إن الحسنات يذهبن السيئات - الشيخ إبراهيم بن صالح العجلان
مجتمع رجيم / المحاضرات المفرغة
إذا تقرَّر هذا فلا يعني ذلك التهوين من شأن المعصية أو تسويغها وتبريرها، بل المقصود كيف يكون التعامل معها، وكيف يكون الحال بعدها!!
ومجتمع الصحابة لم يكن مجتمعًا ملائكيًّا؛ فهم بشر يعتريهم ما يعتري البشر من الجهل والخطأ والهوى، وهذا نوع من الضعف: (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً) [النساء: 28].
لقد خاطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحابته وأسمعهم مرارًا قوله: "والَّذي نفسي بيدِه، لَو لم تُذْنِبوا، لذهَبَ اللَّه بكُم، ولجاء بقومٍ يُذْنِبون فيستغفرون الله، فيغْفر لهم"، لكنهم -رضي الله عنهم- كانت لهم قلوب حية، ونفوس زاكية بتعظيم الله وإجلاله، فيزعجهم ألم المعصية، وتقلقهم حرارة الخطيئة.
وهكذا الإيمان يفعل في أهله، وهكذا ينبغي لكل مؤمن أن تكون له نفس لوامة إن ظلم وتعدى، له قلب خفاق بطلب التوبة والأوبة، له لسان لهاج بطلب العفو والمسامحة.
الوقفة الثانية: وفي الحادثة ضرورة المبادرة بالندم والتوبة إذا حل الذنب ووقعت المعصية، فهذه المبادرة مؤشر على حياة القلب، وبرهان على عمق التقوى في الصدر؛ قال سبحانه عن عباده المتَّقين، والموْعودين بجنَّة عرْضها السَّموات والأرض: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 135].
ثم بعد هذه التوبة الصادقة فهنيئًا لكل تائب فضائل ربه تنتظره:
يفرح ربه بتوبة عبده، ويكفر عنه خطأه، بل ويبدل سيئاته حسنات صالحات.
يَا مَنْ عَدَا ثُمَّ اعْتَدَى ثُمَّ اقْتَرَفْ *** ثُمَّ انْتَهَى ثُمَّ ارْعَوَى ثُمَّ اعْتَرَفْ
أَبْشِرْ بِقـَوْلِ اللَّهِ فِـي آيَـاتِهِ *** إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفْ