إذا انتصف شعبان فلا تصوموا

مجتمع رجيم / فتاوي وأحكام
كتبت : منتهى اللذة
-
13713214201.gif

فتوى حديث إذا انتصف شعبان فلا تصوموا

السؤال :
ما صحة حديث:" إذا انتصف شعبان فلا تصوموا".

الجواب :
هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم، واختلف الأئمة في ثبوت الحديث، فمنهم من صححه، ومنهم من أنكره، والذين صححوه أخذوا بظاهر حال الإسناد وممن صححه الترمذي وابن حبان والحاكم وابن العربي وابن عبدالبر ومن المعاصرين ابن باز والألباني رحمهم الله.

والذين ضعفوه أعلوه بالنكارة، وهي تفرد العلاء بن عبدالرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه، والعلاء قال عنه ابن حجر في التقريب "صدوق ربما وهم" ، مع معارضة حديث العلاء لحديث أبي هريرة الآخر المتفق عليه:"لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين" ومفهومه جواز صيام ما قبل آخر يومين من شعبان.

والذين أنكروه هم أكبر علما - كما وصفهم ابن رجب - وعلى رأسهم الإمام أحمد وعبدالرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي وابن معين وأبو داود والأثرم.

وممن ضعف الحديث أيضاً من المتأخرين: الذهبي وابن رجب رحمهم الله.

قال ابن حجر في الفتح (4/129) :"وقال جمهور العلماء: يجوز الصوم تطوعاً بعد النصف من شعبان، وضعفوا الحديث الوارد فيه، وقال أحمد وابن معين إنه مُنْكر, وقد استدلَّ البيهقيُّ بحديث الباب على ضعفه، فقال:الرُّخْصَةُ في ذلك بما هو أصح من حديث العلاء، وكذا صَنعَ قَبْلَهُ الطَّحَاوِيّ"اهـ.

والحمد لله رب العالمين.

د. يوسف بن عبدالله الأحمد
أستاذ الفقه المساعد بجامعة الإمام . الرياض


13713214202.gif

ذكر من صححه و ضعفه من العلماء

اختلف العلماء في هذا الحديث بين مصحح له و مضعف، فممن صححه الترمذي، إذ قال فيه: حديث حسن صحيح، وابن حبان؛ حيث أخرجه في صحيحه، و أبو عوانة[انظر: المقاصد الحسنة للسخاوي رقم (55)]، و الطحاوي، و ابن عبد البر[الاستذكار (239/10)]، و الموفق بن قدامة[نقله عنه ابن مفلح في الفروع (118/3)]، و من المعاصرين: الشيخ أحمد شاكر[في تعليقه على تهذيب السنن (225/3)]، و الشيخ ابن باز، و الشيخ الألباني[صحيح الجامع (397)]، قالوا: "إسناده على شرط مسلم".

و ممن ضعفه عبد الرحمن بن مهدي، و الإمام أحمد، و أبو زرعة الرازي، و الأثرم[لطائف المعارف (ص142)]، و الخليلي[الإرشاد (219/1)]، و الذهبي[سير أعلام النبلاء (187/6)]، و ابن رجب[لطائف المعارف (ص142)].

قال الإمام أحمد: "هذا الحديث غير محفوظ، و سألت عنه ابن مهدي فلم يصححه، و لم يحدثني به، وكان يتوقاه، وقال: العلاء ثقة، لا ينكر من حديثه إلا هذا"[سؤالات أبي داود (2002)، ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح كتاب الصيام من العمدة عن حرب عن الإمام أحمد (649/2)].

و قال البرذعي: "شهدت أبا زرعة الرازي ينكر حديث العلاء بن عبد الرحمن (( إذا انتصف شعبان )) و زعم أنه منكر"[سؤالات البرذعي لأبي زرعة ضمن كتاب جهود أبي زرعة في الحديث (388/2)].
و قال أبو داود: "أنكروا على العلاء صيام شعبان"[تهذيب التهذيب (346/3) ط/ الرسالة].

