ابو علاء المعرى رهين المحبسين

مجتمع رجيم / الموضوعات المميزة فى قسم التاريخ
كتبت : Hayat Rjeem
-

المحبسين 297631.jpg

هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري شاعر وفيلسوف وأديب عربي من العصر العباسي ولد في معرّة النعمان في شمال سوريا سنة ثلاث وستين وثلاثمائة هجرية (973 ميلادية) وفي الرابعة من عمره أصيب بالجدري وفقد بصره وكنيته أبو العلاء، ولقب نفسه برهين المحبسين. المحبس الأول فقد البصر والثاني ملازمته داره واعتزاله الناس.

نشأ "أبو العلاء المعري" في أسرة مرموقة تنتمي إلى قبيلة "تنوخ" العربية، التي يصل نسبها إلى "يَعرُب بن قحطان" جدّ العرب العاربةويصف المؤرخون تلك القبيلة بأنها من أكثر قبائل العرب مناقب وحسبًا، وقد كان لهم دور كبير في حروب المسلمين، وكان أبناؤها من أكثر جند الفتوحات الإسلامية عددًا، وأشدهم بلاءً في قتال الفرس.

تلقى أبو العلاء علومه الأولى في المعرة، فتعلم العربية من أهل بلدته، وتعلم مبادئ النحو واللغة على يد أبيه، ثم رحل إلى حلب يطلب الاستزادة على يد محمد بن عبد الله بن سعد النحوي، ثم لم يلبث أن رحل إلى بغداد، وبقي فيها ما يقرب السنة وسبعة أشهر، يطّلع على ما وجد في خزائن بغداد من الكتب، والآثار الأدبية، حتى أحصى اللغة العربية واستعملها، كما لم يحصلها أو يستعملها أحد قبله أو بعده، وتعلم الحديث الشريف من أبيه وجده سليمان بن محمد، وأخيه أبي المجد، وجدته أم سلمة، وقد سمعه أيضاً من أبي زكريا يحيى التنوخي، حتى صار يلزم منزله ليتسنى له سماعه.

شخصية المعري

أخلاقه. كان المعري رغم عزلته ذا صلة حسنة بالناس. وكان مع فقره كريمًا ذا مروءة يعين طلاب الحاجات وينفق على من يقصده من الطلاب يهدي ويُهدى إليه، ويكرم زائريه. ومن مروءته وكرمه أنه لم يقبل من تلميذه الخطيب التبريزي ذهبًا كان قد دفعه إليه ثمنًا لإقامته عنده. لم يرده إليه في حينه حتى لا يؤذي نفسه ويوقعه في مشقة الحرج، ولكنه احتفظ له به حتى تجهز قافلاً فودعه ورد إليه ما دفع.

وكان رقيق القلب رحيمًا عطوفًا على الضعفاء حتى شملت رقة قلبه الحيوان فلا يذبح ولا يروع بولده وبيضه. وكان وفيًا لأصدقائه وأهله. وتفيض رسائله إلى أهل بغداد والمعرة وإلى أخواله بهذا الوفاء. ومن أهم خصاله الحياء الذي يكلفه ضروبًا من المشقة والأذى، وكثيرًا ما كتب كتبًا ورسائل لأناس طلبوا منه ذلك، وكتب يستشفع لأناس عند الأمراء، وهو كاره لذلك ولكنه لفرط حيائه لا يستطيع لهم ردًا. وكان سيئ الظن بالناس يعتقد فيهم الشرور والأسواء ويمقت فيهم خصال الكذب والنفاق والرياء. وانتهى أخيرًا إلى أن الإنسان شرير بطبعه، وأن الفساد غريزة فيه ولا يُرجى برؤه من أدوائه:

إن مازت الناس أخلاق يقاس بها ... فإنهم عند سوء الطبع أسواء

وقد عرف له أهل بغداد فضله ومكانته؛ فكانوا يعرضون عليه أموالهم، ويلحُّون عليه في قبولها، ولكنه كان يأبى متعففًا، ويردها متأنفًا، بالرغم من رقة حالة، وحاجته الشديدة إلى المال، ويقول في ذلك:

لا أطلبُ الأرزاقَ والمو
لى يفيضُ عليَّ رزقي
إن أُعطَ بعضَ القوتِ أعـ
ـلم أنَّ ذلك فوق حقي

وكان برغم ذلك راضيًا قانعًا، يحمد الله على السراء والضراء، وقد يرى في البلاء نعمة تستحق حمد الخالق عليها فيقول:

"أنا أحمد الله على العمى، كما يحمده غيري على البصر".


