،’
align="right"> الحمد لله وحده، وبعد: فلم يَعُد الكلامُ في مدى التأثير الواسع ل التواصل الاجتماعيِّ (تويتر) نافلةً من القول، بل تعدَّاه إلى أن أصبحَ من سَهْوِه، وذلك لإدراك كثيرٍ ممن يُتابعُ ماجريات الحياة ومُجريات الأمور أثرَه الواسع سلبًا وإيجابًا، بل وتأثيره على الرأي العام، واتخاذ القرارات.
ومن نعم الله العظيمة دخولُ ثُلَّةٍ من أهل العلم والفضل والدعوة بابَه، للمساهمة في نشر الخير، وبثِّ العلم، وحماية المقدَّس، والذود عن جناب الشريعة؛ فجزاهمُ الله خيرًا على ما يكتبون ويبذلون.
ومِنْ بابِ تذكير المفضول للفاضل، وتنبيه الأصاغر للأكابر أحببتُ أن أكتبَ خواطرَ للمغرِّدين من أهل الخير أسميتُها تجوُّزًا (وصايا)، وأضعها في نقاطٍ مُرَقَّمة؛ رجاءَ الترتيب والإفادة، وقد كتبتُها ارتجالاً بعفو الخاطرِ وإملاء الذهن بعيدًا عن التنميق والحذلقة، فلك أيها القارئ الكريمُ المغنمُ وعليَّ المغرمُ، وإنَّما هي آراءُ من كاتبها غيرُ ملزِمةٍ، ولا تحتاجُ إلى مناقشةٍ عند الاختلاف، فما تراه صوابًا فخذه، وما تراه خطأً فدعْه، ولِكُلٍّ وجهةٌ هو مولِّيها.
وهذه الوصايا التي سأكتبها تتقدمها وصيَّة الله العظمى للسابقين واللاحقين: تقوى الله، تقوى الله في كُلِّ ما نكتب، في كل ما ننقل، في كل ردٍّ، والتجرُّد من الهوى جليِّه وخفيِّه.
أقول مستعينًا بالله:
1- أساسُ البنيان، وقاعدةُ النجاة؛ إخلاص النيَّةِ لله؛ فحرفٌ صادقٌ خيرٌ من ألفِ كتابٍ، وأنفعُ لأولي الألباب، وربما طارتْ أحرف يسيرة بين الناس، وسارت بها الركبان ببركة إخلاص كاتبها. ولا تضجرْ– أُخَيَّ - من كثرة التكريرِ والتذكير بعظيم هذا الأمر، فالأمر خطيرٌ جِدًّا، فـ(تويتر) طريقٌ مختصرٌ لشهرةٍ قد تُردي صاحبها.
2- لا تكتب إلا ما ترجو نفعَه، مستصحبًا رجاء ما عند الله فحسب.
3- لا يكن همُّك إعادةَ النشر (الريتويت) فهذا مزلقٌ عظيم، (فإن جاءك وأنتَ غير مستشرفٍ له) فالحمدُ لله، أما إذا رأيتَ نفسَك تكتُبُ؛ ليُرتوَت لك فحسب لا همَّ لك سوى ذلك، فراجع نيَّتَك، وقد تفعل وتخسرُ أمرين: الأجر من الله، وفوات ما تريده من (الريتويت). فلا بالأجر ظفرت، ولا على (الريتوت) حصلت.
وكما قال أحدهم: (رُبَّ تغريدةٍ أريد بها وجهُ الريتويت!) .
4- يحسنُ التوقف بين الفينة والأخرى عن التغريد؛ لمحاسبة النفس، والنظر في مدى انضباط النيَّة، فللغفلة رينٌ على القلبِ يطمسُ نورَ الغايات الشريفة.
5- تيقَّنْ أنَّ المخلصَ في تغريده هو الفائزُ وإنْ قلَّ متابعوه، وغيرُه خاسرٌ وإن كثرُ متابعوه.
6- أكثرُ أهل العلم وطلابه ودعاة الخير إنما دخلوا هذا الَ؛ لما لمسوا فيه من تأثير، أو دلَّهم عليه إخوانُهم، فأولى ما انصرفت إليه همَّة المغرِّد أن يكتبَ ما يُحسنه وما يفيد، لا أن يصيرَ الُ استراحةً يغلبُ فيها أحاديثُ الطرائف وما لا ينفع، فالكتابةُ فيه من الدعوة إلى الله، ومن أحسنُ من الداعية قولاً؟!
7- كثرة المخالطة في (تويتر) لها ما للخُلطة من آثارٍ على القلب، فمُستقلٌّ ومُستكثر.
8- لا تشترطْ على مَن تتابُعه أن يتابعَك، تلميحًا أو تصريحًا. فبئست هذه المشارطة لمريد الفائدة:
ومن يَرُمِ (الفوائدَ) لم يَضِرْهُ * أتابعَهُ المتابَعُ أم جفاهُ!
فدعْ ما للصداقة الخارجيَّة للصداقة الخارجيَّة، وما لـتويتر لتويتر.
فمن يغلبُ على ظنِّك الانتفاع به؛ فتابعْه عرفتَه أو لم تعرفه، أكبر منك كان أو أصغر، أضاف متابعتك أو لم يُضف. لا تنظر لهذا الأمر إن رُمتَ الفائدة.
وهذه المسألة تُبيِّنُ لك مقاماتٍ في نفسك مما يندرجُ في باب التواضع والحرص على الفائدة.
ومن عجيبِ حساسيَّة هذا الموضوع، أنني أضفتُ أحد الأصدقاء، فأضافني، فألغيتُ فألغى، فأعدتُ فأعاد، وأرسل لي: (وإن عدتم عدنا)، فعلمتُ أنه أراد شخصي ولم يُرِدْ قلمي!
9- لا يغبْ عن بالك من باب حُسن الظنِّ أنَّ عدمَ المتابعة ليست إعدامًا للحُبِّ، وإلغاءَها ليسَ إلغاءً للوداد، وإنَّ إخوانًا لنا لا نتابعهم هم أوثق بمحبتنا ممن نتابعهم كلَّ يوم.
align="right"> 10- حاول أن لا تكتبَ إلاَّ بالعربيَّة الفصحى، ولا تلجأ للعاميَّة إلاَّ في إطارضيِّق.
11- لا بأس من الابتسامات والطرافة والمداعبة بين الإخوة في بعض الكتابات، لكن من باب الإحماض، لا أن تكونَ أصلاً، فهو ٌ للتواصل الاجتماعي، والتواصلُ فيه: الفرحُ والحزن، والجدّ والطرافة. 12- إذا قرَّرتَ متابعة شخصٍ؛ فكن حَسَنَ العشرة في متابعته، ولا تكن ضيِّقَ العطن، تحاسبه على كُلِّ زلة، وتحمل عليه عصا التأديب، وتوجهه يمنةً ويسرةً، فإن لم يرقْ لك، فتابعْ غيرَه، فأنتَ هنا تمارسُ الحريَّة من غير إقصاء.
ففي النَّاس أبدالٌ وفي التركِ راحةٌ * وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا! 13- ومما يلحقُ بالسابق: الصبر على كثرة تغريده إذا أكثرَ، فقد يكونُ في حالةِ سرورٍ كبيرة، وأنتَ بحالةٍ من الجدِّ، وقد قال الله: (إذا مرُّوا باللغو مرُّوا كرامًا) فهذا في اللغو، فكيف بمباحاتِ صاحبك؟! 14- من الجيِّد عدمُ الإكثار على الإخوة من الاستدراك والتخطئة، لا سيما إن كانت ظاهرةً وجليَّةً لا تحتاجُ إلى تنبيه، وتُدرَك بالسياق؛ إلا إذا كان الخطأ كبيرًا. 15- لا تُكثر على متابعيك (الريتويت)، فإنما أضافوك لقلمك، فافعل ذلك للأنفع وليسَ للنافع فقط، وللأفيد وليس لمجرّد كونه مفيدًا. وقد قلتُ من قبل:
فلا تتَّبعْ أخطاءَ كُلِّ مُغرِّدٍ * ولا تُكثرِ (الريتويتَ) إلا لمصلحةْ وهناك خيارٌ لإلغاء عملية (الريتويت) لأيِّ شخصٍ لا تريدُ أن ترى إعادةَ نشره.
،’