13713214202.gif

ما أعل به الحديث

هذا الحديث أُعِلَّ بثلاث علل:
العلة الأولى: تفرد العلاء به.
و قد سبق كلام النسائي و الترمذي في ذلك، و قال ابن القيم: "لم يتابع العلاء عليه أحد، بل انفرد به عن الناس، و كيف لا يكون معروفا عند أصحاب أبي هريرة، مع أنه أمر تعم به البلوى، و يتصل به العلم ؟!"[تهذيب السنن (223/3)].
و أجيب عن هذا من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا التفرد لا يضر؛ لأنه من ثقة، قال ابن القيم: "وأما المصححون له، فأجابوا عن هذا بأنه ليس فيه ما يقدح في صحته، و هو حديث على شرط مسلم، و قد أخرج مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، و تفرده به تفرد ثقة بحديث مستقل، و له عدة نظائر في الصحيح.

قالوا: و التفرد الذي يعلل به هو تفرد الرجل عن الناس بوصل ما أرسلوه، أو رفع ما وقفوه، أو زيادة لفظة لم يذكروها، و أما الثقة العدل إذا روى حديثا وتفرد به لم يكن تفرده علة، فكم قد تفرد الثقات بسنن عن النبي صلّى الله عليه و سلّم عملت بها الأمة !"[تهذيب السنن (223/3_224)].

الوجه الثاني: أن العلاء لم يتفرد به، بل تابعه محمد بن المنكدر، كما عند الطبراني في الأوسط (1936)، وابن عدي في الكامل (226/1).
و لكن هذا الجواب غير مسلم، بل عليه أجوبة:


أولا: قول ابن القيم: إنه على شرط مسلم، فهو كذلك، و لكن من شرط الحديث الصحيح -زيادة على اتصال إسناده وثقة رواته- سلامته من الشذوذ و العلة، و هذا الحديث لم يسلم من الشذوذ، كما سبق عن عبد الرحمن بن مهدي و الإمام أحمد.
و أما رواية مسلم عنه في صحيحه، فالجواب عنه قول الخليلي: "قد أخرج له مسلم في الصحيح في المشاهير من حديثه، دون هذا و الشواذ"[الإرشاد (219/1)].

ثانيا: أن العلاء ليس في الدرجة العليا من الثقة، قال فيه أبو زرعة: "ليس هو بأقوى ما يكون" و قال أبو حاتم: "صالح روى عنه الثقات، و لكن أنكر من حديثه أشياء"[انظر: تهذيب التهذيب (346/3)].
و لذلك قال فيه الذهبي: "صدوق مشهور"[ميزان الاعتدال (102/3)]، و قال فيه ابن حجر: "صدوق ربما وهم"[تقريب التهذيب رقم (5247)]. فحديثه من درجة الحسن، و لذلك قال الذهبي فيه: "لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، لكن يتجنب ما أنكر عليه"[سير أعلام النبلاء (187/6)]، و هذا الحديث مما أنكر عليه الأئمة.

ثالثا: متابعة ابن المنكدر لا يفرح بها؛ فالطبراني رواه من طريق عبيد الله بن عبد الله المنكدري قال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن يعقوب الحرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه، و هذا الإسناد فيه علتان:
الأولى: عبد الله بن المنكدر، فهو مجهـول، يروي عن أبيه ما لا يتابع عليه[انظر: الضعفاء للعقيلي (303/2)، ميزان الاعتدال (508/2)].
الثانية: أن أباه المنكدر بن محمد لين الحديث[انظر: الكاشف (5745)، و التقريب (6916)]، قال أبو حاتم: "كان رجلا صالحا لا يفهم الحديث، وكان كثير الخطأ، لم يكن بالحافظ لحديث أبيه"[تهذيب الكمال (564/28)].
و روايته هنا عن أبيه، و إلى هذا أشار الطبراني بقوله بعد الحديث: "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا ابنه المنكدر، تفرد به ابنه عبد الله".
و أما إسناد ابن عدي فهو أشد ضعفا من إسناد الطبراني؛ لأن فيه محمد بن إبراهيم، رماه بالكذب الإمام مالك ويحي بن سعيد، و قال فيه أحمد: "قد ترك الناس حديثه، كان قدريا معتزليا، وكان يروي أحاديث منكرة، ليس لها أصل"[الكامل (226/1)].

