تعريف الموت
مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
كتبت :
أم رائد
-
شغل موضوع الموت أذهان البشرية كلها , وجذب من الجميع اهتمامهم به , والتفاتهم له . . .
وقد هرب الكثيرون من محاولة دراسته وفهمه . . . .
وقد حاول ذلك القليلون . . .
ومن هؤلاء الذين حاولوا : من ضل الطريق , وأساء الفهم !! .
ومنهم كذلك : من أبصر الطريق وأجاد الفهم . . .
وترتب على ذلك : أن انحرفت الكثرة التى هربت منه عن سواء السبيل , وابتعدت عن الصراك المستقيم .
كما انحرف كذلك : الذين حاولوا دراسته فضلوا الطريق , وأساءوا الفهم , فذهب بعضهم إلى أن قال : أن الموت يعنى انتهاء مسار رحلة الحياة , وخاتمة مطاف العبد , فلا رحلة بعده , ولا حياة تليه , ولا بعث منه , وبعبارة واحدة الموت عندهم يعنى : الفناء والعدم المحض ! .
وقد أخبر القرآن الكريم عن موقف هذا الفريق , وحكى مقولتهم بقول الله تعالي عنهم : { وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } .
ويقول تعالى للمصطفى صلى الله عليه وسلم : { وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } .
وهذا الفريق من البشر ينكر - بناء على ذلك - كل ألوان الثواب والعقاب , البرزخى والأخروى , ويحيا لاهياً بل يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وينكر ما بعد الوت جاهلاً معانداً .
وذهب آخرون وهم جماهير المسلمين , عامتهم , وخاصتهم , ومفكروهم , وفلاسفتهم , ذهبوا إلى أن الموت انتقال من عالم من عوالم الله سبحانه وتعالى إلى عالم آخر من عوالمه سبحانه وتعالى أيضاً .
انتقال من دار الدنيا إلى دار البرزخ , انتظاراً فيها للوصول إلى الدار الآخرة .
انتقال من دار الفناء إلى دار البقاء . . .
انتقال من دار الزرع إلى دار الحصاد . . .
انتقال من دار التكليف والعمل الدنيوى , إلى دارالثواب والعقاب الأخروى , قال تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } الزلزلة : 7ـ8 .
إخواني : تفكروا لماذا خلقتم فالتفكر عبادة , وامتثلوا أمر الإله فقد أمر عباده والتفتوا عن أسباب الشقاء إلى أسباب السعادة , واعلموا أنكم في نقص من الأعمار لا في زيادة .
ومن هنا : فالموت ينقل العبد من دار الدنيا إلى دار البرزخ , كما أخبر الحق وهو أصدق المخبرين فى قوله تعالى : { حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } المؤمنون : 99ـ100 .
أى : مهلة يمكثون بها حتى ينتقلوا إلى الدار الأخرة , وهذه المهلة التى يمكث بها الإنسان حتى يوم البعث هي ما تسمي : " الحياة البرزخية " .
والبرزخ في اللغة هو : الحاجز بين الشيئين .
والبرزخ : ما بين الدنيا والآخرة ، من وقت الموت إلى البعث ، فمن مات فقد دخل البرزخ , وسيأتي بتفصيل في الجزء الثاني .
إخواني : حبال الأمل رثاث , وساحر الهوى نفاث , رحل الأقران إلى ظلام الأجداث , لله ما صنعت الأجداث في الأحداث , أفسدهم بلاهم فإذا هم بلاهم إي والله وعاث , باتوا شباعاً من الأمل فإذا هم غراث , وبان لهم أن ما كانوا فيه من الهوى أضغاث , واستغاثوا بالخلاص وقد فات الغياث , عجباً لهم مالهم صير النوى مالهم في الميراث , فدبروا أنتم أحوالكم فغدا ترون أموالكم للوراث , أسفاً لأجسام ذكور وعقول إناث .
` أما الموت فإنه نقيض الحياة , فهما متناقضان تناقض الظلام والنور ، والبرد والحرور ، ولذا فإن معاجم اللغة العربية تعرف كل واحد منهما بأنه نقيض الآخر ، ففي تعريف الحياة تقول : " الحياة نقيض الموت ، والحى من كل شئ نقيض الموت ، والجمع أحياء " .
وفي تعريف الموت تقول : " الموت والحياة نقيضان " .
وأصل الموت في لغة العرب : " السكون ، وكل ما سكن فقد مات " ، فتراهم يقولون : " ماتت النار موتاً : إذا برد رمادها ، فلم يبق من الجمر شئ ، ومات الحر والبرد إذا باخ ، وماتت الريح : ركدت وسكنت ، وماتت الخمر : إذا سكن غليانها ، والموت ما لا روح فيه " .
وإذا كان السكون أصل الموت في لغتنا ، فإن الحركة أصل الحياة ، ففي لسان العرب لابن منظور : " الحي كل متكلم ناطق ، والحي من النبات ما كان طريا يهتز " .
والحياة الإنسانية تتحقق بنفخ الروح في جسد الجنين في بطن أمه ، والموت " انقطاع تعلق الروح بالبدن ، ومفارقته وحيلولة بينهما ، وتبدل حال ، وانتقال من دار إلى دار " .
فيا آدمي أتدري ما مُنيت بــــــــــــه = أم دون ذهنك ستر ليس ينجـــــابُ
يوم ويوم ويفنى العمر منطويــــــــاُ = عام جديب وعام فيه إخصـــــــابُ
فلا تغرنك الدنيا بزخرفهــــــــــــــا = فأريها أن بلاها عاقل صــــــــابُ
والحزم يجني أموراً كلها شـــــرف = والخرق يجني أمورا كلها عــابُ
مقتطفات من كتاب / الموت وأحواله