غادر أبو العلاء بغداد في (24 من رمضان 400 هـ = 11 من مايو 1010م)، وكانت رحلة العودة شاقة مضنية، جمعت إلى أخطار الطريق وعناء السفر أثقال انكسار نفسه، ووطأة همومه وأحزانه، وعندما وصل أبو العلاء إلى بلدته كانت هناك مفاجأة قاسية في انتظاره.. لقد تُوفِّيت أمه وهو في طريق عودته إليها.ورثاها أبو العلاء بقصيدة تقطُر لوعة وحزنًا، وتفيض بالوجد والأسى. يقول فيها:

لا بارك الله في الدنيا إذا انقطعت
أسباب دنياكِ من أسباب دنيانا

مؤلفاته

لما رجع من بغداد سنة أربعمائة هجرية لزم منزله وراح يملي مؤلفاته على أحد الشيوخ وهذا يكتب، ومن هذه المؤلفات:
كتاب "ألفصول والغايات"؛ واتهم بأنه لم يضع هذا الكتاب إلا ليعارض به القرآن الكريم إذ جاء فيه بكلام جديد لا يفهم إلا قليله، وشرحه بكتاب آخر أسماه "السادن" ويبلغ الأول نحو مائة كراسة والثاني نحو عشرين كراسة ويبحثان في اللغة. وكتاب "اقليد الغايات" ويبحث في اللغة وهو عشرة كراريس. وكتاب "الايك والغصون" وهو ألف ومائتا كراسة. ويبحث في كتابة الهمزْ والردف. وألحقه بكتاب يفسره أسماه "الهمزْ والردف" وكتاب "سيف الخطبة" أربعون كراساً ويشتمل على خطب السنة وجميع المناسبات الدينية. وكتاب "تاج الحرة" أربعمائة كراسة وهو مواعظ للنساء، وكتاب "سجع الحمائم" ثلاثون كراسة وهو مواعظ على لسان أربع حمائم. وكتاب "لزوم ما لا يلزم" مائة وعشرون كراسة وشرحه بكتاب "راحة اللزوم" مائة كراسة، وأيضاً كتاب "زجر النابح" أربعون كراسة وفيه يرد على من تهجم على كتاب لزوم ما لا يلزم، وكتاب ديوان الرسائل.. وهو ثلاثة أقسام الأول رسائل طوال. تجري مجرى الكتب المصنعة مثل "رسالة الملائكة" و "الرسالة السَّدية" و "رسالة الغفران" وغيرها. والثاني دون هذه في الطول مثل رسالة "المنيح" ومقدار هذا الديوان ثمانمائة كراس. وأتبعه بكتاب يفسره هو "خادم الرسائل". ورسائل منفردة كل منها في كتاب منها رسالة على لسان ملك الموت عليه السلام، وكتاب أسماه "رسالة الصاهل والشاجح". ويتكلم فيه على لسان فرس وبغل، و "رسالة المعونة"، وكتاب "سقط الزند" وهذا فيه أكثر من ثلاثة آلاف بيت نظم في أول العمر وشرحه في كتاب "ضوء السقط" عشرون كراسة. كما أنه فسر شعر المتنبي في كتابه "اللامع الغريزي" ووضع كتاباً آخر مختصر يُعرف بـ "ذكرى حبيب" ويشرح فيه الغريب من شعر أبي تمام، وكتاب يتصل بشعر البحتري يعرف بـ "عبث الوليد" وكتاب "الحقير النافع" في النحو، كما أنه حاول وضع كتاب يشرح فيه سيبويه عالم اللغة المعروف؛ ولكن ذلك الكتاب لم يتم.

تلاميذه

درس على أبي العلاء كثير من طلاب العلم ممن علا شأنهم في العلم والأدب، منهم:
أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي.
أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي.
أبو الطاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري.
أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي.

اتهامه بالزندقة.

اتهم المعري بالزندقة والإلحاد من بعض معاصريه، ولا شك أنه كان يناقش في مجالسه قضايا الفلسفة ويشرح للطلاب أشعاره ويفسر لهم ما صعب منها. وربما قاده الشرح إلى الحديث عن مختلف الآراء الفلسفية التي لا يرتضيها عامة الناس. يضاف إلى هذا تبتله وتركه الزواج وامتناعه عن اللحم وما أشبه ذلك، وفيه ما فيه من مجانبة لسنن الدين ولحوق بفلسفات برهمية هندية. وقد استند متهموه إلى ما في رسالة الغفران من أخبار الزنادقة وأشعارهم. أما أشعاره فيبين في بعضها الشك والإنكار.
ولكنه وجد من يدافع عنه نافيًا هذه التهمة. ومن هؤلاء القفطي وابن العديم، وسمى الأخير كتابه: كتاب الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري وقال في مقدمته متحدثًا عن حساده وشانئيه: "رموه بالإلحاد والتعطيل، والعدول عن سواء السبيل، فمنهم من وضع على لسانه أقوال ملحدة ومنهم من حمل كلامه على غير المعنى الذي قصده فجعلوا محاسنه عيوبًا وحسناته ذنوبًا وعقله حمقًا وزهده فسقًا، ورشقوه بأليم السهام وأخرجوه عن الدين والإسلام".