العلة الثانية:مخالفة هذا الحديث لما هو أصح منه، كحديث: (( لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه ))، و هو في الصحيحين.
و بهذا أعله عبد الرحمن بن مهدي و أحمد، قال أبو داود: "وكان عبد الرحمن لا يحدث به، قلت لأحمد: لِمَ ؟ قال: لأنه كان عنده أن النبي صلّى الله عليه و سلّم كان يصل شعبان برمضان، و قال عن النبي صلّى الله عليه و سلّم خلافه"[سنن أبي داود (2337)، ومسائل أبي داود (2002)]، و قال الأثرم: "الأحاديث كلها تخالفه"[لطائف المعارف (ص142)].

و أجاب المصححون للحديث عن هذه العلة بأن المخالفة ليست من كل وجه، بل يمكن الجمع بين هذا الحديث و غيره مما يعارضه، و الجمع بين النصوص و إعمالها جميعا أولى من إسقاط بعضها؛ بترجيح بعضها على بعض، و أوجه الجمع كثيرة، منها:

الوجه الأول: قول الترمذي: "و معنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم، أن يكون الرجل مفطرا فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم؛ لحال شهر رمضان، و قد روي عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه و سلّم ما يشبه قولهم؛ حيث قال صلّى الله عليه و سلّم: (( لا تقدموا شهر رمضان بصيام، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم )) و قد دل في هذا الحديث أنما الكراهية على من يتعمد الصيام لحال رمضان" انتهى من السن.
الوجه الثاني: أن النهي في حديث العلاء محمول على نفي الفضيلة، وغيره محمول على بيان الجواز[نقله ابن مفلح في الفروع (118/3) عن ابن قدامة].
الوجه الثالث: أن حديث العلاء يدل على منع الصيام على من تعمد الصوم بعد النصف لا لعادة، و لا مضافا لما قبله، و ما يخالفه يدل على مشروعية صيام نصفه مع ما قبله، و على الصوم المعتاد في النصف الثاني، و يشهد له حديث (( لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين... ))[انظر: تهذيب السنن (224/3)، فتح الباري (253/4)].

و أجاب المضعفون للحديث عن هذا بأن الجمع بين النصوص من شرطه ثبوتها جميعا، و حديث العلاء قد ضعفه أئمة كبار، فلا حاجة للجمع بينه و بين ما اتفق على صحته.


العلة الثالثة: أن العلاء متكلم فيه، قال فيه ابن معين: "ليس حديثه بحجة"، و قال: "ليس بذاك، لم يزل الناس يتوقون حديثه"[التهذيب (346/3)].
قال المنذري: "و يحتمل أن يكون الإمام أحمد إنما أنكره من جهة العلاء بن عبد الرحمن؛ فإن فيه مقالا لأئمة هذا الشأن، وقد تفرد بهذا الحديث"[مختصر سنن أبي داود (224/3) مطبوع مع تهذيب السنن].
و أجيب عن هذا بأن العلاء و إن تكلم فيه ابن معين، فقد وثقه أحمد و ابن عدي و ابن حبان[انظر: تهذيب التهذيب (346/3)]، ثم إن ابن معين من المتشددين في تقويم الرجال، و قد أخرج له مسلم في صحيحه، و روى عنه مالك مع شدة تحريه و انتقاده للرواة، وكذا روى عنه شعبة، و هو من هو في هذا الشأن[انظر: تهذيب السنن (224/3)].

