كيف تربي نفسكِ .

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : حنين للجنان
-

248336.gif

معنى التربية
:
لها أكثر من معنى ، ومن معانيها : الزيادة والنماء ، ومن معانيها الرعاية ، وكل ذلك له معناه الموجود في التربية اصطلاحا .
والتربية المقصودة هنا هي ما كشف عنه البيضاوي في تفسيره حيث قال : " التربية هي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا " ويؤكده الراغب الأصفهاني كما في ( المفردات ) حيث قال : " التربية هي إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام .
ومن كتب تربية النفس عند السلف " أدب النفوس " للإمام الآجري ، و " تزكية النفوس " لشيخ الإسلام .


كيفية تربية النفس :
لا يستطيع أن يربي الإنسان نفسه على رضى الله تعالى إلا بقوتين :
الأولى : قوة علمية . الثانية : قوة عملية .
يقول ابن القيم كما في ( طريق الهجرتين ) " كل سائر إلى مقصد لا يتم سيره ولا يصل إلى مقصوده إلا بقوتين ، أما الأولى : فقوة علمية ، وأما الثانية : فقوة عملية "


وقفة مع القوتين :


1- القوة العملية : تقوم على ركيزتين :
الأولى : الإرادة والعزيمة .
وهما نوعان كما ذكره ابن رجب - يرحمه الله تعالى - في شرحه على حديث شداد بن أوس ، يقول : " والعزم نوعان : عزم المريد على الاستمرار على الطاعات بعد الدخول فيها وعلى الانتقال من حال كامل إلى حال أكمل منه وهو من النهايات "
ولا بد من معالجة الإرادة وتصحيح النية حتى تزكو النفس وتزول الشوائب العالقة بها التي ربما أبعدتها عما أرادت . يقول ابن الجوزي في ( الطب الروحاني ) : " إذا كانت الهمة الدنية طبعا لم ينجح فيها العلاج فإن كانت مكتسبة بصحبة الأدنياء أو بغلبة الطبع والهوى فعلاجها قريب "

أسباب دُنوّ الهمة :
1- الطبع بأن تكون الهمة بطبعها دنية .
2- اكتساب الدنية من الوسط الاجتماعي ، أو بصحبة سيئة إلى غير ذلك .

الثانية :مجاهدة النفس .
فلابد من مجاهدة النفس ، ولابد من القسوة عليها حتى تحقق الغايات الطامح صاحبها إليها .
يقول ابن القيم في ( مفتاح السعادة ) : " لا يستطيع الإنسان أن يحقق المعالي من الأمور إلا بمجاهدة نفسه وجعلها عدوة له "
ويقول ابن رجب في ( شرح حديث لبيك اللهم لبيك ) : " النفس تحتاج إلى محاربة ومجاهدة ومعاداة فإنها أعدى عدو لابن آدم فمن ملك نفسه وقهرها ودانها عزّ بذلك لأنه انتصر على أشد أعدائه وقهره واكتفى شرّه "

أسباب صعوبة مجاهدة النفس :
1- أنها عدوّ من داخل الجسد ، واللص إذا كان من داخل البيت عزّت الحيلة فيه وعظُم الضرر .
2- أنها عدوّ محبوب ، والإنسان عمٍ عن عيوب محبوبه لا يكاد يبصر عيبه .
ويُخطئ الكثيرون عندما يظنون أن مجاهدة النفس غير متحقق في زمان كثرت شبهه ، وعظمت غربته ، واستفحل الشرّ فيه ، وهذا خطأ بين فإن الله عزّ وجلّ لم يأمرنا إلا بما تستطيعه أنفسنا ، وأيضا هناك من يخطئ على نفسه فيستأسد على نفسه فيمنعها حظوظها على الإطلاق ولا شك أن هذا غلط .

