طريقنا للقلوب - الشيخ إبراهيم الدويش
مجتمع رجيم / المحاضرات المفرغة
كتبت :
~ عبير الزهور ~
-
طريقنا للقلوب - الشيخ إبراهيم الدويش
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله -تعالى- بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
أيها المسلمون: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الأنفال:1].
إن الناس اليوم في عرض الأرض وطولها بحاجة إلى من يقف معهم ويعينهم، وإلى من يزيل عنهم الهم والقلق، إلى مَن يدلهم إلى طريق السعادة والراحة والنفسية، بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم إلى طريق النجاة والأمان، حتى وإن قامت الحضارات، وصنعت المخترعات، وتوالت الإنجازات، فكل ذلك من أجل سعادة الإنسان وتكريمه.
لكن -وللأسف!- البشرية اليوم تغرق في بحر الدنيا، يلهث الكثير منهم وراء المال والتجارة، وراء الشهوات واللذات، وراء الرياسة والسيادة، بأي طريق، وبأية صورة، ومهما كان الثمن، المهم هو الوصول للمراد، وهذا هو الواقع الغالب على الناس اليوم إلا من شاء الله.
وفي خضم هذا اللهثان، وفي وسط هذا الإغراق، يتلفت البعض ليبحث المثل، وعن المبادئ، وعن الأخلاق والآداب في صفوف الناس، ربما سمعوا عن التبشير، وهو شعار أعلنه المنصرون، وتسموا به، بل وتمثلوه، أو بالأصح مثلوه من أجل التنصير كما رأينا وسمعنا وقرأنا.
أليس المسلمون أولى بهذه التسمية؟
التبشير؟
وبهذه الأخلاق؟
ألم يقل الحق -عز وجل-: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [الأنعام:48]، ألم يقل -صلى الله عليه وسلم-: "يسِّروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا"، ألسنا -نحن المسلمين- أولى بهذا التلطف والتودد للناس؟!.
إنك تتعجب وأنت تسمع عن دقة مواعيد الكافرين، وانضباطهم في أعمالهم وصدقهم في أقوالهم!
ألسنا أولى بالتحلي بالأخلاق وبث الأمل في النفوس؟!
لماذا هذا الجفاء والإعراض؟
وهذا التنفير والانقباض عند بعض المسلمين؟
ولماذا هذا التسيب والإهمال عند البعض من الموظفين؟
لماذا الكذب والتزوير، والغش والاحتيال عند البعض؟.
لقد أثرت الماديات والحضارات على أخلاقنا وتعاملنا مع بعضنا بشكل كبير، حتى ظن البعض أنه لا يمكن الجمع بين التقدم الحضاري والكسب المادي، وبين التحلي بالأخلاق والآداب، حتى قال أحدهم:
لئن كانت الدنيا أنالَتْكَ ثروةً *** وأصبَحْتَ منها بعد عُسْرٍ أخا يُسْرِ
لقد كشف الإثراءُ عنك خلائقاً *** من اللؤم كانت تحت ستر من الفقر
فإننا لا نكاد نسمع عن ذي شرف أو تاجر أو ذي منصب وقد تحلى ببعض الأخلاق والآداب، إلا ويتذاكره الناس إطراء ومدحا وتعجبا أن يكون بمثل هذا المكان ويتمتع بمثل هذه الأخلاق!.
إن من ينظر ويقرأ عن دين الإسلام، خاصة في باب الآداب والأخلاق والمعاملة، ليعجب أشد العجب من عظمة هذا الدين ودقة مراعاته للمشاعر والعواطف، وحرصه على نشر المحبة والمودة، اسمعوا لهذا الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أحدث أحدكم صلاته فليأخذ بأنفه ثم ينصرف"
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: لألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1114
خلاصة حكم المحدث: صحيح
لماذا يأخذ بأنفه؟! وما علاقة الأنف بما صنع؟
إنها عظمة هذا الدين، ودقة العناية بمشاعر النفس، والحفاظ على أحاسيسها، يأخذ بأنفه ليوهم من بجواره أن به رعافا، فلا يفتضح أمره فيحرج ويخجل!.
قال الخطابي -رحمه الله-: إنما أمره أن يأخذ بأنفه ليوهم القوم أن به رعافا، وفي هذا الباب من الأخذ بالأدب في ستر العورة، وإخفاء القبيح، والتورية بما هو أحسن، وليس داخلا في باب الرياء والكذب، وإنما هو من باب التجمل، واستعمال الحياء، وطلب السلامة من الناس.
اِرْضَ للناسِ جميعاً *** مثلَ ما ترضى لنفسكْ
إنما الناس جميعاً *** كلُّهم أبناءُ جنسك
غيرُ عدْلٍ أن توخي *** وحشة الناس بأنسك
فلهم نفسٌ كنفسِكْ *** ولهم حسٌّ كحسِّك
من ينظر للواقع يرى العجب في الإفلاس الأخلاقي الذي تعيشه كثير من المجتمعات الإسلامية اليوم، بل هناك من انبهر بالحضارة الغربية، فنقلها للمسلمين بقضها وقضيضها، وإيجابها وسلبها، نحن مع دعاة التقدم والحضارة في الإفادة من التكنولوجيا والصناعة، وكسب المهارات والخبرات، لكننا نقول وعلى لسان كل مسلم صادق وغيور: لا، وألف لا لاستيراد العادات والتقاليد الغربية، والانحلال الخلقي، باسم الحرية وحقوق المرأة، أمام إقحام الفضيلة والستر والعفاف ومكارم الأخلاق في التقدم والتخلف المزعوم فخدعة مكشوفة، لا تنطلي إلا على غافل ساذج، في فكره دخل، أو في قلبه مرض.
