم أنه كان لي والدان شيخان كبيران وكنت لا أقدم عليهما أهلاً ولا ولداً، وقد غبت يوماً فأتيت وإذا هما نائمان فحلبت غبوقهما ـ أي لبنهما في الليل ـ فقمت بالإناء علي رأسهما حتى طلع الصباح والصبية يتضاغون ( أي يصيحون ) تحت قدمي أحداً عليهما.

اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك فاكشف عنا ما نحن فيه.

فانزاحت الصخرة قليلاً عن باب الغار غير أنهم لا يستطيعون الخروج.

فقام الآخر .. إلى آخر الحديث المشهور.

ويقول المعصوم صلي الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة قاطع)).

ويقول صلي الله عليه وسلم : (( لما خلق الله الرحم تعلقت بالعرش وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة))، أي: أشكو إليك القطيعة في الدنيا فأنصفني من القاطع.

(( قال الله لها : ألا ترضين أن اصل من وصلك، وأن أقطع من قطعك؟ قالت: بلي، قال: فذلك لك)).

فالقاطع يقطعه الله: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد22،23) .

وقد قرن سبحانه حقه بحق الوالدين في القرآن كثيراً، فقال: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الاسراء:23/24).

فكلمة (أف) علي صغر حروفها لا يجوز أن تقال للوالدين.

فكيف بمن تنعم في القصور والفلل وأهان والديه؟

وكيف بمن قدم زوجته على أمه؟

وكيف بمن أغلظ في الخطاب وعصى في الجواب؟

إنها صور تتكرر في مجتمعنا ونراها ونسمعها كثيراً.

فليت أصحاب العقوق يتعظون بتلكم الآيات والأحاديث التي تحذرهم من هذا المسلك الأليم، الذي لا يستحقه الأبوان اللذان تعبا وشقيا وربيا.

وليتهم يعتبرون بقصص الصالحين وببرهم بوالديهم.

كان ابن سيرين يقدم لوالدته الطعام ولا يأكل من الإناء الذي تأكل منه خشية أن تسبق يده إلى لقمة تشتهيها.

وكان الإمام أحمد على جلالته يخدم والدته في البيت حيث لم يكن لها إلا هو بعد الله معيناً.

فكان يصنع طعامها ويكنس بيتها ويقوم بالأعمال عنها.

وللعقوق صور كثيرة، منها عقوق الوالدين كما سب وهو اشهره.

ولكن هناك عقوق من نوع آخر، وهو عقوق الأمة لبارئها كما نري، حيث انصرفت عن دينها وعن طاعة ربها وأصبحت تقلد الكافر البعيد في كل أحواله وسلوكياته، متوهمة أن التطور والحضارة يكونان في ذلك التقليد وتلك التبعية.

وما علمت أن الحضارة والرقي هي في التميز بشخصيتها وتحقيق كتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم على الواقع.

اسأل الله أن يسدد هذه الأمة ويعيدها إلى مجدها من جديد لتكون خير أمة أخرجت للناس.

والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
استعاذ الرحم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أما بعد ..

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (( إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه تبارك وتعالي قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة.

قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك؟

قالت: بلي يا ربي.

قال: فهو لك)).

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( فاقرأوا إن شئتم : : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد22،23) .

في هذا الحديث مسائل أولها: قوله صلي الله عليه وسلم : (( لما خلق الله الخلق)).

قال أهل الحديث: المقصود من الخلق خلق السماوات والأرض.

وقال ابن حجر: قد يكون لما خلق الله الخلق يعني لما كتب تقدير الخلق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السماوات والأرض.

أقول: هذا خطأ وبعيد، وهو يخالف ظاهر الحديث، فإن الرسول صلي الله عليه وسلم أخبرنا جهارا أنه تعالي قد خلق الخلق أي انتهي من ذلك سبحانه وتعالي.

والمقادير كما تعلمون، وهو معتقد أهل السنة والجماعة، كتبها الله قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما في الحديث: (( إن الله كتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة))، فهو في كتاب عنده على العرش سبحانه وتعالي.
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4474
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وفي الكتاب نفسه: (( إن رحمتي وسعت كل شيء))، وفي الكتاب: (( إن رحمتي سبقت غضبي)).

فنسأل الله أن يرحمنا وإياكم.

وقد خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام كما هو مبين في القرآن.

(( حتى إذا فرغ من خلقه))، يعني انتهي سبحانه وتعالي من خلق الخلق وتكوين السماوات والأرض.

(( قالت الرحم)) : أي الرحم الموصولة.

وبعضهم يقول: رحم المرأة لأنه مكان الحمل.

والذي يظهر: أنها العلاقة التي تربط الناس بعضهم ببعض.

قال تعالي: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ )(النساء: الآية1).

فقالت : (( هذا مقام العائذ بك من القطيعة)). فتكلمت الرحم.

فهل تكلمت بلسان المقال أم الحال؟

المعتزلة يقولون في مثل هذا: تكلمت بلسان الحال، كقولة سبحانه وتعالي عن السماوات والأرض: ( قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)(فصلت: الآية11)لا بصوت وإنما بلسان حالها.

وأهل السنة يقولون : لا.. بل نحمله على الظاهر وأنها تكلمت حقيقة، لأن الله أخبرنا أنها تكلمت.

فلماذا نصرف ذلك عن ظاهره؟

وفي رواية مسلم: أنها أخذت بقائمة العرش.

وفي رواية أخري صحيحة: أنها تعلقت بعرش الله كالشاكية تعوذ إلى الله من الذي يقطعها.

لأن المستجير يتعلق بمن به ويلتجيء إليه، ولذلك قالت: (( هذا مقام العائذ بك))، يعني: قمت يا ربي مقاماً أعوذ بك من القاطع وأستعيذ بك من القطيعة ، فأنقذني وأنجدني.

ولا يكون الالتجاء والعوذ إلا إلى الله سبحانه وتعالي، فقوله تعالي: ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)(النحل: الآية98).

وهو يعيذ سبحانه وتعالي ويحير عليه.

ولذلك لما سحر عليه الصلاة والسلام أنزل الله عز وجل قوله:(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) (الفلق:1) (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (الناس:1).

فالاستعاذة تكون بالله، وإنما أشرك من أشرك من العرب لأنهم كانوا يستعيذون بغير الله.

فكانوا مثلاً يستعيذون بسيد الوادي من الجن.

قال تعالي: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6) .

فالعوذ إنما يكون بالله، ولا يملك أن يعيذ إلا الله، لأنه صاحب المنعة.

ولذلك لأم سبحانه وتعالي من أتخذ إلها غيره فقال: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً) (الفرقان:3) .

وفي كتب الأدب أن أحد الشعراء من الأندلس دخل على سلطان من سلاطين الدنيا فقال:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار

فسكت السلطان المجرم، وأقره عليه الناس وما أنكروا.

فأخبره الله من هو الواحد القهار، ومن هو الذي بيده مقاليد كل شيء.

فابتلي الله هذا الشاعر بمرض عضال أعيي به الأطباء، حتى أنه كان ينبح كما ينبح الكلب علي فراشه، ويتقلب ظهراً لبطن ليلاً ونهاراً.