و الجواب عن هذا ما سبق من كلام أهل العلم في العلاء بن عبد الرحمن، و خلاصة ذلك أن حديثه من مرتبة الحسن، و أنه إذا خالف من هو أوثق منه فخبره مردود.


الخلاصة:
الذي يظهر أن هذا الحديث لا يثبت، و لو صححه من صححه من أهل العلم، فقد ضعفه أئمة كبار، كابن مهدي وأحمد و أبي زرعة، و ابن رجب و الذهبي، و العلم عند الله تعالى.

13713214202.gif

تنبيهات و فوائد


أولا: قد روي هذا الحديث بألفاظ، منها: (( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ))، و روي بلفظ (( إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان )).
قال ابن القطان: "و بينهما فرق؛ فإن الذي ورد من قوله (( فأمسكوا )) نهي لمن كان صائما من التمادي، و لفظ الخبر عند الترمذي (( فلا تصوموا )) نهي لمن كان صائما و لمن لم يكن صائما عن الصوم بعد النصف" اهـ[بيان الوهم و الإيهام (187/27)].
ثانيا: أنكر العلامة أحمد شاكر أن يكون الإمام أحمد أنكر هذا الحديث، و استند في ذلك على أمرين:
أحدهما: أن أبا داود لم يذكر ذلك في السنن.
ثانيهما: أنه لم يجد هذا الكلام في مسائل أبي داود[تهذيب السنن (225/3) الحاشية].

أما الأول فمسلم، فإنه لا يوجد في السنن المطبوعة الآن كلام الإمام أحمد، و لكنه موجود في مسائل أبي داود[رقم (2002) من طبعة مكتبة ابن تيمية بتحقيق طارق عوض الله]، و لعل النسخة التي اطلع عليها الشيخ سقط منها كلام أحمد.
ثالثا: ذكر السخاوي أنه ألف جزءا في هذا الحديث[انظر: المقاصد الحسنة (ص82)]، و لا أعلم هل هو مطبوع أو لا.

13713214202.gif
هذا آخر ما تيسر جمعه و نقله، و الحمد لله أولا وآخرا، و سبحانك اللهم و بحمد أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك و أتوب إليك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
خير الدين مبارك عوير

( الموضوع من تجميعي )
كتبت : جنه الفردوس ..
-

مِنْ هنآ أقدمٌ لكـ بآقـة وردْ ومحبـة خآلصـة لله تعآلىٌ
وٍنحن دوٍمآ نترٍقبٌ آلمَزٍيدْ
ودٍيٌ قبْلٌ رٍدْيٌ
وسَلآإميٌ
جزاك الله كل الخير والبركه ونفع بكي على الموضوع المييز

والمهم التعرف عليه ايضا احلى تقييم لعيونك
كتبت : Hayat Rjeem
-
بارك الله فيكِ اختى وجعله فى ميزان حسناتك
كتبت : منتهى اللذة
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة جنه الفردوس ..:

مِنْ هنآ أقدمٌ لكـ بآقـة وردْ ومحبـة خآلصـة لله تعآلىٌ
وٍنحن دوٍمآ نترٍقبٌ آلمَزٍيدْ
ودٍيٌ قبْلٌ رٍدْيٌ
وسَلآإميٌ
جزاك الله كل الخير والبركه ونفع بكي على الموضوع المييز

والمهم التعرف عليه ايضا احلى تقييم لعيونك

شكرا لك
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله خير الجزاء
دمتِ برضى الله وحفظه ورعايته


كتبت : منتهى اللذة
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة عين الحياة.:
بارك الله فيكِ اختى وجعله فى ميزان حسناتك


شكرا
على المـــرور
جزاك الله خيـرا


كتبت : فاطمة عمران زكريا
-

الصفحات 1 2 

التالي

القراءة على العسل للشفاء

السابق

هل المرأة في عدتها تمنع من أن تمشط شعرها ؟

كلمات ذات علاقة
انتصف , تصوموا , شعبان , فما , هذا