إن في أخلاقنا وآدابنا -نحن المسلمين- بل وعاداتنا وتقاليدنا -نحن العرب- ما يملأ قلوبنا بالفخر والاعتزاز، والرفعة والسيادة، فالله اختار لنا مقاما عزيزا، ومكانا شريفا فقال -عز وجل-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة:143]؛ فهل هذا المقام يناسب ما يفعله بعض الغافلين والغافلات مِن تشبُّهٍ وتقليد بأهل الكفر والشرك في عاداتهم ولباسهم وسيئ أخلاقهم؟!.
فأنت -أيها المسلم- يجب أن تكون متبوعا لا تابعا، وقائدا لا منقادا، بصفاء عقيدتك، وثبات مبدئك، وتعاليم دينك السمحة، وحسن أخلاقك، قلم لا نعتز بالشخصية الإسلامية؟
ولم لا نعلن للعالم كله أننا أهل دين وخلق؟ وأن لنا صبغة خاصة تميزنا عمن سوانا هي: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة:138]؟.
إن هذا الدين عظيم، جاء ليشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع الإسلامي، وليحب المسلم للمسلمين الخير والبر، والمعروف والإحسان، ومكارم الأخلاق، فما أحوجنا لفن التعامل؛ بعضنا مع البعض الآخر!
نحن بحاجة إلى تعميق روابط الأخوة الإسلامية ومعانيها، بحاجة إلى تحقيق القاعدة الشرعية، "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" كما في حديث أنس المتفق عليه.
نحن بحاجة إلى الحوار الهادئ، والتعامل المهذب، والاحترام المتبادل؛ بحاجة إلى أن نظهر محاسن هذه العقيدة السمحة لنصبح -نحن المسلمين- قدوات لبعضنا، ومفاتيح خير لغيرنا من أهل الملل والنحل، ونحن بحاجة إلى أن نكسب قلوب بعضنا، وأن نكسب قلوب أهل الأديان الأخرى بصدق التوحيد، وحسن المعاملة، وجميل الأخلاق، لتذوق طعم الإيمان، ولتعرف حقيقة الإسلام.
نريد أن نكسب القلوب، ليس بالمجاملة ولا بالمداهنة، لا بتمييع ديننا، ولا بتمزيقه، ولا بالتنازل عن المبادئ والأهداف، وإنما بمكارم الأخلاق، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وفي رواية: "صالح الأخلاق".
إخوة الإيمان: نريد أن نكسب القلوب ليس من أجل الدنيا، ولا متاعها ولا زخرفها، ولا من أجل أنفسنا وإظهار محاسنها وتواضعها، ولا من أجل تملق الناس وطلب محامدهم وثنائهم! إنما من أجل ربنا تعبدا وتقربا، فـــ "إن الله يحب معالي الأخلاق، ويبغض سفسافها".
واتباعا لحبيبنا وقدوتنا، فقد كان أحسن الناس خلقا، كما نحرص على كسب القلوب؛ حتى نفوز بقرب نبينا وحبه يوم القيامة، حيث قال: "إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا".
الراوي:جابر بن عبدالله لمحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2897
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
وأيضا امتثالا وتطبيقا لتعاليم شرعنا وآداب ديننا قولا وعملا، وسرا وعلنا، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "وخالِق الناس بخلق حسَن"، وسوقا للجنان، وتثقيلا للميزان يوم أن نلقى الله، فقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق"، وقال: "ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء".
وتخلُّقاً وتأدُّباً وإيمانا، "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا"، والله - عز وجل - يقول عن رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران:159].
إذن فهذه الفضائل وأمثالها مما يحثنا وشجعنا على اكتساب محاسن الأخلاق وتطبيع نفوسنا عليها، إخلاصا لوجه الله، وطلبا لرضاه، فهي عبادة عظيمة، وقربة من أجَلِّ القربات، "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم".
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2643
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إذا؛ فما أحوجنا للأخلاق في زمن الماديات!
زمن كثرت فيه شكاية الناس بعضهم من بعض، فالزوج يشكو من سوء تعامل زوجه، والطالب يتظلم من أخلاق أستاذه، والموظف يسخط من رئيسه ومديره، والمكفول يئن ويتوجع من سوء تصرف كفيله، حتى الصاحب لم يسلم من صاحبه وخليله.
عباد الله: إن المتمعن لأحوال الناس يجد كثيرا من المسلمين يغفل عن الاهتمام والاحتساب في هذا الجانب، وقد يجهل الصلة الوثيقة بين محاسن الأخلاق وقضية الإيمان والعقيدة، فبينما تجد الشخص يظن أنه قد حقق التوحيد ومحض الإيمان؛ تراه منطويا على ركام من مساوئ الأخلاق والنقائص التي تخل بإيمانه الواجب، أو تحرمه من الكمال المتسحب، كالكبر، والحسد وسوء الظن، والكذب والفحش، والأثرة، وغير ذلك.