لأن الله أراد أن يذيقه معني هذا البيت.

وفي الأخير انتبه الشاعر من سكاره، وأخذ يقول وهو في مرض الموت وقد أصبح جلداً على عظمك:

أبعين مفتقر إليك نظرت لي فأهنتني وقذفتني من حالقي

لست الملوم أنا الملوم لأنني علقت آمالي بغير الخالق


قالوا للإمام احمد: ما هو التوكل؟

قال: التوكل كما فعل إبراهيم لما أصبح قريباً من النار قال: ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)(آل عمران: الآية173).

ويذكرون في ترجمة إبراهيم عليه السلام أنه لما وضع في المنجنيق فأصبح بدل القذيفة...

فتولي عنه الأصدقاء والأحباء والقرابة، فأصبح التوحيد في باطنه وفي قلبه مثل الجبال لأنه سيد الموحدين مع رسولنا صلي الله عليه وسلم .

فقال جبريل له وهو في الهواء: يا إبراهيم ألك إلى حاجة؟

وجبريل عليه السلام بإذن الله باستطاعته أم ينقذه.

فقال إبراهيم: أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم.

فما أصبح قريباً من النار قال: ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)(آل عمران: الآية173) النبي صلي الله عليه وسلم فلما أصابه سوء.

وفي صحيح البخاري موقوفاً على ابن عباس قال رضي الله عنهما: ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)(آل عمران: الآية173).
قالها إبراهيم لما ألقي في النار، ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) وقالها محمد صلي الله عليه وسلم لما قيل له: ( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)(آل عمران: الآية173). الجواب: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (آل عمران:174) .


وتقدم كثيراً قصة خالد بن الوليد لما أتي إلى معركة اليرموك وكان جيشه يقارب ثلاثين ألفاً وجيش الروم مائتان وثمانون ألفاً.

فلما التقي الجيشان واصطف الجمعان وتبارز الفريقان قال أحد المسلمين لخالد: ما أكثر الروم وما أقلنا!

قال خالد: لا والله، بل ما أكثرنا وما أقل الروم، لأن الله معنا سبحانه وتعالي.

قال مسلم آخر: أظن يا خالد أنا نفر اليوم إلى جبل أجا وسلمى.

قال: لا والله لا نفر إلى جبل أجا وسلمى، ولكن نفر إلى الله : ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)(آل عمران: الآية173).

وبدأت المعركة فانتصر خالد، لأن الله حسيبه وهو كافيه سبحانه وتعالي.

قال : (( قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة))، أي: أعوذ بك يا رب ممن يقطعني في الحياة لأن قاطع الرحم استحق اللعنة من الله، ففي الكتاب الحكيم (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّه)(محمد: 22/23). فهو ملعون.

يقول جعفر الصادق لابنه: يا بني لا ترافق ثلاثة:

1- لا ترافق الفاجر فيعديك بفجوره.
2- ولا ترافق قاطع الرحم، فإنه ملعون في السماء ملعون في الأرض.
3- ولا ترافق البخيل، فإنه يبيعك وأجيرك من القاطع.

قال الله: (( نعم))، يعني أعيذك وأجيرك من القاطع.

ثم قال سبحانه : (( إما ترضين أن اصل من وصلك وأقطع من قطعك))؟

قالت: (( بلي)).

والجواب ببلي لأن العرض كان بأداة الاستفهام.

ولذلك لما قال سبحانه وتعالي: ) أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى )(لأعراف: الآية172).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو قالوا: نعم، لكفروا ، لأنه لا يجاب عند الاستفهام بنعم، لأن معناها يكون حينئذٍ التقرير بالمذكور ، فكأنهم يقولون والعياذ بالله: نعم لست بربنا!

ثم قال عليه الصلاة والسلام: (( أقرأوا إن شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّه)(محمد: 22/23).

يقول سبحانه: إذا فعلتم ما فعلتم وكفرتم بالله فما بقي عليكم إلا أن تقطعوا أرحامكم ، هذا مجمل معني الآية.

وهذا كما تقول للإنسان إذا أذنب واخطأ: ما بقي عليك إلا أن تترك الصلاة، أو إذا شئت اترك الصلاة.

وأنت لا تقره على ذلك لكنك تتهدده وتنذره.

فالله يقول: إذا توليتم عن الإيمان فلن يبق إلا أن تقطعوا أرحامكم ، فهو أهون ذنباً من ترك الإيمان.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: (( إن الرحم شجنة من الرحمن فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته)).
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5988
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


قوله: (شجنه) ضبطت ( شجنة) و ( شجنة).

والشجنة: القطعة من الشيء.

والشجون: المنحيات في الوديان.

والشجون كذلك: العروق في الجسم.

والشجون: هي الأحاديث التي يأخذ بعضها ببعض. تقول العرب: الحديث ذو شجون، أي الحديث يأخذ بعضه ببعض ، تقول العرب: الحديث ذو شجون، أي الحديث يأخذ بعضه ببعض، والحديث مشوق لا ينتهي الإنسان من حديث إلا ويبدأ في حديث آخر، كما يقول ابن الرومي:

وحديثهما السحــر الحلال لو أنه لم يجن قتل المسلم المتحرز

إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ود المحدث أنها لم توجز

ويقولون : الشجن الأسى واللوعة ، أنا ذو شجن أي أنا ذو أسى ولوعة.

وأشجاني كذا: أي ذكرني وأطربني.

تذكرت والذكرى تهيج على الفتي ومن عادة المحزون أن يتذكرا

والشجنة هنا القطيعة من الشيء ، يعني من الرحمن.

قيل : فيض من فيوضاته سبحانه وتعالي.

وقيل: خلق من خلقه، فتكون إضافتها من باب التشريف أي أن الله خلقها سبحانه وتعالي.

أو اشتقت لها اسماً من اسمه تبارك وتعالي( الرحمن) ، وهذا الاشتياق للتشريف.

وبعض أهل العلم من أهل السنة يقولون: إن اسم الرسول محمد صلي الله عليه وسلم مشتق من اسم الله، لأن الله هو المحمود سبحانه وتعالي وهو صاحب الحمد، حتى يقول حسان:

وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

قال الله: ( من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته،))، وهذا كالحديث السابق.

وليعلم أن صلة الرحم المرغب فيها كثيراً هي أن تصل أرحامك الذين يقطعونك وتحرص على ذلك، فهذا أعلى درجات صلة الرحم، لأنه صلي الله عليه وسلم كان يقول: (( ليس الواصل بالمكافىء ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)).
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 49
خلاصة حكم المحدث: صحيح


أي أن الذي يستحق اسم الوصل هو من يصل من يقطعه من أرحامه.

ولذلك مر علينا كثيراً قصة الرجل يصل أرحامه ويودهم وهم لا يصلونه ولا يودونه ، فاشتكي إلى الرسول صلي الله عليه وسلم فقال له صلي الله عليه وسلم : (( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك))

الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5055
خلاصة حكم المحدث: صحيح


والمل هو: الرماد الحار.


