من شمائل وخصائص الرسول صلى الله عليه وسلم الصبر
مجتمع رجيم / السيرة النبوية ( محمد صلى الله عليه وسلم )
الصغير عند الفطام يرضى بالفطام سريعاً، فلابد أن نعطيه الصبر، وأن نمنعه، وأن نتركه يبكي حتى يجتاز مرحلة معينة، ثم هو بعد ذلك لو عرض عليه الرضاع يأبى .3- الصبر على ما يجري به القضاء من البلاء: قد يُبتلى الإنسان بمرض، وقد يبتلى بخوف، وقد يبتلى بأمور كثيرة كما أخبر الحق سبحانه وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:156،155) وأعظم ما يبتلى به الناس: زوال هاتين النعمتين نعمة الأمن ونعمة الرزق.
وأكثر ما منّ الله به على العباد عموماً، وعلى أهل البلاد المقدسة في الحرمين خصوصاً نعمة الأمن والرزق: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} (القصص: لآية57).
وقال الله عز وجل: {وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} (العنكبوت: من الآية67)، فإذا سلبت نعمة الأمن حل الخوف.
سئل أحد الحكماء العلماء: ما السرور؟
قال: الأمن، فإني لم أر لخائف نعيماً.
ما فائدة أن يكون عندك مال وأنت لا تأمن عليه، أو لا تأمن على روحك أو عرضك؟!!!.
ليس هناك أي أثر لأي نعمة، إذا سلبت نعمة الأمن نسأل الله عز وجل أن يحفظ علينا أمننا وأماننا.
وأيضاً نعمة الرزق ووفرته، وقد استعاذ النبي عليه الصلاة والسلام من الجوع وقال: (وإنه بئس الضجيع)، الضجيع يعني الذي يكون معك تضطجع فهو معك، فإذا كان الجوع معك لا شك أنه لا يجعل الإنسان يستطيع أن يفكر، ولا أن يهنأ ولا أن يسعد، ولا أن تتعلق أيضاً نفسه وقلبه حتى بطاعة الله على الوجه المطلوب.
الإنسان إذا ضاقت عليه أسباب الرزق عظم همه، وانشغل فكره واضطرب حاله وضاق صدره، ولم يكن عنده شيء مما يحتاج إليه من الطمأنينة والاستقرار، ولذلك من أعظم الأسباب على مواجهة البلاء هو الصبر والرضا بالقضاء.
ولذلك يتنوع الصبر في أحكامه ليشتمل على الأحكام الخمسة كلها:
1- صبر واجب: وهو الصبر عن المحرمات، والصبر على الواجبات المفروضة.
2- صبر مندوب: وهو الصبر عن المكروهات، والصبر على المستحبات من النوافل والسنن والتطوعات.
3- صبر محرم: وهو أن يصبر على ما فيه هلاكه، كأن يترك الطعام والشراب حتى يهلكَ أو حتى يصيبه الضرر وهذا لا يجوز.
4- صبر مباح: والمباح يعني في الأمور التي يستوي فيها الطرفان كما يقولون.
منزلة الصبر:
وللصبر منزلة عظيمة في كتاب الله، وقد ذكر كثيرا،ً وذكر في حالات سنرى مدى أهميتها ونفعها وسنحاول أن نذكر بها في واقعنا خصوصاً وواقع المسلمين عموماً.
أمر الله عز وجل بالصبر، وأمر به رسله وأنبياءه، وأمر به صفوتهم وخاتمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جل وعلا: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّه} (النحل: الآية 127)
وقال له سبحانه وتعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} (يونس: 109).
ونلاحظ هنا أن الأمر بالصبر مرتبط إيقاعه ووجوده وتحققه بعون الله عز وجل، فنحن نصبر لله يعني لوجه الله، ونصبر بالله يعني بإعانة الله لنا على الصبر، نحن نقول: صبر لله، وبالله، وعلى الله.
ثم جاء الأمر بالصبر ليس بهذه الصيغة فقط، بل جاء بالأمر بأشد أنواع الصبر، يعني عند وجود الشدة العظيمة جاء الأمر بالصبر أيضاً كما في قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (طه: الآية 132).
ما قال: (واصبر) بل قال: (واصطبر) وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى كما يقول أهل اللغة، يعني يحتاج هذا الأمر إلى زيادة صبر، ولذلك قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا واتقوا الله} (آل عمران: الآية 200).
وجاء الأمر بالصبر على سبيل بيان أنه مما يعين، ويخفف عن الإنسان وطأة ما يعارضه، أو يعرض له يقول الحق عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ } (البقرة: الآية 153).
وقدم الصبر لأنه بداية، والصلاة كأنها تعين على هذا الصبر كما ذكر الوحي في الأمر السابق وكما ذكر: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّه} (النحل: الآية 127).