وقد يكون مع ذلك جاهلا بضرر هذه الأمور على عقيدته وإيمانه، أو غافلا عن شمولية هذا الدين لجميع مناحي الحياة، كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163].
إن تحقيق التوحيد وتكميل الإيمان ليس باجتناب الشرك الأكبر فحسب؛ بل باجتناب كل ما ينافي العقيدة وكل ما يخل أو يقدح في كمال التوحيد والإيمان.
إذن؛ ليست العقيدة متونا تُردد، ونصوصا تحفظ؛ بل لا بد أن تتحول إلى واقع عملي في الحياة وفي التعامل بين الناس، ولما حصل هذا التصور الناقص للدين عند بعض الناس ظهر انفصام نكد وازدواجية بين مفهوم الإيمان ومقتضياته.
فمتى ندرك أننا نملك كنزا عظيما هو كنز الإيمان؟!
لكنه الإيمان حقيقة لا صورة وادعاء، والإيمان الذي لامست حلاوته شغاف القلوب فظهرت تلك الحلاوة على جوارح ذلك المسلم، أقواله وأفعاله وصفاته، فيوم ذاق طعم الإيمان عرف حقيقة الاستقامة والالتزام وأثر ذلك في سلوكه وصدقه ومعاملته.
يذكر التاريخ لنا أن الإسلام وصل إلى جنوب الهند وسيلان وجزر المالديف وسواحل الصين والفلبين وإندونسيا وأواسط أفريقيا عن طريق تجار مسلمين، لكنهم مسلمون بحق، لم يؤثر عليهم بريق ولمعان الدينار والدرهم، بل تجسد الإسلام في سلوكهم وأمانتهم وصدقهم، فأعجب الناس بهذه الأخلاق، فبحثوا وسألوا عن مصدرها، فدخلوا الإسلام عن رغبة واقتناع، وهكذا!
فإن من أكبر وسائل التأثير على القلوب والنفوس هو التميز في الأخلاق، المتمثل في القدوة الصالحة؛ بل هو أعظم وسيلة لنشر الإسلام في كل مكان.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمد مَن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سيد البشر، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر، والتابعين لهم بإحسان ما طلعت الشمس واختفى القمر.
أما بعد: عباد الله، فمن أراد أن يكتسب الأخلاق فلينهل من مَعين السيرة، ومن تتبع سيرة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وجد أنه كان يلازم الخلق الحسن في سائر أحواله، وخاصة في دعوته إلى الله تعالى، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجا، بفضل الله -تعالى- ثم بفضل حسن خلقه عليه الصلاة والسلام، فكم دخل في الإسلام بسبب خلقه العظيم!.
فهذا يسلم ويقول: والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي. وذاك يقول: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا؛ تأثر بعفو النبي -صلى الله عليه وسلم- فعمل على تحجير رحمة الله التي وسعت كل شيء؛ بل قال له: "لقد حجرت واسعا".
الراوي:أبو هريرةالمحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6010
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
والآخر يقول: فبأبي هو وأمي!
ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، والرابع يقول: يا قوم، أسلموا؛ فإن محمدا يعطي عطاء مَن لا يخشى الفاقة.
والخامس يقول: والله لقد أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي.
والسادس يقول بعد عفو النبي -صلى الله عليه وسلم-: جئتكم من عند خير الناس؛ ثم يدعو قومه للإسلام، فأسلم منهم خلق كثير. والأمثلة كثيرة في سيرته -صلى الله عليه وسلم-.
كُلُّ الأمور تزول عنك وتنقضي *** إلا الثناءَ فإنَّهُ لكَ باقي
ولو اْنَّنِي خُيِّرْتُ كُلَّ فضيلةٍ *** ما اختَرْتُ غيرَ محاسن الأخلاق
أيها الأخ: إنما الدنيا حديث، فإن استطعت أن تكون منها حديثا حسنا فافعل، إننا بحاجة إلى من يجسدون مبادئ الإسلام في سلوكهم، ويترجمون فضائله وآدابه في حركاتهم وسكناتهم، حتى مع الكفار.
فمن أهم مظاهر علاقة المسلم بالكافر غير المحارب للمسلمين، كف الأذى والظلم، وعدم التعدي عليه وعلى حقوقه، والتزام مكارم الأخلاق معه؛ من الصدق والأمانة وغيرها من أخلاق الإسلام الحميدة، وجواز إيصال البر والمعروف إليه، قال الله -تعالى-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة:8-9].
ففي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أهدى حلة له إلى أخ له مشرك بمكة، كانت قد جاءته من النبي -صلى الله عليه وسلم-. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما - أنه ذبحت له شاة فجعل يقول لغلامه: أهديتَ لجارنا اليهودي؟ أهديت لجارنا اليهودي؟
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
وليس القصد هنا بيان تفصيل هذه المسألة، وإنما الإشارة لها لارتباطها بالأخلاق؛ ولكن تنبه واحذر كل الحذر أن تختلط عليك الأمور، ففرق بين حسن المعاملة ومكارم الأخلاق والبر والإحسان للكافر غير المحارب، وبين الموالاة والمحبة والمودة له، أو تفضيله على أحد من المسلمين، أو مجاملته على حساب دينك وعقيدتك، كتهنئتهم أو إهدائهم بمناسبة أعيادهم أو نحو ذلك، فإن ذلك كله حرام لا يجوز.