وهذا كما قال الشاعر:

وإن الــذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدا

إذا هتكوا عرضى وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

ولا أحمل الحقــد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

لهم جل مالي إن تتابع لي غنى وإن قل مالي لم أكلفهم رفــــدا

أسال الله لي ولكم أن يجعلنا ممن يصل أرحامه ليصله الله في الدنيا والآخرة.

والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-

أحوال البيوت

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض.. وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون.. والصلاة والسلام على المعلم النحرير، والهادي والبشير النذير، محمد بن عبد الله.

أما بعد..

إخواتي في الله.. لقد حمل آباؤكم هذه العقيدة في الوغي ففتحوا بلاد الفرس والرومان، وحفظوا حدود الله في أيامه وتباعدوا عن طاعة الشيطان.

فانظر لمن تنكب طريقهم؟
من الذين هجروا المساجد والصلاة، وتركوا سنن الرسول ومنهج القرآن، ونادوا بتحرير المرأة وخروجها من بيتها لتخالط الرجال.. وتزاحمهم في كل مكان.


يقول الشاعر فيهم:

أمـا التـــلاوة فالغنــــاء لديهـم

لعـب البلــوت وجلـــسة الـــدخان

أكلوا الــربا وتسابقــــــوا كسبه

وتصـــارعوا لمــخــدر فـــتــان

فاستأهلوا غضب الإله فدكـــهـــم

بالجــوع والتكسيــر والفيضــــــان


(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (النحل:112)

(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً) (8(فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً) (الطلاق:8/9) .

في العدد الأخير من جريدة (المسلمون) نبأ مخيف ومرعب.. خبر مزعج ..قصة طويلة لأربع نسوة عرب في بلد عربي يدعي الإسلام.
أولئك النسوة انتقلن إلى بلد عربي آخر فقبضن كمروجات مخدرات.. وهؤلاء النسوة تصل أعمار بعضهن الستين!
معهن أطفال وأزواج وبنات وأولاد!

ولكن من نسي الله قطع الله حبله.

فحكم عليهن بالإعدام.. ونحن لا نعترض علي الإعدام .. فهذا أقل جزاء لمثل هذا النموذج من الناس.
(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33)
إنما نتساءل : ما أسباب هذه الجريمة التي أغضبت الله؟
وما أسباب هذه السقطة التي ما بعدها سقطة؟
ما هو التحليل الاستقرائي والاستنتاج العلمي لهذه المعصية التي يقع فيها المجتمع المسلم صباح مساء؟ وتشارك الفتيات مع الشباب في ترويج المخدرات والزنا والعهر والجلسات الحمراء، وإغضاب الله الواحد الأحد.

السبب هو أنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم، (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُم)(الحشر: الآية19).
بل وحد في بعض المناطق أن بعض النساء بلغت الأربعين وهي لا تصلي!
ولا تعرف أحكام الحيض !
ولا أحكام الغسل من الجنابة!

إنه نسيان الله.. إنه الجهل بالدين.
واستبدلوا هذا الإيمان بهذه المغريات الحادثة، كالفيديو الذي يهدم في الساعة الواحدة ما يهدمه جيش نابليون وهتلر في السنة.

وبالمجلة الخليعة التي أصبحت تباع مع الخضروات والخبز.. وتهدم بالصور العارية ما تهدمه الجيوش العالمية في ستة أشهر.

ثم يوحد معهن زوج أو أب يأكل ويشرب لكنه لا يحمل الإيمان.. لا يحمل الغيرة ولا الغضب لانتهاك حدود الله، فلا يزعجه أن تخرج امرأته سافرة.. متبرجة.. متعطرة..متزينة.. فتذهب الساعات الطويلة في الأسواق . وتخرج الفتاة وتعاكس بالهاتف من شاءت، وتراسل من شاءت.. إلا من رحم الله.
والأب لم يدخل الإيمان البيت، ولم يعلم أهل بيته الصلاة، ولم يدخل لهم الكتيب الإسلامي ولا الشريط الإسلامي.
ولم يصطحب أهله إلى درس إسلامي أو محاضرة إسلامية، فتبقي المرأة جاهلة بالإسلام، تسمع ألف أغنية.. وتري ألف مسلسل.. وتشاهد ألف مسرحية.. وتطالع ألف مجلة.

ولكنها ما سمعت تلاوة للقرآن، أو حديثاً نبوياً، أو محاضرة ، أو درساً.
وقد زاد من هذا التحلل والفساد وجود طبقة من المجتمع الإسلامي تسعي بعلم أو دون علم إلى هدم أخلاقه.. ونشر الرذيلة فيه.. فمثلاً:
إحسان عبد القدوس له أكثر من ثلاثين سنة نشرة يكتب فيها، فيستهزئ بالرسول صلي الله عليه وسلم ، ويستهزئ بالرسالة، ويستهزئ بالدين.. وله كتاب عنوانه ( أنا حرة) ينادي فيه المرأة أن تعصي زوجها وأن تصاحب من شاءت من الناس وان تصادق كل أحد.. ثم يقول : الزنا عرف تقليدي!!
ونجيب محفوظ الذي أخذ جائزة نوبل علي الدجل.. لأنه روج للإلحاد .. ولأنه أداة للصهيونية العالمية.. له قصة بعنوان ( أولاد حارتنا) يستحي الشيطان أن يقرأها! من الخبث والدعارة والانحطاط الذي فيها (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ )(الجاثـية: الآية23)
إن اعظم واجباتنا في الحياة أن تكون أمة تشهد على الناس (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )(البقرة: الآية143)، نكون شهداء على الناس إذا قمنا بواجب الله بأنفسنا .. وبدين الله في مجتمعنا .. والشهادة على الناس بأن نشهد على الأمم هل هم مستقيمون أم منحرفون؟ هل هم عاصين أم ضالون؟ هل هم راشدون أم غاوون.
لكن كيف نشهد على الناس إذا كنا منحرفين متهاونين عاصين متمردين على شرع الله؟
يقول تعالي: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )(آل عمران: الآية110)، نكون خير أمة إذا أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر.. وهي مسالة ماتت إلا في قلب من رحم الله، وأصبحت عند كثير من الناس، بل الرأي العام، منوطة بفئة من الناس لا يجوز أن يأمر إلا هم .. ولا ينهي إلا هم.. ولا يدعو إلا هم، وهذا خطا.
قال تعالي: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78/79) .
فواجب علينا أن نهتم بأمر النساء بالمعروف ونهيهن عن المنكر، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم أخبر أن اشد فتنة تقع فيها الأمة هي فتنة النساء.
وأن نستهل موضوع الزواج، وأن نرحب بالصالحين من شباب المسلمين، وأن نمنع تكدس الفتيات في البيوت ‍!

فتاة من الفتيات بلغت الأربعين ، ومنع أبوها أن تتزوج، وغيرها كثير.. فواجب أن ننصح هؤلاء الآباء بعدم المغالاة في مهور بناتهم..
وأن يحرصوا على إعفافهن .. في زمن كثرت فيه الفتن.
فالزواج من سنن المرسلين (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً )(الرعد: الآية38).
فالواجب على المسلمين أن يسهلوا أمور الزواج، فأشرف بنات العالمين فاطمة الزهراء بنت محمد صلي الله عليه وسلم ، أم الحسن والحسين، مهرها درع لا تساوي درهمين.
وبنت سعيد بن المسيب يتقدم لها الوليد بن عبد الملك ابن خليفة المسلمين فيرفضه سعيد.
قالوا : لم؟
قال: أأنقلها من بيت القرآن إلى بيت الغناء والقيان؟
ثم زوجها بدرهمين لفقير من طلابه، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: (( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)).

الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1084
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح



والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


كتبت : ~ عبير الزهور ~
-

أصول التربية النبوية

الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكوراً.
والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة.
اللهم صل على محمد ما تفوح بمسك وفاح، وما ترنم حمام وناح، وما شدا بليل وصاح.
المصلحون يد جمعت هي أنت بل أنت اليد البيضاء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لم تفعل الأنواء
وإذا رحمت فأنت في الدنيا أم وأب هذان في الدنيا هما الرحماء
فصلي الله وسلم على بطل الدعوة الرائدة، وأستاذها وموجهها ومعلمها، فما اجتمعنا إلا على رسالته، ولا تآخينا إلا على منهجه، ولا تصافينا إلا على مبادئه الخالدة.
كيف ربي رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه؟
وكيف أخرجهم عظماء؟
يوم أتي زعماء التراب فمحقوا شعوبهم ليربوا منهم عبيداً وأرقاء.. أتي محمد صلي الله عليه وسلم ليخرج من الأمة العربية البائسة أمة ماجدة خالدة (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الجمعة:2)

يا قوميون أين مجدكم قبل الإسلام؟
وأين تاريخكم قبل الرسالة الخالدة؟
فأنتم لا شيء قبل محمد صلي الله عليه وسلم.
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسرت سعى لها
فأمدها مدداً وأعلي شأنها وأمات شانئها واصلح بالها

فهذه الدعوة المباركة تحتاج إلى موجه ومرشد وأستاذ وبطل.
وموجهها وأستاذها وبطلها محمد صلي الله عليه وسلم ، فهو لا يزال يقود الركب بسنته حتى يسلم ويدخلها من باب الجنة صلي الله عليه وسلم .
ظن المستعمر أنه سوف يسحق شبابنا، وسوف يهاجم شبابنا بالمرأة والكأس.
وأبى الله إلا أن يتم نورهن ورد كيد المستعمر في نحره، وأقبلت وجوه الشباب تسجد لله ويقول لسان حالها:
ومما زادني شرفاً وفخراً وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا
أصول هذه الرسالة خمسة:
أولها: تربية صلي الله عليه وسلم لصحابه على الحب لله ورسوله حباً يقطع من أجله الجسم وتمزق من أجله شغاف الروح.
الأصل الثاني: تربيتهم على الشجاعة والإقدام ، حيث يقتحمون الأسوار ويسلمون أرواحهم للسيوف تمزقها لتدخل جنة عرضها السماوات والأرض.
الأصل الثالث: الصراحة والوضوح.
الأصل الرابع: الرفق الذي سلكه محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم قدم دعوته للناس في أطباق الحب على رياحين المودة، وعلى باقة من الإخلاص والانسجام.
أما الأصل الخامس: فهو تربيتهم على الطموح وعلو الهمة، وأن لا يرضي أحدهم بالدنيا وذهب الدنيا من أجل أن يبيع ولو طرقة عين من مبادئه.
فأما الأصل الأول: فإنه أعظم الأصول، فقد أتي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة فجاء اليهود يتعاطسون عنده ويقولون : نحن نحب الله، لكن ما نتبعك ، فكذب الله حبهم وأبطل دعواهم وقال لهم: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )(آل عمران: الآية31) .
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21).
أتي صلي الله عليه وسلم فلقن حب الله عز وجل حبه صلي الله عليه وسلم .
يقول له عمر كما في البخاري : يا رسول الله، والله إنك أحب إلى من مالي ومن أهلي ومن ولدي إلا من نفسي.
قال: (( لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك)).
قال: فوالله يا رسول الله إنك أحب إلى حتى من نفسي.
قال : (( الآن يا عمر)).
وعند الترمذي بسند حسنه بعض أهل العلم أن عمر لما أراد العمرة قال له صلي الله عليه وسلم : (( لا تنسنا من دعائك يا أخي)).
قائد عظيم وزعيم عملاق يقول لأحد تلاميذه (أخي).
قال عمر معلقاً: كلمة ما أحب أن لي بها الدنيا وما عليها.
وذهب عمر إلى العمرة ولكن كأنه قد ترك قلبه مع الرسول صلي الله عليه وسلم وأشواقه وأحاسيسه.
بنتم وبنا فما ابتليت جوارحنا شوقاً إليكم ولا جفت مآفينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
والحب أثبت أصالته في المعركة.
فمن الذي دفع أنس بن النضر أن يهب بسيفه إلى بسيفه إلى أحد فيقول له سعد بن معاذ : عد يا أنس.
قال: إليك عني يا سعد، والله الذي لا إله إلا هو إني لأجد ريح الجنة دون أحد.
ويموت ويضرب بثمانين ضبرية.
أليس هذا بحب صادق؟
ومن الذي دفع حنظلة الغسيل أن يترك زوجته في أول ليلة ويهب وعليه جنابه، فيقتل نفسه في سبيل الله ويقدم نفسه علامة على الحب، حتى يقول صلي الله عليه وسلم وهو يلتفت إلى السماء ويشيح بطرفه: (( والذي نفسي بيده إني لأرى الملائكة تغسل حنظلة بين السماء والأرض)).

الراوي: خزيمة بن ثابت المحدث:السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 2646
خلاصة حكم المحدث: صحيح

أليس بحب هذا؟
بلي والله إنه من أعظم الحب وأرقي الحب.
ويأتي عبد الله الأنصاري والد جابر فيتكفن ويتطيب بعد أن يكسر غمد سيفه على ركبته، ويلتفت ويقول: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضي.
يجود بالنفس إن ضن البخيل بها
والجود بالنفس أغلى غاية الجود
ويذهب للمعركة فيقتل، فيبكي ابنه جابر فيقول صلي الله عليه وسلم : (( لا تبكه، أو ما تبكيه، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع)). ويقول النبي صلي الله عليه وسلم في شأنه أيضاً : (( ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجابه، وأحيا أباك فكلمة كفاحاً، فقال : تمن على أعطك ، قال يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم لا يرجعون))

الراوي: جابر بن عبدالله المحدث:الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 6198
خلاصة حكم المحدث: حسن


فجعل الله روحه وأرواح إخوانه الذين قتلوا معه كما جاء في الحديث(( في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح في الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل..)).