ومن أحسن الشهادات في حقه شهادة الإمام الذهبي المتوفي سنة 747هـ، 1346م، حيث قال: "وفي الجملة فكان من أهل الفضل الوافر والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب. وله في التوحيد وإثبات النبوة وما يحض على الزهد وإحياء طرق الفتوة والمروءة، شعر كثير والمشكل منه فله ـ على زعمه ـ تفسير".
ولقد شهد جميع شعراء عصر المعري بفطنته وحكمته وعلمه، وعندما توفي ودفن في مدينته معرة النعمان اجتمع حشد كبير من الشعراء والأدباء لتكريمه. ولقد ألف العديد من معاصريه، ومن بعدهم كتباً ودراسات حول آراء المعرّي وفلسفته، مثل :(أوج النحري عن حيثية أبي العلاء المعري)، ليوسف البديعي، و(مع أبي العلاء المعري)، لطه حسين، و(رجعة أبي العلاء) لعباس محمود العقاد، وغيرهم كثير. كما ترجم كثير من شعر المعري إلى غير العربية. وقال ابن خلكان: "ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته".

وفاته.

عمر أبو العلاء طويلاً وأصابته الشيخوخة بالوهن ووصفها بقوله:
"الآن علت السن، وضعف الجسم، وتقارب الخطو، وساء الخلق". ولكنها إن أصابت جسمه فما أصابت عقله وصفاءه وقريحته وتوقدها وحافظته وقوتها، فما نسي شيئًا مما حصَّل. وفي اليوم العاشر من ربيع الأول سنة 449هـ اعتل أبو العلاء وعاده الطبيب المشهور أبو الحسن مختار بن بطلان، وكان ممن يتردد عليه للزيارة والسماع أثناء مقامه بديار الشام، ووصف له كأسًا من شراب أتاه به ابن أخيه القاضي فامتنع عن شرابه وأنشد:

تعللني لتسقيني فذرني ... لعلي أستريح وتستريحُ
كما وصفوا له لحم الدجاج فلما وضعوه بين يديه لمسه بيده فجزع وقال:
"استضعفوك فوصفوك هلا وصفوا شبل الأسد". وتوفي بعد ثلاثة أيام وأوصى أن يُكتب على قبره:
هذا جناه أبي عليَّ ... وما جنيت على أحد


ووقف على قبره أربعة وثمانون شاعرًا يرثونه، ومن أشهر ما قيل فيه رثاء تلميذه أبي الحسن علي بن همام:

إن كنت لم ترق الدماء زهادة ... فلقد أرقت اليوم من جفني دمًا

المحبسين cw8i5we9yscazlumqe0.


كتبت : || (أفنان) l|
-

آسعدكـٍ ربي علـى هذآ الطـرح ..جزيتــي خيرآ عنــآ
بالتوفيــق مبدعتنــآ ورائعتنــآ.. دآم لنـآ عطآئـك ورقي ذوقــك

ابو علاء المعرى رهين المحبسين
هو نابغةٌ ولا شكّ فقد نبغ المعرّي بالأدب والعلوم منذ صغر سنّه


سُمي برهين المحبسين الا انه وضع نفسه بالثلاثة محابس :
اراني في الثلاثة من سجوني
فلا تسأل عن النبأ النبيث
لفقدي ناظري ولزوم بيتي
وكون النفس في الجسد الخبيث

كل الشكر لك ولجهودك الطيبة ..
يعطيك العافية ع المجهود
تسلم الأيادي لا هنت وبارك الله فيك
بانتظار جديدك بكل شوق
دمتي بحفظ الرحمن ،،

كتبت : Hayat Rjeem
-
الله يخليكِ يا قلبى كلك زوووق
ميرسى غلاتى على المرور والاضافة
نورتِ يالغلا
كتبت : أمواج رجيم
-
شكرا على المجهود الرائع
احسنت ياقلبي
موضوع مهم ومفيد
كتبت : Hayat Rjeem
-
تسلمى يا قلبى ربِ يسعدك
منورة عطورة

التالي

الظاهر بيبرس

السابق

شجرة الدر ,نبذة عن شجرة الدر

كلمات ذات علاقة
المختصين , المعرج , ابن , رهين , علاء