وضابط كل ذلك النصوص من الكتاب والسنة، وأقوال أئمة السلف رضوان الله عليهم أجمعين، فإنما عنيت بهذا الموضوع معاملة المسلم للمسلمين، أما معاملته للآخرين من أهل الملل والنحل فلها أصولها وضوابطها وتفصيلها في مجال آخر.
عباد الله: إن النفس -أيا كانت ومهما بلغت من الانحلال والفساد والتجبر والعناد- فإن فيها خيرا كثيرا، قد لا تراه العيون أول الأمر، فقط شيء من العطف على أخطائهم وشيء من الود الحقيقي لهم، وشيء من العناية بهم لنحاول -أيها الإخوة- تلمس الجانب الطيب في نفوسهم، ابدأهم بالسلام، ابتسم لهم، أثن على الخير الذي فيهم، وقبل ذلك كن صادقا ومخلصا غير متصنع ولا مجامل، عندها ستتفجر ينابيع الخير في نفوسهم، وسيمنحونك حبهم وثقتهم مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، لقد جرب ذلك كثيرا.
أذكر أنني قابلت أحد هؤلاء فسلمت وابتسم وأثنيت على صفة طيبة فيه، وأنا صادق، فلن يعدم إنسان مزية حسنة تكون مفتاحا لقلبه، فانكشف لي قلب لين رقيق؛ سرعان ما سالت دمعات على وجه تلطخ بسواد المعصية والشهوة، وكان قد شكا جفاء بعض الناصحين وتعجلهم عليه.
كم نخطئ عندما نحكم على الآخرين بمجرد النظر للظاهر، فهذا عمرو بن العاص يحدث عن نفسه فيقول: لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مني، ولا أحب إلي أن أكون قد استكننت منه فقتلته؛ وبعد أن أسلم وعرفه عن قرب، انقلب الحال فقال: وما كان أحد أحب إلى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أجَل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه! كما في صحيح مسلم.
إننا نظلم أنفسنا ونظلم الآخرين عندما تحقد على هؤلاء ونتخوف منهم، والحل هو أن تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف على الآخرين، والصبر عليهم، وباختصار إنها الأخلاق وفن التعامل مع الناس.
يا أهل القرآن! ألم نقرأ في القرآن قول الحق -عز وجل-: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) [البقرة:83]، ألم نقرأ قول الحق: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) [الإسراء:83].
في الآية الأولى قول حسن، وفي الثانية أحسن، فأين نحن من قول الحسن فضلا عن قول أحسن الحسن؟ ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته" كما في صحيح مسلم.
فإن كانت الرحمة والإحسان تصل إلى هذه الدرجة من الرفق وحسن التعامل حتى مع الحيوان؛ فكيف بالرحمة والإحسان مع بني الإنسان؟.
قال أحد الإخوة: في موسم للأمطار وأنا على سيارتي مررت بغدير ماء لم أنتبه له، فتراشقت المياه على الجنبين، كان النصيب الأكبر منها لشباب جلسوا على عتبة أحد الأبواب، لو رأيت حالهم وقد تبدلت، فالثياب البيضاء كأنها سوداء... خضبت بالطين والماء، فرجعت إليهم، فلم أنتبه إلا على أصوات السب واللعان ومناداتي للرفس والطعان!.
يقول: فرجعت إليهم مسلما معتذرا متأسفا، فيا سبحان مقلب القلوب! تحول السب واللعان إلى ترحيب وسلام، ودعوة إلى طعام، بل إلى إخاء ووئام! انتهى كلامه.
فيا معاشر المسلمين: صفوة القول إنها الأخلاق تصنع الأعاجيب!
نخطئ كثيرا عندما نعتزل بعض الناس لأننا نشعر أننا أطهر منهم روحا، أو أطيب منهم قلبا، أو أذكى منهم عقلا، قال رجل لعبد الله بن المبارك: عظني.
قال ابن المبارك: إذا خرجت من منزلك فلا يقعن بصرك على أحد إلا رأيت أنه خير منك.
وليس معنى هذا أن نتخلى عن مبادئنا ومثلنا السامية، أو نتملق أو نجامل، لا!
ولكنها الحكمة والموعظة الحسنة، وفن التعامل مع الآخرين.
تأمل أيها المسلم وانظر لفن التعامل ومحاسن الخلاق ماذا تفعل! هذا عكرمة ابن أبي جهل، ورث عداوة الإسلام عن أبيه، وقاتل المسلمين في كل موطن، وتصدى لهم يوم فتح مكة، ثم فر إلى اليمن، بعد أن أهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمه، فتأتي زوجه أم حكيم بعد إسلامها إلى رسول الله، تطلب الأمان لزوجها، فيقول لها -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم-:"هو آمِن"، ويقول لأصحابه: "يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت".
فيأتي عكرمة بين يدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فيقول عكرمة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وأنت أبر الناس وأصدق الناس، وأوفى الناس، أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقها في اصد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قاتلت قتالا في الصد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله.
سبحان الله!
لمسة حانية من نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- نقلت ابن فرعون هذه الأمة إلى صف أولياء الرحمن، وجعلته يندم هذا الندم، ويعزم هذا العزم، ويتحول هذا التحول، إنها الأخلاق تصنع الأعاجيب! "اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنا إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم أصلح فساد قلوبنا، وارحم ضعفنا وحسن أخلاقنا، اللهم إنا لأنفسنا ظالمون، ومن كثرة ذنوبنا خائفون، ولا يغفر الذنوب إلا أنت يا أرحم الراحمين، فاغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله -تعالى- بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
أيها المسلمون: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الأنفال:1].