الراوي: مسروق بن الأجدع بن مالك المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1887
خلاصة حكم المحدث: صحيح


ومن الذي باع الحياة رخيصة ورأي رضاك أعز شيء فاشترى
هم أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم الذين رباهم على الحب.
وعبد الله بن جحش أول من سمي بالأمير يأتي يوم أحد فيقول: يا رب ، اللهم إنك تعلم أني أحبك وهذا مهر البيعة، اللهم إن كنت تعلم ذلك فلاق بيني وبين عدو لك قوي باسه فيقتلني فيك.
لم يقل أقتله، بل قال يقتلني ، فيبقر بطني ويجدع انفي ويفقأ عيني ويقطع أذني، فإذا قلت لي: لم افعل بك هذا؟
قلت: فيك يا رب.
ولذلك فأحباب الله يسارعون إلى محاب الله.
وفي حديث عند الطبراني من قوله صلي الله عليه وسلم : (( يضحك ربك إلى ثلاثة))، ولله ضحك يليق بجلالة لا نكيفه ولا نمثله ولا نشبهه ولا نعطله.. أحد الثلاثة رجل حمله الحب فسافر في قافلة وتعب من السفر، فلما نزل أصحابه ناموا على الأرض وأما فما نام، قام إلى الماء البارد وتوضأ ، فاستقبل القبلة وأخذ يبكي ويدعو ويناجي الواحد الأحد.
فيقول الله لملائكته: يا ملائكتي انظروا لعبدي هذا: ترك فراشه الوثير ولحافة الدافئ وقام إلى الماء البارد يتوضأ ويدعو، أشهدكم أني غفرت له وأدخلته الجنة.
أليس هذا بحب؟
بل أعلي من كل حب.
وفي مذكرات لبعض الدعاة أن شاباً مسلماً من بلاد الجزيرة العربية سافر إلى بلاد الإنجليز، إلى لندن، وهناك أعلن توحيده وأعلن صموده وأعلن إيمانه، لأنه خرج من بلاد الحرمين ومن جزيرة التحدي.
سكن في بيت إنجليزي مع عجوز، فكان يقوم مع صلاة الفجر في البرد القارس المثلج، فيتوضأ والعجوز تلاحظه.
فتقول له: أمجنون أنت؟
قال: لا
قالت: وكيف تقوم في هذه الساعة لتتوضأ؟
قال : ديني يأمرني بذلك.
قالت: ألا تؤخر؟
قال: لو أخرت ما قبل الله مني.
فهزت رأسها وقالت: هذه إرادة تكسر الحديد، هذه إرادة تكسر الحديد.
أما الأصل الثاني: فتربيتهم على الشجاعة والإقدام.
فالحياة ليست عبودية للمادة أو خوفاً من المستقبل وتأمينه، فالمستقبل بيد الله سبحان وتعالي فهو الذي يؤمنه.
يقولون للشاب في الثلاثين: أمن مستقبلك، فإذا مستقبله زوجة وسيارة وفلة.
يصبح فيقول: أصبحنا وأصبحت الفلة لله، وأمسينا وأمست السيارة لله.
يفكر في الفلة وهو ساجد، وفي الزوجة وهو راكع، وفي السيارة وهو على جبنه.
أي طموح وأي شجاعة هذه؟
ويموت من أجل الفلة، ويحب من أجل الفلة، ويسميها مستقبلاً.
وهذا ليس مستقبلاً، لأن المستقبل أن تكون مؤمناً بالله وأن تهيئ لك مكاناً في جنة عرضها السماوات والأرض.
لقد ربي المربي العظيم تلاميذه على أن يبيعوا أنفسهم من الله سبحان وتعالي.
(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:111).
قال ابن القيم ما معناه: أنزل الله حكماً من السماء، أتي به جبريل وأملاه محمد صلي الله عليه وسلم ، ونص المعاهدة: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى )(التوبة: الآية111).
فتقدم أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم بالثمن وهو الأرواح، والسلعة وهي الجنة فتبايعوا.
فقال ابن رواحة: يا رسول الله ماذا تريد منا؟
قال: (( أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأطفالكم وأموالكم)).

قال: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟
قال : (( لكم الجنة)).
قال: ربح البيع، والله لا نقبل ولا نستقيل.


الراوي:جابر بن عبدالله المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 63
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم


ثم قم من المجلس.
قال ابن القيم : والبيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإذا تفرقا فقد وجب البيع.
يرسل صلي الله عليه وسلم حبيب بن زيد رسولاً على مسيلمة الكذاب.
فيقول له مسيلمة: من أنت؟
قال : أتتشهد أن محمداً رسول الله؟
قال : نعم اشهد.
قال: أتشهد أني رسول الله؟
قال: لا أسمع شيئاً.
فأعاد عليه الكلام ،فأعاد الجواب.
فأمر جنوده أن يقطعوه إرباً إرباً ، وقطعه قطعة، فأخذوا يقطعون منه قطعة فتتدحرج بالدم إلى الأرض.
فيعيد الكلام عليه قال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟
قال: نعم أشهد.
قال: أتشهد أني رسول الله؟
قال: لا أسمع شيئاً.
حتى قتله ونحره شهيداً وارتفعت روحه إلى الله، (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (27)
(ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) (28) (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي) (29) (وَادْخُلِي جَنَّتِي)
(الفجر:27-30).
وجعفر بن أبي طالب تقطع يده اليمني في مؤتة فيأخذ الراية باليسرى، فتقطع يسراه، فيحتضن الراية، فتقع السيوف في صدره وهو يقول وهو يبتسم.
يا حـــبذا الجــنة واقترابـــــها

طيبــــة وبارد شرابــــــها
والـــروم روم قد دنا عذابــــها
كافرة بعيدة أنســـــابــــــها
على إن لاقيتهــا ضـــرابــــها
وخالد بن الوليد بعد قتل القواد الثلاثة في مؤتة أخذ السيف فكسره على رؤوس الأعداء، ثم أخذ الثاني فكسره، حتى كسره تسعة أسياف، فما صبرت في يده إلا صحيفة يمانية.
قال ابن كثير: قتل بذلك بيده اليوم خمسة آلاف.
تسعون معركة مرت محجلة من بعد عشر بنان الفتح يحصيها
وخالد في سبيل الله مشعلها وخالد في سبيل الله مجريهـــا
وما أتت بقعة إلا سمعت بها الله أكبر تدوي في نواحيــــها
ما نازل الفرس إلا خاب نازلهم ولا رمي الروم إلا طاش راميــها
وعمير بن الحمام يسمع الرسول صلي الله عليه وسلم يوم بدر وهو يقول لأصحابه: (( لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه)) فدنا المشركون، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض))، فقال عمير بن الحمام: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض، قال: (( نعم))، قال: بخ بخ. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( أما يحملك على قولك بخ بخ)) قال : لا ، والله يا رسول الله إلا رجاءه أن أكون من أهلها، قال: (( فإنك من أهلها)) فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال : لئنا أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة ، فرمي بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل.
ولسنا على الأعقاب تدمي كلومنا
ولكن على أقدامنا تقطر الدمــا
وربي صلي الله عليه وسلم أصحابه على الصراحة والوضوح ، وهو الأصل الثالث من أصول التربية، فليس هناك ألغاز ولا مجاملات، ولا نفاق ولا تقية، بل هو وضوح وصفاء.
فأبناء الصحراء يعيشون بصفاء الصحراء.
يأتي رجل كما في الصحيحين فيقول: يا رسول الله هلكت.
قال: وقعت على أهلي وأنا صائم.
قال: (( أعتق رقبة)).
قال: ما أملك إلا رقبتي.. وضوح وصراحة.
قال: وهل أوقعتني فيما أوقعتني إلا الصيام.. يعني ما استطعت أكمل يوماً ووقعت، فكيف أصوم شهرين؟
قال: (( أطعم ستين مسكيناً)).
قال: على أفقر مني!
قال: (( أجلس)).
فجلس ، فأتي النبي بعذق، فقال صلي الله عليه وسلم : (( خذ هذا تصدق به على الفقراء في المدينة)) أو كما قال.
قال: أعلى أفقر منى يا رسول الله؟
والله ما بين لابتيها رجل أفقر منى.
قال: (( خذه وأطعمه أهلك)).

الراوي:عائشة أم المؤمنين المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6822
خلاصة حكم المحدث: [أورده في صحيحه] وقال : الحديث الأول أبين قوله (أطعم أهلك)


أليس في هذا وضوح وصراحة بلا مجاملة؟
لقد ربي صلي الله عليه وسلم أصحابه على أن يتكلموا بما في قلوبهم، وجعل من خالف قوله فعله من أهل النفاق، ( يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم)(الفتح: الآية11).
أما المؤمن فقلبه ولسانه سيان.
يأتيه رجل فيقول صلي الله عليه وسلم : (( اسلم)).
قال : اسلم يا رسول الله ولكن أشترط شرطاً ( وضوح وصراحة).
قال: (( ما هو؟)).
قال : أن تبيح لي الزنا فإني لا أستطيع أن اصبر.
فقام الصحابة يريدون أن يضربوه ويؤدبوه، فقال صلي الله عليه وسلم : (( دعوه)).
ثم وضع يده الحبيبة الشريفة على صدر هذا الرجل وقال: ((أترضاه لأمك؟))
قال: لا
قال: ((أترضاه لأختك؟)).
قال: لا
قال: ((أترضاه لابنتك؟))
قال: لا
فقال: (( كيف ترضى للناس ما لا ترضي لنفسك؟)).
قال: أشهد أنك لرسول الله، أتوب إلى الله حتى من الزنا.
تربية خالدة وعلم رائع جميل.
الأصل الرابع: اللين والرفق، فقد أتي صلي الله عليه وسلم بمدرسة اللين والرفق، وما كان اللين والرفق في شئ إلا زانه وما نزع من شئ إلا شأنه.
أرسل اله عز وجل موسى وهارون إلى فرعون فقال لهما وهما في الطريق: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طـه:44) .
اللين عجيب.
فخذ لك صاحبـــاً خليلاً فإني مبتغي صاحباً مثلي
عزيز منالي لا ينال مودتي إلا مسلم كامل العقل
ولا يلبث الأخذان أن يتفرقوا إذا لم يؤلف روح شكل إلى شكل
يقول صلي الله عليه وسلم : (( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة)).

الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1956
خلاصة حكم المحدث: صحيح


ويقول الحبيب : (( ألا أنبئكم بأحبكم إلى وأقربكم منى مجالساً يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقاً)).

الراوي: أبو ثعلبة الخشني المحدث:الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 4726
خلاصة حكم المحدث: حسن


وقال تعالي عنه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4)
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )(آل عمران: الآية159) (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128) .
يأتي ليصلي صلي الله عليه وسلم ، فيأتي أعرابي من الصحراء ليصلي معه، وفي التحيات يدعو الأعرابي ويرفع صوته ويقول: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً!
فيسلم صلي الله عليه وسلم فيقول: (( من قال منكم كذا وكذا؟)).
وهو يدري أنه الأعرابي ، لكن يريد أن تأتي من الإعرابي.
فسكت الناس.
قال صلي الله عليه وسلم : (( من قال منكم كذا وكذا؟)).
فرفع الأعرابي يده لينال جائزة!!
فقال: أنا يا رسول الله.
فتبسم صلي الله عليه وسلم وقال ك (( لقد تحجرت واسعاً، إن رحمة الله وسعت كل شيء)).

الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 882
خلاصة حكم المحدث: صحيح


يقول تعالي: ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء)(لأعراف: الآية156).
فما يلبث الأعرابي إلا أن يكمل طريقة ومشواره فيذهب في طرف المسجد فيبول!
فيقوم الصحابة يريدون أن يلقنوه درساً من التعليم لا ينساه أبداً.
فيقول صلي الله عليه وسلم : (( دعوه ، اتركوه)) ويجلسهم صلي الله عليه وسلم ويستدعي الأعرابي ويجلسه لأن الأمر أسهل من ذلك.
ويقول صلي الله عليه وسلم : (( إلى بذنوب من ماء))، فيأتون بذنوب من ماء فيصبونه على بول الأعرابي.
لقد انتهت المشكلة.
فقال صلي الله عليه وسلم للأعرابي : (( إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من الأذى، إنما هي للتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل)).

الراوي: أنس بن مالك المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 285
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فيقوم الأعرابي فيتوضأ ويصبح مسلماً، ويخبرهم صلي الله عليه وسلم أنهم لو ضربوه لدخل النار بسببهم.
ويأتي أعرابي آخر فيجر بردة الرسول صلي الله عليه وسلم فتؤثر حواشيها في عنق وفي كتف الرسول صلي الله عليه وسلم ، فيلتفت صلي الله عليه وسلم ، فيقول الأعرابي: أعطني يا محمد من مال الله الذي عندك لا من مال أبيك ولا أمك.. وما الداعي لهذا الكلام؟
ولم هذا الحرج؟
ولماذا هذه الجفوة؟
فنظر صلي الله عليه وسلم إليه وتبسم وضحك إليه.
فقام الصحابة يريدون البطش به.
فقال صلي الله عليه وسلم : ((دعوه )) ثم أخذ من يده وأعطاه من مال الله زبيباً وحباً وثياباً وقال: (( هل أحسنت إليك ؟)).
قال: نعم، فجزاءك الله من أهل وعشيرة خير الجزاء.
قال: (( إذا خرجت فقل لأصحابي ذلك فإنهم وحدوا في أنفسهم)).
فيخرج به صلي الله عليه وسلم فيسأله أمامهم: (( هل أحسنت إليك؟)).
قال: نعم جزاك الله من أهل وعشيرة جير الجزاء.
فتبسم صلي الله عليه وسلم ويقول: (( أتدرون ما مثلي ومثلكم ومثل هذا الأعرابي؟)).
قالوا: لا يا رسول الله.
قال: (( مثلنا كرجل كان له دابة فرت منه فلحقها، فلما رآها الناس لحقوها فما زادت لا فراراً، فقال الرجل: يا أيها الناس خلوا بيني وبين دابتي فأنا أعرف بها، فأخذ شيئاً من خشاش الأرض وخضار الأرض فأشار للدابة فأتت وأكلت، فأمسكها وقيدها، ولو تركتكم وهذا الأعرابي لضربتموه ثم ارتد فدخل النار)).