2- القوة العلمية : وهي تقوم على ركيزتين :
الأولى : معرفة الشيء المراد تحقيقه . على أي شيء تربيها . وفي باب تربية النفس وتزكيتها هناك نوعان مطلوبان شرعا ، أحدهما مطلوب طلب لزوم ووجوب والآخر مطلوب وهو من جنس المندوب .
أما الواجب على المكلفين فقد حصره ابن القيم بأمور ، حيث يقول : " ما افترضه الله على العبيد وكان فرضا عينيا عليهم لا يسع مسلم جهله أنواع ، أوله علم أصول الإيمان الخمسة ، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فإن من لم يؤمن بهذه الخمس لم يدخل في باب الإيمان ولا يستحق اسم المؤمن ، وثانيها علم شرائع الإسلام ، واللازم منها علم ما يخص العبد من فعلها ، كعلم الوضوء والصلاة والصيام والحج وتوابعها وشروطها ومبطلاتها ، وثالثها علم المحرمات الخمس التي اتفقت عليها الرسل والشرائع والكتب الإلهية وهي مذكورة في قوله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } رابعها علم أحكام المعاشرة والمعاملات التي تحصل بينه وبين الناس خصوصا وعموما ، والواجب في هذا النوع يختلف باختلاف أحوال الناس ومنازلهم ، فليس الواجب على الإمام مع رعيته كالواجب على الرجل مع أهله وجيرته " هذا الواجب العيني على المكلفين .
النوع الثاني قسمان : 1- قسم ديني مشروع . 2- قسم من جنس المروءات .
معرفة الطريق الموصل إلى تلك التزكية :
وهي مجموع أمور ثمان :
1- صحة النية وصدقها .
2- التوكل على الله تعالى حق التوكل ، ومن لوازم التوكل الدعاء .
3- استعمال طريق الترغيب والترهيب بأنواعه المختلفة.
4- أن يعكف المرء على إصلاح نواة قلبه ، وأن يزيل أوضارها فيطهر صدره من الغش والحقد والحسد وما إليه ، ولإزالة هذه الأضرار
لابد من : أ - حبّ مقلق
. ب- خوف مزعج للفؤاد .
5- القيام بالعبادات ، والإكثار مما يرضي رب الأرض والسموات ، وينبغي أن يقلب الإنسان عاداته إلى عبادات .
6- محاسبة النفس قبل العمل وأثناءه وبعده ، والمحاسبة
لها ركيزتان : أ - علم .
ب - صدق .ومن المحاسبة إساءة الظن بالنفس ومن المحاسبة زيادة محاسبة القلب واللسان .
7- الحكمة ، فلابد من الحكمة في سياسة النفس فإن من لم يكن حكيما ربما أهلك نفسه وهو يريد إصلاحها ، ولا تتم الحكمة إلا بأمرين :
أ - علم معرفة النفس . ب - علم كيفية سياسة النفس .
8- صحبة المربين والصالحين .
قال عليه الصلاة والسلام : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " أخرجه أبو داود . وقد جهل الكثير الطريق الذي يزكون به أنفسهم ولذلك هم صنفان :
أ - صنف لم يصل إلى هذه التربية والتزكية التي ينشدها .
ب - صنف آخر وصل إلى شيء مما أراد ولكن مع حهد كبير .
* كيف يكون الإنسان حكيما مع نفسه حتى يسوسها في التربية ويأتي على مراتب أهل العلم في تزكية النفس وتربيتها ؟
الحكمة مع النفس وسياستها :
يكون ذلك من خلال أمرين :
1- علم معرفة النفس .
2- علم كيفية السياسة لها وكيف تُراض ؟ وكيف تؤدب ؟
* أما بالنسبة للأمر الأول ك فيؤكده ما قاله ابن القيم في ( الفوائد ) بقوله : " لا ينتفع بنعمة الإيمان والعلم إلا من عرف نفسه ووقف بها عند قدرها ولم يتجاوز ما ليس له "
* والتعرف على النفس من خلال جهتين أسا سيتين :
أ ــ التعرف على حوائج النفس وطباعها .
ب ــ الانكفاء على النفس لمعرفة معايبها ومثالبها ، والمعايب منها ما هو مشترك في جنس الناس ، ومنها ما هو مختلف .
فأما المشترك فهما نوعان
: أ ــ الظلم .
ب ــ الجهل .
فالإنسان يدافع هذين النوعين بأضدادهما ، فضد الجهل : العلم ، وأعلاه مرتقى العلم النافع المأخوذ من الوحي كتابا وسنة ، والظلم يدافع بالعدل ، والعدل لفظ جمع الخيرات كلها .
* الوقف على معايب النفس وخللها يكون بشرطين :
ذكرها ابن القيم في : ( مدارج السالكين ) أولهما : العلم ، وثانيهما : الصدق مع النفس فلا يجاملها ولا يحابيها .
* أما بالنسبة للأمر الثاني : وهو المعرفة بقواعد الحكمة مع النفس عند تربيتها ، فجماع ذلك أربع قواعد :
القاعدة الأولى : التدرج مع النفس :
فالتدرج من المقاصد الشرعية إلا أن التدرج مع النفس محوط بضابط أصيل قام عليه الدليل وهو : أن التدرج لا يكون في باب الشرع إلا في أمور ثلاثة :
أ ــ المستحبات . ب ــ المكروهات . ج ــ الزهد والورع المستحب .