إن الناس اليوم في عرض الأرض وطولها بحاجة إلى من يقف معهم ويعينهم، وإلى من يزيل عنهم الهم والقلق، إلى مَن يدلهم إلى طريق السعادة والراحة والنفسية، بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم إلى طريق النجاة والأمان، حتى وإن قامت الحضارات، وصنعت المخترعات، وتوالت الإنجازات، فكل ذلك من أجل سعادة الإنسان وتكريمه.
لكن -وللأسف!- البشرية اليوم تغرق في بحر الدنيا، يلهث الكثير منهم وراء المال والتجارة، وراء الشهوات واللذات، وراء الرياسة والسيادة، بأي طريق، وبأية صورة، ومهما كان الثمن، المهم هو الوصول للمراد، وهذا هو الواقع الغالب على الناس اليوم إلا من شاء الله.
وفي خضم هذا اللهثان، وفي وسط هذا الإغراق، يتلفت البعض ليبحث المثل، وعن المبادئ، وعن الأخلاق والآداب في صفوف الناس، ربما سمعوا عن التبشير، وهو شعار أعلنه المنصرون، وتسموا به، بل وتمثلوه، أو بالأصح مثلوه من أجل التنصير كما رأينا وسمعنا وقرأنا.
أليس المسلمون أولى بهذه التسمية؟
التبشير؟
وبهذه الأخلاق؟
ألم يقل الحق -عز وجل-: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [الأنعام:48]، ألم يقل -صلى الله عليه وسلم-: "يسِّروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا"، ألسنا -نحن المسلمين- أولى بهذا التلطف والتودد للناس؟!.
إنك تتعجب وأنت تسمع عن دقة مواعيد الكافرين، وانضباطهم في أعمالهم وصدقهم في أقوالهم!
ألسنا أولى بالتحلي بالأخلاق وبث الأمل في النفوس؟!
لماذا هذا الجفاء والإعراض؟
وهذا التنفير والانقباض عند بعض المسلمين؟
ولماذا هذا التسيب والإهمال عند البعض من الموظفين؟
لماذا الكذب والتزوير، والغش والاحتيال عند البعض؟.
لقد أثرت الماديات والحضارات على أخلاقنا وتعاملنا مع بعضنا بشكل كبير، حتى ظن البعض أنه لا يمكن الجمع بين التقدم الحضاري والكسب المادي، وبين التحلي بالأخلاق والآداب، حتى قال أحدهم:
لئن كانت الدنيا أنالَتْكَ ثروةً *** وأصبَحْتَ منها بعد عُسْرٍ أخا يُسْرِ
لقد كشف الإثراءُ عنك خلائقاً *** من اللؤم كانت تحت ستر من الفقر
فإننا لا نكاد نسمع عن ذي شرف أو تاجر أو ذي منصب وقد تحلى ببعض الأخلاق والآداب، إلا ويتذاكره الناس إطراء ومدحا وتعجبا أن يكون بمثل هذا المكان ويتمتع بمثل هذه الأخلاق!.
إن من ينظر ويقرأ عن دين الإسلام، خاصة في باب الآداب والأخلاق والمعاملة، ليعجب أشد العجب من عظمة هذا الدين ودقة مراعاته للمشاعر والعواطف، وحرصه على نشر المحبة والمودة، اسمعوا لهذا الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أحدث أحدكم صلاته فليأخذ بأنفه ثم ينصرف"
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: لألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1114
خلاصة حكم المحدث: صحيح
لماذا يأخذ بأنفه؟! وما علاقة الأنف بما صنع؟
إنها عظمة هذا الدين، ودقة العناية بمشاعر النفس، والحفاظ على أحاسيسها، يأخذ بأنفه ليوهم من بجواره أن به رعافا، فلا يفتضح أمره فيحرج ويخجل!.
قال الخطابي -رحمه الله-: إنما أمره أن يأخذ بأنفه ليوهم القوم أن به رعافا، وفي هذا الباب من الأخذ بالأدب في ستر العورة، وإخفاء القبيح، والتورية بما هو أحسن، وليس داخلا في باب الرياء والكذب، وإنما هو من باب التجمل، واستعمال الحياء، وطلب السلامة من الناس.
اِرْضَ للناسِ جميعاً *** مثلَ ما ترضى لنفسكْ
إنما الناس جميعاً *** كلُّهم أبناءُ جنسك
غيرُ عدْلٍ أن توخي *** وحشة الناس بأنسك
فلهم نفسٌ كنفسِكْ *** ولهم حسٌّ كحسِّك
من ينظر للواقع يرى العجب في الإفلاس الأخلاقي الذي تعيشه كثير من المجتمعات الإسلامية اليوم، بل هناك من انبهر بالحضارة الغربية، فنقلها للمسلمين بقضها وقضيضها، وإيجابها وسلبها، نحن مع دعاة التقدم والحضارة في الإفادة من التكنولوجيا والصناعة، وكسب المهارات والخبرات، لكننا نقول وعلى لسان كل مسلم صادق وغيور: لا، وألف لا لاستيراد العادات والتقاليد الغربية، والانحلال الخلقي، باسم الحرية وحقوق المرأة، أمام إقحام الفضيلة والستر والعفاف ومكارم الأخلاق في التقدم والتخلف المزعوم فخدعة مكشوفة، لا تنطلي إلا على غافل ساذج، في فكره دخل، أو في قلبه مرض.