وعاد الإعرابي إلى قومه فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا عن بكرة أبيهم.
إن هذا الأصل الرابع من أعظم أصول التربية، وإن الجفاء والغلظة لا تكسبك إلا بغضاً وحقداً، وإن اللين لا يكسبك إلا حباً في القلوب والأرواح.
قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه: والله ما رآني صلي الله عليه وسلم إلا تبسم وجهي.
ما أحسن البسمة! هي السحر الحلال.
قيل لأحد العلماء: ما هو السحر الحلال؟
قل: تبسمك في وجوه الرجال.
وفرق بين المتكبر الجاف الذي لا يبتسم، وإذا تبسم كأنه يقطر عليك بالقطارة، أو كأنه ينفق عليك من دمه ، أو كأنه يمن عليك بالبمسة، وبين من تلقاه بشوشاً طلقاً.
وجوههم من سواد الكبر عابسة كأنما أوردوا غصباً إلى النار
هانوا على الله فاستاءت مناظرهم يا ويحهم من مناكيد وفجار
ليسوا كقوم إذا لاقيتهم عرضاً اعكوك من نورهم ما يتحف الساري
تروي وتشبع من سيماء طلعتهم بوصفهم ذكروك الواحد الباري
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم يسري بها الساري
وفي صحيح مسلم أن معاوية بن الحكم السلمي دخل المسجد فصلي مع الصحابة وراء الرسول صلي الله عليه وسلم ، فعطس رجل، فقال معاوية ـ وهو لا يعرف الحكم ـ : رحمك الله!
فعطس ثانية.
فقال: رحمك الله.
فضرب الصحابة على أفخاذهم ينبهونه.
قال: ويل أمي ماذا فعلت؟
يريدونه يسكت فزاد في الكلام.
فلما سلم صلي الله عليه وسلم قال معاوية: فدعاني بأبي هو وأمي، فما رأيت معلما أحسن منه ولا أحلم منه ولا أرحم منه، ما كهرني ولا سبني ولا شتمني بل وضع يده على كتفي وقال: (( إن هذه الصلاة لا تصلح للكلام، وإنما هي لقراءة القرآن والذكر والتسبيح)).
وأي إبداع بعد هذا الإبداع؟
وأي لين بعد هذا اللين؟
أما الأصل الخامس فهو الطموح وعلو الهمة.
فقد ربي صلي الله عليه وسلم أصحابه علي التعلق بالعالي وترك السفاسف.
ولذلك تجد شبابهم وأطفالهم في زمن الرسول صلي الله عليه وسلم كانوا أصحاب همة عالية وطموح راق، فابن عباس مثلاً من طموحه أنه كان يتابع الرسول صلي الله عليه وسلم في بيت خالته ميمونة ليعلم كيف يقيم الليل وكيف يكون شأنه أثناء الليل.
وابن عمر رضي الله عنهما يتخصص في متابعة حركات وسكنات الرسول صلي الله عليه وسلم خارج بيته وهو لا زال صغير السن.
فلذلك حفظ كثير من السنن التي لم تأت إلا من طريقه.
وهكذا غيرهما.
فأين أولئك من أطفالنا في هذه السنين ؟
عندما اصبح أكبر طموحهم أن يجمعوا الطوابع أو يضيعوا الوقت في اللعب.
أو أن يكون أحدهم في الكبر تاجراً يملك الملايين أو صاحب منصب يتباهي به عند الناس.
ومن همة الصحابة أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان جالساً معهم يوماً من الأيام، فأخبرهم أن للجنة أبواباً ثمانية، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وهكذا..
فقال أبو بكر وهمته تحركه: يا رسول الله أيدعي أحد من تلك الأبواب جميعاً؟
قال صلي الله عليه وسلم : (( نعم يا أبا بكر وأرجو أن تكون منهم)).
من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويداً وتجيء في الأول
فيسألهم صلي الله عليه وسلم عن حاجتهم فكل منهم اختار شيئاً زائلاً
أنظر إلى الهمة والطموح.
فقال صلي الله عليه وسلم : (( أعني على نفسك بكثرة السجود)).

الراوي: ربيعة بن كعب الأسلمي المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 489
خلاصة حكم المحدث: صحيح


هذه نماذج من الهمة العالية التي غرسها صلي الله عليه وسلم في أصحابه.
والنماذج كثيرة من حياتهم الحافلة.
فواجب على كل مرب أن يغرس هذا المبدأ، مبدأ الطموح والهمة العالية في نفوس أبنائه وتلاميذه حتى يتربوا على حب المعالي والمنازل الرفيعة بدلاً من أن تجول طموحاتهم حول السفاسف والأمور الهزيلة.
والله أعلم ، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتبت : ~ عبير الزهور ~
-

إليكم أيها الآباء


الحمد لله الذي جعل الأبناء لعيون الآباء قرة.. وجعلهم لقلوبهم مسرة.. وجعل الأبناء في جبين السعادة درة.. وأوصي بهم وبتربيتهم في الكتاب والسنة كرة من بعد كرة.

والصلاة والسلام على خير الآباء أبي الزهراء .. سيد الأولياء .. وأعظم الأصفياء.. وأجل المربين التبلاء.

واشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلي الله عليه وعل آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أيها الآباء النبلاء.. إن من أعظم المواهب التي يهبها الله تبارك وتعالي للعيد أن يرزقه الذرية الصالحة الناصحة والأبناء النجباء الأتقياء، حينها تسعد في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

وهذا العطاء الرباني يصلح بسببين اثنين:

أولهما: قضاء وقدراً من الحي القيوم، وهداية منه تبارك وتعالي.

وثانيهما: سبب كسبي من العبد بالتربية والتعليم والتوجيه.


فإبراهيم الخليل دعا الله تبارك وتعالي أن يجنب أبناءه الشرك والوثنية: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) (ابراهيم:35) ، كأنه يقول: يا رب لا تجعل أبنائي وثنين ومشركين وفجرة ، حينها تنغص الحياة وتتكدر على، وتظلم الدنيا في عيني.

ويقول بعدها بآيات : (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (ابراهيم:37)، يا رب : أبنائي يقيمون الصلاة فلا تضيعهم يا رب.

أبنائي طائعين أتقياء أخيار فلا تجعلهم ضلالاً ومشركين.

ويقول في سورة البقرة يوم طلب الولاية من الله له ولأبنائه: ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)(ابراهيم: من الآية40)، فقال الله: ( لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(البقرة: الآية124).
ولو كان الأب خيراً باراً سعيداً تقياً فلن تنال ولاية الله ابنه الفاجر، لأن الله ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب ولا واسطة ولا شفاعة، ألا من ارتضي من عباده الأخيار.

وزكريا عليه السلام يشرف على الهرم ويدركه الشيب ويضمحل جسمه، فيلتفت إلى القبلة ويرفع أكف الضراعة إلى الحي القيوم ويقول: ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً(4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً) (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوب)(مريم: الآية4ـ6)


ويقول الله في سورة الكهف بعد أن حفظ للغلامين الكنز: ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً )(الكهف: الآية82).

ويمن الله على زكريا عيه السلام بهداية أبنائه فيقول: ( وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)(الانبياء: الآية90).

ومدرسة التوجيه والتربية في القرآن تعتمد على الوصايا النافعة لا على المبادئ المهزوزة الفاشلة، والتعاليم التي اسقيها أبناء المسلمين في هذا العصر، فنشأ جيل فاسق وفاجر إلا من رحم بك.