ابدأ أنت بعزيمتك وقوتك وإرادتك وسوف يأتيك المدد والعون من الله تثبيتاً وتقوية وإعانة على ملازمة الصبر، وتحتاج إلى قوة معنوية وإلى مدد رباني فهذه الصلاة تمدك بذلك.
ثم ننظر إلى مسألة ثالثة وهي مهمة، فالآيات قرنت بين الصبر وبين غيره من المقامات العظيمة، وكل ربط في هذا الصبر سنجد فيه معنى عظيماً، وأعظم هذه المعاني التي ارتبط بها الصبر وهي من أجل ما هو متعلق بحياة الناس (اليقين).
قال ابن القيم: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
والدليل قوله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} (السجدة: 24).
وجعلت صيغ وألفاظ أخرى تؤدي معنى الصبر، فالثبات من الصبر: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} (الأنفال: الآية45)، فالثبات هو نوع من الصبر.
وأخبر الله سبحانه وتعالى، أن الأمر بالصبر أمر بترك ضده، كما قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} (الأحقاف: الآية 35).
عكس الصبر هو الجزع والسرعة التي يريد بها الإنسان أن يحقق النتائج، وأن تنتهي المعضلة التي يواجهها، والله عز وجل يمحص ويبتلي ويختبر، ويجعل من هذا البلاء سبباً لظهور ما في الخفاء.
لكن كيف يظهر ما في هذا الخفاء؟
يظهر إذا وجد البلاء، والابتلاء حينئذ وعند هذه المواقف سوف يظهر الصادق من الكاذب، ومن سيثبت ومن سيتقاعس، فالمخلص سيصر ويمضي ويعمل ويبقى في طاعة الله عز جل، والمنافق سوف يتخلى ويبتغي غير وجه الله عز وجل، فالبلاء فيه خير:
{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} (آل عمران: الآية179).
والله عز وجل قال: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (آل عمران: 141).
الله عز وجل يعلم أن هؤلاء منافقين، لكن كيف ينزل بهم العذاب أو الابتلاء والعقاب والناس يقولون: مستحقين؟
كما قال الله عز وجل:{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} (الأنفال: الآية 42). وهذا من أسرار هذا المعنى.
وحتى يثبت هذا الصبر وتتعلق به القلوب وتطلبه النفوس، لابد من جزاء فالنفوس مفطورة على ذلك، والله عز وجل يعلم طبائع النفوس فجعل على الصبر ثواباً جزيلاً وعطاء عظيماً، وخص الصبر بأن جزاءه غير محدود لا نهاية له كما قال عز وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: الآية 10).
وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أعطي أحد عطاء أوسع من الصبر).
بمعنى أنه أعظم شيء يعطى؛ لأنه يفسح لك في كثير من الأعمال والخيرات، إذا كنت صابراً أديت الفرائض والطاعات، ولم تكن ثقيلة عليك ولم تتقاعس عنها، إذا كنت صابراً زدت من التطوعات والنوافل وغير ذلك، إذا كنت صابراً تركت المحرمات، إذا كنت صابراً فتحت لك أبواب من الخير عظيمة تنال بها أجراً عظيماً.
مثل الطالب أيام الامتحانات، فإنه يتعب عندما يذاكر ويشدد على نفسه فيترك مألوفاته من كثرة النوم إلى قلة النوم، ومن كثرة الطعام إلى قلة الطعام، ومن كثرة مخالطة الناس إلى الانعزال وحده.
ألا يشق ذلك عليه؟
فماذا يقول؟
صبر أيام وبعدها ينال النتيجة، ويحصل على الجائزة، ويرقى إلى الدرجات العالية، ولذلك يفكر العاقل دائما بأن الصبر له ثمرة ونتيجة، يقول سبحانه وتعالى: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ}(النساء: الآية 125)
لأن الناس قد يرون في ظاهر الصبر صعوبة أو مضرة، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لهم} الحجرات: الآية 5).
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (النحل: 128،127).
فالصبر عاقبته محمودة إلى أقصى حد دنيوية كانت وأخروية، ويظهر أثره في الحياة الدنيا في عدة جوانب من أعظمها: الإمامة في الدين: لماذا قلنا بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين؟
وما سر ربط الصبر باليقين؟
{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ} (التوبة: من الآية 52)، ما هي إحدى الحسنيين؟
إما النصر وإما الشهادة، ففي كلا الأمرين هناك مكسب وربح.
وربط الله الصبر بالتوكل فقال: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (النحل: 42).
والتوكل هو الاعتماد على الله، ولا يمكن أن تصبر إلا إذا وجد هذا الاعتماد والثقة بالله سبحانه وتعالى، وتفويض الأمر إليه، نحن ماذا نقول عندما تحل بنا مصيبة أو تواجهنا صعوبة؟
نقول (إنا لله وإنا إليه راجعون) هل تفكرنا في معناها؟
إنا لله: نحن لله، نحن من الله، والعاقبة في آخر الأمر، وإنا إليه راجعون: يعني نحن منه بأمره وقدره ونعمته وجدنا وسننتهي إليه، إذن ما الذي يخيفنا؟.