إن في أخلاقنا وآدابنا -نحن المسلمين- بل وعاداتنا وتقاليدنا -نحن العرب- ما يملأ قلوبنا بالفخر والاعتزاز، والرفعة والسيادة، فالله اختار لنا مقاما عزيزا، ومكانا شريفا فقال -عز وجل-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة:143]؛ فهل هذا المقام يناسب ما يفعله بعض الغافلين والغافلات مِن تشبُّهٍ وتقليد بأهل الكفر والشرك في عاداتهم ولباسهم وسيئ أخلاقهم؟!.
فأنت -أيها المسلم- يجب أن تكون متبوعا لا تابعا، وقائدا لا منقادا، بصفاء عقيدتك، وثبات مبدئك، وتعاليم دينك السمحة، وحسن أخلاقك، قلم لا نعتز بالشخصية الإسلامية؟
ولم لا نعلن للعالم كله أننا أهل دين وخلق؟ وأن لنا صبغة خاصة تميزنا عمن سوانا هي: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة:138]؟.
إن هذا الدين عظيم، جاء ليشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع الإسلامي، وليحب المسلم للمسلمين الخير والبر، والمعروف والإحسان، ومكارم الأخلاق، فما أحوجنا لفن التعامل؛ بعضنا مع البعض الآخر!
نحن بحاجة إلى تعميق روابط الأخوة الإسلامية ومعانيها، بحاجة إلى تحقيق القاعدة الشرعية، "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" كما في حديث أنس المتفق عليه.
نحن بحاجة إلى الحوار الهادئ، والتعامل المهذب، والاحترام المتبادل؛ بحاجة إلى أن نظهر محاسن هذه العقيدة السمحة لنصبح -نحن المسلمين- قدوات لبعضنا، ومفاتيح خير لغيرنا من أهل الملل والنحل، ونحن بحاجة إلى أن نكسب قلوب بعضنا، وأن نكسب قلوب أهل الأديان الأخرى بصدق التوحيد، وحسن المعاملة، وجميل الأخلاق، لتذوق طعم الإيمان، ولتعرف حقيقة الإسلام.
نريد أن نكسب القلوب، ليس بالمجاملة ولا بالمداهنة، لا بتمييع ديننا، ولا بتمزيقه، ولا بالتنازل عن المبادئ والأهداف، وإنما بمكارم الأخلاق، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وفي رواية: "صالح الأخلاق".
إخوة الإيمان: نريد أن نكسب القلوب ليس من أجل الدنيا، ولا متاعها ولا زخرفها، ولا من أجل أنفسنا وإظهار محاسنها وتواضعها، ولا من أجل تملق الناس وطلب محامدهم وثنائهم! إنما من أجل ربنا تعبدا وتقربا، فـــ "إن الله يحب معالي الأخلاق، ويبغض سفسافها".
واتباعا لحبيبنا وقدوتنا، فقد كان أحسن الناس خلقا، كما نحرص على كسب القلوب؛ حتى نفوز بقرب نبينا وحبه يوم القيامة، حيث قال: "إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا".
الراوي:جابر بن عبدالله لمحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2897
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
وأيضا امتثالا وتطبيقا لتعاليم شرعنا وآداب ديننا قولا وعملا، وسرا وعلنا، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "وخالِق الناس بخلق حسَن"، وسوقا للجنان، وتثقيلا للميزان يوم أن نلقى الله، فقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق"، وقال: "ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء".
وتخلُّقاً وتأدُّباً وإيمانا، "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا"، والله - عز وجل - يقول عن رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران:159].
إذن فهذه الفضائل وأمثالها مما يحثنا وشجعنا على اكتساب محاسن الأخلاق وتطبيع نفوسنا عليها، إخلاصا لوجه الله، وطلبا لرضاه، فهي عبادة عظيمة، وقربة من أجَلِّ القربات، "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم".
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2643
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إذا؛ فما أحوجنا للأخلاق في زمن الماديات!
زمن كثرت فيه شكاية الناس بعضهم من بعض، فالزوج يشكو من سوء تعامل زوجه، والطالب يتظلم من أخلاق أستاذه، والموظف يسخط من رئيسه ومديره، والمكفول يئن ويتوجع من سوء تصرف كفيله، حتى الصاحب لم يسلم من صاحبه وخليله.
عباد الله: إن المتمعن لأحوال الناس يجد كثيرا من المسلمين يغفل عن الاهتمام والاحتساب في هذا الجانب، وقد يجهل الصلة الوثيقة بين محاسن الأخلاق وقضية الإيمان والعقيدة، فبينما تجد الشخص يظن أنه قد حقق التوحيد ومحض الإيمان؛ تراه منطويا على ركام من مساوئ الأخلاق والنقائص التي تخل بإيمانه الواجب، أو تحرمه من الكمال المتسحب، كالكبر، والحسد وسوء الظن، والكذب والفحش، والأثرة، وغير ذلك.
وقد يكون مع ذلك جاهلا بضرر هذه الأمور على عقيدته وإيمانه، أو غافلا عن شمولية هذا الدين لجميع مناحي الحياة، كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163].