يقول لقمان لابنه وهو يعظه: ( يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان: الآية13) أي وصية هذه ؟
وأي تعاليم هذه التعاليم؟
وأي مبادئ هذه المبادئ؟

وتربية الأبناء أيها الآباء النبلاء الفضلاء الشرفاء تحصل في أمور أفرد بعض العلماء فيها تصانيف، ومن أجل ما تحصل به.. أمور:

أولها: اختيار الزوجة الصالحة.. ويوم تفشل في اختيار المرأة الصالحة سوف ينشأ النشء غير مستقيم ولا مهتد ولا مسترشد.

الأم مدرسة إذا أعددتـــها أعددت شعباً طيب الأعراق

الأم نبت إن تعاهده الحيــا بالري أورق أيما إيــراق

فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (( تنكح المرأة لأربع: لماها وانسبها ولجمالها ولدينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك)).

الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1466
خلاصة حكم المحدث: صحيح


فأهل فارس يتزوجون للجمال.

واليهود يتزوجون للنسب.

وأما أمة محمد عليه الصلاة والسلام فيتزوجون للدين وللاستقامة.
فالأم إذا كانت صالحة مرشدة نشأ أولادها حفظة لكتاب الله أخياراً إبرارأ سعداء، يتشرفون بحمل الرسالة ولا يخجلون إذا تلبسوا بالسنة.

والأمر الثاني: يحصل بذكر الله يوم أن يلتقي الرجل بالمرأة.

والأمر الثالث: يوم يقع رأس المولود.

فإن من هدي الإسلام مع هذا المولود أموراً كثيرة:
منها : أن الرسول صلي الله عليه وسلم لما ولد الحسين بن على أذن في أذنه.

لينشأ الطفل على لا إله إلا الله ، ولينشأ على الأذان ، وليغرس في قلبه معالم هذا الأذان ، وليجيب إليه المساجد والرياض الخضرة بتقوى الله وبذكر الله.

أذن صلي الله عليه وسلم في أذنه لتهتز بالوحدانية، ولينشأ قلبه على الصمدانية ، وليكون عبداُ لله من أول يوم.

ومما زادني شرفــــــاً وفخـــراً

وكدت بأخمصي أطأ الثريـــا
دخولي تحت قولك يا عبــــــادي
وأن صيرت أحمـــد لي نبينا

وفي بعض الآثار ونقل هذا عن عمر بن عبد العزيز ، أنه يقام في الأذن الأخرى فيؤذن في الأذن اليمنى ويقام في الأخرى.

ومنها : أن النبي صلي الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً كما في السنن، وقال عليه الصلاة والسلام: (( كل مولود مرهون بعقيقته يعق عنه يوم السابع)).

الراوي: سمرة بن جندب المحدث:الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 2580
خلاصة حكم المحدث: صحيح


ومنها: أن يحلق رأسه ويتصدق بوزنه فضة كما ثبت ذلك في الآثار والأحاديث الصحيحة.
ومنها: أنه صلي الله عليه وسلم سن للآباء تحسين الأسماء للأبناء النبي صلي الله عليه وسلم ففي الصحيح: (( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن)).

فليكن اسم ابنك جميلاً، اسماً إسلامياً عربياً قوياً، لا اسماً فيه أنوثة، ولا اسماً فيه تدليع وتدليل، ولا اسماً مستورداً من الخواجات والعملاء والضلال أبناء الوثنية.

ورد عنه صلي الله عليه وسلم أن الناس اختاروا الأسماء الطيبة البديعة المليحة الحسنة، لتكون عنواناً لكم يوم القيامة ويوم العرض الأكبر تدعون بها.

وسنن الإسلام كذلك أن يربي الطفل على تقوى الله، وأن تغرس في قلبه طاعة الله، وأن تزرع في قلبه شجرة الإيمان.

فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول لابن عباس وهو طفل كما في الترمذي بسند حسن: (( احفظ الله يحفظك)).

ومن أدب الإسلام وهديه مع الأطفال أنه إذا بلغ الطفل السابعة يؤمر بالصلاة، فيقول له الأب: صل معي.. هيا إلى المسجد ... حتى يعتاد ذلك.

ويوم أن يعرف الابن طريق المسجد فلن يعرف طريق السجن ولا الحبس أبداً، ولن يعرف طريق الخمارة ولا المقاهي اللاهية ولا المنتزهات الاغية، ولا جلساء السوء ولا الليالي الحمراء.

فإذا بلغ العاشرة أمر لأمراً جازماً .. واستخدم معه الضرب.

هذه تعاليم سماوية ومبادئ أصلية جليلة لا بد أن تكتب في الصدور لا في السطور.

فإذا ما ترعرع ، فاستصحبه دائماً واحضر به جلسات الخير ومنديات البر ومعالم التوحيد ومحاضرات التوجيه والتربية، ولا تتركه لاعباً ولاهياً في السكك وتأتي أنت تتعلم.. كأنك تهدم من شق وتبني من شق.

ومن الأمور التي يؤكد عليها الإسلام وهي في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم أن يكون الأب قدوة لابنه.

ولم يفشل كثير من الآباء في تربية أبنائهم إلا يوم أن ربوهم بالقول وتركوا الفعل والعمل، (َتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:44)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:2).

يريد من ابنه أن يكون صادقا بالقول، لكن هذا الأب كاذب يتعدى حدود الله في العمل.

يريد من ابنه أن يكون مصلياً محافظاً على الصلوات الخمس في الجماعة، ولكن هذا الأب لا يعرف المسجد أبداً.

فكيف يهتدي؟

إن الابن في مرحلة الشبيبة يقلد أباه تقليداً تاماً، فمن الهدى ومن الخير ومن السداد والمصلحة يا عباد الله أن نكون قدوة لأبنائنا في البيوت نأمرهم بالخير ونأتيه، وننهاهم عن المنكر ونجتنبه، ليصلح الله لنا الظاهر والباطن.

ومن الأمور المهمة: تعليم الأبناء تعليماً شرعياً يعتمد على الكتاب والسنة.. لا تعليماً ثقافياً سامجاً لا يقود إلى المسجد ولا يجيب إليهم طاعة الله وطاعة رسوله صلي الله عليه وسلم ، ولا يجنبهم المعاصي.

فينبغي عليك أن تحرص على تحفيظه كتاب الله منذ الصغر ليكبر وقد حفظ وفهم في دين الله ونال الأجر العظيم الذي لن ينساه لك ما دام حياً.

وكذلك ينبغي اختيار الصحبة الصالحة له.. وعدم تركه يتخير من شاء من زملائه الذين قد يكونون من غير أهل الاستقامة والصلاح، لأنه:

عن المرء لا تســال وسل عن قريـنه
فكل قرين بالـــمـــقارن يقتدي

أسال الله أن يصلح للجميع أبناءهم ليكونوا قرة عين لهم وسعادة في الدنيا والآخرة.

والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الصفحات 1 2  3  4 

التالي

لماذا يوضع الهلال على مأذة المسجد

السابق

صاحبة الفستان العاري ماذا تعرضين ؟

كلمات ذات علاقة
أسس , التقوى , الصحى , القرني , تحت , على , عائض