وأما أن يريد الإنسان إعمال التدرج في مطلوب واجب كصلاة الجماعة مثلا فهذا حرام ، ولا يجوز في الإسلام ، ولا يجوز إدخال التدرج في ترك المحرمات ؛ بل يجب على الإنسان تركها حالا .
القاعدة الثانية : الأولويات ، بأن يُراعي الأهم فالأهم :
ولا يستطيع الإنسان إعمال هذه القاعدة حقا حتى يكون عالما بمراتب الشرع عارفا بمقاصد التشريع ، وأما إن كان جاهلا فإنه لا يستطيع إعمال هذه القاعدة حق الإعمال ،ولا ريب أن هذه القاعدة لها فقه وضوابط ، ولها دقائق أيضا ، من دقائقها ما ذكره شيخ الإسلام كما في ( مجموع الفتاوي ) بقوله : " ليس كل ما كان أفضل يشرع لكل أحد بل كل واحد يشرع له أن يفعل مل هو أفضل له " .
القاعدة الثالثة : أن يُلجمّ الإنسان نفسه ويريح ذاته في سيرها إلى التزكية والتربية :
فالنفس كالراحلة إذا لم ترحها انقطعت ، فعلم أن للنفس حق عليك ، وهو أن تريحها وتجمها ، وقد كان السلف يعنون بهذا .
القاعدة الرابعة : إعمال اللين والرفق مع النفس :
واللين والرفق أعم معنى من التدرج مع النفس ، فينبغي أن تكون لينا مع نفسك رفيقا معها ، واللين والرفق ينبغي إعماله مع النفس في موضعه ، فالحزم وقت الحزم ، والرفق في موضعه .
* آفات على طريق التربية للنفس :
1- عدم التدرج مع النفس وإنما يقفز ، مثلا : على المستحبات كلها جملة واحدة .
2- عدم مراعاة الأولويات في إصلاح النفس ، فمثلا يكبر ذنبا من صغائر الذنوب ويسكت عن الذنوب الكبيرات .
3- تعذيب الأبدان من كي بنار ، أو إحراق لبعض أطراف الجسد ، ولا ريب أن ذلك باطل .


كتبت : * أم أحمد *
-
ومضات إيمانية رائعة

ترسخ فى النفس واعزها الاسلامى السمح

فلا عدمنا قلم سخر فى طاعة الله



كتبت : شذى الريحان
-
وعليكم السّلام ورحمة الله تعالى وبركاتهُ

ما شاء اللهُ!



مَقالٌ جدّ قيّمٌ!

لا حُرمتِ أجرهُ أيا أختاهُ.

نسألهُ تَعالى ربّنا؛
أن يرزُقنا حُسن الظنّ، و بَردَ اليَقينِ،
ويُعينَنا عَلى الثّباتِ، وحُسن مُجاهدةِ الذّاتِ.


سلِمت يُمناكِ، و أسعدَ ربّي روحكِ، وسدّدكِ.


كتبت : Hayat Rjeem
-
طرح رائع وقيم بارك الله فيكِ غاليتى وجعله فى ميزان حسنات
كتبت : شهريار
-
جزاك الله كل خير وبميزان حسناتك كل ما كتبتي
كتبت : ام ناصر**
-
اللهم اعنّا على مجاهدة انفسنا

بارك الحمن فيك أخيتي
على الموضوع الهادف والقيّم
الصفحات 1 2 

التالي

إحسان الصلاة نقطة البداية لإصلاح النفس والعمل

السابق

العيد ثورة على الأحزان

كلمات ذات علاقة
تربح , نفسكِ , كيف