إن تحقيق التوحيد وتكميل الإيمان ليس باجتناب الشرك الأكبر فحسب؛ بل باجتناب كل ما ينافي العقيدة وكل ما يخل أو يقدح في كمال التوحيد والإيمان.
إذن؛ ليست العقيدة متونا تُردد، ونصوصا تحفظ؛ بل لا بد أن تتحول إلى واقع عملي في الحياة وفي التعامل بين الناس، ولما حصل هذا التصور الناقص للدين عند بعض الناس ظهر انفصام نكد وازدواجية بين مفهوم الإيمان ومقتضياته.
فمتى ندرك أننا نملك كنزا عظيما هو كنز الإيمان؟!
لكنه الإيمان حقيقة لا صورة وادعاء، والإيمان الذي لامست حلاوته شغاف القلوب فظهرت تلك الحلاوة على جوارح ذلك المسلم، أقواله وأفعاله وصفاته، فيوم ذاق طعم الإيمان عرف حقيقة الاستقامة والالتزام وأثر ذلك في سلوكه وصدقه ومعاملته.
يذكر التاريخ لنا أن الإسلام وصل إلى جنوب الهند وسيلان وجزر المالديف وسواحل الصين والفلبين وإندونسيا وأواسط أفريقيا عن طريق تجار مسلمين، لكنهم مسلمون بحق، لم يؤثر عليهم بريق ولمعان الدينار والدرهم، بل تجسد الإسلام في سلوكهم وأمانتهم وصدقهم، فأعجب الناس بهذه الأخلاق، فبحثوا وسألوا عن مصدرها، فدخلوا الإسلام عن رغبة واقتناع، وهكذا!
فإن من أكبر وسائل التأثير على القلوب والنفوس هو التميز في الأخلاق، المتمثل في القدوة الصالحة؛ بل هو أعظم وسيلة لنشر الإسلام في كل مكان.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمد مَن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سيد البشر، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر، والتابعين لهم بإحسان ما طلعت الشمس واختفى القمر.
أما بعد: عباد الله، فمن أراد أن يكتسب الأخلاق فلينهل من مَعين السيرة، ومن تتبع سيرة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وجد أنه كان يلازم الخلق الحسن في سائر أحواله، وخاصة في دعوته إلى الله تعالى، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجا، بفضل الله -تعالى- ثم بفضل حسن خلقه عليه الصلاة والسلام، فكم دخل في الإسلام بسبب خلقه العظيم!.
فهذا يسلم ويقول: والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي. وذاك يقول: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا؛ تأثر بعفو النبي -صلى الله عليه وسلم- فعمل على تحجير رحمة الله التي وسعت كل شيء؛ بل قال له: "لقد حجرت واسعا".
الراوي:أبو هريرةالمحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6010
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
والآخر يقول: فبأبي هو وأمي!
ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، والرابع يقول: يا قوم، أسلموا؛ فإن محمدا يعطي عطاء مَن لا يخشى الفاقة.
والخامس يقول: والله لقد أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي.
والسادس يقول بعد عفو النبي -صلى الله عليه وسلم-: جئتكم من عند خير الناس؛ ثم يدعو قومه للإسلام، فأسلم منهم خلق كثير. والأمثلة كثيرة في سيرته -صلى الله عليه وسلم-.
كُلُّ الأمور تزول عنك وتنقضي *** إلا الثناءَ فإنَّهُ لكَ باقي
ولو اْنَّنِي خُيِّرْتُ كُلَّ فضيلةٍ *** ما اختَرْتُ غيرَ محاسن الأخلاق
أيها الأخ: إنما الدنيا حديث، فإن استطعت أن تكون منها حديثا حسنا فافعل، إننا بحاجة إلى من يجسدون مبادئ الإسلام في سلوكهم، ويترجمون فضائله وآدابه في حركاتهم وسكناتهم، حتى مع الكفار.
فمن أهم مظاهر علاقة المسلم بالكافر غير المحارب للمسلمين، كف الأذى والظلم، وعدم التعدي عليه وعلى حقوقه، والتزام مكارم الأخلاق معه؛ من الصدق والأمانة وغيرها من أخلاق الإسلام الحميدة، وجواز إيصال البر والمعروف إليه، قال الله -تعالى-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة:8-9].
ففي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أهدى حلة له إلى أخ له مشرك بمكة، كانت قد جاءته من النبي -صلى الله عليه وسلم-. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما - أنه ذبحت له شاة فجعل يقول لغلامه: أهديتَ لجارنا اليهودي؟ أهديت لجارنا اليهودي؟
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
وليس القصد هنا بيان تفصيل هذه المسألة، وإنما الإشارة لها لارتباطها بالأخلاق؛ ولكن تنبه واحذر كل الحذر أن تختلط عليك الأمور، ففرق بين حسن المعاملة ومكارم الأخلاق والبر والإحسان للكافر غير المحارب، وبين الموالاة والمحبة والمودة له، أو تفضيله على أحد من المسلمين، أو مجاملته على حساب دينك وعقيدتك، كتهنئتهم أو إهدائهم بمناسبة أعيادهم أو نحو ذلك، فإن ذلك كله حرام لا يجوز.
وضابط كل ذلك النصوص من الكتاب والسنة، وأقوال أئمة السلف رضوان الله عليهم أجمعين، فإنما عنيت بهذا الموضوع معاملة المسلم للمسلمين، أما معاملته للآخرين من أهل الملل والنحل فلها أصولها وضوابطها وتفصيلها في مجال آخر.