ألا ينزل هذا برد اليقين على قلوبنا؟
ألا ندرك أن المتصرف في الأمور هو الله سبحانه وتعالى وأنه لا يقع في ملكه إلا ما أراده، وأن كل قوى الأرض إن جاءت فإنها لا تستطيع أن تلحق ضرا أو تعطي نفعا إذا لم يكن ذلك بقضاء الله وقدره.
ويرتبط الصبر بذكر الله عز وجل، لأن الذكر يفيض الطمأنينة ويقوي العزيمة: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} (الطور: 48).
وكما قال عز وجل:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِبْكَارِ} (غافر: 55).
الذكر يجعلك تتذكر الله عزوجل فتقول: أنا أصبر لله راجيا ثواب الله، عندما تذكر الله سبحانه وتعالى يتحقق لك ذلك.
ولا يرتبط الصبر باللسان أو القول فقط، بل يرتبط بالأعمال الصالحة كذلك، كما قال عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (هود: من الآية 11).
ويرتبط الصبر بالتقوى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} (آل عمران: من الآية 120)، وكما قال عزوجل في قصة يوسف عليه السلام: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (يوسف: من الآية 90).
بين الصبر والتقوى معان متقاربة {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} فكيد الأعداء ومكرهم وقوتهم وبطشهم إذا وجد معه الصبر والثبات، ووجد معه تقوى الله باحتساب الأجر والإخلاص له سبحانه وتعالى وابتغاء مثوبته وبيان أن هذا الصبر إنما هو لإعزاز دينه ولرفع رايته أو للذود عن حرماته، فإن هذا هو أقوى وأعظم ما يصرف الكيد ويبطله، وما يجعل أهل الإسلام والإيمان في قوة لا يستطيع الأعداء أن ينالوا منها، وفي ثبات لا يمكن زعزعته، وفي رسوخ لا يمكن نقضه أو خلعه.
ورد في القرآن وصف الصبر بأنه جميل، كما قال عز وجل: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (يوسف: من الآية 18).
ما الصبر الجميل؟
هو الصبر الذي لا شكوى معه، بعض الناس بعد أن تأتي المصيبة يتسخط ويتشكى، وفي الأخير يقول: أمرنا لله نصبر، هذا صبر بعد شكوى ولا يكون صبرا جميلا.
صبر أيوب:
الناس يقولون دائما صبر أيوب، فهل صبر أيوب أعظم أم صبر بعض الأنبياء غيره؟
هذا من المشتهرات التي ليست موافقة للصواب، صبر نوح عليه السلام على سبيل المثال أعظم من صبر أيوب، لماذا؟
ليست المدة وليس لأنه لم يدع، ولكن لأن صبر أيوب كان صبر اضطرار لا صبر اختيار، ابتلي بالمرض فلم يكن أمامه إلا الصبر، أما نوح عليه السلام فكان صبره صبر اختيار، كان يمكنه أن يترك العمل ويترك الدعوة خاصة بعد أن طالت المدة ألف سنة إلا خمسين عاما، شيء عجيب جدا، صبر هائل وضخم وعظيم.
صبر أيوب لاشك أنه كذلك، لكن انظروا أدب الأنبياء، لم يدع مباشرة، قالوا: كان دعاؤه بعد مرور سبع سنوات، وعندما دعا قال: {رب إَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} (الأنبياء: من الآية83).
من الذي أصابه بالضر؟
الله سبحانه وتعالى، لكنه لم يقل ذلك أدبا مع الله قال: {رب إَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}، هذا حالي أصابني المرض والضر وأنت أرحم الراحمين.
هذا من أعظم حسن الأدب مع عظمة الثناء على الله عز وجل وحسن المسألة.
إذا نظرنا إلى هذا الصبر وجدنا أثره عظيما في حياة الناس والحاجة إليه ملحة، ونختم بما كان من حال النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه من حديث خباب بن الأرت لما جاء إلى النبي عليه الصلاةوالسلام بعد أن اشتد الأذى والبلاء يقول للرسول: ألا تدعو لنا؟
ألا تستنصر لنا؟
فماذا قال الرسول؟
وافقه؟ قال: (إنه كان فيمن كان قبلكم يوضع المنشار في مفرق رأسه ثم ينشر حتى يفلق إلى نصفين ما يصده ذلك عن دينه، وإنه كان في من قبلكم يمشط بأمشاط من حديد ما بين لحمه وعظمه لا يصده ذلك عن دينه) ثم قال: (والله ليسيرن الراكب من صنعاء إلى لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم قوم تستعجلون).