عباد الله: إن النفس -أيا كانت ومهما بلغت من الانحلال والفساد والتجبر والعناد- فإن فيها خيرا كثيرا، قد لا تراه العيون أول الأمر، فقط شيء من العطف على أخطائهم وشيء من الود الحقيقي لهم، وشيء من العناية بهم لنحاول -أيها الإخوة- تلمس الجانب الطيب في نفوسهم، ابدأهم بالسلام، ابتسم لهم، أثن على الخير الذي فيهم، وقبل ذلك كن صادقا ومخلصا غير متصنع ولا مجامل، عندها ستتفجر ينابيع الخير في نفوسهم، وسيمنحونك حبهم وثقتهم مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، لقد جرب ذلك كثيرا.
أذكر أنني قابلت أحد هؤلاء فسلمت وابتسم وأثنيت على صفة طيبة فيه، وأنا صادق، فلن يعدم إنسان مزية حسنة تكون مفتاحا لقلبه، فانكشف لي قلب لين رقيق؛ سرعان ما سالت دمعات على وجه تلطخ بسواد المعصية والشهوة، وكان قد شكا جفاء بعض الناصحين وتعجلهم عليه.
كم نخطئ عندما نحكم على الآخرين بمجرد النظر للظاهر، فهذا عمرو بن العاص يحدث عن نفسه فيقول: لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مني، ولا أحب إلي أن أكون قد استكننت منه فقتلته؛ وبعد أن أسلم وعرفه عن قرب، انقلب الحال فقال: وما كان أحد أحب إلى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أجَل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه! كما في صحيح مسلم.
إننا نظلم أنفسنا ونظلم الآخرين عندما تحقد على هؤلاء ونتخوف منهم، والحل هو أن تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف على الآخرين، والصبر عليهم، وباختصار إنها الأخلاق وفن التعامل مع الناس.
يا أهل القرآن! ألم نقرأ في القرآن قول الحق -عز وجل-: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) [البقرة:83]، ألم نقرأ قول الحق: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) [الإسراء:83].
في الآية الأولى قول حسن، وفي الثانية أحسن، فأين نحن من قول الحسن فضلا عن قول أحسن الحسن؟ ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته" كما في صحيح مسلم.
فإن كانت الرحمة والإحسان تصل إلى هذه الدرجة من الرفق وحسن التعامل حتى مع الحيوان؛ فكيف بالرحمة والإحسان مع بني الإنسان؟.
قال أحد الإخوة: في موسم للأمطار وأنا على سيارتي مررت بغدير ماء لم أنتبه له، فتراشقت المياه على الجنبين، كان النصيب الأكبر منها لشباب جلسوا على عتبة أحد الأبواب، لو رأيت حالهم وقد تبدلت، فالثياب البيضاء كأنها سوداء... خضبت بالطين والماء، فرجعت إليهم، فلم أنتبه إلا على أصوات السب واللعان ومناداتي للرفس والطعان!.
يقول: فرجعت إليهم مسلما معتذرا متأسفا، فيا سبحان مقلب القلوب! تحول السب واللعان إلى ترحيب وسلام، ودعوة إلى طعام، بل إلى إخاء ووئام! انتهى كلامه.
فيا معاشر المسلمين: صفوة القول إنها الأخلاق تصنع الأعاجيب!
نخطئ كثيرا عندما نعتزل بعض الناس لأننا نشعر أننا أطهر منهم روحا، أو أطيب منهم قلبا، أو أذكى منهم عقلا، قال رجل لعبد الله بن المبارك: عظني.
قال ابن المبارك: إذا خرجت من منزلك فلا يقعن بصرك على أحد إلا رأيت أنه خير منك.
وليس معنى هذا أن نتخلى عن مبادئنا ومثلنا السامية، أو نتملق أو نجامل، لا!
ولكنها الحكمة والموعظة الحسنة، وفن التعامل مع الآخرين.
تأمل أيها المسلم وانظر لفن التعامل ومحاسن الخلاق ماذا تفعل! هذا عكرمة ابن أبي جهل، ورث عداوة الإسلام عن أبيه، وقاتل المسلمين في كل موطن، وتصدى لهم يوم فتح مكة، ثم فر إلى اليمن، بعد أن أهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمه، فتأتي زوجه أم حكيم بعد إسلامها إلى رسول الله، تطلب الأمان لزوجها، فيقول لها -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم-:"هو آمِن"، ويقول لأصحابه: "يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت".
فيأتي عكرمة بين يدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فيقول عكرمة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وأنت أبر الناس وأصدق الناس، وأوفى الناس، أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقها في اصد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قاتلت قتالا في الصد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله.
سبحان الله!
لمسة حانية من نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- نقلت ابن فرعون هذه الأمة إلى صف أولياء الرحمن، وجعلته يندم هذا الندم، ويعزم هذا العزم، ويتحول هذا التحول، إنها الأخلاق تصنع الأعاجيب! "اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنا إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم أصلح فساد قلوبنا، وارحم ضعفنا وحسن أخلاقنا، اللهم إنا لأنفسنا ظالمون، ومن كثرة ذنوبنا خائفون، ولا يغفر الذنوب إلا أنت يا أرحم الراحمين، فاغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.